ان المسيحية الصهيونية تعمل تحت عدة لافتات و ليس الائتلاف المسيحى فحسب .. و تسمى أحيانا الأصولية المسيحية و لكن تحت أى لافتة سنجد نفس الأسماء : فلويل - جرهام - روبرتسون .. الخ
سنجدهم فى البرامج التلفزيونية الأكثر انتشارا ، و محطات الاذاعة ، و على شبكات الانترنت .. انها الكنيسة الانجيلية المعمدانية الجنوبية التى خرجت معظم رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية !! و هى كنيسة الفية أى تؤمن بعودة المسيح ليحكم العالم ألف عام سعيد و أن هذه العودة مقترنة باقامة دولة اسرائيل على أرض فلسطين ..
ها هو الرئيس جيمى كارتر الديموقراطى!! يقول فى خطاب أمام الكنيست الاسرائيلى فى مارس 1979:
"لقد آمن و أظهر سبعة من رؤساء الجمهورية أن علاقة أمريكا باسرائيل أكثر من مجرد علاقة خاصة. لقد كانت و لا تزال علاقة فريدة و هى علاقة لا يمكن تقويضها لأنها متأصلة فى وجدان و أخلاق و ديانة و معتقدات الشعب الأمريكى نفسه . لقد أقام الرواد و أقوام تجمعوا فى كلا الشعبين من دول شتى اسرائيل و الولايات المتحدة فشعبى كذلك أمة مهاجرين و لاجئين اننا نتقاسم معا ميراث التوراة " .
و كان كارتر يرى أن دولة اسرئيل هى أولا و قبل كل شئ "عودة الى الأرض التوراتية التى اخرج منها اليهود منذ مئات السنين .. ان إنشاء دولة اسرائيل هو انجاز النبوءة التوراتية و جوهرها . و اعترف كارتر بأن عليه "التزاما كاملا و مطلقا نحوها كانسان و كأمريكى و كشخص متدين " و عندما سئل وزير الدفاع الأمريكى كاسبار وينبرجر فى عام 1982 عن هر مجيدون فأجاب :
"لقد قرأت سفر الرؤيا بالتوراة . نعم أعتقد ان العالم يتجه نحو النهاية بعمل من الله كما آمل . و فى كل يوم أشعر بأن الوقت بدأ ينفد "
و يرجع الفضل الى التيار المسيحى فى انتخاب ريجان و بوش الأب .. و قال الرئيس ريجان يوما "لأن المسيح أصبح على الأبواب فان الاتفاق على الشؤن المحلية يجب ألا يحمل على محمل الجد" . و يقول جيمس ميلز و هو مسئول حكومى سابق ان "معظم قرارات ريجان السياسية كانت مبنية على تفسيراته الحرفية للنبؤات التوراتية" .
يمثل الرئيس الأمريكى السابق رونالد ريجان محطة بارزة فى هذا الطريق من المفيد الوقوف عندها بتفحص دقيق . عندما كان ريجان حاكما لولاية كاليفورنيا كان من أتباع و من دعاة الصهيونية المسيحية . و بقى على ايمانه هذا بعد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة فى العام 1980 ، و بعد التجديد له ولاية ثانية فى العام 1984. و كان ايمانه يحمله على التمسك بإيديولوجية معركة هرمجدون .
يروى جيمس ميلز الرئيس السابق لمجلس الشيوخ فى ولاية كاليفورنيا فى عدد شهر آب - أغسطس 1985 من مجلة سان دياغو ، الحادثة التالية :
كانت تلك السنة الأولى فى الولاية الثانية من حاكمية ريجان و كانت السنة الأولى التى ينتخب فيها ميلز رئيسا لمجلس شيوخ الولاية . كان الإثنان يجلسان جنبا الى جنب فى مأدبة أقيمت فى سكرامنتو على شرف ميلز . فى أثناء الاحتفال سأل ريجان ميلز بصورة غير متوقعة تماما إذا كان قرأ الفصلين 38 ، 39 من حزقيال . أكد ميلز للحاكم أنه ترعرع فى بيت مؤمن بالكتاب المقدس ، و أنه قرأ و ناقش المقاطع من حزقيال التى تتحدث عن يأجوج و مأجوج (التى يقول المؤمنون بالتدبيرية إن ذلك يعنى روسيا) عدة مرات ، كما قرأ مراجع أخرى عن نهاية الزمن فى الفصلين 16 ، 19 من سفر الرؤيا .
قال ريجان : إن حزقيال رأى فى العهد القديم المذبحة التى ستدمر عصرنا . ثم تحدث ريجان بتركيز لاهب عن ليبيا لتحولها الى الشيوعية ، و أصر على أن فى ذلك اشارة الى أن يوم هرمجدون لم يعد بعيدا .
عند ذلك بادر ميلز إلى تذكير ريجان بأن حزقيال قال أيضا : إن أثيوبيا ستكون من بين قوى الشيطان . و أضاف ميلز : إننى لا أستطيع أن أرى (هيلاسيلاسى أسد يهوذا) يخوض مع زمرة من الدمى حربا ضد شعب الله المختار .
قال ميلز : إنه لا يعتقد أن ذلك ممكن ، غير أن ريجان أصر بقوله : أنا أعتقد ذلك ، و أظن انه لا مفر منه ، إنه ضرورى لتحقيق النبوءة بأن أثيوبيا ستكون واحدة من الأمم المعادية لله التى تحارب إسرائيل . (بعد ثلاث سنوات من هذا الحديث أشار ميلز فى مقالته الى أن الشيوعيين أسقطوا هيلاسيلاسى و أن ريجان كان سعيدا بأن يرى ما يبدو أنه تحقيق لنبوءة تتعلق بالمسيح ) .
فى العشاء الذى أقيم فى العام 1971 تحدث ريجان عن هرمجدون نووية قادمة و قال ميلز : إن حديث ريجان بدا كحديث مثير إلى طالب كلية . قال ريجان لميلز : إن جميع النبوءات التى يجب أن تتحقق قبل هرمجدون قد مرت ، ففى الفصل 38 من حزقيال أن الله سيأخذ أولاد اسرائيل من بين الوثنيين حيث سيكونون مشتتين و يعودون جميعهم مرة ثانية الى الأرض الموعودة . لقد تحقق ذلك أخيرا بعد ألفى سنة ، و لأول مرة يبدو كل شئ فى مكانه بانتظار معركة هرمجدون و العودة الثانية للمسيح . و عندما ذكر ميلز ريجان أن الشئ الوحيد الذى ينص عليه الكتاب المقدس بوضوح هو أن العودة الثانية للمسيح لا يعرف أحد متى ستحدث ، و رد ريجان بصوت عال "إن كل شئ يأخذ مكانه . لن يطول الوقت الآن ، إن حزقيال يقول : إن النار و الحجارة المشتعلة سوف تمطر على أعداء شعب الله . إن ذلك يجب أن يعنى أنهم سوف يدمرون بالسلاح النووى . إنهم موجودون الآن و لكنهم لم يكونوا موجودين فى الماضى " .
و تابع ريجان يقول : " ان حزقيال يخبرنا أن يأجوج و مأجوج الأمة التى ستقوم فى الظلام الأخرى ضد إسرائيل سوف تأتى من الشمال. إن اساتذة الكتاب المقدس يقولون منذ أجيال : إن يأجوج و مأجوج يجب أن تكون روسية " .
ما الأمم القديمة الأخرى الموجودة الى الشمال من إسرائيل ؟ لا شئ . لقد كان ذلك غير منطقى قبل الثورة الروسية عندما كانت روسيا دولة مسيحية .. إلا أن لذلك معنى الآن و قد أصبحت روسيا شيوعية و ملحدة ، الآن و قد وضعت روسيا نفسها ضد الله ، الآن تنطبق مواصفات يأجوج عليها تماما .
و لكن ماذا بعد الوفاق الأمريكى - السوفييتى فى ضوء البيروسترويكا و الجلاسنوست؟ .
فى عام 1976 ناقش ريجان معركة هرمجدون فى مقابلة مسجلة مع جورج أوتيس الذى سبق له و أن تنبأ بوصول ريجان الى الرئاسة الأمريكية .
يقول أوتيس فى كتابه " شبح هاجر" : إنه ينتظر تحقيق نبوءة حرب يأجوج و مأجوج ( التى تفسر بأنها غزو سوفييتى لإسرائيل فى المستقبل القريب ) ، و قد سأل ريجان إذا كان يعتقد انه سوف ينقذ من هذه المجزرة الرهيبة خلال الحرب العالمية النهائية ، علما بان الخلاص من هذه المرحلة استنادا الى المؤمنين بالتدبيرية لا يكون إلا اذا كان المسيحى (مولودا مرة ثانية) . و قد أجاب ريجان : إنه مولود مرة ثانية و يشعر بذلك و يؤمن به .
تحدث الحاكم ريجان أيضا عن هرمجدون الى الإنجيلى هارولد برتسون من كاليفورنيا ، و فى احدى المناسبات زار ريجان كلا من برتسون و المغنى بات بون و جورج أوتيس فى منزله ، و لقد سر برتسون و دهش فى الوقت نفسه لمبادرة ريجان إثارة موضوع النبوءات الإنجيلية أمام زواره . و نقل برتسون عنه قوله : "اذا كان اليهودى غير مخلص لله فهل سيشتته الله فى أطراف الأرض ؟ و حتى بعد أن يحدث ذلك هل سيغسل الله يديه منهم ؟ إن النبى يفسر لنا أنه قبل عودة ابنه ، فإن الله سوف يعيد جمعهم فى اسرائيل و يفسر لنا طريقة نقلهم التى سيستعملونها . لقد قال النبى : إن بعضهم سوف يأتى بالباخرة و أن بعضهم سوف يعود كالحمام الى أعشاشه . و بكلمات أخرى سياتون بالباخرة أو بالطائرات . و ستولد الأمة فى أحد الأيام " .
و أشار ريجان بالتأكيد الى حقيقة الوعد بأن القدس سوف تدنس تحت أقدام العامة (جنتيل ) الى أن ينتهى وقت هذه العامة . و أن هذه النبوءة تحققت فى عام 1967 عندما أعيد توحيد القدس تحت العلم الاسرائيلى ..
و يقول برتسون : إن ما أثارنى بصورة خاصة هو أن ريجان قد نما روحيا بشكل كبير . و المثال على ادراكه الشامل لما يجرى فى ضوء مسلسل النبوءات ، قدرته على تحديد اليوم منذ عام 1948 الذى أعيد فيه بناء إسرائيل كأمة .
لقد تملكنى شعور بأن ريجان يدرك تماما أهداف الله فى الشرق الاوسط . و من أجل ذلك السبب فإنه يشعر بأن المرحلة التى نمر بها الآن هى مرحلة بارزة ما دامت أن الأحداث الواردة فى الكتاب المقدس تتحقق فى هذا الوقت .
عندما كان ريجان مرشحا للرئاسة فى عام 1980 كان يواصل الحديث عن هرمجدون ، و قد قال ريجان (وهو مرشح للرئاسة) للإنجيلى جيم بيكر فى مقابلة تلفزيونية أجراها معه : "إننا قد نكون الجيل الذى سيشهد هرمجدون " .
و يقول المؤلف الإنجيلى دوج ويد الذى كان حاضرا المقابلة : إنه سمع ريجان يردد مرارا : " إن نهاية العالم قد تكون فى متناول يدينا " . و فى حفل عشاء فى منزل ريجان فى كاليفورنيا حضره ويد ، تحول الحديث الى الاتحاد السوفييتى و إلى النبوءة الإنجيلية . و فى وسط النقاش أعلن ريجان (استنادا إلى ما يقوله ويد ) أمام ضيوفه : إننا ربما نكون الجيل الذى يحقق هرمجدون .
و فى نفس العام 1980 أعطى ريجان مرشح الرئاسة مثلا آخر نقله معلق صحيفة نيويورك تايمز وليم سافير : كان ريجان يخطب فى مجموعة من القادة اليهود عندما قال : " إسرائيل هى الديموقراطية الثابتة الوحيدة التى يمكن أن نعتمد عليها كموقع لحدوث هرمجدون " .
و فى مقابلة صحفية أجراها الصحافى روبرت شير فى مارس - آذار 1981 مع جيرى فولويل ، كشف فولويل أن الرئيس ريجان قال له مرة : إن تدمير العالم قد يحدث "سريعا جدا" . و إن التاريخ سيصل الى ذروته . و أبلغ فولويل الصحافى أيضا أنه لا يعتقد أنه بقيت أمامنا خمسون سنة أخرى . و سأل الصحافى ما إذا كان ريجان يوافق على ذلك أيضا ، فأجاب : بالتأكيد ، لقد أخبرنى ريجان بذلك و نقل فولويل عن ريجان قوله له : " جيرى ، اننى أحيانا أؤمن بأننا نتوجه بسرعة كبيرة الآن نحو هرمجدون" .
و بعد ذلك بعامين رتب ريجان لفولويل حضور اجتماع مجلس الأمن القومى ليستمع الى التقارير التى تقدم و ليناقش كبار المسؤولين الأمريكيين فى احتمال وقوع حرب نووية مع روسيا كذلك ، و استنادا الى هول لندسى ، وافق ريجان أيضا على أن يلقى مؤلف كتاب " آخر أعظم كرة أرضية" كلمة حول الحرب النووية مع روسيا أمام استراتيجى البنتاجون .
فى أحد أيام أكتوبر - تشرين الأول - من عام 1983 ، كشف ريجان ان هرمجدون لا تزال تشغل باله . فقد اتصل هاتفيا بتوم داين من لجنة العلاقات العامة الأمريكية - الإسرائيلية ، و هى أكثر منابر اللوبى المؤيد لإسرائيل قوة . و استنادا الى داين قال الرئيس ريجان :
" كما تعرف فاننى استند الى أنبيائك القدامى فى العهد القديم و الى المؤشرات التى تخبر مسبقا بهرمجدون ، و إنى أتساءل اذا كنا نحن الجيل الذى سيشهد ذلك . لا أعرف إذا كنت قد لاحظت مؤخرا أيا من هذه النبوءات ، و لكن صدقنى إنها تصف الوقت الذى نمر به " .
خاطب ريجان الاتحاد الوطنى للمذيعين الدينيين ثلاث مرات فى أعوام 1982 ، 1983 ، 1984 . و يتألف هذا الاتحاد فى معظمه من المؤمنين " بالتدبيرية" ، و قال : "إن الحرب النووية مقبلة علينا و إن ذلك سيحدث بأسرع مما نتصور " .
فى عام 1983 ، كشف ريجان عن أهمية الكتاب المقدس فى حياته قائلا للمذيعين الدينيين : " بين دفتى هذا الكتاب الوحيد توجد جميع الاجابات على جميع المشاكل التى تواجهها اليوم " .
و كتب ميلز فى تلك المقالة التى نشرتها مجلة سان ديجو أن ريجان كرئيس للولايات المتحدة أظهر بصورة دائمة التزامه القيام بواجباته تماشيا مع إرادة الله ، و ذلك كأى مؤمن آخر يحتل منصبا عاليا . و قال ميلز فى المقال : إن ريجان كان يشعر بهذا الالتزام بصورة أخص و هو يعمل على بناء القدرة العسكرية للولايات المتحدة و لحلفائها. و قال : "صحيح ان حزقيال تنبأ بانتصار جيوش إسرائيل و حلفائها فى المعركة الرهيبة ضد قوى الظلام ، و مع ذلك فان المسيحيين المحافظين مثل رئيسنا لا يسمح لهم التطرف الروحى بأن يأخذوا هذا الانتصار كمسلمات . إن تقوية قوى الحق لتربح هذا الصراع المهم فى عيون هؤلاء الرجال عمل يحقق نبوءة الله انسجاما مع إرادته السامية و ذلك حتى يعود المسيح مرة ثانية ليحكم الأرض ألف سنة " .
هذه الجماعات ليست على قارعة الطريق انها تفتح الطريق الى البيت الأبيض .. مثلا فى 25 يناير 1986 أقام فولويل حفل غداء فى مدينة واشنطن على شرف نائب الرئيس جورج بوش ، و أخبر فولويل ضيوفه الخمسين أن بوش "سيكون أفضل رئيس فى عام 1988" و هذا ما حدث .
و فى عام 1999 أعلن نائب الرئيس الأمريكى دانيال كويل عزمه على أن يصبح مرشح الحزب الجمهورى لرئاسة الولايات المتحدة . فاذا وصل الى هذا المنصب ستصل يده الى الزر (الزر الذى يطلق الأسلحة النووية من الترسانة الأمريكية الضخمة) و لذلك فان ايمانه بهر مجيدون يصبح الشغل الشاغل لنا جميعا . (يد الله. غريس هالسال) .
هذا ليس الا غيضا من فيض .. و سنواصل نشر الحقائق .. التى تكشف البعد الصليبى الايديولوجى المعادى للاسلام و المسلمين .
و فى النهاية لابد من التأكيد على عدد من الحقائق :
(1) ان هذه الرؤية الايديولوجية تتلبس مع المصالح الامبريالية العدوانية ، و لا يمكن الفصل بين الاثنين .. فالرؤى الاستراتيجية تستند الى القوى التى يمكن الوثوق إليها ، و الثقافة و العقيدة المشتركة هى من أبرز ضمانات و أساسيات هذه الثقة .. لذلك نرى التحالف الأمريكى - الصهيونى يستند الى أسس عقيدية راسخة ، و لا يستطيع الأمريكان ان يثقوا فى نظم تحكم العرب و المسلمين ، رغم انها عميلة لهم أكثر من ثقتهم فى اسرائيل ، لأن العملاء يمكن أن يسقطوا ان آجلا أو عاجلا .. أما فى اسرائيل فان كل الأحزاب و التيارات الرئيسية من نفس نوعية الولايات المتحدة الثقافية و العقائدية .. و بالتالى فان تبادل تحالف الليكود أو العمل لا يفرق مع أمريكا الا فى التفاصيل .
(2) ان اصرار بوش الابن على التوقيع على قرار الكونجرس بضم القدس و اعتبارها عاصمة اسرائيل .. خطوة لم يجرأ أى رئيس سابق على اتخاذها ..نتيجة خضوع حكام العرب و المسملين .. و ان هذا الموقف فى حد ذاته يوضح طبيعة الحرب الصليبية .. فهذا ليس تنازلا لمطلب اسرائيل .. بل هو مطلب أمريكى صهيونى مسيحى بروتستانتى مشترك .. أى التمهيد لعودة المسيح .
المفضلات