بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله

----------

من إعجاز القرآن

« الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيّ »

د. زغلول النجار

قال الله تعالى «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ....» (الأعراف : 157).

على الرغم من إيماننا نحن معشر المسلمين بأن ضياع أصول التوراة والإنجيل قد تعرض ما بقى منهما من ذكريات نقلت شفاهة لمدة قرن على الأقل (كما هو الحال مع الأناجيل) إلى عدة قرون تتعدى الثمانية (كما هو الحال مع التوراة)، وعلى الرغم من أن هذا الذي نقل شفاهة قد دون بأيدي مجهولين من البشر ليسوا بأنبياء ولا بمرسلين، وعلى الرغم من إضافة العديد من الرسائل التي لا علاقة لها بوحي السماء إلى ما قد دون، وعلى الرغم من جمع ذلك كله في القرن السابع عشر الميلادي تحت مسمى (العهدين القديم والجديد)، ومراجعة ترجماتها إلى اللغة الانجليزية بأمر من الملك البريطاني جيمس وعلى الرغم من المراجعات العديدة لتلك الطبعة ولغيرها من الطبعات (1535م إلى اليوم) وعلى الرغم من كثرة الإضافات والحذف والتعديل والتبديل، والتحريف والتغيير، والتحرير بعد التحرير، فإن بقاء ما يشهد بنبوة الرسول الخاتم - صلى الله عليه وسلم - في هذه الكتابات جميعا يد حض محاولات النيل من مقامه الكريم التي جاءت في إحدى اليوميات الدنماركية والتي تناقلتها وسائل الإعلام الغربية والشرقية.

النبوءات ببعثة الرسول الخاتم في كتب الأولين-

أولا : في العهد القديم:

1- جاء في سفر التكوين (الإصحاح 49/1. ) ما ترجمته «لا يزول صولجان من يهوذا أو مشترع من قدميه حتى يأتي شيلوه وله يكون خضوع الشعوب».

وفي ترجمة أخرى للنص ذاته (دار الكتاب المقدس - بيروت) جاء ما يلي «لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي (شيلوه) وله يكون خضوع الشعوب».

وفي تفسير هذا النص ذكر القس المهتدي البروفسير عبد الأحد داود- رحمه الله رحمة واسعة- في كتابه المعنون (محمد في الكتاب المقدس)تحت عنوان «محمد هو الشيلوه » بأن هذه النبوءة تشير بوضوح إلى النبي المنتظر لأن من معاني هذه الكلمة في اللغة العبرية (شيلوه) صاحب الصولجان والملك ،ومن معانيها الهادىء المسالم، الأمين، الوديع والصيغة الآرامية (السيريانية) للكلمة هي شيليا بمعنى الأمين والرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم عرف من قبل بعثته الشريفة بلقب الصادق الأمين».

2- في سفر التثنية

- جاء في مطلع الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر تثنية كذلك (تث:33/1) ما ترجمته «وهذه هي البركة التي بارك بها موسى - رجل الله -بني إسرائيل قبل موته فقال: جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبال فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم». وجبال (فاران)أو (باران) كما جاء في سفر التكوين (تك 21 /12) هي البرية التي هاجر إليها إسماعيل(عليه السلام)وأمه هاجر (رضي الله عنها).

وجاء في أغلب شروح الكتاب المقدس أن الاسم (فاران) أو (باران) هو تعبير عن جبال مكة المكرمة، وتلألؤ الله - تعالى - من جبل فاران هو إشارة إلى بدء تنزل هذا الوحي الخاتم في غار حراء فوق جبال مكة المكرمة، ومجيء الله تعالى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم - هو تنبؤ برحلة الإسراء والمعراج التي أكرم الله (تعالى) بها خاتم أنبيائه ورسله - صلى الله وسلم وبارك عليهم أجمعين -كما استنتجه القس المهتدى عبد الأحمد داوود (رحمه الله).
----

ثانيا : في العهد الجديد

- في إنجيل يوحنا: جاءت في إنجيل يوحنا (يو: 6/27) إشارة إلى أن نبي آخر الزمان يحمل خاتم النبوة بين كتفيه، وذلك فيما ترجمته «لا تسعوا وراء الطعام الفاني بل وراء الطعام الباقي إلى الحياة الأبدية، والذي يعطيكم إياه ابن الإنسان لأن هذا قد وضع الله ختمه عليه».

ومن الثابت تاريخيا أن رسول الله كان يحمل خاتم النبوة بين كتفيه.

- في إنجيل يوحنا (يو16/ 12-14) ما ترجمته «إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية، ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم».

وهذا الوصف شديد الانطباق على خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بشر بمقدمه عيسى بن مريم، لأن رسول الله يصفه القرآن الكريم بقول الحق (تبارك وتعالى) «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)» النجم.

- سفر رؤيا:

وجاء في سفر رؤيا من العهد الجديد (رؤ 19/15‚11) ما ترجمته «ثم رأيت السماء مفتوحة، وإذا حصان أبيض يسمى راكبه باسم (الصادق الأمين) الذي يقضي ويحارب بالعدل...».

ووصف (الصادق الأمين) ينطبق على سيدنا محمد لأن أهل مكة المكرمة كانوا قد أطلقوا عليه هذا الوصف بالضبط من قبل بعثته الشريفة.

هذا والله أعلي وأعلم