شبهة ملحد عن(كلمة الله)

[عبدالله عبدالله]

السلام عليكم و رحمة الله و بركانه

قال احد الملاحدة....
(ان الاسلام اخطأ حين اطلق على المسيح لفظة <كلمة الله>...لان هذا اللفظ هو لفظ فلسفى بحت اطلقه المسيحيون الاوائل على المسيح للدلالة على الوهيته او كونه ابن الله الازلى)

وقال ايضا...(انا اعرف ان الاسلام جاء ليحارب الاعتقاد بالوهية المسيح وان الحديث على ان القران يؤكد هذه الفكرة هو حديث ساذج لا اصل له ولا برهان ولكنى اعتقد ان محمد استخدم هذا اللفظ الدارج فى المعتقد المسيحى دون ان يعرف ما هو المقصود من هذا اللفظ)

انتهى كلام هذا الملحد

ارجو الرد بارك الله فيكم

[Habeebabdelmalek]

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلام هذا الملحد متضارب .. فكيف يهاجم القرآن مشركي النصارى ثم يأخذ منهم مفهوم كلمة الله بما يفهمونه هم؟

إن القرآن الكريم يقول" إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ. وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ. قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"

- إن الملحد تناسى أن الآيات تشرح معنى كلمة الله بمعناها الحقيقي .. حتى يعرفها من يريد الحق:

- كلمة الله .. هي أمر الله "كن فيكون" .. "قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" .. وايضا .. "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"

- المسيح ابن مريم عليه السلام ايضا .. كلمة من الله .. أي بشارة من الله الذي إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون "إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ "

- ثم إن كلمة الله .. معناها وعد الله "إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

- إن كلمة الله لم تطلق في القرآن على المسيح فقط .. ولكن كلام الله .. أي شريعة الله وأمره .. وليست هي الله
"يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ"

- إن القرآن نزل ليوضح اللبس الذي عند الكثير من النصارى .. والذين لو قرأوا كتابهم المقدس لعرفوا أن معنى كلمة الله ليست أبد اقنوما أو إلها ومن كتابهم

- ولنرجع إلى نسخة من النسخ اليونانية لانجيل يوحنا 1:1 وهي "1881 Westcott-hort new testament" نجد الآتي بيوحنا 1:1

1εν αρχη ην ο λογος και ο λογος ην προς τον θεον και θεος ην ο λογος

- إن كلمة "ο λογος " معناها "كلمة" ليست هي اللوجوس والأقنوم الثاني في الثالوث وليست هي الله كما يقولون .. بل معناها الوحي .. فحينما تكلم يسوع الناصري مع اليهود قائلا لهم إن الكتاب يقول إن اليهود آلهة وذلك في يوحنا 35:10
"ان قال آلهة لاولئك الذين صارت اليهم كلمة الله ولا يمكن ان ينقض المكتوب" أي أن كلمة الله هنا هي وحي الله .. وقد استخدم النص اليوناني نفس الكلمة التي استخدمها يوحنا 1:1 .. "ο λογος " ومعناها "كلمة" وليست هي اللوجوس والأقنوم الثاني في الثالوث وليست هي الله كما تقولون .. بل معناها الوحي الذي في المزامير .. وهي نفس اللفظ التي استخدمها يوحنا 1:1 .. ونجد هنا ايضا كلمة " آلهة" هي "θεους " والكلمة اليونانية " الله" هي "θεον "
ει εκεινους ειπεν θεους προς ους ο λογος του θεον εγενετο και ου δυναται λυθηναι η γραφη
وترجمتها
يوحنا 35:10 "ان قال آلهة لاولئك الذين صارت اليهم كلمة الله ولا يمكن ان ينقض المكتوب"

[د. هشام عزمي]

أخي الفاضل عبد الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

ربما يكون كلام هذا الملحد محقًا لو كان القرآن قد وصف المسيح بأنه كلمة الله ولم يقرن هذا الوصف بنفي ألوهيته أو أزليته التي يزعمها النصارى . لكن الواقع أن القرآن لم يصفه بها إلا مقرونة بما ينفي ذلك وهو قوله تعالى : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا } سورة النساء 170-171 .

فهي مقرونة في سياق الآيات أمامك يا أخي بكونه رسول الله وعبدًا لله وتقريع النصارى ألا يغلوا في دينهم وألا يقولوا إلا الحق وإثبات الوحدانية لله ونهيهم عن التثليث ونفي الولد عن الله .

وهذا هو الموضع الوحيد الذي وصف فيه المسيح بأنه كلمة الله (كلمته) ، وقريب منها آية آل عمران التي فيها أنه (كلمة منه) : { إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح ابن مريم } آل عمران 45 .

ثم إن المسيح ليس هو كلمة الله التي هي صفة لله تعالى ، بل هو مخلوق بالكلمة ، قال الإمام أحمد بن حنبل فى (الرد على الجهمية) ص20: (( بالكلمة التى ألقاها إلى مريم حين قال له كن فكان عيسى بكن وليس عيسى هو كن ولكن بكن كان . فكن من الله تعالى قول ، وليس كن مخلوقًا ، وكذب النصارى والجهمية على الله فى أمر عيسى )) .

ولو قدر أنه كلمة الله التي هي صفته لما كان ربًا ولا إلهًا ، وإلا كانت التوراة والإنجيل وسائر كلام الله آلهةً .

ثم إن كلمات الله كثيرة لا نهاية لها كما قال سبحانه : { قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددًا } الكهف 109 .

وفي القرآن جاءت لفظة (كلمة الله) في موضع واحد { وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا } التوبة 40 .

وفي مواضع عديدة (كلمة ربك) { وتمت كلمة ربك عدلاً وصدقًا } الأنعام 115 { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل } الأعراف 137 { كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا } يونس 33 { وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا } غافر 6 وغيرها كثير جدًا .

وليس واحد منها يشير إلى المسيح !

هذا فضلاً عن مواضع أخرى فيها ذكر (كلمات الله) و(كلمات ربي) و(كلماته) و(كلماته) ، وليس فيها ما يشير للمسيح كذلك .

المقصود من هذا أن يفهم الملحد أن تعبير كلمة الله أو ما يشابهه ورد كثيرًا في القرآن للإشارة لأمور بعيدة تمامًا عن المسيح عليه السلام ، وعندما ورد بالإشارة إليه كان مقرونًا بما ينفي عقائد النصارى الفاسدة فيه نفيًا قاطعًا .

وهذا أسلوب غاية في البراعة يستطيبه من كان ذا ذوق سليم .