قردةٌ في الجاهليةِ زنت فرُجمت


آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

قردةٌ في الجاهليةِ زنت فرُجمت

النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: قردةٌ في الجاهليةِ زنت فرُجمت

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    آخر نشاط
    14-04-2008
    على الساعة
    07:24 PM
    المشاركات
    890

    افتراضي قردةٌ في الجاهليةِ زنت فرُجمت

    <div align="center">الردُ على الشبهةِ المثارةِ حول روايةِ : " قردةٌ في الجاهليةِ زنت فرُجمت " </div>

    نصُ الأثرِ :

    روى الإمامُ البخاري في " صحيحه " (3849) ، كتاب مناقب الأنصار ، بابٌ القسامة في الجاهليةِ :
    حَدَّثَنَا ‏‏نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ،‏ ‏حَدَّثَنَا ‏‏هُشَيْمٌ ،‏ ‏عَنْ ‏حُصَيْنٍ ‏، ‏عَنْ ‏عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ‏‏قَالَ :‏ " رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ ، قَدْ زَنَتْ ، فَرَجَمُوهَا ، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ .

    الردُ :

    أولاً :

    هذا الحديثُ ليس على شرطِ الإمامِ البخاري ، فصحيحُ البخاري سماهُ : " الجامعُ المختصرُ المسندُ الصحيحُ من أمورِ رسولِ اللهِ – صلى اللهُ عليه وسلم – وسننهِ وأيامهِ " فالخبرُ ليس مسنداً للرسولِ فهو ليس على شرطِ البخاري – رحمهُ اللهُ - .

    فالأحاديثُ الموقوفةُ ، وهي الأحاديثُ التي تروى عن الصحابةِ ، ولا يتمُ رفعُها للنبي – صلى اللهُ عليه وسلم - ، والتي يسميها بعضُ أهلِ العلمِ " الآثار " هي ليست كذلك على شرطِ البخاري – رحمه الله - .

    وكذلك الأحاديثُ المعلقةُ ، وهي الأحاديثُ التي يوردها البخاري ، ويحذفُ أولَ أسانيدها ، أو يوردُ قولاً بدون سندٍ كأن يقول : " قال أنسٌ " ، أو يوردهُ بصيغةِ التمريضِ كأن يقول : " يُروى عن أنسٍ " ، وهذه المعلقاتُ سواءٌ رواها بصيغةِ الجزمِ ، أو بصيغةِ التمريضِ ، فليست هي على شرطِ الإمامِ البخاري ، وقد بلغت معلقاتُ البخاري في الصحيحِ ألفاً وثلاثمائة وواحداً وأربعين .

    ثانياً :

    هذا الخبرُ رواهُ عمرو بنُ ميمونٍ ، وهو من كبارِ التابعين ، وليس صحابياً ، وإنما هو ممّن أدرك الجاهليةَ ، وأسلم في عهدِ النبي – صلى اللهُ عليه وسلم – ولكنهُ لم يرهُ ، ولم يرو عنهُ ، ويطلقُ على أمثالهِ في كتبِ التراجمِ والرجالِ : " مُخَضْرَمٌ " ، ترجم له الحافظُ في " التقريب " فقال : " مُخَضْرَمٌ مَشْهُوْرٌ " [ سيرُ أعلامِ النبلاء (4/158) – والإصابةُ (3/118 ) ] .

    قال ابنُ الجوزي – رحمه الله : " وقد أوهم أبو مسعود بترجمةِ عمرو بنِ ميمونٍ أنهُ من الصحابةِ الذين انفرد بالإخراجِ عنهم البخاري ، وليس كذلك فإنهُ ليس من الصحابةِ ، ولا لهُ في الصحيحِ مسندٌ " . [ كشفُ المشكلِ من حديثِ الصحيحين لابن الجوزي (4/175) ] .

    فعمرو بنُ ميمونٍ كما قال الإمامُ القرطبي – رحمه الله – يعدُ من كبارِ التابعين من الكوفيين [ تفسيرُ القرطبي (1/442) تفسير سورة البقرة الآية 65 ] .

    ثالثاً :

    البخاري – رحمهُ اللهُ – لما ذكر هذا الأثرَ الذي ليس على شرطهِ ، إنما أراد الإشارةَ إلى فائدةٍ والتأكيدِ على أن عمرو بنَ ميمونٍ قد أدرك الجاهليةَ ، ولم يبالِ البخاري بظنِ عمرو الذي ظنهُ في الجاهليةِ ، بأن القردةَ قد زنت فرجموها بسببِ الرجمِ .

    رابعاً :

    الخبرُ استنكرهُ الإمامُ ابنُ عبدِ البرِ – رحمهُ اللهُ – قال الحافظُ ابنُ حجرٍ – رحمهُ اللهُ - : " وَقَدْ اِسْتَنْكَرَ اِبْن عَبْد الْبَرّ قِصَّة عَمْرو بْن مَيْمُون هَذِهِ وَقَالَ : " فِيهَا إِضَافَة الزِّنَا إِلَى غَيْر مُكَلَّف ، وَإِقَامَة الْحَدّ عَلَى الْبَهَائِم وَهَذَا مُنْكَر عِنْد أَهْل الْعِلْم " . [ فتح الباري لابن حجر 7/197 ( الطبعة السلفية ) ] .

    خامساً :

    استنكر الخبرَ الإمامُ الألباني – رحمه الله – فقال : " هذا أثرٌ منكرٌ ، إذ كيف يمكنُ لإنسانٍ أن يعلمَ أن القردةَ تتزوجُ ، وأن من خُلقهم المحافظةَ على العرضِ ، فمن خان قتلوهُ ؟&#33; ثم هبّ أن ذلك أمرٌ واقعٌ بينها ، فمن أين علم عمرو بنُ ميمون أن رجمَ القردةِ إنما كان لأنها زنت " . [ مختصر صحيح البخاري للألباني (2/535) ] .

    سادساً :

    قال الشيخُ الألباني – رحمهُ اللهُ - : " وأنا أظنُ أن الآفةَ من شيخِ المصنفِ نعيمِ بنِ حمادٍ ، فإنهُ ضعيفٌ متهمٌ ، أو من عنعنةِ هُشيم ، فإنهُ كان مدلساً " . [ مختصر صحيح البخاري للألباني (2/535) ] .

    سابعاً :

    وممن ذهب إلى تضعيفِ الأثرِ محققُ " سير أعلام النبلاء " (4/159) فقد قال في الحاشيةِ : " ونعيمُ بنُ حمادٍ كثيرُ الخطأِ ، وهُشيمٌ مدلسٌ وقد عنعن " .

    ثامناًً :

    فالخبرُ ضعيفٌ في سندهِ نُعيمُ بنُ حمادٍ ، من رجالِ معلقاتِ البخاري لا من أسانيدهِ ، روى عنهُ البخاري مقروناً بغيرهِ في الأحاديثِ أرقام ( 393-4339-7139) ، ولم يقرنهُ بغيرهِ إلا في هذا الحديثِ المقطوعِ الذي ليس على شرطهِ – رحمهُ اللهُ – حديث رقم (3849) .

    ونعيمُ بنُ حمادٍ قال عنه الحافظُ في " التقريب " : " صدوقٌ يخطيءُ كثيراً " ، وقال النسائي : " ضعيفٌ " ، وذكرهُ ابنُ حبان في " الثقات " وقال : " ربما أخطأ ووهم " . [ تهذيب الكمال (29/476) ] .

    تاسعاً :

    وكذلك الخبرُ ضعيفٌ لأن في سندهِِ هُشيمَ بنَ بشيرٍ الواسطي ، وهو كثيرُ التدليسِ ، وجعلهُ الحافظُ في المرتبةِ الثالثةِ في طبقاتهِ ، وهم ممن لا يُحتجُ بحديثهم إلا بما صرحوا به السماعَ ، قلتُ : ولم يصرح بالسماعِ في هذا الخبرِ .

    عاشراً :

    مال الشيخُ الألباني إلى تقويةِ هذا الأثر مختصراً دون وجود النكارةِ أن القردةَ قد زنت وأنها رُجمت بسببِ الزنا فقال - رحمه الله - : " لكن ذكر ابنُ عبدِ البر في " الاستيعاب " (3/1205) أنهُ رواهُ عبادُ بنُ العوام أيضاً ، عن حصين ، كما رواه هشيم مختصراً .

    قلتُ : ( القائلُ الألباني ) وعبادُ هذا ثقةٌ من رجالِ الشيخين ، وتابعهُ عيسى بنُ حطان ، عن عمرو بنِ ميمون به مطولاً ، أخرجهُ الإسماعيلي ، وعيسى هذا وثقهُ العجلي وابنُ حبان ، وروايته مفصلةٌ تبعد النكارةَ الظاهرةَ من روايةِ نعيم المختصرة ، وقد مال الحافظُ إلى تقويتها خلافاً لابنِ عبدِ البر ، والله أعلم " . [ مختصر صحيح البخاري للألباني (2/535-536) ] .

    الحادي عشر :

    لو اقترضنا صحةَ الخبرِ ، فإن الراوي أخبر عما رأى في وقتِ جاهليتهِ فإنهُ لا حرج من القولِ بأن هذا ما ظنهُ لا سيما أنهُ في روايةٍ رأى قرداً وقردةً مع بعضهما فجاء قردٌ آخر ، وأخذها منهُ فاجتمع عليها القردةُ الآخرون ورجموهما.

    فهذه صورةُ الحكايةِ ظنها الراوي رجماً للزنى ، وهو لم يأخذ هذا حكايةً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وليست كذلك الراوي لها أحدُ أصحابِ النبي – صلى الله عليه وسلم - ولو أخبر بها النبي – صلى اللهُ عليه وسلم - ، وصح السندُ عنه قبلناهُ ، فإننا صدقناهُ فيما هو أعظمُ من ذلك .

    الثاني عشر :

    والغريبُ في هذا الأمرِ أن بعضَ أهلِ العلمِ قد تكلف جداً في توجيهِ هذا الخبر ، والذي كما أسلفنا ليس من قولِ الرسولِ – صلى الله عليه وسلم – ولا من قولِ أحدٍ من الصحابةِ ، فالخبرُ مقطوعٌ على أحدٍ التابعين ، فلا أدري لم هذا التكلفُ في هذهِ الردودِ على خبرٍ ضعيفِ السندِ ليس على شرطِ الإمامِ البخاري – رحمهُ اللهُ – . ومن هذهِ الأقوالِ التي فيها الكثيرُ من التكلفِ ما قالهُ بعضُ أهلِ العلم كما نقل عنهُ الحافظُ في " الفتح " : " لَعَلَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مِنْ نَسْل الَّذِينَ مُسِخُوا فَبَقِيَ فِيهِمْ ذَلِكَ الْحُكْم " . وقد ردهُ ابنُ التينِ والحافظُ ابنُ حجرٍ فقال بعد أن نقل القولَ عن ابنِ التينِ : " ثُمَّ قَالَ – أي ابن التين - : إِنَّ الْمَمْسُوخ لَا يَنْسِل قُلْت : وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد , لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم " أَنَّ الْمَمْسُوخ لَا نَسْل لَهُ " ( حديث رقم 2663- كتاب القدر – باب أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ) .

    ومن الردودِ الظاهرةِ التكلفِ هو ما أوردهُ الحافظُ عن بعضِ أهلِ العلمِ بأنهُ : " لَا يَلْزَم أَنْ تَكُون الْقُرُود الْمَذْكُورَة مِنْ النَّسْل , فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الَّذِينَ مُسِخُوا لَمَّا صَارُوا عَلَى هَيْئَة الْقِرَدَة مَعَ بَقَاء أَفْهَامهمْ عَاشَرَتْهُمْ الْقِرَدَة الْأَصْلِيَّة لِلْمُشَابَهَةِ فِي الشَّكْل فَتَلَقَّوْا عَنْهُمْ بَعْض مَا شَاهَدُوهُ مِنْ أَفْعَالهمْ فَحَفِظُوهَا وَصَارَتْ فِيهِمْ , وَاخْتُصَّ الْقِرْد بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِطْنَة الزَّائِدَة عَلَى غَيْره مِنْ الْحَيَوَان وَقَابِلِيَّة التَّعْلِيم لِكُلِّ صِنَاعَة مِمَّا لَيْسَ لِأَكْثَر الْحَيَوَان , وَمِنْ خِصَاله أَنَّهُ يَضْحَك وَيَطْرَب وَيَحْكِي مَا يَرَاهُ , وَفِيهِ مِنْ شِدَّة الْغَيْرَة مَا يُوَازِي الْآدَمِيّ وَلَا يَتَعَدَّى أَحَدهمْ إِلَى غَيْر زَوْجَته , فَلَا يَدَع فِي الْغَالِب أَنْ يُحَمِّلهَا مَا رُكِّبَ فِيهَا مِنْ غَيْرَة عَلَى عُقُوبَة مَنْ اِعْتَدَى إِلَى مَا لَمْ يَخْتَصّ بِهِ مِنْ الْأُنْثَى , وَمِنْ خَصَائِصه أَنَّ الْأُنْثَى تَحْمِل أَوْلَادهَا كَهَيْئَةِ الْآدَمِيَّة , وَرُبَّمَا مَشَى الْقِرْد عَلَى رِجْلَيْهِ لَكِنْ لَا يَسْتَمِرّ عَلَى ذَلِكَ , وَيَتَنَاوَل الشَّيْء بِيَدِهِ وَيَأْكُل بِيَدِهِ , وَلَهُ أَصَابِع مُفَصَّلَة إِلَى أَنَامِل وَأَظْفَار , وَلِشَفْرِ عَيْنَيْهِ أَهْدَاب " .

    قلتُ : لا يخفى على الناقدِ البصيرِ أن هذا التوجيهَ لا يخلو من تكلفٍ واضحٍ لا يتناسبُ مع التيسيرِ في فهمِ النصوصِ ، وإضافة قيودٍ ومحترزاتٍ لا داعي لها أصلاً ، بل توحي لقارئِها إلى وجودِ التقعرِ والتشدقِ ولي أعناقِ النصوصِ حتى تتفقَ مع من ذهب إلى هذا الرأي .

    ومن الغريبِ حقاً في سبيلِ ردِ هذا الخبر أن الحميدي في كتابهِ " الجمع بين الصحيحين " زعم أن هذا الخبرَ أُقحم في كتابِ البخاري ، قال الحافظُ – رحمه الله - :" وَأَغْرَبَ الْحُمَيْدِيّ فِي الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث وَقَعَ فِي بَعْض نُسَخ الْبُخَارِيّ , وَأَنَّ أَبَا مَسْعُود وَحْده ذَكَرَهُ فِي " الْأَطْرَاف " قَالَ : وَلَيْسَ فِي نُسَخ الْبُخَارِيّ أَصْلًا فَلَعَلَّهُ مِنْ الْأَحَادِيث الْمُقْحَمَة فِي كِتَاب الْبُخَارِيّ " ، وقد رد الحافظ هذا القول :" وَمَا قَالَهُ مَرْدُود , فَإِنَّ الْحَدِيث الْمَذْكُور فِي مُعْظَم الْأُصُول الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا , وَكَفَى بِإِيرَادِ أَبِي ذَرّ الْحَافِظ لَهُ عَنْ شُيُوخه الثَّلَاثَة الْأَئِمَّة الْمُتْقِنِينَ عَنْ الْفَرَبْرِيّ حُجَّة , وَكَذَا إِيرَاد الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبِي نُعَيْم فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا وَأَبِي مَسْعُود لَهُ فِي أَطْرَافه , نَعَمْ سَقَطَ مِنْ رِوَايَة النَّسَفِيّ وَكَذَا الْحَدِيث الَّذِي بَعْده , وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُون فِي رِوَايَة الْفَرَبْرِيّ , فَإِنَّ رِوَايَته تَزِيد عَلَى رِوَايَة النَّسَفِيّ عِدَّة أَحَادِيث قَدْ نَبَّهْت عَلَى كَثِير مِنْهَا فِيمَا مَضَى وَفِيمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى " .

    قلتُ : القولُ بإقحامِ خبرٍ أو حديثٍ ليس في أصلِ البخاري قولٌ فاسدٌ يفضي إلى عدمِ الوثوقِ بجميعِ ما في الصحيحِ ، وهذا القولُ خطأٌ ، بل ظاهرُ البطلانِ ، فلا أدري لم كلُ هذا التكلفِ في هذهِ التوجيهاتِ الباطلةِ لقبولِ خبرٍ ضعيفٍ ليس على شرطِ الإمامِ البخاري رحمهُ اللهُ .

    <div align="center">كتبه وحرره
    سعود الزمانان
    13 - 5 - 1425 هـ </div>

    منقول بتصرف
    المصدر : http://alsaha.fares.net/sahat?128@69...mn.2@.1dd5a1bf

    «« توقيع د. هشام عزمي »»
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم )) مجموع الفتاوى (4/186-187) .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    آخر نشاط
    14-04-2008
    على الساعة
    07:24 PM
    المشاركات
    890

    افتراضي

    أما شرح الحديث فقد قال ابن حجر 7/160 :
    قوله رأيت في الجاهلية قردة بكسر القاف وسكون الراء واحدة القرود وقوله اجتمع عليها قردة بفتح الراء جمع قرد وقد ساق الإسماعيلي هذه القصة من وجه آخر مطولة من طريق عيسى بن حطان عن عمرو بن ميمون قال: كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا على شرف فجاء قرد مع قردة فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها فسلت يدها من تحت رأس القرد الأول سلا رقيقا وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق فاستيقظ فزعا فشمها فصاح فاجتمعت القرود فجعل يصيح ويومئ إليها بيده فذهب القرود يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد أعرفه فحفروا لهما حفرة فرجموهما فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم.
    قال بن التين: لعل هؤلاء كانوا من نسل الذين مسخوا فبقي فيهم ذلك الحكم ثم قال إن الممسوخ لا ينسل قلت وهذا هو المعتمد لما ثبت في صحيح مسلم أن الممسوخ لا نسل له، وعنده من حديث بن مسعود مرفوعا" إن الله لم يهلك قوما فيجعل لهم نسلا".
    وقد ذهب أبو إسحاق الزجاج وأبو بكر بن العربي: إلى أن الموجود من القردة من نسل الممسوخ وهو مذهب شاذ اعتمد من ذهب إليه على ما ثبت أيضا في صحيح مسلم" أن النبي  لما أتي بالضب قال لعله من القرون التي مسخت" وقال صلى الله عليه وسلم في الفأر فقدت أمة من بني إسرائيل لا أراها إلا الفأر".
    وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك: قبل أن يوحى إليه بحقيقة الأمر في ذلك، ولذلك لم يأت الجزم عنه بشيء من ذلك بخلاف النفي فإنه جزم به، كما في حديث بن مسعود، ولكن لا يلزم أن تكون القرود المذكورة من النسل، فيحتمل أن يكون الذين مسخوا لما صاروا على هيئة القردة مع بقاء أفهامهم عاشرتهم القردة الأصلية للمشابهة في الشكل فتلقوا عنهم بعض ما شاهدوه من أفعالهم فحفظوها وصارت فيهم، واختص القرد بذلك لما فيه من الفطنة الزائدة على غيره من الحيوان، وقابلية التعليم لكل صناعة مما ليس لأكثر الحيوان، ومن خصاله أنه يضحك ويطرب ويحكي ما يراه وفيه من شدة الغيرة ما يوازي الآدمي ، ولا يتعدى أحدهم إلى غير زوجته فلا يدع في الغالب أن يحملها ما ركب فيها من الغيرة على عقوبة من اعتدى إلى ما لم يختص به من الأنثى، ومن خصائصه أن الأنثى تحمل أولادها كهيئة الآدمية، وربما مشي القرد على رجليه لكن لا يستمر على ذلك، ويتناول الشيء بيده، ويأكل بيده، وله أصابع مفصلة إلى أنامل وأظفار ولشفر عينيه أهداب، وقد استنكر ابن عبد البر قصة عمرو بن ميمون هذه، وقال فيها إضافة الزنا إلى غير مكلف، وإقامة الحد على البهائم، وهذا منكر عند أهل العلم قال: فان كانت الطريق صحيحة فلعل هؤلاء كانوا من الجن لأنهم من جملة المكلفين، وإنما قال ذلك: لأنه تكلم على الطريق التي أخرجها الإسماعيلي حسب.
    وأجيب: بأنه لا يلزم من كون صورة الواقعة صورة الزنا والرجم أن يكون ذلك زنا حقيقة ولا حدا وإنما أطلق ذلك عليه لشبهه به فلا يستلزم ذلك إيقاع التكليف على الحيوان، وأغرب الحميدي في الجمع بين الصحيحين فزعم: أن هذا الحديث وقع في بعض نسخ البخاري وأن أبا مسعود وحده ذكره في الأطراف قال: وليس في نسخ البخاري أصلا فلعله من الأحاديث المقحمة في كتاب البخاري، وما قاله مردود فإن الحديث المذكور في معظم الأصول التي وقفنا عليها، وكفي بإيراد أبي ذر الحافظ له عن شيوخه الثلاثة الأئمة المتقنين عن الفربري حجة، وكذا إيراد الإسماعيلي، وأبي نعيم في مستخرجيهما، وأبي مسعود له في أطرافه، نعم سقط من رواية النسفي، وكذا الحديث الذي بعده ولا يلزم من ذلك أن لا يكون في رواية الفربري فإن روايته تزيد على رواية النسفي عدة أحاديث قد نبهت على كثير منها فيما مضى وفيما سيأتي إن شاء الله تعالى وأما تجويزه إن يزاد في صحيح البخاري ما ليس منه فهذا ينافي ما عليه العلماء من الحكم بتصحيح جميع ما أورده البخاري في كتابه ومن اتفاقهم على أنه مقطوع بنسبته إليه وهذا الذي قاله تخيل فاسد يتطرق منه عدم الوثوق بجميع ما في الصحيح لأنه إذا جاز في واحد لا بعينه جاز في كل فرد فرد فلا يبقى لأحد الوثوق بما في الكتاب المذكور واتفاق العلماء ينافي ذلك، والطريق التي أخرجها البخاري دافعة لتضعيف ابن عبد البر للطريق التي أخرجها الإسماعيلي.
    وقد أطنبت في هذا الموضع لئلا يغتر ضعيف بكلام الحميدي فيعتمده، وهو ظاهر الفساد.
    وقد ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب الخيل له من طريق الأوزاعي أن مهرا أنزي على أمه فامتنع فأدخلت في بيت وجللت بكساء وأنزي عليها فنزى فلما شم ريح أمه عمد إلى ذكره فقطعه باسنانه من أصله، فإذا كان هذا الفهم في الخيل مع كونها أبعد في الفطنة من القرد فجوازها في القرد أولى. اهـ

    «« توقيع د. هشام عزمي »»
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم )) مجموع الفتاوى (4/186-187) .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    آخر نشاط
    14-04-2008
    على الساعة
    07:24 PM
    المشاركات
    890

    افتراضي

    قال العيني في عمدة القاري ج:16 ص:299 -300
    9483 ـ حدَّثنا ( نُعَيْمُ بنُ حَمَّاد ) ٍ حدَّثنا ( هُشَيْم ) ٌ عنْ ( حُصَيْن ) ٍ عنْ ( عَمْرِو بنِ مَيْمُون ) ٍ قال رأيْتُ في الجاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ قَدْ زَنَتْ فرَجَمُوهَا فرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ

    مطابقته للترجمة ظاهرة ونعيم بضم النون ابن حماد بتشديد الميم أبو عبد الله الرفاء الفارض المروزي سكن مصر قال أبو داود مات سنة ثمان وعشرين ومائتين وهشيم بضم الهاء ابن بشير بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة السلمي الواسطي وحصين بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل الكوفي وعمرو بفتح العين ابن ميمون قد مر عن قريب
    قوله قردة بكسر القاف وسكون الراء وهي الحيوان المشهور وتجمع على قرود وقردة أيضاً بكسر القاف وفتح الراءكما في متن الحديث
    قوله قد زنت حال من قردة المفردة فإن قلت كيف ذكر
    قوله اجتمع مع أن فاعله جماعة وهو قوله قردة وكذلك ذكر الضمير المرفوع في رجموها وفي قوله معهم قلت أما الأول فلوقوع الفصل بين الفعل والفاعل وأما الثاني فباعتبار أن الراوي كان بين القردة فغلب المذكر على المؤنث

    وأصل هذه القصة ما ذكرها الإسماعيلي مشروحة من طريق عيسى بن حطان عن عمرو بن ميمون قال كنت في اليمن في غنمٍ لأهلي وأنا على شرف فجاء قرد مع قردة فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها فسلت يدها من تحت رأس القرد الأول سلاًّ رَفيقاً وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر ثم رجعت فجعلت تدخل يدها من تحت خد الأول برفق فاستيقظ فزعاً فشمها فصاح فاجتمعت القرود فجعل يصيخ ويومي إليها بيده فذهب القرود يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد أعرفه فحفروا لهما حفرة فرجموهما فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم

    وقال ابن التين لعل هؤلاء كانوا من نسل الذين مسخوا فبقي فيهم ذلك الحكم
    وقال ابن عبد البر إضافة الزنا إلى غير المكلف وإقامة الحدود في البهائم عند جماعة أهل العلم منكر ولو صح لكانوا من الجن لأن العبادات في الجن والإنس دون غيرهما
    وقال الكرماني يحتمل أن يقال كانوا من الإنس فمسخوا قردة وتغيروا عن الصورة الإنسانية فقط وكان صورته صورة الزنا والرجم ولم يكن ثمة تكليف ولا حدّ وإنما ظنه الذي ظن في الجاهلية مع أن هذه الحكاية لم توجد في بعض نسخ البخاري

    وقال الحميدي في (الجمع بين الصحيحين) هذا الحديث وقع في بضع نسخ البخاري وأن أبا مسعود وحده ذكره في (الأطراف) قال وليس هذا في نسخ البخاري أصلاً فلعله من الأحاديث المقحمة في كتاب البخاري

    وقال بعضهم في الرد على ابن التين بأنه ثبت في (صحيح مسلم) أن الممسوخ لا نسل له ويعكر عليه بما ثبت أيضاً في صحيح مسلم أن النبي لما أوتي بالضب قال لعله من القرون التي مسخت وقال في الفأر فقدت أمة من بني إسرائيل لا أراها إلاَّ الفار وإليه ذهب أبو إسحاق الزجاج وأبو بكر بن العربي حيث قالا إن الموجود من القردة من نسل الممسوخ وأجيب بأنه قال ذلك قبل الوحي إليه يحقيقة الأمر في ذلك وفيه نظر لعدم الدليل عليه وقال في الرد على ابن عبد البر بأنه لا يلزم من كون صورة الواقعة صورة الزنا والرجم يكون ذلك زناً حقيقة ولا حداً وإنما أطلق ذلك عليه لشبهه به فلا يستلزم ذلك إيقاع التكليف على الحيوان
    وأجيب عنه بالجواب الأول من جوابي الكرماني في ذلك وقال في الرد على الحميدي بقوله وما قاله الحميدي مردود فإن الحديث المذكور في معظم الأصول التي وقفنا عليها
    ورد عليه بأن وقوف الحميدي على الأصول أكثر وأصح من وقوف هذا المعترض لأنه جمع بين (الصحيحين) ومثله أدرى بحالهما ولو كان في أصل البخاري هذا الحديث لم يجزم بنفيه عن الأصول قطعاً وجزماً على أنه غير موجود في رواية النسفي
    وقال هذا القائل أيضاً وتجويز الحميدي أن يزاد في (صحيح البخاري) ما ليس منه ينافي ما عليه العلماء من الحكم بتصحيح جميع ما أورده البخاري في كتابه ومن اتفاقهم على أنه مقطوع بنسبته إليه
    قلت فيه نظر لأن منهم من تعرض إلى بعض رجاله بعدم الوثوق وبكونه من أهل الأهواء ودعوى الحكم بتصحيح جميع ما أورده البخاري فيه غير موجهة لأن دعوى الكلية تحتاج إلى دليل قاطع
    ويرد ما قاله أيضاً بأن النسفي لم يذكر هذا الحديث فيه) انتهى.

    «« توقيع د. هشام عزمي »»
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم )) مجموع الفتاوى (4/186-187) .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    آخر نشاط
    14-04-2008
    على الساعة
    07:24 PM
    المشاركات
    890

    افتراضي

    وذكر محمد أنور الكشميري في فيض الباري شرح صحيح البخاري(4/76)
    ( حدثنا نعيم بن حماد - واعلم أنهم قالوا إن نعيم بن حماد من رجال تعليقات البخاري ، لا من مسانيده ، ويرده هذا الاسناد ، فإنه وقع هاهنا في المسند غيضا ، على أن الحاكم صرح في مستدركه في كتاب الجنائز أن البخاري احتج بنعيم بن حماد ، فطاح ما احتالوا بكونهه من رجال التعليقات ، وقد تكلمنا في نعيم بن حماد هذا
    ثم إن ابن الجوزي أدخل هذا الحديث في الموضوعات ، وكذا حديثين من صحيح مسلم ، وقد صرح أصحاب الطبقات أن ابن الجوزي راكب على مطايا العجلة ، فيكثر الأغلاط ، ورأيت فيه مصيبة أخرى ، وهي أنه يرد الأحاديث الصحيحة كلما خالفت عقله وفكره ، كحديث الباب ، فإنه لم يعقل كيف ترجم القردة القردة الزانية ، فإنه من ديدن الإنسان دون الحيوان ، قلت وهذا مهمل ، وقد ثبت اليوم فيها أفعال تدل على ذكاوتهم ، وقصصها شهيرة يتعجب منها كل ذي أذنين ، وقد دون اليوم أهل أمريكا ، لسانها أيضا ، فما الاستبعاد في الرجم ، فإن الله تعالى لو كان خلق فيها شعورا لذلك لم يمنعه ، وصرح السيوطي في اللآلي المصنوعة أن ابن الجوزي غال في الحكم بالوضع حتى اشتهر في شدته ، كما اشتهر الحاكم بالتساهل في التصحيح ، ومن هاهنا لا يعبأ المحدثون بجرح ابن الجوزي ، وتصحيح الحاكم ، إلا ما ثبت عندهم) انتهى.

    «« توقيع د. هشام عزمي »»
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم )) مجموع الفتاوى (4/186-187) .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    آخر نشاط
    14-04-2008
    على الساعة
    07:24 PM
    المشاركات
    890

    افتراضي

    قال ابن عبدالبر في الاستيعاب ج: 3 ص: 1205
    عمرو بن ميمون الأودى أبو عبد الله أدرك النبى صلى الله عليه وسلم وصدق إليه وكان مسلما فى حياته وعلى عهده صلى الله عليه وسلم قال عمرو بن ميمون قدم علينا معاذ الشام فلزمته فما فارقته حتى دفنته ثم صحبت ابن مسعود وهو معدود فى كبار التابعين من الكوفيين وهو الذى رأى الرجم فى الجاهلية من القردة إن صح ذلك لأن رواته مجهولون
    وقد ذكر البخارى عن نعيم عن هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون الأودى مختصرا قال رأيت فى الجاهلية قردة زنت فرجموها يعنى القردة فرجمتها معهم
    ورواه عباد بن العوام عن حصين كما رواه هشيم مختصرا وأما القصة بطولها فإنها تدور على عبد الملك بن مسلم عن عيسى ابن حطان وليسا ممن يحتج بهما
    وهذا عند جماعة أهل العلم منكر إضافة الزنا إلى غير مكلف وإقامة الحدود فى البهائم
    ولو صح لكانوا من الجن لأن العبادات فى الجن والإنس دون غيرهما وقد كان الرجم فى التوراة
    وروى أن عمرو بن ميمون حج ستين ما بين حج وعمرة ومات سنة خمس وسبعين

    «« توقيع د. هشام عزمي »»
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم )) مجموع الفتاوى (4/186-187) .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    آخر نشاط
    14-04-2008
    على الساعة
    07:24 PM
    المشاركات
    890

    افتراضي

    قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص 255-257 :

    قالوا: رويتم أن قرودا رجمت قردة في زنا فإن كانت القرود إنما رجمتها في الإحصان فذلك أظرف للحديث ، وعلى هذا القياس فإنكم لا تدرون لعل القرود تقيم من أحكام التوراة أمورا كثيرة &#33;
    ولعل دينها اليهودية بعد &#33;
    وإن كانت القرود يهودا فلعل الخنازير نصارى &#33;
    قال أبو محمد: ونحن نقول في جواب هذا الاستهزاء إن حديث القرود ليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه وإنما هو شيء ذكر عن عمرو بن ميمون.
    حدثني محمد بن خالد بن خداش قال نا مسلم بن قتيبة عن هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال: "زنت قردة في الجاهلية فرجمتها القرود ورجمتها معهم" .

    قال أبو محمد: وقد يمكن أن يكون رأي القرود ترجم قردة فظن أنها ترجمها لأنها زنت ، وهذا لا يعلمه أحد إلا ظنا لأن القرود لا تنبئ عن أنفسها ، والذي يراها تتسافد لا يعلم أزنت أم لم تزن هذا ظن ، ولعل الشيخ عرف أنها زنت بوجه من الدلائل لا نعلمه (1) فإن القرود أزنى البهائم ، والعرب تضرب بها المثل فتقول أزنى من قرد ، ولولا أن الزنا منه معروف ما ضربت به المثل ، وليس شيء أشبه بالإنسان في الزواج ، والغيرة منه ، والبهائم قد تتعادى ويثب بعضها على بعض ، ويعاقب بعضها بعضا فمنها ما يعض ، ومنها ما يخدش ، ومنها ما يكسر ويحطم ، والقرود ترجم بالأكف التي جعلها الله لها كما يرجم الإنسان ، فإن كان إنما رجم بعضها بعضا لغير زنا فتوهمه الشيخ لزنا فليس هذا ببعيد ، وإن كان الشيخ استدل على الزنا منها بدليل وعلى أن الرجم كان من أجله فليس ذلك أيضا ببعيد (1) لأنها على ما أعلمتك أشد البهائم غيرة وأقربها من بني آدم أفهاما.
    قال أبو محمد: وأنا أظن أنها الممسوخ بأعيانها توالدت واستدللت على ذلك بقول الله عز وجل (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير)
    فدخول الألف واللام في القردة والخنازير يدل على المعرفة ، وعلى أنها هي القردة التي نعاين ، ولو كان أراد شيئا انقرض ، ومضى لقال: وجعل منهم قردة وخنازير إلا أن يصح حديث أم حبيبة في الممسوخ (2) فيكون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ولسنا نقول: إنها فعلت ذلك لأنها علمت بحكم التوراة كما يقول المستهزئ ، ولكنا نقول: إنها عاقبت بالرجم إما على الزنا ، أو على غير ذلك من أجل أكفها كما يخدش غيرها ، ويعض ويكسر إذا كانت أكفها كأكف بني آدم ، وكان بن آدم لا ينال ما يريد أذاه إذا بعد عنه إلا بالرجم ، ومما يزيد في الدلالة على أن القرود هي الممسوخ بأعيانها إجماع الناس على تحريمها بغير كتاب ، ولا أثر كما أجمعوا على تحريم لحوم الناس بغير كتاب ولا أثر .
    ========================
    (1) تقدم سياق القصة بتفاصيلها عند الإسماعيلي ، وابن عساكر ، وغيرهم .
    (2) في مسلم (2663) عن معرور بن سويد عن عبد الله بن مسعود قال: قالت أم حبيبة: اللهم متعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنك سألت الله لآجال مضروبة وآثار موطوءة وأرزاق مقسومة لا يعجل شيئا منها قبل حله ولا يؤخر منها شيئا بعد حله ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار وعذاب في القبر لكان خيرا لك" قال: فقال رجل: يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الله عز وجل لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك.

    «« توقيع د. هشام عزمي »»
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم )) مجموع الفتاوى (4/186-187) .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    آخر نشاط
    14-04-2008
    على الساعة
    07:24 PM
    المشاركات
    890

    افتراضي

    قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (1/442)

    قال ابن العربي: وفي البخاري عن عمرو بن مَيْمُون أنه قال: «رأيت في الجاهلية قِردة قد زَنَت فرجموها فرجمتها معهم» ثبت في بعض نسخ البخاري وسقط في بعضها، وثبت في نص الحديث «قد زنت» وسقط هذا اللفظ عند بعضهم. قال ابن العربي: فإن قيل: وكأن البهائم بقيت فيهم معارف الشرائع حتى ورثوها خَلفاً عن سلف إلى زمان عمرو؟ قلنا: نعم كذلك كان؛ لأن اليهود غيّروا الرجم فأراد الله أن يقيمه في مُسُوخهم حتى يكون أبلغ في الحجة على ما أنكروه من ذلك وغيّروه، حتى تشهد عليهم كتبهم وأحبارهم ومسوخهم، حتى يعلموا أن الله يعلم ما يُسِرّون وما يُعلنون، ويُحصي ما يُبدّلون وما يغيّرون، ويُقيم عليهم الحجة من حيث لا يشعرون، وينصر نبيّه عليه السلام وهم لا يُنصرون.
    قلت: هذا كلامه في الأحكام، ولا حجة في شيء منه.

    وأمّا ما ذكره من قصة عمرو فذكر الحميدي في جمع الصحيحين: حكى أبو مسعود الدمشقي أن لعمرو بن ميمون الأَوْديّ في الصحيحين حكايةً من رواية حُصين عنه قال: رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة فرجموها فرجمتها معهم.
    كذا حكى أبو مسعود ولم يذكر في أي موضع أخرجه البخاريّ من كتابه؛ فبحثنا عن ذلك فوجدناه في بعض النسخ لا في كلها؛ فذكر في كتاب أيام الجاهلية.

    وليس في رواية النعيميّ عن الفَرَبْرِيّ أصلاً شيء من هذا الخبر في القِردة؛ ولعلها من المُقْحَمات في كتاب البخاري.

    والذي قال البخاريّ في التاريخ الكبير: قال لي نُعيم بن حمّاد أخبرنا هُشَيم عن أبي بَلْج وحُصين عن عمرو بن مَيمون قال: رأيت في الجاهلية قِردة اجتمع عليها قرود فرجموها فرجمتها معهم.
    وليس فيه «قد زنت».
    فإن صحت هذه الرواية فإنما أخرجها البخاريّ دلالة على أن عمرو بن ميمون قد أدرك الجاهلية ولم يُبال بظنّه الذي ظنّه في الجاهلية.
    وذكر أبو عمر في الاستيعاب عمرو بن ميمون وأن كنيته أبو عبد اللَّه «معدود في كبار التابعين من الكوفيين، وهو الذي رأى الرجم في الجاهلية من القردة إن صح ذلك؛ لأنّ رواته مجهولون.
    وقد ذكره البخاريّ عن نُعيم عن هُشَيم عن حُصين عن عمرو بن ميمون الأَوْدِيّ مختصراً قال: رأيت في الجاهلية قردة زنت فرجموها ـ يعني القردة ـ فرجمتها معهم. ورواه عباد بن العوّام عن حُصين كما رواه هُشيم مختصراً.
    وأما القصة بطولها فإنها تدور على عبد الملك بن مسلم عن عيسى بن حِطّان؛ وليسا ممن يُحتّج بهما.
    وهذا عند جماعة أهل العلم منكر إضافة الزنى إلى غير مكلَّف، وإقامة الحدود في البهائم. ولو صح لكانوا من الجن؛ لأن العبادات في الإنس والجن دون غيرهما». انتهى.

    «« توقيع د. هشام عزمي »»
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم )) مجموع الفتاوى (4/186-187) .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    آخر نشاط
    14-04-2008
    على الساعة
    07:24 PM
    المشاركات
    890

    افتراضي

    قال الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق 46 / 415 -416 :
    أخبرنا أبو الحسين بن قيس أنا أبو الحسين بن أبي الحديد أنا جدي أبو بكر أنا أبو بكر الخرائطي أنا سعد بن يزيد البزار نا علي بن عاصم نا حصين بن عبدالرحمن عن عمرو بن ميمون الأودي قال:" رأيت قردة باليمن فرجمتها القردة فرجمتها معهم ".
    قال علي بن عاصم لو غير حصين حدثني ما صدقت.
    رواه البخاري في صحيحه عن نعيم بن حماد عن هشيم عن حصين.
    أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبدالواحد أنا شجاع بن علي أنا أبو عبدالله بن مندة أنا خيثمة نا الحسن بن مكرم نا شبابة بن سوار نا عبدالملك بن مسلم نا عيسى بن حطان قال: دخلت مسجد الكوفة فإذا عمرو بن ميمون الأودي جالس ، وعنده ناس فقال: له رجل حدثنا بأعجب شيء رأيته في الجاهلية ، قال: كنت في حرث لأهلي باليمن فرأيت قرودا كثيرة قد اجتمعن ، قال: فرأيت قردا وقردة اضطجعا ثم أدخلت القردة يدها تحت عنق القرد ، واعتنقها ثم ناما فجاء قرد فغمزها من تحت رأسها فنظرت إليه فأسلت يدها من تحت رأس القرد ثم انطلقت معه غير بعيد فنكحها وأنا أنظر ، ثم رجعت إلى مضجعها فذهبت تدخل يدها تحت عنق القرد كما كانت فانتبه القرد فقام إليها فشم دبرها فاجتمعت القردة فجعل يشير إليه وإليها فتفرقت القردة فلم ألبث أن جيء بذلك القرد بعينه أعرفه فانطلقوا بها وبالقرد إلى موضع كثير الرمل فحفروا لهما حفيرة فجعلوهما فيها ثم رجموهما حتى قتلوهما والله لقد رأيت الرجم قبل أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم.
    قال ابن مندة: هذا حديث غريب تفرد به شبابة عن أبي سلام عبدالملك بن مسلم
    أخبرناه أبو المظفر القشيري أنا أبو عثمان البحيري أنا أبو الحسين محمد بن عبدالله المخلدي الهروي أنا أبو محمد عبدالله بن بشر البكري نا سعيد بن يعقوب الطالقاني نا عبدالله بن أبي جعفر الرازي نا أبو سلام عن عيسى بن حطان عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قيل له: أخبرنا بأعجب شيء رأيته في الجاهلية قال: رأيت الرجم في غير ابن آدم إن أهلي أرسلوني في نخل لهم أحفظها من القرود فبينا أنا يوما في البستان إذ جاء القرود فصعدت نخلة فتفرقت القرود فاضطجعوا فجاء قرد وقردة فاضطجعا فأدخلت القردة يدها تحت القرد فاستثقلا نوما فجاء قرد فغمز القردة فسلت يدها من تحت القرد فذهبت معه فأصاب منها القرد ثم رجعت القردة إلى القرد فذهبت تدخل يدها في المكان الذي كانت فيه فانتبه القرد فقام فشرم دبرها فصاح صيحة فاجتمعت القردة فقام واحد منهم كهيئة الخطيب فوجهوا في طلب القرد فجاءوا به بعينه وأنا أعرفه فحفروا لهما فرجموهما.

    «« توقيع د. هشام عزمي »»
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم )) مجموع الفتاوى (4/186-187) .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    آخر نشاط
    06-09-2007
    على الساعة
    09:07 AM
    المشاركات
    333

    افتراضي

    بسم الله ماشاء الله أنا مذهول بجد ، بارك الله فيك يا دكتور هشام

    «« توقيع أبـــ(تراب)ـــو »»

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    آخر نشاط
    14-10-2008
    على الساعة
    11:42 AM
    المشاركات
    111

    افتراضي

    بارك الله فيك دكتور هشام

    لقد ذبحت الشبهة من الوريد إلى الوريد

    «« توقيع العميد »»

قردةٌ في الجاهليةِ زنت فرُجمت

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

قردةٌ في الجاهليةِ زنت فرُجمت

قردةٌ في الجاهليةِ زنت فرُجمت