الخمر ليست محرمة

(يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ َتَفَكَّرُونَ) (البقرة:219)
هذا ما جاء ذكره في الخمر في كتاب الله تعالى فأول الآيات نزولا هي الأولى اعتمادا على ما تقتضيه الآية من السؤال فقال تعالى: (فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) ما هو الإثم وما هي المنافع؟

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:90)
الرجس ما هو الرجس لغة؟
هي القذارة، فهل المقصود القذارة المادية أم الحسية التي تنتج عنها هذه الأعمال؟
فإن كانت القذارة الحسية فنقول: قد أصبت. والآن كيف تحصل هذه القذارة الحسية؟ أليس بكثرة الشرب و الزيادة فيه؟ فإن كان الجواب نعم. قلنا أليس من دواعي الوجوب أن يخاطبنا الله بما نعلم إن كان يقصد التحريم ، كما حرم علينا ما جاء ذكره صراحة في الكتاب المبين بكلمة التحريم؟ فإن كان الجواب نعم، قلنا: لماذا إذا جعله طلبا واختيارا بقوله: فاجتنبوه؟


(إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة:91)

وهنا يأتي الطلب بالانتهاء لعلة وهي وقوع العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر، فإذا انتفت العلة انتفى الحكم وهو الطلب لا الأمر كما يحب البعض أن يصوره.

وكما أنه لا نسخ و منسوخ في كتاب الله وقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ...) (النساء:43)

فالخمر ليس بحرم، فالخمر فيه منافع كما جاء في الآية وفيه مضار أيضا ومضاره أكثر في حاله الإفراط فإن كان للتداوي أو غيره من غير إفراط الذي يوقع البغضاء و العداوة بين الناس حال الشرب والصلاة مع الوعي كما في الآية فلا شيء فيه وإنما الله حذرنا من الإفراط و وأرشدنا في هذه الحالة للاجتناب حتى ينتهي السبب أو العلة المانعة، لا الأمر بالتحريم الواضح لفظا كما جاء في كتاب الله مثل قوله: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الأنعام:151) .