وتأكيدًا لفهم المسألة التى تكلم عنها دكتورنا الحبيب أقول:
صوبنا دكتورنا الحبيب فى نقطة. وهى أن المفضوح لم يقف كذبه عند قصر الصفات الذاتية ( للأشاعرة أو المعتزلة وهو يخلط بينهما باستمرار ) على ثلاثة صفات ( الوجود والعلم والحياة ) .. وإنما تعدى كذبه إلى أن ( الوجود ) التى قررها كصفة ليست صفة أصلاً عندهم. وهذا ما غفلت عن الإشارة إليه.
==================================================
كتاب/ حتمية الفداء. الفصل الثاني/ الفداء في الإسلام
قال المفضوح:
والإسلام أيضا يشهد بأن الله عادل وبعدله حكم على البشرية بالموت من أجل خطاياهم كما جاء في (سورة البقرة) "من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار".
والتدليس فى حذف كلمة من أول الآية { بلى }، والسبب أنها تستلزم معرفة ما قبلها لأنها رد. وما قبلها يبين أن الكلام ليس عن أى سيئة بل عن سيئة الشرك. والتدليس فى عدم ذكر الآية التى بعدها؛ لأنها تبين أن الله لم يحكم على ( البشرية ) كلها كما زعم المفضوح، بل يدخل الجنة الذين آمنوا.
تمام السياق كاملاً: { وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82) }.
بالطبع لا يمكن للمفضوح هنا الاستشهاد بأى تفسير، ولو كان تفسيرًا مختصرًا كالجلالين الذى جاء فيه: « { بلى } تمسكم وتخلدون فيها { مَن كسب سيئة } شركا { وأحاطت به خطيئته } بالإفراد والجمع أي استولت عليه وأحدقت به من كل جانب بأن مات مشركا ».
==================================================
كتاب/ حتمية الفداء. الفصل الثانى/ الفداء في الإسلام
قال المفضوح:
الإسلام يقر أيضاً أن الله رحيم ولا بد أن يغفر الخطايا ويخلص البشر من نار جهنم ... وهذا ليس بالأمر الهين أو البسيط بل إن الإسلام يشهد بأنها مشكلة ليست هينة إذ يقول القرآن في (سورة الزمر19) "أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من فى النار". وقد فسر الإمام النسفى ذلك قائلاً:"معناه أفمن حق عليه كلمة العذاب ينجو منه (أفأنت تنقذه) أي لا يقدر أحد أن ينقذه" ... ولهذا نرى أن الإسلام يقر الفداء
التدليس هنا فى اثنتين: الأولى: فى بتر الآية من سياقها. والثانية: فى تحريف كلام النسفى.
التدليسة الأولى: كامل السياق هكذا: { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) }.
فى الجلالين: « { أفمن حق عليه كلمة العذاب } أي { لأملأن جهنم } الآية { أفأنت تنقذ } تخرج { مَن في النار } ... والمعنى: ( لا تقدر على هدايته فتنقذه من النار ) ».
فسبب التدليس أن الآية الأولى (17) تبين أن الذى حقت عليه كلمة العذاب هو من عبد الطاغوت أى المشرك. فالكلام عن تخليد المشركين فى النار، وليس عن مرتكب أى ذنب كما زعم المفضوح. والآية (18) تبين أن الكلام ليس عن البشرية كلها، بل هناك مَن هداه الله وهم يستحقون المدح. وهذا الصنف فى مقابلة مَن حق عليه كلمة العذاب (19)، يعنى أن مَن حق عليه كلمة العذاب لم يشأ الله له الهداية، فلا ينفع معه هداية النبى عليه الصلاة والسلام، لأنه ليس للهداية. أى أن الكلام عن عدم إنقاذ من رفض هداية الله، فلا ينفعه شىء. فليس هناك كفارة له كما يريد المفضوح. والآية (20) تعود فتبين جزاء الذين هداهم الله، دون الاحتياج إلى كفارة المفضوح. والمفضوح لا يريد أن يعلم ذلك قارئه بالطبع.
التدليسة الثانية: ساق المفضوح كلام النسفى هكذا:
"معناه أفمن حق عليه كلمة العذاب ينجو منه (أفأنت تنقذه) أي لا يقدر أحد أن ينقذه".
وكلام النسفى كاملاً هكذا: « { أفمن حق عليه كلمة العذاب } ينجو منه { أفأنت } تنقذه. أى: لا يقدر أحد أن ينقذ مَن أضله الله وسبق فى علمه أنه من أهل النار ».
فالتدليس هنا فى حذف عبارة « مَن أضله الله وسبق فى علمه أنه من أهل النار ». ولما كان الكلام لا يستقيم من دونها؛ لأن قبلها الفعل « ينقذ » الذى يستلزم فاعلاً، عوض المفضوح عما حذفه بإضافة ضمير الهاء فصارت الكلمة « ينقذه » تامة المعنى ظاهريًا، فلا يلتفت القارئ المسكين إلى خداع المفضوح.
وسبب التدليس أن العبارة المحذوفة تبين أن الكلام ليس عن مرتكب لأى ذنب. بل الكلام عن ( مَن أضله الله وسبق فى علمه أنه من أهل النار )، أى خلاف ما يريد المفضوح تقريره. كذلك فإن العبارة توضح أن مَن أضله الله لن ينقذه أحد من النار. وهذا يخالف عقيدة المفضوح الوثنية التى يريد نسبتها للإسلام. لأن المفضوح يريد تقرير أن الإنقاذ سيحصل فعلاً بأن يفدى الله نفسه على زعم المفضوح وأهل ملته المشركين.
فانظر كيف حرف بالحذف والإضافة، لتعلم أن قساوسة النصارى حرفتهم التحريف، ومهنتهم الكذب، كما قررنا.
==================================================
كتاب/ حتمية الفداء. الفصل الثانى/ الفداء في الإسلام.
قال المفضوح:
لقد اختلف أئمة الإسلام فى تحديد المقصود بابن إبراهيم ... وقد ذكر الإمام النسفى الرأيين فيما كتبه، وقد آثرنا أن نقتبس كلامه بالحرف الواحد إذ قال: "الذبيح إسماعيل وهو قول: أبى بكر وابن عباس وابن عمر وجماعة من التابعين رضى الله عنهم. وعن على وابن مسعود والعباس وجماعة من التابعين رضى الله عنهم أنه اسحق، ويدل عليه كتاب يعقوب إلى يوسف عليهما السلام: من يعقوب إسرائيل الله ابن اسحق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله". (تفسير النسفى جزء4 صفحة 20) وطبعاً الأرجح هو أنه اسحق لأنه ثابت بالدليل السابق ذكره ولأن رواية التوراة والإنجيل تدل على أنه اسحق.
فتأمل قول المفضوح: « نقتبس كلامه بالحرف الواحد »، لتعلم أنه فى الكذب على درجة فاجر مع مرتبة الخسة والنذالة. إليك كلام النسفى كاملاً غير منقوص:
« والأظهر أن الذبيح إسماعيل. وهو قول أبى بكر وابن عباس وابن عمر وجماعة من التابعين رضى الله عنهم؛ لقوله عليه السلام: ( أنا ابن الذبيحين ). فأحدهما جده إسماعيل. والآخر أبوه عبد الله، وذلك أن عبد المطلب نذر إن بلغ بنوه عشرة أن يذبح آخر ولده تقربًا، وكان عبد الله آخرًا ففداه بمائة من الإبل. ولأن قرنى الكبش كانا منوطين فى الكعبة فى أيدى بنى إسماعيل إلى أن احترق البيت فى زمن الحجاج وابن الزبير. وعن الأصمعى أنه قال: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح فقال: يا أصمعي أين عزب عنك عقلك ؟ ومتى كان إسحق بمكة ؟ وإنما كان إسماعيل بمكة، وهو الذى بنى البيت مع أبيه، والمنحر بمكة. وعن على وابن مسعود والعباس وجماعة من التابعين رضى الله عنهم أنه اسحق. ويدل عليه كتاب يعقوب إلى يوسف عليهما السلام: من يعقوب إسرائيل الله بن إسحق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله ».
دلس المفضوح أولاً بإخفاء قوله « والأظهر أن ... »، لأن سياق الكلام بدونهما يوهم بأن النسفى لم يرجح رأيـًا، وإنما يحكيه فقط.
ثم دلس المفضوح ثانيـًا بحذف كلام النسفى بعد الرأى الأول. لأن المحذوف يتضمن عدة أدلة ترجح أن الذبيح إسماعيل عليه السلام. والمفضوح يريد إيهام القارئ المسكين بأن ترجيح إسماعيل عليه السلام لا دليل عليه. ولذلك قال بعدها: « وطبعاً الأرجح هو أنه اسحق لأنه ثابت بالدليل السابق ذكره ».
فإذا وقفت من هذا الشاهد وما قبله، على كل تلك الألاعيب من الحذف والإضافة والتغيير، ثم جمعت إلى ذلك تصريح الكاذب هنا بأنه ينقل « بالحرف الواحد » .. علمت يقينـًا معنى تصريحهم بأن الكتاب المقدس محفوظ لم يُحرف. فإن مفهومهم عن حفظ كتابهم « بالحرف الواحد » ليس هو ما يفهمه عقلاء البشر، وإنما يجوز عندهم أن يكون الكتاب محفوظـًا « بالحرف الواحد » ومع ذلك يجرى عليه الحذف والإضافة والتغيير بلا أدنى لوم ! ..
فتحريف الكتاب عندهم لا ينافى تحريفه ! .. كما أن التوحيد عندهم لا ينافى التثليث .. والبشرية لا تنافى الألوهية .. والكمال لا ينافى النقص .. والعظمة لا تنافى الإهانة .. ومحبة المحبوب لا تنافى حب مَن يسبه .. ومحبة الأعداء لا تنافى تذبيحهم ... الخ.
إنها ديانة التناقض !
المفضلات