-
إنجيل المرأة
إنجيل المرأة
الإصحاح الأول
الحق يحرركم من ربقة الشيطان وعبوديته:
إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا ، وادَّعوا عَلَى الإسْلامِ ما ليس فيه ، ، وافتروا على المرأةِ المُسْلِمَةِ وهى أعزُّ وأكرمُ مما قالوه عنها، وهم يَعْمُونَ أبصَارَهُم عن حَضَارَتِهم، وعن كِتَابِهم، أو يتكلمون بما يجهلون، أو يرموننا بدائهم ، ظنَّاَ منهم أنَّ ذلك تجميلاً لحضارتهم ، وتحسيناً لوضع المرأة عندهم ، أو صرفاً للناس عن الإسلام ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ قدرَ الإمكان لأننى بشر ، وبنى آدم خطَّاء ، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ القارىء، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ، وتَقِف على الحقائِق عاريةً، مُجرَّدَةً من التَّعَصُّبِ والهَوى ، ولْتَحْكُم: أىُ الحَضَارَاتِ وأىُ الأدْيَانِ أَنْصَفَ المَرأَةَ وجَعَلَها تَاجاً مِن أغْلَى وأَنْقىَ المُجَوْهَرَاتِ عَلَى رَأْسِ الرَّجُلِ والْمُجْتَمَعِ ، ولو كره الناس جميعاً.
فاستقيموا كما كان معلمكم: («يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ بِالاِسْتِقَامَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ وَلاَ تَقْبَلُ الْوُجُوهَ بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ.) لوقا 20: 21
وكونوا من الصادقين كما كان معلمكم: («يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللَّهِ بِالْحَقِّ وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ.) متى 22: 16
وكونوا قضاة الحق كما أمركم معلمكم: (وَلِمَاذَا لاَ تَحْكُمُونَ بِالْحَقِّ مِنْ قِبَلِ نُفُوسِكُمْ؟) لوقا 12: 57
وكونوا أحراراً بالحق كما أمركم معلمكم: (32وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ».) يوحنا 8: 32 ، (فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً.) يوحنا 8: 36
وإلا (فوَيْلٌ لَكُمْ [أَيُّهَا الْمُكَذِّبُونَ الضَّالونَ] لأَنَّكُمْ تَتَجَاوَزُونَ عَنِ الْحَقِّ وَمَحَبَّةِ اللهِ. وكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ!) لوقا 11: 42
ولا تكونوا من زمرة الشياطين: (42فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كَانَ اللَّهُ أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ وَأَتَيْتُ. لأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي. 43لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي. 44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. 45وَأَمَّا أَنَا فَلأَنِّي أَقُولُ الْحَقَّ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي. 46مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟ 47اَلَّذِي مِنَ اللَّهِ يَسْمَعُ كلاَمَ اللَّهِ. لِذَلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ اللَّهِ».) يوحنا 8: 42-47
ولا تكونوا مثل بولس الذى كذب وخدع ونافق من أجل أن يكون شريكاً فى الإنجيل:
(7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
(16فَلْيَكُنْ. أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ. لَكِنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالاً أَخَذْتُكُمْ بِمَكْرٍ!) كورنثوس الثانية 12: 16
(19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23
بل كونوا مع الصادقين ، كونوا من المؤمنين ، الذين دعاهم الله جل وعلى إلى الحق وتحرِّى الصدق مع الله ومع الناس ومع أنفسهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة 119
والذين قال فى شأنهم: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلوةَ وَآتَى الزَّكَوةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة 177
وقال فيهم أيضاً: (قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) المائدة 119
يا أهل الكتاب! اتقوا الله ، ولا تخشوْا إلا إيَّاه! يا أهل الكتاب ، لا تكذبوا على الله! (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ) الزُّمَر 32
يا أهل الكتاب! فهذه دعوة للصدق واتِّباعه. (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت 3
واتقوا يوماً قال عنه الرحمن: (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا) الأحزاب 8
انظروا ماذا قال الله فى عباده الصادقين! (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) الأحزاب 23-24
وانظروا ماذا أعد الله لهم فى الآخرة! (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ) الزُّمَر 32-36
الإصحاح الثانى
سبب تسمية الكتاب بهذا الاسم:
لقد استعرت اسم هذا الكتاب من الكاتبة K. Armstrong (كارين أرمسترونج) مؤلفة كتاب The Gospel according to woman ، وقد جاء كتابها دراسة وثائقية مدعمة بالأسانيد والشواهد والنصوص عن هذا الموضوع الحيوى الخطير ، وقد كانت الكاتبة احدى الراهبات عدة سنوات ، ثم التحقت بالدراسات العليا بجامعة أوكسفورد.
ولقد أوردت سبب تسميتها للكتاب بهذا الاسم ، كما يقول الكاتب الفذ ـ جعله الله فى ميزان حسناته ـ اللواء المهندس أحمد عبد الوهاب: (لقد أسميت هذا الكتاب (إنجيل المرأة) لأنه يحكى قصة الحياة التى عاشتها النساء من خلال إنجيل يسوع المسيح. إن كلمة (إنجيل) تعنى ، طبعاً ، أخباراً سارة ، ولكن على الرغم من أن المسيحية فى فجر تاريخها قد قدمت للمرأة رسالة إيجابية ، إلا أنه يجب القول أنه منذ القرن الثانى ، لم تكن المسيحية أخباراً سارة للنساء على الإطلاق. فقد كانت مدمرة لهن إلى أقصى حد ، على الرغم من وجود عناصر فى أنماط التفكير والمشاعر المسيحية التى كان يمكن استخدامها بأفضل مما كان.) انتهى قول الكاتبة.
الإصحاح الثالث
المرأة عند الشعوب البدائية:
كانت الفتاة فى الشعوب البدائية حين تبلغ طور المراهقة، تُعزَل فلا تكلم أحداً غير أمها، ولا تكلمها إلا بصوت خفيض ، كما أن الولد إذا وصل إلى مرحلة البلوغ يأخذونه ليغتسل فى بعض العيون المقدسة ، وذلك لكى يخلص من روائح الأنوثة التى علقت به من مصاحبته لأمه.
الإصحاح الرابع
المرأة عند الهنود القدماء:
كانت المرأة عند الهنود القدماء تعتبر مخلوقاً نجساً ، ولم يكن للمرأة فى شريعة مانو حق فى الاستقلال عن أبيها أو زوجها أو ولدها ، فإذا مات هؤلاء جميعاً وجب أن تنتمى إلى رجل من أقارب زوجها ، وهى بذلك قاصرة طيلة حياتها ، ولم يكن لها حق فى الحياة بعد وفاة زوجها ، وكانت إذا مات عنها زوجها تُحرَق مع جثته بالنار المقدسة ، بل إن بعض القبائل الهندية القديمة كانت لا تراها أهلاً لتُحرَق مع جثة زوجها باعتبارها المخلوق النجس، ولذلك كانوا يرون دفنها حية أو حرقها بعد موت زوجها. فإذا كان للرجل أكثر من زوجة دُفِنَّ جميعاً أو حُرِقْنَ جميعاً.
وفى حياة الزوج كان له أن يُطلِّق الزوجة متى شاء وكيف شاء ، أما هى فليس لها الحق فى أن تطلب الطلاق من زوجها مهما يكن من أمر الزوج ، حتى لو أصيب بأمراض تمنع من أهليته للحياة الزوجية.
وقد لقيت الحكومات الهندية أشد الفتن من مجتمعاتها ، خاصة من رجال الدين الهنود، حين حاولت القضاء على مثل هذه العادات المسترذلة والتى استمرت تهضم حقوق المرأة وكيانها حتى القرن السابع عشر.
وفى شرائع الهندوس أنه: (ليس الصبر المقدر ، والريح ، والموت ، والجحيم ، والسم ، والأفاعى ، والنار، أسوأ من المرأة)
(ويذكر جوستاف لوبون أن المرأة فى الهند (تُعِّد بعلها ممثلاً للآلهة فى الأرض ، وتُعَدُّ المرأة العزب، والمرأة الأيم، على الخصوص من المنبوذين من المجتمع الهندوسى، والمنبوذ عندهم فى رتبة الحيوان، والمرأة الهندوسية إذا فقدت زوجها ظلت فى الحداد بقية حياتها، وعادت لا تُعامَل كإنسان، وعُدَّ نظرها مصدراً لكل شؤم على ما تنظر إليه، وعدت مدنسة لكل شىء تلمسه، وأفضل شىء لها أن تقذف نفسها
فى النار التى يحرق بها جثمان زوجها ، وإلا لقيت الهوان الذى يفوق عذاب النار.)
الإصحاح الخامس
المرأة فى الصين:
كانت المرأة فى الصين لا تقل مهانة أو مأساة عن بقية المجتمعات ، فكانت النظرة إليها واحدة ، ويظهر مدى امتهان المرأة فى المثل الصينى الذى يقول: إن المرأة كالكرة ، كلما ركلتها برجلك ارتفعت إلى أعلى.
وشبهت المرأة عندهم بالمياه المؤلمة التى تغسل السعادة والمال ، وللصينى الحق فى أن يبيع زوجته كالجارية، وإذا ترملت المرأة الصينية أصبح لأهل الزوج الحق فيها كإرث، وللصينى الحق فى أن يدفن زوجته حية.
الإصحاح السادس
المرأة عند المصريين القدماء:
إن البلاد الوحيدة التى نالت فيها المرأة بعض الحقوق قديماً هى مصر الفرعونية ، إذ كان لها أن تملك ، وأن ترث ، وأن تقوم على شئون الأسرة فى غيبة الزوج ، ولكن مع ذلك فقد كان الرجل سيداً على المرأة خاصة زوجته ، ولكن ليس بالفهوم الذى رأيناه أنه يملكها وله الحق فى بيعها أو قتلها ، ولكن بمعنى أنه قيِّمٌ عليها وعلى بيته.
الإصحاح السابع
المرأة الكلدانية:
كانت المرأة الكلدانية خاضعة خضوعاً تاماً لرب الأسرة ، وكان للوالد الحق فى أن يبذل زوجته أو ابنته لسداد دينه ، وكانت المرأة تحتمل وحدها الأعباء المنزلية ، فتذهب كل يوم لجلب الماء من النهر أو البئر ، وتقوم وحدها بطحن الحبوب بالرحى وإعداد الخبز ، كما تقوم بغزل ونسج وحياكة الملابس. وهذا كان حالها فى الطبقات الفقيرة.
أما فى الطبقات الموسرة فكانت المرأة لا تخرج من منزلها ، بل يقوم على خدمتها فى المنزل خدم وحشم. وأما نساء الملوك الكلدانيين فكان لا يُسمَح لأحد برؤيتهن ولا التحدث إليهن أو حتى التحدث عنهن.
وكان من حق الرجل طلاق زوجته متى أراد أما المرأة فإذا أبدت رغبة فى الطلاق
من زوجها طُرِحَت فى النهر لتغرق ، أو طردَت فى الشوارع نصف عارية لتتعرض للمهانة والفجور.
وقد روى هيرودوت المؤرخ اليونانى القديم أن كل امرأة كلدانية كان عليها فى مدينة بابل أن تذهب إلى الزهرة الإلهة (مليتا) ليواقعها أجنبى حتى ترضى عنها الإلهة. ولم يكن من حقها أن ترد من يطلبها كائناً من كان ، ما دام أول رجل يرمى إليها بالجعالة [المال المبذول والذى كان يُعتبر حينئذ مالاً مقدساً] ثم ترجع بعد ذلك إلى منزلها لتنتظر الزوج.
وكانت إذا تزوجت ولم تحمل لفترة طويلة اعتبرت أنها أصابتها لعنة الآلهة أو أصابها مس من الشيطان فتصبح فى حاجة إلى الرقى والطلاسم ، فإذا ضلت عاقراً بعد ذلك فلابد من موتها للتخلص منها.
وهذا أقرب ما يكون للقانون اليهودى عند إصابة أحد بالمس فإنه يُقتَل رجلاً كان أم امرأة: (27«وَإِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ».) لاويين 20: 27
وكان معبد الإلهة (عشتروت) فى بابل القديمة يمتلىء من العاهرات اللائى يتقدمن إلى زائرى المعبد. كما كان على كل امرأة أن تتقدم مرة على الأقل إلى معبد فينوس ليواقعها أى زائر فى المعبد. وكانت الفتيات من الصين واليابان وغيرهما من بلاد العالم يتقدمن إلى الكهنة فى المعابد ، وكان من الشرف الكبير أن يواقعها الكاهن الذى هو ممثل الإلهة على الأرض. وكان هذا النوع من البغاء يُعرَف بالبغاء الدينى.
وهو قريب من قول نيكولاوس فون كليمانجيس Nikolaus von Clemanges (أحد علماء اللاهوت وعميد جامعة باريس سابقا: (أن تترهبن المرأة اليوم فمعنى هذا أنها أسلمت نفسها للعهارة).
وقد سبقه فى مثل هذا القول دومبريديجر جايلر فون قيصربرج Domprediger Geiler von Kayserberg (إن المرأة فى الدير ليست إلا عاهرة)
وقد شاع المثل الشعبى فى العصور الوسطى القائل: (من لفت رأسها ، عرت بطنها ، وهذه عادة كل الراهبات)
وقد اقترح أوجستين عام 388 قانون يمنع أن يدخل شاب على الراهبات أما العجائز
المُسنَّات فيسمح لهم بالدخول حتى البهو الأمامى فقط من الدير، ولأن الراهبات كُنَّ فى حاجة إلى قسيس للصلاة بهن ، فقد سمح القيصر جوستنيان فقط للرجال الطاعنين فى السن أو المخصيين بالدخول إليهن والصلاة بهن. حتى الطبيب لم يُسمَح له بالدخول إلى الراهبات وعلاجهن إلا إذا كان طاعناً فى السن أو من المخصيين. وحتى المخصصين فقدوا الثقة فيهم، لذلك قالت القديسة باولا: على الراهبات الهرب ليس فقط من الرجال، ولكن من المخصيين أيضاً. (ص 136 لديشنر)
وكان من يقتل بنتاً يُفرَض عليه أن يقدم ابنته لأهل القتيلة يقتلونها أو يملكونها. وإذا لم يُثمر الزواج مولوداً خلال عشر سنين يُعتبر العقد فيه مفسوخاً. وكان للرجل حق قتل أولاده وبيعهم. ولم يحرَّم ذلك إلا فى القرن الخامس قبل الميلاد. ولم تكن المرأة لترث، فإذا لم يكن هناك ذكور من أسرة الموروث ورثوا الذكور من أسرة زوجته ولكن زوجته لا ترث.
الإصحاح الثامن
المرأة عند اليونان:
كانت اليونان فى قديم الزمان أكثر الأمم حضارة ومدنية. وكانت أثينا مدينة الحكمة والفلسفة والطب والعلم ، ومع هذا كانت المرأة عندهم مُحتقرة مهينة ، مثل أى سلعة تباع وتُشترى ، مسلوبة الحقوق ، محرومة من حق الميراث وحق التصرف فى المال ، بل أكثر فقد سموها رجساً من عمل الشيطان ، ولم يسمحوا لها إلا بتدبير شئون البيت وتربية الأطفال. وكان الرجل فى أثينا يُسمَح له أن يتزوج أى عدد يريده من النساء ، بلا قيد ولا شرط.
ومما يُذكر عن فيلسوفهم سقراط قوله: (إن وجود المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار فى العالم ، إن المرأة تشبه شجرة مسمومة ، حيث يكون ظاهرها جميلاً ، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت من فورها.)
كما كان لزوجها الحق فى بيعها وأن تظل عند المشترى فترة تحت التجربة ، كما كان لزوجها الحق فى قتلها إذا اتهمت ولو بمجرد النظر إلى شخص غريب ولا مسئولية عليه فى ذلك. ومع هذا فإن له الحق فى أن يزنى فى منزل الزوجية ، وليس لزوجته حق الاعتراض ، كما أن حق الطلاق مكفول له متى شاء وكيف شاء. ومع ذلك فإنها تظل بعد طلاقها منه مقيدة برأيه فى زواجها لمن يريده. ويوصى عند موته بزواجها ممن يرتضيه هو وليس لها أو لأحد من أهلها حق الاعتراض.
وتذكر الأساطير اليونانية أن المرأة هى سبب الأوجاع والآلام للعالم كله ، وذلك لأن
الناس فى اعتقادهم كانوا يعيشون فى أفراح ولا يعرفون معنى الألم ولا الحزن ، ولكن حدث أن الآلهة أودعت أحد الناس صندوقاً وأمرته ألا يفتحه ، وكان له زوجة تُسمَّى (باندورا) مازالت تغريه بفتحه حتى فتحه فانطلقت منه الحشرات. ومنذ تلك اللحظة أُصيب الناس بالآلام والأحزان. فلهذا كانت المرأة سبباً فى الكوارث التى حلت بالبشرية كلها نتيجة لفضول المرأة وإغراء زوجها بالعصيان.
ولعلنا نلحظ شبهاً فى هذه الرواية بما تحدث عنه سفر التكوين من إغواء حواء لآدم بالأكل من الشجرة المحرمة بعد أن أغوتها الحية: (6فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ. .. .. .. 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ».) تكوين 3: 6-12
وكان أرسطو يعيب على أهل إسبرطة التهاون مع النساء ومنحهن بعض الحقوق ، بل إن سقراط كان يعزو سقوط إسبرطة إلى منحها الحرية للنساء. على الرغم من أن هذه الحرية لم تنالها النساء إلا لإنشغال الرجال الدائم فى الحروب.
أما المرأة فى إسبرطة فكانت تستمتع بحرية لا يُسمَح بها للرجل ، ولكن حرية هى إلى الدعارة أقرب ، فكان لها أن تتزوج أكثر من رجل واحد فى القوت الذى كان يُحرَّم فيه على الرجل أن يتزوج من امرأة واحدة إلا فى الحالات الضرورية جداً.
ومن الغريب أن يرى الفيلسوف اليونانى أفلاطون شيوعية النساء ، وإلغاء نظام الأسرة على أن تتكفل الدولة بتربية الأبناء.
(ويحدثنا التاريخ عن اليونان فى إدبار دولتهم كيف فشت فيهم الفواحش والفجور ، وعُدَّ من الحرية أن تكون المرأة عاهراً ، وأن يكون لها عُشَّاق ، ونصبوا التماثيل للغوانى والفاجرات ، وقد أفرغوا على الفاحشة ألوان القداسة بإدخالها المعابد ، حيث اتخذ البغاء صفة التقرب إلى آلهتهم ، ومن ذلك أنهم اتخذوا إلهاً أسموه (كيوبيد) أى (ابن الحب) ، واعتقدوا أن هذا الإله المزعوم ثمرة خيانة إحدى آلهتهم (أفروديت) لزوجها مع رجل من البشر)
ولم يكن يُسمَح بتعليم المرأة اليونانية الحرة ، إنما كان التعليم قاصراً على البغايا. حتى كان الرجل الذى يكره الجهل فى المرأة يلجأ إلى البغى.
الإصحاح التاسع
المرأة فى قانون حمورابى:
كانت المرأة تُحسَب فى عِداد الماشية المملوكة ، ومن قتل بنتاً لرجل كان عليه أن يُسلِم ابنته ليقتلها أو يمتلكها أو يبيعها إن شاء.
وفى تشريع حمورابى ، أُعْطىَ للمرأة بعض الحقوق ، وإن كان هذا التشريع لم يمنع اتخاذ الخليلات إلى جانب الزوجات فى الوقت الذى يقرر قيه إفرادية الزوجة. وقد ظل هذا القانون يمنح الرجل السيادة المطلقة على المرأة ، وإن كان قد منح الزوجة حق الطلاق إذا ثبت إلحاق الضرر بها. أما إذا طلبت الطلاق ، ولم يثبت الضرر فتُطرَح فى النهر ، أو يُقضى عليها بالحرق. كما أنها إذا نشزت عن زوجها بدون إشارة منه تُغرَق ، والمرأة المسرفة تُطلَّق أو يستعبدها زوجها.
الإصحاح العاشر
المرأة عند الرومان:
أما المرأة الرومانية فقد كانت تقاسى انتشار تعدد الزوجات عند الرومان فى العرف لا فى القانون ، ولكن (فالنتْيَان الثانى) العاهل الرومانى قد أصدر أمرأ رسمياً أجازَ فيه لكل رومانى أن يتزوج أكثر من امرأة إذا شاء. الأمر الذى لم يستنكره رؤساء الدين من الأساقفة ، وقد حذا حذو (فالنتْيَان الثانى) كل من أتى بعده.
واستمر تعدد الزوجات منتشراً بين الرومانيين حتى أتى (جوستنيان) ، فسنَّ قوانين تمنع تعدد الزوجات. إلا أن الرجال من الرومانيين استمروا على عاداتهم فى التزوج بأكثر من امرأة ، واستمر الرؤساء والحكام يرضون شهواتهم بالإكثار من الزوجات.
وتساهل رجال الدين ، وسمحوا للراغبين فى التزوج بأكثر من واحدة بتحقيق رغباتهم ومطالبهم. فكان الرئيس الدينى يعطى ترخيصاً بذلك لمن يريد. واستمر تعدد الزوجات عندهم أسوة بأنبيائهم وكتابهم المقدس (العهد القديم) ، واستمر رجال الكنيسة يُجيزون تعدد الزوجات حتى منتصف القرن الثامن عشر ، ولم يمنعوا التعدد إلا بعد هذا القرن .
وكانت المرأة عندهم تُبَاع وتُشتَرى كأى سلعة من السلع ، كما أن زواجها كان يتم أيضاً عن طريق بيعها لزوجها. وكان لهذا الزوج بعد ذلك السيادة المطلقة عليها. ولم يكن يُنظَر إلى المرأة كأنها ذو روح بل كانت تُعتَبر مخلوقاً بغير روح ، ولهذا كان يُحرم عليها الضحك والكلام إلا بإذن. كما كان بعضهم يُغالى أحياناً فيضع فى فمها قفلاً من حديد ، كانوا يسمونه الموسيلير Moselier ، وكانوا يحرمون عليها أحيانا أكل اللحوم كما كانت تتعرض لأشد العقوبات البدنية باعتبارها أداة للغواية وأحبولة من حبائل الشيطان. وكان للرجل أن يتزوج من النساء ما يشاء ويتخذ من الخليلات ما يريد.
وكانت الزوجة تكلف بأعمال قاسية وكان من حق الزوج بيعها أو التنازل عنها للغير أو تأجيرها ، ولما اعتنق الرومان المسيحية أصبح للزوجة الأولى بعض الميراث ـ أما بقية الزوجات فكنَّ يُعتَبرن رفيقات. والأبناء منهن يُعاملن معاملة أبناء الزنا اللقطاء ، ولذلك لا يرثون ويُعتبرون منبوذين فى المجتمع.
ومن عجيب ما ذكرته بعض المصادر أن ما لاقته المرأة فى العصور الرومانية تحت شعارهم المعروف "ليس للمرأة روح" تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها ، وربطها بالأعمدة ، بل كانوا يربطون البريئات بذيول الخيول ، ويسرعون بها إلى أقصى سرعة حتى تموت.
الإصحاح الحادى عشر
المرأة عند الفرس:
وكانت المرأة عند الفرس قبل الإسلام يُنظر إليها نظرة كلها احتقار. وقد استمرت مهضومة الحق ، مجهولة القدر ، مظلومة فى المعاملة ، حتى أنقذها الإسلام.
وقد ذكر هيرودوت المؤرخ اليونانى القديم أنه كان من آلهة الفرس القديمة إلهة تُسمى (عشتار) ، وهى عندهم بمثابة إلهة الحب والجمال والشهوة والأنسال ، وكانت تُسمِّى نفسها إلهة العهر أو العاهر الرحيمة. وكان القربان الذى يُقدَّم لها هو الفتيات الأبكار ، فكنَّ يذهبن إلى معبد الإلهة ، وكان كل رجل تعجبه فتاة يلقى فى حجرها قطعة من فضة ، ثم يقوم بفض بكارتها.
وقد أُبيح للرجل الفارسى (الزواج بالأمهات والأخوات والعمَّات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، وكانت تُنفى الأنثى فى فترة الطمث إلى مكان بعيد خارج المدينة، ولا يجوز لأحد مخالطتها إلا الخدام الذين يقدمون لها الطعام ، وفضلاً عن هذا كله فقد كانت المرأة الفارسية تحت سيطرة الرجل المطلقة ، يحق له أن يحكم عليها بالموت ، أو يُنعم عليها بالحياة.)
فقد تزوج يزدجرد الثانى ، الذى حكم أواسط القرن الخامس الميلادى ، ابنته ثم قتلها.
وقد تزوج بهرام جوبين ، الذى تملك فى القرن السادس ، بأخته. وقد برر هؤلاء تلك
الأعمال المشينة بأنها قربى إلى الله تعالى ، وأن الآلهة أباحت لهم الزواج بغير استثناء.
الإصحاح الثانى عشر
المرأة العربية فى الجاهلية قبل الإسلام:
كانت المرأة عند بعض العرب فى الجاهلية تعدُّ جزءاً من ثروة أبيها أو زوجها. وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير وإن كان ذكرا ، وكان ابن الرجل يرث أرملة أبيه بعد وفاتها. وكان العرب قبل الإسلام يرثون النساء كرهاً ، بأن يأتى الوارث ويلقى ثوبه على زوجة أبيه ، ثم يقول: ورثتها كما ورثت مال أبى ، إلا إذا سبقت ابنها أو ابن زوجها بالهرب إلى بيت أبيها ، فليس له أن يرثها. فإذا أراد أن يتزوجها تزوجها بدون مهر ، أو زوجها لأحد عنده وتسلَّمَ مهرها ممن تزوجها ، أو حرَّمَ عليها أن تتزوج كى يرثها بعد موتها.
فمنعت الشريعة الإسلامية هذا الظلم / وهذا الإرث ، قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا) النساء 19
فهذه الآية نهت عن عادة الجاهلية من إرث الرجل نساء أقربائه.
وكان العرب فى الجاهلية يمنعون النساء من الزواج ، فالابن الوارث كان يمنع زوجة أبيه من التزوج ، كى تعطيه ما أخذته من ميراث أبيه ، والأب يمنع ابنته من التزوج حتى تترك له ما تملكه ، والرجل الذى يُطلِّق زوجته يمنع مطلقته من الزواج حتى يأخذ منها ما يشاء ، والزوج المبغض لزوجته يسىء عشرتها ولا يطلقها حتى ترد إليه مهرها. فحرم الإسلام هذه الأمور كلها بقوله جل شأنه:
(وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنّ) النساء 19
وكانوا لا يعدلون بين النساء فى النفقة ولا المعاشرة ، فأوجب الإسلام العدالة بينهن:
(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء 19
ومنع تعدد الزوجات إذا لم يتأكد الرجل من إقامة العدل بينهن، فقال تعالى:
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) النساء 3
وكان الرجل قبل الإسلام إذا تزوج بأخرى ، رمى زوجته الأولى فى عرضها ، وأنفق ما أخذه منها على زوجته الثانية ، أو المرأة الأخرى التى يريد أن يتزوجها ، فحرم الإسلام على الرجل الظلم والبغى فى قوله عز وجل:
(وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) النساء 20
وكانت المرأة قبل الإسلام تُعَد متاعاً من الأمتعة ، يتصرف فيها الزوج كما يشاء ، فيتنازل الزوج عن زوجته لغيره إذا أراد ، بمقابل أو بغير مقابل ، سواء أقبلت أم لم تقبل. كما كانوا يتشاءمون من ولادة الأنثى ، وكانوا يدفنونهن عند ولادتهن أحياء، خوفاً من العار أو الفقر ، فقال الرحمن الرحيم:
(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ ساءَ مَا يَحْكُمُونَ)النحل58-59
وكان أحدهم إذا أراد نجابة الولد حمل امرأته ـ بعد طهرها من الحيض ـ إلى الرجل النجيب كالشاعر والفارس ، وتركها عنده حتى يستبين حملها منه ، ثم عاد بها إلى بيته، وقد حملت بنجيب!
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: (كما كانوا يُكرهون إماءهم على الزنا ، ويأخذون أُجورهم.)
وكان من المأكولات ما هو خالص للذكور ومحرَّم على الإناث.
الإصحاح الثالث عشر
عيسى عليه السلام والناموس (الشريعة):
كان عيسى يعمل بناموس موسى عليهما السلام ، وكان اليهود يستفتونه ويختبرونه فى الناموس ، بل كان يُعلِّم أتباع موسى عليه السلام الناموس داخل معبدهم ، فقد كان هو الذى يقوم بتدريس التوراة لليهود كافة من رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين إلى عامة الشعب. فمن المستحيل أن يأتى بدين جديد ، ثم يذهب إلى أماكن العبادة الخاصة بأتباع دين آخر لينشر دعوته هناك.
ألم يأمر من سأله عما يفعل ليرث الخلود فى الجنَّة بالإلتزام بالناموس قائلاً:
(34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعاً 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 34-40
وها هو هنا يشتم الكتبة والفريسيين ويتهمهم بالنفاق والرياء دفاعاً عن الناموس:
(23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ.) متى 23: 23
وكان يُعلِّم جميع الشعب اليهودى الشريعة والناموس ، إذ لا يُعقل أن يأتى صاحب ديانة أخرى ويدرسها فى مكان العبادة الخاصة بطائفة أخرى غير طائفته:
(2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ.) يوحنا 8: 2-6
ولم يجدوا ما يتهمونه به ، إذاً فقد كان حافظاً للناموس متبعاً له.
وكذلك التزمت أمه مريم البتول بالناموس:
(22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ 23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ. 24وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ.) لوقا 2: 22-24
وأمر من أتى ليجربه أن يتبع ما هو مكتوب فى الناموس:
(25وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 26فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» 27فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». 28فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا».) لوقا 10: 25-28
وأمر الرجل الأبرص أن يتطهَّر على شريعة موسى:
(12وَكَانَ فِي إِحْدَى الْمُدُنِ. فَإِذَا رَجُلٌ مَمْلُوءٌ بَرَصاً. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». 13فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ. 14فَأَوْصَاهُ أَنْ لاَ يَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ «امْضِ وَأَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ كَمَا أَمَرَ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ») لوقا 5: 12-14
وأكد صراحة أنه لم يأت إلا متبعاً للناموس:
(17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
وقال يعقوب رئيس الحواريين من بعده:
(10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
كذلك لفظ معلم الذى كان ينادى به ، وطالب أتباعه أن يُنادوه به فهو نفس اللفظ الذى اتخذه أبناء هارون بنى لاوى ، الذين كانوا مخصصين لتدريس الدين ولشرح العقيدة فى المعبد. فهو إذن كان ملتزم بالناموس والشريعة لأنه كان شارحاً لها: (8وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ وَأَنْتُمْ جَمِيعاً إِخْوَةٌ. 9وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَباً عَلَى الأَرْضِ لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 10وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ.) متى 23: 8-10
كذلك قميصه غير المخاط المذكور عند يوحنا لم يكن يلبسه إلا الكهنة اللاويّون الذين كانوا يدرسون الشريعة والناموس فى المعبد:
(23ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْماً. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضاً. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ.) يوحنا 19: 23
وكذلك مناداة مريم له بكلمة (ربونى) ، فلم يأخذ هذا الإسم إلا اللاويون:
(16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ.) يوحنا 20: 16
بل لعن من لا يفهم الناموس:
(49وَلَكِنَّ هَذَا الشَّعْبَ الَّذِي لاَ يَفْهَمُ النَّامُوسَ هُوَ مَلْعُونٌ».) يوحنا 7: 49
ألم يسأله أحد الناس أن يُقسِّم الميراث بينه وبين أخيه (تبعاً للشريعة الموسوية)؟
ألم يطالبه اليهود برجم المرأة (تبعاً للشريعة الموسوية) التى ادعوا عليها الزنى؟
ألم يحتفل عيسى عليه السلام بعيد الفصح (تبعاً للشريعة الموسوية)؟
-
الإصحاح الرابع عشر
المرأة فى اليهودية:
(كانت بعض الطوائف اليهودية تعتبر البنت فى مرتبة الأَمَة، وكان لأبيها الحق فى أن يبيعها قاصرة، وما كانت ترث مع وجود أخ لها، أو ما كان يتبرع لها به أبوها فى حياته، فقد كان الميراث للذكر فقط، وحين تُحرَم البنت من الميراث لوجود أخ لها ذكر ، ويُثبَت لها على أخيها النفقة والمهر عند الزواج ، وإذا كان الأب قد ترك عقاراً فيعطيها من العقار ، أما إذا ترك مالاً منقولاً فلا شىء لها من النفقة والمهر ، ولو ترك القناطير المقنطرة.)
(15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
وإذا آل الميراث إلى البنت لعدم وجود أخ لها ، لم يجز لها أن تتزوج من سبط آخر ، ولا يحق لها أن تنقل ميراثها إلى غير سبطها ، واليهود يعتبرون المرأة لعنة ، لأنها أغوت آدم ، وعندما يصيبها الحيض لا يُجالسونها ولا يؤاكلونها ولا تلمس وعاء حتى لا يتنجس. وكان بعضهم ينصب للحائض خيمة ، ويضع أمامها خبزاً وماءً ، ويجعلها فى هذه الخيمة حتى تطهر.
الإصحاح الخامس عشر
المرأة فى عيون عيسى عليه السلام:
يقول ديشنر فى كتابه ص 61 تحت عنوان هذا العنوان المكتوب أعلاه: (كان يسوع يتعامل مع النساء بحرية تامة ، ولم ينظر إليها نظرة دونية ، ولم يعتبرها صاحبة الخطيئة الأزلية ، ولم يحتقر امرأة قط ، الأمر الذى ينفى تماماً أسطورة الخطيئة الأزلية ، بل كانت ضمن تلاميذه ، كما كانت فيما بعد بين صحابته وتابعيه ، وربما كن أكثر عددا من الرجال ، الأمر الذى جعل اليهود يتهمون يسوع (تبعاً لأحد النسخ القديمة للوقا) بأنه يُفسِد النساء والأطفال.) أ.هـ
فكم من النساء المؤمنات كن يتبعنه! (40وَكَانَتْ أَيْضاً نِسَاءٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ بَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ الصَّغِيرِ وَيُوسِي وَسَالُومَةُ 41اللَّوَاتِي أَيْضاً تَبِعْنَهُ وَخَدَمْنَهُ حِينَ كَانَ فِي الْجَلِيلِ. وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ اللَّوَاتِي صَعِدْنَ مَعَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) مرقس 15: 40
كذلك حضر عُرس قانا ، وكانت أمه موجودة ، ولا شك أيضاً أنه كانت هناك أخريات أيضاً معه، ولم يَقُل بنجاسة المرأة وإنها عليها أن تعتزل الحياة ، ولم يُهمِّش دورها.
وقد امتدح على مرأى ومسمع من تلاميذه سلوك الأرملة الفقيرة التى ألقت فلسين فى الخزانة: (42فَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ. 43فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ 44لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا. وَأَمَّا هَذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا كُلَّ مَعِيشَتِهَا».) مرقس 12: 42-44
ولم يُفرِّق بين المرأة اليهودية والسامرية ، بل إنه تخطَّى النواهى والمحرمات التقليدية الموروثة عن الديانة اليهودية ، عندما بادر المرأة السامرية ووقف يتحدث ، وطلب منها أن يشرب: (7فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» - 8لأَنَّ تلاَمِيذَهُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبْتَاعُوا طَعَاماً. 9فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ.) يوحنا 4: 7-9
و(27وَعِنْدَ ذَلِكَ جَاءَ تلاَمِيذُهُ وَكَانُوا يَتَعَجَّبُونَ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ امْرَأَةٍ. وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: مَاذَا تَطْلُبُ أَوْ لِمَاذَا تَتَكَلَّمُ مَعَهَا.) يوحنا 4: 27
وفضلاً عن ذلك كله فقد ظهر يسوع أول ما ظهر لمريم المجدلية (أى لإمرأة) التى كان قد أخرج منها بإصبع الله وقوته سبعة شياطين. ولم يستطع أن يتركها تبكيه ، فظهر لها وناداها ليدخل عليها السرور: (11أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجاً تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ 12فَنَظَرَتْ ملاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِداً عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعاً. 13فَقَالاَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟» قَالَتْ لَهُمَا: «إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ». 14وَلَمَّا قَالَتْ هَذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ وَأَنَا آخُذُهُ». 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ.) يوحنا 20: 11-16
وكذلك لم يُهين المرأة التى أتى بها اليهود (الكتبة والفريسيون) ، وشهدوا عليها بالزنا ، بل صدقها فى أقوالها وكذَّبَ شهادة الرجال عليها:
(1أَمَّا يَسُوعُ فَمَضَى إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ. 2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» 8ثُمَّ انْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ. 10فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» 11فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً».) يوحنا 8: 1-11
وكم كان يهتم بالمرأة وصحتها! وكم من السيدات قام بإشفائهنَّ! بل إن عدد النساء التى قام بإشفائهن ليفوق عدد الرجال! (2وَبَعْضُ النِّسَاءِ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ الَّتِي تُدْعَى الْمَجْدَلِيَّةَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ وَيُوَنَّا امْرَأَةُ خُوزِي وَكِيلِ هِيرُودُسَ وَسُوسَنَّةُ وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ يَخْدِمْنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ) لوقا 8: 2
كما قَبِلَ دعوة امرأة فى بيتها ، بل واصطحب تلاميذه ليعلمهم كيفية معاملة المرأة! (38وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ دَخَلَ قَرْيَةً فَقَبِلَتْهُ امْرَأَةٌ اسْمُهَا مَرْثَا فِي بَيْتِهَا. 39وَكَانَتْ لِهَذِهِ أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَمَ الَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَكَانَتْ تَسْمَعُ كَلاَمَهُ. 40وَأَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُرْتَبِكَةً فِي خِدْمَةٍ كَثِيرَةٍ فَوَقَفَتْ وَقَالَتْ: «يَا رَبُّ أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدِمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُعِينَنِي!» 41فَأَجَابَ يَسُوعُ: «مَرْثَا مَرْثَا أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ 42وَلَكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».) لوقا 10: 38
يواصل ديشنر فيقول: (فقد كان يسوع يتحدث مع النساء ، الأمر الذى كان يُعَدُّ من الأمور غير اللائقة ، مما دفع تلاميذه يتعجبون [27وَعِنْدَ ذَلِكَ جَاءَ تلاَمِيذُهُ وَكَانُوا يَتَعَجَّبُونَ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ امْرَأَةٍ. وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: مَاذَا تَطْلُبُ أَوْ لِمَاذَا تَتَكَلَّمُ مَعَهَا. يوحنا 4: 27]
كما كسر حفظه لتقديس يوم السبت من أجل امرأة ، وقام بإشفاء سيدات كثيرات ، وقد شكرنه على صنيعه هذا معهن ، وساعدنه) انتهى كلامه ، ثم ذكر الإشارات المرجعية لكلامه من نصوص الإنجيل ، وسأذكرها كاملة:
(10وَكَانَ يُعَلِّمُ فِي أَحَدِ الْمَجَامِعِ فِي السَّبْتِ 11وَإِذَا امْرَأَةٌ كَانَ بِهَا رُوحُ ضُعْفٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَتْ مُنْحَنِيَةً وَلَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَنْتَصِبَ الْبَتَّةَ. 12فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ دَعَاهَا وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضُعْفِكِ». 13وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ فَفِي الْحَالِ اسْتَقَامَتْ وَمَجَّدَتِ اللهَ. 14فَرَئِيسُ الْمَجْمَعِ وَهُوَ مُغْتَاظٌ لأَنَّ يَسُوعَ أَبْرَأَ فِي السَّبْتِ قَالَ لِلْجَمْعِ: «هِيَ سِتَّةُ أَيَّامٍ يَنْبَغِي فِيهَا الْعَمَلُ فَفِي هَذِهِ ائْتُوا وَاسْتَشْفُوا وَلَيْسَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ» 15فَأَجَابَهُ الرَّبُّ: «يَا مُرَائِي أَلاَ يَحُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ثَوْرَهُ أَوْ حِمَارَهُ مِنَ الْمِذْوَدِ وَيَمْضِي بِهِ وَيَسْقِيهِ؟ 16وَهَذِهِ وَهِيَ ابْنَةُ إِبْرَهِيمَ قَدْ رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَلَّ مِنْ هَذَا الرِّبَاطِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ؟» 17وَإِذْ قَالَ هَذَا أُخْجِلَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا يُعَانِدُونَهُ وَفَرِحَ كُلُّ الْجَمْعِ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ الْمَجِيدَةِ الْكَائِنَةِ مِنْهُ.) لوقا 13: 10-17
وهذا كان من المواقف الإنسانية الجديدة التى خالف بها عيسى عليه السلام التراث الثقافى
الموروث فى عصره أنه يُعالِج المرأة التى ظلت تنزف اثنتى عشرة سنة ، وكانت فى
نظر اليهود نجسة لا يجوز أن يلمسها أحد ، تماماً كالمرأة الحائض التى لا يجوز مصافحتها ، ولم يصبح عيسى عليه السلام نجساً للمساء لملامستها ثوبها ، واستمر فى التعليم فى المعبد ، ولم يرد أنه أصبح نجساً وعلَّمَ اليهود على نجاسة.
بل ترك المرأة الخاطئة (الزانية) تبلل قدميه بدموعها وتمسحهما بشعر رأسها ، وتقبلهما ، وتهدهنهما بالطيب ، بل إنه اعتبرها بتوبتها هذه أكثر إيماناً من الفريسى الذى أدخله بيته: (36وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ فَدَخَلَ بَيْتَ الْفَرِّيسِيِّ وَاتَّكَأَ. 37وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ 38وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ. 39فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذَلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ: «لَوْ كَانَ هَذَا نَبِيّاً لَعَلِمَ مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئِةٌ». .. .. .. .. .. .. .. 50فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ! اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ».) لوقا 7: 36-50
ولم يفرِّق فى المعاملة بين المرأة الناضجة أو المرأة العجوز أو الصبية.
(29وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْمَجْمَعِ جَاءُوا لِلْوَقْتِ إِلَى بَيْتِ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ مَعَ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا 30وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ مُضْطَجِعَةً مَحْمُومَةً فَلِلْوَقْتِ أَخْبَرُوهُ عَنْهَا. 31فَتَقَدَّمَ وَأَقَامَهَا مَاسِكاً بِيَدِهَا فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى حَالاً وَصَارَتْ تَخْدِمُهُمْ.) مرقس 1: 29-31
(21وَلَمَّا اجْتَازَ يَسُوعُ فِي السَّفِينَةِ أَيْضاً إِلَى الْعَبْرِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَكَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ. 22وَإِذَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَجْمَعِ اسْمُهُ يَايِرُسُ جَاءَ. وَلَمَّا رَآهُ خَرَّ عِنْدَ قَدَمَيْهِ 23وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيراً قَائِلاً: «ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا». 24فَمَضَى مَعَهُ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَكَانُوا يَزْحَمُونَهُ.) مرقس 5: 21-24
(2وَبَعْضُ النِّسَاءِ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ الَّتِي تُدْعَى الْمَجْدَلِيَّةَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ وَيُوَنَّا امْرَأَةُ خُوزِي وَكِيلِ هِيرُودُسَ وَسُوسَنَّةُ وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ يَخْدِمْنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ.) لوقا 8: 2
بل عالج ابنة المرأة الأممية عندما أقرت أنها من الكلاب (الخطاة) ، وأنه وزمرته من أولاد الله (أى المؤمنين) ، فكانت شهادتها توحى باعترافها بخطئها ، وإقرارها بصواب عقيدته هو وأتباعه. كما لو قالت: (إن بر أولاد الله وإيمانهم قد يكون سبباً فى جذب العصاة (مُشبَّهة هنا بالكلاب) وتآلفهم معهم ، واجتماعهم على طعام واحد (هنا خبز البنين أى شريعتهم):
(24ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ وَدَخَلَ بَيْتاً وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ 25لأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. 26وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ أُمَمِيَّةً وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً - فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا. 27وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُونَ لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». 28فَأَجَابَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ». 29فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ». 30فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَوَجَدَتِ الشَّيْطَانَ قَدْ خَرَجَ وَالاِبْنَةَ مَطْرُوحَةً عَلَى الْفِرَاشِ.) مرقس 7: 24-30
وباستثناء يوسف الذى من الرامة ظلت النساء تحت الصليب ، فى الوقت الذى هرب فيه تلاميذه (الرجال) وقت القبض عليه:
(50فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا. 51وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِساً إِزَاراً عَلَى عُرْيِهِ فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ 52فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَاناً.) مرقس 14: 50-52
(39وَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ الْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ صَرَخَ هَكَذَا وَأَسْلَمَ الرُّوحَ قَالَ: «حَقّاً كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللَّهِ!» 40وَكَانَتْ أَيْضاً نِسَاءٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ بَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ الصَّغِيرِ وَيُوسِي وَسَالُومَةُ 41اللَّوَاتِي أَيْضاً تَبِعْنَهُ وَخَدَمْنَهُ حِينَ كَانَ فِي الْجَلِيلِ. وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ اللَّوَاتِي صَعِدْنَ مَعَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) مرقس 15: 39-41
(55وَكَانَتْ هُنَاكَ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ وَهُنَّ كُنَّ قَدْ تَبِعْنَ يَسُوعَ مِنَ الْجَلِيلِ يَخْدِمْنَهُ 56وَبَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَأُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي.) متى 27: 55-56
ومن هنا نرى أن عيسى عليه السلام لم يُحقِّر المرأة ، ولم يسب إمرأة قط ، ولم يعتبرها إنسانة نجسة يجب الابتعاد عنها ، ولم يأمر أن يبيع الرجل ابنته ، على النقيض من الرجال الذين سبهم واتهمهم بالنفاق والرياء ، فقد كان يتعامل معهن معاملة كريمة ، حتى ظنَّ بعض اللاهوتيون أنه كان متزوجاً ، الأمر الذى يخالف تعاليم الكتاب المقدس بالنسبة له ، لأنه كان ربىّ (أى منذور لدراسة وتعليم الكتاب المقدس).
لقد كان موقفه من المرأة أنضج بكثير من موقف كل الكنائس المسيحية كلها بعد ذلك ، ولقرون طويلة. فقد طالعتنا النصوص المذكورة بمجموعة كبيرة من المواقف الجيدة ، التى لا يشعر فيها القارىء بأية نظرة دونية للمرأة. صلى الله عليك يا رسول الله.
الإصحاح السادس عشر
المرأة فى المسيحية:
منبوذة وصاحبة الخطيئة الأولى وليس الرجل:
(11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدم: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ». 14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هَذَا مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَاباً تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». 17وَقَالَ لِآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 18وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. 19بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إلى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ
تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ».) تكوين 3: 11-19
وعلى الرغم من أن آدم تبعاً للتوراة قد تبرأ من ذنبه وأعازه إلى(«الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ») ، إلا أن الرب قد أعلن فى أول حكم له (ألا تزر وازرة وزر أخرى) ، لقد أعلن الرب أن الثلاثة مخطئون ، وعاقب كل منهم ، إلا أن رجال الدين أبوا على أنفسهم أن يكون الرجل مخطىء ، ونسبوا كل الذنب إلى حواء ونسلها من النساء من بعدها! حتى الشيطان لم يُعذَّب مقدار العذاب التى لاقته المرأة على مر العصور ، ولم يُحارب كما حورِبَت المرأة طوال تاريخ اليهودية والمسيحية!
فالمرأة هى التى تحالفت مع الشيطان ، وبسبب هذا التحالف أصبحت أحبولة الشيطان، و عميلته الأولى، ووجب على المؤمنين من اليهود والنصارى محاربة حواء ونسلها من بعدها. أما آدم فقد عاقبه الرب لأنه سمع لقول امرأته. وعجبت لرجال الدين عندهم كيف لم يفهموا أن الرب عاقب آدم لأنه قد شارك فى الذنب بسماعه إياه ، وعدم نهى زوجته عن اقترافه، ثم المشاركة فى فعله. فالرب لم يقر أو يقل أن الخطأ هو خطأ حواء بمفردها ، وإلا لكان عقابه لآدم والحية فى غاية الظلم ، وحاشاه سبحانه وتعالى!
فلم تُخدع إلا حواء ، أما الرجل فهو معصوم أو هو ضحية للمرأة: (كما خدعت الحيَّةُ حواءَ بمكرها) كورنثوس الثانية 11: 3 ، وإلا فلماذا لم ينسب الخديعة للاثنين؟
(وآدم لم يُغْوَ لكنَّ المرأة أُغوِيَت فحصلت فى التعدى) تيموثاوس الأولى 2: 14
(بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
(لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ .. ..) رومية 5: 15
(17لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ .. ..) رومية 5: 17
(18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ) رومية 5: 18
كذلك لم يغفل كاتبوا العهد القديم أن جعلوا الثعبان (حيَّة) أيضاً مؤنثة ، لذلك كانت عندهم المرأة هى أس المشاكل فى الحياة. ومن الغريب أن يعاقب الرب القناع الذى كان يرتديه الشيطان وهو الحية ، ولم يعاقب الشيطان نفسه!
وظلت المرأة هكذا منبوذة ، حتى تعجب تلاميذ يسوع أنفسهم أنه يتكلم مع امرأة: (27وَعِنْدَ ذَلِكَ جَاءَ تلاَمِيذُهُ وَكَانُوا يَتَعَجَّبُونَ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ امْرَأَةٍ. وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ
أَحَدٌ: مَاذَا تَطْلُبُ أَوْ لِمَاذَا تَتَكَلَّمُ مَعَهَا.) يوحنا 4: 27
وأبوا عليه أن يتكلم مع أمه بالإحترام الواجب من مُعلِّم أمته الأخلاق، (فما بالك لو كان هو الإله) ، فنسبوا له أنه أهان أمه وتكلم معها بطريقة غير لائقة ، لم يتكلم بها مع امرأة أخرى، فقال لها: (4قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ».) يوحنا 2: 4
وكذلك أبوا عليه أن يحترم أمه أمام الجمع ، فلم يعرهم أدنى اهتمام: (46وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ
الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. 47فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ». 48فَأَجَابَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتِي؟» 49ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي. 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».) متى 12: 46-49
فهل هم جعلوه بهذه الطريقة يكرم أمه. ألم يقل الناموس: (12أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِتَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلَهُكَ.) خروج 20: 12
ألم يُهاجم هو نفسه من أبطل هذه الوصية؟ (4فَإِنَّ اللَّهَ أَوْصَى قَائِلاً: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ وَمَنْ يَشْتِمْ أَباً أَوْ أُمّاً فَلْيَمُتْ مَوْتاً. 5وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي. فَلاَ يُكْرِمُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. 6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 4-9
ويعلِّق ويلز (نقلا عن تعدد نساء الأنبياء) على نصوص الأناجيل بشأن الأسرة قائلاً: (على الرغم من المألوف لدى علماء الأخلاق اليوم من أن تعاليمه (المسيح) قد عززت الحياة السعيدة للأسرة ، فإنه يصعب التوفيق بين وجهة النظر هذه والنصوص التى تشجع الناس على تحطيم أسرهم لأسباب دينية: (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26
ويواصل ويلز: (ويصدمنا بنفس القدر انتقاص الإنجيل من شأن الحياة الزوجية: (10قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هَكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» 11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هَذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ»)متى19: 10-12)
الإصحاح السابع عشر
الرب لا يُذِّلُ ولا يُحزِنُ إلا المرأة:
عجباً أن (الرب لا يُذِّلُ ولا يُحزِنُ بنى الإنسان) إرمياء 3: 33، فلماذا أذلَّ المرأة فى كتابه وفى تشريعه؟ أليست نجاسة المرأة الحائض نصف عمرها من البلوغ إلى الممات إذلال لها؟ ألم يعتبر الرب زواج المرأة وإنجابها إذلالاً لها على أكلها من الشجرة؟
فهل أذلَّ الرب يعقوب عندما ضربه وقهره بهذه الكيفية (تكوين 32: 22-30)؟
فهل أذلَّ الرب يعقوب عندما سرق النبوة من أخيه عيسو (تكوين الإصحاح 27)؟
فهل أذلَّ الرب لوط عندما سكر وزنا بابنتيه (تكوين 19: 30-38)؟
فهل أذلَّ الرب إبراهيم عندما ضحَّى بشرفه وأسلم زوجته لفرعون ليتقاضى أجر على ذلك (تكوين 12: 11-16)؟
هل أذلَّ الرب رأوبين عندما زنى بزوجة أبيه (تكوين 35: 22 ؛ 49: 3-4)؟
هل أذل الرب هارون عندما عبد العجل كما يقول سفر (خروج 32: 1-6)؟
ماذا فعل الرب لنبيه الله داود عليه السلام عندما زنى بجارته ”امرأة أوريا“ وخان جيشه وتخلص من بعض جنوده ليخفى معالم جريمته مع امرأة جاره؟ (صموئيل الثانى الإصحاح 11)
لقد انتقمَ من داود بأن أسلم نساءه للزنا! (صموئيل الثانى 12: 11-12)
وماذا فعل الرب لصهيون عندما عصته؟
أصلعهنَّ وعرِّى عورتهن (إشعياء 3: 17)
وهل أذلَّ الرب داود عندما قتل أولاده من زوجته ميكال(صموئيل الثانى21: 8-9)؟
هل أذل الرب داود عندما أشرك وسمِّى ابنه (بعليا داع أى بعل يعرف) تيمنا ببعل (أخبار الأيام الأول 14: 7 وأيضاً(أليادع أى الله يعرف) أخبار الأيام الأول 3: 8)؟
هل أذل الرب سليمان عندما عبد الأوثان كما يقول سفر (ملوك الأول 11: 4)؟
هل أذل الرب يوناثان عندما أشرك وسمِّى ابنه (مرى بعل) تيمنا ببعل (أخبار الأيام الأول 8: 34 و 9: 40)؟
هل أذل الرب جدعون عندما بنى مذبحاً لغير الله (قضاة 8: 24-27)؟
هل أذل الرب آحاز عندما عبد الأوثان (ملوك الثانى16: 2-4، وأيضاً أخبارالأيام الثانى28: 2-4)؟
هل أذل الرب يربعام عندما عبد الأوثان (ملوك الأول 14: 9)؟
هل أذل الرب بعشا بن يربعام عندما عبد الأوثان (ملوك الأول 15: 33-34)؟
هل أذل الرب يفتاح الجلعادى عندما قدم أضحية للأوثان (قضاة 11: 30-31)؟
هل أذل الرب أخاب بن عُمرى عندما عبد البعل ويسجد له (ملوك الأول16: 31-33)؟
هل أذل الرب يهورام عندما عبد العجل (ملوك الثانى 3: 1-25)؟
هل أذل الرب أمصيا عندما عبد الأوثان (أخبار الأيام الثانى 25: 14)؟
لا. لم يحزنهم الرب، ولم ينتقم منهم ، ولم يذلهم، ولم يُحمِّل باقى البشر خطيئتهم ، لأنه (لا يُذِّلُ ولا يُحزِنُ بنى الإنسان) وهم من البشر ، هم بنى الإنسان. أما المرأة، فلا.
أن تأكل امرأة من الشجرة ويأكل زوجها معها ، فهى المخطئة ، وهو برىء ، لذلك انتقم الرب الغفور الرحيم ، الذى يحب الإنسان ولا يذله ولا يحزنه ، من المرأة ، التى أعدها الرب بعمله هذا من فئة غير فئات البشر! فبنى الإنسان هو إذن الرجل الذى لم يُذله الرب ولم يُحزنه وليس المرأة التى أذلها الرب وممثلوه على الأرض.
وهذا هو الذى فهمه رجال الدين وصرَّحوا به فى أقوالهم وفى تعريفهم ووصفهم للمرأة:
لذلك: أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
ولذلك قال أرسطو: (الذكر هو الأنموذج أو المعيار ، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
ولذلك قال أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر: (أن كل النساء بلا استثناء مومسات ، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم)
وقال الراهب البنديكتى برنار دى موريكس دون مواربة فى أشعاره: إنه لا توجد امرأة طيبة على وجه الأرض)
وفى القرن الخامس الميلادى اجتمع مجمع باكون وكانوا يتباحثون: (هل المرأة جثمان بحت أم هى جسد ذو روح يُناط به الخلاص والهلاك؟) وقرر أن المرأة خالية من الروح الناجية ، التى تنجيها من جهنم ، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام.
كما قرر مجمع آخر، أن المرأة حيوان نجس ، يجب الأبتعاد عنه ، وأنه لاروح لها ولا خلود ، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل عبادتها ، ولاتدخل الجنة ، والملكوت ، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان ".
والعجيب أن اضطهاد المرأة وقهرها ليس فقط لأنها أنثى ، ولكنه امتد إلى حملها وولادتها وآلامها عقابا على خطيئة أم البشر حواء ، بل يمتد هذا الاضطهاد فى حالة ما إذا أنجبت أنثى! أو أتاها الطمث الذى يأتى النساء بطبيعة تكوينهن كأنثى!
الإصحاح الثامن عشر
رأى الإسلام فى الأنثى وولادتها:
الدنيا مؤنثة ، والرجال يخدمونها ، والذكور يعبدونها ، والأرض مؤنثة ، ومنها خلق آدم وخلقت البرية ، وفيها كثرت الذرية ، والسماء مؤنثة ، وقد زينت بالكواكب، وحُلِّيَت بالنجوم، والنفس مؤنثة، وهى قوام الأبدان ، وملاك الحيوان ، والحياة مؤنثة ، ولولاها لم تتصرف الأجسام ، ولا عرف الأنام ، والجنة مؤنثة ، وبها وعد المتقون ، وفيها ينعم المرسلون.
تقول زيجريد هونكه: (إن الحلى التى يقدمها الأوروبى لحبيبته أو لزوجة صديقه أو رئيسه ، سواء أكانت ماساً أصلياً أو زجاجاً مصقولاً ، هى عادة استوردت من الشرق ، ويمارسها الناس كل يوم ، ولا يعرفون لها مصدراً.)
فى الحقيقة لا يعرف الإسلام التفرقة بين الرجل والمرأة على أساس أفضلية أحدهم على الآخر، ولكن يبعاً لطبيعة كل منهما أو الواجبات المُناطة بهما. فقد ساوى الإسلام بينهما فى الإنسانية ، وفى الواجبات ، وفى الحقوق ، بل أولى المرأة اهتماماً ورعاية لم يشملها الكتاب المقدس ولا تاريخ الشعوب اليهودية أو النصرانية أو حتى الوثنية. ولا أى قانون وضعى أنصف المرأة ورفعها ، بل جعلها تاجاً على رؤوس الرجال والمجتمع ، كما فعل الإسلام.
فقد ساوى بينهما فى الإنسانية: فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13
وقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء) النساء 1
واعتبرها الله هبة للإنسان ، عطية الله له ، تتطلب الحمد والشكر ، ولا يكون هذا الشكر إلا فى الحفاظ عليها ورعايتها وحُسنُ معاشرتها، بل قدمها على الولد: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ) الشورى 49
بل اعتبر الله خلق المرأة نعمة عظيمة وآية من آياته ينبغى أن يحمده الرجال عليها ، وأن يصونوها ويحفظونها ويرعوها حق رعايتها: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 21
بل جمعها الله سبحانه وتعالى مع الولد فى قَسَمِهِ، فقال: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) الليل 1-4
بل اعتبرها الإسلام مسئولة عن قيام الفضيلة والقضاء على الرذيلة فى الأرض ، عن طريق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، مثلها مثل الرجل. وبذلك حمَّلها مسئولية الدين الدعوة إليه ، وجعله أمانة فى عنقها وعنق الرجل:
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة 71
وأكثر من ذلك ، فقد سفَّه الله الرجال أعداء الأنثى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) النحل 58-59
ولم يكتفى القرآن بتسفيه أفعالهم فى الدنيا ، بل اعتبره من الآثام ، التى سيخزيهم الله بسببه فى الآخرة ، وسيحاسبهم عليه: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) الأنعام 140
وساوى بين الرجل والمرأة فى أغلب التكاليف: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ ا للّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) النساء 36
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ) العنكبوت 7-9
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)النحل 90-91
(لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا ) الإسراء 22-40
وكذلك ساوى بينهما فى الجزاء فى الآخرة: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الأحزاب 35
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل 97
(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر 40
(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) النساء 124
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) آل عمران 195
(وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة 72
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا) الفتح 5
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)الحديد 12
وقد دافع الله عن المؤمنين أو المؤمنات وتوعَّدَ الذين يؤذون أيَّاً منهم: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) الأحزاب 58
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) البروج 10
وأمر الله رسوله أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) محمَّد 19
أضف إلى ذلك أن الإسلام حرَّمَ قتل النساء والأطفال والشيوخ فى الحروب: عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: (وُجِدَت امرأة مقتولة فى بعض مغازى النبى فنهى عن قتل النساء والصبيان) [الشيخان وغيرهما]
فلم ينتقص الإسلام حق المرأة، أو يُهنْهَا، بل على النقيض من ذلك ، فقد رفع شأنها، وحسبنا أن نعرف أن الله خَلَّدَهُا فى كتابه الكريم، وجعل لها ثلاث سور من القرآن الكريم، وهما سورة النساء وسورة مريم، وسورة الطلاق، وليس هناك سورة باسم الرجال.
بل خلَّدَ القرآن امرأة فى سورة المجادلة واحترم الإسلام رأيها، وجعلها مجادلة ومحاورة للرسول، وجمعها وإياه فى خطاب واحد (والله يسمع تحاوركما) المجادلة: 1. وقرر رأيها ، وجعله تشريعاً عامًّا خالداً.. فكانت سورة المجادلة أثراً من آثار الفكر النسائى ، وصفحة إلهية خالدة نلمح فيها على مر الدهور صورة احترام الإسلام لرأى المرأة ، فالإسلام لا يرى المرأة مجرد زهرة ، ينعم الرجل بشم رائحتها ، وإنما هى مخلوق عاقل مفكر ، له رأى ، وللرأى قيمته ووزنه.
وكان النبى يقول عن نفسه: (أنا ابن العواتك من قريش). والعواتك هنَّ نساء من قريش ، كانت كل منهن تُسمَّى عاتكة.
وقال : (الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة).
وقال : (النساء شقائق الرجال) ، أى جزء أو شق منهم.
وقال : (من سعى على ثلاث بنات فهو فى الجنة ، وكان له أجر المجاهدين صائماً قائماً.)
وقال : (خيركم خيركم لنسائه ، وأنا خيركم لنسائى).
وحتى لا يشقُّ الرجال على نسائهم ، فقد قال عنهن: (أنهن خُلِقنَ من ضلع أعوج ، إذا حاولت أن تقيمه كسرته ، فسايسوهن تستمتعوا بهن).
وعن أسماء بنت أبى بكر قالت: (قدمت على أمى وهى مشركة في عهد قريش ، إذ عاهدوا رسول الله ، ومدتهم مع أبيها، فاستفتت النبي فقالت له: (يا رسول الله ، إن أمي قدمت علىّ وهي راغبة؟ أفأصلها؟ قال: (نعم، صليها).
جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم أبوك).
وقال : (إذا صلت المرأة خَمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها ، قيل لها: ادخلى الجنة من أىِّ الأبواب شئت.)
ويكفى النساء المسلمات شرفاً على الرجال أن أول من آمن بالرسول هى زوجته السيدة خديجة، وأول شهيدة فى الإسلام هى سُميَّة أم عمَّار بن ياسر، وأول من أؤتُمِنَ على حفظ كتاب الله بعد جمعه هى أم المؤمنين حفصة بنت عمر
وكان من تعاليم النبى أن: (الجنة تحت أقدام الأمهات)
فقد روى أن رجلاً جاء إلى النبى فسأله النبى: (هل لك من أم)؟ قال: نعم. فقال : (الزمها ، فإن الجنة تحت رجلها).
قارن هذا التكريم للمرأة بقول الكتاب المقدس وآراء آباء وفلاسفة المسيحية:
الرب يرسل ملاكه ليسب المرأة ويُكمِّم فمها بثقل من الرصاص: (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
(25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ
يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26
(14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
ويقول توماس الإكوينى: (المرأة أرذل من العبد بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطرياً من قبل الأب والابن والزوج)
أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
وقال الفيلسوف نتشه: (إن المرأة إذا ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل).
الإصحاح التاسع عشر
تتضاعف نجاسة المرأة عند إنجابها إبنة:
يقول الكتاب (المقدس): (1وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: 2«قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَراً تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً. 3وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ. 4ثُمَّ تُقِيمُ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْماً فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. كُلَّ شَيْءٍ مُقَدَّسٍ لاَ تَمَسَّ وَإِلَى الْمَقْدِسِ لاَ تَجِئْ حَتَّى تَكْمُلَ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا. 5وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى تَكُونُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْماً فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا.) لاويين 12: 1-5
لك أن تتخيل أن نجاستها تتضاعف بولادة الأنثى. أى إن الولد يُضاعف أخته فى الطُهر، هذا فقط لأنه ولد مثل آدم أما هى فأنثى مثل حواء.
-
الإصحاح العشرين
الرب عنصرى: لقد خُلِقَت المرأة من أجل الرجل:
(لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل. ولأن الرجل لم يُخلَق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل) كورنثوس الأولى 11: 8-9
الإصحاح الواحد والعشرين
المرأة الحائض فى الإسلام:
أباح الإسلام للرجل الاستمتاع بزوجته الحائض ، وحرَّمَ عليه فقط جماعها ، حفاظاً على صحتهما ، وتجنباً للأذى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة 222
سأل رجل رسول الله فقال: (ما يحل لى من امرأتى وهى حائض؟ فقال رسول الله : لتشد عليها إزارها ثم شأنَك بأعلاها). [مالك]
وعن عائشة قالت: (كانت إحدانا إذا كانت حائضاً فأراد رسول الله أن يباشرها ، أمرها أن تَتَّزر فى فور حيضتها ثم يباشرها. قالت: وأيكم يملك إربه كما كان النبى يملك إرْبَه). [البخارى ومسلم]
لقد كان رسول الله أملك الناس لأمره وشهوته.
وفى حديث أنس فى مسلم ، قال النبى (اصنعوا كل شىء إلا الجماع)
وفضلاً عن الاستمتاع مع الحائض ، فالتعامل اليومى معها لا حرج فيه لإطلاقاً ، سواء المشاركة فى الفراش أو المؤاكلة أو المناولة أو ترجيل الشعر ، أو البيع أو الشراء أو ملامسة الثوب ، أو ملامستها هى نفسها ، كما ذكرنا فى الاستمتاع بالحائض.
عن أم سلمة قالت: (بينا أنا مع النبى مضطجعة فى خميصة ، حِضْتُ ، فانسللت ، فأخذت ثياب حيضتى. فقال: أنفست؟ فقلت: نعم. فدعانى فاضطجعتُ معه فى الخميلة). [البخارى ومسلم]
الخميصة: كساء ذو خمل
وعن عائشة قالت: (كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناول النبى فيضع فاه على موضع فىّ فيشرب، وأتعرَّق العَرْق وأنا حائض ، ثم أناول النبى فيضع فاه على
موضع فىّ). [مسلم]
العرق: العظم الذى أُخِذَ عنه معظم اللحم وبقى عليه لحوم رقيقة طيبة.
وأتعرق العَرْق: أى آكل بقايا اللحم بأسنانى
وعن عائشة قالت: (كنت أرَجِّل رأس رسول الله وأنا حائض). [البخارى ومسلم]
عن عائشة أن النبى كان يتكىء فى حجرى وأنا حائض، ثم يقرأ القرآن. [البخارى ومسلم]
وعن عائشة أن النبى كان يقبل بعض أزواجه ، ثم يصلى ولا يتوضأ. [النسائى] وكذلك القُبلة واللمسة لا تفسد الصيام أو الحج ، بل أمر أن يتمتع الحاج بزوجته (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) البقرة 196
الإصحاح الثانى والعشرين
المرأة النَّفساء فى التّوراة مخطئة ولابد لها من كَفّارةلتتوب عما لم تقترفه:
المرأة النّفساء في التّوراة هى مخطئة وعليها أن تقدم ذبيحة بعد أيام تطهيرها ليُكفِّر عنها الكاهن. (6وَمَتَى كَمِلَتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا لأَجْلِ ابْنٍ أَوِ ابْنَةٍ تَأْتِي بِخَرُوفٍ حَوْلِيٍّ مُحْرَقَةً وَفَرْخِ حَمَامَةٍ أَوْ يَمَامَةٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ إِلَى الْكَاهِنِ 7فَيُقَدِّمُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهَا فَتَطْهَرُ مِنْ يَنْبُوعِ دَمِهَا. هَذِهِ شَرِيعَةُ الَّتِي تَلِدُ ذَكَراً أَوْ أُنْثَى.) لاويين 12: 6-7
الإصحاح الثالث والعشرين
المرأة الحائض فى التّوراة مخطئة وكالمصابة بالجذام
المرأة الحائض مثل المصاب بالجرَب ، إن لمستها أو جلست على مكان كانت هى قد جلست عليه تكون أنت أيضاً نجساً. وبهذا الحيض الذى يأتيها من عند الله ، (هذا تكوين وخَلق الأنثى) تكون خاطئة وعليها أن تتطهر من ذنبها هذا بعد أيام طمثها. أليس هذا ظلم للمرأة؟ لماذا تُحاسب على شىء لم تفعله ولم تكن شريكة فيه؟
(19«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ لَهَا سَيْلٌ وَكَانَ سَيْلُهَا دَماً فِي لَحْمِهَا فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا. وَكُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 20وَكُلُّ مَا تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فِي طَمْثِهَا يَكُونُ نَجِساً وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً. 21وَكُلُّ مَنْ مَسَّ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعاً تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 23وَإِنْ كَانَ عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي هِيَ جَالِسَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَمَسُّهُ يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 24وَإِنِ اضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ فَكَانَ طَمْثُهَا عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً. 25«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ يَسِيلُ سَيْلُ دَمِهَا أَيَّاماً كَثِيرَةً فِي غَيْرِ وَقْتِ طَمْثِهَا أَوْ إِذَا سَالَ بَعْدَ طَمْثِهَا فَتَكُونُ كُلَّ أَيَّامِ سَيَلاَنِ نَجَاسَتِهَا كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِهَا. إِنَّهَا نَجِسَةٌ. 26كُلُّ فِرَاشٍ تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ كُلَّ أَيَّامِ سَيْلِهَا يَكُونُ لَهَا كَفِرَاشِ طَمْثِهَا. وَكُلُّ الأَمْتِعَةِ الَّتِي تَجْلِسُ عَلَيْهَا تَكُونُ نَجِسَةً كَنَجَاسَةِ طَمْثِهَا. 27وَكُلُّ مَنْ مَسَّهُنَّ يَكُونُ نَجِساً فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 28وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ سَيْلِهَا تَحْسِبُ لِنَفْسِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَطْهُرُ. 29وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ وَتَأْتِي بِهِمَا إِلَى الْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 30فَيَعْمَلُ الْكَاهِنُ الْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَالْآخَرَ مُحْرَقَةً وَيُكَفِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ سَيْلِ نَجَاسَتِهَا.) لاويين 15: 19-30
ومعنى ذلك أنها عليها أن تقضى نصف عمرها واقفة ، لا تجلس ولا تنام ، لأن كل ما ستجلس عليه سيكون نجساً ، للمساء! وإن اقترح أحدكم أن يكون لها كرسياً مخصصاً أو سريراً مخصصا لهذا الوقت ، فلك أن تتخيل مدى الفضيحة التى ستكون فيها عند وجود أقرباء أو ضيوف بالبيت ، ولك أن تتخيل مدى الإحراج التى ستكون عليه بجلوسها منفردة معزولة ، الكل يفر منها ، ويبتعد عنها ، حتى لا يتنجس!
وقد كان اليهود لا يتركون زوجاتهم يخرجن للشارع لكى لا يتنجس المارة وخاصة المؤمنين منهم ، وكانوا يضعون سريرا أو خيمة للمرأة فى فناء البيت لتنام عليه قريباً من الكلب ، أثناء فترة طمسها ، وزيادة سبعة أيام عليه ، حتى تطهر، وكانت إذا لمست الكلب ، كان عليهم أن يحموه لأنه تنجس من لمسها إياه. وكانت القطط تهرب منها ، لأنها تعلم أنها لو لمستها امرأة ستستحم بالماء ، الأمر الذى تكرهه القطط!!
فلك أن تحكم على قوم حكموا الكلب أنه أطهر من المرأة ، فهل هذا كلام الله؟ وهل هؤلاء أناس كرموا المرأة أم أهانوها؟
الإصحاح الرابع والعشرين
الرب يحكم على المرأة المريضة بنزيف دموى بالموت إهمالاً لحالتها
أما إذا كانت مريضة بمرض يسبب لها نزيفاً ، فقد قضى عليها الرب بالموت إهمالاً! فأى طبيب هذا الذى سيتجرأ للكشف عليها لينجس نفسه حتى المساء؟
(25«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ يَسِيلُ سَيْلُ دَمِهَا أَيَّاماً كَثِيرَةً فِي غَيْرِ وَقْتِ طَمْثِهَا أَوْ إِذَا سَالَ بَعْدَ طَمْثِهَا فَتَكُونُ كُلَّ أَيَّامِ سَيَلاَنِ نَجَاسَتِهَا كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِهَا. إِنَّهَا نَجِسَةٌ. 26كُلُّ فِرَاشٍ تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ كُلَّ أَيَّامِ سَيْلِهَا يَكُونُ لَهَا كَفِرَاشِ طَمْثِهَا. وَكُلُّ الأَمْتِعَةِ الَّتِي تَجْلِسُ عَلَيْهَا تَكُونُ نَجِسَةً كَنَجَاسَةِ طَمْثِهَا. 27وَكُلُّ مَنْ مَسَّهُنَّ يَكُونُ نَجِساً فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ.) لاويين 15: 19-30
حتى من مسها واستحم ، يكون نجساً للمساء ، ولا أدرى هل لو لمس فرد ما أحد هؤلاء الأنجاس حتى المساء ، هل سيتنجس هو الآخر معه حتى المساء؟
الإصحاح الخامس العشرين
المرأة تُسبب شللاً للحياة العامة:
وعلى ذلك تكون عندهم فكرة المواصلات العامة فكرة فاشلة لأن الكل سيكونون أنجاس! أو على السائق أو الركاب تفتيش النساء تفتيشاً ذاتياً حتى يضمنوا عدم نجاستهم وتقبل صلاتهم!
ولا يمكن للمرأة أن تبيع أو تشترى ، لأن النقود التى ستمسكها ستكون نجسة وستنجس من يأخذها، ولا يمكنها خدمة زوجها أو أولادها فى البيت!
ولا يصح لها أن تعمل بالطب أو التمريض أو الصيدلة ، وليس لها أن تعمل بالتدريس فأى تعقيد وإهانة أرادها هذا الكتاب للمرأة؟ أى إذلال يمكن أن يكون بعد ذلك للمرأة؟
وعلى هذا فإن هذا الدين لا يصلح لكل زمان وكل مكان.
الإصحاح السادس والعشرين
قوامة الرجل على المرأة فى الإسلام:
قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء 34
وقال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ) البقرة 228
يقول ابن عباس فى تفسيره لقوله تعالى (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) إن (الدرجة) التى ذكر الله تعالى فى هذا الموضع هى الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها، وإغضاؤه لها عنه ، وأداء كل الواجب لها عليه. وذلك أن الله تعالى قال (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) عقيب قوله: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ، ثم ندب الرجال إلى الأخذ عليهن بالفضل، إذا تركن أداء بعض ما أوجب الله لهم عليهن ، ليكون لهم عليهن فضل درجة. وهى لافته عظيمة للرجل أن يحسن العشرة ومعاملة زوجته ويتحامل على نفسه ولا يُعضلها.
ومعنى ذلك أن الرجل وله فضل ما ـ سواء كان هذا الفضل هو الجهاد أو القوامة أو إفضاله على زوجه وصفحه عن بعض الواجب له عليها ـ ينبغى أن يتحامل على نفسه، رفقا برعيته. وذلك حتى يستحق مكان القيادة وفضلها ، فإذا كان للقوامة فضل وشرف فهو فضل الرعاية الحانية وشرف تحمل المسئولية. ولا فضل للقيِّم المقصر فى رعايته أو الغافل عن أعباء مسئوليته. ثم إنه إذا كان للرجل فضل القوامة وشرفها ، فإن للمرأة فضل السكن وشرف المودة.
ويقول صاحب "عودة الحجاب": (واعلم أنه ليس حُسن الخلق معها كف الأذى عنها ، بل احتمال الأذى منها ، والحلم عند طيشها وغضبها ، واقتداءً برسول الله ، فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام، وتهجره الواحدة منهنَّ يوماً إلى الليل، وراجعت امرأةُ عمر عمرَ رضى الله عنه فقال: "أتراجعينى؟" ، فقالت: "إن أزواج رسول الله يراجعنه ، وهو خير منك".)
وقال الإمام محمد عبده فى تفسيره: وأما قوله تعالى: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) فهو يوجب على المرأة وعلى الرجال أشياء. ذلك أن هذه الدرجة هى درجة الرياسة والقيام على المصالح المُفَسَّرة بقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ). فالحياة الزوجية حياة اجتماعية ، ولا بد لكل اجتماع من رئيس ، لأن المجتمعين لا بد أن تختلف آراؤهم ورغباتهم فى بعض الأمور ، ولا تقوم مصلحتهم إلا إذا كان لهم رئيس يُرجع إلى رأيه فى الخلاف ، لئلا يعمل كل على ضد الآخر فتنفصم عروة الوحدة الجامعة ويختل النظام. والرجل أحق بالرياسة لأنه أعلم بالمصلحة ، وأقدر على التنفيذ بقوته وماله ، ومن ثم كان هو المُطالَب شرعاً بحماية المرأة والنفقة عليها ، وكانت هى مطالبة بطاعته فى المعروف ، حيث (لا طاعة فى معصية الله ، إنما الطاعة فى المعروف) كما قال الرسول . [مسلم]
على أن هناك مشكلة ولكنها ليست فى مبدأ إسناد الرئاسة للرجل ، بل هى فى ضعف أو سوء شخصية الرئيس ، أو شخصية المرؤوس أو فى كليهما. وإذا كان لكل مؤسسة نظام يحكم العلاقة بين الرئيس ومرؤوسيه ، وصلاحيات كل فرد ، فكذلك الحال فى الأسرة. ولكن رغم وجود النظام الذى يحدد العلاقات والصلاحيات ، إلا أن التطبيق
الفعلى قد يجىء على خلاف النظام المشروع.
نعم. إنه لأمر فطرى بَدَهى أن يكون لكل مؤسسة صغيرة أو كبيرة رئيس يدير شئونها. وهذا الأمر تؤكده قواعد الإدارة العلمية ، وعلى ذلك فإن الأسرة باعتبارها مؤسسة لا بد لها من رئاسة. ولا يختلف اثنان أن الرجل يمتاز ـ فى عامة الأحوال ـ بغلبة العقل على العاطفة ، بينما تمتاز المرأة بفيض من العاطفة والحنان زيادة عن الفروق البدنية والنفسية ومنها رقة بدنها وشدة انفعالها.
إضافة إلى ذلك فإنها فى بعض الفترات تمر بحالة من حالات الضعف البدنى أو النفسى، مما يُلجِئها إلى قدر من اعتزال الحياة العامة، ومن هذه الفترات أيام الطمث والحمل والولادة والرضاعة، الأمر الذى يتطلب فضل الرجل (قوامته) على امرأته، ليغمرها بعطفه وعفوه.
أما الرجل فيظل ـ فى غالب أحواله ـ يتمتع بمزيد من القوة العضلية ، ومن القلق الحافز على المضى والصراع الإيجابى الخارجى ، بينما القلق الحافز لدى المرأة غالباً ما يدور حول أطفالها وتدبير شئون بيتها.
هذا فضلاً عن اتساع دائرة مخالطة الرجل لمجالات الحياة خارج البيت ، مما يجعله أقدر على كسب خبرة أوسع وأثبت. فإذا تولى الرئاسة كان ذلك أعون على استقرار شئون الأسرة.
وعلى ذلك فالقوامة فى الإسلام منحصرة فى مجال الأسرة فقط ، ولا قوامة للرجل على المرأة فيما هو مال خاص بها أو فيما تملك. وهى قوامة استحقها الرجل بما فرض الإسلام عليه من واجب الإنفاق على المرأة.
وقد استحسن القديس أوغسطين أن يتخذ الرجل إلى جانب زوجته سرية ، إذا ما كانت زوجته عقيماً ، وثبت عقمها ، وإن كان لم يسمح بمثل ذلك للزوجة ، إذا ثبت أن زوجها هو العقيم ، وليس ذلك خوفاً من اختلاط الأنساب ، ولكن لأمن الأسرة. لأنه كما قال فى كتابه (الزواج الأفضل): لا يصح أن يكون بالأسرة سيدان. فهو يعترف أيضاً بسيادة الرجل على أسرته.
الإصحاح السابع والعشرين
حديث سجود المرأة لزوجها:
أما حديث (.... لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن، لما جعل الله عليهن من الحق) أخرجه أبو داود وقال الحاكم: (صحيح الإسناد) ، ووافقه الذهبى.
وقد روته السيدة عائشة رضى الله عنها فقالت: (قال رسول الله : لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد ، لأمرت المرأة ن تسجد لزوجها ....) [أحمد وابن ماجه]
والمعنى من ناحية التركيب اللغوى فإنه يدل على امتناع وقوعه، لاستخدامه كلمة (لو)، ومعناه امتناع أحد أن يسجد لبشر ، لكن يظل التعبير عن عظم حق الزوج على امرأته. وأما واقعه فلم يحفظ تاريخ المسلمين سجود امرأة لزوجها ، بل حفظ عنهم تمام كرامتهن ، كما حفظ احتفاظها برأيها ، وما لها وشخصيتها. فإن عمر بن الخطاب لم
يستطع أن يمنع امرأته عن الذهاب إلى المسجد حتى فى ظلام الليل فى العشاء والفجر.
الإصحاح الثامن والعشرين
سيادة الرجل على المرأة فى الكتاب المقدس:
هى قوامة العبد على سيده ، وهذا يتضح من النصوص الكتابية ، ومن نصوص الآباء والقديسين:
(16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 16
(22أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، 23لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ
الْمَسِيحَ أَيْضاً رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ. 24وَلَكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذَلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ.) أفسس 5: 22-24
(18أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا يَلِيقُ فِي الرَّبِّ.) كولوسى 3: 18
(3وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُلٍ هُوَ الْمَسِيحُ. وَأَمَّا رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ. وَرَأْسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ.) كورنثوس الأولى 11: 3
(7فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ. 8لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. 9وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ.) كورنثوس الأولى 11: 7-9
ظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزى العام ـ حتى منتصف القرن الماضى تقريباً ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو "المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى الملابس التى كنَّ يلبسنها. أليس هذا استعباد للمرأة وليست فقط قوامة؟
و(نص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.) أليس هذا استعباد للمرأة وليست فقط قوامة؟
وبالتالى لم يكن لها الحق فى امتلاك العقارات أو المنقولات ، ولم يكن لها الحق فى أن تفتح حساباً فى البنك باسمها ، وبعد أن سمحوا أن يكون لها حساب ، لم يكن لها الحق أن تسحب منه ، فعلى زوجها أن يأتى ليسحب لها نقودا من حسابها ، الأمر الذى لا يتم إلا مع الأولاد القُصَّر والمجانين.
وكان شائعاً فى بريطانيا حتى نهاية القرن العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض عضال". أليس هذا استعباد للمرأة وليست فقط قوامة؟
وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل) فإذا كانت المرأة هى مدخل الشيطان ، وأساس الخطيئة
الأزلية ، فكيف تريدننا أن نعطيها القوامة ، وهى السبب فى موت الإله على زعمكم؟
(وفى زمن شباب النبى محمد عقد الفرنسيون فى فرنسا عام 586 م (مجمع باسون) لبحث: هل تُعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كان لها روح فهل هى روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانياً ، فهل هى على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً: قرروا أنها إنسان، ولكنها خُلِقَت لخدمة الرجل فحسب.) فأيهما أنصف المرأة: القوامة فى الإسلام أم الاستعباد فى المسيحية واليهودية؟
يقول توما الإكوينى: (إن المرأة خاضعة للرجل لضعف طبيعتها الجسمية والعقلية معاً. والرجل مبدأ المرأة ومنتهاها، كما أن الله مبدأ كل شىء ومنتهاه. وقد فُرِضَ الخضوع على المرأة عملاً بقانون الطبيعة، أما العبد فليس كذلك.)
وقد ظلت المرأة فى نظر القساوسة ورجال الدين كما كانت عند القديس يوحنا فم الذهب: شراً لا بد منه ، وإغواءً طبيعياً ، وكارثة مرغوباً فيها ، وخطراً منزلياً ، وفتنة مهلكة ، وشراً عليه طِلاء ، وهى أداة الشيطان المحببة التى يقود بها الرجال إلى الجحيم.) (الفيلسوف المسيحى والمرأة ص 144)
(وكان القانون المدنى أشد عداءً للمرأة من القانون الكنسى ، فقد كان كلاً من القانونين يجيز ضرب الزوجة ، وينص على ألا تُسمح للنساء كلمة فى المحكمة "لضعفهن". ويُعاقب على الإساءة للمرأة بغرامة تعادل نصف ما يُفرَض على الرجل نظير الإساءة نفسها. وقد حَرَمَ القانون النساء ـ حتى أرقاهن مولدا ـ من أن يُمثِّلنَ ضياعهن فى برلمان إنجلترا ، أو فى الجمعية العامة للطبقات فى فرنسا. وكان الزواج قد أعطى الزوج الحق الكامل فى الانتفاع بكل ما للزوجة من متاع وقت الزواج ، والتصرُّف فى ريعه.)
ويرى كلمنت أن النقص لا يصيب إلا الأنثى ، ومن هنا كانت ولية الرجل عليها فرضاً: (لا شىء مخزِ أو شائن عند الرجل الذى وهبه الله العقل. لكن المسألة ليست على هذا النحو بالنسبة للمرأة التى تجلب الخزى والعار، حتى عندما تفكر فى طبيعتها ، ماذا عساها أن تكون .. .. إن المرأة موجود أدنى من الرجل ، بسبب العقل الذى هو تاج الرجل ، وهو يحافظ عليه نقيا دون أن تشوبه شائبة "العقل أمانة عند الرجل لا يلحقه خطأ ، ولا يعتريه عيب أو قصور .. أما عند المرأة فإننا نجدها بطبيعتها شيئاً مخزياً ومخجلاً حقاً ..") فكيف تُعطَى القوامة لشخص فاقد الأهلية ، وتسبب فى موت الإله على زعمكم؟
الأمر الذى لا نراه قد حدث مع المرأة المسلمة. فاستقلال شخصية المرأة المسلمة وما قدمه الإسلام لها تكشفه المقارنات الواقعية للأسلوب الذى تعامل به المرأة لدى الغربيين ومن نهج نهجهم والذين لا يزالون - حتى اليوم - لا يعترفون للمرأة بذمة مالية مستقلة ولا كيان مالى مستقل حتى عند صرف شيك من المصرف حيث يشترط إلى جوارها توقيع الزوج.
وأكثر من هذا وضوحا فى تبعية المرأة لزوجها فى الغرب - وليس عند أهل الإسلام - ما نراه من سلب المرأة اسم أسرتها بمجرد اقترانها برجل، مثل المسز غاندى ابنة الزعيم الراحل نهرو والمرأة الحديدية المسز تاتشر ، والسيدة جاكلين التى اقترنت يوما بالرئيس الراحل كيندى فكانت جاكلين كيندى وبعد موته تزوجت الملياردير أوناسيس فأصبحت جاكلين أوناسيس وهكذا.
فهل نحن أمام امرأة لها احترامها ولها ملامح شخصيتها كما يعاملها الإسلام؟ أم أمام سلعة تحمل اسم المشترى بمجرد إتمام البيع؟ ونعرض للمزيد فى أمر استقلال شخصية المرأة فيما يلى من تعقيبات.
الإصحاح التاسع والعشرين
زوجة العبد وأولادها ملك لسيده:
(2إِذَا اشْتَرَيْتَ عَبْداً عِبْرَانِيّاً فَسِتَّ سِنِينَ يَخْدِمُ وَفِي السَّابِعَةِ يَخْرُجُ حُرّاً مَجَّاناً. 3إِنْ دَخَلَ وَحْدَهُ فَوَحْدَهُ يَخْرُجُ. إِنْ كَانَ بَعْلَ امْرَأَةٍ تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ مَعَهُ. 4إِنْ أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ بَنِينَ أَوْ بَنَاتٍ فَالْمَرْأَةُ وَأَوْلاَدُهَا يَكُونُونَ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ يَخْرُجُ وَحْدَهُ. 5وَلَكِنْ إِنْ قَالَ الْعَبْدُ: أُحِبُّ سَيِّدِي وَامْرَأَتِي وَأَوْلاَدِي. لاَ أَخْرُجُ حُرّاً 6يُقَدِّمُهُ سَيِّدُهُ إِلَى اللهِ وَيُقَرِّبُهُ إِلَى الْبَابِ أَوْ إِلَى الْقَائِمَةِ وَيَثْقُبُ سَيِّدُهُ أُذْنَهُ بِالْمِثْقَبِ فَيَخْدِمُهُ إِلَى الأَبَدِ.) خروج 21: 2-6
الإصحاح الثلاثين
الكتاب يسمح بزواج المرأة المسيحية من غير المسيحى ويأمرها بطاعته:
(1كَذَلِكُنَّ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ كُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِكُنَّ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لاَ يُطِيعُونَ الْكَلِمَةَ، يُرْبَحُونَ بِسِيرَةِ النِّسَاءِ بِدُونِ كَلِمَةٍ) بطرس الأولى 3: 1
وقد يُفسَّر (الْبَعْضُ لاَ يُطِيعُونَ الْكَلِمَةَ) بأنهم نصارى أيضاً ، لكن اسماً فقط ، أو لا يجتهدون فى طاعة أوامر الله ونواهيه وينفذونه.
حيث تمنع قوانين الأحوال الشخصية الكنسية الزواج بين رجل وامرأة مختلفى العقيدة، فلا يجوز زواج يهودى أو مسلم بمسيحية، ولا يجوز زواج أرثوذكسى من كاثوليكية.
وهذا القانون مستمد من العهد القديم: (1فَدَعَا إِسْحَاقُ يَعْقُوبَ وَبَارَكَهُ وَأَوْصَاهُ وَقَالَ لَهُ: «لاَ تَأْخُذْ زَوْجَةً مِنْ بَنَاتِ كَنْعَانَ. 2قُمِ اذْهَبْ إِلَى فَدَّانَِ أَرَامَ إِلَى بَيْتِ بَتُوئِيلَ أَبِي أُمِّكَ وَخُذْ لِنَفْسِكَ زَوْجَةً مِنْ هُنَاكَ مِنْ بَنَاتِ لاَبَانَ أَخِي أُمِّكَ.) تكوين 28: 2
والسبب فيه الحفاظ على ميراث كل سبط من أسباط بنى إسرائيل: (7فَلا يَتَحَوَّلُ نَصِيبٌ لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ بَل يُلازِمُ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ سِبْطِ آبَائِهِ. 8وَكُلُّ بِنْتٍ وَرَثَتْ نَصِيباً مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيل تَكُونُ امْرَأَةً لِوَاحِدٍ مِنْ عَشِيرَةِ سِبْطِ أَبِيهَا لِيَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ آبَائِهِ 9فَلا يَتَحَوَّل نَصِيبٌ مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ آخَرَ بَل يُلازِمُ أَسْبَاطُ بَنِي إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ».) عدد 36: 7-9
(ولعل من أجل ذلك ساقكما الله إلىّ حتى تتزوج هذه بذى قرابتها من عشيرة سبط أبيها) طوبيا 7: 14
(ولما أن صار رجلاً اتخذ له امرأة من سبطه اسمها حنه) طوبيا 1: 9
هذا على الرغم من أن موسى عليه السلام تزوج من امرأة كوشية: (1وَتَكَلمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلى مُوسَى بِسَبَبِ المَرْأَةِ الكُوشِيَّةِ التِي اتَّخَذَهَا (لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً) عدد 12: 1
وأن سليمان تزوج من سيدات أجنبيات كثيرات على غير دينه: (1وَأَحَبَّ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ: مُوآبِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَأَدُومِيَّاتٍ وَصَيْدُونِيَّاتٍ وَحِثِّيَّاتٍ 2مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: [لاَ تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ، لأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ]. فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهَؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ. فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ. 4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلَهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ.) ملوك الأول 11: 1-4
الإصحاح الواحد والثلاثين
الإسلام يسمح بزواج المسلم من المسلمة أو أهل الكتاب ، ولا يسمح بزواج المسلمة إلا من مسلم:
يعترف المسلم بكل أنبياء الله ، وبكل كتبه المُنزَلة على أنبيائه ، الأمر الذى يختلف تماماً فى اليهودية والمسيحية ، فأصحاب هاتين الديانتين لا يعترفون لا بالإسلام ديناً ولا بمحمد نبياً ورسولا.
وترجع مسألة الزواج فى الإسلام إلى ما يُعرَف فى فقه الزواج باسم (الكفاءة) ، لذلك إذا تزوج رجل مسلم زانى بامرأة مسلمة عفيفة فلا يُعتبر كفئاً لها ، حتى وإن تاب وحسُنَت توبته. وكذلك فإن المسلم يُحرَّم عليه الزواج بالوثنية ، لأنها لا تعترف بأى دين سماوى.
والمسلمة مؤمنة بكل الأنبياء ، أما غير المسلم فهو جاحد لغير واحد منهم فهو أقل ديناً وإيمانا ، فلا يستحق أن تكون له القوامة عليها. ثم إن الزوج غير المسلم ، ولو كان كتابياً، لا يعترف بدين المسلمة، بل يكذب بكتابها ، ويجحد رسالة نبيها، ولا يمكن لبيت أن يستقر وهذه حالة (القيم) فيه. وعلى العكس من ذلك: إذا تزوج المسلم بالكتابية ، فإنه يعترف بدينها ويؤمن بنبيها وكتابه ، وبذلك يتحقق السكن والرحمة ، الذين يقوم عليهما الزواج ، ولا يتأتى منه إجبارها على ترك دينها.
ومن عظمة الإسلام فى هذا العمل الذى يثبت فيه عدم أنانيته أنه لم يبح أن يرث الرجل زوجته الكتابية إذا ماتت على دينها ، كما منع أيضاً أن ترثه وهى على غير دينه.
ثم كيف يُسلم الإسلام ابنته لرجل كتابى يمنع المرأة من التعلم ، ويبيح بيع بناته القصَّر، ويعتبر المرأة ذليلة وأسيرة خطأ ارتكبه آدم وحواء ، ولا يبيح الطلاق؟ لماذا يرمى الإسلام بناته فى نار جهنم؟ فكيف تنفك المسلمة من الكتابى إذا ظلمها أو سامها سوء العذاب؟ وكيف تحصل على حقوقها التى كفلها لها الإسلام وكرمها بها؟ فهل يُجبر الزوج الكتابى على كل هذا؟ كيف ، والإسلام ينادى بأنه لا إكراه فى الدين؟
وإذا كنا عرفنا من التاريخ الأسود للمرأة بسبب تعاليم الكنيسة وفهم رجالها لنصوص الكتاب ، فما هو الخير الذى كان سينتظر المرأة المسلمة ، لو كانت تزوجت بمسيحى؟ كانت ستزيد من أعداد المعذبات ، وكانت ستزداد صفحات تاريخ المرأة سواداً على سوادها.
ثم منعاً للتعصب وحقناً للدماء ، وتركاً للقيِّم من أهل الكتاب وشأنه فيما يعتقده من أخلاق التعامل مع غير أهل ملته ، وحتى تستقيم أمور الأسرة جاء منع زواج المسلمة من غير الكتابى ، فنظرة المسيحية واليهودية لمن يُخالِف دينهم أنه يستحق القتل ، بل
يستبيح التلمود سرقة غير اليهودى ، وتمنع التوراة الإقراض بربا لليهودى فقط:
(20فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافاً عَظِيماً, فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ, وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ, وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 20-24
(40فَضَرَبَ يَشُوعُ كُلَّ أَرْضِ الْجَبَلِ وَالْجَنُوبِ وَالسَّهْلِ وَالسُّفُوحِ وَكُلَّ مُلُوكِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِداً, بَلْ حَرَّمَ كُلَّ نَسَمَةٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ.) يشوع 10: 28-40
(10ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَخَذَ حَاصُورَ وَضَرَبَ مَلِكَهَا بِالسَّيْفِ.... 11وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ. وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. 12فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ مُدُنِ أُولَئِكَ الْمُلُوكِ وَجَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمَهُمْ كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ.) يشوع 11: 10-12
(3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً» ... 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ, وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً, لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي»)صموئيل الأول 15: 3-11
(10فَلَمْ يَطْرُدُوا الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ. فَسَكَنَ الْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِ أَفْرَايِمَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ, وَكَانُوا عَبِيداً تَحْتَ الْجِزْيَةِ.) يشوع 16: 10
(12وَأَمَرَ دَاوُدُ الْغِلْمَانَ فَقتَلُوهُمَا، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا وَعَلَّقُوهُمَا عَلَى الْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ.) صموئيل الثانى 4: 12
(17وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ، وَقَتَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ بَقُوا لأَخْآبَ فِي السَّامِرَةِ حَتَّى أَفْنَاهُ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ إِيلِيَّا.) ملوك الثانى 10: 17
(3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) أخبار الأيام الأول 20: 3
(8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ, وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ, وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
(16وَكَانَ لِلْيَهُودِ نُورٌ وَفَرَحٌ وَبَهْجَةٌ وَكَرَامَةٌ. 17وَفِي كُلِّ بِلاَدٍ وَمَدِينَةٍ كُلِّ مَكَانٍ وَصَلَ إِلَيْهِ كَلاَمُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ كَانَ فَرَحٌ وَبَهْجَةٌ عِنْدَ الْيَهُودِ وَوَلاَئِمُ وَيَوْمٌ طَيِّبٌ. وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ)أستير8: 16-17
(19«لا تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِباً رِبَا فِضَّةٍ أَوْ رِبَا طَعَامٍ أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِباً 20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِباً وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِباً لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 19-20
(49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ … 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».) لوقا 12: 49-53
(27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27
(14لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ 15وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ 16وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟)كورنثوس الثانية 6: 14-16
فكيف تستقيم الحياة مع الرجل القيِّم على زوجته وهو يراها كافرة ، ويُحثُّه دينه وإيمانه على قتلها ، وقتل أهلها وكل من يُخالِف إيمانه من عائلتها؟ كيف تستقيم الحياة وقتل أسرته بيده من القربات التى يتقرب بها إلى الرب؟ فهل الإسلام من الذاجة أن يضحِّى بنسائه؟ هل رأيتم مقدار حفاظ الإسلام على المرأة ، ورعايته لها؟
بينما يقر الإسلام الشرائع الأخرى، ويأمر بعاملتهم بالحسنى، وعدم إكراههم على ترك دينهم. فيقول: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) الكافرون 1-6
(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 256
(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) يونس 99
(وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) العنكبوت 46
(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) الأنفال 60-61
(إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) التوبة 4
(وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) التوبة 6-7
(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) النحل 125-128
(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة 109
(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فصِّلت 34
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ) المؤمنون 96
(وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصّلوةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَوةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المائدة 12-13
(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى 40
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) الانسان 8
(قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) الجاثية 14-15
(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) يونس 99
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) البقرة 208
(فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) النساء 90
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) النساء 94
فأى قيِّم أعدل؟ وأى قيِّم تجد معه المرأة راحتها فى العبادة والحياة؟ وأى قيِّم سيحافظ على زوجته وعللا دينها ، ويقيم علاقة اجتماعية ناجحة مع المرأة ومع أسرتها؟
ثم إن الجنين يُنسَب إلى أبيه ، فلو كان أبوه غير مسلم ، لكان المشرِّع فى الإسلام يُفرِّط فى أتباعه ، ولأباح بعمله هذا للمسلم أن يعتنق ديناً آخر ، هو رفضه ، ورفض عقائدهم وسفهها ، ولكان بذلك تناقض الكتاب مع نفسه ، لهذا حرَّمَ الإسلام زواج المسلمة من كتابى ، وهذا التشريع دليل من الأدلة التى تبين إحكام تشريع الله سبحانه وتعالى:
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) المائدة 72
(لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) المائدة 73
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران 85
-
الإصحاح الثانى والثلاثين
المرأة والعلم فى الإسلام:
لم يمنع الإسلام المرأة حق التعليم ، ذلك الحق الذى منعته بعض الأديان الكتابية ، والذى ظلت المرأة الغربية المسيحية محرومة منه إلى عصور متأخرة ، بل جعله فريضة من الفرائض الواجبة على كل مسلم ومسلمة ، فقد قال النبى : (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة).
تقول الكاتبة زيجريد هونكه: (لقد كانت خديجة نموذجاً لشريفات العرب ، أجاز لها الرسول أن تستزيد من العلم والمعرفة كالرجل تماماً. وسار الركب وشاهد الناس سيدات يدرسن القانون والشرع ويبقين المحاضرات فى المساجد ويفسرن أحكام الدين. فكانت السيدة تنهى دراستها على يد كبار العلماء ، ثم تنال منهم تصريحاً لتدرس هى بنفسها ما تعلمته ، فتصبح الأستاذة الشيخة. كما لمعت بينهن أديبات وشاعرات ، والناس لا ترى فى ذلك غضاضة أو خروجاً على التقاليد.)
فإن أول ما أنزله الله من القرآن هو الحث على العلم والمعرفة: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) العلق 1-5
وأمرنا الله أن ندعوه بزيادة العلم قائلين: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) طه 114
ورغبنا فى العلم فبيَّنَ لنا أنَّ المتعلم لا يتساوى عنده بغير المتعلم ، فقال: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) الزمر 9
وبين الله لنا أن مكانة أهل العلم عنده أعلى فى درجات الرضى والجنة ، فقال: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)المجادلة 11
وقال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) فاطر 28
ولم يكتفى القرآن بهذا بل حثَّ المسلمين على البحث والتأمل ، وأعطى إشارات علمية ، نذكر منها: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) الطارق 5-7
كما أشار إلى مراحل نمو الإنسان: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) المؤمنون 12-14
وأشار إلى إمكانية استخدام الأهلة فى حساب الأشهر والسنين ، فقال:(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ) البقرة 189
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ )يونس 5-6
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأنعام 97
(وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) النحل 16
كذلك فإن قول الله تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الرعد 4 ، وقوله (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) النحل 11 ، وقوله (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ) الحجر 75 لفيهم دلالة واضحة على الارتباط الوثيق بين العلم والإيمان ، وحث المؤمنين على العلم والبحث عنه وطلبه والتدبُّر فى آيات الله ومخلوقاته.
كما خاطب الله تعالى أمهات المؤمنين رضى الله عنهن فقال: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) الأحزاب 34
وقال : (من سلك طريقاً يطلب فيع علماً ، سلك الله به طريقاً من طرق الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع ، وإن العالِم ليستغفر له مَنْ فى السماوات ومن فى الأرض حتَّى الحيتان فى الماء ، وفضُ العالِمِ على العابدِ كفضلِ القمَرِ على سائرِ الكواكبِ ، وإنَّ العلماءَ وَرَثَةَ الأنبياءِ ، وإنَّ الأنبياءَ لم يَوَرِّثوا ديناراً ولا دِرهَماً ، وإنِّما وَرَّثوا العِلْمَ ، فَمَنْ أَخّذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ واقِر).أبو داود والترمذى
وقال : (مَنْ يُرِدِ اللهُ به خَيْراً يُفقِّهْهُ فى الدين) متفق عليه
وقال : (لا حَسَدَ إلاَّ فى اثنتين: رجل آتاهُ اللهُ مالاً ، فسلَّطهُ على هَلَكَتِهِ فى الحق ، ورجلٌ آتاهُ اللهُ الحِكْمَةَ ، فهو يقضِى بها ويُعلِّمُها) متفق عليه
وقال : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفَعُ به ، أو ولدٍ صالِحٍ يَدعُوا له) رواه مسلم
وقال : (الدنيا ملعونةٌ ، مَلعُونُ ما فيها ، إلا ذكرَ الله تعالى ، وما والاهُ ، وعالماً ، أو متعلِّماً) الترمذى
وقال : (مَنْ خَرَجَ فى طلبِ العِلمِ فهو فى سبيلِ اللهِ حتَّى يَرْجِعَ) الترمذى
وقال : (مَنْ سُئِلَ عن علم فَكَتَمَهُ ، أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ) أبو داود والترمذى
وقال: (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد) [لم أجد تخريجه]
وقال: (اطلبوا العلم ولو فى الصين) [لم أجد تخريجه]
وقال: (إن مداد الطالب أقدس من دم الشهيد)
حتى الجاريات فقد حثَّ رسول الله على تعليمهن وتربيتهن وعتقهنّ ، فقال: (أيّما رجل عنده وليدة [جارية]، فعلَّمها ، فأحسنَ تعليمها ، وأدَّبها ، فأحسنَ تأديبها ، ثم أعتقها
وتزوجها فله أجران) متفق عليه
الأمر الذى دفع الصحابيات على لقاء الرسول لأخذ العلم من أعلى مصادره ، كما حرص الصحابة والتابعين على لقاء نساء النبى من أجل أخذ العلم من مصدر هو من أغنى مصادره بعد وفاة الرسول الكريم .
وقد أحسَّت المرأة نتيجة لهذا الحث بحاجتها إلى العلم ، فذهبت إلى النبى تطلب منه مجلساً للعلم خاصاً بالنساء مثل مجلس علم الرجال. فعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال: (جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: (يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك ، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيكَ فيه تعلمنا مما علمك الله) فقال : (اجتمعنَّ يوم كذا وكذا فى مكان كذا) فاجتمعن ، فأتاهنَّ ، فعلمهن مما علمه الله).
هكذا بلغ حرص النساء المسلمات على العلم غايته ، بل زاد نهمهن لطلب العلم حتى تطلبن المجالس الخاصة بهن للتعليم ، مع أنهن يستمعن فى المسجد لتعليم الرسول ومواعظه.
وكانت السيدة عائشة من أفقه النساء فى أمور الدين ، حتى قال عنها الرسول لأصحابه الرجال: (خُذُوا نصف دينكم عن هذه الحميراء). فقد ردَّت السيدة عائشة على ابن أختها أسماء "عروة بن الزبير" حين ظنَّ أن الطواف بالصفا والمروة بيس واجباً فى أداء فريضة الحج اعتماداً على قوله تعالى: (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا) البقرة 158 ، حيث يوحى ظاهر الآية بالتخيير لا الفرض. فقالت له يا بن أختى بئس ما فهمت ، لو كان الأمر كما فهمت لكانت الآية تقول "ألا يطّوف بهما".
وكان عمرها حين لحق الرسول بربه لم يخط بعد إلى التاسعة عشرة، ولم يكن بين أصحاب النبى من كان أروى منها ومن أبى هريرة رضى الله عنهما، على أنها كانت أدقَّ منه وأوثق. وكانت رضى الله عنها تُحسن أن تقرأ ، ولم يكن يعرف ذلك إلا عدد محدود من أصحاب رسول الله ، وكم كان لها رضى الله عنها من استدراكات
على الصحاية وملاحظات ، فإذا علموا بذلك منها رجعوا إلى قولها.
وكانت تأتيها النساء فى بيتها فتعلمهن ، وتفقهُّنَّ فى الدين ، وكان من بين هؤلاء النساء المرأة المخزومية ، التى قُطِعَت يدها.
ومما قيل فى علم السيدة عائشة: (نقلا عن عودة الحجاب ج 2)
قال الزهرى: (لو جُمِعَ علم عائشة إلى علم جميع النساء ، لكان علم عائشة أفضل)
وقال عطاء: (كانت عائشة أفقه الناس ، وأحسن الناس رأياً فى العامة)
وعن موسى بن طلحة قال: (ما رأيت أحداً أفصح من عائشة)
وقال مسروق: (رأيت مشيخة أصحاب محمد يسألونها عن الفرايض)
وعن عروة بن الزبير قال: (ما شكل علينا أصحابَ رسول الله حديث قط ، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً)
وقد كان الرجال يطلبون العلم من أمهات المؤمنين: فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبى يسألون عن عبادة النبى .. ..
وهل تجد موطناً أوثق، ومرتقى أسمق ، ومنزلة أوثق من أن علىَّ بن أبى طالب رضى الله عنه ـ وهو العَلَمَ الأشم الذى لا يدانيه أحد فى علمه وحكمته ، وقربه من رسول الله وقرابته ـ يتلقى الحديث على مولاة [جارية] لرسول الله كانت تقوم على خدمته ، وهى ميمونة بنت سعد؟ فكيف بمن دون على رضى الله عنه؟!
انظر إلى احترام الصحابة للمرأة ولعلمها، حتى ولو كانت أمةٌ! فهؤلاء الرجال يعترفون بجهلهم فى مسألة أو أكثر ، ويُقرُّون بعلم امرأة ، بل ويلجأون إليها للتعلم منها! حتى على بن أبى طالب (الذى قال عنه رسول الله أنا مدينة العلم وعلى بابها) لم يتكبر أن يتعلم من أمة ، احترمها واحترم ما عندها من علم ، فجلس يتعلم منها.
وكذلك كانت أمنا السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما ، فقد كانت تتعلم الكتابة فى الجاهلية على يد امرأة كاتبة تُدعى (الشفاء العدوية) وهى سيدة من بنى عُدى قبيلة عمر بن الخطاب ، فلمَّا تزوجها النبى طلب إلى الشفاء أن تعلمها تحسين الخط وتزيينه كما علمتها أصل الكتابة.
وقد قيل إن عائشة بنت طلحة وفدت على هشام بن عبد الملك ، فلمَّا تذاكر شيوخ بنو أميَّة العلوم والمعارف من أشعار العرب وأخبارهم وكانت حاضرة عنده شاركتهم فى ذلك، حتى إذا ذكروا النجوم والأفلاك ذكرت لهم أسماءها، فقال لها هشام: أما عن الأول فلا أنكره وأما النجوم فمن أين لك هذا ، قالت تعلمتها من خالتى عائشة أم المؤمنين.
كما قدَّرَ الرسول علم المرأة لدرجة أنه جعله بديلاً عن المهر ، عند عجز الزوج عن دفع المهر. فقد قال رسول الله لرجل لم يكن معه ما يتزوج به: (تزوجها على ما عندك من كتاب الله). بل جعله فدية أسرى الحرب ، فكان العلم يساوى حياة الأسير ، وكان كل أسير يُعلِّم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة ، يُطلق سراحه.
ولقد وجد على مر القرون نساء تجاوزن علوم فرض العين إلى فرض الكفاية ، فكانت منهن المحدثات العظيمات ، والراويات الثقات ، حتى عدَّهنَّ الإمام محمد بن سعد صاحب كتاب (الطبقات الكبرى) نيِّف وسبعمائة امرأة من المحدِّثات اللاتى روين عن رسول الله أو عن صحابته رضى الله عنهم ، وروى عنهنَّ أعلام الدين وأئمة المسلمين.
لقد بلغت الكثيرات من العالمات المسلمات منزلة علمية رفيعة ، فكان منهن الأستاذات والمدرسات (للإمام الشافعى ، والإمام البخارى ، وابن خلكان ، وابن حيان). ونعرض فيما يلى نماذج من هؤلاء الفقيهات والمحدثات اللائى اعتززن بالإسلام ، فكان لهنَّ سهم فى إعزازه ، والبذل فى سبيله:
تولت السيدة الشفاء بنت عبد الله المخزومية عصر عمر بن الخطاب قضاء الحسبة فى سوق المدينة، وهى وظيفة دينية ومدنية تتطلب الخبرة والصرامة.
استشار النبى صلى الله عليه وسلم زوجته أم سلمة عندما تقاعس الناس عن التحلل من عمرة الحديبية ، وبذلك أنقذت رجال المسلمين من الهلاك وعذاب الله.
ويُروَى عن أم الدرداء الفقيهة الزاهدة قولها: (لقد طلبت العبادة فى كل شىء ، فما أصبت لنفسى شيئاً أشفى من مجالسة العلماء ومذاكرتهم.)
وهذه ابنة سعيد بن المسيب لما دخل بها زوجها ، وكان من أحد طلبة والدها ، فلما أصبح أخذ رداءه يريد أن يخرج ، فقالت له زوجته: إلى أين تريد؟ ، فقال: إلى مجلس سعيد أتعلم العلم. فقالت له: "اجلس أعلمك علم سعيد!"
وكانت امرأة الحافظ الهيثمى ـ وهى بنت شيخه الحافظ العراقى ـ تساعد زوجها فى مراجعة كتب الحديث.
وشهدة الملقبة بفخر النساء فى القرن الخامس الهجرى فهى كانت كاتبة بغدادية ، عالمة محدِّثة عابدة ، صادقة فى رواية الحديث ، وكانت تجيد الخط ، ولها رسائل فى الحديث والفقه والتوحيد. كانت تلقى دروساً فى الأدب والتاريخ فى جامع بغداد على الجمهور. وكان لها منزلة علمية كبيرة فى التاريخ الإسلامى،ولهذا كان يحضر دروسها
كثير من العلماء والفضلاء.
وكانت كريمة بنت محمد بن حاتم المروزية سيدة الوزراء من راويات صحيح البخارى المعتبرة عند المحدثين ، روت عن السرخسى ، وكانت نابغة فى الفهم والنباهة وحدَّة الذهن ، رحل إليها أفاضل العلماء.
وكانت شجرة الدر زوجة نجم الدين أيوب ، أول امرأة تتولى حكم مصر ، وقد أدارت رحى الحرب على ملك فرنسا سان لويس بعد موت زوجها بالمنصورة. وقد عُرِفَت بالذكاء النادر ، والذهن الحاضر ، وحب القراءة والكتابة.
وكانت السيدة مهر النساء زوجة الأمير سليم عرش فارس ، وكانت تتقن اللغتين العربية والفارسية وآدابهما ، بالإضافة إلى علمها الواسع فى الموسيقى ، وكانت هى التى تستقبل الأمراء والحكام. وقد حدث مرة أن وقع زوجها أسيراً فى بعض الحروب ، فقامت على رأس الجنود ، فاستخلصته من قبضة الأعداء. وكانت تربى اليتامى واليتيمات وتعطف عليهم وتزوجهم، كما كانت موئل المظلومين، وملاذ المعدمين. وكان زوجها يدعوها (نور القصر) ، وكان الشعب يدعوها (نور جهان) أى نور الدنيا. وكانت تأمر بالخطبة فى المساجد ، وتحدد الضرائب ، وتنظر فى أموال البلاد يومياً ، وقد كتب اسمها على النقود إلى جانب اسم زوجها. كما أنشأت بعض المدارس والمستشفيات والمطاعم. وأصدرت قانوناً بمنع الهنود من دفن النساء وهن على قيد الحياة مع أزواجهن عند موتهم.
وكانت أم الحسن بنت القاضى أبى جعفر الطنجالى طبيبة مبرزة شهيرة فى الطب، كثيرة الاطلاع ، كما أجادت علوماً كثيرة فى الطب. وكانت أختها وابنتها من العالمات بالطب والمداواة ، ولهما خبرة كبيرة بعلاج أمراض النساء.
وكانت من المحدِّثات أيضاً السيدة زينب بنت عبد الله بن عبد الحليم بن تيمية الحنبلية ابنة الإمام شرف الدين عبد الله أخى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمهم الله
تعالى ، وزوجة الإمام العلامة أبو محمد عبد الوهاب بن السلاّر.
وكانت أم عبد الواحد عالمة فاضلة من أحفظ الناس للفقه على مذهب الشافعى ، وحفظت القرآن وغير ذلك من العلوم ، وكانت مُحدِّثة.
وكانت وقاية امرأة عالمة فاضلة، كانت بإحدى مدن ليبيا، وكان يلجأ إليها أفاضل العلماء ، ويقولون: (تعالوا بنا نستشير وقاية ، فعصابتها خير من عمائمنا).
ومن المحدِّثات أيضاً السيدات:
زينب ابنة الكمال ومن تلاميذها الإمام محمد بن حمزة الحسينى.
ووزيرة بنت عمر بن المنجى ومن تلاميذها الإمام محمد بن سوار السبكى.
ست القضاة بنت الشيرازى ومن تلاميذها الحافظ بن ناصر الدين الدمشقى ، والقاضى الإمام أحمد بن فضل الله العمرى. وغيرهن المئات الكثيرة.
والسيدة زبيدة زوج هارون الرشيد التى كانت لها مكانة عظيمة فى عصرها، فهى التى أمدت مكة بالماء الصالح للشرب من العين التى عُرِفَت باسمها ، وهى التى أمرت ببناء إسكندرونة بعد أن دمرها البيزنطيون. وكانت تُقرِض الشعر الجيد ، ولها آراء صائبة فى السياسة والحروب.
هل سمع الناس فى عصر من العصور أو عن أمة من الأمم فيها عالم من أوثق رواة الحديث عقدة وأصدقهم حديثاً وهو الحافظ بن عساكر (توفى 571 هـ) الملقَّب بـ (حافظ الأمة) كان له من شيوخه وأساتذته بضع وثمانون من النساء؟ عالم واحد يتلقى العلم عن بضع وثمانين امرأة؟ فكم ترى منهن من لم يلقها أو يأخذ عنها؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن الرجل لم يجاوز الجزء الشرقى من الدولة الإسلامية ، فلم تطأ قدماه أرض مصر ، ولا بلاد المغرب ، ولا الأندلس وهى أحفل ما تكون بالعالمات وذوات الرأى من النساء.
بل كان منهن من اعتلى عرش العلم ووصلن إلى أعلى المراتب العلمية ، حتى أنهن كن يمنحن الإجازات العلمية للرجال ، ومن أمثال ذلك أم المؤيد زينب بنت الشعرى ، التى منحت العالم ابن خلكان إجازة علمية كتبتها له فى سنة 610 هـ.
وكان العلماء فى الدولة الإسلامية يجدون فى حلهم وترحالهم كل عناية واهتمام من قبل الحكام فى البلاد الإسلامية ، فبالإضافة إلى المكانة الرفيعة التى كانوا يحظون بها عند الخلفاء والولاة والأمراء ، كانت تُغدق الأموال عليهم وتيسر لهم جميع الوسائل فى سبيل مواصلة أبحاثهم ودراستهم. بالإضافة إلى إنشاء المدارس والمعاهد والجامعات ودور العلم ، بالإضافة إلى بناء بعض الولاة المساكن لطلاب العلم ، علاوة على الأوقاف الكبيرة التى كانت توقف على طلبة العلم.
بل تولت امرأة القضاء فى العصر العباسى ، ومنهن من اشتغلن بالسياسة ، وناصرن طائفة على أخرى ، معتمدات على فصاحتهن ، وعاطفتهن المؤثرة ، وبديهتهن الحاضرة ، ومقدرتهن الخطابية الملتهبة ، كما حدث وقت القتال بين على ومعاوية ، فقد ناصرت نساء كثيرات عليَّاً ، مثل هند بنت يزيد الأنصارية ، والزرقاء بنت عدى بن قيس ، وأم الخير البارقية ، وعكرشة بنت الأطروش. وفى العصور التالية لعبت الخيزران امرأة المهدى الخليفة الثالث من بنى العبَّاس ، وشجر الدر.
كل هذا كان يحدث فى الوقت الذى كانت فيه الكنيسة فى الغرب المسيحى تمنح طلاب العلم رخصاً من أجل التسوُّل! لكى يستطيعوا عن طريقها تغطية نفقاتهم الدراسية على الرغم من امتلاك الكنيسة للأموال الطائلة ، وهذا يدل دلالة واضحة على عدم اهتمام الكنيسة بالعلم وطلابه. علاوة على مصادرتها لبعض الكتب وحرقها ـ لاحتوائها على بعض الحقائق العلمية التى تخالف نظرياتها ـ كما كانت تفرض الرقابة الصارمة على المطبوعات وتتدخل فى بحوث العلماء ودروسهم ، وتحرِّم على أتباعها مطالعة الكتب المخالفة لنظرتها.
وكان من نتيجة هذا الجهل الذى ضربته الكنيسة على أتباعها:
1- أحرقت مكتبة الأسكندرية التى كانت تحتوى على كتب البطالسة والمصريين القدماء على عهد جول قيصر ، وكانت قسمين أحدهما مكتبة البروخيوم وتحتوى على 400 ألف مجلد ، والأخرى السرابيوم وتضم 200 ألف مجلد.
2- انتحل بطريرك الإسكندرية أدنى الأسباب لإثارة ثورة فى المدينة لإتلاف ما بقى فى مكتبة البطالسة بعضه بالإحراق وبعضه بالتبديد ، ولقد قال أوروسيوس المؤرخ إنه رأى أدراج المكتبة خالية من الكتب ، بعد أن نال تيوفيل الأمر الإمبراطورى من قيصر الرومان بإتلافها بنحو عشرين سنة.
3- جاء بعد تيوفيل ابن أخته سيريل بطريركاً على الإسكندرية ، وكان خطيباً مفوَّهاً ، له على الشعب سلطان بفصاحته ، وكان فى الإسكندرية فتاة تسمى هيباتى الرياضية ، تشتغل بالعلوم والفلسفة ، وكان يجتمع إليها كثير من أهل النظر فى العلوم الرياضية ، وكان لا يخلو مجلسها من البحث فى الفلسفة ، فلم يحتمل سيريل السماع بها وبعلومها ، مع أن الفتاة لم تكن مسيحية ، بل كانت على دين آبائها المصريين القدماء ، فأخذ يثير الشعب عليها حتى قعدوا لها وقبضوا عليها فى الطريق سائرة إلى دار ندوتها. فقبضوا عليها وفعلوا بها الآتى:
أولاً : جردوها من ملابسها كلية.
ثانياً : أخذوها إلى كنيسة الإسكندرية مكشوفة العورة.
ثالثاً : قتلوها فى مقر الكنيسة.
رابعاً : قطعوا جسمها تقطيعاً.
خامساً : ثم فصلوا اللحم عن العظم.
سادساً : ألقوا ما بقى منها فى النار.
ويقول مؤرخ هذه القصة وراويها ، ولم تسأل الدولة القديس سيريل بطريرك الإسكندرية عما صنع بالفتاة هيباتى ، ولم تنظر الحكومة الرومانية فيما وقع عليها.
4- حرق العلماء وكتبهم إذا تعارض علمهم مع جهل الكنيسة ورجالها ، فقد كانت الكنيسة تصف السبب العلمى لقوس قزح بأنه قوساً حربياً بيد الرب ينتقم بها من عباده إذا أراد ، فأثبت العالم دى رومنيس أن هذا القوس هو من إنعكاس ضوء الشمس فى نقطة الماء ، فقبض عليه وأحضروه إلى روما ، وحُبِسَ حتى مات ، ثم حوكمت جثته وكتبه فحكم عليها وألقيت فى النار.
5- بعد انحسار الإسلام عن بلاد الأندلس فى إسبانيا ، قام الكاردينال اكسيهنيس بإحراق ثمانية آلاف كتاب عربى مخطوطة فى غرناطة ، فيها كثير من ترجمة الكتب المعول عليها عند علماء أوروبا وقتئذ.
الإصحاح الثالث والثلاثين
شبهة ورد:
من الذى أحرق مكتبة الأسكندرية؟
من الاتهامات الشائعة التى يُرمى بها الإسلام والمسلمون هو إحراق عمرو بن العاص لمكتبة الأسكندرية. ويستشهدون ببعض النصوص التى ذكرت فى بعض المراجع التاريخية التى كتبها بعض المؤرخين من المسلمين والنصارى.
وحجتهم فى ذلك ما كتبه عبد اللطيف البغدادى (1231 م) فى كتابه “الإفادة والاعتبار فى الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر” ، والمقريزى يكاد ينقل ماذكره البغدادى حرفياً ، وكذلك ابن القفطى (1248 م) فى كتابه “أخيار العلماء بأخبار الحكماء” ، وكذلك الكاتب النصرانى أبا الفرج الملطى (1277 م) فى كتابه “مختصر الدول”.
من المعروف أن عمرو بن العاص قد فتح مصر عام 642 م، وقد تلاحظ من التواريخ أعلاه أن أول من كتب عن هذا هو عبد اللطيف البغدادى بعد الفتح بزمن يبلغ تقريباً 600 عام. أضف إلى ذلك أن المؤرخين الذين سبقوه لم يشيروا إلى هذه التهمة أية إشارة مع أنهم قد تكلموا فى كتبهم بإسهاب عن الفتح العربى لمصر. ومن هؤلاء المؤرخين سعيد بن البطريق ( 905 م ) تقريباً والطبرى واليعقوبى والبلاذرى وابن عبد الحكم والكندى وغيرهم.
أضف إلى ذلك أن الكتَّاب فى القرنين السابقين للفتح العربى لم يذكروا شيئاً عن وجود مكتبة عامة فى الأسكندرية، وكذلك لم يشر إليها حنا النقيوس ولا إلى إحراقها مع أنه كتب عن الفتح العربى.
أكَّدَ لوبون جوستاف فى كتابه “حضارة العرب” المطبوع عام 1884 بباريس (صفحة 208 ): أن المكتبة لم تكن موجودة عند الفتح العربى ، إذ كانت قد أُحرِقَت عام 48 ق . م عند مجىء يوليوس قيصر إلى الأسكندرية.
وهذا ما أكده بطلر فى كتابه “فتح العرب لمصر” صفحة 303 - 307 وأضاف أن يوليوس قيصر كان محصوراً سنة 48 ق . م فى حى البروكيون يحيط به المصريون من كل جانب تحت قيادة أخيلاس ، فأحرق السفن التى فى الميناء لقطع خط الرجعة على يوليوس وقيل إن النيران امتدت إلى المكتبة (يقصد هنا مكتبة المتحف أو المكتبة الأم) وأحرقت المكتبة وأفنتها أو قد فنيت تماماً فى القرن الرابع الميلادى.
ويواصل بطلر دفاعه قائلاً: أما المكتبة الوليدة التى قامت فى السيرابيوم فإنها كانت فى حجرات متصلة ببناء معبد السيرابيوم وقد أحرق هذا المعبد فى عهد تيودوسيوس عام
391 م على يد المسيحيين الذين كان يقودهم رئيسهم تيوفيلوس.
أكَّدَ جيبون فى كتابه “إضمحلال وسقوط الإمبراطورية الرومانية” الجزء التاسع (صفحة 275 ): أن المكتبة قد أُحرِقَت عام 387 - 395 م فى عهد تيودوسيوس.
وقد يدل على صدق هذه الأقوال أن أحد الرحالة الرومان واسمه أورازيوس قد زار مصر فى أوائل القرن الخامس الميلادى وكتب عنها سنة 416 م وذكر أنه لم يجد سوى رفوف خالية من الكتب فى هذه المكتبة.
ذكر جرجى زيدان فى جزئه الثالث من كتابه التمدن الإسلامى (صفحة 42 – 43) نقلاً عن أبى الفرج الملطى (النصرانى) – وهذا مانقله المقريزى عنه بالحرف - أن يوحنا النحوى صرَّح أن المكتبة كان بها على عهد بطولماوس فيلادلفوس أكثر من 120 50 كتاباً وأن هذه الكتب تم احراقها فى ستة أشهر بعد أن وزعت على أربعة آلاف حمام.
ويعترض فريق من المؤرخين على رواية أبى الفرج لأسباب كثيرة لا يقرها العقل:
1- مات يوحنا النحوى قبل فتح العرب لمصر بحوالى 30 أو 40 سنة.
2- كيف يعمل عمرو بن العاص على إحراق الكتب ثم يسلمها إلى الحمَّامات التى يقوم على خدمتها نصارى مصر – مع العلم بوجود كتب ومقتنيات نفيسة فى هذه المكتبة؟
3- ألم يكن فى استطاعة أصحاب الحمامات أن يبيعونها ويتربحوا منها؟
4- ألم يكن فى استطاعة أحد الأثرياء من أمثال يوحنا النحوى أن يشتروها؟
5- كانت الكتب تصنع من ورق الكاغد الذى لا يصلح لإيقاد النار.
6- كان أول ما أنزله الله من القرآن هو الحث على العلم والمعرفة بالقراءة ، فكيف يتم ذلك لو أحرق المسلمون كتب العلم؟: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) العلق 1-5
7- من الأوامر الربانية أن نطلب من الله بالدعاء أن يزيدنا علماً ، فلم يحرق المكتبة إلا من يعتبر العلم الدنيوى كفراً: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) طه 114
8- كذلك أعلمنا الله أن المتعلمون أرفع درجات ، وأكثر تقوى وخشية ومعرفة له من غير المتعلمين ، بل هى من أسباب رضى الله على عبده المتعلم ، كأداء الفروض تماماً: فكيف يتسنى لمسلم أن يحرق ويهدم أسباب رضى ربه ، وأسباب ارتقاء مكانته عند الله؟ فقال تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) الزمر 9
وقال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) فاطر 28
وقال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)المجادلة 11
9- كذلك وجود النصوص القرآنية التى تأمرنا بالبحث ودراسة سنن الأقدمين مثل:
(قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ) آل عمران 137
(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) آل عمران 186
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ) إبراهيم 9
بل إن آيات الله تعالى التى تحث المسلم على التفكر ، والتدبر ، والتعقل لتمنع المسلم من أن يقترف مثل هذه الجريمة. فقد قال تعالى:
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الرعد 4
وقال: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) النحل 11
وقال: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ) الحجر 75
إضافة للآيات الأخرى الكثيرة التى تحث المسلم على البحث والدراسة، والعلم، والتأمل، والمقارنة، فلم يتنكر المسلم لعلم مطلقاً، وكان العلم والتمسك بالقرآن وسنة النبى هو سبب ارتفاع شأن المسلمين، وعلى النقيض فقد كان سبب تأخر النصارى حتى القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هو تمسكهم بالكتاب المقدس، فلما انفصلت الكنيسة عن الدولة، تجرأ العلماء عندهم، وأخذوا بأسباب العلم، الذى توصل إليه المسلمون ، وقامت نهضتهم. ومن أمثال هذه الآيات قوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) فاطر 28
والآيات التى تُحثَّ المسلمين على البحث والتأمل ، مثل:
(فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) الطارق 5-7
ومثل: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ )المؤمنون12-14
ومثل: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ) البقرة 189
ومثل: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ )يونس 5-6
ومثل: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأنعام 97
ومثل: (وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) النحل 16
10- من المعروف أن المسلمين كانوا يعملون على نشر العلم منذ غزوة بدر، ولذلك كانوا يطلقون سراح الأسير إذا قام بتعليم عشرة من المسلمين.
11- المدقق فى الحديث المنسوب ليوحنا النحوى عن عمرو بن العاص حيث ذكر أن هذه الكتب نفيسة ولا تُقدَّر بمال. وما كان لعمرو بن العاص أن يحرقها لأنها مال يخص أقباط مصر، والعهد الذى أخذه عمرو على نفسه يقتضى حماية الأقباط وأموالهم.
12- من المعروف فقهياً إذا أتلف أحد المسلمين شيئاً يملكها أحد النصارى ، كان لزاماً عليه أن يرد له ثمنها ولو كانت خمراً أو لحم خنزير ، فما بالك بأننا نتكلم عن كتب وعلم ، فما كان له أن يفنى هذا العلم، ولو كان مُخالفاً لدينه، طالما أنه ملك للنصارى.
13- دفع عمرو بن العاص للمصريين فى الوجه القبلى ثمن ما أتلفه الرومان فى هجومهم الثانى على مصر بسبب خطته التى كانت ترمى إلى سحب القوات الرومانية بعيداً عن الأسكندرية. فيستبعد أن يكون قد أتلف ممتلكاتهم وأموالهم إبراراً بعهده معهم.
14- رأى الرسول مع عمر بن الخطاب رقوقا من الكتاب المقدس ولم يأمره بحرقه أو التخلص منه. كذلك سأل الرسول عليه الصلاة والسلام اليهود عن قول التوراة فى الزناة وقرأوا عليه من الكتاب الذى بأيديهم، ولم يأمر أحداً بنزعه منهم أو حرقه.
15- على الرغم من أن الكتاب المقدس به بعض النصوص التى يراها المسلم شركاً بيناً أو كفراً صريحاً أو قذفاً لا مراء فيه فى حق الأنبياء، أو فى حق الله، وعلى الرغم من أن البعض قد يفهم النصوص التى تشير إلى زنا الأب ببناته ، أو زنا الحمى بكنته، أنها دعوة للإقتداء بهؤلاء الأنبياء وأفعالهم، إلا أنه لم يقم أحد من المسلمين بحرق نسخة واحدة من الكتاب المقدس ولا توجد نصوص فى القرآن أو السنة تحض على ذلك.
16- أنشأ المأمون بتشجيع من وزرائه عام 830 م فى بغداد مكتبة تُدعَى “بيت الحكمة” وهو عبارة عن مكتبة عامة ودار علم ومكتب ترجمة، ويُعد بيت الحكمة أعظم صرح ثقافى نشأ بعد مكتبة الأسكندرية. فيستبعد على مسلم أُمِرَ بالعلم والقراءة والبحث والتدبر أن يحرق كتاباً للعلم.
17- نمت دور الكتب فى كل مكان نمو العشب فى الأرض الطيبة ، ففى عام 891م يحصى مسافر عدد دور الكتب العامة فى بغداد بأكثر من مئة. وبدأت كل مدينة تبنى لها داراً للكتب يستطيع أى من الشعب استعارت أى كتاب منها ، أو أن يجلس فى قاعات المطالعة ليقرأ ما يريد.
18- كانت مكتبة النجف فى العراق ـ وهى مكتبة صغيرة ـ تحتوى فى القرن العاشر أربعين ألف مجلد، بينما لم تحو أديرة الغرب سوى اثنى عشر كتاباً ربطت بالسلاسل، خشية ضياعها. وكان لكل مسجد مكتبته الخاصة، بل إنه كان لكل مستشفى يستقبل زواره قاعة فسيحة صُفَّت على رفوفها الكتب الطبية الحديثة الصدور، تباع لطلبة العلم والأطباء، ليقفوا منها على آخر ما وصل إليه العلم الحديث. ولقد جمع نصير الدين الطوسى لمرصده فى مراغة أربعين ألف مخطوطة.
19- حذا حذو الخليفة فى بغداد كل الأمراء العرب فى مختلف أنحاء العالم العربى. مثلاً مكتبة أمير عربى فى الجنوب كانت تحتوى على مئة ألف مجلد. ورُوِىَ أنه لما شُفِىَ سلطان بخارى محمد المنصور من مرضه العضال على يد ابن سينا ، وهو بعد فتى لم يتجاوز الثامنة عشر ، كافأه السلطان على ذلك بأن سمح له أن يختار من مكتبة قصره ما يحتاج إليه من الكتب لدراستها ، وكانت كتبها تشغل حيزاً كبيراً من القصر ، وقد رُتِّبَت حسب موضوعاتها. ويكتب ابن سينا عن ذلك الحديث فيقول: (وهناك رأيت كتباً لم يسمع أغلب الناس حتى بأسمائها).
20- ولا يستطيع أحد أن يقارن نفسه بالخليفة العزيز فى القاهرة. حتى خليفة قرطبة ، الذى بعث رجاله وسماسرته فى كل أنحاء الشرق ليجلبوا له الكتب فيزيد روائع مكتبته ، أنَّى له أن يصل إلى ما فعله العزيز؟! لقد حوت مكتبة العزيز على مليون وستمائة ألف (000 600 1) ، فكانت بذلك أجمل وأكمل دار للكتب ضمَّت 6500 مخطوطة فى الرياضيات و 18000 مخطوطة فى الفلسفة ، ولم يمنع هذا قط ابنه من بعده ، حين اعتلى العرش ، من أن يبنى مكتبة ضخمة فيها ثمانى عشرة قاعة للمطالعة إلى جوار المكتبة القديمة.
21- ترك ابن الجزار (الطبيب والرحالة القيروانى) عند وفاته 250 طنا من لفائف جلد الغزال التى كتبها بنفسه. ويُحكى أن طبيباً آخر ـ ولم يكن أحد فى ذلك العصر يشك فى صدق هذه الرواية ـ لم يستطع أن يقبل دعوة سلطان بخارى لزيارة قصره لأنه كان مشغولاً بتحميل 400 جمل لنقل مكتبته التى بلغ وزن كتبها 10000 كيلو جرام إلى مسكنه الجديد. وعرف الناس عند وفاة أحد العلماء أنه ترك 600 صندوقاً متخم بالكتب فى كل فروع العلم ، وأن كل صندوق منها بلغ من الثقل حداً جعل عددا من الرجال يعجزون عن نقله إلى خارج المنزل.
22- وحذا الوزراء ورجال الدولة حذو الخلفاء والأمراء ، فلقد ترك الوزير المهلبى عند وفاته 963 م مجموعة من 117000 مجلد ، واستطاع زميله الشاب ابن عبَّاد أن يجمع فى مكتبته 206000 كتاب ، وجمع أحد قضاته 000 050 1 مجلداً.
ولما كانت هذه الأرقام الضخمة قد حسبت بالتقريب وبولغ فى بعضها ، فإن هذه المبالغة نفسها لهى أكبر دليل على مفاخرتهم بذلك وسرورهم بكل جهد يُبذل فى هذا السبيل ، وليس أدل على هذا مما نقرأه من أن بعض الوزراء لم يكن يخرج إلى رحلة إلا ومعه حمولة ثلاثين جملاً من الكتب تصحب ركبه.
23- لقد تقاضى ابن الهيثم 75 درهماً أجراً لنسخ مجلد من مجلدات أقليدس ، وهو مبلغ لا يستهان به ، فقد عاش منه ابن الهيثم ستة أشهر. لقد كان إذن اقتناء كتب العلماء اليونانيين والقدماء غير المسلمين ليس بالكفر ، وليس بالهرطقة ، بل كان من الأمور التى يتباهى بها العلماء والخلفاء والوزراء وكبار رجال الدولة ، ويبحثون عنها ويدفعون كل نفيس فى سبيل اقتنائها. فليست إذن من أخلاق المسلم أن يحرق كتاباً.
24- سافر أحد الدلالين (كانت مهمتهم شراء الكتب النادرة وبيعها) من بغداد إلى القاهرة ليشترى من مصر النادر من الكتب ، وكان قد سمع بأخبار طبيبها الشهير إبراهيم بن الصوفان الذى كان يوظف عدداً من النسَّاخ ويشرف عليهم ، حتى صار له كنز من الكتب الطبية وغيرها ، وقدم التاجر للطبيب عرضاً مغريا لشراء عشرة آلاف مجلد من مكتبته ، ووافق الطبيب ، ولكن أخبار الصفقة وصلت إلى آذان الوزير الأفضل ، الذى كان بدوره من عشاق العلم الذين يقدرون قيمته وقدسيته ، فثارت فيه نزعة حبه للكتاب وتقديسه إياه ، كما ثارت فيه النزعة الوطنية ، وأقنع الطبيب بالإبقاء على هذا الكنز داخل البلد ، ودفع له من ماله الخاص الثمن الذى عرضه التاجر العراقى ثمناً لتلك الكتب.
25- هناك الكثير جداً من الكتب أنقذها المترجمون العرب ، ولولا مجهوداتهم فى الترجمة لضاعت هى الأخرى ، منها كتب جالينوس فى علم التشريح ، ومخطوطات هيرون وفيلون ومينلاوس فى الميكانيكا والرياضيات ، وبطلميوس فى البصريات ، ومخطوطة لأقليدس فى علم التوازن ، ومخطوطة فى (ساعة الماء) ، وقانون الطفو لأرشميدس.
وثمة ثلاثة كتب علمية لأبولونوس أنقذها ثابت بن قرة الطبيب وعالم الرياضيات الكبير الذى عمل مع ولد حنين بن اسحق وابن أخيه المرَّز النبيه فى مدرسة الأستاذ بين تلاميذه التسعين. ولم يمت حنين إلا وقد أتم ترجمة أغلب أعمال الكلاسيين.
26- كان حنين هذا من العلماء المترجمين الذين لم يدخروا وسعاً فى البحث عن كتاب معين ، وقد تمتع بمعرفة واسعة فى كل فروع المعرفة، فكان سيّد المادة التى يترجمها، يضيف على مواضع الضعف أو الغموض من عنده نورا يجلوها. خرج حنين ذات مرة بنفسه للبحث عن نسخة من أعمال جالينوس ، وكانت نادرة الوجود ، فسافر بحثاً عنها من العراق إلى سورية وفلسطين ومصر حتى وصل الأسكندرية ، ولكنه لم يوفق فى العثور عليها ، اللهم نصف كتاب منها وجده فى دمشق فرجع به إلى بغداد وبعدد ضخم آخر من الأعمال العلمية النادرة القيمة ليقدم لنا أكبر دليل على مدى اهتمام العرب بالكتب والترجمة.
27- قيام الكثيرين من العرب بدراسة اللغات الأجنبية وترجمة كتب بعض مشاهير العلوم فى العصر الأغريقى، وإرسال العلماء العرب (على نفقاتهم الخاصة) التجار إلى بلاد الهند وبيزنطة للبحث عن كتب العلم وشرائها، أنقل بعضاً منهم من كتاب “شمس العرب [أصل الترجمة شمس الله] تسطع على الغرب” للكاتبة زيجريد هونكه مثل:
1) كان العلماء المسلمين حريصين على اقتناء كتب العلم اليونانية و الرومانية ودراسة ما فيها. ومن أمثال ذلك رجل العلم العظيم موسى بن شاكر وأولاده الثلاث محمد وأحمد وحسن فى عصر الخليفة المأمون. وقد برعوا فى علم الفلك ودراسة طبقات الجو والرياضة. وكانوا يرسلون أتباعهم إلى بلاد البيزنطيين على نفقاتهم لشراء الكتب وترجمتها والاستفادة من علومهم. ولو كان فى الإسلام نص ينهى عن ذلك لما اقترفوا إثم البحث عن العلم وترجمة الكتب وتعليم الغرب.
2) حرص العلماء أمثال الخوارزمى على اقتناء كتب العلم الهندية وغيرها. فقد كان على علم بكتب بطلميوس عن جداول الحساب والجبر وهو من قام بتصحيحها.
3) ترجم ثابت بن قرة لبنى موسى عدداً كبيراً من الأعمال الفلكية والرياضية والطبية لأبولونيوس وأرشميدس وإقليدس وتيودوسيوس وأرستوطاليس وأفلاطون وجالينوس وأبوقراط وبطلميوس. كما أنه صحح ترجمات حنين بن اسحق وولده ثم شرع فى وضع مؤلفات ضخمة له، فوضع 150 مؤلفاً عربياً و 10 مؤلفات باللغة السريانية فى الفلك والرياضيات والطب. فهذا نموذجاً من النماذج المشرقة فى صفحات علم العرب وتقديسهم للعلم. فهل يصدق أحد العقلاء أن المسلمين قاموا بإحراق مكتبة عظيمة مثل مكتبة الأسكندرية ثم بعد ذلك يتكبد علماؤهم مشقة البحث عن مؤلفات لنفس العلماء الذين حُرِقت كتبهم؟!!!
28- وتقول الدكتورة الألمانية العالمة (زيجريد هونكه): (إن العرب لم ينقذوا الحضارة الإغريقية من الزوال ونظموها ورتبوها ثم أهدوها إلى الغرب فحسب ، إنهم مؤسسو الطرق التجريبية فى الكيمياء والطبيعة والحساب والجبر والجيولوجيا وحساب المثلثات وعلم الاجتماع. بالإضافة إلى عدد لا يُحصى من الاكتشافات والاختراعات الفردية فى مختلف فروع العلوم والتى سُرِقَ أغلبها ونُسِبَ لآخرين ، قدَّمَ العرب أثمن هدية وهى طريقة البحث العلمى الصحيح التى مهدت أمام الغرب طريقه لمعرفة أسرار الطبيعة وتسلطه عليها اليوم.
فهل قابل الغرب هذا بالشكر؟ لا.
فقد طمسوا الهوية العربية حتى لا يظهر الإسلام متلألأً وسط الظلام الذى فرضه قساوسة وأساقفة وباباوات الدين النصرانى على كل من أتى بحقيقة علمية تخالف الكتاب
المقدس وتُظهر جهل من ألَّفوه.
فقد أسموْ الخوارزمى “ألجوريزموس” Algorizmus وأسموْ ابن سينا “أريستوفوليس” Aristofolis أو Avicienne وأسموْ ابن رشد “أفيروس” Averoes ، فى محاولة منهم لطمس الهوية الإسلامية ، وأصحاب الفضل على علمهم وحضارتهم.
ونختتم هذا الرد بقول ألدوميلى Aldo Mieli فى كتابه القيِّم: “العلم عند العرب”:
“فى القرن الأول من خلافة العباسيين [بداية القرن الثامن] كان المترجمون (من الأغريقية إلى السريانية ، ومن السريانية إلى ****************************************************** هم الذين يحتلون المرتبة الأولى – على وجه الخصوص – من النشاط العلمى”.
وكان من بين هؤلاء العلماء والمترجمين نصارى ويهود احتضنتهم قصور الخلافة نفسها. فلا يُعقل أن نحرق كتبهم ونبيد علومهم ثم نحتضن علمائهم. ومن أمثال هؤلاء العلماء تيوفيل بن توما الرهاوى وهو مسيحى مارونى توفى عام 785 م، وجرجس بن جبريل بن بختيشوع المتوفى عام 771 م ، وكذلك أبى يحيى البطريق المتوفى عام 800 م ، (صفحة 184 من شمس العرب تشرق على الغرب).
-
الإصحاح الرابع والثلاثين
المرأة ليست أهلاً لأن تُعلِّم ، لأن آدم خُلِقَ قبلها ، وهى صاحبة الخطيئة:
نتيجة لأقوال بولس عن العلم ، الذى وصفه بالغباوة: (27بَلِ اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ) كورنثوس الأولى 1: 27 ، وقوله: (إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هَذَا الدَّهْرِ فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيماً! 19لأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ اللهِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «الآخِذُ الْحُكَمَاءَ بِمَكْرِهِمْ». 20وَأَيْضاً: «الرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ الْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ».) كورنثوس الأولى 3: 18-20
ونتيجة للسلطة المطلقة التى أُتيحت للكنيسة ـ فى العصور الوسطى ـ فقد رأت أن أى مصدر من مصادر العلوم والمعرفة ، لا بد أن يكون صادراً عنها ، وأن أى رأى يُخالِف رأيها فهو باطل يجب مقاومته بكل ما يُستطاع.
لهذا فقد أخذت تراقب المطبوعات (وحُتِّمَ على كل مؤلف وكل طابع أن يعرض مؤلفه أو ما يريد طبعه على القسيس أو المجلس الذى عُيِّنَ للمراقبة ، وصدرت أحكام المجمع المقدس بحرمان من يطبع شيئاً لم يُعرَض على المراقب أو ينشر شيئاً لم يأذن المراقب بنشره ، وأوعز إلى هذا المراقب أن يدقق النظر حتى لا ينشر ما فيه شىء يومىء إلى مخالفة العقيدة الكاثوليكية.)
وإلى جانب ذلك فقد زعم رجال الكنيسة أن الكتب المقدسة تحتوى على كل ما يحتاج إليه البشر من علوم الدين والدنيا ، وعلى الإنسان المؤمن أن يُصدِّق كل ما فيه أولاً ، ثم يجتهد ثانيا فى حمل نفسه على فهمه وتأويل فهمه ليصل إلى النتائج التى أتى بها الكتاب المقدس مهما عارض ذلك العقل أو خالف شاهد الحس ، كما صرَّحَ بذلك ترتوليان.
بالإضافة إلى ذلك فقد احتجزت الكنيسة لنفسها حق فهم وتفسير الكتاب المقدس ، وحظَّرت على أى عقل ـ خارج جهازها الكهنوتى ـ أن يحاول فهمه أو تفسيره أو مناقشة أى مسألة فيه ، ومثال ذلك "مسألة العشاء الربانى" التى لا يستسيغها العقل ، حيث فرضتها الكنيسة على الناس ، وحذَّرت عليهم مناقشتها ، وإلا عرضوا أنفسهم للطرد والحرمان ، ناهيك عن محاكم التفتيش.
فعلى سبيل المثال عندما انتشرت فكرة كروية الأرض ، هاجمها رجال الكنيسة هجوماً عنيفاً ، وبرر القديس أوغسطين نقضه لهذه النظرية بقوله: (إن التبشير بالإنجيل طالما لم يصل لإلى الجهة المقابلة من الأرض ، فلا يمكن أن يكون هناك من السلالة البشرية أثر ما.)
كما هاجم (برو كوبيوس الغزى) كل من يقول بوجود بشر فى الجهة المقابلة للأرض ، مستنداً إلى (إذا كان على الجهة المقابلة فى الأرض أناس ، لوجب أن يذهب المسيح إليهم ، وأن يقضى صلباً فى سبيل خلاصهم مرة ثانية).
وتساءل معلم الكنيسة لاكتانتيوس مستنكراً: (هل هذا معقول؟ أيعقل أن يُجَن الناس إلى هذا الحد ، فيدخل فى عقولهم أن البلدان والأشجارتتدلى من الجانب الآخر من الأرض، وأن أقدام الناس تعلو رؤوسهم؟)
لقد كانت الأرض بالنسبة إلى بعض الناس منهم تلاً تدور الشمس حوله ما بين الشروق والغروب ، وبالنسبة إلى الآخرين مسطحاً تحيط به المحيطات.
ورأت الكنيسة أن الأمر لن يُحل إلا باستخدام القوة ، فأنشأت محاكم التفتيش: ففى سنة 1316 م أفلت الطبيب (بطرس ألبانو) من أيدى محكمة التفتيش حيث أدركته الوفاة قبل أن تمتد يدها إليه ، جزاء ما روَّجَ إليه من مذهب الأنتيبود (وجود بشر يقطنون فى الجهة الأخرى من الأرض) وغيره من مذاهب العلم.
وفى سنة 1327 م طردت الكنيسة العالم الفلكى (شيكودا سكولى) ثم أحرقته حيا فى فلورنسا ، وكان أستاذاً بجامعة كولونيا ، لأنه عَلَّم مذهب الأنتيبود وغيره من حقائق العلم.
ولاذ آخرون بالصمت خوفاً من عقاب الكنيسة لهم ، مثل:
آبيان الذى كان أستاذاً فى جامعة أنجلو ستاد فى عصر شارل الخامس.
وريتيكوس الذى كان أستاذاً فى ويتنبرج.
كما قامت حملة عنيفة ضد (جاليليو) لأنه اكتشف بمنظاره أن هناك سيَّارات أخرى تزيد عن السبعة التى ذكرها سفر رؤيا يوحنا اللاهوتى بقوله: (19فَاكْتُبْ مَا رَأَيْتَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ هَذَا. 20سِرُّ السَّبْعَةِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى يَمِينِي، وَالسَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ: السَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ هِيَ مَلاَئِكَةُ السَّبْعِ الْكَنَائِسِ، وَالْمَنَايِرُ السَّبْعُ الَّتِي رَأَيْتَهَا هِيَ السَّبْعُ الْكَنَائِسِ».) رؤيا يوحنا 1: 19- 20
واتهمت الكنيسة هذا الفكر وصاحبه بالكفر والإلحاد ، وعللت رأيها المناهض لهذه النظرية قائلة: إن حكمة الله تقتضى أن لا يخلق شيئاً عبثاً ، وتبعا لكلام جاليليو ، فلا بد من وجود بشر يقطنون هذه السيارات ، فكيف يمكن لأهلها أن يكونوا قد تناسلوا من آدم؟ وكيف خرجوا من سفينة نوح (يقول الكتاب المقدس إن الطوفان امتد لك الأرض ، فغرق كل من عليها)؟ وكيف نعتقد أن المسيح منقذ النوع الإنسانى قد كفر عنهم؟
أما بالنسبة للمدارس ، فقد كانت الكنيسة هى التى تشرف عليها ، وترسم سياستها التعليمية ، مما طبع الثقافة بطابع لاهوتى ، فمثلاً المدارس التى أمر (شارلمان) سنة 789 م بتعميمها فى الأديرة والكاتدرائيات ، كان التعليم فيها يقتصر على الترانيم والموسيقى الدينية.
أما بالنسبة لتعليم النساء، فقد ذكر بطرس البستانى أنه كان فى غاية الإنحطاط، حيث لم
يكن لهنَّ مدارس ـ إلا ما ندر وفى المدن الكبيرة فقط ـ وكن يتعلمن القراءة فقط وكانت بعض الأديرة تعلم النساء تلاوة الصلاة ، وصناعة التطريز وغيرها من أعمال الأديرة.
ولم يقتصر الأمر على هذا الحد من منع العلم ونشر الجهل ، بل اعتبرت الكنيسة بعض الهرطقات والخرافات من العلوم العقلية بمثابة النصوص المقدسة التى يجب على كل اتباعها الإيمان بها. نذكر فى علم الجغرافيا:
وضع الراهب (قوزماس إنديكوبليوستيس) نظاماً خرافياً عن الكون والأرض ، واستطاع أن يقنع به الكنيسة. وكان مما قاله (نقلا عن موقف الإسلام والكنيسة من العلم ص 132 وما بعدها): (إن الأرض عبارة عن معين منبسط تحيط به أربعة بحار!) ولم يقتصر الأمر على ذلك بل حدد مساحتها فقال: (ويبلغ ـ معين الأرض ـ أربعمائة يوم سفراً طويلاً ، ومائتى يوم عرضاً!)
أما بالنسبة لكيفية وضع السماء فقال: (وفى حدود هذه البحار الأربعة الخارجية تقوم جدران عظيمة القدر ، هائلة الحجم ، تحوى كل ذلك البناء الكبير ، وتحمل من فوقها تلك القبة السماوية ، وقد ثبتت أطرافها إلى أعلى الجدران بمادة فيها صفة الإلتصاق.)
كما علل ظاهرة غروب الشمس بقوله: (إن عند طرف الأرض الشمالى يقع جبل عظيم، خلفه يكون مقر الشمس أثناء الليل!)
ولم يكتفى بهذه الهرطقة ، بل صبغ عليها المسحة الإلهية ، واعتبرها من وحى الله فقال: (إنه ليس موسى والأنبياء وحدهم ، بل الملائكة والحواريين أيضاً متفقون على أن ما فى هذا مذهبه ، وأن الله فى اليوم الآخر سوف ينزل غضبه على كل من لم يُسلِّم به أو يتشكك فيه).
وقبلت أراء قوزماس فى العالم المسيحى على أنها وحى مقدس أنزل على قلبه! بل إن كثيرا من رجال الكنيسة توسعوا فى شرح نظرياته ، وظل الاعتقاد بها سارياً حتى نهاية القرون الوسطى.
أما بالنسبة لطبيعة الرياح ، وكيفية هبوبها ، فقد ظهرت رموزها على الخرائط الجغرافية فى صورة أدمغة عظيمة الحجم منتفخة الوجنات ترسلها فى اتجاه أورشليم!
كما أنهم عللوا احمرار الشمس عند الغروب نتيجة مواجهتها لجهنم ، حيث حدد بعض رجال الكنيسة ، ومن بينهم (دانتى) موقع جهنم فقال: (إنها تقع عرض المحيط الأطلنطى ، وعلى مسافة غير معروفة من شاطىء أوربا.)
وبالنسبة لنشأة الضفادع والهوام والبعوض فقد قال القديس (باسيل الكبير) الذى عاش فى القرن الرابع الميلادى: (قدخُصَّت المياه بقوة انتاجية ، وأنه من الطمى والطين اللازب نشأت الضفادع والهوام والبعوض.)
تبنى هذا الرأى كذلك القديس (أوغسطين) ، حيث قال: (إن مواد ما قد خصَّها الله بقوة تستطيع أن توجد صوراً خاصة من الحيوانات والنباتات.)
وفى القرن السابع للميلاد ظهر قديس اسمه (ايزيدور الأشبيلى) اهتم بقضية الخلق ، وسجَّل أفكاره ، والتى استعان فيها بآراء القديس (باسيل) و (أوغسطين) فى مؤلفه المسمَّى (الإنسيكلوبيدى الكبير) ، تعرض فيه لنشأة بعض الحيوانات وكيف تُخلَق ، وكان مما قاله: (إن النحل إنما يحدث من لحم الثور المنحل ، والخنافس من لحم الحصان ، والجراد من البغال ، والعقارب من السراطين.)
والعجيب أن هذا الكتاب ظل مرجعاً أساسياً لطلاب العلم فى خصائص الحيوانات وحقيقة الطبيعة لأجيال طويلة.
ولم يقتص الأمر على ذلك ، بل تطرق رجال الكنيسة ‘لى وصف بعض المخلوقات ، وما تقوم به من أفعال ، فهذا (نيدر) عضو محكمة التفتيش يصف فى كتابه المسمى (تل النمل) خصائص بعض المخلوقات ، ومما قاله عن نمل (أثيوبيا): (إن له قروناً ، وإنه ينمو حتى يصير فى حجم الكلب!)
وقالوا عن الثعابين: (إنها تلقى سمها بعيداً قبل أن ترد الماء.)
ومما قالوه عن السبع: (إنه لكى يضلل من يقوم بمطاردته ، فإنه يمحو بطرف ذنبه آثاره.)
ولعل أكثر من تطرق إلى خصائص الحيوانات وطباعها (بارثولوميو) فى كتابه المسمى (خصائص الأشياء)، حيث ذكر فيه خصائص بعض الحيوانات ، وما تقوم به من أفعال ، ومما قاله عن التمساح: (أنه إذا عثر على إنسان على حافة المياه فإنه يقتله ، ثم يبكى عليه ، ثم يأكله!
وقال عن التنين: (بأنه أعظم الأفاعى ، ويطير فى الجو فيحرك الهواء! وإذا دخل الماء ، فإن البحر يهيج ويطغى .. .. إلى غير ذلك من الأوصاف.)
بالإضافة إلى ما ذُكِرَ ، فقد علل بعض رجال الكنيسة سبب وجود الحيوانات الضارة نتيجة لأخطاء الإنسان ، حيث ذكر ذلك (بطرس لومبارد) فى كتابه المسمى (الجمل) فقال: (إنما أصبحت الحيوانات مضرة مؤذية ، لتزعج الإنسان وتعاقبه على رذائله! ولتحضه على الفضيلة وتكملها فى نفسه ، لقد خلقت العجماوات غير مؤذية ، فلما أن وقعت المعصية ، انقلبت مضرة أبلغ الضرر!)
وفى مجال الطب: لقد اختلط الطب عندخم فى أوروبا فى العصور الوسطى بالتعاويذ الدينية والتنجيم ، ولم يعرفوا علم التشريح ، فضلاً عن البساطة والسذاجة فى ممارسة المهنة التى كان يقوم بها الرهبان.
وعلى الرغم من ذلك فقد أخذت الكنيسة تعارض اشتغال الرهبان والراهبات فى تلك المهنة ، وذلك لكى يتفرغوا للقضايا الروحية!
وعلاوة على ذلك فقد كانت الكنيسة تقوم بعزل المرضى بصورة وحشية ، فقد كان المريض بداء الجذام يمنح قداسا من قِبَلِ الكنيسة ، كان يذهب بمقتضاه إلى حفرة فى فسحة الكنيسة ، وبقذفه الكاهن بالتراب ثلاث مرات ، ثم يُنفَى إلى بقاع نائية مُخصَّصة لمرضى البرص!
كما علل أحد أساتذة جامعة (مونبليه) سنة 1348 م أن أسباب انتشار مرض الطاعون ناتج عن نظر المريض! لهذا فقد نصح الطبيب أو الكاهن أن يطلبا من المريض اغماض عينيه أو وضع خرقة عليها قبل أن يَعْمَد إلى معاينته!
ويحكى لنا الأمير أسامة بن منقذ (1095 - 1188)، ابن أخت حاكم قلعى شيزر نادرة من نوادر علاج الغرب للأمراض فيقول: (ومن عجيب طبهم أن صاحب المنيطرة كتب إلى عمى يطلب منه إنفاد طبيب يداوى مرضى من أصحابه. فأرسل إليه طبيباً نصرانياً يقال له ثابت. فما غاب عشرة أيام حتى عاد فقلنا له: ما أسرع ما داويت المرضى! قال: إنهم أحضروا عندى فارساً قد طلعت فى رجله دمَّلة ، وامرأة قد لحقها نشاف. فعملتُ لُبَيْخَة ففتحت الدملة وصلحت. وحميت المرأة ورطبت مزاجها. فجاءهم طبيب إفرنجى فقال لهم: هذا ما يعرف شيئاً يداويهم ؛ وقالللفارس: أيُّما أحب إليك: تعيش برجل واحدة أم تموت برجلين؟ قال أعيش برجل واحدة. قال احضروا لى فارساً قوياً وفأساً قاطعة ؛ فحضر الفارس والفأس ، وأنا حاضر ، فحطَّ ساقه على قرمة خشب وقال للفارس: اضرب رجله بالفأس ضربة واحدة! اقطعها! فضربه ، وأنا أراه ، ضربة
واحدة ما انقطعت. ضربه ضربة ثانية فسال مخ الساق ، ومات الرجل من ساعته.
وأبصر المرأة فقال: هذه امرأة فى رأسها شيطان قد عشقها ، احلقوا شعرها. فحلقوه. وعادت تأكل من مآكلهم الثوم والخردل. فزاد بها النشاف ، فقال: الشيطان قد دخل فى راسها. فأخذ الموسى وشقَّ رأسها صليباً وسلخَ وسطه ، حتى ظهر عظام الرأس ، وحكه بالملح ، فماتت فى وقتها. فقلت لهم: بقى لكم إلىَّ حاجة؟ قالوا: لا. فجئت وقد تعلمت من طبِّهم ما لم أكن أعرفه.)
ونادرة أخرى حدثت للأمير (ديدو الثانى فون روشيليتز وغويز) الذى كان يشكو قِصَراً فى نفسه ، وسمنة فى بدنه ، وذهب إلى الطبيب ليستشيره إذا كانت السمنة هذه ستزعجه وتتعبه فى الرحلة التى ينوى القيام بها بصحبة الإمبراطور هاينريش السادس إلى (أبولين) الإيطالية. فتناول الطبيب موسى حادة شقَّ بها بطن الأمير الصغير المسكين ببساطة ، فنزع الشحم الزائد منه ، وانتزع روحه معه كذلك.
وفى أثناء رحلة الأمير أسامة بن منقذ من عكا إلى بحيرة طبرية حكى له السيد فيلهلم فون بورن كما سمعها رفاقه فى السفر هذه الأقصوصة: (كان عندنا فى بلادنا فارس كبير القدر ، فمرض وأشرف على الموت. فجئنا إلى قسٍكبير مو قسوسنا وقلنا: تجىء معنا حتى تبصر الفارس فلان؟ قال: نعم. ومشى معنا ونحن نتحقق أنه إذا حطَّ يده عليه عوفى. فلما رآه ، قال: اعطونى شمعاً! فأحضرنا له قليل من الشمع ، فليَّنه وعمله مثل عُقَد الإصبع. وعمل كل واحدة فى جانب أنفه ، فمات الفارس. فقلنا له: قد مات ، قال: نعم ، كان يتعذَّب ، سددت أنفه حتى يموت ويستريح.)
هكذا كان العلاج عندهم: أيد توضع ، وشيطان يطرد ، وصلاة تقام .. .. تلك كانت الوسائل المفضَّلة فى المعالجة التى حاول بها أطباء اوروبا ـ عن طريق مسوح الكهنوت والرهبان ـ إنقاذ الإنسانية المريضة ، وتخليصها من براثن الداء والألم.
عملاً بما نسبوه للسيد المسيح أنه قاله لتلاميذه ، ثم سحبوا الكلام على كل طاقم رجال الكهنوت: (8اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصاً. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّاناً أَخَذْتُمْ مَجَّاناً أَعْطُوا.) متى 10: 8
أما فى علم الكيمياء: فقد كانت الكنيسة تقوم بحملة عنيفة على بعض الذين أوتوا نصيباً من العلم فيها ، فهذا (لينيوس) استطاع أن يتوصل إلى معرفة سبب احمرار المياه ، ومما قاله: (إن احمرار المياه راجع إلى تكاثر نوع من الجوينيات فيه).
ولما علم رجال الكنيسة بأقواله جاهروه العداء ، وأوَّلوا هذه الظاهرة بأنها خارقة من
الخوارق الربانية ، تحدث عند غضب الله! ونتيجة لحملة العداء التى قامت بها الكنيسة اضطر (لينيوس) إلى التراجع عن رأيه.
أما فى مجال العلوم الرياضية والفلك ، فقد كانت دراسة الحساب والهندسة والفلك تسير فى غاية البداوة ، واستمرت على هذا الحال حتى أوائل القرن الثانى عشر.
فمثلاً الحساب كان يتم بطريقة بدائية للغاية ، حيث كان يتم بطريقة رسم خطوط طولية على الألواح ، ثم توضع الأرقام فى الخانات ، وفى هذه الخانات كانوا يضعون قطعاً صغيرة من الحجر أو الزجاج أو المعدن ، وبواسطتها استطاعوا أن يجروا عمليات الجمع والطرح. (كما تقول الدكتورة زيجريد هونكه)
هذه هى الأفكار والنظريات التى كانت الكنيسة تفرضها على الناس وتحاكم ، وتعاقب ، بل وتعذِّب كل من يخالفها أو يبين زيفها وبطلانها ، وكان ذلك فى كل العلوم التى يقبلها العقل السوى.
أما علم الفلك فقد حاربوا أفكار (كوبرنيكوس) و (جاليليو) وفرضوا على طلاب العلم بعض الآراء التى تهدف إلى دحض أراء (كوبرنيكوس) وبيان أنها مناقضة للنصوص المقدسة ، ومن ذللك ما قام به الكاهن (هسل) حيث وضع لطلاب العلم مختصراً فى علم الفلك أسماه: (الرجوع إلى الأصل الموسوى فى أصل الكون).
وقضى هذا التفكير الضيق على كل موهبة ، وعاق كل بحث علمى ، وأجبر كل المفكرين الذين لا تتفق أعمالهم ومعتقدات الكنيسة هذه على إنكار ما قالوه من النظريات العلمية ، وإلا كان مصيرهم الحرق العلنى بالنار ، لكفرهم وخروجهم على المعتقدات الإلهية.
أما ما فعلته الكنيسة فى كل من خالف جهلها ، وأتى بعلم يبين أخطاء الكتاب المقدس ، ويثبت أنه بهذا ليس من وحى الله ، فقد قامت قيامة الكنيسة ولم تقعد ، وقام رجالها بهجمة وحشية عليهم ، وكفروهم ، واستحلوا دماءهم ، وأنشأوا لهم محاكم التفتيش: فقد حكمت محكمة التفتيش فى مدة لا تزيد على ثمانية عشر عاماً (1481 - 1499) على عشرة آلاف ومائتين وعشرين شخصاً بأن يُحرَقوا وهم أحياء ، فأحرقوهم! وعلى ستة آلاف وثمانمائة وستين بالشنق ، فشنقوا ، وعاى سبعة وتسعين ألفاً وثلاثة وعشرين شخصاً بعقوبات مختلفة ، فنفذت.
وينقل الدكتور توفيق الطويل قول المؤرخ (لورنتى) الذى أتيح له البحث بمطلق الحرية فى أرشيفات محكمة التفتيش الإسبانية فيقول: (إن المحكمة وحدها قدمت إلى النار أكثر من واحد وثلاثين ألف نفس ، وأصلت أكثر من مائتين وتسعين ألفاً بعقوبات أخرى تلى الإعدام فى صرامتها ، وهذا الرقم لا يشمل الذين أودت بحياتهم فروع هذه المحكمة الإسبانية فى مكسيكو ، وليما بأمريكا الجنوبية ، وقرطاجة ، وجزر الهند الغربية ، وصقلية ، وسردينيا ، وأوران ، ومالطة)
ومن هؤلاء العلماء:
جاليليو: الذى عوقب فى سنة 1615 م ووقف أمام محكمة التفتيش فى روما وصدر الحكم بسجنه ، وهنا عُذِّبَ عذاباً شديداً ، مما اضطره إلى التراجع عن آرائه ، وأُقسِرَ أخيراً على أن يُعلِن وهو جاث على ركبتيه أمام البابا (أوربان الثامن) الاعتراف الآتى: (أنا جاليليو ، وفى السبعين من عمرى ، سجين جاث على ركبتى ، وبحضور فخامتك ، وأمامى الكتاب المقدس ، الذى ألمسه الآن بيدى ، أعلن أنى لا أشايع ، بل ألعن وأحتقر خطأ القول وهرطقة الاعتقاد بأن الأرض تدور!)
وكوبرنيكوس: الذى نفد من قبضة زبانية الكنيسة بموته ، إلا أنها صادرت كتبه وأحرقتها ، وحرم على أتباع الكنيسة الاطلاع عليها.
وبافون: الذى ظهر فى القرن الخامس عشر واشتغل بالتاريخ الطبيعى ، وتحت التعذيب تراجع واعتذر علناً ونشر اعتذاره على الناس وتبرأ من كتبه وأفكاره قائلاً: (أعلن إقلاعى عن كل ما جاء فى كتابى خاصاً بتكوين الأرض ، وجملة عن كل ما جاء به مخالفاً لقصة موسى.)
ونيوتن: الذى تبنى نظرية الجاذبية الأرضية ، فقد عوقب من قبل الكنيسة لأن هذا القول معناه ـ من وجهة نظر الكنيسة ـ انتزاع قوة التأثير من الله وتحولها إلى قوة مادية.
وجيور دانو برونو: قامت الكنيسة بإحراقه حياً ، ثم ذرت بقاياه الترابية مع الريح!
وتراجع الكثير من العلماء عن البحث أو تأييد أبحاث غيرهم خوفاً على حياتهم أمثال:
آبيان: الذى كان معلما فى علم الفلك ، وكان يُدرِّس فى جامعة (أنجلوستاد) ، فلم يستطع تأييد آراء كوبرنيكوس.
وكذلك رينولد الذى لم يستطع تأييد آراء كوبرنيكوس ، بل كان يدافع عن آراء الكنيسة الفاسدة ويلقنها للطلبة.
وكذلك كان ريتيكوس الذى كان استاذاً فى (ويتنبرج) فقد آثر الصمت تجاه بعض الحقائق العلمية خشية الإصطدام مع الكنيسة.
وكذلك كان ديكارت الذى تبنى المنهج التجريبى من أجل الوصول للمعرفة.
ولا يمكنك أن تقول إن هؤلاء قوم ضلوا فأضلوا! إنهم استندوا للكتاب المقدس فى كل
أفعالهم ، فى رفضهم العلوم الفلكية ، والجغرافية ، والطبيعية ، وفى كل الإتجاهات العلمية ، الأمر الذى يؤكد اليوم بعد اعتراف العلم بهذه النظريات أن هذا الكلام الذى استندوا إليه فى الكتاب المقدس ليس من وحى الله.
بل ارتكنوا إلى جرائمهم الوحشية إلى نصوص الكتاب المقدس:
(6«وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرّاً أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ أَوْ صَاحِبُكَ الذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلا آبَاؤُكَ 7مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الذِينَ حَوْلكَ القَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ البَعِيدِينَ عَنْكَ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلى أَقْصَائِهَا 8فَلا تَرْضَ مِنْهُ وَلا تَسْمَعْ لهُ وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَليْهِ وَلا تَرِقَّ لهُ وَلا تَسْتُرْهُ 9بَل قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَليْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيراً. 10تَرْجُمُهُ بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ لأَنَّهُ التَمَسَ أَنْ يُطَوِّحَكَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِكَ الذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ العُبُودِيَّةِ.) تثنية 13: 6-10
(6إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَالْغُصْنِ فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ فَيَحْتَرِقُ. 7إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ. 8بِهَذَا
يَتَمَجَّدُ أَبِي أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تلاَمِيذِي.) يوحنا 15: 6-8
ونحن هنا لا نعارض قتل المرتد ، فهى عقوبة المرتد فى الإسلام أيضاً ، ولكننى أعارض أن يكون الله قد أمر بتعذيب النفس غير المؤمنة لأن هذا يتعارض مع رحمة الله الأبدية: (5أَمَّا أَنَا فَعَلَى رَحْمَتِكَ تَوَكَّلْتُ.) مزامير 13: 5
(1اِرْحَمْنِي يَا اللهُ ارْحَمْنِي لأَنَّهُ بِكَ احْتَمَتْ نَفْسِي وَبِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَحْتَمِي إِلَى أَنْ تَعْبُرَ الْمَصَائِبُ. 2أَصْرُخُ إِلَى اللهِ الْعَلِيِّ إِلَى اللهِ الْمُحَامِي عَنِّي.3يُرْسِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَيُخَلِّصُنِي)مزامير57: 1-3
(1اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ. 2اغْسِلْنِي كَثِيراً مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي. 3لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِماً.) مزامير 51: 1-3
(9أَحْمَدُكَ بَيْنَ الشُّعُوبِ يَا رَبُّ. أُرَنِّمُ لَكَ بَيْنَ الأُمَمِ. 10لأَنَّ رَحْمَتَكَ قَدْ عَظُمَتْ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَإِلَى الْغَمَامِ حَقُّكَ.) مزامير 57: 9-10
فما وصلت إليه الكنيسة وكهنتها فى المجال الدينى ، لم يكن عاملاً منقذاً للحضارة ، بل كان عائقاً لها. لقد كانت أمامهم الفرصة ، تماماً كالعرب ، بل إن فرصتهم كانت أكبر فى أن يأخذوا التراث العظيم ، ويتطوروا به ويرتقوا.
وظل الفكر الإغريقى بالنسبة لهم غريباً على الدوام. فحوالى عام 300 م علل أسقف قيصرية أويزيبيوس ذلك المسلك لعلماء الطبيعة من الأسكندرية ، قائلاً: (إن موقفنا هذا ليس جهلاً بالأشياء التى تعطونها أنتم كل هذه القيمة ، وإنما لاحتقارنا لهذه الأعمال التى لا فائدة منها. لهذا فإننا نشغل أنفسنا بالتفكير فيما هو أجدى وأنفع).
وظل هذا التفكير العقيم سائداً لا يتغير ، فيتحدث بمثل هذا فى القرن الثالث عشر القديس توما الأكوينى فيقول: (إن المعرفة القليلة لأمور سامية أجل قدراً من معرفة كبيرة موضوعها أمور حقيرة).
ولقد بدت للسادة المهيمنين على الأمور ضرورة تحريم الكتب التى تهتم بالأمور الحقيرة الدنيوية على المتعلمين ورجال الدين. ففى عام 1206 م نبه مجمع رؤساء الكنائس المنعقد فى باريس رجال الدين بشدة إلى عدم قراءة كتب العلوم الطبيعية ، واعتبر ذلك خطيئة لا تُغتَفَر.
كل هذا على الرغم من أن المرأة كانت تسأل عيسى عليه السلام ، وكانت تحضر معه الإحتفالات ، وكانت معه قبل العشاء الأخير ، إلا أنك ترى بولس فى رسائله قد أنزلها منزلة حقيرة ، فمن ناحية العلم ليس لها أن تسأل داخل الكنيسة ، حتى لو لم يحضر
زوجها ، وحتى لو لم تفهم ، وحتى لو لم يوضح ويفصح المتكلم.
ولو أردنا دليلاً آخر على مدى الهوة العميقة التى كانت تفصل الشرق عن الغرب ، لكفانا أن نسبة 95% على الأقل من سكان الغرب فى القرون من التاسع إلى الثانى عشر ، كانوا لا يستطيعون القراءة والكتابة.
بينما كان شارل الأكبر يجهد نفسه فى شيخوخته لتعلم القراءة والكتابة ، وبينما أمراء الغرب يعترفون بعجزهم عن الكتابة والقراءة ، وفى الأديرة يندر بين الكهنة من يستطيع مسك القلم ، لدرجة أنه عام 1291م لم يكن فى دير جالينوس من الكهنة والرهبان من يستطيع حل الخط.
بينما كان هذا كله يحدث فى الغرب ، كان آلاف مؤلفة من المدارس فى القرى والمدن تستقبل ملايين البنين والبنات ، وكان الدافع إلى كل هذا هو رغبتهم الصادقة فى أن يكونوا مسلمين حقاً ، كما يجب أن يكون المسلم ، ولم يجبرهم أحد على ذلك ، بل اندفعوا إليه عن رغبة وإيمان ، لأن من واجب كل مسلم أن يقرأ القرآن، ويتدبر آياته، ويعمل بها ، فعليه الوقوف على أسباب غضب الله على الأمم السابقة وتجنبه، وعليه البحث عن العلم أينما كان ، والإستفادة منه.
ولم يجد الناس للكتاب المقدس سبيلا ، إذا استثنينا الكهنة ورجال الدين ، فهم وحدهم يستطيعون قراءته وفهم لغته. ومنذ عام 800 م لم يعد الشعب يفهم المواعظ الملقاة باللاتينية، حتى إن مجلس رؤساء الكنائس المنعقد فى مدينة تور أوصى بوعظ الناس باللغة التى يتكلمون بها. ولم تكن هناك حاجة تدعو الشعب فى تلك العصور إلى تعلم اللاتينية ، بل لم تكن هناك أية رغبة فى تعليم الشعب أو تثقيفه.
ولم تكن المساجد لتدريس علوم القرآن فقط ، بل كان التلاميذ يتعلمون فيها إضافة إلى القرآن قواعد اللغة والديانة والخطابة والأدب والتاريخ والجغرافيا والمنطق والفلك والرياضة. وبذلك لم تكن المساجد مجرد أماكن تؤدى فيها الصلوات فحسب ، بل أصبحت منبراً للعلوم والمعارف ، يتساوى فى ذلك الولد مثل البنت.
الإصحاح الخامس والثلاثين
الكتاب يمنع المرأة من التعلم وفهم الدين:
ليس للمرأة أن تناقش داخل الكنيسة لتفهم، فهو يفترض أن الرجل هو صاحب العقل، ولا يفهم إلا هو ، لذلك من لا تفهم عليها بسؤال زوجها فى البيت! وإذا لم يذهب زوجها إلى الكنيسة ليفهم ويتعلم ، فقد ضُرِبَ عليها الجهل! (34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُوناً لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضاً. 35وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئاً فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ.) كورنثوس الأولى 14: 34-35
(9وَكَذَلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّلٍ، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لَآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ، 10بَلْ كَمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ بِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ. 11لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. 12وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ، 13لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ، 14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي) تيموثاوس الأولى 2: 9-14
-
الإصحاح السادس والثلاثين
فى الكتاب المقدس: الزواج وإنجاب الأولاد عقوبة للمرأة:
(16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 16
ومن هنا فهم أهل الكتاب أن الزواج هو عقوبة للمرأة ، الأمر الذى دفع بولس أن يُشجِّع على عدم الزواج: (38إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40
لذلك قال (لوثر الذى جعل النساء منبوذات قسراً فى وحشية، ومنفيات من عالم الرجال، والذى يرى فى الزواج عقاباً للمرأة: (إن هذا العقاب ينبع أيضاً من الخطيئة الأصلية ، وتتحمله المرأة مُكرَهة تماماً ، كما تتحمل الآلام والمتاعب التى وضعت على جسدها. إن السلطة تبقى قى يد الرجل ، وتُجبَر المرأة على طاعته حسب وصية الله. فالرجل هو الذى يحكم البيت والدولة ، ويشن الحرب ، ويدافع عن ممتلكاته ، ويفلح الأرض ، ويبنى ، ويزرع .. الخ. أما المرأة فعلى العكس من ذلك ، فهى مثل مسمار دق فى الحائط . .. .. يجب أن تبقى المرأة فى المنزل .. ، ترعى الحاجات المنزلية ، مثل انسان حُرِمَ القدرة على ادارة تلك الشئون ، التى تختص بالدولة .. .. بهذه الطريقة تعاقب حواء)
لم يتغير شىء! قد يكون لوثر تصارع عقائدياً مع روما، ولكننا رأينا ، من وقت لآخر، كيف أن الكراهية المسيحية للمرأة لم تتأثر بالاختلاف الفكرى العقائدى. فلا تزال المرأة هى حواء..
إن الصورة غير العادية للمرأة ، كمسمار يدق فى حائط ، تكشف عن حقيقة مكانتها: فهى بائسة لا عون لها ، تُساق ، ويُدقُّ على رأسها .. لا يسعى وراءها من أجل إقامة مودة زوجية فيها دفء وراحة عائلية ، فلا توجد أى حرارة متبادلة .. ولهذا خلا بدء تاريخ الزواج المسيحى من المحبة ، والمساواة ، وعيش الرجال والنساء معاً فى وئام)
(تعدد نساء الأنبياء ص 237-238)
الإصحاح السابع والثلاثين
الكتاب يأمر بتشويه المرأة المتبرجة:
(13احْكُمُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: هَلْ يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ وَهِيَ غَيْرُ مُغَطَّاةٍ؟) كورنثوس الأولى 11: 13
(5وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغَطّىً فَتَشِينُ رَأْسَهَا لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. 6إذِ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحاً بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ فَلْتَتَغَطَّ.) كورنثوس الأولى 11: 5-6
الإصحاح الثامن والثلاثين
الكتاب المقدس يَدَع المرأة تعيش تتحرق شوقا لرجل تتزوجه فى الحلال!
(1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. 2وَلَكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا.)كورنثوس الأولى 7: 1-2
(38إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40
الإصحاح التاسع والثلاثين
نسى الرب أن يعطى أوامره عن العذارى فأكمل بولس ما نساه الرب:
(25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 25-28
الإصحاح الأربعين
الكتاب يأمر الرجال بإخصاء أنفسهم :
(12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 12 فأين حق النساء فى الزواج وهدوء النفس والمتعة الحلال ، إذا تتبع كل إنسان هذه التعليمات؟ أليس هذا الأمر فيه مهانة للمرأة؟ أليس هذا من شأنه انتشار السحاق (الشذوذ الجنسى بين النساء)؟
وكيف سيُنَفَّذ أمر الرب بشأن الزواج والإنجاب إن خصى الرجال أنفسهم؟ وكيف سيستمر البشر فى عبادة الله؟ وكيف كان سنزل ليُصلَب ليفدى البشر إن نزل ولم يجد بشراً؟
الإصحاح الواحد والأربعين
الكتاب المقدس يقضى على إنسانية المطلقة :
(ومن يتزوج مطلَّقة فإنه يزنى) متى 5: 32
فأين إنسانية المطلقة؟ أين حقها الطبيعى فى الحياة؟ لماذا تعيش منبوذة جائعة متشوقة للزواج ولا تستطيعه؟
الإصحاح الثانى والأربعين
الحرق خاص بالسيدات فقط:
(9وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ.) لاويين 21: 9
الإصحاح الثالث والأربعين
قطع اليد خاص بالسيدات فقط:
(11«إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلانِ رَجُلٌ وَأَخُوهُ وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِتُخَلِّصَ رَجُلهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ 12فَاقْطَعْ يَدَهَا وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ.) تثنية 25: 11-12
الإصحاح الرابع والأربعين
الإسلام يُحرِّم قتل النساء فى الحروب:
حرَّمَ الإسلام قتل النساء أو الأطفال أو الشيوخ وكل من لم يمسك سلاحاً ، ويعتدى على المسلمين. فكان الرسول العظيم محمد يوصى الجيش قبل أن يتحرك بقوله: “انطلقوا باسم الله .. وعلى بركة رسوله .. لا تقتلوا شيخاً فانياً ، ولا طفلاً صغيراً ولا امرأة ، وألا تغلوا ، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، .. إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ..”
وعندما هُزِمَ المسلمون فى غزوة أحد خرج الرسول من المعركة جريحاً ، وقد كسرت رباعيته ، وشج وجهه ، ودخلت حلقتان من حلقات المغفر فى وجنتيه ، فقال له بعض من أصحابه: لو دعوت عليهم يا رسول الله ، فقال لهم: “إنى لم أُبعَث لعاناً ، ولكنى بعثت داعية ورحمة .. اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون”
وفى نفس هذه المعركة قتل عم الرسول أسد الله حمزة بيد رجل يُدعى وحشى ، بتحريض من هند زوج أبى سفيان ، ولما خرَّ أسد الله حمزة أخذت هند تفتش عن قلب حمزة حتى احتزته ، ثم مضغته مبالغة فى التشفى والانتقام ..
ولما أسلمت هند وأسلم وحشى لم يزد الرسول على أنه استغفر لهند ، وقبِلَ إسلام وحشى وقال له: إن استطعت أن تعيش بعيداً عنا فافعل. هذا كل ما كان من معلم الإنسانية الخير مع قاتل عمه ومع ماضغة قلبه!!!
ورأى فى أحد حروبه امرأة من الأعداء مقتولة ، فغضب وأنكر وقال: ألم أنهكم عن قتل النساء؟ ما كانت هذه لتُقتل.
ولما فتح مكة ودخلها الرسول ظافراً على رأس عشرة آلاف من أبطاله وجنوده، واستسلمت قريش ، ووقفت تحت قدميه أمام الكعبة ، تنتظر حكم الرسول عليها بعد أن قاومته 21 سنة … ما زاد صلى الله عليه وسلم على أن قال: يا معشر قريش. ماذا تظنون أنى فاعل بكم؟ قالوا خيراً ، أخ كريم وابن أخ كريم ، فقال اليوم أقول لكم ما قال أخى يوسف من قبل: لا تثريب عليكم اليوم ، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. اذهبوا فأنتم الطلقاء. فعفا عن رجالها ونسائها من كبار السن وصغاره.
الإصحاح الخامس والأربعين
دية المرأة التى قتلت خطأً فى الإسلام !!
رأينا أن من حق الرجل فى التوراة أن يبيع ابنته ، (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج21: 7
ورأينا أن القانون الإنجليزى حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته
وكانت المرأة فى قانون حامورابى تُحسَب فى عِداد الماشية المملوكة ، ومن قتل بنتاً لرجل كان عليه أن يُسلِم ابنته ليقتلها أو يمتلكها أو يبيعها إن شاء.
وفى الصينى للرجل الحق فى أن يبيع زوجته كالجارية، وإذا ترملت المرأة الصينية أصبح لأهل الزوج الحق فيها إرث ، وللصينى الحق فى أن يدفن زوجته حية.
أما الإسلام فقد عدها ضمن البشر ، الذين ساوى بينهم الله فى الخلق ، وخلقه من نفس واحد ، فإذا كان القتل عمداً ، فقد وجب القصاص ، سواء كان المقتول رجل أو امرأة ، وسواء كان القاتل رجل أو امرأة. وبذلك فقد ساوى الله بين الرجال والنساء ، فأخذ نفس بنفس ، وكذلك إذا أضرَّ أى إنسان إنساناً آخر ، بغض النظر عن جنس أى منهما، فيجب القصاص بالمثل: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) المائدة 45
وهذا ما أقرته التوراة من قبل: (17وَإِذَا أَمَاتَ أَحَدٌ إِنْسَاناً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. 18وَمَنْ أَمَاتَ بَهِيمَةً يُعَوِّضُ عَنْهَا نَفْساً بِنَفْسٍ. 19وَإِذَا أَحْدَثَ إِنْسَانٌ فِي قَرِيبِهِ عَيْباً فَكَمَا فَعَلَ كَذَلِكَ يُفْعَلُ بِهِ. 20كَسْرٌ بِكَسْرٍ وَعَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. كَمَا أَحْدَثَ عَيْباً فِي الْإِنْسَانِ كَذَلِكَ يُحْدَثُ فِيهِ. 21مَنْ قَتَلَ بَهِيمَةً يُعَوِّضُ عَنْهَا وَمَنْ قَتَلَ إِنْسَاناً يُقْتَلْ. 22حُكْمٌ وَاحِدٌ يَكُونُ لَكُمْ. الْغَرِيبُ يَكُونُ كَالْوَطَنِيِّ. إِنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ».) لاويين 24: 17-22
أما القتل الخطأ فليس فيه إلا التعويض المالى. وفى كل قوانين الدنيا قد يَحكَم القاضى فى دولة أوربية بسبب تأخر القطار عن موعده المُعلَن لشخص بأضعاف مُضاعفة من التعويض الذى يأخذه آخر. سواء أكان الإثنان من الرجال أو أحدهما أو كلاهما من النساء. فالأمر يرجع لما فقده الشخص بتأخر القطار.
فالتعويض يجب إذن أن يُراعَى فيه مقدار الخسارة الواقعة على المتضرِّر. وخسارة الأسرة بفقدان الرجل أكبر من خسارتها بفقدان المرأة. فقد فقدت زوجة القتيل خطأ وكذلك أولاده معيلهم الأول الذى يقوم بالإنفاق عليهم والسعى فى سبيل إعاشتهم.
أما الأولد الذين قتلت أمهم خطأ ، والزوج الذى قتلت زوجته خطأ ، فهم لم يفقدوا إلا ناحية معنوية لا يمكن أن يكون المال تعويضاً عنها.
فالدية ليست تقديراً لقيمة الإنسانية فى القتيل ، وإنما هى تقدير لقيمة الخسارة المادية التى لحقت أسرته بفقده ، وهذا هو الأساس القويم الذى لا يمارى فيه أحد.
فإذا كانت التوراة تعتبر الرجل سيد المرأة وهى أمته (عبدته) ، فهل يتساوى قيمة الإثنان عندهم؟ (8إِنْ قَبُحَتْ فِي عَيْنَيْ سَيِّدِهَا الَّذِي خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ يَدَعُهَا تُفَكُّ. وَلَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يَبِيعَهَا لِقَوْمٍ أَجَانِبَ لِغَدْرِهِ بِهَا.) خروج21: 8
الإصحاح السادس والأربعين
المرأة ليست مجد الله !!
(الرَّجُلَ عَلَيْهِ أَلاَّ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ، بِاعْتِبَارِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ. 8 فَإِنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنَ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ أُخِذَتْ مِنَ الرَّجُلِ؛ 9وَالرَّجُلُ لَمْ يُوجَدْ لأَجْلِ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ وُجِدَتْ لأَجْلِ الرَّجُلِ.) كورنثوس الأولى 11: 7
حتى عفاف المرأة وتحشمها فهو عقوبة من الرب لأنها ليست صورة الله ومجده كالرجل!
ونفس الفكرة تكررت فى سفر التكوين ، وفيها نسب الأولاد لله ، أما البنات فنسبهم للناس: (1وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ 2أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأُوا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ. فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا.) تكوين 6: 1-2
الإصحاح السابع والأربعين
مراعاة شعور المرأة التى مات عنها زوجها فى الإسلام:
ما أعظم هذا الحرص على شعور المرأة ، بعد أن كانت تبُاع وتُشتَرى ، بعد أن كانت لُعبة يستمتعون بها ، وهى يُسكب عليها الزيت المغلى ، وتُعذَّب! ما أعظم ما أهدى الإسلام للمرأة: لقد أهداها إنسانيتها! لقد أشعرها بآدميتها!
فمن الحضارات من كان يحرقها حية بجوار جثة زوجها ، ومنها من كان يجعلها من قطع أثاث أو عدد مواشى المتوفى ليرثها ابنها ، ومنها من كانت تتبع شعائر المجتمع الجاهل الذى تعيش فيه ، فخفف عنها الإسلام كل هذا وجعل عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام ـ ما لم تكن حاملاً فعدتها عدة الحامل ـ وفيها تستبرىء رحمها ، ولا تجرح أهل الزوج فى عواطفهم بزواج فورى.
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) البقرة 234
وفى أثناء هذه العدة تلبس محتشمة ولا تتزين للخطَّاب ، وبعد هذه العدة فلا سبيل لأحد عليها ، سواء من أهلها أو من أهله فى حدود المعروف من شريعة الله وسُنَّة رسوله. فلها أن تأخذ زينتها المباحة للمسلمات ، ولها أن تتلقى خِطبةَ الخُطَّاب ، ولها أن تُزَوِّج نفسها ممن ترضى ، لا تقف فى سبيلها عادة بالية ، ولا كبرياء زائفة وليس عليها رقيب إلا الله.
هذا شأن المرأة .. ثم يلتفت السياق إلى الرجال الراغبين فيها فى فترة العدة ، فيوجههم توجيهاً قائماً على أدب النفس ، وأدب الإجتماع ، ورعاية المشاعر والعواطف ، مع رعاية الحاجات والمصالح:
(وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) البقرة 235
فإن المرأة فى عدتها ما تزال مُعَلَّقة بذكرى لم تَمُت ، وبمشاعر أسرة الميت ، ومرتبطة كذلك بما قد يكون فى رحمها من حمل لم يتبيَّن ، أو حمل تبيَّنَ والعِدَّة مُعلَّقة بوضعه .. وكل هذه الاعتبارات تمنع الحديث عن حياة زوجية جديدة ، لأن هذا الحديث لم يَحِن موعده ، ولأنه يحرج مشاعر ، ويخدش ذكريات.
ومع رعاية هذه الاعتبارات فقد أُبيحَ التعريض ـ لا التصريح ـ بخطبة النساء ، أُبيحت الإشارة البعيدة التى تلمح منها المرأة أن هذا الرجل يريدها زوجة بعد انقضاء عدتها.
وقد أباح الله الرغبة المكنونة التى لا تُذكر لا تلميحاً ولا تصريحاً لأن الله علم أنها تتعلق بميل فطرى ، حلال فى أصله ، مُباح فى ذاته ، والملابسات وحدها هى التى تدعو إلى تأجيل اتخاذ الخُطوة العملية فيه ، والإسلام يعمل على عدم تحطيم المشاعر الإنسانية ولا الميول الفطرية، ولا يكبت النوازع البشرية، إنما يُهذُّبها ويضبطها، ومن ثَمَّ ينهى فقط عما يخالف نظافة الشعور، وطهارة الضمي.
(وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا) فلا جُناحَ عليكم فى أن تُعَرِّضوا بالخطبة ، أو أن تكنوا فى أنفسكم الرغبة فى ذلك ، ولكن المحظور هو المواعدة سِرَّاً على الزواج قبل انقضاء العِدَّة ، ففى هذا مُجانبة لأدب النفس ، ومخالسة لذكرى الزوج ، وقلة استحياء من الله الذى جعل العدة فاصلاً بين عهدين من الحياة.
(إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) لا نكر فيه ولا فحش ، ولا مخالفة لحدود الله التى بينها فى هذا الموقف الدقيق.
(وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) ونلاحظ أنه لم يقل: ولا تعقدوا النكاح، إنما قال (وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ) زيادة فى التحرج ، فالعزيمة التى تنشىء العقدة النكاح هى المنهى عنها.
الإصحاح الثامن والأربعين
الإسلام والعزوبة:
من أعظم فضائل الإسلام على الرجل والمرأة ، بل على الدولة الإسلامية والمجتمع الإنسانى كله ، أنه حرَّمَ الرهبانية ، التى جعلتها المسيحية أساس الحياة عندها ، وجعلت الزواج فيها جائزاً. وهو بذلك أنصف الرجل والمرأة وحقق الفطرة الإنسانية. وهو بذلك لجدير بكونه دين الواقعية ودين الفطرة.
ولم يسمح الله لبشر أن يغير هذه الفطرة ، فلم يكتب الرهبانية على النصارى أو غيرهم، بل المتتبع لتاريخ نشأتها ، سيعلم أنها نشأت بسبب الإضطهاد الذى لاقوه بسبب دينهم: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ) الحديد 27
فقد كان التلاميذ متزوجون ، ولم يتزوج منهم إلا الربى أول فاتح رحم (أى المنذور لله لتدريس التوراة) من نسل هارون من سبط لاوى ، مثل نبيَّا الله يوحنا المعمدان وعيسى عليهما السلام.
والآيات التى تحث على الزواج كثيرة ، منها:
(وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) البقرة 221-224
(وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) البقرة 235
(وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّ تِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) النساء 22-25
(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة 5
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) المؤمنون 5-6
(وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ .. .. ) النور 32-33
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 21
وكان الزواج سُنَّة من سُنن الأنبياء: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) الرعد 38
وكذلك دافع الرسول عن حقوق المرأة فى الزواج ، والإستمتاع بزوجها ، وحرَّمَ على الرجال الرهبنة والتبتل:
وقال : (الدنيا متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة).
فقال : (من كان موسراً لأن يتزوج ، ثم لم يتزوج فليس منى)
وقال : (ليس فى الإسلام اعتزال النساء والتزام الصوامع)
وقال : (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجاء).
وقال لعكاف بن وداعة: (يا عكاف ألك امرأة؟ قال: لا. فقال له النبى فأنت إذن من إخوان الشياطين، إن كنت من رهبان النصارى فألحق بهم، وإن كنت منا فمن سنتنا النكاح).
وقال : (من تزوج فقد حفظَ نصف دينه ، فليتق الله فى النصف الآخر).
وقال لعبد الله بن عمرو بن العاص لما علم أنه انصرف إلى العبادة انصرافاً كلياً: (إن لبدنك عليك حقاً ، وإن لزوجك عليك حقاً).
وقال : (ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد فى سبيل الله ، والمُكاتَب الذى يريد الأداء ، والناكح الذى يريد العفاف).
وقال : (ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة).
وقال : (أربع من السعادة: المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنىء).
وقال : (قلب شاكر ، ولسان ذاكر ، وزوجة صالحة تعينك على أمر دنياك ودينك ، خير لك ما اكتنز الناس)
وكان الصحابة يسعون فى التعجيل بتزويج أراملهم ، فبعد أن تأيَّمَت حفصة بنت عمر بن الخطاب ، عرض تزويج ابنته على عثمان بن عفان فرفض ، فعرضها على أبى بكر ، فسكت ولم يتلق منه إجابة ، ثم خطبها الرسول .
الإصحاح التاسع والأربعين
العزوبة والتوراة:
فى الوقت الذى جاء فيه عيسى عليه السلام مؤيداً لكتاب موسى وكتب الأنبياء ، عاملاً بالتوراة ، ومعلماً ومدرساً لها فى معبد اليهود ، ولكهنتهم وعلمائهم ، آمراً لهم بالوقوف على أحكامها ، وتطبيقها: الأمر الذى أثبتناه فى الإصحاح الثالث عشر. فقال: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
وكان يُعلِّم جميع الشعب اليهودى الشريعة والناموس داخل معبدهم:
(2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ.) يوحنا 8: 2 ولم يجدوا ما يتهمونه به ، إذاً فقد كان حافظاً للناموس متبعاً له.
وكذلك التزمت أمه مريم البتول بالناموس:
(22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ 23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ. 24وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ.) لوقا 2: 22-24
وقال يعقوب رئيس التلاميذ من بعده:
(10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
يقول دشنر ص 52: (لم يسب اليهود الزواج ، ولم يتمردوا عليه ، ولم يكن عندهم مبدأ العزوبة ، فقد كان يجب على اللاويين والكهنة أن يتزوجوا من عذراوات مُبجلات من بنى إسرائيل ، وكانت العزوبة عندهم من التعاسة ، وهى أحد مظاهر غضب الرب عليهم وعقوباته لهم، لذلك لم يحتوى كتاب العهد القديم العبرى بالمرة على كلمة أعزب، لأنها كانت كلمة غريبة على مسامعهم ، بل أكثر من ذلك أن اليهود قد اعتادوا بعد السبى أن يزوجوا أولادهم وبناتهم فى سن مبكرة ، فكانت البنت تتزوج وهى فى الثالثة عشر ، والابن وهو فى الثامنة عشر. ثم أجبر التلمود فيما بعد اليهود على الزواج ، وهو نفس الوضع الذى نجده فى القرآن الذى يُقدِّس الزواج ، وكان الربى يختلف عن رجال الدنيا: فقد كان عليه أن يُجامِع زوجته يومياً ، حتى يصفو ذهنه لدراساته.)
الإصحاح الخمسين
مارتن لوثر يقضى على الرهبنة ويبيح تعدد الزوجات:
لقد اجتاحت رذيلة الشذوذ الجنسى الكنيسة فى العصور الوسطى ، وكان يُتغاضى عنها دون أدنى مبالاة ، الذى حرَّكَ بولس إلى أن يؤكد على سماح بولس بالزواج كعلاج ، فقد كان يقول إن نبضة الجنس قوية لدرجة أنه لا يقدر على العفة إلا القليل. .. وهذا يتطلب التحرر من تسلط الجنس ، ولا يقدر على ذلك إلا الذين منحوا القوة.
من أجل ذلك قد يكون الرجل المتزوج أكثر عفة من الراهب، كما أن فرض التَّبَتُّل على الذين لم يُمنَحوا نعمة العفة ، إنما هو بمثابة الحكم عليهم بجهنم ، أو بتذوق عذاب المطهر.
فلا يحق للبابا [والكلام مازال للوثر] بعد اليوم أن يمنع ذكراً أو أنثى من التزاوج ، إلا إذا كان يحق له منع الطعام والشراب. بل إن الزواج بامرأتين قد يُسمَح به أيضاً ، كعلاج لاقتراف الإثم ، أى كبديل عن الاتصال الجنسى غير المشروع)
R. Bainton: Sex, Love and Marriage, pp. 83-85
(نقلاً عن تعدد نساء الأنبياء ص 158)
وكيف يمنعهم من التزاوج وقد كانت أم الإله متزوجة على قول الكتاب المقدس من يوسف بن يعقوب (متى 1: 15) ومن يوسف بن هالى (لوقا 3: 23) كما أنها حبلت من الروح القدس (متى 1: 18) الذى هو ابنها نفسه؟
وكيف يمنعوا شعب الكنيسة من الزواج وتعدد الزوجات وقد كان أنبياؤهم متزوجون ولهم نساء عديدات ، حتى إن سليمان كان له 1000 (ألف) امرأة كما يحكى لنا سفر ملوك الأول 11: 3؟ فهل كانوا سيصبحون بذلك أشرف وأنقى من أنبياء الله؟
الإصحاح الواحد والخمسين
الإسلام والزنا:
ادعى نفر من أهل الجهل أن القرآن يدعوا للزنى ، واستشهدوا على ذلك بقول الله تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ) هود 78
وهذا الإتهام ينطوى على جهل كبير ، وعمى شديد عما قالته الآية: فكيف يدعوهم إلى الزنى ببناته ، وهو يقول لهم (هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) ويقول لهم (فَاتَّقُواْ اللّهَ). فهل الله الذى نهى عن الزنى ـ وجعل عقوبته للمحصن (المتزوج) الموت رجماً ، وعقوبته لغير المحصن الجلد مئة جلدة أمام طائفة من المؤمنين والتغريب سنة عن مكان الجريمة ـ هو الذى يدعوا إليه؟
وكيف فهمتم ما لم يفهمه علماء اللغة العربية وقت نزول القرآن؟ هل كانت لتفوتهم هذه الآية ، لو كانت تدعوا للزنى كما فهمتم؟
اقرأوا قول تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) الإسراء 32
وقوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) النور 2
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الممتحنة 12
وقوله تعالى: ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ .. .. .. وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) الفرقان 68
بل نهى الله ورسوله عن تتبع عورات النساء، وأوصا بغض البصر، الذى ويفتح باب الشهوات على مصراعيه: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور 30-31
فعجباً لمن تقبل قصص زنى الأنبياء ، وعلى رأسهم قصة زنا ابنتى نبى الله لوط به ، بعد أن أسكرتاه! فعجباً لمن يقبل هذه الأقاصيص ثم يتهم القرآن بالتشجيع على الزنى! وفى الصفحات القادمة أدلة كافية على تشجيع الزنى وإلباسه مسوح التقوى والنبوة.
ومنها قصة شمشون ، وهو نبى بدليل أقوال سفر القضاة الآتية:
(5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً, وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ, لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيراً لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ, وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».) قضاة 13: 5
(25وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانٍَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ.) قضاة 13: 25
(6فَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ, فَشَقَّهُ كَشَقِّ الْجَدْيِ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ. وَلَمْ يُخْبِرْ أَبَاهُ وَأُمَّهُ بِمَا فَعَلَ. 7فَنَزَلَ وَكَلَّمَ الْمَرْأَةَ فَحَسُنَتْ فِي عَيْنَيْ شَمْشُونَ.) قضاة 14: 6
(19وَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ فَنَزَلَ إِلَى أَشْقَلُونَ وَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلاَثِينَ رَجُلاً, وَأَخَذَ سَلَبَهُمْ وَأَعْطَى الْحُلَلَ لِمُظْهِرِي الُّلغْزِ. وَحَمِيَ غَضَبُهُ وَصَعِدَ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ.) قضاة 14: 19
وتسير القصة فى الإصحاح السادس عشر أن شمشون زنا بامرأة من أهل غزة ، ثم عشق امرأة أخرى تُدعَى (دليلة): (1ثُمَّ ذَهَبَ شَمْشُونُ إِلَى غَّزَةَ وَرَأَى هُنَاكَ امْرَأَةً زَانِيَةً فَدَخَلَ إِلَيْهَا. .. .. .. 3فَاضْطَجَعَ شَمْشُونُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ,) قضاة 16: 1-3
(4وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَحَبَّ امْرَأَةً فِي وَادِي سَوْرَقَ اسْمُهَا دَلِيلَةُ. 5فَصَعِدَ إِلَيْهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالُوا لَهَا: «تَمَلَّقِيهِ وَانْظُرِي بِمَاذَا قُّوَتُهُ الْعَظِيمَةُ, وَبِمَاذَا نَتَمَكَّنُ مِنْهُ لِنُوثِقَهُ لإِذْلاَلِهِ, فَنُعْطِيَكِ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفاً وَمِئَةَ شَاقِلِ فِضَّةٍ».) قضاة 16: 4-5
وسأترك باقى قصص زنا الأنبياء فى مكانه. أما قصة زنا لوط بابنتيه فتجدهما فى تكوين 19: 30-38
الإصحاح الثانى والخمسين
الرب يُحرِّم الزنى وما يؤدى إليه:
(27«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. 28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.) متى 5: 27-30
الإصحاح الثالث والخمسين
الرب أمر نبيه هوشع بالزنى:
الرب يأمر هوشع أن يأخذ لنفسه امرأة فاسقة متزوجة محبوبة لزوجها (1وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «اذْهَبْ أَيْضاً أَحْبِبِ امْرَأَةً حَبِيبَةَ صَاحِبٍ وَزَانِيَةً كَمَحَبَّةِ الرَّبِّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُمْ مُلْتَفِتُونَ إِلَى آلِهَةٍ أُخْرَى وَمُحِبُّونَ لأَقْرَاصِ الزَّبِيبِ».) هوشع3: 1)
الإصحاح الرابع والخمسين
الرب يعاقبهم فيوقعهم في الزّنى!
(11هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجِعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هَذِهِ الشَّمْسِ. 12لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِالسِّرِّ وَأَنَا أَفْعَلُ هَذَا الأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ الشَّمْسِ».) صموئيل الثانى 12: 11-12!!!
(17لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ[لأمصيا]: امْرَأَتُكَ تَزْنِي فِي الْمَدِينَةِ وَبَنُوكَ وَبَنَاتُكَ يَسْقُطُونَ بِـالسَّيْفِ وَأَرْضُكَ تُقْسَمُ بِـالْحَبْلِ وَأَنْتَ تَمُوتُ فِي أَرْضٍ نَجِسَةٍ وَإِسْرَائِيلُ يُسْبَى سَبْياً عَنْ أَرْضِهِ».) عاموس 7: 17
(10لِذَلِكَ أُعْطِي نِسَاءَهُمْ لِآخَرِينَ وَحُقُولَهُمْ لِمَالِكِينَ لأَنَّهُمْ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ كُلُّ وَاحِدٍ مُولَعٌ بِالرِّبْحِ مِنَ النَّبِيِّ إِلَى الْكَاهِنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِالْكَذِبِ.) إرميا 8: 10
(؟ 22وَإِنْ قُلْتِ فِي قَلْبِكِ: لِمَاذَا أَصَابَتْنِي هَذِهِ؟ - لأَجْلِ عَظَمَةِ إِثْمِكِ هُتِكَ ذَيْلاَكِ وَانْكَشَفَ عُنْفاً عَقِبَاكِ. .. 26فَأَنَا أَيْضاً أَرْفَعُ ذَيْلَيْكِ عَلَى وَجْهِكِ فَيُرَى خِزْيُكِ. 27فِسْقُكِ وَصَهِيلُكِ وَرَذَالَةُ زِنَاكِ عَلَى الآكَامِ فِي الْحَقْلِ.) إرميا 13: 22-26
(16وَقَالَ الرَّبُّ:«مِنْ أَجْلِ أَنَّ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ يَتَشَامَخْنَ وَيَمْشِينَ مَمْدُودَاتِ الأَعْنَاقِ وَغَامِزَاتٍ بِعُيُونِهِنَّ وَخَاطِرَاتٍ فِي مَشْيِهِنَّ وَيُخَشْخِشْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ 17يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ.) إشعياء3: 16-17 ، أنظر إلى التصوير الذى يهدد فيه الرب أرشليم.
نبى الله حزقيال يأمره الرب أن يمشى حافياً عارياً: (2فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ: «اذْهَبْ وَحُلَّ الْمِسْحَ عَنْ حَقَوَيْكَ وَاخْلَعْ حِذَاءَكَ عَنْ رِجْلَيْكَ». فَفَعَلَ هَكَذَا وَمَشَى مُعَرًّى وَحَافِياً.) حزقيال 20: 2
فأين الحفاظ على حياء النساء؟ وأين حياء الرجال؟ بل أين حياء الأنبياء؟ بل أين أدب الرب وتعاليمه السامية؟ أليست هذه دعوة للفجور وانتشار الزنى؟ ألم يرتكن روَّاد شواطىء العراة إلى مثل هذه النصوص؟ (سبحانك ربى وتعاليت عن ذلك علواً كبيراً)
(4مِنْ أَجْلِ زِنَى الزَّانِيَةِ الْحَسَنَةِ الْجَمَالِ صَاحِبَةِ السِّحْرِ الْبَائِعَةِ أُمَماً بِزِنَاهَا وَقَبَائِلَ بِسِحْرِهَا. 5«هَئَنَذَا عَلَيْكِ يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ فَأَكْشِفُ أَذْيَالَكِ إِلَى فَوْقِ وَجْهِكِ وَأُرِي الأُمَمَ عَوْرَتَكِ وَالْمَمَالِكَ خِزْيَكِ.) ناحوم 3: 4-5 ، أنظر إلى التصوير الذى يهدد فيه الرب مدينة نينوى.
خاطب الرّبّ بني إسرائيل مهدّدًا إيّاهم إن لم يسمعوا لصوت الرّب: (30تَخْطُبُ امْرَأَةً وَرَجُلٌ آخَرُ يَضْطَجِعُ مَعَهَا.) تثنية 28: 30 (هذا تهديد لأيضاً لبنى إسرائيل إن لم يطيعوا الله فستكون مدينتهم وممتلكاتهم نهب لغيرهم.
(1«قُولُوا لإِخْوَتِكُمْ «عَمِّي» وَلأَخَوَاتِكُمْ «رُحَامَةَ». 2حَاكِمُوا أُمَّكُمْ حَاكِمُوا لأَنَّهَا لَيْسَتِ امْرَأَتِي وَأَنَا لَسْتُ رَجُلَهَا لِتَعْزِلَ زِنَاهَا عَنْ وَجْهِهَا وَفِسْقَهَا مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا 3لِئَلاَّ أُجَرِّدَهَا عُرْيَانَةً وَأَوْقِفَهَا كَيَوْمِ وِلاَدَتِهَا) هوشع 2: 1-3
(17يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ.) إشعياء 3: 17
-
الإصحاح الخامس والخمسين
الرب يأمر نبيه هوشع أن يتزوج بزانية:
الرب يأمر هوشع أن يأخذ لنفسه امرأة زنى (2أَوَّّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: «اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلاَدَ زِنًى لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ!». 3فَذَهَبَ وَأَخَذَ جُومَرَ بِنْتَ دِبْلاَيِمَ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ لَهُ ابْناً.) هوشع 1: 2-3
فكان الإله بذلك قد شجع على الزنى بأن زوَّجَ نبيه من امرأة زنى. وكيف سيأخذ لنفسه أولاد زنى إلا إذا زنى معها دون زواج؟ فهل هذه هى صورة المرأة وفكرتكم عنها فى
كتابكم؟
الإصحاح السادس والخمسين
الرب أوحى أن ينام نبيه فى حضن امرأة عذراء:
(1وَشَاخَ الْمَلِكُ دَاوُدُ. تَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَكَانُوا يُغَطُّونَهُ بِالثِّيَابِ فَلَمْ يَدْفَأْ. 2فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: [لِيُفَتِّشُوا لِسَيِّدِنَا الْمَلِكِ عَلَى فَتَاةٍ عَذْرَاءَ، فَلْتَقِفْ أَمَامَ الْمَلِكِ وَلْتَكُنْ لَهُ حَاضِنَةً وَلْتَضْطَجِعْ فِي حِضْنِكَ فَيَدْفَأَ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ].) ملوك الأول 1: 1-2
الإصحاح السابع والخمسين
الكتاب المقدس يساعد على نشر الزنا بنصوص مثيرة جنسياً:
على الرغم من أن أحد الوصايا العشر تنص صراحة ودون لبث بتحريم الزنى ، وعلى الرغم من وجود عقوبات صارمة للزانى ، ما بين القتل والرجم والحرق (لاويين 20: 10-21)، إلا أنك ترى نصوصاً تثير الغرائز ، وتجعلك تقترب من الزنى ، بل وتعلمك كيفية رسم خطة ، للإيقاع بأختك فى الزنى والرجاسة. والأمرُّ من ذلك أن ترى نصوصاً فى الكتاب المقدس يأمر فيها الرب نبيه بالزنى! ونصوصاً يعاقب الرب مخالفيه بأن يوقعهم فى الزنى! ونصوصاً يفضح الرب فيها مخالفيه ويعرِّى عورتهن! فهل هذا من قبيل (ولا تقربوا الزنى)!
(لاَحَظْتُ بَيْنَ الْبَنِينَ غُلاَماً عَدِيمَ الْفَهْمِ 8عَابِراً فِي الشَّارِعِ عِنْدَ زَاوِيَتِهَا وَصَاعِداً فِي طَرِيقِ بَيْتِهَا. ... 10وَإِذَا بِامْرَأَةٍ اسْتَقْبَلَتْهُ فِي زِيِّ زَانِيَةٍ ... 13فَأَمْسَكَتْهُ وَقَبَّلَتْهُ. أَوْقَحَتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ لَهُ: ... 16بِالدِّيبَاجِ فَرَشْتُ سَرِيرِي بِمُوَشَّى كَتَّانٍ مِنْ مِصْرَ. 17عَطَّرْتُ فِرَاشِي بِمُرٍّ وَعُودٍ وَقِرْفَةٍ. 18هَلُمَّ نَرْتَوِ وُدّاً إِلَى الصَّبَاحِ. نَتَلَذَّذُ بِالْحُبِّ. 19لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ. ذَهَبَ فِي طَرِيقٍ بَعِيدَةٍ. 20أَخَذَ صُرَّةَ الْفِضَّةِ بِيَدِهِ. يَوْمَ الْهِلاَلِ يَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ». 21أَغْوَتْهُ بِكَثْرَةِ فُنُونِهَا بِمَلْثِ شَفَتَيْهَا طَوَّحَتْهُ. 22ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى الذَّبْحِ أَوْ كَالْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ الْقِصَاصِ.) (أمثال7: 7-22)
(وَافْرَحْ بِامْرَأَةِ شَبَابِكَ 19الظَّبْيَةِ الْمَحْبُوبَةِ وَالْوَعْلَةِ الزَّهِيَّةِ. لِيُرْوِكَ ثَدْيَاهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَبِمَحَبَّتِهَا اسْكَرْ دَائِماً.) (أمثال 5: 18-19)
(10مَا أَجْمَلَ خَدَّيْكِ بِسُمُوطٍ وَعُنُقَكِ بِقَلاَئِدَ! ... 13صُرَّةُ الْمُرِّ حَبِيبِي لِي. بَيْنَ ثَدْيَيَّ يَبِيتُ. ... 15هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ. عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ. 16هَا أَنْتَ جَمِيلٌ يَا حَبِيبِي وَحُلْوٌ وَسَرِيرُنَا أَخْضَرُ.) (نشيد الإنشاد 1: 10-16)
(1فِي اللَّيْلِ عَلَى فِرَاشِي طَلَبْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ. 2إِنِّي أَقُومُ وَأَطُوفُ فِي الْمَدِينَةِ فِي الأَسْوَاقِ وَفِي الشَّوَارِعِ أَطْلُبُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي. طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ. 3وَجَدَنِي الْحَرَسُ الطَّائِفُ فِي الْمَدِينَةِ فَقُلْتُ: «أَرَأَيْتُمْ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي؟» 4فَمَا جَاوَزْتُهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَ أُمِّي وَحُجْرَةَ مَنْ حَبِلَتْ بِي. 5أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ بِالظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ الْحَقْلِ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.) نشيد الإنشاد 3: 1-5
(1هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ مِعْزٍ رَابِضٍ عَلَى جَبَلِ جِلْعَادَ. 2أَسْنَانُكِ كَقَطِيعِ الْجَزَائِزِ الصَّادِرَةِ مِنَ الْغَسْلِ اللَّوَاتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مُتْئِمٌ وَلَيْسَ فِيهِنَّ عَقِيمٌ. 3شَفَتَاكِ كَسِلْكَةٍ مِنَ الْقِرْمِزِ. وَفَمُكِ حُلْوٌ. خَدُّكِ كَفِلْقَةِ رُمَّانَةٍ تَحْتَ نَقَابِكِ. 4عُنُقُكِ كَبُرْجِ دَاوُدَ الْمَبْنِيِّ لِلأَسْلِحَةِ. أَلْفُ مِجَنٍّ عُلِّقَ عَلَيْهِ كُلُّهَا أَتْرَاسُ الْجَبَابِرَةِ. 5ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْ ظَبْيَةٍ تَوْأَمَيْنِ يَرْعَيَانِ بَيْنَ السَّوْسَنِ. 6إِلَى أَنْ يَفِيحَ النَّهَارُ وَتَنْهَزِمَ الظِّلاَلُ أَذْهَبُ إِلَى جَبَلِ الْمُرِّ وَإِلَى تَلِّ اللُّبَانِ. 7كُلُّكِ جَمِيلٌ يَا حَبِيبَتِي لَيْسَ فِيكِ عَيْبَةٌ.) نشيد الإنشاد 4: 1-7
(1مَا أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِالنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ الْكَرِيمِ! دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ مِثْلُ الْحَلِيِّ صَنْعَةِ يَدَيْ صَنَّاعٍ. 2سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ لاَ يُعْوِزُهَا شَرَابٌ مَمْزُوجٌ. بَطْنُكِ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسَّوْسَنِ. 3ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْنِ تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ. 4عُنُقُكِ كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ. عَيْنَاكِ كَالْبِرَكِ فِي حَشْبُونَ عِنْدَ بَابِ بَثِّ رَبِّيمَ. أَنْفُكِ كَبُرْجِ لُبْنَانَ النَّاظِرِ تُجَاهَ دِمَشْقَ. ... 6مَا أَجْمَلَكِ وَمَا أَحْلاَكِ أَيَّتُهَا الْحَبِيبَةُ بِاللَّذَّاتِ! 7قَامَتُكِ هَذِهِ شَبِيهَةٌ بِالنَّخْلَةِ وَثَدْيَاكِ بِالْعَنَاقِيدِ. 8قُلْتُ:«إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى النَّخْلَةِ وَأُمْسِكُ بِعُذُوقِهَا». وَتَكُونُ ثَدْيَاكِ كَعَنَاقِيدِ الْكَرْمِ وَرَائِحَةُ أَنْفِكِ كَالتُّفَّاحِ) نشيد الإنشاد 7: 1-8
(1لَيْتَكَ كَأَخٍ لِي الرَّاضِعِ ثَدْيَيْ أُمِّي فَأَجِدَكَ فِي الْخَارِجِ وَأُقَبِّلَكَ وَلاَ يُخْزُونَنِي. 2وَأَقُودُكَ وَأَدْخُلُ بِكَ بَيْتَ أُمِّي وَهِيَ تُعَلِّمُنِي فَأَسْقِيكَ مِنَ الْخَمْرِ الْمَمْزُوجَةِ مِنْ سُلاَفِ رُمَّانِي. 3شِمَالُهُ تَحْتَ رَأْسِي وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي. 4أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.) نشيد الإنشاد 8: 1-4
(8لَنَا أُخْتٌ صَغِيرَةٌ لَيْسَ لَهَا ثَدْيَانِ. فَمَاذَا نَصْنَعُ لِأُخْتِنَا فِي يَوْمٍ تُخْطَبُ؟ 9إِنْ تَكُنْ سُوراً فَنَبْنِي عَلَيْهَا بُرْجَ فِضَّةٍ. وَإِنْ تَكُنْ بَاباً فَنَحْصُرُهَا بِأَلْوَاحِ أَرْزٍ. 10أَنَا سُورٌ وَثَدْيَايَ كَبُرْجَيْنِ. حِينَئِذٍ كُنْتُ فِي عَيْنَيْهِ كَوَاجِدَةٍ سَلاَمَةً.) نشيد الإنشاد 8: 8-10
(1وَكَـانَتْ إِلَيَّ كَلِمَةُ الرَّبِّ: 2[يَا ابْنَ آدَمَ, عَرِّفْ أُورُشَلِيمَ بِرَجَاسَاتِهَا .. .. 15[فَـاتَّكَلْتِ عَلَى جَمَالِكِ وَزَنَيْتِ عَلَى اسْمِكِ, وَسَكَبْتِ زِنَاكِ عَلَى كُلِّ عَابِرٍ فَكَانَ لَهُ. 16وَأَخَذْتِ مِنْ ثِيَابِكِ وَصَنَعْتِ لِنَفْسِكِ مُرْتَفَعَاتٍ مُوَشَّاةٍ وَزَنَيْتِ عَلَيْهَا. أَمْرٌ لَمْ يَأْتِ وَلَمْ يَكُنْ. .. .. وَصَنَعْتِ لِنَفْسِكِ صُوَرَ ذُكُورٍ وَزَنَيْتِ بِهَا. .. .. 25فِي رَأْسِ كُلِّ طَرِيقٍ بَنَيْتِ مُرْتَفَعَتَكِ وَرَجَّسْتِ جَمَالَكِ, وَفَرَّجْتِ رِجْلَيْكِ لِكُلِّ عَابِرٍ وَأَكْثَرْتِ زِنَاكِ. 26وَزَنَيْتِ مَعَ جِيرَانِكِ بَنِي مِصْرَ الْغِلاَظِ اللَّحْمِ, وَزِدْتِ فِي زِنَاكِ لإِغَاظَتِي. .. .. 33لِكُلِّ الزَّوَانِي يُعْطُونَ هَدِيَّةً, أَمَّا أَنْتِ فَقَدْ أَعْطَيْتِ كُلَّ مُحِبِّيكِ هَدَايَاكِ, وَرَشَيْتِهِمْ لِيَأْتُوكِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِلزِّنَا بِكِ. 34وَصَارَ فِيكِ عَكْسُ عَادَةِ النِّسَاءِ فِي زِنَاكِ, إِذْ لَمْ يُزْنَ وَرَاءَكِ, بَلْ أَنْتِ تُعْطِينَ أُجْرَةً وَلاَ أُجْرَةَ تُعْطَى لَكِ, فَصِرْتِ بِـالْعَكْس!) حزقيال 16: 1-34
الإصحاح الثامن والخمسين
للرب أسلوب قصصى فاضح: قصة العاهرتين: أهولا وأهوليبا
(رمز للمدينتين السامرة وأورشليم لكن بأسلوب جنسى مثير)
(1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2[يَا ابْنَ آدَمَ, كَـانَتِ امْرَأَتَانِ ابْنَتَا أُمٍّ وَاحِدَةٍ, 3زَنَتَا بِمِصْرَ فِي صِبَاهُمَا. هُنَاكَ دُغْدِغَتْ ثُدِيُّهُمَا, وَهُنَاكَ تَزَغْزَغَتْ تَرَائِبُ عُذْرَتِهِمَا. .. .. 8وَلَمْ تَتْرُكْ زِنَاهَا مِنْ مِصْرَ أَيْضاً, لأَنَّهُمْ ضَاجَعُوهَا فِي صِبَاهَا وَزَغْزَغُوا تَرَائِبَ عُذْرَتِهَا وَسَكَبُوا عَلَيْهَا زِنَاهُمْ. 9لِذَلِكَ سَلَّمْتُهَا لِيَدِ عُشَّاقِهَا, لِيَدِ بَنِي أَشُّورَ الَّذِينَ عَشِقَتْهُمْ. .. .. 19وَأَكْثَرَتْ زِنَاهَا بِذِكْرِهَا أَيَّامَ صِبَاهَا الَّتِي فِيهَا زَنَتْ بِأَرْضِ مِصْرَ. 20وَعَشِقَتْ مَعْشُوقِيهِمِ الَّذِينَ لَحْمُهُمْ كَلَحْمِ الْحَمِيرِ وَمَنِيُّهُمْ كَمَنِيِّ الْخَيْلِ. 21وَافْتَقَدْتِ رَذِيلَةَ صِبَاكِ بِزَغْزَغَةِ الْمِصْرِيِّينَ تَرَائِبَكِ لأَجْلِ ثَدْيِ صِبَاكِ.) حزقيال 23: 1-21
(22[لأَجْلِ ذَلِكَ يَا أُهُولِيبَةُ, هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْكِ عُشَّاقَكِ ... 26وَيَنْزِعُونَ عَنْكِ ثِيَابَكِ وَيَأْخُذُونَ أَدَوَاتِ زِينَتِكِ. 27وَأُبَطِّلُ رَذِيلَتَكِ عَنْكِ وَزِنَاكِ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ, فَلاَ تَرْفَعِينَ عَيْنَيْكِ إِلَيْهِمْ وَلاَ تَذْكُرِينَ مِصْرَ بَعْدُ. 28لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أُسَلِّمُكِ لِيَدِ الَّذِينَ أَبْغَضْتِهِمْ, لِيَدِ الَّذِينَ جَفَتْهُمْ نَفْسُكِ. 29فَيُعَامِلُونَكِ بِـالْبَغْضَاءِ وَيَأْخُذُونَ كُلَّ تَعَبِكِ, وَيَتْرُكُونَكِ عُرْيَانَةً وَعَارِيَةً فَتَنْكَشِفُ عَوْرَةُ زِنَاكِ وَرَذِيلَتُكِ وَزِنَاكِ.) حزقيال23: 22-29
الإصحاح التاسع والخمسين
الرب نفسه من نسل زناة!
يقول الكتاب: (5وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ.) متى 1: 5
ويقول يشوع عن راحاب: (فَذَهَبَا وَدَخَلاَ بَيْتَ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ اسْمُهَا رَاحَابُ وَاضْطَجَعَا هُنَاكَ.) يشوع 2: 1
ويقول الرب عن (2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) تثنية 23: 2
فكيف دخل يسوع فى جماعة الرب وهو من نسل زنى؟
ويقول الكتاب: (وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ.) متى 1: 5
وراعوث هى راعوث الموابية (راعوث 4: 5)
ويمنع الكتاب دخول الموابيين والعمونيين فى جماعة الرب نهائياً: (3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 3
فكيف دخل يسوع فى جماعة الرب وهو من نسل العمونيين؟
ويقول الكتاب: (7وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ.) متى 1: 7
ويقول سفر ملوك الأول عن العمونيين: (وَأَمَّا رَحُبْعَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَمَلَكَ فِي يَهُوذَا. وَكَانَ رَحُبْعَامُ ابْنَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الرَّبُّ لِوَضْعِ اسْمِهِ فِيهَا مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. وَاسْمُ أُمِّهِ نِعْمَةُ الْعَمُّونِيَّةُ.) ملوك الأول 14: 21
وعلى ذلك فنسل سليمان كلهم بما فيهم يسوع محرومون من الدخول فى جماعة الرب: (3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 3
فكيف دخل يسوع فى جماعة الرب وهو من نسل العمونيين؟
هؤلاء هم أجداد الرب ، الذى فضل أن يُخلِّدهم ويجعلهم المثل الأعلى!!
هؤلاء هم أجداد الرب ، الذى فضل أن تكون عائلته زناة وأولاد سفاح أو مطرودين من رحمة الرب!
ترى لماذا فضَّل الرب الرذيلة عن الفضيلة؟ هل لإفساد البشرية؟ أم أن كاتب هذه الكلمات والأفكار إنسان يحارب الله القدوس ويمهد لعبادة الشيطان وانتشار الزنى والرذيلة فى الأرض؟
الإصحاح الستين
الكتاب المقدس يشجع على الزنى ويُمجد أولاد السفاح:
والأدهى من ذلك وأمرُّ أن يكون نسل الإله وعائلته من سلالة زنا! انظر كيف يلفون السم فى الورق المذهَّب!
بدأت باختيار الرب أن يولد من امرأة عذراء مخطوبة لرجل آخر!
فلماذا عذراء؟ ولماذا المخطوبة لرجل آخر؟ ما غرضه من التشهير بها وبخطيبها؟ ما غرضه من أن تلد العذراء؟ ألم يفكر فى كلام الناس فيه وفى أمه؟ ألم يكن خطيب أمه ذو قيمة عنده حتى يصيبه بهذه المصيبة ويُلحق به هذا التشهير؟ ألم يكن فى مقدوره انتقاء عذراء أخرى طاهرة وشريفة ليولد منه؟
فكانت بداية الرب المقدسة أنه جعل الناس تتهم أمه بالزنى!
(فَقَالُوا لَهُ: «إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِناً. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ».) يوحنا 8: 41
(23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِين َسَنَةً وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ بْنِ هَالِي) لوقا 3: 23
وكانت الثانية أنه خالف الناموس بنفسه. فقد حرم أن يُجامع الرجل أمه ، ثم يحل هو بصفته الروح القدس على أمه ليولد منها. وهذا عقوبته الموت: (7عَوْرَةَ أَبِيكَ وَعَوْرَةَ أُمِّكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا أُمُّكَ لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. 8عَوْرَةَ امْرَأَةِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا عَوْرَةُ أَبِيكَ.) لاويين 18: 7-8
فإن كان (الآب) ابن مريم قد دخل على أمه ، فهذه عقوبته: (11وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ أَبِيهِ فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَبِيهِ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.) لاويين 20: 11
وكيف تقبل امرأة تتزوج بالإله العظيم مالك الملك ، قاصم الجبابرة، أرحم الراحمين، المعطى المانع، المعز المذل، الرافع الخافض، ثم تتركه لتتزوج غيره من البشر؟ فهل غدر بها الإله وتركها؟ أم طلقها ولم يعلن ذلك خوفا على سمعته؟ أم كان البشر أجدر وأظرف من الإله فتركت الإله من أجله؟ وهل خطبت لاثنين أم هذا خطأ من متى أو من لوقا؟ أم أخطأ الكاتبان ولم تتزوج لأنها أول فاتحة رحم؟ فمن المعروف أن أول مولود من أمه (= أول فاتح رحم) يكون عمره كله منذور لله (1وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: 2«قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي».) خروج 13: 1-2 ، وكذلك لوقا 2: 22-23
فمعنى ذلك أنه ليس من حقها أن تتزوج. فلماذا خُطِبَت؟ ولو كانت مخطوبة ، لاعتبرت بشارة الملاك لها بشارة سعيدة يُنبئها فيها بإتمام زواجها من يوسف ، ولفهمت أن الإنجاب سيكون منه. وما هذا إلا تشويه للمرأة التى اجتمع عليها الكتاب المقدس بأكمله ، ولم يتركها إلا عاهرة أو مهضومة الحقوق.
فهذا شكيم يزنى بابنة نبى الله يعقوب (دينة) (تكوين 24: 20)
وهذا نبى الله نوح يسكر ويتعرى: (21وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. 22فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجاً. 23فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَتَرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا إِلَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا. 24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ 25فَقَالَ: «مَلْعُونٌ كَنْعَانُ. عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِهِ».) تكوين 9 :21-25
تُرى ما الذى فعله حام بأبيه؟ هل زنى بأبيه كما صرح أحد قساوسة أمريكا؟
وهذا نبى الله لوط يسكر ويزنى بابنتيه: (30وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ وَابْنَتَاهُ مَعَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْراً وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْراً اللَّيْلَةَ أَيْضاً فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضاً وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ» - وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضاً وَلَدَتِ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي» - وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ.) تكوين 19: 30-38
وهذا نبى الله إبراهيم لا يخشى الله ويضحى بشرفه وشرف زوجته سارة خوفاً على نفسه من القتل ولتحقيق مكاسب دنيوية، ويأمر زوجته بالكذب: (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدّاً. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْراً بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ
غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ.) تكوين 12: 11-16
وهذا نبى الله موسى وأخوه هارون أولاد حرام (زواج غير شرعى): يقول سفراللاويبن18: 12 (عورة أخت أبيك لا تكشف إنها قريبة أبيك) ؛ إلا أن عمرام أبو نبى الله موسى قد تزوج عمته: (وأخذ عمرام يوكابد عمته زوجة له فولدت له هارون وموسى) الخروج 6 : 20 (مع الأخذ فى الاعتبار أن النصارى لا يُقرُّن النسخ فى دينهم!)
وهذا نبى الله يعقوب يجمع بين الأختين: فقد تزوج ليئة وراحيل الأختين وأنجب منهما (تكوين 29: 23-30) ؛ ويحرم سفر اللاويين الجمع بين الأختين (لاويين 18: 18)
وهذا نبى الله إبراهيم يتزوج من أخته لأبيه: تزوج نبى الله إبراهيم عليه السلام من سارة وهى أخته من أبيه (تكوين 20: 12) ؛ على الرغم من أن سفر اللاويين 18: 9 يحرم الزواج من الأخت للأب أو للأم!
وهذا نبى الله يهوذا عليه السلام يزنى بثامار زوجة ابنه: (تكوين الإصحاح 38).
وهذا نبى الله داود عليه السلام يزنى بجارته “امرأة أوريا” وخيانته العظمى للتخلص من زوجها وقتله: فى (صموئيل الثانى صح 11) !!!
وهذا نبى الله شاول يُزوِّج ابنته زوجة داود عليه السلام من شخص آخر وهى لم تُطلَّق من زوجها الأول: (44فَأَعْطَى شَاوُلُ مِيكَالَ ابْنَتَهُ امْرَأَةَ دَاوُدَ لِفَلْطِي بْنِ لاَيِشَ الَّذِي مِنْ جَلِّيمَ.) صموئيل الأول 25: 44 و(14وَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً إِلَى إِيشْبُوشَثَ بْنِ شَاوُلَ يَقُولُ: «أَعْطِنِي امْرَأَتِي مِيكَالَ الَّتِي خَطَبْتُهَا لِنَفْسِي بِمِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». 15فَأَرْسَلَ إِيشْبُوشَثُ وَأَخَذَهَا مِنْ عِنْدِ رَجُلِهَا، مِنْ فَلْطِيئِيلَ بْنِ لاَيِشَ. 16وَكَانَ رَجُلُهَا يَسِيرُ مَعَهَا وَيَبْكِي وَرَاءَهَا إِلَى بَحُورِيمَ. فَقَالَ لَهُ أَبْنَيْرُ: «اذْهَبِ ارْجِعْ». فَرَجَعَ.) صموئيل الثانى 3: 14-16.
وهذا نبى الله داود لا ينام إلا فى حضن امرأة عذراء: ملوك الأول 1: 1-4
وهذا رب الأرباب ينتقم من نبيه داود عليه السلام على زناه فيسلم أهل بيته للزنى: صموئيل الثانى 12: 11-12!!!
وهذا ابن نبى الله داود يزنى بأخته: (أمنون بن داود يزنى بأخته ثامار أخت
أبشالوم بن داود) اقرأ سيناريو هذا الفيلم فى (صموئيل الثانى صح 13).
وهذا نبى الله رأوبين يزنى بزوجة أبيه بلهة: (تكوين 35: 22 ؛ 49: 3-4)
وهذا نبى الله شمشون يذهب إلى غزة ورأى هناك امرأة زانية فدخل إليها(قضاة 16: 1)
وهذا نبى الله حزقيال يشجع النساء على الزنى والفجور (حزقيال 16: 33-34)
الإصحاح الواحد والستين
الكتاب يأمر الزوجة التى أخذت من السبى بالبكاء شهراً قبل الدخول بها!
(10«إِذَا خَرَجْتَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ وَسَبَيْتَ مِنْهُمْ سَبْياً 11وَرَأَيْتَ فِي السَّبْيِ امْرَأَةً جَمِيلةَ الصُّورَةِ وَالتَصَقْتَ بِهَا وَاتَّخَذْتَهَا لكَ زَوْجَةً 12فَحِينَ تُدْخِلُهَا إِلى بَيْتِكَ تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا 13وَتَنْزِعُ ثِيَابَ سَبْيِهَا عَنْهَا وَتَقْعُدُ فِي بَيْتِكَ وَتَبْكِي أَبَاهَا وَأُمَّهَا شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَدْخُلُ عَليْهَا وَتَتَزَوَّجُ بِهَا فَتَكُونُ لكَ زَوْجَةً. 14وَإِنْ لمْ تُسَرَّ بِهَا فَأَطْلِقْهَا لِنَفْسِهَا. لا تَبِعْهَا بَيْعاً بِفِضَّةٍ وَلا تَسْتَرِقَّهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَذْللتَهَا.) تثنية 21: 10-14
وماذا سيفعل الرجل المؤمن إن لم تبك زوجته؟ هل سيضربها لتبكى؟ وما علة الرب من هذه العكننة وهذا الغم؟
الإصحاح الثانى والستين
الكتاب المقدس يعطى الأب الحق فى بيع ابنته:
من حق الأب أن يبيع ابنته: (وإذا باع رجل ابنته أمةً لا تخرج كما يخرج العبيد) خروج21: 7
وكذلك اشترى بوعز راعوث الموابية امرأة محلون وجدة داود: (9فَقَالَ بُوعَزُ لِلشُّيُوخِ وَلِجَمِيعِ الشَّعْبِ: «أَنْتُمْ شُهُودٌ الْيَوْمَ أَنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُ كُلَّ مَا لأَلِيمَالِكَ وَكُلَّ مَا لِكِلْيُونَ وَمَحْلُونَ مِنْ يَدِ نُعْمِي. 10وَكَذَا رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ امْرَأَةُ مَحْلُونَ قَدِ اشْتَرَيْتُهَا لِيَ امْرَأَةً) راعوث 4: 9-10
الإصحاح الثالث والستين
الكتاب المقدس يأمرك أن تُسلِم ابنك المعاند للرجم:
(18«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلا لِقَوْلِ أُمِّهِ وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلا يَسْمَعُ لهُمَا. 19يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلى بَابِ مَكَانِهِ 20وَيَقُولانِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هَذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. 21فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ
بَيْنِكُمْ وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيل وَيَخَافُونَ.) (تثنية 21: 18-21)
الإصحاح الرابع والستين
هانت عليهم المرأة فكان مهرها (غلفة ذكر رجل ميت): (25فَقَالَ شَاوُلُ: «هَكَذَا تَقُولُونَ لِدَاوُدَ: لَيْسَتْ مَسَرَّةُ الْمَلِكِ بِالْمَهْرِ, بَلْ بِمِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ لِلاِنْتِقَامِ مِنْ أَعْدَاءِ الْمَلِكِ». وَكَانَ شَاوُلُ يَتَفَكَّرُ أَنْ يُوقِعَ دَاوُدَ بِيَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ.) صموئيل الأول 18: 25
الغريب أن الكتاب المقدس يُظهِر الأنبياء فى أسوأ قدوة ، وأشرَّ خلق الله! وأفضل قدوة هن العاهرات! فهذه هى أخلاق الأنبياء مع بعضهم البعض: يوقع أحدهم الآخر فى أيدى الكافرين ، ويسلم آخر شرف امرأته لفرعون ومن بعده لجاره ، وآخر يزنى بابنته ، وآخر يزنى بزوجة أبيه ، وآخرون يكفرون ويعبدون الأوثان! وهذا كله فى كفة ، وما فعله يعقوب فى كفة أخرى: فقد تصارع من الرب ، وهزمه ، وسرق النبوة من أخيه ، وابتاعها منه بابتزاز فى مقابل طبق عدس!
فهذا نبى الله إبراهيم لا يخشى الله ويضحى بشرفه وشرف زوجته سارة خوفاً على نفسه من القتل ولتحقيق مكاسب دنيوية، ويأمر زوجته بالكذب: (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدّاً. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْراً بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ.) تكوين 12: 11-16
ولا يخشى الله ويقبل التضحية بشرفه وشرف زوجته سارة، ولم يتعلم من الدرس الذى أخذه من حكايته مع فرعون: (1وَانْتَقَلَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ هُنَاكَ إِلَى أَرْضِ الْجَنُوبِ وَسَكَنَ بَيْنَ قَادِشَ وَشُورَ وَتَغَرَّبَ فِي جَرَارَ. 2وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ سَارَةَ امْرَأَتِهِ: «هِيَ أُخْتِي». فَأَرْسَلَ أَبِيمَالِكُ مَلِكُ جَرَارَ وَأَخَذَ سَارَةَ. 3فَجَاءَ اللهُ إِلَى أَبِيمَالِكَ فِي حُلْمِ اللَّيْلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ مَيِّتٌ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَخَذْتَهَا فَإِنَّهَا مُتَزَوِّجَةٌ بِبَعْلٍ». 4وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ أَبِيمَالِكُ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيْهَا. فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ أَأُمَّةً بَارَّةً تَقْتُلُ؟ 5أَلَمْ يَقُلْ هُوَ لِي إِنَّهَا أُخْتِي وَهِيَ أَيْضاً نَفْسُهَا قَالَتْ هُوَ أَخِي؟ بِسَلاَمَةِ قَلْبِي وَنَقَاوَةِ يَدَيَّ فَعَلْتُ هَذَا». 6فَقَالَ لَهُ اللهُ فِي الْحُلْمِ: «أَنَا أَيْضاً عَلِمْتُ أَنَّكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هَذَا. وَأَنَا أَيْضاً أَمْسَكْتُكَ عَنْ أَنْ تُخْطِئَ إِلَيَّ لِذَلِكَ لَمْ أَدَعْكَ تَمَسُّهَا. 7فَالْآنَ رُدَّ امْرَأَةَ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ نَبِيٌّ فَيُصَلِّيَ لأَجْلِكَ فَتَحْيَا. وَإِنْ كُنْتَ لَسْتَ تَرُدُّهَا فَاعْلَمْ أَنَّكَ مَوْتاً تَمُوتُ أَنْتَ وَكُلُّ مَنْ لَكَ». 8فَبَكَّرَ أَبِيمَالِكُ فِي الْغَدِ وَدَعَا جَمِيعَ عَبِيدِهِ وَتَكَلَّمَ بِكُلِّ هَذَا الْكَلاَمِ فِي مَسَامِعِهِمْ. فَخَافَ الرِّجَالُ جِدّاً. 9ثُمَّ دَعَا أَبِيمَالِكُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا فَعَلْتَ بِنَا وَبِمَاذَا أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيَّ وَعَلَى مَمْلَكَتِي خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟ أَعْمَالاً لاَ تُعْمَلُ عَمِلْتَ بِي!». 10 وَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَاذَا رَأَيْتَ حَتَّى عَمِلْتَ هَذَا الشَّيْءَ؟» 11فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «إِنِّي قُلْتُ: لَيْسَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خَوْفُ اللهِ الْبَتَّةَ فَيَقْتُلُونَنِي لأَجْلِ امْرَأَتِي. 12وَبِالْحَقِيقَةِ أَيْضاً هِيَ أُخْتِي ابْنَةُ أَبِي غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتِ ابْنَةَ أُمِّي فَصَارَتْ لِي زَوْجَةً.) تكوين 20: 1-12
ويسرق يعقوب البركة والنبوة من أبيه بتدبير من أمه: (تكوين الإصحاح 27)
ويشترى نبى الله يعقوب النبوة من أخيه عيسو بطبق عدس: (29وَطَبَخَ يَعْقُوبُ طَبِيخاً فَأَتَى عِيسُو مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ قَدْ أَعْيَا. 30فَقَالَ عِيسُو لِيَعْقُوبَ: «أَطْعِمْنِي مِنْ هَذَا الأَحْمَرِ لأَنِّي قَدْ أَعْيَيْتُ. (لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ أَدُومَ). 31فَقَالَ يَعْقُوبُ: «بِعْنِي الْيَوْمَ بَكُورِيَّتَكَ». 32فَقَالَ عِيسُو: «هَا أَنَا مَاضٍ إِلَى الْمَوْتِ فَلِمَاذَا لِي بَكُورِيَّةٌ؟» 33فَقَالَ يَعْقُوبُ: «احْلِفْ لِيَ الْيَوْمَ». فَحَلَفَ لَهُ. فَبَاعَ بَكُورِيَّتَهُ لِيَعْقُوبَ. 34فَأَعْطَى يَعْقُوبُ عِيسُوَ خُبْزاً وَطَبِيخَ عَدَسٍ فَأَكَلَ وَشَرِبَ وَقَامَ وَمَضَى. فَاحْتَقَرَ عِيسُو الْبَكُورِيَّةَ.) تكوين 25: 29-34
اقرأ: نبى الله يعقوب يصارع الرب ويهزمه: (تكوين 32: 22-30)
قتلَ النبى أبشالوم أخيه أمنون: صموئيل الثانى 13: 1-29
أبشالوم بن داود يقود حرباً ضد أبيه النبى داود: صموئيل الثانى 18: 1-17
نبى الله ناثان يتآمر مع أمه ويكذبان وينصبان على أبيهما داود لإختيار سليمان نبياً: (ملوك الأول 1: 11-31)
اقرأ: نبى الله داود يقتل أولاده الخمس من زوجته ميكال لإرضاء الرب: (صموئيل الثاني 21: 8-9) وقد عُدِّلَت فى التراجم الحديثة من ميكال إلى ميراب. ومن المسلم به أن ميكال زوجة داود وأخت ميراب الصغرى، فعُدِّلَت حتى لا يكون داود قد قتل أولاده، بل أولاد ميراب إبنة شاول الذي أراد الإمساك به وقتله .
نبى الله شاول يُزوِّج ابنته زوجة داود عليه السلام من شخص آخر وهى لم تُطلَّق من زوجها الأول: (44فَأَعْطَى شَاوُلُ مِيكَالَ ابْنَتَهُ امْرَأَةَ دَاوُدَ لِفَلْطِي بْنِ لاَيِشَ الَّذِي مِنْ جَلِّيمَ.) صموئيل الأول 25: 44
و(14وَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً إِلَى إِيشْبُوشَثَ بْنِ شَاوُلَ يَقُولُ: «أَعْطِنِي امْرَأَتِي مِيكَالَ الَّتِي خَطَبْتُهَا لِنَفْسِي بِمِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». 15فَأَرْسَلَ إِيشْبُوشَثُ وَأَخَذَهَا مِنْ عِنْدِ رَجُلِهَا، مِنْ فَلْطِيئِيلَ بْنِ لاَيِشَ. 16وَكَانَ رَجُلُهَا يَسِيرُ مَعَهَا وَيَبْكِي وَرَاءَهَا إِلَى بَحُورِيمَ. فَقَالَ لَهُ أَبْنَيْرُ: «اذْهَبِ ارْجِعْ». فَرَجَعَ.) صموئيل الثانى 3: 14-16.
اقرأ: أبناء نبى الله صموئيل قضاة مُرتشيون: (صموئيل الأول 8: 2-5 و أخبار الأيام الأول 6: 28)
اقرأ: نبى الله إرمياء يحكم على نبى الله حننيا بالكفر ويقتله: (15فَقَالَ إِرْمِيَا النَّبِيُّ لِحَنَنِيَّا النَّبِيِّ: [اسْمَعْ يَا حَنَنِيَّا. إِنَّ الرَّبَّ لَمْ يُرْسِلْكَ وَأَنْتَ قَدْ جَعَلْتَ هَذَا الشَّعْبَ يَتَّكِلُ عَلَى الْكَذِبِ. 16لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَئَنَذَا طَارِدُكَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ. هَذِهِ السَّنَةَ تَمُوتُ لأَنَّكَ تَكَلَّمْتَ بِعِصْيَانٍ عَلَى الرَّبِّ]. 17فَمَاتَ حَنَنِيَّا النَّبِيُّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ.) إرمياء 28: 15-17
إضافة للأنبياء الكفرة عبدة الأوثان:
اقرأ: نبى الله هارون يعبد العجل ويدعوا لعبادته: (خروج 32: 1-6)
اقرأ: نبى الله داود يُسمِّى ابنه (بعليا داع أى بعل يعرف) تيمنا ببعل: أخبار الأيام الأول 14: 7 ويُسمَّى أيضاً (أليادع أى الله يعرف) أخبار الأيام الأول 3: 8
اقرأ: نبى الله يوناثان يُسمِّى ابنه (مرى بعل) تيمنا ببعل: أخبار الأيام الأول 8: 34 و 9: 40
اقرأ: نبى الله سليمان يعبد الأوثان: (9فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، 10وَأَوْصَاهُ فِي هَذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبِعَ آلِهَةً أُخْرَى. فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ.) الملوك الأول 11: 9-10
اقرأ: زوجة نبى الله سليمان مقلة ابنة أبشالوم عملت تمثالاً لسارية: (ملوك الأول 15: 13 و أخبار الأيام الثانى 15: 16)
اقرأ: نبى الله جدعون يبنى مذبحاً لغير الله ويُضلِّل بنى إسرائيل: (قضاة 8: 24-27)
اقرأ: نبى الله آحاز يعبد الأوثان: (ملوك الثانى16: 2-4 ، وأيضاً أخبارالأيام الثانى 28: 2-4)
اقرأ: نبى الله يربعام يعبد الأوثان: (ملوك الأول 14: 9)
اقرأ: نبى الله بعشا بن يربعام يعبد الأوثان (ملوك الأول 15: 33-34)
اقرأ: نبى الله يفتاح الجلعادى يقدم أضحية للأوثان (قضاة 11: 30-31)
اقرأ: نبى الله أخاب بن عُمرى يعبد البعل ويسجد له (ملوك الأول 16: 31-33)
اقرأ: نبى الله يهورام يعبد العجل (ملوك الثانى 3: 1-25)
اقرأ: نبى الله أمصيايعبد الأوثان (أخبار الأيام الثانى 25: 14)
اقرأ: نبى الله يسجد للملك ولا يسجد لله: (9فَأَتَى اللهُ إِلى بَلعَامَ وَقَال: «مَنْ هُمْ هَؤُلاءِ الرِّجَالُ الذِينَ عِنْدَكَ؟») عدد 22: 9؛ (31ثُمَّ كَشَفَ الرَّبُّ عَنْ عَيْنَيْ بَلعَامَ فَأَبْصَرَ مَلاكَ الرَّبِّ وَاقِفاً فِي الطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ فَخَرَّ سَاجِداً عَلى وَجْهِهِ.) عدد 22: 31
ولكن ألم يفعل ذلك ربهم ، عندما أرسل موسى إلى مصر ، إلى فرعون لإخراج شعبه من مصر، وحدث فى الطريق أن الرب نزل من على عرشه والتقى بموسى وأراد قتله ، لأنه لم يختن ابنه بعد. إله خائن ، مخادع!! وهو ينوى الغدر به وقتله ، ولم تنقذه إلا امرأته: (وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لاَ يُطْلِقَ الشَّعْبَ. 22فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. 23فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ». 24وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 25فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». 26فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ») خروج 4: 21-26
ألم يتآمر الرب مع الشيطان لإهلاك نبيه؟ (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22
ألم يأمرهم ربهم بسرقة المصريين عند خروجهم من مصر ، وساعدهم على ذلك؟ (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) (خروج 3: 22 ؛ خروج 12: 35-36)
ولم يَكْتَفِ الكتاب بهذا ، بل نسب صفات مضحكة لا تليق بجلال الله وقداسته:
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب يأمر حزقيال بأكل الخراء الآدمى (12وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». 13وَقَالَ الرَّبُّ: [هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ».) حزقيال 4: 12-13
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب يمسك الخراء بيديه ويقذفه فى وجوه الكهنة (3هَئَنَذَا أَنْتَهِرُ لَكُمُ الزَّرْعَ وَأَمُدُّ الْفَرْثَ عَلَى وُجُوهِكُمْ فَرْثَ أَعْيَادِكُمْ فَتُنْزَعُونَ مَعَهُ.) ملاخى 2: 3
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب طائر فى السماء راكباً ملاك أنثى (10طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. 11رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ، وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ.) صموئيل الثانى 22: 10-11
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب خروف له سبعة قرون وسبعة أعين (14هَؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْحَمَلَ، وَالْحَمَلُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ».) رؤيا 17: 14
وأيضا: (6وَرَأَيْتُ فَإِذَا فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ حَمَلٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ، لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ أَعْيُنٍ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ.) رؤيا 5: 6
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب يدعوا على نفسه بالويل (1وَيْلٌ لِي لأَني صِرْتُ كَجَنَى الصَّيْفِ كَخُصَاصَةِ الْقِطَافِ. لاَ عُنْقُودَ لِلأَكْلِ وَلاَ بَاكُورَةَ تِينَةٍ اشْتَهَتْهَا نَفْسِي) ميخا 7: 1
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب يحلق شعر رجليه بموس مستأجرة وينتف شعر لحيته: (20فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَحْلِقُ السَّيِّدُ بِمُوسَى مُسْتَأْجَرَةٍ فِي عَبْرِ النَّهْرِ بِمَلِكِ أَشُّورَ الرَّأْسَ وَشَعْرَ الرِّجْلَيْنِ وَتَنْزِعُ اللِّحْيَةَ أَيْضاً.) إشعياء 7: 20
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب يقف على سلم يصل السماوات بالأرض والملائكة تستخدمه فى الصعود والهبوط فى رؤيا عيسو: (12وَرَأَى حُلْماً وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا 13وَهُوَذَا الرَّبُّ وَاقِفٌ عَلَيْهَا فَقَالَ: «أَنَا الرَّبُّ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ
عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ.) تكوين 28: 12-13
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب ينوح ويولول: (8مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ. أَمْشِي حَافِياً وَعُرْيَاناً. أَصْنَعُ نَحِيباً كَبَنَاتِ آوَى وَنَوْحاً كَرِعَالِ النَّعَامِ) ميخا 1: 8
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب يمشى حافياً عرياناً: (8مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ. أَمْشِي حَافِياً وَعُرْيَاناً. أَصْنَعُ نَحِيباً كَبَنَاتِ آوَى وَنَوْحاً كَرِعَالِ النَّعَامِ.) ميخا 1: 8
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب يصرخ وينتحب كالنساء: (8مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ. أَمْشِي حَافِياً وَعُرْيَاناً. أَصْنَعُ نَحِيباً كَبَنَاتِ آوَى وَنَوْحاً كَرِعَالِ النَّعَامِ.) ميخا 1: 8
اقرأ فى الكتاب المقدس: الرب يستيقظ من النوم وعيناه تدمع من الخمر: (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.) مزامير 78: 65
ثم جعلوه إنساناً ، ولكنه إلهاً فى نفس الوقت ، إلهاً عزيزاً قدوساً ، كان يتبول ويتبرز على نفسه كطفل ، ونسبوا إليه صفات الجهل ، وصفات السرقة (حادثة شجرة التين ، وحادثة مجىء التلاميذ بالحمار والأتانة دون علم صاحبهما (متى 21: 1-10) و (14وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشاً فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ) يوحنا 12: 14) ، ثم الإهانة والضعف واليأس والموت:
(67حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ) متى 26: 67
(27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيَّاً 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ.) متى 27: 27-31
(46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي» (أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)) متى 27: 46
-
الإصحاح الخامس والستين
ملاك الرب يسب امرأةويسميها (الشرّ):
(وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
من البديهى أن ملاك الرب لا يتحرك بدافع من نفسه ، بل هو رسول من العند الله ، ينفذ رغبة الله ، ويبلغ رسالته. فتُرى مَن الذى أرسل ملاك الرب ليصف المرأة بالشر نفسه؟ وهل بعد ذلك تبقى للمرأة كرامة إذا كان رب العزِّة سبها ووصفها بالشر نفسه؟ وماذا تنتظر من عباد الله المؤمنين أن يكون موقفهم حيال المرأة التى وصفها الرب وملاكه بالشر ، كما وصفها الكتاب من بعد أنه سبب الخطية ، وسبب خروج البشر من الجنة ، وسبب شقاء البشرية جمعاء ، وحليف الشيطان الأول ضد البشرية ، وسبب قتل الإله؟
(كما خدعت الحيَّةُ حواءَ بمكرها) كورنثوس الثانية 11: 3
(وآدم لم يُغْوَ لكنَّ المرأة أُغوِيَت فحصلت فى التعدى) تيموثاوس الأولى 2: 14
(بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
(18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ) رومية 5: 18
(وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا) هكذا يعذِّب الرب المرأة ، فقط لأنها أنثى! يا لها من دعوة لاحترام المرأة ، ودورها فى الحياة!
الإصحاح السادس والستين
الكتاب المقدس يفرض على المرأة أن تتزوج أخى زوجها إذا مات زوجها وتُكتب الأولاد باسم أخى زوجها:
(5«إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعاً وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَليْسَ لهُ ابْنٌ فَلا تَصِرِ امْرَأَةُ المَيِّتِ إِلى خَارِجٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَليْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً وَيَقُومُ لهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 6وَالبِكْرُ الذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ المَيِّتِ لِئَلا يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيل. 7«وَإِنْ لمْ يَرْضَ الرَّجُلُ أَنْ يَأْخُذَ امْرَأَةَ أَخِيهِ تَصْعَدُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلى البَابِ إِلى الشُّيُوخِ وَتَقُولُ: قَدْ أَبَى أَخُو زَوْجِي أَنْ يُقِيمَ لأَخِيهِ اسْماً فِي إِسْرَائِيل. لمْ يَشَأْ أَنْ يَقُومَ لِي بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 8فَيَدْعُوهُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَتَكَلمُونَ مَعَهُ. فَإِنْ أَصَرَّ وَقَال: لا أَرْضَى أَنْ أَتَّخِذَهَا 9تَتَقَدَّمُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِليْهِ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّيُوخِ وَتَخْلعُ نَعْلهُ مِنْ رِجْلِهِ وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ وَتَقُولُ: هَكَذَا يُفْعَلُ بِالرَّجُلِ الذِي لا يَبْنِي بَيْتَ أَخِيهِ. 10فَيُدْعَى اسْمُهُ فِي إِسْرَائِيل «بَيْتَ مَخْلُوعِ النَّعْلِ».) (تثنية 25: 5-10)
الإصحاح السابع والستين
وبسبب كل هذه النصوص ، وهذا الفهم الخاطىء، اعتبروا المرأة مسئولة عن هذا كله، فلولا المرأة ماخرج آدم من الجنة ، فقرروا:
أن الزواج دنس يجب الابتعاد عنه
وأن الأعزب أكرم عند الله من المتزوج
وأن السمو فى علاقة الإنسان بربه لا يتحقق إلا بالبعد عن الزواج.
وأن الحمل والولادة ، والشهوة ، واشتياق الرجل لإمرأته ، واشتياق المرأة لزوجها من الآثام، التى جلبت على المرأة الويل والعار على مدى التاريخ كله ، وهى عقوبة الرب لحواء على خطيئتها الأزلية.
وأعلنوا أنها باب الشيطان.
لذلك سأهتم هنا بذكر ما يتعلق بالجنس والمرأة والزواج بين آباء الكنيسة ومفكرى الغرب المتأثرين بتعاليم الكتاب المقدس والكنيسة:
فبالنسبة للجسد:
كان الجسد شراً ، فقد كان القديس امبروز (أسقف ميلانو فى القرن الرابع) يعظ فى أمر الروح كنقيض للجسد الذى هو شر. ولقد كانت تلك الفكرة مصدر إلهام لتلميذه الكبير القديس أوغسطين ، الذى أصبح فيما بعد أسقفاً لمدينة هبو فى شمال أفريقيا. فلقد كتب امبروز يقول: (فكر فى الروح بعد أن تكون قد تحررت من الجسد ، ونبذت الانغماس فى الشهوات ومتع اللذات الجسدية ، وتخلصت من اهتمامها بهذه الحياة الدنيوية).
فالنسبة لأمبروز كان الجسد مجرد خرقة بالية ملطخة بالأقذار ، تُطرَح جانباً عندما يتحد الانسان بالله الروحانى بالكلية. لقد كان أوغسطين يردد هذه الفكرة باستمرار ، فكم صلى قائلاً: (آه! خذ منى هذا الجسد ، وعندئذ أبارك الرب).
وفى سير حياة القديسين المسيحيين الكبار نجد مثل هذا الارتياب فى الجسد. لقد اعتاد فرانسيس الأسيزى أن ينادى جسده قائلاً: (أخى الحمار)! كما لو كان الجسد مجرد بهيمة غبية شهوانية ، تستخدم لحمل الأثقال ، وكثيرا ما كان القديسون يتعهدون أجسادهم باعتداء يومى من أجل إماتتها بالتعذيب الذاتى بطرق تقشعر من هولها
الأبدان. (تعدد نساء الأنبياء ومكانة المرأة ص 225)
ومن الرهبان من قضى حياته عارياً ، ومنهم من كان يمشى على يديه ورجليه كالأنعام ، ومنهم من كان يعتبر طهارة الجسم منافية لطهارة الروح. وكان أتقى الرهبان عندهم أكثرهم نجاسة وقذارة. حتى أن أحدهم يتباهى بأنه لم يقترف إثم غسل الرجلين طول عمره. وآخر يقسم أن الماء لم يمس وجهه ولا يديه ولا رجليه مدى خمسين عاماً ، وكان الكثير منهم لا يسكنون إلا فى المقابر والآبار المنزوحة والمغارات والكهوف.
وقد روى بعض المؤرخين من ذلك العجائب:
فذكروا أن الراهب (مكاريوس) نام فى مستنقع آسن ستة أشهر ، ليعرض جسمه للدغ البعوض والذباب والحشرات ، وكان يحمل دائماً قنطاراً من الحديد.
وكان آخر يحمل قنطارين من الحديد ، وهو مقيم فى بئر مهجورة مدة ثلاثة أعوام قائماً على رجل واحدة ، فإذا أنهكه التعب أسند ظهره إلى صخرة. (نقلاً عن معاول الهدم والتدمير فى النصرانية والتبشير صفحة 71-72)
الإصحاح الثامن والستين
لا بد أن تتخلص المرأة فى المسيحية من أنوثتها ليتم خلاصها فى الآخرة:
يقول اللواء أحمد عبد الوهاب: (على الرغم من أن الكنيسة فى الغرب قد لا تسمح لعذاراها بالقيام بأعمال الرجال ، فقد كان اللاهوتيون واضحين فى أن العذراء البتول قد أصبحت رجلاً شرفياً. لقد كتب جيروم يقول: "بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال ، فهى تختلف عن الرجل ، كما يختلف الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم ، فعندئذ سوف تكف عن أن تكون امرأة ، وستسمى رجلاً" (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى أهل أفسس)
من المثير أن يقارن جيروم النساء بالجسد ، فلقد رأينا كيف اعتبر جسده عدواً له ، يجب أن يعانى الجوع ويموت بوحشية ، حتى يمكن للروح أن تتحرر. فقد قال: ()
وقد قرأنا أيضاً ما قاله القديس امبروز (أسقف ميلانو فى القرن الرابع) فهو يعتبر أن (الروح نقيض للجسد) وأن (الجسد شر).
ويطالب امبروز بالتخلص من الجسد لسمو الروح: (فكر فى الروح بعد أن تكون قد تحررت من الجسد).
الأمر الذى جعلهم يتخلصون من المرأة ، لأنها الجسد الشرير ، ومصدر متاعب الحياة وغضب الرب: لذلك "تشكل مجلس اجتماعى فى بريطانيا فى عام 1500 لتعذيب النساء ، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن ، وقد أحرق الألاف منهن أحياء ، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية "
ولذلك: (ظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزى العام ـ حتى منتصف القرن الماضى تقريباً ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو "المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
ولذلك: (نص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.) (عودة الحجاب الجزء الثانى ص 46)
ولذلك: كان شائعاً فى بريطانيا حتى نهاية القرن العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض عضال"
ولذلك: (إن القانون الإنجليزى عام 1801 م وحتى عام 1805 حدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة)
لذلك: أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
لذلك: قال شوبنهاور (المرأة حيوان ، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه)
لذلك قال لوثر: (المرأة كمسمار يُدَّق فى الحائط)
لذلك قال أرسطو: (الذكر هو الأنموذج أو المعيار ، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
لذلك قال الفيلسوف نتشه: (إنها ليست أهلاً للصداقة ، فما هى إلا هرَّة ، وقد تكون عصفوراً ، وإذا هى ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر ، وهى لغز يصعب حله ، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
لذلك قال لوثر: (إذا تعبت النساء ، أو حتى ماتت ، فكل ذلك لا يهم ، دعهن يمتن
فى عملية الولادة ، فلقد خلقن من أجل ذلك) (تعدد نساء الأنبياء ص 235)
لذلك قال جيروم ممتهنا المرأة وحقوقها: (إذا امتنعنا عن الاتصال الجنسى فإننا نكرم زوجاتنا ، أما إذا لم نمتنع: حسناً فما هو نقيض التكريم سوى الإهانة)
ومن عجب العجاب أن تسمع لليوم عن رجال فى أمريكا وفرنسا يقومون بتبادل الزوجات ، كما لو كانت المرأة عندهم من الدواب!
الإصحاح التاسع والستين
وبالنسبة للجنس:
تقول الكاتبة كارين أرمسترونج: (فى القرن الثالث عشر الميلادى قال الفيلسوف اللاهوتى القديس توما الاكوينى ، الذى ساد الفكر الكاثوليكى حتى عهد قريب ، أن الجنس كان دائماً شراً .. .. وعلى أى حال ، فإن هذا الموقف السلبى لم يكن محصوراً فى الكاثوليك ، فلقد كان لوثر وكالفين متأثرين إلى أقصى حد بآراء أوغسطين ، وحملا مواقفه السلبية تجاه الجنس والزواج إلى قلب حركة الإصلاح الدينى مباشرة. لقد كره لوثر الجنس بشكل خاص ، على الرغم من أنه قد تزوج ومحا البتولية فى حركته المسيحية. لقد كان يرى أن كل ما يستطيع الزواج عمله هو أن يقدم علاجاً متواضعاً لشهوة الانسان التى لا يمكن السيطرة عليها. فكم صرخ قائلاً: (كم هو شىء مرعب وأحمق تلك الخطيئة! إن الشهوة هى الشىء الوحيد الذى لا يمكن شفاؤه بأى دواء ، ولو كان حتى الزواج الذى رُسِمِ لنا خصيصاً من أجل هذه النقيصة التى تكمن فى طبيعتنا.) (تعدد نساء الأنبياء ومكانة المرأة ص 226)
(لقد سلم أوغسطين [القرن الرابع الميلادى] إلى الغرب تراث الخوف من الخطيئة ، كقوة لا يمكن السيطرة عليها ، فهناك فى لب كل تشكيل للعقيدة ، توجد المرأة حواء ، سبب كل هذه التعاسة ، وكل هذا الثقل من الذنب والشر ، وكل الانغماس البشرى فى الخطيئة. لقد ارتبطت الخطيئة والجنس والمرأة معاً فى ثالوث غير مقدس. فبالنسبة لذكر متبتل مثل أوغسطين ، لا يمكن فصل هذه العناصر الثلاثة. وفى الغرب بقيت المرأة هى حواء إلى الأبد ، هى إغراء الرجل إلى قدره المشئوم. بل إن إنجاب الأولاد الذى تعتبره ثقافات أخرى فخر المرأة الرئيسى وينبوع القدرات التى تمتلكها ، نجده فى المسيحية قد غلفه الشر باعتباره الوسيلة التى تنتقل بها الخطيئة)
(ويقول القديس جيروم: (إذا امتنعنا عن الاتصال الجنسى ، فإننا نكرم زوجاتنا. أما إذا لم نمتنع: حسناً! فما هو نقيض التكريم سوى الإهانة)
وتواصل الراهبة كارين أرمسترونج: (إن المسيحية خلقت أتعس جو جنسى فى أوروبا وأمريكا بدرجة قد تصيب بالدهشة كلا من يسوع والقديس بولس. ومن الواضح كيف كان لهذا تأثيره على النساء. فبالنسبة لأوغسطين الذى كان يناضل من أجل البتولية ، كانت النساء تعنى مجرد اغراء يريد أن يوقعه فى شرك ، بعيداً عن الأمان والإماتة المقدسة لشهوته الجنسية. أما كون العصاب الجنسى للمسيحية قد أثر بعمق فى وضع النساء ، فهذا ما يُرى بوضوح من حقيقة أن النساء اللاتى التحقن بالجماعات الهرطيقية المعادية للجنس ، وصرن بتولات ، قد تمتعن بمكانة واحترام كان من المستحيل أن يحظين بهما فى ظل المسيحية التقليدية)
(لقد كانت المسيحية مشغولة طيلة مئات السنين بجعل النساء يخجلن من أمورهن الجنسية ، ولقد عرفت النساء جيداً كما قال أوغسطين ولوثر قبل عدة قرون ، أن تشريع الزواج كان مجرد دواء ضعيف المفعول لمعالجة شرور الجنس)
(لقد كان يُنظر إلى جسد المرأة باشمئزاز على نحو خاص ، كما كان مصدر إرباك لآباء الكنيسة أن يسوع ولد من امرأة. فكم ضغطوا بشدة فى موعظة تلو موعظة ، وفى رسالة تلو رسالة على أن مريم بقيت عذراء ، ليس فقط قبل ميلاد المسيح بل وبعده أيضاً .. ..)
لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
لقد كانت الأحشاء الخفية للمرأة ، والتى تتسم بالقذارة ، مع رحمها الذى لا يشبع ، موضع استقذار وفحش بشكل خاص. وكان الآباء راغبين فى التأكيد على أن يسوع لم يكن له إلا أقل القليل من الاتصال بذلك الجسد البغيض)
(ولقد كتب أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر: أن كل النساء بلا استثناء مومسات ، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم)
وقال الراهب البنديكتى برنار دى موريكس دون مواربة فى أشعاره: إنه لا توجد امرأة طيبة على وجه الأرض)
وقال الراهب الانجليزى اسكندر نكهام: (أنه نظراً لأن المرأة لا تشبع جنسيا ، فإنها غالبا ما تصطاد بائساً حقيراً لينام معها فى فراشها ليشبع نهمها إذا كان زوجها غير موجود فى لحظة شبقها. ونتيجة لذلك كان على الأزواج أن يربوا أطفالاً ليسوا أولادهم)
وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل)
الإصحاح السبعين
اغتيال شخصية المرأة:
فقد عانت المرأة الويلات من جراء أقوال بولس هذه وغيرها لمدة قرون من الزمان، فقد اعتبر رجال هذا الدين المنسوب للمسيح "أن المرأة دنس يجب الإبتعاد عنه، وأن جمالها سلاح إبليس.
وحرص آباء الكنيسة على التوكيد على أن المرأة مصدر الخطيئة والشر فى هذا العالم، ومن ثم يجب قهرها إلى أقصى حد واستهلاكها نفسيا تحت وطأة الشعور بالخزى والعار من طبيعتها وكيانها البشرى.
وهذا الإعتقاد تسرب إلى النصرانية من بين معتقدات وعادات كثيرة أنتقلت إليها من الديانات الوثنية القديمة، التى كانت تعتبر المرأة تجسيداً للأرواح الخبيثة، والتى كانت متفقة على تحقير النساء وإذلالهن، بل وإبادتهن بأفظع الطرق والوسائل الوحشية، ومن بينها إلزام المرأة التى يموت زوجها أن تحرق نفسها بعد موته وإحراق جثته مباشرة "
يقول كارل هاينتس ديشنر فى كتابه (الصليب ذو الكنيسة ـ قصة الحياة الجنسية للمسيحية) فى الفصل التاسع عشر ص 230:
(قال سيمون دى بوفوارSimone de Beauvoir : لقد أسهمت العقيدة النصرانية فى اضطهاد المرأة ولم تقم بدور بسيط فى هذا)
كما قال ماركوس Marcuse : (إن فكرة أن تكون المرأة حاملة للخطيئة الأزلية ، والتى تتعلق بها عقائد الديانة النصرانية تعلقاً لا تكاد تنفك منه أبداً ، هى التى أثرت أسوأ تأثيراً على الناحية الإجتماعية والقانونية للمرأة)
وقال دينس ديديروت Denis Diderot: (إن فى كل عادات وتقاليد الحياة اتحد بطش القانون الشعبى مع بطش الطبيعة ضد المرأة ، فقد عوملت المرأة فى ظل هذه القوانين ككائن فقد عقله)
لقد صنع تاريخ المرأة رجال كانوا يتخذون المرأة عدوا لهم منذ العصور الأولى للبابوية. وكان الرجل يعتبرها فى العصور المنصرمة للإمبراطورية الرومانية كأحد مواشيه ، وله أن يتصرف فيها بالبيع أو القتل إن شاء. ولو قتل ابنة رجل آخر أسلم لهم ابنته فيقتلونها أو يبيعونها أو يتملكونها فلهم الحرية فى ذلك.
وقد ساد الرجل المرأة فى عصر الجيرمان ، وسُمِحَ له أن يؤدب زوجته بالضرب كما سُمِحَ له بقتل زوجته إذا خانته دون وقوع أدنى عقوبة عليه.
كما كانت مخلوق ثانوى وشريكة للشيطان فى الخطيئة الأزلية، وهذا يجعلها تأتى
دائما فى المرتبة الثانية بعد الرجل حتى على المستوى الكنسى.
فأهل الكتاب يرون أن المرأة هى ينبوع المعاصى ، وأصل السيئة والفجور ، ويرى أن المرأة للرجل باب من أبواب جهنم من حيث هى مصدر تحركه وحمله على الآثام ، ومنها انبجست عيون المصائب على الإنسانية جمعاء.
لذلك اغتنموا كل فرصة تتعلق بالمرأة لبث روح الاحباط فيها ، ولو كانت تتعلق بزى ترتديه. فقد متب ترتليان فى القرن الثالث رسالة تعالج زى المرأة ، قال فيها: (لقد كان حريا بها [بالمرأة] أن تخرج فى زى حقير ، وتسير مثل حواء ، ترثى لحالها ، نادمة على ما كان ، حتى يكون زيها الذى يتسم بالحزن ، مكفراً عما ورثته من حواء: العار ، وأقصد بذلك الخطيئة الأولى ، ثم الخزى من الهلاك الأبدى للانسانية. فلقد قال الرب للمرأة: («تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 16 ألستن تعلمن أن كل واحدة منكن هى حواء؟)
لذلك قال القديس برنارد الذى فعل كل ما استطاع لنشر عبادة العذراء فى الكنيسة عن أخته بعد زيارتها إياه فى الدير الذى يقيم فيه مرتدية زياً جديداً: (مومس قذرة ، وكتلة من الروث)
الإصحاح الواحد والسبعين
وفى القرن الخامس الميلادى اجتمع مجمع باكون وكانوا يتباحثون: (هل المرأة جثمان بحت أم هى جسد ذو روح يُناط به الخلاص والهلاك؟) وقرر أن المرأة خالية من الروح الناجية ، التى تنجيها من جهنم ، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام:
كما قرر مجمع آخر، أن المرأة حيوان نجس ، يجب الأبتعاد عنه ، وأنه لاروح لها ولا خلود ، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل عبادتها ، ولاتدخل الجنة ، والملكوت ، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان ".
الإصحاح الثانى والسبعين
رائحة مركز البابا تزكم الأنوف:
يقول الدكتور لويس عوض فى كتابه "ثورة الفكر": (كانت الفضائح فى روما ، مركز البابوية ، تزكم الأنوف. فالأصل فى العقيدة الكاثوليكية أن رجال الدين لا يتزوجون ، وأن الرهبان ومنهم الكرادلة والباباوات ، ينذرون لله ثلاثة نذور يوم يدخلون باب الدير: نذر العفة ، ونذر الفقر ، ونذر الطاعة. وها نحن نرى البابا اسكندر السادس (1431 - 1503) جهاراً نهاراً، له ثلاثة أولاد غير شرعيين هم: سيزار بورجيا دوق أوربينو (1475 - 1507)، ولوكريس بورجيا (1480 - 1519)، ودون كانديا.
وكانت خلافة البابا اينوتشنتو الثامن (الذى اعتلى الكرسى البابوى من 1484 إلى 1492) فاقعة الفساد ، كولاية خلفه زير النساء البابا اسكندر السادس. فقد اشتهر اينوتشنتو الثامن بأنه كان رجل المحسوبية وخراب الذمة ، كما أنه كان أول بابا يعترف علناً بأبنائه غير الشرعيين ، وكان دأبه توسيع أملاك أسرته.)
ناهيك عن بيع صكوك الغفران ، وإرهاب مخالفيهم بقرارات الحرمان ، وكذلك كان رجال الدين من رأس الكنيسة إلى أصغر كاهن يكنزون المال ويقتنون الضياع. فلقد كانت ممارسات رجال الإكليروس للتسرى مشاهدة فى كل مكان ، باعتباره شرعاً مقبولاً ، كما كان يُتغاضى عن الشذوذ الجنسى ، دون أدنى مبالاة.)
الإصحاح الثالث والسبعين
لماذا خلق الله المرأة؟
يقول أوغسطين: (إذا كان ما احتاجه آدم هو العشرة الطيبة ، فلقد كان من الأفضل كثيراً أن يتم تدبير ذلك برجلين يعيشان معاً كصديقين ، بدلاً من رجل وامرأة)
وقد كان توما الأكوينى متحيراً تماماً مثل سلفه أوغسطين فى سبب خلق الله للمرأة، فكتب يقول: فبما يختص بطبيعة الفرد ، فإن المرأة مخلوق معيب وجدير بالإزدراء ، ذلك أن القوة الفعَّالة فى منى الذكر تنزع إلى انتاج مماثلة كاملة فى الجنس الذكرى ، بينما تتولد المرأة عن معيب تلك القوة الفعَّالة ، أو حدوث توعك جسدى ، أو حتى نتيجة لمؤثر خارجى.)
(إن القول بأن طبيعة الفرد فى النساء معيبة ، إنما هى فكرة التقطها من آراء أرسطو فى علم الأحياء. فالذكر هو الأنموذج أو المعيار ، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
وهانت عليهم المرأة فكتب لوثر يقول: (إذا تعبت النساء ، أو حتى ماتت ، فكل ذلك لا يهم ، دعهن يمتن فى عملية الولادة ، فلقد خلقن من أجل ذلك)
الإصحاح الرابع والسبعين
هل المرأة إنسان ولها روح مثل الرجل؟
(وفى فرنسا عقد الفرنسيون فى عام 586 م ـ أى فى زمن شباب النبى محمد صلى الله عليه وسلم ـ مؤتمراً (مجمع باسون) لبحث: هل تُعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كان لها روح فهل هى روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانياً ، فهل هى على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً: قرروا أنها إنسان ، ولكنها خُلِقَت لخدمة الرجل فحسب.)
الإصحاح الخامس والسبعين
المرأة فاقدة الأهلية:
(ونص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.)
وبالتالى لم يكن لها الحق فى امتلاك العقارات أو المنقولات ، ولم يكن لها الحق فى أن تفتح حساباً فى البنك باسمها ، وبعد أن سمحوا أن يكون لها حساب ، لم يكن لها الحق أن تسحب منه ، فعلى زوجها أن يأتى ليسحب لها نقودا من حسابها ، الأمر الذى لا يتم إلا مع الأولاد القُصَّر والمجانين.
الإصحاح السادس والسبعين
بيع الزوجة أو إعارتها عملاً مشروعاً:
وفى بريطانيا كان شائعاً حتى نهاية القرن العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض عضال"
هل تعرفون أن الفلاح يأبى أن يُعير بقرته للفلاح زميله؟ فما بالكم بمن يُعير زوجته لآخر؟ فهل هانت المرأة عندهم لدرجة أنهم أنزلوها منزلة أقل من الحيوان؟ وهل كان يقصد القانون أن يُحوِّل الرجل إلى ديُّوث والمرأة إلى عاهرة؟ وهل هذا قانون احترم المرأة؟ هل هذا قانون ميَّزَ المرأة على الحيوان أو الجماد؟ فأى حياة هذه التى يطالب بها القانون مجتمعه؟ وأية محبة وجدتها الكنيسة فى هذا القانون؟
الإصحاح السابع والسبعين
صب الزيت المغلى على النساء عملاً مشروعاً للتسلية:
"وفى عام 1500 تشكل مجلس اجتماعى فى بريطانيا لتعذيب النساء ، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن ، وقد أحرق الألاف منهن أحياء ، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية "
لا تعليق غير سؤال أطرحه للتفكير: تُرى كيف كان وضع هذه المرأة التى يتسلى الرجال بسكب الزيت المغلى على أجسادهن؟
الإصحاح الثامن والسبعين
يُحرَّم على المرأة قراءة الكتاب المقدس:
(وأصدر البرلمان الإنجليزى قراراً فى عصر هنرى الثامن ملك إنجلترا يُحظِّر على المرأة أن تقرأ كتاب "العهد الجديد" أى الإنجيل ، لأنها تعتبر نجسة.)
فإذا كانت المرأة نجسة نصف عمرها بسبب فترات الحيض ، وبعد الطمث لمدة سبعة أيام أخرى ، وحرَّموا عليها مسك الكتاب المقدس والقراءة فيه ، فما بال الرب (يسوع) كان يدخل الخلاء ، ويتبول ويتبرز ، كما كان من قبل يتبول ويتبرز فى ملابسه ، أيام طفولته المبكرة؟ فهل كانت المرأة أكثر نجاسة من البول والبراز؟
الإصحاح التاسع والسبعين
ليس للمرأة حق المواطنة:
(وظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزى العام ـ حتى منتصف القرن الماضى تقريباً ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو "المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
وفى عام 1567 م صدر قرار من البرلمان الاسكوتلاندى بأن المرأة لا يجوز أن تُمنَح أى سلطة على أى شىء من الأشياء.
الإصحاح الثمانين
ثمن الزوجة نصف شلن:
بل إن القانون الإنجليزى حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته ، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات (نصف شلن). وقد حدث أن باع إنجليزى زوجته عام 1931 م بخمسمائة جنيه ، وقال محاميه فى الدفاع عنه: (إن القانون الإنجليزى عام 1801 م يحدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة) ، فأجابت المحكمة بأن هذا القانون قد أُلغِىَ عام 1805 م بقانون يمنع بيع الزوجات أو التنازل عنهن ، وبعد المداولة حكمت المحكمة على بائع زوجته بالسجن عشرة سنوات.)
(وجاء فى مجلة "حضارة الإسلام" السنو الثانية صفحة 1078: حدث العام الماضى أن باع إيطالى زوجته لآخر على أقساط ، فلما امتنع المشترى عن سداد الأقساط الأخيرة قتله الزوج البائع.)
الإصحاح الواحد والثمانين
طائفة من أقوال آباء الكنيسة وأدبائهم:
أفضِّل الإجتماع بالشيطان على الإجتماع بالمرأة
المرأة باب جهنم ، وطريق الفساد وإبرة العقرب ، وحليفة الشيطان
وأعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
ومن أقوال فلاسفة أوربا ومشاهيرها فى عصر ما بعد النهضة
(إذا رأيتم امرأة ، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشرياً ، بل ولاكائناً وحشياً وإنما الذى ترونه هو الشيطان بذاته، والذى تسمعونه هو صفير الثعبان) (من
وصايات سان بول فانتير - لتلاميذه)
(المرأة خلقت لكى تخضع للرجل ، بل لكى تتحمل ظلمه) (أعترافات جان جاك روسو)
(المرأة حيوان ، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه) (شوبنهاور)
(لايوجد رجل فكر فى المرأة ثم احترمها ، فهو إما أن يحتقرها وإما أنه لم يفكر فيها بصورة جدية) (أوتو فيننجر)
(الرجل يمكن أن يتصور نفسه بدون المرأة - أما المرأة فإنها لاتتصور نفسها بدون رجل) جوليان بندا
(المرأة آلة للإبتسام . تمثال حى للغباء) (الأديب الفرنسى - لامنيه)
(المرأة كائن نسبى) (المؤرخ ميشليه)
(وكانوا يُعدُّون اختطاف الأطفال لتربيتهم على الرهبنة من القربات. وكانوا يفرون من النساء ولو كانوا أقاربهم لاعتقادهم أن مجرد النظر إلى المرأة مُحبِط للأعمال.)- نقلاً عن معاول الهدم والتدمير فى النصرانية وفى التبشير إبراهيم سليمان الجبهان ص 72-75]
(يجب على المرأة أن تغطى شعرها لأنها ليست صورة الله) أمبروزيوس القرن الرابع الميلادى (ديشنر صفحة 379)
الإصحاح الثانى والثمانين
وقد قال تروتوليان – أحد أقطاب المسيحية الأولى وأئمتها يبين للبشرية نظرة المسيحية فى المرأة: (إنها مدخل الشيطان الى نفس الإنسان، وإنها دافعة الى الشجرة الممنوعة ناقضة لقانون الله ومشوهة لصورة الله – أي الرجل -) مستندا إلى قول الكتاب المقدس (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
ويقول الكتاب المقدس على لسان موسى أنه بسبب خيانتهن للرب حلَّ الوباء على الجماعة: (وَقَال لهُمْ مُوسَى: «هَل أَبْقَيْتُمْ كُل أُنْثَى حَيَّةً؟ إِنَّ هَؤُلاءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ كَلامِ بَلعَامَ سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ فَكَانَ الوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) سفر العدد 31 :15-18
وقال سوستام الذي يعد من كبار أولياء الديانة المسيحية في شأن المرأة: (هي شر لا بد منه ، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها وخطر على الأسرة والبيت ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة) مستندا إلى قول الرب الذى أرسل ملاكه ليقول عنها إنها الشر بعينه: (7وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8
انظروا لقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه المكنون ، الذى لا يأتيه الباطل ، يعلن للعالم أجمع حرية المرأة وإنسانيتها ويرد لها كرامتها ، وأنها للرجل سكناً ومودةً ورحمة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم:21
فإذا كان الكتاب المقدس بجزئيه جعل المرأة سبباً فى خطيئة آدم، وسبب فى خروجها من الجنة للعمل والشقاء، حتى إنجابها للأولاد جعله تكفيراً عن هذه الخطيئة، فماذا تنتظر من أتباع هذا الدين أن يُحسنوا به إليها؟
-
الإصحاح الثالث والثمانين
لم يغو الرجل ، ولكن المرأة غوت:
يقول ديشنر صفحة 51-52: (لم يعرف اليهود الرحمة مع النساء إلا قليلا ، الأمر الذى أثر فيما بعد فى المسيحية ، فهى منذ قصة الخلق ـ أى منذ الوهلة الأولى للحياة ، وهى مرتبطة بالرجل وخاضعة له ، كما أنها صاحبة أول خطيئة فى التاريخ، وهى الخطيئة الأزلية ، وكانت هى التى غررت بالرجل ، وكان الرجل ضحيتها والمُغرَّر به، ويُعذر فى ذلك ، ويُغفر له. وقد تعلل بقوله: (12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ».) وقد حُكِمَ على المرأة بالولادة وأوجاع الحمل وأن تصبح جارية للرجل: (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 16
ونجد قصة الخطيئة الأزلية هذه فى الكثير من الأساطيل الوثنية ، فنجدها فى الديانة السومارية والديانة البوذية ، كما تعرف الأساطير الجرمانية أول زوج من البشر عرفه الإنسان (عسكر وإمبلا) إلا أن اتحادهما لم يُعتبر من الآثام مطلقا.)
(وفى العهد القديم يُظهر لنا اسم الإله (بعل) أنه السيد والمالك زوجته (بعولة) ، ويُشبه سفر اللاويين المرأة بالحيوانات المنزلية المسأنسة) انظر الديانة اليهودية لـ Bousset صفحة 426.
(وحتى فى أيام يسوع كانت المرأة توضع فى نفس مرتبة الطفل والعبد ، بل إنه فى القرن العشرين [أى وقت كتابة الكتاب 1991] يصلى اليهودى فى المعبد قائلاً: (أشكرك ربى أنك لم تخلقنى كافراً أو عبداً أو امرأة)
(وفى جانب العبادة فقد ظُلِمَت المرأة بشدة ، فقد استُبعِدَت من أى مشاركة إيجابية ، وكانت إقامة الصلوات ، وعقد المحاضرات ، والوعظ من واجبات الرجل ، بل حُرِّمَ عليها دراسة التوراة ، وكان لا يُسمَح لها بالدخول إلا إلى الفناء الأمامى للمعبد فقط. والغريب أنه حتى الحيوانات التى كانت تُقدَّم على المذبح ، كان لا بد لها أن تكون حيوانات مذكَّرة. وذلك جاء نتيجة لما علمه اليهود من أن الله أحسنَ إلى امرأة ثم أتت منها أول خطيئة فى التاريخ ، وبسببها حلَّ الموت علينا ، حتى ادعى البعض أن مساوىء الرجل أفضل من فضيلة المرأة.)
(وأكثر من ذلك فقد كانت مُهمَّشة فى الحياة اليومية ، وكان يُعَد الكلام معها أكثر من اللازم أو التمسك بمشورتها والعمل بها من المحرمات ، التى يُعاقب عليها المرء بنار جهنم ، ولم يُسمَح للرجل بتحية المرأة ، أو يُسمَح لها بتحيته ، ولم تكن ولادتها من الأشياء التى تدخل السرور على أهلها، وكانت قمة السعادة تغمرهم بولادة الابن الذكر، كما أغفل العهد القديم عند ذكره للأنسال ذكر أسماء البنات بالمرة ، بل تعدى الأمر أكثر من ذلك ، فقد سُمِحَ للأب ببيع ابنته.) (وإذا باع رجل ابنته أمةً لا تخرج كما يخرج العبيد) خروج21: 7
الإصحاح الرابع والثمانين
ويقول الأستاذ Abduh2000 فى مقاله بمنتدى برسوميات بعنوان: (المرأة في الكتاب المقدس والديانة النصرانية):
لذا هنا نجد العالم المسيحي المشهور إيكويناس يعتبر المرأة أرذل من العبد بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطرياً من قبل الأب والابن والزوج
(انظر Thomas Acquinas : "Summa Theologica" , XXXIX,3).
وأما المفسر المسيحي المعروف يوحنا فم الذهب ( John Chrysostom ) فهو يعتبر المرأة ((خطراً أسرياً وسيئة مصورة))
(انظرWill Durant: The Story of Civilization ... The Age of Faith New York, 1950, p.325)
ومن نتائج هذه الأفكار عن المرأة أن أغلب النصارى الأوائل لم يبالوا، رغم كونهم متزوجين ، بأداء الحقوق الزوجية واعتبروا هذا الأمر غير ضروري بل غير مناسب
(انظر Hans Leitzmann: The Beginnings of the Christian Church ( London, 1955 ), p.135 ) .
لذا نجد أنه بعد أن يصبح المسيحي أسقفاً يكون من حسناته أن يعتزل المرأة وألا يقترل من امرأته إن كان متزوجا وقبل أن يصبح أسقفا.
( انظر W.E.H. Leeky: A History of European Morals ( London, 1911), vol.2 p.329)
ثم نجد هنا القوانين المضحكة نتيجة لهذه الأمور السابقة ، فمثلا إذا أراد الأسقف أن يلتقى بزوجته لمشورة أسرية وجب عليه أن يفعل ذلك في مكان فسيح وبحضور شهود. وأمر البابا هايلدبراند (Hildebrand) المسيحين ألا يستمعوا إلى الأساقفة المتزوجين ولا يطيعوهم.
(انظر W.E.H. Leeky: A History of European Morals (London, 1911), vol.2 p.332)
وكانت هذه القوانين قيدا ظالما للرجال والأساقفة ، فلجأوا إلى الحيل الملتوية لإشباع الرغبات ، إلا هذه القوانين تركت آثارا سيئة عميقة على النساء (فاحتقرن أزواجهن وأُكرهن على الخروج ، وظهر عدد كبير - بسبب هذا الفصل بين الرجل وزوجته - من الجرائم والمصائب)
انظر H.C.Lea: An Historical Sketch of Sacredotal Celibacy, 1884, p.277
وتعدى بابا آخر - وهو أوربان الثاني (Uraban II) حيث أجاز جميع الحدود في سبيل تنفيذ هذه القوانين غير الفطرية حيث (أجاز للحكام أن يسترقوا نساء أولئك الأساقفة الذين رفضوا أن يتركون زوجاتهن)
انظر H.C.Lea: An Historical Sketch of Sacredotal Celibacy, 1884, p.333
فكان نتيجة هذا أن ساء وضع المرأة في القرون الوسطى وحتى زمن قريب ، فلم يكن لها قيمة ولا احترام في المجتمعات المسيحية. وكان من حق الزوج القانوني ، حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر ، أن يبيع زوجته كما تباع الحيوانات
(انظر Cady Stanton: History of Women's Suffrage, vol.3, p.290 (quoted in Rationalist Encyclopaedia by J.McCabe, London, 1950 , p. 625)
وها هى لليوم تُعد أداة متعة للرجل ، ولم يسلم من هذا التفكير لا قسيس ولا أسقف ولا راهب ولا راهبة ، كما كانت حياة الباباوات تزرف بكل أنواع الفساد:
الإصحاح الخامس والثمانين
يقول الراهب جروم فى كشفه عن منابع الفساد فى مركز الديانة النصرانية (نقلاً عن معاول الهدم والتدمير فى النصرانية وفى التبشير ص 69-71):
(إن عيش القسوس ونعيمهم كان يزرى بترف الأغنياء والأمراء ـ ولقد انحطت أخلاق البابوية انحطاطاً عظيماً، واستحوذ عليهم الجشع، وحب المال، وعدوا أطوارهم حتى كانوا يبيعون المناصب والوظائف فى المزاد العلنى، ويؤجرون الجنة بالصكوك، ويأذنون بنقض القوانين ويمنحون شهادات النجاة وإجازة حل المحرمات والمحظورات، ولا يتورعن عن التعامل بالربا والرشوة.)
(ولقد بلغ من تبذيرهم للمال أن البابا (اينوسنت الثامن) اضطر إلى أن يرهن تاج البابوية .. .. .. ويُذكَر عن البابا (ليو العاشر) أنه أنفق ما ترك سلفه من ثروة ، بالإضافة إلى دخله وإيراد خليفته المنتظر.)
(وكانوا يفرضون (الإتاوات) على الناس ، ويستخدمون أبشع الوسائل فى استيفائها من الأغنياء والفقراء على السواء، ولا يأنفون من استيفاء هذه الإتاوات والضرائب حتى من البغايا اللواتى يستخدمن أعراضهن للحصول على المعيشة ـ بل كانوا يشجعون على البغاء العلنى بإعطاء التراخيص والإجازات لمن يريد من العاهرات ممارسة مهنة البغاء.)
(وقد أحصى عدد من حصلن على التراخيص فى عهد أحد الباباوات فوجد أن عددهن يتجاوز (16000) امرأة فى مدينة روما وحدها.)
كما قال الأستاذ عبد الله المشوخى فى كتابه: (موقف الإسلام والكنيسة من العلم ص 104): (ولعل حياة البابا اسكندر السادس تصور مدى الفساد الذى استحوذ على حياة الباباوات ، فقد اتخذ له عشيقة اسمها جيلبا فارنيس ، وكانت موفورة الجمال ، صغيرة السن ، اغتصبها من خطيبها ، واحتفظ بها بعد ارتقائه كرسى البابوية.)
ولقد أورد الأستاذ إبراهيم سليمان الجبهان فى رائعته: معاول الهدم والتدمير فى النصرانية وفى التبشير ص 70-71):
(أن البابا (يوحنا الثانى) كان خليعا ماجناً اتهم من قِبَل أربعين أسقفا وسبعة عشر كردينالاً بأنه فسق بعدة نساء ، وأنه قلد مطرانية (طودى) لغلام كان سنه عشرين سنة ، ثم قُتِلَ وهو متلبس بجريمة الزنا مع امرأة ، وكان القاتل له زوجها.)
(وأن البابا (اينوسنت الرابع) كان متهماً بالرشوة والفساد.)
(وأن البابا (اكليمنضوس الخامس عشر) كان يجول فى فيينا وليون لجمع المال مع عشيقته.)
(وأن البابا (يوحنا الثالث والعشرين) متهم بأنه سمَّ سلفه ، وأنه باع الوظائف الكنسية ، وأنه كان كافراً ولوطياً.)
(أما شيوع الفساد والإباحية فى الأديرة فأعظم من أن تحيط بسرده المجلدات ، ولكنى ـ مازال الكلام هنا للأستاذ إبراهيم سليمان الجبهان ـ أكتفى بما نقلته من المراجع التالية: فلقد أورد القاضى عبد الجبار الهمدانى فى كتاب (تثبيت دلائل النبوة) ما يلى:
ومن سيرتهم أن النساء الديرانيات العابدات يطفن على الرهبان الذين انقطعوا فى الأديرة ، ويبحنَّ أعراضهنَّ رحمة بهم ، ومن فعل هذا منهن كان عندهم مشكوراً محمودا ، ويدعى له بالخير ويُقال للفاعلة (لا ينسى لكِ المسيح هذه الرأفة والرحمة)
(وقد وجد المنقبون عن الآثار فى بعض الأديرة فى فرنسا (عظام أطفال) وئدوا بعد ولادتهم إذ الأمهات مشغولات بالعبادة ـ أما الآباء فإنهم كالبهائم لا يعنيهم إلا فعل الرذيلة وليكن بعد ذلك ما يكون.)
الإصحاح السادس والثمانين
(وقد نشرت مجلة البلاغ الكويتية فى عددها 353 مقتطفات من مقال لصحفى فرنسى جاء فيه: (إن البابوات يمارسون علاقات جنسية شاذة. وقد أيدت مجلة (تيمبو) الإيطالية هذا النبأ واعتبرته أحد الأسباب التى دفعت البابا على تحريف تعاليم الكنيسة لصالح اليهود ، خوفا من التشهير والفضائح.)
وفى مقالة نشرها موقع (روما ـ إسلام أون لاين.نت/21-3-2001) بعنوان: الفاتيكان: القساوسة يعتدون على الراهبات)
كشف تقرير صادر من الفاتيكان عن قيام الكثير من القساوسة والأساقفة في الكنائس الكاثوليكية بالاعتداء الجنسي على الراهبات واغتصابهن وإجبارهن على الإجهاض أو
تناول حبوب منع الحمل.
وفى تقرير آخر نشرته صحيفة "لاريبابليكا" الإيطالية الصادرة عن الفاتيكان الأربعاء 21-3-2001 أن هؤلاء القساوسة والأساقفة يستغلون سلطاتهم الدينية التي يتمتعون بها في العديد من الدول، خاصة دول العالم النامي لممارسة الجنس مع الراهبات رغمًا عنهن، مشيرًا إلى أنه تم الكشف عن العديد من حالات الاعتداء في 23 دولة، منها الولايات المتحدة، البرازيل، الفليبين، الهند وأيرلندا، وإيطاليا، بل وداخل الكنيسة الكاثوليكية (الفاتيكان) نفسها، بالإضافة إلى العديد من الدول الإفريقية!!.
وأشار التقرير إلى أنه تم الكشف عن عدد لا حصر له من حالات الاعتداء الجنسي من جانب القساوسة، الذين يقومون بإجبار هؤلاء الراهبات، إما على تناول حبوب منع الحمل، أو الإجهاض لمنع الفضيحة.
وقال التقرير: إن إحدى الراهبات الأم بكنيسة -لم يتم ذكر اسمها- أقرّت بأن القساوسة في الكنيسة التي تعمل بها قاموا بالاعتداء على 29 من الراهبات الموجودات في الأسقفية، وعندما أثارت الراهبة هذا الأمر مع كبير أساقفة الكنسية، تم فصلها من وظيفتها.
وأشار التقرير إلى أنه وبعد اكتشاف مثل تلك الحالات فإنه يتم إرسال القساوسة المسئولين عن تلك الاعتداءات، إما للدراسة خارج الدولة أو إرسالهم لكنيسة أخرى لفترة قصيرة. أما الراهبات -اللاتي يخشين العودة إلى منازلهن- فيتم إجبارهن على ترك الكنسية، ويتحولن في أغلب الأحيان إلى عاهرات.
وقال التقرير: إن الفاتيكان يراقب الموقف، إلا أنه لم يتخذ حتى الآن أي رد فعل مباشر.
وفي كنيسة أخرى -وطبقا للتقرير- طالب القساوسة الموجودون بها ، بتوفير راهبات للخدمات الجنسية!! هاللولويا!
الإصحاح السابع والثمانين
فضيحة تهز الكنيسة الكاثوليكية بالنمسا:
تتعرض الكنيسة الكاثوليكية في النمسا حالياً لهزة جديدة بعد موجة الفضائح غير الأخلاقية التي اجتاحتها في السنوات الأربع الماضية، إذ تجدد الحديث عن الفضائح الداخلية إثر كشف أجهزة الأمن النمساوية قيام مسؤول (قسيس) في سكن كاثوليكي داخلي في بلدة "برامبا خكيرخن" بتخزين وتبادل مواد إباحية مصورة تستغل الأطفال جنسياً عبر شبكة المعلومات الدولية "إنترنت" وذلك بالتعاون مع أربعة أشخاص آخرين.
وتحقق الشرطة مع القسيس للنظر في اتهامات موجهة إليه باستغلال دوره كمرب للأطفال في السكن للاعتداء على عدد منهم جنسياًَ، وشكلت تلك الأنباء صدمة لأهالي منطقة "برامبا خكيرخن" الواقعة في مقاطعة النمسا العليا، الذين فوجئوا بما كشفت عنه أجهزة الأمن داخل المؤسسة الدينية، وقامت الشرطة بجمع إفادات 100 طفل من الملتحقين بالسكن الداخلي المذكور للوقوف على حجم الاعتداءات الجنسية المرتكبة بحقهم.
وتتوج الحادثة الجديدة سلسلة من الفضائح الأخلاقية التي تهز الكنيسة الكاثوليكية في النمسا ومؤسساتها، إذ مازالت الكنيست تعاني من تبعات الكشف في عام 1995م عن قيام أسقف فيينا الأسبق هيرمان جرور بالاعتداء جنسياً على أطفال في دير "هولابرونش" ولم تبت الكنيسة في القضية، واكتفت بإعفاء جرور من منصبه كأسقف للعاصمة النمساوية، ما أضعف الثقة في الكنيسة ورجال الدين النصارى.
الإصحاح الثامن والثمانين
قساوسة شواذ يمارسون اللواط:
روما- إسلام أون لاين /10/12/2000 كشف أحد كتّاب السيرة البابوية عن أن معظم قساوسة الكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا "الفاتيكان" يمارسون العادات الجنسية الشاذة.
وذكر "ماركو بوليتي" كاتب السيرة البابوية في أحدث كتبه "الاعتراف" أنه توجد شبكة كبيرة من القساوسة ورجال الدين بالكنيسة الكاثوليكية في روما في مناصب مختلفة يمارسون العادات الجنسية الشاذة ويعيشون في حالة من الرعب خوفًا من كشف أمرهم. وأشار "بوليتي" الذي يغطي شئون الفاتيكان في جريدة "لا ريبابليكا" أنه وجد صعوبة في العثور على ناشر لنشر هذا الكتاب الذي باع منه (5) آلاف نسخة في 3 أسابيع مشيرًا إلى أنه بالرغم من ذلك فإن الكتاب لقي هجومًا شديدًا من جانب الفاتيكان الذي زعم أنه لا يعنى كثيرًا بشئون القساوسة ومعاناتهم. وقال "أنتوني مازي" أحد قساوسة الفاتيكان المعروفين والذي يدير جماعة لمكافحة المخدرات: إنه يعرف العديد من القساوسة الذين يمارسون مثل هذه العادات الشاذة، ومعظمهم من الشباب، مشددًا على خطورة هذه الظاهرة الآخذة في الانتشار. وقد جاء نشر هذا الكتاب بعد الجدال الحاد الذي أثير بشأن مسألة الشذوذ الجنسي في إيطاليا التي روجتها مهرجانات واحتفالات الشواذ في روما، وأدانها البابا.
الإصحاح التاسع والثمانين
وتستمر الفضائح.. قس بروتستاني يواجه (26) تهمة لا أخلاقية!!
مفكرة الإسلام: ينتظر القس البروتستاني ' جارت ستيفن هاوكينس'-58 عاما- الحكم عليه بعد وضعه تحت الحراسة لثبوت ارتكابه لـ 26 جريمة غير أخلاقية. وطبقا لصحيفة [ذي أستراليان] فإن هاوكينس الأسترالي الجنسية متهم بارتكاب 13 جريمة اغتصاب، و11 اعتداءا مخل بالآداب، وتهمتين بالتحريض على الفاحشة، ويقول الإدعاء أن القس المتهم قد ارتكب هذه الجرائم في الفترة ما بين عامي: 1974 و1984…،) موقع مذكرة الإسلام على شبكة الإنترنت:
http://www.islammemo.cc/news/one_news.asp?IDnews=12033
الإصحاح التسعين
اتهام 2000 من القساوسة بالاعتداءات الجنسية على الأطفال:
انحرافات القساوسة الجنسية كانت بمثابة الزلزال الذي أصاب الكنيسة الكاثوليكية وأزعج الفاتيكان أيما إزعاج لأنه طعن في صميم مصداقيتها ، بل امتدت هذه المصداقية في نظر المواطن الغربي إلى المسيحية نفسها كدين . ولعل هذا ما دفع مجلة التايم الأمريكية إلى إعداد ملف شامل عن الموضوع أعدته الكاتبة جوانا ماكجيري تقول فيه :
"بعدما كثرت وتزايدت الاتهامات بالاعتداءات الجنسية التي يرتكبها الرهبان الكاثوليك وبعد التستر الرسمي عليها ، طالب الرومان الكاثوليك الغاضبون قادتهم ورؤسائهم بإصلاح الدين المسيحي . فالصدمة هي أن حالات كثيرة من هذا القبيل انتشرت كفيروس قاتل في نظر الرأي العام . فالأمر لم يعد يقتصر على بوسطن بل تعداه إلى لوس أنجلس وسانت لويس ومينوستا وفيلادلفيا وبالم بيتش وفلوريدا وواشنطن وبورتلاند وماين وبرايدج بورت وكونكنتيكت. والمريع في كل هذه الحالات ليس تفردها بهذه القضية بل في الشبه المرعب بينها. فقد تنوعت وتعددت الاتهامات الموجهة للرهبان الكاثوليك بالاعتداء الجنسي على الأطفال واتهامات للكنيسة بالتستر عليها سواء القضايا التي تورط فيها الأب دان أوأوليفر أوروكوأوبريت "
وتم اتهام 2000 من القساوسة بالاعتداءات الجنسية على الأطفال في كل البلاد وارتفاع خطير لعدد المكالمات الساخنة لضحايا هذه الاعتداءات . الامر ليس كما صوره الكاردينال بيرنارد لوفي بوسطن بالخطأ الكارثي ولكنه ضربة قاصمة للجهاز المالي والروحي للمؤسسة الكنسية أيضا وإحباط كبير لكل رجل يلبس ( الياقة) الرومانية. فحقيقة دمرت حياة العديد من الناس وتزعزعت الثقة ومصداقية الكنيسة في معالجة المشاكل الاجتماعية.
ففي يناير/ كانون الثاني وافقت الكنيسة الكاثوليكية في أيرلندا على دفع مبلغ 110 مليون دولار لأطفال استغلوا جنسيا من قبل رجال دين على مر عقود، إذ أدين أكثر من 20 رجل دين وراهبة بإرغام أطفال على ممارسة الجنس.
ووافقت أبرشية بوسطن الأمريكية على دفع ما بين 15 مليون إلى 30 مليون دولار إلى عشرات من الأشخاص لتسوية دعاوى بأن قسا استغلهم جنسيا حين كانوا أطفالا.
وعوقب القس المفصول حاليا جون جيجان بالسجن 10 سنوات بسبب إرغامه طفلا صغيرا على ممارسة الجنس، وقد اتهمه 200 ضحية، كما اتهموا قساوسة آخرين في بوسطن، باستغلالهم جنسيا.
ولطخت القضية سمعة كاردينال بوسطن برنارد لو، الذي يقال إن البابا يقدره.
وقد قالت صحيفة بوسطن جلوب التي قادت تحقيقا موسعة في القضية إن الكاردينال لُو علم بأمر جون جيجان لكنه نقله من أبرشية إلى أخرى، دون أن يبعده عن الأطفال.
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/new...000/1886569.stm
لكن ما لفت نظري في كل هذا الموضوع هو هذه الفقرة:
(إذ أدين أكثر من 20 رجل دين وراهبة بإرغام أطفال على ممارسة الجنس.)
فحتى الراهبات ملائكة الرحمة أجبروا الأطفال على ممارسة الجنس معهم!!
ولم الاستغراب فقد أوصى كتابهم بقتل الأطفال ، كما يحكى أنهم أكلوا الأطفال سواء فيما يحكيه الكتاب المقدس أو يحكيه لنا التاريخ:
(6فَحَرَّمْنَاهَا كَمَا فَعَلنَا بِسِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ مُحَرِّمِينَ كُل مَدِينَةٍ: الرِّجَال وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَال. 7لكِنَّ كُل البَهَائِمِ وَغَنِيمَةِ المُدُنِ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا.) تثنية 3: 6- 7
(20فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافاً عَظِيماً, فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ, وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ, وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 20-24
(40فَضَرَبَ يَشُوعُ كُلَّ أَرْضِ الْجَبَلِ وَالْجَنُوبِ وَالسَّهْلِ وَالسُّفُوحِ وَكُلَّ مُلُوكِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِداً, بَلْ حَرَّمَ كُلَّ نَسَمَةٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ.) يشوع 10: 28-40
(10ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَخَذَ حَاصُورَ وَضَرَبَ مَلِكَهَا بِالسَّيْفِ.... 11وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ. وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. 12فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ مُدُنِ أُولَئِكَ الْمُلُوكِ وَجَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمَهُمْ كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ.) يشوع 11: 10-12
(10 فارسلت الجماعة الى هناك اثني عشر ألف رجل من بني البأس وأوصوهم قائلين اذهبوا واضربوا سكان يابيش جلعاد بحد السيف مع النساء والأطفال. 11وهذا ما تعملونه. تحرّمون كل ذكر وكل امرأة عرفت اضطجاع ذكر.) قضاة 21: 10-11
(3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) أخبار الأيام الأول 20: 3
(3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً» ... 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ, وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً, لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي».) صموئيل الأول 15: 3 - 11
هكذا ندم الرب ذو العلم الأزلى عندما فوجىء بما حدث من شاول، أنه عفا عن أجاج وعن الجيد من الغنم والبقر والحملان والخراف! فماذا تنتظرون من راهبات هذا الرب؟
(8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ, وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ, وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
وفى العهد الجديد نقرأ أيضاً:
(34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.) متى 10: 34-40
(49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ … 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».) لوقا 12: 49-53
(وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26
(27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27
(28ثُمَّ قَالَ لَهَا الْمَلِكُ: [مَا لَكِ؟] فَقَالَتْ: [هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَالَتْ لِي: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ ثُمَّ نَأْكُلَ ابْنِي غَداً. 29فَسَلَقْنَا ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ. ثُمَّ قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ فَخَبَّأَتِ ابْنَهَا]. 30فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِلٍ عَلَى جَسَدِهِ.) ملوك الثانى 6: 28-30
وأما التطبيق العملى فى العصور القريبة ، فيحكى لنا التاريخ:
استولت الحبشة على إريتريا المسلمة بتأييد من فرنسا وانجلترا. فماذا فعلت فيها؟ صادرت معظم أراضيها ، وأسلمتها لإقطاعيين من الحبشة ، كان الإقطاعى والكاهن مخولين بقتل أى مسلم دون الرجوع إلى السلطة ، فكان الإقطاعى أو الكاهن يشنق فلاحيه أو يعذبهم فى الوقت الذى يريد ….
فتحت للفلاحين المسلمين سجوناً جماعية رهيبة ، يجلد فيها الفلاحون بسياط أكثر من عشرة كيلو جرامات. وبعد إنزال أفظع أنواع العذاب بهم كانوا يُلقوْن فى زنزانات بعد أن تربط أيديهم بأرجلهم ، ويتركون هكذا لعشر سنين أو أكثر ، وعندما كانوا يخرجون من السجون كانوا لا يستطيعون الوقوف ، لأن ظهورهم قد أخذت شكل القوس.
كل ذلك قبل استلام هيلاسيلاسى السلطة فى الحبشة ، فلما أصبح امبراطور الحبشة وضع خطة لإنهاء المسلمين خلال خمسة عشر عاما ، وتباهى بخطته هذه أمام الكونجرس الأمريكى.
سن تشريعات لإذلال المسلمين منها أن عليهم أن يركعوا لموظفى الدولة وإلا يقتلوا.
أمر أن تستباح دماؤهم لأقل الأسباب ، فقد وجد شُرطياً قتيلاً قرب قرية مسلمة ، فأرسلت الحكومة كتيبة كاملة قتلت أهل القرية كلهم وأحرقتهم مع قريتهم ، ثم تبين أن القاتل هو صديق المقتول ، الذى اعتدى على زوجته.
حاول أحد العلماء وهو الشيخ عبد القادر أن يثور على هذه الإبادة فجمع الرجال ، واختفى فى الغابات ، فجمعت الحكومة أطفالهم ونساءهم وشيوخهم فى أكواخ من الحشيش والقصب ، وسكبت عليهم البنزين وأحرقتهم جميعاً أحياء.
ومن قبضت عليه من الثوار كانت تعذبه عذاباً رهيباً قبل قتله ، من ذلك إطفاء السجائر فى عينيه وأذنيه ، وهتك عرض بناته وزوجته وأخواته أمام عينيه ، ودق خصيتيه بأعقاب البنادق ... وجره على الأسلاك الشائكة حتى يتفتت، وإلقاؤه جريحا قبل أن يموت لتأكله الحيوانات الجارحة ، بعد أن تربطه بالسلاسل حتى لا يقاوم.
وصورة أخرى من الكونغو:
يذكر كلارك أحد أعضاء الإرسالية الأمريكية فى تقرير له عن الكونغو سنة 1885م وكيف كان البلجيك يرسلون جنودهم ليقتلوا أفراداً من قبيلة الأكوكو ، ويعودون بالأيادى التى قطعوها من جثث ضحاياهم ، وكانت من بينهم أيدى ثلاثة أطفال ، وأقفرت مناطق بأكملها بسبب القتل والتعذيب. وكان من وسائل التسلية عند البلجيكيين قطع أعضاء الرجل التناسلية وتعليقها على سور القرية.
وكتب جليف فى تقرير له سنة 1894م أنهم أحضروا عشرين رأساً بشرياً إلى شلالات ستانلى، واستعملها الكابتن روم فى تزيين حوض الزهور أمام منزله.
وصورة أخرى لجنود الرب فى الحملات الصليبية:
في كتابه (على خطى الصليبيين) يقول مؤلفه الفرنسي (جان كلود جويبو).. تحت ضغط الحجاج قرر (رايموند دي سال - جيل) بدءً من 23 نوفمبر محاصرة معرة النعمان - بسوريا - كان الحصار طويلاً صعباً لكن الصليبيين أفلحوا في الاستيلاء على المدينة وذبحوا سكانها..
وفي هذا يقول ابن الأثير: خلال ثلاثة أيام أعملت الفرنجة السيف في المسلمين فقتلت أكثر من مائة ألف شخص ، كانت تطرح جثثهم فى الخنادق بعد أن مثلوا بها ، والتهموا جزءاً منها بشراهة هذا بالإضافة إلى أعداد الأسرى ..
وكتب المؤرخ (راوول دين كاين): عمل جماعتنا على سلق الوثنيين ـ يقصد المسلمين ـ البالغين في الطناجر، وثبتوا الأطفال على الأسياخ والتهموها مشوية ويكتب المؤرخ (البيرديكس): لم تتورع جماعتنا عن أن تأكل الأتراك والمسلمين فحسب وإنما الكلاب أيضاً..
ويكتب (الانويم): بعضهم الآخر قطع لحم الجثث قطعاً وطبخها كي يأكلها..
ويصف ابن الأثير في الكامل الاستيلاء على القدس: ولبث الفرنج في البلدة أسبوعا يقتلون فيه المسلمين، وقتل الفرنج في المسجد الأقصى ما يزيد على السبعين الفاً منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارق الأوطان وجاور ذلك الموضع الشريف، ثم بدأ النهب والسلب..
ويذكر الكثيرون ماذا فعل ريتشارد قلب الاسد في الحملة الصليبية الثالثة عند احتلاله لعكا بأسرى المسلمين فقد ذبح 2700 أسير من أسرى المسلمين الذين كانوا في حامية عكا و قد لقيت زوجات وأطفال الأسرى مصرعهم إلى جوارهم.
الإصحاح الواحد والتسعين
الفاتيكان يعترف باغتصاب راهبات من قبل قساوسة:
كما أكد موقع الجزيرة نت على هذا الكلام وأضاف تحت عنوان: الفاتيكان يعترف باغتصاب راهبات من قبل قساوسة:
وكانت الاتهامات قد ظهرت للمرة الأولى في التقرير الكاثوليكي القومي الأسبوعي في مدينة كانساس في 16 مارس/ آذار ونقلته وكالة أنباء أديستا - وهي وكالة إيطالية دينية صغيرة - مما أدى إلى وصوله لأجهزة الإعلام العامة.
وقد أعدت التقرير الذي تحدث عن حالات محددة بالأسماء وحالات تورط أصحابها راهبة وطبيبة تدعى ماورا أودونوهو، وقدمت الراهبة تقريرها إلى رئيس مجمع الفاتيكان للأوامر الدينية الكاردينال مارتينز سومالو في فبراير/ شباط عام 1995. وقد أمر الكاردينال آنذاك بإنشاء فريق عمل من المجمع لدراسة المشكلة مع أودونوهو والتي كانت تعمل منسقة الإيدز في منظمة (كافود) وهي منظمة دينية تابعة لطائفة الروم الكاثوليك تتخذ من لندن مقرا لها.
وأشارت أودونوهو إلى أدلة واضحة على اتهاماتها، وقالت إنه في إحدى الحالات أجبر قسيس راهبة على الإجهاض مما أدى إلى موتها، ثم قام بنفسه بعمل قداس لها.
وبشأن أفريقيا قال تقريرها: إن الراهبات لا يستطعن هناك رفض أوامر القساوسة بهذا الشأن، وأكدت أن عددا من القساوسة هناك مارسوا الجنس مع الراهبات خوفا من إصابتهم بالإيدز إذا "مارسوه مع العاهرات"، وترغم الراهبات على تناول حبوب لمنع الحمل، لكنها قالت إن مؤسسة دينية اكتشفت وجود 20 حالة حمل دفعة واحدة بين راهباتها العاملات هناك.
وأشار التقرير إلى أن الأسقف المحلي لإحدى المناطق طرد رئيسة دير عندما اشتكت له من أن 29 راهبة من راهبات الدير حبالى بعد أن أرغمن على ممارسة الجنس مع القساوسة.
الإصحاح الثانى والتسعين
وقد ذكر موقع البى بى سى عن هذه الأحداث ما يلى تحت عنوان:
الفاتيكان يهون من تقرير عن اغتصاب الراهبات:
أقر الفاتيكان بأن الراهبات الكاثوليكيات تتعرضن لتحرش جنسي من جانب القساوسة، لكنه هون من حجم المشكلة مشيرا إلى أنها محدودة وقد جاءت تعليقات الحاضرة الكاثوليكية ردا على مزاعم وردت في هذا الصدد في أسبوعية ناشيونال
كاثوليك ريبورتر الصادرة في الولايات المتحدة
وقالت الصحيفة إنها رصدت بعض الحالات التي حملت فيها الراهبات من القساوسة ثم أجبرن على الإجهاض عقب ذلك.
وقد استند المقال التفصيلي الذي نشر في الصحيفة إلى خمس تقارير أعدت من قبل رجال دين كاثوليك في الفترة من عام أربعة وتسعين وحتى الوقت الحاضر
واعترف المتحدث باسم الفاتيكان جواكين نافارو فولز بأن قيادة الكنيسة الكاثوليكية تعرف بهذه المشكلة التي كانت موجودة في منطقة جغرافية محدودة.
الإصحاح الثالث والتسعين
لكن التقرير الذي نشرته ناشيونال كاثوليك ريبورتر تناقض مع ما قاله المتحدث حيث رصد ثلاثة وعشرين دولة وقعت فيها هذه الانتهاكات من بينها الولايات المتحدة وإيطاليا والهند وإيرلندا والبرازيل.
الإصحاح الرابع والتسعين
ونقل عن الأب روبرت جي فيتيلو، الذي يترأس حاليا حملة الأساقفة الأمريكيين من أجل التنمية البشرية الذى ألقى محاضرة حول المشكلة نفسها في عام أربعة وتسعين القول إنه سمع شخصيا قصصا مأساوية عن نساء متدينات إجبرن على ممارسة الجنس مع قساوسة أو رجال دين أقنعوهم بأن ممارسة الجنس أمر مفيد للطرفين
وقال التقرير إن النساء اللواتي تعرضن لهذه المأساة لم يجدن كثيرا من التعاطف عندما اشتكين ، وهذا نفس ما حدث فى مصر من لجوء السيدة المصرية لأرفع المناصب فى الكنيسة شاكية الراهب برسوم ، ولم تجد التعاطف أو رد فعل يمنع عنها هذه المصيبة.
ونقرأ هذا الكلام اليوم تقريباً فى كل بلد ، فهذه فرنسا أم النهضة:
قال مسؤولون قانونيون في فرنسا إن أوامر صدرت إلى أسقف فرنسي للمثول أمام القضاء في يونيو/حزيران المقبل، لمحاكمته جراء عدم قيامه بالإبلاغ عن قسيس تابع له أدين في تهم تتعلق باغتصاب وممارسة الجنس مع أطفال دون سن الخامسة عشرة.
وسيواجه الأسقف بيير بيكان عقوبة السجن ثلاث سنوات إذا ثبتت إدانته أمام المحكمة.
وكان قسيس يدعى رينيه بيزي يعمل تحت بيكان حكم عليه بثماني عشرة سنة سجنا في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، لارتكابه 11عملية اغتصاب وتحرش جنسي بأطفال قصر أثناء فترة عمله في أبرشية نورماندي بين عامي 1987 و1996
ويتمسك آباء الضحايا بمحاكمة بيكان لعدم تبليغه عن ممارسات بيزي الشاذة، وبدلا من ذلك قام بإرساله لتلقي العلاج النفسي لستة أشهر، مما اعتبر إساءة إلى أقارب الضحايا والرأي العام. بينما يرى محامي بيكان أن القضية تمس حق الأسقف في التكتم على أسرار معاونيه.
ويقول أحد آباء الضحايا إنهم لا يرمون من محاكمة بيكان إلى سجنه، وإنما لإجراء تغييرات جذرية في نظام الكنائس في فرنسا. وكان الأساقفة الفرنسيون قد وعدوا بعد الكشف عن ممارسات رينيه بيزي بالتبليغ عن أي قسيس يرتكب مثل هذا النوع من الجرائم.
وشهدت الآونة الأخيرة تورط العديد من القساوسة الكاثوليك في جرائم خطيرة، ففي يوم الثلاثاء الماضي رفضت محكمة الاستئناف في باريس استئنافا تقدم به الأب جيان ماري فينسان الذي حكم عليه العام الماضي بالسجن خمس سنوات لتحرشه بأحد عشر طفلا من مرتلي القداس بين عامي 1992 و1997.
كما اتهمت فتاتان توأمان الأسبوع الماضي قسيسا يبلغ من العمر الآن 76 عاما بالاعتداء عليهما قبل 14 عاما وكان سنهما آنذاك 13 عاما. ومن المقرر أن يمثل هذا القس أمام المحكمة يوم الاثنين المقبل ليواجه ضحيتيه وجها لوجه، كما توجهان اتهامهما لأسقف الأبرشية أيضا بالتستر على الجريمة.
المصدر
http://www.aljazeera.net/news/europe/2001/2/2-23-5.htm
-
الإصحاح الخامس والتسعين
الكتاب المقدس يخلد ذكرى العاهرات ويقدمهن فى ثوب القديسات:
يقول الأستاذ eeww2000 فى كتابه الإلكترونى الرائع (المرأة بين الإسلام والمسيحية): دعونا نبحث عن أمثلة لنساء افتخرت بهن كتب اليهود والنصارى وجعلت منهن بطلات وأمثلة تحتذى لجميع نسائهم ...
فلنبدأ بامرأة خلدتها التوراة - العهد القديم - فى سفر كامل أفرد لها وباسمها ليحكى قصتها ... يهوديت ....
تلك المرأة اليهودية التى نجحت فى تسجيل اسمها فى الكتاب المقدس ...
تلك المرأة التى يردد ملايين اليهود والنصارى قصتها فى قراءتهم لكتابهم المقدسة ...
بل ويتعبدون بتلك القراءة ...
تُرى من هى تلك البطلة؟؟؟
وما هى جلائل الأعمال التى قامت بها لتستحق كل هذا التقدير؟؟؟
لنقرا قصتها من ذلك السفر المسجل باسمها ...
يصفها ذلك السفر قائلا: (4 وكانت يهوديت قد بقيت أرملة منذ ثلاث سنين وستة أشهر
5 وكانت قد هيات لها في أعلى بيتها غرفة سرية وكانت تقيم فيها مع جواريها وتغلقها
6 وكان على حقويها مسح وكانت تصوم جميع أيام حياتها ما خلا السبوت ورؤوس الشهور وأعياد آل إسرائيل)
ثم يقول: (8 وكانت لها شهرة بين جميع الناس من أجل أنها كانت تتقي الرب جدا ولم يكن أحد يقول عليها كلمة سوء)
انظر إلى درجة تقواها وورعها! ثم يقول:
ولا ينسى ذلك السفر أن يصف جمالها الأخَّاذ فيقول:
7 وكانت جميلة المنظر جدا وقد ترك لها بعلها ثروة واسعة وحشما كثيرين وأملاكا مملوءة باصورة البقر وقطعان الغنم)
إلى هنا نجد أن تلك المرأة امرأة مثالية ... فهى تتقى الله ولا يشوب سمعتها شائبة وليس للناس أى مأخذ عليها ....
فما هى حقيقة تلك التقوى وتلك الأوصاف الجليلة؟ وما هوالعمل العظيم الذى جعل من تلك المرأة تحوذ سفرا كاملا من أسفار العهد القديم؟
الواقع أن تلك المرأة ظهرت فى ظروف قرر فيها اليهود تسليم مدينتها إلى الأشوريين ، فغضبت وقررت التدخل لمحاولة منع هذه الهزيمة من الحلول بشعب الله المختار ، ويمضى ذلك السفر فيصف صلاتها وتضرعها لكى توفق فيما هى مقبلة عليه من عمل بطولى. فماذا كان ذلك العمل وتلك البطولة التى قامت بها يهوديت؟
لنقرأ من سفرها:
(2ودعت وصيفتها ونزلت إلى بيتها وألقت عنها المسح ونزعت عنها ثياب إرمالها 3واستحمت وادهنت بأطياب نفيسة وفرقت شعرها وجعلت تاجا على رأسها ولبست ثياب فرحها واحتذت بحذاء ولبست الدمالج والسواسن والقرطة والخواتم وتزينت بكل زينتها. 4وزادها الرب أيضا بهاء من أجل أن تزينها هذا لم يكن عن شهوة بل عن فضيلة ولذلك زاد الرب في جمالها حتى ظهرت في عيون الجميع ببهاء لا يمثل
5وحملت وصيفتها زق خمر وإناء زيت ودقيقا وتينا يابسا وخبزا وجبنا وانطلقت 6فلما بلغتا باب المدينة وجدتا عزيا وشيوخ المدينة منتظرين 7فلما رأوها اندهشوا وتعجبوا جدا من جمالها)
(انظر لمباركة الرب واشتراكه فى جريمة الزنا التى ستحدث: (وزادها الرب أيضا بهاء)!
فيؤيدها شيوخ اليهود فيما علموا أنها مقبلة عليه ...!!!
8 (غير أنهم لم يسألوها عن شيء بل تركوها تجوز قائلين إله آبائنا يمنحك نعمة ويؤيد كل مشورة قلبك بقوته حتى تفتخر بك أورشليم ويكون اسمك محصى في عداد القديسين والأبرار...!!!!)
ثم يمضى ذلك السفر فى وصف العمل البطولى الذى حملته تلك المرأة على عاتقها!
فهو يصف خداعها لقائد جيوش الأشوريين بجمالها وبالخمر حتى تستدرجه بهاتين الوسيلتين الرخيصتين إلى الفراش! وحين يصيبه الضعف وينام تقوم بالإجهاز عليه ...!!!
لنقرأ :
(12فدخل حينئذ بوغا على يهوديت وقال لا تحتشمي أيتها الفتاة الصالحة أن تدخلي على سيدي وتكرمي أمام وجهه وتأكلي معه وتشربي خمرا بفرح 13فأجابته يهوديت من أنا حتى أخالف سيدي 14كل ما حسن وجاد في عينيه فأنا أصنعه وكل ما يرضى به فهوعندي حسن جدا كل أيام حياتي 15ثم قامت وتزينت بملابسها ودخلت فوقفت أمامه 16فاضطرب قلب اليفانا لانه كان قد اشتدت شهوته 17وقال لها اليفانا اشربي الآن واتكئي بفرح فإنك قد ظفرت أمامي بحظوة 18فقالت يهوديت أشرب يا سيدي من أجل أنها قد عظمت نفسي اليوم أكثر من جميع أيام حياتي 19ثم أخذت وأكلت وشربت بحضرته مما كانت قد هيأته لها جاريتها 20ففرح اليفانا بازائها وشرب من الخمر شيئا كثيرا جدا أكثر مما شرب في جميع حياته.
1ولما أمسوا أسرع عبيده إلى منازلهم وأغلق بوغا أبواب المخدع ومضى 2وكانوا جميعهم قد ثقلوا من الخمر 3وكانت يهوديت وحدها في المخدع 4واليفانا مضطجع على السرير نائما لشدة سكره 5فأمرت يهوديت جاريتها أن تقف خارجا أمام المخدع وتترصد 6ووقفت يهوديت أمام السرير وكانت تصلي بالدموع وتحرك شفتيها وهي ساكتة 7وتقول أيدني أيها الرب إله إسرائيل وانظر في هذه الساعة إلى عمل يدي حتى تنهض أورشليم مدينتك كما وعدت وأنا أتم ما عزمت عليه واثقة بأني أقدر عليه بمعونتك 8وبعد أن قالت هذا دنت من العمود الذي في رأس سريره فحلت خنجره المعلق به مربوطا 9واستلته ثم أخذت بشعر راسه وقالت أيدني أيها الرب الإله في هذه الساعة 10ثم ضربت مرتين على عنقه فقطعت رأسه ونزعت خيمة سريره عن العمد ودحرجت جثته عن السرير)
وهكذا صارت هذه العاهرة القديسة نموذجا يحتذى لبطولة المرأة فى الكتاب المقدس!!!
وهذا هو دور المرأة كما يراه اليهود والنصارى! أداة للجنس والمتعه لهم! ووسيلة رخيصة للحرب والتسلل إلى فراش أعدائهم!
ولعل البعض يظن أن يهوديت كانت العاهرة الوحيدة التى دخلت الكتاب المقدس من أوسع أبوابه ... باب الجنس والعهر ....
إلا أن هذا غير حقيقى ... توجد أخرى نجحت فى انتزاع سفر آخر من أسفار الكتاب المقدس باسمها ...!!!
حتى لكأن الكتاب المقدس صار كتابا يتتبع أخبار الساقطات وقصص الشذوذ والعهر!!!
وتلك الأخرى هى استير ...
تلك المرأة ( البطلة ) التى نجحت فى إنقاذ شعب الله المختار من أعدائه مستفيدة بمواهبها (الجنسية) الخارقة ...!!!!
ومنعا للتطويل فإننا نحيل القارئ مباشرة إلى سفر استير ليقرأ قصة تلك العاهرة البطلة
ولمن لا يملك ذلك الكتاب ( المقدس ) يمكنه قراءة قصة العاهرة فى أى رواية من روايات (ألف ليلة وليلة) مع إبدال اسم ( شهرزاد ) باسم ( استير ) ...!!!
سفران من اسفار الكتاب المقدس تم تسميتهما باسماء عاهرتين ...!!!
ومع هذا ظل اسمه ( الكتاب المقدس ) ....!!!
ثم بطلة أخرى من بطلات الكتاب المقدس تم تكريمها فى العهد القديم ونجحت فى انتزاع الحظوة لدى بولس - كبير محرفى دين المسيح - ....
راحاب الزانية الجاسوسة ...!!!
أعطاها العهد القديم التكريم وحق الحياة بعد إبادة أهل مدينتها بالكامل ...
يشوع 6: 17 (17فَتَكُونُ الْمَدِينَةُ وَكُلُّ مَا فِيهَا مُحَرَّماً لِلرَّبِّ. رَاحَابُ الزَّانِيَةُ فَقَطْ تَحْيَا هِيَ وَكُلُّ مَنْ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ, لأَنَّهَا قَدْ خَبَّأَتِ الْمُرْسَلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرْسَلْنَاهُمَا.)
يشوع 6: 23 (23فَدَخَلَ الْجَاسُوسَانِ وَأَخْرَجَا رَاحَابَ وَأَبَاهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا وَكُلَّ مَا لَهَا, وَكُلَّ عَشَائِرِهَا وَتَرَكَاهُمْ خَارِجَ مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ.)
يشوع 6: 25 (25وَاسْتَحْيَا يَشُوعُ رَاحَابَ الزَّانِيَةَ وَبَيْتَ أَبِيهَا وَكُلَّ مَا لَهَا. وَسَكَنَتْ فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ, لأَنَّهَا خَبَّأَتِ الْمُرْسَلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرْسَلَهُمَا يَشُوعُ لِيَتَجَسَّسَا أَرِيحَا.)
ثم يجدد بولس - القديس ؟؟!!!- تكريمها فيقول :
عبرانيين 11: 31 (31بِالإِيمَانِ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ لَمْ تَهْلِكْ مَعَ الْعُصَاةِ، إِذْ قَبِلَتِ الْجَاسُوسَيْنِ بِسَلاَمٍ.)
هذا هودور المرأة عند اليهود والنصارى!!
عاهرة وأداة متعة وجاسوسة!!
وأضيف على كلام أخى eeww2000 أيضاً اسم مريم المجدلية ، التى كانت تمسح بالدهن والطيب أرجل يسوع (لوقا 7: 38 ويوحنا 12: 3) أو رأسه (مرقس 14: 3 ومتى 26: 7) (على إختلاف الأناجيل) ، فقد كانت أيضا عاهرة وتابت.
(39فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذَلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ: «لَوْ كَانَ هَذَا نَبِيّاً لَعَلِمَ مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئِةٌ».) لوقا 7: 39
الإصحاح السادس والتسعين
ومن هذا المنطلق الفكرى الخاص بمسئولية المرأة عن الخطيئة الأولى ، وجلبها متاعب للجنس البشرى ، ترجم علماء الكتاب المقدس هذا الفكر إلى قوانين تحكم أحوال الأسرة ، مثلما جاء فى كتاب: الأحكام العبرية ، ونذكر منها (نقلاً عن تعدد نساء الأنبياء ص 193-195:
فى الزواج والطلاق والإنفاق:
المادة 402: (ما أسعد من رزقه الله ذكوراً ، وما أسوأ حظ من لم يُرزَق بغير الإناث. نعم ، لا ينكر لزوم الإناث للتناسل ، إلا أن الذرية كالتجارة سواء بسواء. فالجلد والعطر كلاهما لازم للناس ، إلا أن النفس تميل إلى رائحة العطر الزكية ، وتكره رائحة الجلد الخبيثة. فهل يُقاس الجلد بالعطر؟) فالرجل عندهم هو العطر والرائحة الزكية ، أما المرأة فهى الجلد ذو الرائحة الخبيثة
المادة 407: (إذا لم تدخل الزوجة على زوجها بمال على ذمة الزوجية ، فلا يكلف
الزوج بأن ينفق عليها فى غير الحاجيات اللازمة التى لا بد منها. أما إذا دخلت عليه بمال ، فيجب عليه التوسع فى النفقة بقدر حاله.)
أى إن لم تأتيه بنقود فهى كالأنعام تأكل وتشرب فقط لتعمل فى البيت أو فى الحقل وتعتنى بالأولاد ، وفى الليل يسقط عليها كالبهيمة! وإذا مرضت بمرض عضال كان للزوج الحق فى بيع زوجته أو إعارتها أو قتلها ، كما سمح بذلك القانون الإنجليزى كان شائعاً فى بريطانيا حتى نهاية القرن العاشر.
حتى ثمن الدواء فى ظل هذا القانون فهو ليس من حق الزوجة! فيحق للرجل قتلها ، مثل البهيمة المريضة التى يأس صاحبها من شفائها ، فقرر التخلص منها بقتلها!
ومن أين تأتى بالنقود وهى ليس لها حق الميراث؟ وكانوا يتشاءمون منها! لك أن تتخيل حال هذه البائسة فى هذه العقيدة!
المادة 413: (سلطة الزوج على الزوجة فى أمر التربية وتعليم أمور الدين والدنيا مطلقة لا حدود لها ، فعليه أن يستعملها فى محلها مع الحكمة والاعتدال)
المادة 414: (متى خرجت الزوجة من بيت أهلها ودخلت بيت زوجها ، صار له عليها حق الطاعة التامة والامتثال الكلى فى جميع ما يأمرها به ، فعليه ألا تخالفه فى شىء مما يطلبه منها ، بل تمتثل له كما تمتثل الجارية لسيدها.)
المادة 418: (مهما بلغت ثروة الزوجة ، ومهما كان مقدار المال الذى دخلت به للإعانىعلى حوائج الزوجية ، فإنه يجب عليها القيام بالأعمال اللازمة لبيتها صغيرة كانت الأعمال أو كبيرة. لأن البطالة تؤدى إلى فساد الأخلاق ، وليس لها مفارقة زوجها لأى سبب كان حتى لو أصيب بعجز أو صار مُقعَداً واحتاج للسؤال لأجل الإنفاق عليها.)
المادة 419: (جميع مال الزوجة ملك لزوجها ، وليس لها سوى ما فرض لها من مهر فى عقد الزواج تُطالب به بعد موته ، أو عند الطلاق إذا وقعت الفرقة. فكل ما دخلت به من المال على ذمة الزوجية ، وكل ما تلتقطه ، وكل ما تكسبه من سعى وعمل ، وكل ما يُهدَى إليها فى عرسها ، ملك حلال لزوجها يتصرف فيه كيف يشاء ، بدون معارض ولا منازع.)
المادة 426: (إذا ماتت الزوجة ولم تعقب ذرية من الأولاد ، فزوجها وارثها الشرعى.)
المادة 428: (الأسباب التى يحل معها الطلاق ثلاثة: الزنا ، والعقم ، وعيوب الخلقة ، وعيوب الخُلُق.)
المادة 429: (يحل للرجل أن يُطلِّق زوجته إذا أُشيعَ عنها الزنا ، ولو لم يثبت عليها الزنا فعلاً. كما يحل له طلاقها إذا اتضحَ له بعد الزواج أنها كانت [قبل الزواج] سيئة السلوك .)
المادة 430: (يجب على من لم يُرزَق من زوجته بذرية بعد معاشرتها عشر سنوات أن يفارقها ويتزوج غيرها.)
المادة 433: (ليس للمرأة أن تطلب الطلاق مهما كانت عيوب زوجها ، حتى لو ثبت عليه الزنا.)
ومن هذا يتضح أن هذا الدين كما فهمه واضعوا هذه القوانين ليس لتهذيب الأخلاق ، ولا للإعتناء بالأمة اليهودية وشعبها ، ولكنها حضارة أقل ما تُوصف به أنها حضارة الرجل. للرجل أن يُفسِد ويعربد ، وليس للزوجة حق الإعتراض. فهى كالحذاء يلبسه صاحبه متى شاء ويوجهه إلى حيث شاء ، ويرميه متى شاء!!
أما أن تفجر المرأة ، فهو والقانون والمجتمع لها بالمرصاد! أما أن تحصن المرأة نفسها ويُشاع عنها الفجر ، ولو نكاية فى عفتها، فيكون جزاؤها الطلاق والطرد إلى الشوارع، ليكون مصيرها إما الهلاك وإما العهارة! وهذا هو فهمهم لطبيعة المرأة! وهذا هو تقديرهم المشين للمرأة! فهل هؤلاء عقلاء يُؤخذ عنهم تقدير لوضع المرأة المسلمة؟
المادة 434: (متى نوى الزوج الطلاق حُرِّمَت عليه زوجته. فبمجرد عزمه على مفارقتها ، وَجَبَ عليه الإسراع إلى طلاقها.)
ليس له فرصة أن يراجع فيها نفسه ، قد يتراجع بعد ما تلين له ويلين لها. لكن أبداً! إنها القاذورات! إنها الحقارة كلها! إنها أحبولة الشيطان! إنها صاحبة أول رذيلة عرفتها البشرية! إنها المرأة!
لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
(ولقد كتب أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر: أن كل النساء بلا استثناء مومسات ، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم)
وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل)
فى الميراث:
المادة 313: (إذا لم يكن للميت ولد ذكر فميراثه لابن أخيه ، وإن لم يكن له ابن ابن فالميراث للبنت. وإن لم يكن له بنت فالميراث لأولاد البنت ، وإذا لم يكن له حفدة فلأولاد أولادهم الذكور ، وإذا لم يكن له أولاد حفدة من الذكور فالميراث لبنات الحفدة.)
المادة 315: (إذا لم يعقب الميت ذرية ولا نسلاً من ذكر أو أنثى ، أولاداً أو حفدة ، أو من نسلهم ذكوراً أو إناثاً ، فميراثه لأصوله. وأحق الأصول بميراث الميت أبوه ، وله كل التركة ، وإذا لم يكن له أب ، فجده ثم أصوله من أبيه.)
وبناءً على المادة 426 يرثها زوجها بمفرده إذا لم يكن لها ذرية!
وبناءً على المادتين 313 و 315 لا يحق للمرأة أن ترث من زوجها تحت أى ظرف!
الإصحاح السابع والتسعين
لا أعرف فى تاريخ النصرانية صفحة بيضاء مرت بها مطلقاً ، لا فى الحروب ولا تجاه المرأة ، ولا تجاه الإنسانية ولا تجاه البيئة ؛ الأمر الذى أدى ليس فقط إلى الاعتداء جنسياً على المرأة أو الراهبة ، أو إلى بيعها كالنعاج ، بل تعداه أيضاً إلى قتلها حرقاً ، لا لجريرة اقترفتها ، بل لأنها امرأة.
فقد نشرت ميدل ايست أون لاين ما مفاده: فقد قام متحف التاريخ الألمانى بعمل معرض لمعالجة موضوع ملاحقة الساحرات بهدف توضيح خلفيات تلك الظاهرة الغريبة وإلقاء الضوء على ما كن يسمين بالساحرات وأسباب ملاحقتهن وقتلهن حرقا منذ 300 سنة، والتي راح ضحيتها ستون ألف فردا.
برلين - لا يزال الأوروبيون يتذكرون ملاحقة السحرة والساحرات، والمحاكم التي كانت تعقد لمحاكمتهن وتعذيبهن وحرقهن في العصور الوسطى، بقلوب تعصف غضبا بسبب المعاملة غير الانسانية لهم لا لشيء الا لشعور ممثلي الكنائس من القساوسة آنذاك بتهديد سلطتهم ونفوذهم الكبير من ذوي الفكر المستنير الذين اتهموا بالشعوذة.
ونبه بيرنجر إلى أنه من مدعاة الحزن حاليا التوقف على حصيلة ضحايا الشعوذة في العصور الوسطى اذ انه ذهب ضحية المحاكم البدائية وملاحقة الساحرات والبطش بهن في أوروبا خلال 300 سنة الماضية اكثر من 1780 شخصا في ألمانيا و 60 الف شخصا في بقية البقاع الاوروبية مشيرا إلى أن قادة المحاكم الظالمة آنذاك كانوا من ممثلي الكنائس الكاثوليكية وليس من الحقوقيين أو القضاة المدنيين.
وأوضح بأنه وقع حوالي 25 ألف من حالات الشنق والإعدام بالحرق للمتهمين في الشعوذة في "الامبراطورية الرومانية المقدسة" وحدها مؤكدا أن كل هذه الأرقام تعتبر سببا كافيا لتتبع قضية ملاحقة الساحرات، فهي تعبير عن الأحكام الظالمة التي صدرت عن الكنائس ضد البشر خلال العصور الوسطى في اوروبا، والتي شملت حوالي تسعة ملايين شخص.
وقال ان عدد الساحرات اللواتي اعدمن في كانتونات سويسرا مثلا في عام 1782 قد وصل الى حوالي مائة ساحرة.
وحسب الباحث الألماني فقد تجلت ملاحقة الساحرات في الفترة الممتدة من عام 1560 إلى عام 1680 مؤكدا أن رجل الدين من الطائفة اليسوعية فريدريك شبي (1591 - 1635) الذي كان يقف ضد ملاحقة الساحرات كان يفسر ظاهرة قتل الساحرات على أنها "نتيجة حتمية للتعصب الديني وحب السلطة والخوف من فقدان حق الاحتفاظ بالحكم" الذي وصفه بما يطلق عليه "عدالة الدم".
ويستفاد من موجودات المعرض أن 25 بالمائة من الساحرات هم من الذكور أي الرجال، وذلك خلافا لما كان دارجا وهو ان مفهوم السحر كان قاصرا على النساء.
كما يظهر ان 80 الى 90 بالمائة ممن أعدموا في القرون الوسطى بتهمة السحر في كل من السويد والنرويج وانجلترا وهولندا كانوا من النساء.
وعجز ممثلو الكنائس خلال محاكمة المتهمين بالسحر في القرون الوسطى عن تقديم البراهين والأدلة الدامغة وما كان على الرعايا إلا أن يشجعوا ملاحقة الساحرات والساحرين وإلا خضعوا لعقوبات شديدة الأمر الذي يفسر التمادي في ملاحقة الساحرات.
ونسب إلى المؤرخ اللوكسيمبورجي ماري - باول يونجبلوت قوله بان الصورة التي تعلق في اذهاننا بخصوص ما كان رجال الدين يطلقه على المفكرات وصاحبات التجديد والتطور في العصور الوسطى هي صورة فعلية من حيث المظهر اذ ان تلك الصورة قد تكونت بسبب التعذيب والعزلة التي كانت تفرض عليهن في غياهب السجون المظلمة. (كونا)
الإصحاح الثامن والتسعين
وفي تقرير صدر عام أربعة وتسعين قالت الراهبة ماورا أودوني المؤهلة كطبيبة، إن راهبات من الكنائس المحلية قدمن مناشدات حارة إلى المسؤولين الكنسيين الدوليين يطلبن فيها المساعدة.
وقالت: إن الراهبات المتضررات حاولن تقديم شروح إلى السلطات الكنسية حول هذه القضية لم تجدن آذانا صاغية.
الإصحاح التاسع والتسعين
وتحت عنوان "إغداق الرحمة عند كل اعتراف" ذكر اللاهوتى والكاتب الألمانى الكبير كارل هاينتس ديشنر: كانت احدى محاولات الإشباع الجنسى هى تلك الممارسات التى كانت تحدث فى الأديرة منذ ممارسة الضرب ، والذى كان يهدف بصورة غريبة الشكل إلى التكفير عن الجرائم الجنسية ، لأن ما كان يفعله الراهب الذى يقوم بالعقاب مع المذنب كان يهدف فقط إلى إشباع رغبته الجنسية السادية ، والتى تنتهى بالقذف عند الرجل والانتعاظ عند المرأة, وكانوا يسمون هذا النوع من العقاب: النظام أو التربية أو الأخلاق. وكان بعض المربيين يستمتعون بشد البنطال على الجسم أو الرقود على الركبة حتى لا يتمكنون من الجماع.
وقد اخترع الآباء اليسوعيون فى هولندا جمعية دينية رسمية بين الطبقة الأرستقراطية وطبقة السيدات الأثرياء ، وكان العضو المشترك فى هذه الجمعية يُجلَد بالسياط مرة فى الأسبوع ، ولم يكن الجلد على الظهر العارى ، ولكنه على الجزء السفلى من الجسم مجرَّداً من الملابس تماماً ، وعلى الساقين والفخذين والمؤخرة.
وقد اعتادت الفتيات والسيدات على هذا النوع من العقاب الممتع لهن ، حتى كنَّ يدفعن القساوسة لمواصلة المزيد من التأديب الأبوى.
الإصحاح المائة
وفى الكتاب السابق ، وتحت نفس العنوان يقول الكاتب: أما فى إسبانيا فقد كانت الكفَّارات الجسدية للسيدات بعد الاعتراف من الأشياء المعتادة ، كما كان الآباء اليسوعيون يلهون فى الغرف الأمامية للملكة مع سيدات البلاط صغيرات السن وهن عرايا تماماً ، وكذلك مع الأميرات الغريبات ، وأيضاً مع زوجات وبنات رُسُل القصر.
الإصحاح الواحد بعد المائة
ويحكى G. Frusta أنه سمع من أناس أهل للثقة فى القرن التاسع عشر أنه لم يكن يستغنى بيت من البوتات الكبيرة عن الآباء اليسوعيين والدومينيكان ، كما كانوا يتخذونهم أصدقاءً للأسرة ، وقد اعتاد هؤلاء الآباء على اقتراف أشياءً مثل التى ذُكِرَت أعلاه بصورة لا حصر لها. وحتى فى الأديرة لم يتورعوا عن اقتراف مثل هذه الجرائم مع السيدات الجامحات أو المتهورات أو البنات الهائمات وأمثالهن ، فكانوا يحجزونهن (الأمر الذى يحدث مثيله حتى اليوم) ويتلقين العقوبة المفروضة عن طريق إشارة متفق عليها من قبل ، وكان يتم عقابهن سراً أو علانيةً ، أما السيدات اللاتى كن يتمتعن بقدر وافر من الجمال ، فكانوا يقومون بأنفسهم بتنفيذ العقوبة.
الإصحاح الثانى بعد المائة
وكان الإنسان يتغزل فى ضرب النساء بالسوط فى الأديرة الروسية حتى جزء ما من القرن التاسع عشر ، وكان من أشهر الأديرة فى ذلك دير إيفانوفيسكى ودير العذراء ، حيث تمكن الرهبان فيها من توحيد القديم والجديد ، ودمج الدين بالمجون الجنسى ، وإلباس التصوف بالشهوة.
ولا ينفى الكاتب وجود بعض رجال الدين الذين كانوا يتمتعون بأخلاق عالية، كما لم ينعدم وجودهم أيضا فى الغرب، وكانوا ينادون بفصل الرجال عن النساء فى الأديرة.
وفى عام 1552 أثبت إيفان الرابع (وهو صاحب قانون محاكمة رجال الدين ومراقبة أخلاق القساوسة) أن الرهبان يتصرفون كما لو كانوا خدَّماً لله ، إلا أنهم لا يشوبهم حياء بالمرة ، لدرجة أنهم يُدخلون السيدات إلى داخل الدير ، ويمارسون الرذيلة معهن، ويُسرفون فى ممتلكات الدير أيما إسراف .... وفى النهاية أسلم البعض منهم نفسه للواط ، الأمر الذى يجلب غضب الرب على الشعب ، كما يتسبب فى حروب وجوع
ويؤدى إلى انتشار الطاعون. (ديشنر ص 134)
وقد أخبر أحد السواح الألمان من روسيا: أن العمل الأساسى للقساوسة الأرثوذكس والراهبات أصبح المتاجرة بالخرافات والجرائم والفساد.
ونرى فى الصور الفظيعة التى تنقلها لنا المؤمنة إليزابث احدى قيصرات روسيا أن ما يحدث داخل الأديرة هى أحداث جنسية مأساوية مريعة ودموية لأقصى درجة ، حتى إنهم يمارسون المجون عند أرجل المذابح ، ويقترفون الزنى بأكثر الوسائل إغراءً بينما يمسكون صور القديسين فى أيديهم.
وقد اغتصب أحد رؤساء الأديرة فتاة هناك فى عرض الشارع ، ولم يحدث له أدنى مُساءلة. كما كانت الراهبات يتخذن العشاق ويُنجبون الأطفال الذين يصبحون بدورهم أيضاً رهباناً وراهبات. (ديشنر 134-135)
الإصحاح الثالث بعد المائة
وهذا ليس بعيداً عن الأحداث التى نشرتها جريدة النبأ فى عددها رقم 663 الصادر بتاريخ 17 يونيو 2001 عن (واحد من أكبر قساوسة وأحبار دير المحرق بأسيوط) وهو الراهب المصرى برسوم المحرقى ، وما فعله فى دير المحرق: فقد كان يُسخِّر الجان للإيقاع بالسيدات التى يرفضن رغبته ، وكان يستخدم عظام وجماجم الموتى فى تحضير الجن ، كما خالف تعاليم الكنيسة وكان يقيم مع أسرة بالقاهرة لأداء الطقوس الجنسية مع المراهقات فى مسكنها.
وفى ذلك تقول الجريدة: (ومن النوادر التى مارسها هذا الراهب ، الذى وجد كل هذا الكم من البنات والسيدات طوع يديه من أرقى الأسر إلى أفقرها ، أنه كان يعبث ويتسلى باللعب لهن فى المناطق الحساسة جدا جدا جدا مدعياً أنه يصلى لكل منهن على ".. .. .. .." لكى يزداد بركة .. ويجد الزوج فى ذلك ما يدفعه للمعاشرة الزوجية ، أو تجد الفتاة من يطلب الزواج منها .. إلى هذا الحد استباح هذا القس الديانة المسيحية ، وجعل منها مادة لكل ما يتنافى مع تعاليمها السماوية السامية.)
يقول المحرر: (احتجتُ إلى الكثير من الوقت ، حتى أفيق من هول الصدمة .. نعم .. هول الصدمة .. ليس فقط مما سمعت ولكن مما شاهدت .. حبر كبير .. واحد من كبار القساوسة .. هو بمثابة الرجل الثانى فى دير كبير .. راهب ترك الحياة الدنيا واختار الكنيسة منذ نحو عشرين عاماً .. استحل لنفسه كل مسيحية يمكن أن تقع تحت يده ، يفعل بها فى الحرام كل ما من شأنه إرضاء غرائزه وشهواته الجنسية بالكامل فى وضع عار تماماً ، ليس من غطاء الحياء .. أو غطاء المقدسات التى يُسىء إليها .. ولكن عار تماماً من أى ملبس .. عار تماماً كيوم ولدته أمه .. ولم تقف أسباب صدمتى عند هذا الحد!! بل وصل الأمر بهذا الراهب ـ والرهبنة منه براء ـ إلى حد أن يرتكب الفاحشة بالكامل وهو عار تماماً فى قلب المذبح ، الذى هو واحد من أهم الأماكن المقدسة فى الكنيسة .. هذا المذبح الذى تتجلى فيه روح السيد المسيح ـ عليه السلام ـ .. ليس ذلك فقط ، ولكن يمسح أعضاءه التناسلية بعد أن أرضى شهواته الدنيئة فى ستائر المذبح التى كان يجب عليه أن يقدسها!! ويقبِّلها ، والتى يتبارك كل من يسعده الحظ بدخول المذبح بالتمسح بها ، بل ويُقبِّلها الجميع فى الدير للتبرك بها.)
وليست هذه هى كل جرائم هذا الراهب ، فهو متهم بسرقة 4 كيلوجرام من الذهب من احدى العائلات ، أهدى منها كيلو لرئيس الدير للتستر على انحرافاته ، كما اتهم هذا الراهب رئيس الدير بأنه كان يكشف عن سيقانه ويطلب من الرهبان تدليك أعضائه التناسلية. لماذا؟ رئيس دير شاذ ومرتشى وحرامى وزانى؟!! أين حُمرتك ياخجل؟
وعن الذهب أكد ["جمال أسعد عبد الملاك" النائب القبطي السابق بالبرلمان المصري لشبكة "إسلام أون لاين. نت" أن .. الأنبا برسوم تم التحقيق معه قبل ست سنوات بسبب العثور على ثمانية كيلوجرامات من الذهب بحوزته، كان قد استولى عليها من النساء المترددات عليه، وتم معاقبته بالنقل إلى دير آخر بسوهاج.]
http://www.islamonline.net/Arabic/n...Article43.shtml
و(استخدم مع السيدة العديد من الأساليب فى المراوغة ، وحتى لا تقوم بالإبلاغ عن الذهب المسروق والذى أعطى منه رئيس الدير ـ الذى تربطه به أقوى العلاقات ، والذى أصبح ساعده الأيمن ـ كيلو كاملاً رغم علمه بقصة سرقة هذا الذهب .. .. ومن أساليبه التى استخدمها مع السيدة تهديدها بأنه سيصوِّر لها شريطاً جنسياً أثناء مواقعته لها ، وذلك لإجبارها على عدم الإبلاغ عنه. مما اضطرها لأن ترضخ له خوفاً منها على أسرتها ، خاصة بعد إصابة زوجها بالشلل! .. وقام هذا الراهب بالتجارة فى هذا الذهب وتشغيله فى الأسواق عن طريق شقيقه (جرجس سعد الله) وزوج شقيقته اللذين يمارسان عملهما فى تجارة الذهب بالصاغة.)
(ولم يقف الأمر فى هذه المهزلة الكبرى عند هذا الحد .. ولكنه عاود ـ بالتنسيق مع شقيقه ـ الاتصال بهذه السيدة الضحية مرة أخرى ، وطالبها بمبالغ مالية كبيرة نظير تسليمها الشريط الجنسى الذى قام بتسجيله لها أثناء مواقعته لها فى كل الأوضاع المخزية ، وإن لم تفعل فإنه سيقوم بفضح أمرها!! واستجابت السيدة المسكينة لهذا الابتزاز أكثر من مرة.)
(وحاولت الاستنجاد برجال الدين، حتى أنها أسمعت صوتها للقيادات العليا فى الكنيسة ، فى محاولة منها لحل مشاكلها. ولكنها لم تجد من مستمع أو مجيب .. ولم يسأل فيها أحد .. رغم أن قيادات الكنيسة علمت بأمر هذا الراهب منه شخصياً ، حيث تقدم يطلب التوبة ، وتم نقله بالفعل إلى دير الشهداء بسوهاج والذى هو مُلحق عليه حتى الآن. ولم تجد المسكينة أمام مأساتها التى لم تجد من القيادات الدينية من يسمعها بخصوصها إلا
أن تتقدم إلى الأجهزة الأمنية.)
(عندما تمت مواجهة الراهب بما هو منسوب إليه اعترف بأن هناك خطأ فى إدارة شئون الأديرة ، منها السماح للعوام بدخولها والاحتكاك بالرهبان فيها ، والإقامة لفترات طويلة بداخلها ـ ودلل على ذلك بأنه تمكن من أن يُلبِس السيدة التى واقعها فى المذبح الذى يتعبد فيه ملابس الرهبان ويصطحبها إلى حيث فعل بها ومعها دون أن يلفت ذلك نظر أحد.)
(وقال فى اعترافاته: إن هناك راهباً يُدعى اسطفانوس المحرقى هرب باحدى سيدات شعب الكنيسة بأسيوط بعد أن أغواها بترك زوجها ، وسافر بها إلى خارج البلاد.)
(ادعى الراهب فى اعترافاته على أسقف دير المحرق بأنه سبق له أن اصطحب السيدة المجنى عليها بمفردها إلى فيللا مملوكة له بمدينة القاهرة .. وأن خلافاً نشب بينه وبين "الأنبا أسقف" الدير بخصوص هذه السيدة التى كان كل منها يريدها لنفسه فقط! وألا تكون مشتركة بينهما. كما ادعى عليه بأنه كان ينام على أريكة ويطلب من الرهبان بعد أن يكشف ساقيه (التحسيس) له على عوراته.)
(وتناولت الاعترافات أن أحد الرهبان كان يمارس الشذوذ مع الأطفال وتم طرده من الدير بعد أن افتضحت حقيقة أمره.)
(ويبدو أن احدى السيدات اللاتى واقعهن تركت فى نفسه هوى .. وهو بدوره ترك فى نفسها هوى .. مما دفعها إلى أن تهديه صورتها مكتوبا عليها "إلى حبيبى كوكى" .. ومما دفعه إلى أن يحتفظ بهذه الصورة فى جيبه ، إلى أن تم ضبطها معه بالإضافة إلى العظام والجماجم والدم ، الذى تم إحالته للطب الشرعى .. وأنه يختفظ بصورتها معه ليمارس بالاستمتاع بها العادة السرية التى اعتاد عليها!!)
كما نشرت الجريدة قائلة: (القس "كوكى" يُشبع غرائزه مع الأطفال والمراهقات والزوجات ويستمع بالعادة السرية على صورة محبوبته فى أوقات الفراغ بدير العذراء)
الإصحاح الرابع بعد المائة
وفى صفحة 137 يقول ديشنر: (وبسبب الانتشار الكبير للعهارة التى يمارسها رهبان المسيحية وراهباته وقساوسته ، هدَّدَ مَجمَع ترينت كل من يدخل دير النساء بدون تصريح كتابى من الأسقف بأنه سوف يُطرَد من الكنيسة ويُحرَم منها. حتى الأسقف نفسه لم يُسمَح له بالتواجد فى دير النساء إلا فى حالات
إستثنائية ، وبمصاحبة بعض رجال الدين الأكبر سناً منه.)
وفى صفحة 141 وتحت عنوان (وما الأديرة إلا مواخير للدعارة) يقول ديشنر: (لقد كان يوجد منذ عصر الملك كارل [شارل] الأكبر راهبات (محجبات (كُنَّ يتقاضين أجوراً نظير ممارسة الزنى [أى عاهرات] ، لدرجة أن القيصر حرَّمَ على الراهبات التجوال والزنى ، وأمر بمراقبتهنَّ.)
(وأمر مجمع آخر بعد ذلك بقليل أن أديرة النساء أصبحت أقرب ما تكون لبيوت الدعارة منها لأديرة ، وكان هذا التشبيه شائعاً فى القرن التاسع.)
(وقد فاقت بعض الأديرة بيوت الدعارة فى المجون ، فقد صرَّحَ منسق الشئون الخارجية للكنيسة الكاثوليكية جيرهو فون رايشرسبرج (1093 - 1169) "إن مايظهر فى النهار لكافى ليوصف بالإنحطاط".)
كما ترفَّعَ أحد رجال الدين القريبين من البابا بينيدكت الثالث عشر عن وصف ما يحدث داخل أديرة الراهبات ، إلا أنه قال: "إن حيائى ليمنعنى من وصف الحالة المردية التى وصلت إليها الراهبات."
(وكان ممارسة الجنس بين الأمراء والراهبات شائعاً فى إنجلترا ـ البلد التى كان معظم بنات الطبقة العليا يَنخَرطنَ فى سلك الرهبنة.)
ويواصل رجل الدين المعاصر للبابا بينيدكت الثالث عشر قوله: (كما كان المسافرون يستمتعن بممارسة الجنس مع الراهبات فى أديرة الراهبات الرومانية ومازال يحدث هذا فى أيامنا هذه ، وهو حسن ضيافة ، تعارفت عليه بيوت الدعارة. بل أكثر من ذلك أن بيوت الراهبات قد تحولت منذ زمن بعيد إلى "أوكاراً رسمية لممارسة الرذيلة" وقد استُخدِمَت فى أحيان أخرى كـ "مواخير للدعارة" ظاهرة للعيان.)
ويُشير الأسقف فون تورناى قائلاً: (إن مثل هذه الفضائح لو نُشِرَت فى كتب لوسعتها فقط مكتبة من المكتبات العامة.)
(وتشتكى القديسة السويدية بريجيت (1303 - 1373) أن بوابة دير الراهبات مفتوح ليل نهار لرجال الدين والقساوسة الكاثوليك ، وكان يتم طرد الكثير من المؤمنات من أماكن عديدة إلى إيطاليا ، بسبب تحول ديرهم إلى بيت دعارة. الأمر الذى دعا الأسقف إيفو فون شارترز أن يقول عن دير سانت فارا St. Fara: "لا تقل عنه أماكن للراهبات المؤمنات ، ولكن قل بيت دعارة للشيطانات.)
وتقول القديسة (كاترين السينائية) كما نقله صاحب كتاب (قصة الحضارة ج 21 ص 85): (إنك أينما وليت وجهك ـ سواء نحو القساوسة أو الأساقفة، أو غيرهم من رجال الدين أو الطوائف الدينية المختلفة ، أو الأحبار من الطبقات الدنيا أو العليا ، سواء كانوا صغاراً فى السن أو كباراً ـ لم تر إلا شراً ورذيلة تزكم أنفكَ رائحة الخطايا الآدمية البشعة. إنهم كلهم ضيقوا العقل ، شرهون .. تخلوا عن رعاية الروح .. اتخذوا بطونهم لإلهاً لهم ، يأكلون ويشربون فى الولائم الصاخبة ، حيث يتمرغون فى الأقذار ويقضون حياتهم فى الفسق والفجور.) (موقف الإسلام والكنيسة من العلم ص 103)
ويصف (ماستشيو) الرهبان بأنهم (خدم الشيطان ، مُنغمسون فى الفسق واللواط والشره وبيع الوظائف الدينية ، والخروج عن الدين ، ويقر بأنه وجد رجال الجيش أرقى خُلقاً من رجال الدين.)
ويذكر ديوارنت: أن سجل الأديرة احتوت على عشرين مجلداً من المحاكمات بسبب الإتصال الجنسى بين الرهبان والراهبات.
الأمر الذى دفع لوثر فى إصلاحه الذى قام به وأسفر عن إنقسام الكاثوليكية إلى بروتستانتية وكاثوليكية إلى أن يقول: قد يكون الرجل المتزوج أكثر عفة من الراهب، كما أن فرض التَّبَتُّل على الذين لم يُمنَحوا نعمة العفة ، إنما هو بمثابة الحكم عليهم بجهنم ، أو بتذوق عذاب المطهر.
فلا يحق للبابا [والكلام مازال للوثر] بعد اليوم أن يمنع ذكراً أو أنثى من التزاوج ، إلا إذا كان يحق له منع الطعام والشراب. بل إن الزواج بامرأتين قد يُسمَح به أيضاً ، كعلاج لاقتراف الإثم ، أى كبديل عن الاتصال الجنسى غير المشروع)
R. Bainton: Sex, Love and Marriage, pp. 83-85
(نقلاً عن تعدد نساء الأنبياء ص 158)
الإصحاح الخامس بعد المائة
الرحمة والمحبة دفعت الرهبان والراهبات للزنا وقتل أطفالهم:
يقول ديشنر صفحة 139 : (كان يعيش فى المنازل التى تبرع بها جيلبرت فون سيمبرلنجهام عام 1148 عدد 700 من الرهبان وعدد 1100 من الراهبات ، وقد تم الفصل بينهم بجدار به شبابيك متحركة ، بلغ طول الشباك أصبع اليد وبلغ عرضه الإبهام ، وذلك حتى لا يتمكن الفرد منهم أن يرى الآخر ، عند تخاطبهم سوياً ، ومع ذلك قاموا أيضاً بحراسة المكان من الداخل بإثنين من الراهبات ، ومن الخارج بأحد الرهبان ، وتم الفصل بينهم وقت إلقاء المواعظ وأثناء الطواف بالصليب بمفارش تم تعليقها للحيلولة بينهم ، كما لم يُسمَح للراهبات بالغناء فى الكنيسة حتى يتجنبوا الخطر المحتمل من هذا الجانب ، وعلى الرغم من كل هذا أصبحت تقريباً كل القديسات العذراوات من السيدات منتفخات البطن فى انتظار ولادة أطفال سفاح ، وبعد ذلك تخلصن من أجنتهم .. .. وبهذا اتضح وقت الإصلاح الكنسى سبب وجود عظام أطفال صغيرة مدفونة فى أديرتهم وأحيانا فى تلك الأماكن اللآتى اعتدن فيها قضاء حوائجهم.)
-
الإصحاح السادس بعد المائة
نظرة الإسلام للحياة الزوجية والتبتل:
لم تعد المرأة فى ظل الإسلام كما كانت عند الآخرين دنساً يجب التنزه عنه ، ولكن تسامى الإسلام بالمرأة إلى علياء السمو ، وجعل الزواج من نعمه سبحانه على عباده. فقد مدح الله فى كتابه الرسل السابقين لأنهم تزوجوا ، فقال: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) الرعد 38
ومدح عز وجل أولياءه بأنهم يسألونه ذلك فى دعائهم ، فقال سبحانه: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * قُلْ مَا يَعْبَؤُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) الفرقان 74-77
كما نهى عن الرهبانية والتبتل: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) الحديد 27
وقال رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام: (تزوجوا فإنى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ، ولا تكونوا كرهبانية النصارى). أخرجه البيهقى
ولقد أنصف بمنعه الرهبانية المرأة والرجل وحقَّقَ الفطرة الإنسانية باعتباره دين الواقعية ودين الفطرة.
واعتبر الزواج من أُسس الحياة الهنيئة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 21
ولم ير عيباً فى الزواج ، وجماع الرجل لزوجته ، بل علم المسلمين الطريقة المثلى للجماع ، فلا يقع الرجل على زوجته مثل الحيوانات ، ويستمتع هو دونها ، فأمر الرجل المسلم أن يُقدِّم لنفسه ويُهيِّىء زوجته ونفسه لهذا ، بل وأثاب عليه: (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) البقرة 223
فببزوغ فجر الإسلام تبددت الأوهام التى كانت تعد الرابطة الزوجية دناءة بهيمية ، ولم يقف الإسلام على ذلك ، بل تسامى بتلك الرابطة فوق طابع الشهوة إلى ممارسة سامية عالية ، فقد أرشد النبى صلى الله عليه وسلم الزوجين إلى استصحاب التسمية ، وحضَّ على ذلك لما فيها من الخير الكثير: عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتى أهله قال: "بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا" ، فإنه إن يقدر بينهما ولد فى ذلك اليوم ، لم يضره الشيطان أبداً). متفق عليه
وعن أبى سعيد رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ، ونظرت إليه ، نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة ، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما"). صحَّحه السيوطى
وجعل الله على المرأة واجبات كما أعطاها حقوقاً ، وفرض على الرجل واجبات ، مثل ما فرض عليه من حقوق ، لو أخذ كل منهما واجباته ، وقام بها ، وأعطى الآخر حقوقه ، لاستقام أمر الحياة الزوجية والمجتمع.
لقد حثَّ الله سبحانه وتعالى على التعاون على البر والتقوى ، حثَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك أيضاً بالبحث عن الزوجة الصالحة ، واعتبرها نصف الدين: (من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه ، فليتق الله فى الشطر الثانى) رواه الحاكم وصححه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (أربع من السعادة: المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ، والجار الصالح ، والمركب الهنىء ، وأربع من الشقاء: الجار السوء ، والمرأة السوء ، والمركب السوء ، والمسكن الضيق).
فاعتبر الإسلام الزوجة الصالحة ربع سعادة الإنسان أو ربع شقائه.
الإصحاح السابع بعد المائة
دناسة الحياة الزوجية والدعوة للتبتل:
يقول ديشنر صفحة 158: (إن سبب انتشار العزوبة والتبتل فى المسيحية العقيدة التى شاعت فى العالم القديم والتى تُنادى بأن العلاقات الجنسية والعبادة لا يجتمعان ؛ وأن دناسة الحياة الزوجية وقداسة الأعمال الدينية لا يمكن اتحادهما بحال من الأحوال. وهكذا تمَّ تبرير هذه الأفكار المستوحاة من الوثنية عن طريق العهد القديم ، الذى حرَّمَ كل ما ينتمى للجنس ، وهذا وهم طقسى لا يعرف عنه العهد الجديد شيئاً. ومع ذلك كانت تُطالب الكنيسة فى الشرق ـ التى كانت تُقيم قداساً أيام الأحد والأربعاء والجمعة ـ قساوستها بالزهد [فى جماع زوجاتهم] ، أما فى الغرب فقد تجنب القساوسة زوجاتهم أيام إقامة القداس فى بادىء الأمر فى روما ، والذى كان يُقام كل يوم ، ثم وصل الأمر إلى الإمتناع عن إتيان زوجاتهم كليةً. وكانوا يفعلون ذلك حتى تصبح صورتهم عند الشعب كالمؤمنين الأطهار ، مثل معبود يُشبه صورة الأب أو القائد.)
يقول الدكتور على عبد الواحد وافى: (ففى القرن الثانى قبل الميلاد ظهر عند اليهود اتجاهات (للعزوبة والتبتل) يحمل لواءها جماعة الإسنيين. فقد كان أهم مبادىء هذه الفرقة ، حسب ما يحدثنا به المؤرخ الشهير يوسفوس "الرغبة عن جميع متع الجسم ، والنظر إليها على أنها شرور ، واعتبار التبتل والبعد عن النساء من أمهات الفضائل ، ومن ثمَّ حرموا على أنفسهم الزواج.)
(ولم يكن لهذه المبادىء الإسنية أثر كبير فى الديانة اليهودية نفسها ، ولم تُطبَّق إلا فى نطاق جماعة الإسنيين وحدهم وفى مواطن منعزلة عن الناس ، فإنها تركت آثاراً ذات بال فى الديانة المسيحية التى جاءت بعد ذلك.) (المرجع السابق 36)
فقد ساد فى المسيحية الاعتقاد بأن العزوبة أمثل من الزواج ، وأن الحصور أدنى إلى الله ممن يقرب النساء. وفى هذا يقول بولس:
(38إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ.) كورنثوس الأولى 7: 38
(1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. 2وَلَكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا) كورنثوس الأولى 7: 1-2
(8وَلَكِنْ أَقُولُ لِغَيْرِ الْمُتَزَوِّجِينَ وَلِلأَرَامِلِ إِنَّهُ حَسَنٌ لَهُمْ إِذَا لَبِثُوا كَمَا أَنَا. 9وَلَكِنْ إِنْ لَمْ يَضْبِطُوا أَنْفُسَهُمْ فَلْيَتَزَوَّجُوا لأَنَّ التَّزَوُّجَ أَصْلَحُ مِنَ التَّحَرُّقِ.) كورنثوس الأولى 7: 8-9
ويُعلِّق القديس ترتوليان على هذه الفقرة الأخيرة (كورنثوس الأولى 7: 8-9) فيقول: إن الأفضل من حالتين لا يلزم أن يكون خيراً فى ذاته ، فلإن يفقد الإنسان عيناً واحدة أفضل من أن يفقد كلتا عينيه. ولكن فقد عين واحدة ليس من الخير فى شىء. فكذلك الزواج: فهو لمن يقو على العفة أفضل من أن يُحرَق بنار جهنم. ولكن الخير أن يتقى الإنسان الأمرين معاً: فلا يتزوج ؛ ولا يُعرِّض نفسه لعذاب النار. وإن قصارى ما يحققه الزواج أنه يعصم الفرد من الخطيئة ، على حين أن التبتل يروض المرء على أعمال القديسين ويذلل له السبيل إلى منزلة الإشراق ، ويُتيح له أن يأتى بالمعجزات. فجسم المسيح نفسه قد جاء من بتول عذراء.)
(والقديس يوحنا المعمدان والرسول بطرس وجميع إخوانه الحواريين ، الذين سجلت أسماؤهم فى سفر الخلود آثروا التبتل وحثُّوا الناس عليه.)
(وقد استطاعت مريم البتول أخت موسى أن تعبر البحر هى وجميع من كن يسرن خلفها من النساء فانشق لهن فيه طريق يبس وانتهين إلى الساخل الآخر سالمات.)
(والقديسة البتول تكلا قد ألقى بها الكفار إلى الأسد الجائع فوجمت الأسود أمامها ورقدت تحت قدميها دون أن تمسسها بسوء.)
(قد فتح السيد المسيح للخصيان أبواب السماء لأن حالتهم قد باعدت بينهم وبين الإقتراب من النساء .. .. ولو أن آدم لم يعص ريه لعاش طاهراً حصوراً ولتكاثر النوع الإنسانى بطرق أخرى غير هذه الطرق البهيمية ، ولعمرت الجنة بفصيلة من الطاهرين الخالدين.)
(إلا أن توماس الإكوينى يرى أنه منذ بدء الخليقة قد جعل الله بقاء النوع وانتشاره متوقفين على الاتصال الجنسى ، الذى لم يكن فى بدء الخليقة منطوياً على اللذة الجنسية التى امتزجت به بعد أن هبط آدم من الجنة.)
يؤكد هذا كلام القديس جيروم الذى قال: (لنضرب بالبلطة شجرة الزواج الجافة فإن الله إنما سمح بالزواج فى بداية العالم ، ولكن المسيح ومريم لم يتزوجا وبقيت مريم عذراء.) (حقوق المرأة ص 159)
(وينظر كثير من فقهاء الكنيسة المسيحية إلى هذه الحقائق على أنها من الأمور المسلمة فى الدين بالضرورة ، أى التى لا يجوز إنكارها ولا الشك فيها ، حتى إن مجمع مديولاننس المسيحى قد حكم فى أواخر القرن الرابع الميلادى على الراهب جوفينيان بالطرد من الكنيسة لأنه عارض المبدأ المسيحى الذى يقرر أن التبتل خير من الزواج.)
(وينظر هؤلاء الفقهاء كذلك إلى الزواج على أنه مجرد ضرورة لبقاء النوع الإنسانى ولصيانة الفرد من الفاحشة. ومن ثم لا ينبغى فى نظرهم للمسيحى المتزوج أن يُطلِق لنفسه العنان فى إشباع شهواته ، بل أن يفيد من ذلك بقصد واعتدال وفى الحدود التى تحقق الذرية والنسل ظر الحصاد بدون أن يلقى فى الأرض بذوراً أخرى.)
(وقد ذهبت فرقة المارسينيين (وهى فرقة مسيحية اعتنقت مذهب مرسيون) إلى ما هو أبعد من ذلك ، فحرمت الزواج تحريماً باتاً على جميع أفراد نحلتها ، كما فعلت فرقة الإسنيين من اليهود ، وأوجبت على كل متزوج يرغب فى اعتناق مذهبها من الذكور والإناث أن يفترق عن زوجه ، وبدون ذلك لا يمكن قبوله ولا تعميده.) (نقلاً عن قصة الزواج والعزوبة فى العالم ص 35-39)
هذا على الرغم من تعاليم عيسى عليه السلام المشدَّدة بتجنب الزنا ، ومن البديهى أنه لا يمكن للإنسان أن يحصن نفسه إلا بالزواج ، ولا يمكن أن يتجنب الزنا إلا بالزواج ، وقد رأينا ذلك فى تصرفات كبار رجال الدين من الرهبان والقساوسة والأساقفة ، بل والباباوات أنفسهم. وكذلك منع الطلاق (على حد قول متى) ، ومعنى ذلك أنه أمر باستمرار الحياة الزوجية ، وأن يحتفظ الإنسان بإمرأته ويحاول إسعادها هى وأولادهم والعيش معهم فى سعادة ، وإلا لما استمرت الحياة الزوجية: (27«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. 28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 31«وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَقٍ 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.) متى 5: 27-32
كذلك أمر أن تحتشم المرأة فى لباسها لئلا يؤدى ذلك إلى كوارث قلع العين وقطع اليد وتدمير الحياة الإقتصادية فى البلد.
الإصحاح الثامن بعد المائة
عيسى عليه السلام والعزوبة:
يقول ديشنر فى كتابه ص 61 تحت عنوان (لم يتكلم عيسى عن العزوبية): هناك نص غريب فى الكتاب المقدس يقول: (12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) [متى 19: 12] ولا يوجد هذا النص الغريب الذى دفع النصارى إلى إخصاء أنفسهم إلا عند متى ، ولا يعرف عنه باقى متبة الأناجيل شيئاً. وربما وضعها متى من عند نفسه وأضافها إلى كتابه ، ولم يكن النص معروفاً كذلك فى عصر بولس ، وإلا لكان تجاهل بولس قذف النساء والزواج ، كما فعل فى رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس الفصل السابع ، حيث أكد أن الرب لم يذكر شيئاً عن العذارى. [25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: (كورنثوس الأولى 7: 25-26)]
ويقول ديشنر فى كتابه ص 62: (ومن العجيب أن عيسى [عليه السلام] لم يتكلم عن العُذَّاب أو غير المتزوجين ، ولم يتكلم إلا عن المختونين ، أى المُأهلين للزواج وليسوا أخصَّاء.) كما كان أخوة يسوع الذين انضموا فيما بعد للجماعة متزوجين ، وكذلك كان تلاميذه الأكبر سناً. بل إن بعضهم اصطحب زوجته معه فى الرحلات التبشيرية ، وكان بطرس أحدهم ، وبذلك يكون يسوع قد محى كل ما هو من شأنه الإساءة للمرأة أو للزواج.)
بل إن كل زوبعة تُثار حول الزواج فهى من المخالفات الغريبة على دين يسوع ، والتى أدخلها بولس وحده إلى المسيحية ، والتى كانت بدورها سبباً فى تلويث سمعة النصرانية وتاريخها على مر العصور. ويتضح هذا من تعاليم عيسى عليه السلام التى تنادى بـن الزواج يجعل الرجل وزوجته جسداً واحداً. (مستنداً إلى ديشنر ص 62)
الإصحاح التاسع بعد المائة
لماذا لم يتزوج عيسى؟:
كان عيسى عليه السلام أول مولود من أمه ، فهو إذن أول فاتح رحم (أول بكر) ، وأول بكر يكون منذوراً لله: (22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ 23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ.) لوقا 2: 22-23
والمنفرز لعبادة الرب: (1وَأَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى: 2«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِذَا انْفَرَزَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ لِيَنْذُرَ نَذْرَ النَّذِيرِ لِيَنْتَذِرَ لِلرَّبِّ 3فَعَنِ الخَمْرِ وَالمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ وَلا يَشْرَبْ خَل الخَمْرِ وَلا خَل المُسْكِرِ وَلا يَشْرَبْ مِنْ نَقِيعِ العِنَبِ وَلا يَأْكُل عِنَباً رَطْباً وَلا يَابِساً. 4كُل أَيَّامِ نَذْرِهِ لا يَأْكُل مِنْ كُلِّ مَا يُعْمَلُ مِنْ جَفْنَةِ الخَمْرِ مِنَ العَجَمِ حَتَّى القِشْرِ. 5كُل أَيَّامِ نَذْرِ افْتِرَازِهِ لا يَمُرُّ مُوسَى عَلى رَأْسِهِ. إِلى كَمَالِ الأَيَّامِ التِي انْتَذَرَ فِيهَا لِلرَّبِّ يَكُونُ مُقَدَّساً وَيُرَبِّي خُصَل شَعْرِ رَأْسِهِ. 6كُل أَيَّامِ انْتِذَارِهِ لِلرَّبِّ لا يَأْتِي إِلى جَسَدِ مَيِّتٍ. 7أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَأَخُوهُ وَأُخْتُهُ لا يَتَنَجَّسْ مِنْ أَجْلِهِمْ عِنْدَ مَوْتِهِمْ لأَنَّ انْتِذَارَ إِلهِهِ عَلى رَأْسِهِ. 8إِنَّهُ كُل أَيَّامِ انْتِذَارِهِ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ.) عدد 6: 1-8
الإصحاح العاشر بعد المائة
لماذا لم تتزوج مريم؟:
وكيف تقبل امرأة تتزوج بالإله العظيم مالك الملك ، قاصم الجبابرة، أرحم الراحمين، المعطى المانع، المعز المذل، الرافع الخافض، ثم تتركه لتتزوج غيره من البشر؟ فهل غدر بها الإله وتركها؟ أم طلقها ولم يعلن ذلك خوفا على سمعته؟ أم كان البشر أجدر وأظرف من الإله فتركت الإله من أجله؟ وهل خطبت لاثنين أم هذا خطأ من متى أو من لوقا؟ أم أخطأ الكاتبان ولم تتزوج لأنها أول فاتحة رحم؟ فمن المعروف أن أول مولود من أمه (= أول فاتح رحم) فيكون عمره كله منذور لله (1وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: 2«قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي».) خروج 13: 1-2 ، وكذلك لوقا 2: 22-23 ،
فمعنى ذلك أنه ليس من حقها أن تتزوج. فلماذا خُطِبَت؟ ولو كانت مخطوبة ، لاعتبرت بشارة الملاك لها بشارة سعيدة يُنبئها فيها بإتمام زواجها من يوسف ، ولفهمت أن الإنجاب سيكون منه.
وقد ورد في كتاب »بروت إفانجليوم« [أى إنجيل الخبز] ليعقوب الصغير (أصحاحات 3-5) »فرفعت حنة عينيها إلى السماء فرأت عش عصافير في شجرة غار، فتنهدت قائلة: »يا أحاح يا أحاح، من ولدني أح أح.. ومن أُشبِه؟ فلستُ مثل طيور السماء لأن طيور السماء أيضاً هي ذات ثمار أمامك يا رب« .. وإذا بملاك الرب وقف بجانبها قائلاً لها: يا حنة، إن الرب استجاب طلباتك فستحبلين وتلدين ويُذاع صيت نسلك في جميع أنحاء العالم. فقالت حنة: حيٌّ هو الرب إلهي، إذا ولدت ذكراً كان أو أنثى نذرته للرب إلهي وسيخدمه طول أيام حياته .. وتمت أشهرها وولدت حنة في الشهر التاسع.. وأرضعت الطفلة وسمَّتها مريم«.
وفي (الإصحاحات 7 و 11): أن مجلس الكهنة قالوا ليوسف: (.. .. .. .. صار لك حق بواسطة القرعة أن تتخذ عذراء الرب ، فخُذها وديعة عندك.) أى لم يعطوها له زوجة ولم يتزوجها ، بل كانت وديعة عنده.
يؤكد كلامى هذا القديس جيروم الذى قال: (لنضرب بالبلطة شجرة الزواج الجافة فإن الله إنما سمح بالزواج فى بداية العالم ، ولكن المسيح ومريم لم يتزوجا وبقيت مريم عذراء.) (حقوق المرأة ص 159)
الإصحاح الحادى عشر بعد المائة
تعدد الزوجات والخجل من العزوبة:
يقول عالم اللغات القديمة دى بغلى فى كتابه (الأحكام العبرية) نقلا عن (تعدد نساء الأنبياء) اللواء أحمد عبد لوهاب: (أما فى البلاد المتمدنة [الأوروبية] ، المحرم فيها تعدد الزوجات ، فإن الأسباب الداعية إلى تعدد الزوجات موجودة ، ولكن طرق الحصول على قضاء الشهوة عند الضرورة الداعية إليها تختلف عن طرق البلاد غير المتمدنة [بقية العالم] فى الاسم والصفة. فيتخذ بعض الرجال الأخدان سراً وعلانية إذ يقضون شهوتهم مع المومسات والعاهرات. وهما طريقتان مفضلتان عن تعدد الزوجات عند الناس ، إلا أن فيهما الضرر على النساء والأولاد ، فلا يُستحسنان من هذه الوجهة.
إن تعدد الزوجات مباح فى أغلب بلاد المعمورة ما عدا أوروبا، ولكن لا تظن أن تحريمه فى أوروبا قديم جداً، فقد كان مباحاً حتى عهد النصرانية، وأعظم دليل عليه، زواج الملك شارلمان بأكثر من واحدة، وما كان يفعله القسس مدة انتشار تعدد الزوجات فى أوروبا، أنهم كانوا يأمرون الناس المتزوجين بأكثر من واحدة، أن يختاروا لهم من بينهم واحدة يُطلق عليها اسم زوجة، وعلى غيرهن اسم خدن.
ونحن وإن كنا نسلم بأن أحسن زواج يُشرَّع هو الزواج بامرأة واحدة ، وأن أحسن نظام عائلى لا يتأتى إلا إذا اقتصر الزوج على زوجة واحدة ، ولكنا لا نرى فى تعدد الزوجات ما رآه فيه غيرنا من الفظاعة والمغايرة للطبيعة ، وما يصفه بعض بسطاء العقول ، بل نحن على خلافهم نجد فيه كثيراً من الفوائد الحسية والمعنوية ، ونراه أقرب إلى الطبيعة البشرية خصوصاً طبيعة الرجال.
وأقل ما فى تعدد الزوجات من الفوائد الحسيَّة تحسين النسل. وأما كون النسل يتحسَّن بهذه الواسطة فظاهر مشاهد فى الحيوانات جميعاً ، لأن الناس يختارون القوى من الذكور للتلقيح ، ولا يختارون الضعيف ردىء البذرة.
إن الاقتصار على زوجة واحدة لم يأت بالغرض المقصود منه حيث لم يمح أنواع الزيجات الأخرى. وغاية ما فى الأمر أن الناس ينظرون إلى تلك الأنواع بعين غير العين التى ينظرون بها إلى الزواج، وأن النساء المتخذات أخدان بهذه النوعية صرن مغبونات بشريعة النكاح ، لأن مضار التسرى واتخاذ الخدن غير المشروع عائده عليهن وحدهن ، كما أن عقاب الزنا والسفاح لا يصيب فى الغالب غير النساء.
لقد قلنا إن أحسن شكل، وأكمل نظام للزواج هو اقتصار الرجل على نكاح امرأة واحدة، إلا أن الجارى فى العالم يخالف هذه السنة الشريفة ، فلا تجد بلداً يخلو من زيجات مغايرة لأحكام هذا الزواج ، حتى المحرم فيها تعدد الزوجات تحريماً قطعياً (مثل المجتمعات المسيحية) ، وذلك لأسباب جمَّة تضطر الرجل أو المرأة إلى مخالفة شرع الزواج وحدوده ، منها: ميل الذكر بفطرته إلى تعدد الزوجات ، ومنها موانعبدنية تطرأ على المرأة فتحرم الرجل من الاجتماع بها ، وتمنعه عنها مددا بعضها قصيرة ، وبعضها طويلة كالحيض والنفاس واشتغالها بالرضاع. ومنها غياب الرجال فى الخدمة العسكرية واضطرارهم إلى ترك نسائهم أثناءها لصعوبة الجمع بين معيشة الزوجية والخدمة العسكرية.
ولقد نسخ هذا التسرى الرومان بحكم النصرانية ، ولكن الأوربيين لا يزالون يتخذون الأخدان ولم يتبعوا شرعهم الدينى فى تحريم تعدد الزوجات .. ولا يعاقبون على التسرى واتخاذ الأخدان ، ويغضون الطرف عنه ولو أنه غير جائز شرعاً.)
وبمنع تعدد الزوجات عند النصارى وانتشار الزنا فى الدول الأوروبية ، ويكون كل من اقترف هذه الرذيلة من المحصنين والمحصنات يستحق القتل رجماً: (10وَإِذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ فَإِذَا زَنَى مَعَ امْرَأَةِ قَرِيبِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ.) لاويين 20: 10 وتثنية 22: 24
(23«إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُلٍ فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي المَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا 24فَأَخْرِجُوهُمَا كِليْهِمَا إِلى بَابِ تِلكَ المَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لمْ تَصْرُخْ فِي المَدِينَةِ وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَل امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.) تثنية 22: 23-24
جاء فى كتاب (الأحكام العبرية) الكتاب السابع فصل النكاح ـ المادة 393 (كما يقول اللواء أحمد عبد الوهاب صفحة 116 من كتابه (تعدد نساء الأنبياء ومكانة المرأة):
(النكاح بنية التناسل ودوام حفظ النوع الإنسانى فرض على كل يهودى ، ومن تأخر عن أداء هذا الفرض وعاش عزبا بدون زواج كان سببا فى غضب الله على بنى إسرائيل.)
ويقول نيوفيلد صاحب كتاب "قوانين الزواج عند العبرانيين الأقدمين": (إن التلمود والتوراة معا قد أباحا تعدد الزوجات على إطلاقه ، وإن كان بعض الربانيين ينصحون بالقصد فى عدد الزوجات. وأن قوانين البابليين وجيرانهم من الأمم التى اختلط بها بنو إسرائيل كانوا جميعاً على مثل هذه الشريعة فى اتخاذ الزوجات والإماء.) (فى محكمة التاريخ ص 98)
إن التناسل لا يتم إلا بالزواج ، وليس بالخصى واعتزال النساء (كما صرَّحَ متى فى (12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 12
كذلك التكاثر لا يتم إلا بالحض على الزواج ، وإباحة تعدد الزوجات ، وليس بتجنب الزوجات والترغيب فى العزوبة ، كما فعل بولس:
(1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. 2وَلَكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا.)كورنثوس الأولى 7: 1-2
(38إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40
(25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 25-28
ولا بالحجر على النساء المطلقات ومنعهن من الزواج: (11فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي عَلَيْهَا. 12وَإِنْ طَلَّقَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ تَزْنِي».) مرقس 10: 11-12
والتناسل والتكاثر كانا منذ البدء مشيئة الله وأمره للناس جميعاً: (27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. 28وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ».) تكوين 1: 27-28
ويقول ديشنر صفحة 52-53: (لقد سمح الكتاب المقدس بتعدد الزوجات ، والمعاشرة الجنسية للإماء [العبدات] وسبايا الحرب والعاهرات وغير المتزوجات اللاتى خرجن من كنف آبائهن ، بل أكثر من ذلك ، فقد كان يمكن للأب أن يعطى بناته عند وصول سن البلوغ إماء للزوم الفراش ، وأى علاقة جنسية خارج هذا الإطار للسيدة المتزوجة كانت تُقابَل بعقوبة الموت.)
(19وَاتَّخَذَ لاَمَكُ لِنَفْسِهِ امْرَأَتَيْنِ: اسْمُ الْوَاحِدَةِ عَادَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى صِلَّةُ)تكوين4: 19
(3فَأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ أَبْرَامَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ.) تكوين 16: 3
(1وَعَادَ إِبْرَاهِيمُ فَأَخَذَ زَوْجَةً اسْمُهَا قَطُورَةُ) تكوين 25: 1
(ويذكر الطبرى اسم زوجة أخرى له وهى حجور بنت ارهير ، فولدت له خمسة بنين: كيسان ، وشورخ ، وأميم ، ولوطان ، ونافس) الجزء الأول ص 311 (نقلا عن تعدد نساء الأنبياء ص 11)
تزوج يعقوب من أربعة على الأقل: ليئة وراحيل وبلهة وزُلفة:
(23وَكَانَ فِي الْمَسَاءِ أَنَّهُ أَخَذَ لَيْئَةَ ابْنَتَهُ وَأَتَى بِهَا إِلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا.) تكوين 29: 23
(28فَفَعَلَ يَعْقُوبُ هَكَذَا. فَأَكْمَلَ أُسْبُوعَ هَذِهِ فَأَعْطَاهُ رَاحِيلَ ابْنَتَهُ زَوْجَةً لَهُ)تكوين29: 28
(4فَأَعْطَتْهُ بَلْهَةَ جَارِيَتَهَا زَوْجَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ) تكوين 30: 4
(9وَلَمَّا رَأَتْ لَيْئَةُ أَنَّهَا تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلاَدَةِ أَخَذَتْ زِلْفَةَ جَارِيَتَهَا وَأَعْطَتْهَا لِيَعْقُوبَ زَوْجَةً)
(21وَلا تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ وَلا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ وَلا حَقْلهُ وَلا عَبْدَهُ وَلا أَمَتَهُ وَلا ثَوْرَهُ وَلا حِمَارَهُ وَلا كُل مَا لِقَرِيبِكَ.) تثنية 5: 21
وقد لا يوجد نبى من الأنبياء إلا وقد عدد الزوجات:
لقد تزوج موسى من اثنتين:
ابنة يثرون (1وَأَمَّا مُوسَى فَكَانَ يَرْعَى غَنَمَ يَثْرُونَ حَمِيهِ كَاهِنِ مِدْيَانَ) خروج 3: 1
وامرأة كوشية: (1وَتَكَلمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلى مُوسَى بِسَبَبِ المَرْأَةِ الكُوشِيَّةِ التِي اتَّخَذَهَا (لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً) عدد 12: 1
ويقول سفر القضاة: إنه كان لجدعون 70 ولداً: (30وَكَانَ لِجِدْعُونَ سَبْعُونَ وَلَداً خَارِجُونَ مِنْ صُلْبِهِ, لأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ. 31وَسُرِّيَّتُهُ الَّتِي فِي شَكِيمَ وَلَدَتْ لَهُ هِيَ أَيْضاً ابْناً فَسَمَّاهُ أَبِيمَالِكَ.) قضاة 8: 30-31
وفى استقراء لعدد نساء جدعون بمعلومية أولاده يقول اللواء أحمد عبد الوهاب:
أنجب ابراهيم 13 ولداً من 4 نساء ، هن هاجر ، وسارة ، وقطورة ، وحجور
فيكون المتوسط 3 أولاد لكل امرأة.
كذلك أنجب يعقوب 12 ولدا من 4 نساء
فيكون المتوسط 3 أولاد لكل امرأة.
وبما أن جدعون أنجب 70 ولداً ، فيكون عدد نسائه إذاً لا يقل 23 امرأة ، الأمر الذى يتفق مع قول الكتاب (لأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ)
(13وَقَضَى بَعْدَهُ لإِسْرَائِيلَ عَبْدُونُ بْنُ هِلِّيلَ الْفَرْعَتُونِيُّ. 14وَكَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ ابْناً)
قضاة 12: 13-14
وبنفس عملية الإستقراء يكون عبدون قد تزوج 13 زوجة غير السرارى
ونساء داود هن: ميكال ابنة شاول ، وأبيجايل امرأة نابال الكرملى ، وأخينوعم اليزرعيلية ، ومعكة بنت تلماى ملك جشور ، وحجيث ، وأبيطال ، وعجلة ، وبثشبع
امرأة أوريا الحثى ، وأبيشج الشونمية.
وكان لداود زوجات أخريات من أورشليم ، سكتت الأسفار عن ذكرهن ، وقدر عددهن بنحو 20 زوجة. ويمكننا استقراء عددهم كالآتى:
ملك داود فى حبرون على سبط يهوذا حوالى 7 سنين ، كانت معه 6 زوجات ، أى بمعدل زوجة جديدة كل سنة.
ولما انتقل داود إلى أورشليم ملكاً على كل إسرائيل ، كان عمره نحو 37 سنة. ومكث فى أورشليم حوالى 33 سنة.
ويمكننا تقسيم مدة حياته فى أورشليم إلى ثلاث فترات ، تبلغ كل منها احدى عشر سنة، ويكون المعدل المقبول هو زوجة جديدة كل سنة للفترة الأولى ، وزوجة جديدة كل سنتين للفترة الثانية ، وزوجة جديدة للفترة الثالثة:
11 + 5 + 4 = 20 زوجة
وبذلك يكون عدد زوجات داود الجدد اللائى أخذهن فى أورشليم هو 20 زوجة على الأقل ، غير زوجاته التسع الأخريات وبذلك يكون عنده 29 زوجة غير السرارى الذين قدرهم اللواء مهندس أحمد عبد الوهاب ب 40 زوجة، وبذلك كان عند داود 69 زوجة.
فقد تزوج رحبعام من 18 امرأة و 60 من السرارى ، كما تزوج سليمان من 700 امرأة و 300 من السرارى: (21وَأَحَبَّ رَحُبْعَامُ مَعْكَةَ بِنْتَ أَبْشَالُومَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ وَسَرَارِيهِ لأَنَّهُ اتَّخَذَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ امْرَأَةً وَسِتِّينَ سُرِّيَّةً وَوَلَدَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ابْناً وَسِتِّينَ ابْنَةً.) أخبار الأيام الثانى 11: 21
(فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهَؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ. فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ.) ملوك الأول 11: 3
من الجدير بالذكر إذاً أن تعدد الزوجات أباحته كل الأديان ولم تفرضه ، وكانتا الكنيسة والدولة تقرَّان تعدد الزوجات إلى منتصف القرن 17. وكانت علة الإكتفاء بواحدة مهانة للمرأة ، إذ عللوا ذلك بالإكتفاء بشر واحد. لذلك كانت الرهبنة عندهم وعدم الزواج من الأمرو السامية التى يتخلصون فيها من الشر الذى هو الأنثى. أترون الآن أن تعدد الزوجات رفعة لشأن المرأة. فلو كان الرجل يحتقرها لاكتفى بواحدة أو زهد فيهنَّ.
أضف إلى ذلك أقوال التوراة الصريحة بتعدد الزوجات:
(10إِنِ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ أُخْرَى لاَ يُنَقِّصُ طَعَامَهَا وَكِسْوَتَهَا وَمُعَاشَرَتَهَا.) خروج 21: 10
(15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تكوين 26: 34
(13وَأَخَذَ دَاوُدُ أَيْضاً سَرَارِيَ وَنِسَاءً مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ حَبْرُونَ، فَوُلِدَ أَيْضاً لِدَاوُدَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ.) صموئيل الثانى 5: 13
(7فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ! هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا مَسَحْتُكَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَنْقَذْتُكَ مِنْ يَدِ شَاوُلَ 8وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ سَيِّدِكَ وَنِسَاءَ سَيِّدِكَ فِي حِضْنِكَ،) صموئيل الثانى 12: 7-8
اسم النبى عدد أولاده عدد زوجاته الشاهد
ابراهيم 2 + 6 + 5 4 + 3 السرارى
سارة وهاجر
قطورة وحجور تكوين 20: 12
تكوين 16: 4
يعقوب 6 + 2 +
2 + 2 = 12 4 + السرارى
ليئة وراحيل
وبلهة وزُلفة تكوين 29: 23 ، تكوين29: 28 ، تكوين 30: 4 ، تثنية 5: 21
موسى 2 + السرارى
صفورة والكوشية خروج 3: 1، عدد 12: 1
جدعون 70 ولداً 23 قضاة 8: 30-31
عبدون 40 ولداً 13 + السرارى قضاة 12: 13-14
ابصان 30 + 30 ابنة 20 + السرارى قضاة 12: 9
يائير الجلعادى 30 ولدا قضاة 10: 3-4
داود 9 + 20 + 40=69
سليمان 700 + 300 ملوك الأول 11: 3
رحبعام 28 + 60 18 + 60 أخبار الأيام الثانى 11: 21
محمد 9 + 3 زوجة
وكانت الزوجة الأولى أسعد الزوجات حظاً ، فقد كانت تُستثنى من الأعمال المرهقة ، ويحميها القانون ، أما الزوجات الأخريات اللاتى يتزوجن الرجل الرومانى المسيحى بعد زوجته الأولى فقد كُنَّ يُعاملن معاملة العبيد ، ويعشن تحت رحمة أزواجهن ، وأهوائهم وميولهم وخواطرهم ، فلهم الحق فى بيعهن ، والتنازل عنهن لغيرهم ، وتأجيرهن لمن يرغب فى استئجارهن. وكان أطفال الزوجات غير الزوجة الأولى يوصفون بأقبح الصفات ، ويعاملون معاملة أبناء الزنى أو اللقطاء ، ويُحرَمون أن يرثوا آباءهم أو يأخذوا أى نصيب من تركة آبائهم وثروتهم ، ويعاملون فى المجتمع كما يُعامَل المنبوذون.
وفى العصور الحديثة نجد أن "تلمود أورشليم" جعل تعدد الزوجات مقصوراً على الأزواج القادرين على الإنفاق على زوجاتهن عن سعة. وقد نصح علماء اليهود بأن الرجل اليهودى يجب ألا يتزوج أكثر من أربع زوجات ، وخالفتهم طائفة أخرى من اليهود فى هذا الرأى (وهى طائفة القرَّائين) ولم يعترفوا بشرعية تحديد العدد، لأن ديانة بنى إسرائيل تبيح للرجل أن يتزوج أى عدد من الزوجات من غير تحديد أو حصر.
-
الإصحاح الثانى عشر بعد المائة
تعدد الزوجات بين التكريم والتجريم:
لم يأت الإسلام إذن بهذا التعدد ، بل كان موجوداً قبل الإسلام فى الجزيرة العربية وفىاليهودية والمسيحية كما رأينا. وفى الوقت الذى كان فيه العرب فى صدر الإسلام وقبله يعددون زوجاتهم ، لدرجة أن بعضهم كان له عشر زوجات ، كان للرسول عليه الصلاة والسلام زوجة واحدة حتى جاوز الثالثة والخمسين. وكل ما أنى به الإسلام هو تنظيم هذه العملية ، وضمان لحقوق الزوجات وأبنائهم. فأباح التعدد ، ولم يفرضه على القادر على تحمل تبعات هذه الزوجات والعدل بينهن ، وإلا فعليه أن يكتفى بواحدة.
لقد أباح الإسلام تعدد الزوجات ولم يفرضه ، كما فعلت شريعة موسى ، وكما عدَّدَ الأنبياء عليهم السلام من قبل ، واشترط فى التعدد: مقدرة الزوج على القيام بواجباته كاملة ، وأن يعدل بين زوجاته ، وإلا فعليه بالإكتفاء بواحدة. ولم يفرق الإسلام بينهن ، فكلهن زوجاته ، ولهن نفس حقوق الزوجة الأولى من معيشة ومهر، حتى ولو كانت كتابية غير مسلمة.
والذى يراجع تعليمات بولس فى رسالته الأولى إلى تيموثاوس لا يخفى عليه أن استحسانه بوجود زوجة واحدة فقط للأسقف والشماس، حتى يمكنه تدبير بيته ، وبالتالى يحسن تدبيره لكنيسته ، ومعنى ذلك أن غيرهما يجوز على الأقل للآخرين أن يكونون ذوى أكثر من زوجة واحدة: (12لِيَكُنِ الشَّمَامِسَةُ كُلٌّ بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، مُدَبِّرِينَ أَوْلاَدَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ حَسَناً) تيمثاوس الأولى 3: 12
(2فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، صَاحِياً، عَاقِلاً، مُحْتَشِماً، مُضِيفاً لِلْغُرَبَاءِ، صَالِحاً لِلتَّعْلِيمِ، 3غَيْرَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، بَلْ حَلِيماً، غَيْرَ مُخَاصِمٍ، وَلاَ مُحِبٍّ لِلْمَالِ، 4يُدَبِّرُ بَيْتَهُ حَسَناً، لَهُ أَوْلاَدٌ فِي الْخُضُوعِ بِكُلِّ وَقَارٍ. 5وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْرِفُ أَنْ يُدَبِّرَ بَيْتَهُ، فَكَيْفَ يَعْتَنِي بِكَنِيسَةِ اللهِ؟) تيموثاوس 3: 2-5
ولم تحرم المسيحية التعدد مطلقاً ، وقد كان شارلمان الإمبراطور الرومانى المسيحى متزوجاً بأكثر من زوجة. ومن زوجاته (وسورات) و(هولجارو) إلى جانب عدد كبير من المحظيات.
وكان للإمبراطور (ليو السادس) فى القرن العاشر الميلادى ثلاث زوجات وتسرَّى برابعة. وهى التى ولدت له ابنه الإمبراطور (قسطنطين) ، الذى حكم الإمبراطورية
الرومانية الشرقية.
وكان لملك إنجلترا (هنرى الثامن) ثلاث زوجات ، فقد تزوج (كاترين) و (آن بولين) و(حنا سيمور).
وقد قرر الإمبراطور فالنتيان الثانى ، الذى ولى الحكم عام 375 م أى فى القرن الرابع الميلادى ، أن الاقتصار على زوجة واحدة إنما هو من آثار الوثنية الرومانية ، ولذلك أصدر أمراً بجواز الجمع بين أكثر من زوجة قائلاً إن المسيحية لم تمنع ذلك. وهذا الاتجاه فى التعدد يتلاءم مع ما رآه مارتن لوثر زعيم طائفة البروتستانت ، الذى قرر أن التعدد أمر لم يحرمه الرب ، وضرب مثلاً بإبراهيم الذى كان له ثلاثة (أو أربعة زوجات).
لذلك سمح لوثر لأمير هيس الأمير فيليب أن يجمع بين زوجتين ، وقال إذا نظر الرجل إلى امرأة وحسنت فى عينيه وأحبها وهو متزوج فخير له أن يتخذها زوجته من أن يتخذها خليلته. الأمر الذى جعل طائفة (برسير) فى إنجلترا أن تقرر أن من حق المسيحى أن يجمع بين عدة زوجات.
ومن علماء المسيحية أنفسهم من يقرر أن نظام الزوجة الواحدة نظام مصطنع ولا يتصل مطلقاً بالديانة المسيحية فى نشأتها الأولى ، وإنما هو نظام وضعته الكنيسة (كما قرر وول ديورانت ج (1) ص (73)).
قال أرثر فيليبس فى كتابه (دراسة الزواج والأسرة فى أفريقيا): (كما أن بعضهم يرى أن منع التعدد إنما فرضه المسيحيون الأوربيون على أنفسهم لينفذوه فى البلاد التى استعمروها ليبقى لهم فائض خيرات هذه المستعمرات. والمنع لم يكن لسبب دينى وإنما كان لسبب استعمارى) (نقلا عن حقوق المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى ص 155)
وبقى تعدد الزوجات مُباحاً فى العالم المسيحى إلى القرن الثامن عشر ، وبالتحديد إلى عام 1750 م. أما قبل هذا التاريخ فلم يكن التعدد ممنوعاً ، وإنما كان مُباحاً تقره الكنائس المسيحية وتباركه.
كما جاء فى تواريخ الزواج بين الأوربيين. يقول "وسترماك" فى تاريخه:
(وفى الحق إن العهد الجديد اتخذَ هذا النظام كمثل أعلى للزواج ، ولكن مع ذلك لم يحرم تعدد الزوجات تحريماً ظاهراً إلا للشمَّاس أو القسِّيس ، ويكفى أن نعلم أننا لم نجد مجلساً كنسياً واحداً عارض تعدد الزوجات أو وضع عقبات فى سبيله عند الملوك أو الحكام الذين كانوا يمارسونه فى الدول الوثنية فى قرون المسيحية الأولى.)
(ثم قال: إن "ديارمنت" ملك إيرلندا كان له زوجتان وسريتان ، وتعدد زوجات الملوك الميروفنجيين غير مرة فى القرون الوسطى ، وكان لشارلمان زوجتان وكثير من السرارى ، كما يظهر فى بعض قوانينه أن تعدد الزوجات لم يكن مجهولاً بين رجال الدين أنفسهم ، وبعد ذلك بزمن كان فيليب أوف هيس ، وفريدريك وليام الثانى البروسى يبرمان عقد الزواج مع اثنتين بموافقة القساوسة اللوثريين.)
(وأقر مارتن لوثر نفسه تصرف الأول منهما ، كما أقره "ملانكتون". وكان لوثر يتكلم فى شتَّى المناسبات عن تعدد الزوجات بغير اعتراض ، فإنه لم يُحرَّم بأمر من الله ، ولم يكن إبراهيم يحجم عنه إذ كان له زوجتان [وهو هنا قد نسى أن إبراهيم قد تزوج بقطورة] نعم أن الله أذن بذلك لأناس من رجال العهد القديم فى ظروف خاصة ، ولكن المسيحى الذى يريد أن يقتدى بهم ، يحق له أن يفعب ذلك متى تيقن أن ظروفه تشبه تلك الظروف. فإن تعدد الزوجات على كل حال أفضل من الطلاق.)
(وعقب الحرب العالمية الأولى قام (جورج انكيتى) بالمطالبة بإلغاء النص فى القانون الذى يعاقب على الجمع بين زوجتين بالأشغال الشاقة المؤقتة ، ويُطالِب بإتاحة تعدد الزوجات للقضاء على شيوع الفجور ، الذى كان نتجة لوجود عدد كبير من النساء بدون رجال ، وحتى يكون لكل امرأة حقها الطبيعى فى تحقيق نزعة الأمومة المشروعة.) (نقلا عن حقوق المرأة ص 156-157)
(وفى سنة 1830 قامت فرقة تسمى فرقة المورنتر التى أسسها جوزيف سمث تبيح التعدد وتقول: إن إفرادية الزوجة أمر غير طبيعى.)
(وفى سنة 1650 ميلادية ـ بعد صلح وستِفاليا ، وبعد أن تبين النقص فى عدد السكان من جراء حروب الثلاثين ـ أصدر مجلس الفرنكيين بنورمبرج قراراً يجيز للرجل أن يجمع بين زوجتين. بل ذهبت بعض الطوائف المسيحية إلى إيجاب تعدد الزوجات.)
(ففى سنة 1531 نادى اللامعمدانيون فى منستر صراحة بأن المسيحى ـ حق المسيحى ـ ينبغى أن تكون له عدة زوجات. ويعتبر المورمون كما هو معلوم أن تعدد الزوجات نظام إلهى مقدس ..) (فى محكمة التاريخ ص 100)
ويواصل الدكتور عبد الودود شلبى قائلاً: (وقال جرجى زيدان: "فالنصرانية ليس فيها نص صريح يمنع أتباعها من التزوج بامرأتين فأكثر ، ولو شاؤا لكان تعدد الزوجات جائزاً عندهم ، ولكن رؤساءها القدماء وجدوا الاكتفاء بزوجة واحدة أقرب لحفظ نظام العائلة واتحادها (وكان ذلك شائعاً فى الدولة الرومانية) فلم يعجز تأويل آيات الزواج
حتى صار التزوج بغير [بأكثر من] امرأة حراماً كما هو مشهور.)
(ونرى المسيحية المعاصرة تعترف بالتعدد فى أفريقيا السوداء ، فقد وجدت الأرساليات التبشيرية نفسها أمام واقع اجتماعى وهو تعدد الزوجات لدى الأفريقيين الوثنيين ، ورأوا أن الإصرار على منع التعدد يحول بينهم وبين الدخول فى النصرانية ، فنادوا بوجوب السماح للأفريقيين المسيحيين بالتعدد إلى غير حد محدود.)
وقد ذكر السيد تورجيه مؤلف كتاب: "الإسلام والنصرانية فى أواسط أفريقية" (ص92-98) هذه الحقيقة ثم قال: (فقد كان هؤلاء المرسلون يقولون إنه ليس من السياسة أن نتدخل فى شؤون الوثنيين الاجتماعية التى وجدناهم عليها ، وليس من الكياسة أن نُحرِّم عليهم التمتع بأرواحهم ماداموا نصارى يدينون بدين المسيح ، بل لا ضرر من ذلك مادامت التوراة وهى الكتاب الذى يجب على المسيحيين أن يجعلوه أساس دينهم تبيح هذا التعدد ، فضلاً على أن المسيح قد أقر ذلك بقوله: "17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.") متى 5: 17
وأخيراً أعلنت الكنيسة رسميا السماح للأفريقيين النصارى بتعدد الزوجات إلى غير حد.
كما وجدت الشعوب الغربية المسيحية نفسها تجاه زيادة عدد النساء على الرجال عندهم ـ بخاصة بعد الحربين العالميتين ـ إزاء مشكلة إجتماعية خطيرة ، لا تزال تتخبط فى إيجاد الحل المناسب لها.
وقد كان بين الحلول التى برزت ، إباحة تعدد الزوجات. فقد حدث أن مؤتمراً للشباب العالمى عُقِدَ فى "ميونيخ" بألمانيا عام 1948 ، واشترك فيه بعض الدارسين المسلمين من البلاد العربية: وكان من لجانه لجنة تبحث مشكلة زيادة عدد النساء فى ألمانيا أضعافاً مضاعفة عن عدد الرجال بعد الحرب ، وقد استعرضت مختلف الحلول لهذه المشكلة وتقدم الأعضاء المسلمون فى هذه اللجنة باقتراح تعدد الزوجات. وقوبلَ هذا الرأى أولاً بشىء من الدهشة والاشمئزاز ، ولكن أعضاء اللجنة اشتركوا جميعاً فى مناقشته فتبين بعد البحث الطويل أنه لا حل غيره ، وكانت النتيجة أن قررت اللجنة توصية المؤتمر بالمطالبة بإباحة تعدد الزوجات لحل المشكلة.
ويقول (هنرى هلام: Henri Hallam) إن المصلحين الألمان من علماء الدين المسيحى قد أقروا التزوج بزوجة ثانية ، وزوجة ثالثة مع الزوجة الأولى ، واستمر العمل بذلك حتى القرن السادس الميلادى.
وكذلك قال الألمانى (إدوارد فون هارتمان) آراءً تشبه هذه الآراء ، فهو يرى أن الغريزة الطبيعية للرجل تميل إلى تعدد الزوجات.
وفى عام 1949 تقدم أهالى "بون" عاصمة ألمانيا الإتحادية [فى ذلك الوقت] بطلب إلى السلطات المختصة يطلبون فيه أن يُنَص فى الدسنور الألمانى على إباحة تعدد الزوجات.
بل ذكرت الصحف الألمانية فى هذا الوقت أن الحكومة الألمانية أرسلت إلى مشيخة الأزهر تطلب منها نظام تعدد الزوجات فى الإسلام ، لأنها تفكر فى الاستفادة منه كحل لمشكلة زيادة النساء. ثم أتبع ذلك وصول وفد من العلماء الألمان اتصلوا بشيخ الأزهر لهذه الغاية ، كما التحقت بعض الألمانيات المسلمات بالأزهر لتَطَّلِع بنفسها على أحكام الإسلام فى موضوع المرأة عامة وتعدد الزوجات خاصة.
وقد حدثت محاولة قبل هذه المحاولات فى ألمانيا أيام الحكم النازى لتشريع تعدد الزوجات ، فقد حدثنا (الكلام مازال للدكتور عبد الودود شلبى) (المرحوم الحاج أمين الحسينى مفتى فلسطين الأكبر) أن هتلر حدثه برغبته فى وضع قانون يُبيح تعدد الزوجات ، وطلب إليه أن يضع له فى ذلك نظاماً مُستَمداً من الإسلام. ولكن قيام الحرب العالمية الثانية حالت بين هتلر وبين تنفيذ هذا الأمر.
وقد سبق أن حاول "ادوارد السابع" مثل هذه المحاولة ، فأعدَّ مرسوماً يبيح فيه التعدد ، ولكن مقاومة رجال الدين قضت عليه.
ثم إن المفكرين الغربيين الأحرار أثنوا على تعدد الزوجات ، وبخاصة عند اليهود والمسلمين ، فقد عرض "جروتيوس" العالم القانونى المشهور لموضوع تعدد الزوجات فاستصوب شريعة الآباء العبرانيين والأنبياء خاصة فى العهد القديم فى إقرارها تعدد الزوجات. وكذلك استحسن القديس أوغسطين أن يتخذ الرجل إلى جانب زوجته سرية ، إذا ما كانت زوجته عقيماً ، وثبت عقمها ، وإن كان لم يسمح بمثل ذلك للزوجة ، إذا ثبت أن زوجها هو العقيم ، وليس ذلك خوفاً من اختلاط الأنساب ، ولكن لأمن الأسرة. لأنه كما قال فى كتابه (الزواج الأفضل): لا يصح أن يكون بالأسرة سيدان.
وقال الفيلسوف الألمانى الشهير "شوبنهاور" فى رسالته "كلمة عن النساء": (إن قوانين أوروبا فاسدة المبنى بمساواتها المرأة بالرجل ، فقد جعلتنا نقتصر على زوجة واحدة فأفقدتنا نصف حقوقنا ، وضاعفت علينا واجباتنا ، على أنها مادامت أباحت للمرأة حقوقاً مثل الرجل ، كان من اللازم أن تمنحها أيضاً عقلاً مثل عقله ..)
إلى أن يقول: (ولا تعدم امرأة من الأمم التى تجيز تعدد الزوجات زوجاً يتكفَّل بشؤونها، والمتزوجات عندنا نفر قليل ، وغيرهن لا يُحصين عددا ، تراهن بغير كفيل: بين بكر من الطبقات العليا قد شاخت وهى هائمة متحسّرة ، ومخلوقات ضعيفة من الطبقات السفلى ، يتجشَّمن الصعاب ويتحمّلن شاق الأعمال ، وربما ابتذلن فيعشن تعيسات متلبسات بالخزى والعار. ففى مدينة (لندن) وحدها ثمانون ألف بنت عمومية (هذا على عهد شوبنهور) سفك دم شرفهن على مذبحة الزواج ضحية الإقتصار على زوجة واحدة، ونتيجة تعنت السيدة الأوروبية ، وما تدعيه لنفسها من أباطيل.)
وهناك طائفة أخرى من الطوائف المسيحية فى أمريكا تُسمَّى طائقة المورمون (وقد أسسها جوزيف سميث سنة 1830م) تحدث عنها الأستاذ زكى نجيب محمود فى كتابه (أيام فى أمريكا) ، وقد قال أحد أتباع هذه الطائفة عندما سُئلَ عما إذا كان يحب زوجاته الخمس ، فقال: لقد سمعت هذا السؤال مراراً كأنه لغز لا حل له ، وجوابى دائماً على هذا السؤال هو الآتى: هل يمكن لرجل أن يحب خمسة من أبنائه دفعة واحدة؟ هل يمكن أن يحب خمسة من أصدقائه دفعة واحدة؟ هل يمكن أن يحب خمسة من اخوته دفعة واحدة؟ أرونى رجلاً واحداً ممن يدعون الالتزام بنظام الزوجة الواحدة ، لا تكون له امرأة ـ غير زوجته ـ يبادلها الحب وتبادله. ثم قال: ونحن لا نعشق سرّاً. إننا لا نحب حباً يلفه العار ، بل نحب جهراً وعلانية ، حباً يزدان بالشرف ، ليس بيننا المرأة التى تحمل جنينها فى خفاء من القانون ، ثم تضع حملها اجهاضاً ، فنساؤنا جميعاً يحملن الأجنة من أزواج ويلدنهم أطفالاً ذوى نمو كامل.
بالله عليكم: أين الحكمة فى إنسان له 1000 زوجة؟ تخيل أن لك ألف زوجة! متى ستعطى كل منهن حقها فى الفراش؟ وهل ستعرفهن؟ وكيف يتأكد لك أن الجنين فى بطن أى منهن هو منك؟ هل ستتذكَّر أنك جامعت هذه الزوجة يوماً ما؟
الإصحاح الثالث عشر بعد المائة
رأى عيسى عليه السلام فى تعدد الزوجات:
فى الواقع لو راجعنا كتب الأناجيل والرسائل الحالية لن نجد فيها نصاً يحرم تعدد الزوجات إلا على القساوسة والشمامسة فقط ، وهى من رسائل بولس. فلم يأتى فى أحاديث عيسى عليه السلام تصريح بتحريم تعدد الزوجات ، ونلمس إشارات لموافقته على تعدد الزوجات أو موافقته ضمنيا من هذه النصوص:
(17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
كذلك نفهم إقراره لتعدد الزوجات من مثل (العشر عذارى) الذى ضربه متى: (1«حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. 2وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. 3أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتاً 4وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتاً فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. 5وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. 6فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! 7فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولَئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. 8فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. 9فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. 10وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ وَأُغْلِقَ الْبَابُ. 11أَخِيراً جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضاً قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ يَا سَيِّدُ افْتَحْ لَنَا. 12فَأَجَابَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. 13فَاسْهَرُوا إِذاً لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ.) متى 25: 1-11
أى إن العريس قد اكتفى بخمس زوجات ، ولم تستطع العذارى الخمس الباقين أن يلحقن بالعريس ، وضاعت أمامهن فرصة للزواج به.
مع التحفظ الشديد أن المثل قد ضربه يسوع إشارة إلى وجوب الإستعداد بالعلم والعمل لإستقبال المسيَّا (رسول الله والنبى الخاتم).
وكان هذا التعدد شائعاً بين نصارى العالم كله ، ولم تحرمه الكنيسة إلا فى منتصف القرن الثامن عشر ، وبالتحديد فى عام 1750م. إذن فالنصارى الأقدمون لم يفهموا نصوص الكتاب وتعاليم يسوع بصورة خاطئة. ولو كانوا غير ذلك فما حكمهم فى الآخرة؟
الإصحاح الرابع عشر بعد المائة
التسرِّى فى اليهودية والمسيحية:
يقول الأستاذ محمود عبد الحميد فى كتابه حقوق المرأة بين الإسلام والديانات الأخرى ص 158-159: (لقد كان التسرِّى مباحاً فى اليهودية والمسيحية إلى جانب إباحة تعدد الزوجات. فقد قررت التوراة الحالية أن سليمان كان له إلى جانب زوجاته السبعمائة ثلاثمائة سرية [ملوك الأول 11: 3]، [وكذلك كان لرحبعام ستين سارية [أخبار الأيام الثانى 11: 21]، وكذلك كان لداود] وكذلك المسيحية لم تمنع التسرى بل إنه ظل قائماً فى المسيحية ، حتى بعد تقرير إفرادية الزوجة ، ولم يكن التسرى ممنوعاً إلا فى مصر المسيحية فقط دون البلاد المسيحية الأخرى. [وهذا من فضل الإسلام وأخلاقياته على المجتمعات التى ينتشر فيها] وكان ذلك ابتداءً من القرن العاشر الميلادى حين أصدر البطريرك (إبرام السوربانى) سنة 970 م أمراً بمنعه ـ أما فى غير مصر فقد ظل التسرى قائماً بعد هذا التاريخ فى بعض الأمم المسيحية مثل الحبشة ، كما استمر فيها تعدد الزوجات أيضاً ، مما يدل على أن المنع لم يكن تشريعاً سماوياً بل كان نتيجة قوانين وضعية.)
يواصل الكتاب قوله: (يقول اتين دينيه: لقد ترتب على إفرادية الزوجة ثلاثة نتائج شديدة الخطورة هى: شيوع الدعارة ، وكثرة العوانس من النساء ، ووفرة الأبناء غير الشرعيين. .. .. وضرب مثلاً بقبيلة فى الجزائر فقال: "إن هذه القبيلة لم تعرف الدعارة إلا بعد ضمها لفرنسا سنة 1833")
الإصحاح الخامس عشر بعد المائة
التسرِّى فى اليهودية والمسيحية:
التسرى هو اتخاذ مالك الأمة منها سَرِية يعاشرها معاشرة الأزواج فى الشرع الإسلامى
إن التسرى هو فرع من فروع الرق والاسترقاق، وقد كان نظاماً قديماً ، ولم يكن أيضاً مثل الرق والاسترقاق تشريعاً إسلاميًا مبتكراً ، ولا خاصية شرقية تميزت به الحضارات الشرقية عن غيرها من الحضارات ، وإنما كان موروثاً اجتماعيًا واقتصاديًا إنسانيًا ، ذاع وشاع فى كل الحضارات الإنسانية عبر التاريخ.
وقد جاء فى التوراة أن أنبياء الله أمثال داود وسليمان وغيرهم قد اتخذوا سرارى لهم.
(21وَأَحَبَّ رَحُبْعَامُ مَعْكَةَ بِنْتَ أَبْشَالُومَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ وَسَرَارِيهِ لأَنَّهُ اتَّخَذَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ امْرَأَةً وَسِتِّينَ سُرِّيَّةً وَوَلَدَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ابْناً وَسِتِّينَ ابْنَةً.) أخبار الأيام الثانى 11: 21
(30وَكَانَ لِجِدْعُونَ سَبْعُونَ وَلَداً خَارِجُونَ مِنْ صُلْبِهِ, لأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ. 31وَسُرِّيَّتُهُ الَّتِي فِي شَكِيمَ وَلَدَتْ لَهُ هِيَ أَيْضاً ابْناً فَسَمَّاهُ أَبِيمَالِكَ.) قضاة 8: 30-31
(13وَأَخَذَ دَاوُدُ أَيْضاً سَرَارِيَ وَنِسَاءً مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ حَبْرُونَ، فَوُلِدَ أَيْضاً لِدَاوُدَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ.) صموئيل الثانى 5: 13
(فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهَؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ. فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ.) ملوك الأول 11: 3
وإذا كان التسرى ، هو اتخاذ مالك الأمة منها سرية ، أى جعله لها موضعا للوطء ، واختصاصها بميل قلبى ومعاشرة جنسية ، وإحصان واستعفاف.. فلقد وضع الإسلام له ضوابط شرعية جعلت منه زواجاً حقيقياً ، تشترط فيه كل شروط الزواج ، وذلك باستثناء عقد الزواج ، لأن عقد الزواج هو أدنى من عقد الملك ، إذ فى الأول تمليك منفعة ، بينما الثانى يفضى إلى ملك الرقبة ، ومن ثم منفعتها..
ولقد سميت الأمة التى يختارها مالكها سرية له سُميت "سَرِيَّةً" "لأنها موضع سروره ، ولأنه يجعلها فى حالٍ تسرها" دون سواها ، أو أكثر من سواها.. فالغرض من التسرى ليس مجرد إشباع غرائز الرجل ، وإنما أيضاً الارتفاع بالأَمة إلى مايقرب كثيراً من مرتبة الزوجة الحرة..
والإسلام لا يبيح التسرى أى المعاشرة الجنسية للأَمة بمجرد امتلاكها.. وإنما لابد من تهيئتها كما تهيأ الزوجة.. وفقهاء المذهب الحنفى يشترطون لتحقيق ذلك أمرين:
أولهما: تحصين السرية، بأن يخصص لها منزل خاص بها، كما هو الحال مع الزوجة
وثانيهماً: مجامعتها ، أى إشباع غريزتها ، وتحقيق عفتها.. طالما أنها قد أصبحت سرية ، لا يجوز لها الزواج من رقيق مثلها ، أو أن يتسرى بها غير مالكها..
ولأن التسرى فى المعاشرة الجنسية أو التناسل مثله مثل الزواج من الحرائر.. فلقد اشترط الإسلام براءة رحم الأمة قبل التسرى بها ، فإباحة التسرى قد جاءت فى آية إباحة الزواج: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ) النساء: 3.
والتكليف الإسلامى بحفظ الفروج عام بالنسبة لمطلق الرجال والنساء ، أحراراً كانوا أم رقيقاً ، مسلمين كانوا أم غير مسلمين: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) المؤمنون: 5 ، 6. ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سبايا "أوطاس" أى حنين: (لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة..) رواه أبو داود.
وكذلك الحال مع المقاصد الشرعية والإنسانية من وراء التسرى.. فهى ذات المقاصد الشرعية والإنسانية من وراء الزواج: تحقيق الإحصان والاستعفاف للرجل والمرأة ، وتحقيق ثبوت أنساب الأطفال لآبائهم الحقيقيين..
ففى هذا التسرى كما يقول الفقهاء "استعفاف مالك الأمة.. وتحصين الإماء لكيلا يملن إلى الفجور، وثبوت نسب أولادهن". وأكاد ألمح فى التشريع القرآنى أمراً إلهيًا بالإحصان العام للرجال والنساء ، أحرارًا كانوا أو أرقاء.. ففى سياق التشريع لغض البصر ، وحفظ الفروج ، جاء التشريع للاستعفاف بالنكاح الزواج للجميع.. وجاء النهى عن إكراه الإماء على البغاء ، لا بمعنى إجبارهن على الزنا فهذا داخل فى تحريم الزنا ، العام للجميع وإنما بمعنى تركهن دون إحصان واستعفاف بالزواج أو التسرى أكاد ألمح هذا المعنى عندما أتأمل سياق هذه الآيات القرآنية: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) النور: 30- 33.
فالتشريع للاستعفاف والإحصان بالنكاح الزواج والتسرى عام وشامل للجميع..
بل لقد جعل الإسلام من نظام التسرى سبيلاً لتحقيق المزيد من الحرية للأرقاء ، وصولاً إلى تصفية نظام العبودية والاسترقاق.. فأولاد السرية فى الشرع الإسلامى ، يولدون أحراراً بعد أن كانوا يظلون أرقاء فى الشرائع والحضارات غير الإسلامية والسرية ، بمجرد أن تلد ، ترتفع إلى مرتبة أرقى هى مرتبة " أم الولد " ثم تصبح كاملة الحرية بعد وفاة والد أولادها..
وكما اشترط الشرع الإسلامى للتسرى استبراء الرحم ، كما هو الحال فى الزواج من الحرائر ، اشترط فى السرية ما يشترط فى الزوجة الحرة: أن تكون ذات دين سماوى ، مسلمة أو كتابية.. وأن لا تكون من المحارم اللاتى يحرم الزواج بهن ، بالنسب أو الرضاعة.. فلا يجوز التسرى بالمحارم ، بل ولا يحل استرقاقهم أصلاً ، إناثاً كانوا أم ذكوراً ، فامتلاكهم يفضى إلى تحريرهم بمجرد الامتلاك.. وفى الحديث النبوى الشريف: (من ملك ذا رحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حر) رواه أبو داود.
وهذا من جمال العدل الإسلامى وحفاظه على العلاقات الأسرية ، الأمر الذى خالفته الكتب والشرائع الأخرى ، فالتوراة تدعى أن الرب أسلم نساء نبيه داود لأحد أقربائه للزنى: (11هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجِعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هَذِهِ الشَّمْسِ. 12لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِالسِّرِّ وَأَنَا أَفْعَلُ هَذَا الأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ الشَّمْسِ».) صموئيل الثانى 12: 11-12!!!
وكما هو الحال فى اختيار الزوجة الحرة ، استحسن الشرع الإسلامى تخير السرية ذات الدين ، التى لا تميل إلى الفجور ، وذلك لصيانة العرض. وأن تكون ذات عقل ، حتى ينتقل منها إلى الأولاد. وأن تكون ذات جمال يحقق السكينة للنفس والغض للبصر. فالتخيُّر للنُّطَف وفق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: [تخيَّروا لنطفكم] رواه ابن ماجة. هو تشريع عام فى الحرائر والإماء. (انظر: [الموسوعة الفقهية] مادة " التسرى " طبعة الكويت 1408 هجرية 1988م.)
وكما لا يجوز الاقتران بأكثر من أربع زوجات حرائر ، اشترط بعض الفقهاء الالتزام بذات العدد فى السرارى ، أو فيهن وفى الزوجات الحرائر.. وإذا كان جمهور الفقهاء لا يقيدون التسرى بعدد الأربعة ، فإن الإمام محمد عبده فى فتواه عن تعدد الزوجات قد قال عند تفسيره لقول الله سبحانه وتعالى:(أو ما ملكت أيمانكم) النساء: 3." لقد اتفق المسلمون على أنه يجوز للرجل أن يأخذ من الجوارى ما يشاء بدون حصر، ولكن يمكن لفاهم أن يفهم من الآية غير ذلك ، فإن الكلام جاء مرتبطاً بإباحة التعدد إلى الأربعة فقط.. " (الأعمال الكاملة ، ج2 ،ص 91 ، طبعة القاهرة 1993م.)
ويؤيد هذا الاجتهاد ما كان عليه العمل فى صدر الإسلام ، إذ لم يكن الرجل يتسرى بغير سرية واحدة. وكما يجب العدل بين الزوجات الحرائر عند تعددهن.. قال بعض الفقهاء: إن ما يجب للزوجة يستحب للسرية ، وجعل الحنابلة الإحصان للأرقاء ذكوراً وإناثاً أمراً واجباً..
هكذا رفع الإسلام ، بالشروط التى اشترطها فى التسرى ، من شأن السرارى ، وذلك عندما جعلهن فى الواقع العملى أقرب ما يكن إلى الزوجات الحرائر. وعندما جعل من نظام التسرى باباً من أبواب التحرير للإماء ولأولادهن ، بعد أن كان رافداً من روافد الاسترقاق والاستعباد..
أما الواقع التاريخى ، الذى تراجع عن هذا النموذج الإسلامى للتسرى ، عندما كثرت السبايا ، وتعددت مصادر الاسترقاق.. فمن الخطأ البين بل والتجنى حمل هذا الواقع التاريخى على شرع الإسلام..
فالإسلام كما قدمنا فى الحديث عن الرق قد ألغى وجفف كل روافد ومصادر الاسترقاق ولم يستثن من ذلك إلا الحرب الشرعية المشروعة. ولذلك ، فإن تجارة الرقيق ، وأسواق الأرقاء ، وشيوع التسرى الذى جاء ثمرة لاختطاف الفتيات والفتيان، وللحروب غير المشروعة ، وغيرها من سبل الاسترقاق التى حرمها الإسلام.. كل ذلك إن حُسب على "التاريخ الإسلامى" فلا يمكن أن يُحسب على "دين الإسلام".. وعن هذه الحقيقة الهامة يقول الإمام محمد عبده: "لقد ساء استعمال المسلمين لما جاء فى دينهم من هذه الأحكام الجليلة ، فأفرطوا فى الاستزادة من عدد الجوارى ، وأفسدوا بذلك عقولهم وعقول ذراريهم بمقدار ما اتسعت لذلك ثرواتهم..
أما الأسرى اللاتى يصح نكاحهن فهن أسرى الحرب الشرعية التى قصد بها المدافعة عن الدين القويم أو الدعوة إليه بشروطها ، ولا يَكُنَّ عند الأسر إلا غير مسلمات.. وأما ما مضى المسلمون على اعتياده من الرق ، وجرى عليه عملهم فى الأزمان الأخيرة ، فليس من الدين فى شىء ، فما يشترونه من بنات الجراكسة أو من السودانيات اللاتى يختطفهن الأشقياء السَّلبَة المعروفون "بالأسيرجية"، فهو ليس بمشروع ولا معروف فى دين الإسلام ، وإنما هو من عادات الجاهلية ، لكن لا جاهلية العرب بل جاهلية السودان والجركس.. " المصدر السابق: ج2 ص 91، 92.
وإذا كان من العبث الظالم حمل تاريخ الحضارة الغربية مع الرق والاسترقاق على النصرانية ، كدين ، فالأكثر عبثية والأشد ظلماً هو حمل التاريخ الإسلامى فى هذا الميدان على شريعة الإسلام !.. (أ.د. محمد عمارة)
الإصحاح السادس عشر بعد المائة
عمر السيدة عائشة عند زواجها بالرسول صلى الله عليه وسلم:
من المعروف أنه فى المناطق الحارة تنضج البنت ، وكذلك الولد ، أسرع من مثيلهما فى المناطق الباردة. فلو ذهبنا إلى جنوب إفريقيا مثلاً ، لوجدنا البنت ابنة تسع سنوات وعشر سنوات تحمل على يديها طفلها. إذن فقد نضجت قبل التاسعة. فهذه أشياء تخضع تماماً للبيئة.
ونفس الموضوع نجده عن الرجولة والشهامة ونبل الخلق: ففى أوروبا يُقبِّل الصديق زوجة صديقه ويراقصها وهو حاضن لها ، وهذا من الشهامة ونبل الخلق عندهم. بينما فى البلاد الإسلامية لا يُصافح الرجل المرأة [هكذا ينبغى أن يكون]، وبالطبع لا يُقبلها ، وإلا لكانت مُشكلة تصل للقتل.
كذلك الولد فى البلاد العربية طفل ، لا تجد فيه تحمل المسئولية ، حتى يدخل الجامعة ، وهناك حالات شاذة ، بينما تجد أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ، كان على بن أبى طالب ابن سبع سنوات حينما نام فى فراش الرسول عليه الصلاة والسلام ليمكنه من الهرب من مكة إلى المدينة وليرد ودائع أهل مكة لأصحابها.
لقد ائتمن الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الصبى فى عمره هذا على هجرته ، وعلى حياته ، كما ائتمنه على رد ودائع أهل مكة ، كما قبل الصبى هذه المخاطرة، وفهم أن هذا العمل قد يؤدى إلى مقتله هو نفسه. كم يساوى هذا الطفل من عدد من رجال اليوم؟ وهذا النضج المبكر نراه اليوم فى أطفال فلسطين ، أطفال فلسطين الذين يقفون بالحجارة فى وجه الدبابات والمصفحات.
كذلك كان عمر أسامة بن زيد أن قائد جيوش المسلمين لقتال الروم بين الثامنة عشر والعشرين ، ولو تخيلت كم عمر أى قائد للجيش اليوم ستجده بين الخمسين والخامسة والخمسين. فالرجولة والأنوثة يخضعان إذن لعوامل النضج الجثمانى والبيئى.
ولِدَت السيدة عائشة قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم بأربع سنوات ، على رأى البعض. أى أن الفارق فى العمر بينهما 44 سنة ، لأن الرسول صلوات الله وسلامه عليه بُعِثَ على رأس الأربعين.
توفت أمنا خديجة رضى الله عنها وكان عمر نبينا الحبيب 50 سنة ، ثم مكث الرسول عليه الصلاة والسلام فترة 3 سنوات وسبعة أشهر بين كونه أرمل وزوج للسيدة سودة بنت زمعة. أى كان زوجاً لواحدة فقط إلى أن تجاوز سن 53.7 عاماً. ثم جاءته السيدة خولة بنت حكيم لتزوجه للمرة الثانية من عائشة، فقد زوجته من قبل أيضا من السيدة سودة ، فخطبها واستمرت الخطوبة سنتان ، لأنه استصغر سنها فى هذا الوقت ، فقالت له: اخطبها وانتظرها حتى تنضج ، وكان الغرض من هذه الزيجة توطيد العلاقة بين الصديقين: بين الرسول عليه الصلاة والسلام وبين أبى بكر الصديق أبيها. ثم بنى بها بعد ذلك فى السنة الثانية من الهجرة. أى تزوج السيدة عائشة وعمره 53.7 + 2= 55.7 سنة.
فإذا طرحت الفرق بين عمريهما وهو 44 سنة يكون عمر السيدة عائشة 11.7 سنوات عند زواج الرسول بها ، أى أشرفت على الثانية عشر. وهو العمر التقريبى الذى حملت فيه السيدة مريم العذراء بنبى الله ورسوله عيسى عليه السلام.
وبحساب آخر:
بُعِثَ الرسول على رأس الأربعين ، وعلى فرض صحة أن السيدة عائشة ولِدَت بعد البعثة بأربع سنوات ، فيكون الفارق فى العمر بينهما 44 سنة ، وماتت السيدة خديجة رضى الله عنهما فى سنة 3 قبل الهجرة ، وكان عمر الرسول عليه الصلاة والسلام 50 سنة ، وبعد سنتين من الهجرة دخل بعائشة ، أى بعد 15 سنة من البعثة ، أى كان عمره 55 سنة ، عندما بنى بالسيدة عائشة ، فإذا طرحنا فارق العمر بينهما ، يكون عمر السيدة عائشة وقتئذ 11 سنة بالإضافة إلى قارث الأشهر الذى لم يدخل فى الحساب.
وبحساب آخر:
بُعِثَ الرسول على رأس الأربعين ، ومكث فى مكة يدعو الناس 13 سنة ثم هاجر إلى المدينة ، وبعد سنتين من الهجرة دخل بعائشة ، أى بعد 15 سنة من البعثة ، وهى وُلِدَت بعد أربع سنوات من البعثة ، فيكون عمرها قارب ال 11 سنة وعدة أشهر.
هذا على فرض صحة أنها ولِدَت بعد البعثة بأربع سنوات ، لأنهم كانوا لا يهتمون بحساب السنوات وأعمار الفتيات على الأخص ، فلم يكن الفتيات مرتباط بتعليم أو تكليف سنى محدد ، وكان العامل الفيصل فى زواجهن هو النضج الجثمانى.
وبحساب آخر:
ولدت السيدة عائشة فى السنة الرابعة قبل البعثة ، وبعد 4 سنوات جاءت الدعوة ، واستمرت فى مكة 13 سنة ، ثم بنى بها الرسول عليه الصلاة والسلام بعد 2 سنة من الهجرة فى المدينة ، ولو جمعنا كل هذا العمر لوجدنا أن عمرها كان 19 سنة.
وأنا لا أميل لهذا الحساب ، لأن الرسول بنى بها بعد سنتين من الخطبة ، ومعنى ذلك أنه خطبها ابنة 17 سنة ، وهذا سن نضج للبنت ، فلو علمنا أن السيدة صفية بنت حُيى بن أخطب (زعيم اليهود فى بنى النضير) تزوجت الرسول عليه الصلاة والسلام ابنة 18 سنة، وكانت زيجتها الثالثة ، فقد تزوجت للمرة الأولى وهى ابنة تسع سنوات ، لعلمنا أن سن 17 سنة ، سن نضج كاف جداً للزواج ، ولما قال عنها الرسول عليه الصلاة والسلام لخولة بنت حكيم إنها صغيرة السن. ولما قالت لها السيدة خولة (اخطبها وانتظر يا رسول الله!)
وبحساب آخر:
رفضت أم جبير وزوجها إتمام زواج ابنهما من عائشة بنت الصديق ، وذلك لعلم أبويه باعتناق أبى بكر الإسلام ومساندته للرسول عليه الصلاة والسلام ودعوته. فيستحيل أن تكون السيدة عائشة قد ولدت فى السنة الرابعة قبل البعثة ، ثم خطبت بعد ذلك بست سنوات لجبير أى فى السنة العاشرة من البعثة. أى بعد سبع سنوات من
المجاهرة بالدعوة!
وعلى ذلك تكون السيدة عائشة ولدت قبل البعثة بسنتين على الأقل ، وخطِبت لجبير بن مطعم بن عدى وهى ابنة أربع سنوات أو خمس سنوات، أى قبل المجاهرة بالدعوة مباشرة أو بسنة، وانتظروا حتى تكبر الفتاة فيتم الزفاف. وعلى ذلك يكون الفارق بين عمرها وعمر الرسول صلى الله عليه وسلم 42 سنة.
ثم بعد ذلك علم مطعم بن عدى بإسلام أبى بكر ، (ومع ذلك لم ينكروا ذلك على جبير بن مطعم ، ولم ينكروا زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة.) وفسخ خطوبة ابنه بدافع شخصى من عنده ودون أن يبلغ أبى بكر بعمله هذا ، (أو لظنه أن أبو بكر قد يكون هو الذى فسخ الخطبة لأن جبير ليس على دينه ، وللمضايقات والتعذيب الذى لقيه المسلمون على أيدى المشركين).
وخطبها الرسول عليه الصلاة والسلام وعمره 53.7 ، أى كان عمرها 11.7 ، ثم بنى بها بعد ذلك بسنتين ، أى تزوجت وهى ابنة 13.7 سنة.
وأستبعد هذا الحل لأن الرسول بذلك يكون قد خطبها وهى ابنة 12 سنة تقريباً ، وهذا سن نضج للبنت ، فلو علمنا أن اليهود زوجوا ابنتهم صفية بنت حُيى بن أخطب وهى ابنة تسع سنوات ، لعلمنا أن سن 12 سنة ، سن نضج كاف جداً للزواج ، ولما قال عنها الرسول عليه الصلاة والسلام لخولة بنت حكيم أنها صغيرة السن. ولما قالت لها السيدة خولة (اخطبها وانتظر يا رسول الله!)
وفى حديث للبخارى ذكرت السيدة عائشة أن الرسول قد تزوجها وهى ابنة تسع سنوات ، فقد يكون تزوجها فى التاسعة وانتظر سنتين ثم بنى بها بعد ذلك فى المدينة: أى المرجح أنه دخل بها وهى ابنة تسع سنوات أو احد عشر سنة. والأخير هو المرجح عندى ، ولو أنها لن تفرق كثيراً ، لأن سن التاسعة هو سن نضج ، تزوجت فيه فتيات كثيرات ، منهن صفية بنت حُيى بن أخطب رئيس يهود بنى النضير ، وعمرو بن العاص قبل إسلامه ، فقد كان الفارق فى العمر بينه وبين ابنه عبد الله 11 سنة.
فلو سلمنا جدلاً زواج الرسول عليه الصلاة والسلام بطفلة عمرها 7 سنوات لم تنضج، ما كان الكفار أو اليهود قد تركوها له دون أن يحاولوا النيل منه. لأن قريش التي كانت تتربّص فى المقام الأول بالرسول صلى الله عليه وسلم الدوائر لتأليب الناس عليه من فجوة أو هفوة أو زلّة، لم تُدهش حين أُعلن نبأ المصاهرة بين أعزّ صاحبين وأوفى صديقين، بل استقبلته كما تستقبل أيّ أمر طبيعي.
فما كانت قريش لتنتظر حتى يأتى منصرون أو مستشرقون ليجدوا فى هذه النقطة مجالاً للطعن فيه عليه الصلاة والسلام.
الفارق الزمنى بين المتزوجين من سكان أهل المنطقة نفسها من اليهود والعرب كان قريب من عمر الرسول عليه الصلاة والسلام والسيدة عائشة. فكان الفارق السنىّ بين عمرو بن العاص وابنه عبد الله 11 سنة ، فإذا كان الأب تزوج وعمره 10 سنة ، فكم كان عمر زوجته حينئذ؟ ومن المتعارف عليه (وهو ليس بقانون بدليل زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة خديجة) أن يكون الرجل أكبر سناً من المرأة.
الإصحاح السابع عشر بعد المائة
عُمر السيدة مريم عند حملها بعيسى عليه السلام:
ورد في كتاب »قصة نياحة أبينا القديس الشيخ النجار« (فصل 3) بخصوص مريم: »قدمها أبواها إلى الهيكل وهي ابنة ثلاث سنين، وأقامت في هيكل الرب تسع سنين. ولما رأى الكهنة العذراء القديسة المتَّقية الرب قد نشأت، خاطبوا بعضهم بعضاً قائلين: سلوا عن رجل يخاف الله لتودعوا عنده مريم إلى زمان العرس لئلا تبقى في الهيكل«. وتناول كتاب نصرانى آخر بعنوان »حكاية رحلة يوسف« نفس تفاصيل هذه القصة.
ولكن قبل ذلك لما أحضر والدا مريم ابنتيهما إلى الهيكل حدثت أشياء أخرى وردت في سياق القصة في (بروت إيفانجليوم أى "إنجيل الخبز") ليعقوب الصغير (إصحاحات 7 و 11): »أن الكاهن قبلها وباركها قائلاً إن الرب الإله عظَّم اسمك بين جميع أجيال الأرض، وعليك في آخر الأيام يعلن الرب الإله فداء بني إسرائيل .. وربيت مريم كحمامة في هيكل الرب،وكانت تتناول الأكل من يد ملاك حتى 12 سنة من العمر
ثم التأم مجلس الكهنة فقالوا: إذا بلغت مريم اثنتي عشرة سنة من العمر في هيكل الرب، فما الذي يجب فعله بها؟ .. فوقف ملاك الرب بجانب زكريا وقال له: يا زكريا، اخرج واجمع أرامل القوم، وليأت كل واحد بقلم، ومن يريه الرب الإله علامة تكون زوجةً له. فخرج المنادون في جميع نواحي اليهودية وبوَّقوا ببوق الله، فأتى الجميع مسرعين. فألقى يوسف قدّومه أيضاً وولج في المجلس. ولما اجتمعوا توجَّهوا إلى الكاهن، فأخذ الكاهن أقلام الجميع ودخل الهيكل وصلى. ولما تمت صلاته خرج وردَّ لكل واحد قلمه، فلم تظهر علامة فيه، غير أن يوسف أخذ القلم الأخير، فخرجت من القلم حمامة وطارت على رأس يوسف.. فقال له الكاهن صار لك حق بواسطة القرعة أن تتخذ عذراء الرب ، فخُذها وديعة عندك.
ولما كان يوسف منزعجاً أخذها وديعة عنده .. فأخذت مريم جرَّة وخرجت لتملأها ماء، وإذا بصوت قائل: السلام لك أيتها المنعَم عليها. الرب معك. مباركة أنت في النساء. فأخذت تلتفت يميناً ويساراً لترى من أين أتى هذا الصوت. ولما انزعجت توجهت إلى بيتها ولما وضعت الجرة .. جلست على الكرسي .. وإذا بملاك الرب قد وقف بجانبها وقال لها: لا تخافي يا مريم لأنك وجدتِ نعمة أمام الله ، وستحبلين بكلمته. ولما سمعت هذا قالت مريم في نفسها: هل أحبل كما تلد كل امرأة؟ فقال لها الملاك: ليس كذلك يا مريم، لأن قوة العلي تظللك، فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يُدعى ابن الله وتسمينه يسوع«.
لاحظنا من سياق الكلام أنهم تشاوروا فى الذى يجب عمله إذا بلغت مريم الثانية عشر، أى لم تكن قد بلغتها بعد!! ومع ذلك فقد بدأوا بالبحث لها عن زوج وهى فى هذا السن، الذى لم تبلغ فيه سن الثانية عشر من عمرها بعد!
إذن فقد كانت مريم عليها السلام قبل الثانية عشر أنسة ناضجة يمكنها الزواج والحمل!
-
الإصحاح الثامن عشر بعد المائة
سن الزواج فى بعض البلاد الأوروبية والأمريكية:
حددت الكنيسة الكاثوليكية فى إسبانيا أن من شروط صحة الزواج أن يبلغ الزوج من العمر 14 سنة ، والزوجة 12 سنة. فإذا كانت البنت فى إسبانيا تُعد صالحة للزواج فى سن 12 سنة ، فما بالكم بالبنت فى الجزيرة العربية؟ أو بالبنت فى جنوب إفريقيا؟
وفى الأرجنتين يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 14 سنة ، والزوجة 12 سنة.
وفى ولاية فلوريدا وولاية إيداهو يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 14 سنة ، والزوجة 12 سنة.
وفى ولاية كونورادو الأمريكية يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 21 سنة ، والزوجة 12 سنة.
وفى يوغوسلافيا (فى الصرب ومونتيجرو) يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 15 سنة ، والزوجة 13 سنة.
وفى إيطاليا يجب أن يكون الزوج قد بلغ 16 سنة والزوجة 14 سنة
وفى ولاية ألاباما الأمريكية يجب أن يكون الزوج قد بلغ 17 سنة والزوجة 14 سنة
وفى اليونان يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 18 سنة ، والزوجة 14 سنة.
وفى بلجيكا يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 18 سنة ، والزوجة 15 سنة.
وفى اليابان يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 17 سنة ، والزوجة 15 سنة.
وفى النمسا يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 21 سنة ، والزوجة 16 سنة.
وفى الدينمارك يجب أن يبلغ الرجل من العمر 20 سنة والزوجة 16 سنة على الأقل.
وفى المجر وهولندا يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 18 سنة ، والزوجة 16 سنة.
وفى السويد وسويسرا يجب أن يبلغ الرجل من العمر 21 سنة والزوجة 18 سنة على الأقل. (نقلا عن الزواج والطلاق فى جميع الأديان ص 383-418)
وقد كان اليهود يزوجون الولد فى سن 18 سنة والبنت بعد السبى فى سن 13.
الإصحاح التاسع عشر بعد المائة
سن الزواج:
إن سن الزواج لا يخضع إلا لمعيار واحد: هل العروسان اكتملا النضج الجثمانى أو لا؟ فالسن الذى يُتعارف عليه فى البلدان الحارة بالنسبة للسيدات أقل بكثير منها فى البلاد الباردة.
وقد تزوجت السيدة صفية بنت حُيى بن الأخطب النضرى وهى على دين أبيها اليهودى زعيم بنى النضير ، وهى فى سن السيدة عائشة تقريباً ، فقد تزوجت الرسول صلى الله عليه وسلم وهى ابنة 17 سنة، وكانت قبله قد تزوجت مرتين: سلام بن مشكم القرظى، ثم طلقها فتزوجها بعده كنانة بن الربيع.
ويكفيك أن تعلم أن البنت فى أمريكا وأوروبا تبدأ فى تناول أقراص منع الحمل ابتداءً من سن العاشرة.
فإذا كانت البنت فى الأماكن الباردة تصلح للزواج والإنجاب ابتداءً من العاشرة ، فكيف سيكون الحال فى البلاد الحارة مثل شبه الجزيرة العربية؟
وقد (رُصِدَت جائزة فى بعض بلاد أوربا (أمسك عن ذكر اسمها) لكل فتاة بلغت الثانية والعشرين ومازالت عذراء. فلم تنجح واحدة ؛ فنزلوا بالسن سنة إثر سنة حتى وصلوا إلى الثامنة عشرة فكفوا حياءً واكتفاء من الفضيحة بهذا القدر.) كما قال الأستاذ عبد المجيد صبح فى كتابه: (الرد الجميل فى المشككين فى الإسلام ص 199)
من المعلوم أنّ نضوج الفتاة في المناطق الحارّة مبكّر جداً ، وهو في سنّ الثامنة عادة ، وتتأخّر الفتاة في المناطق الباردة إلى سنّ الواحد والعشرين. كما يحدث ذلك في بعض البلاد الباردة.
أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها لم تكن أول صبيّة تُزفّ في تلك البيئة إلى رجل في سنّ أبيها، ولن تكون كذلك أُخراهنّ. فقد تزوجت السيدة صفية بنت حيى بن الأخطب للمرة الأولى عندما كانت بنت 9 سنوات. فقد كان هذا هو السائد فى هذه البيئة الحارة بغض النظر عن الدين. بل كانت السيدة عائشة مخطوبة لجبير بن المطعم بن عدى وهى ابنة 6 سنوات.
كان فارق العمر بين يوسف النجار والسيدة مريم تقريباً 78 سنة ، فقد كان يوسف ابن 90 سنة حينما خطب مريم، ودخل بها بعد ذلك بسنتين (على احدى الروايات) ذكرتها دائرة المعارف الكاثوليكية على شبكة النت:
http://www.newadvent.org/cathen/08504a.htm
لقد تزوّج عبد المطلب الشيخ عم الرسول عليه الصلاة والسلام من هالة بنت عمّ آمنة في اليوم الذي تزوّج فيه عبد الله أصغر أبنائه من صبيّة هي في سنّ هالة وهي آمنة بنت وهب.
عمر بن الخطاب عرض ابنته بعد وفاة زوجها على أبى بكر عندما توفى زوجها وعمرها لا يتجاوز ال 18 سنة. معنى هذا أن هذه الزيجات كانت منتشرة وقتئذ.
تزوج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت على بن أبى طالب وبينهما فارق فى السن كان هو نفس الفارق فى العمر الذى بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأمنا عائشة رضى الله عنها .
كان عمر نبى الله إبراهيم عليه السلام عندما تزوج هاجر 85 سنة ، وان عمرها حوالى 15 سنة أو أصغر ، لأنها أعطيت له كجارية فى مصر ، ورجع أرض كنعان عندما كان عمره 75 سنة وتزوجها بعد 10 سنوات. فكان الفارق الزمنى بينهما حوالى 70 سنة أو أكثر. (تكوين 12: 4-20) و(تكوين 16: 3-16)
كان عمر نبى الله داود عليه السلام عندما مات 70 سنة ، وقبلها بقليل تزوج بآخر زوجة له وكانت فتاة عذراء ، فمن الممكمن أن يكون عمرها حوالى 13 سنة كما اعتاد اليهود تزويج بناتهم ، فيكون الفارق الزمنى بينهما هو 57 سنة.
بل إن الكتاب المقدس يذكر أن فارص تزوج وعمره خمس سنوات ، ودخل مصر فى الثامنة من عمره ومعه ابنيه!
وبيان ذلك كالآتى:
من وقت رمي يوسف عليه السلام في الجب حتى دخول يعقوب وأبنائه مصر 22 سنة
وهى 17 عمر يوسف وقت رميه فى البئر (تكوين 37: 2) + 13 سنة (المدة التى قضاها حتى وقف بين يدى فرعون (تكوين 41: 46) فقد وقف وهو ابن 30 سنة + 7 سنين رخاء (تكوين 41: 53) + سنتين أتى فيهم يعقوب وأبناؤه (تكوين 45: 6) = فيكون المجموع 22 سنة كما أخبرت التوراة.
لنقرأ الذى حدث في هذه ال 22 سنة من أحداث:
يقول الكتاب في (تكوين 37: 1 ، 5)
إن يهوذا أخو يوسف تزوج من إبنة شوع وحملت ثم أنجبت (عير)، وهذا لا يمكن ان يكون في أقل من سنة
ثم بعد ذلك تزوجت (أونان) ، ثم بعد ذلك تزوجت ( شيلة ) ابنه عندما كبر.
ثم من عدد (6 ، 10 )
نرى أن (عير) تزوج ( ثامار ) ثم مات بعدها ، ولا يمكن أن يكون تزوجها وهو أقل من 12 سنة ، ولنفرض أنه كان ابن 12 سنة وأنه مات بعدما تزوجها بيوم ، ولنحسب المدة الآن من وقت زواج يهوذا حتى ولادة عير سنة ، زائد عمره في سن الزواج 12 سنة فيصبح المجموع 13 سنة.
ثم تزوجها ( أونان ) ، ثم مات أيضاً ، ولنفرض أنه مات بعدما تزوجها بيوم.
ثم في عدد ( 11 ) انتظرت شيلة حتى يكبر ، ولكنه أيضاً كبر ولم يتزوجها كما في عدد ( 14 ) ولا يمكن أن يكون هذا في أقل من سنة ، لأن المانع من الزواج كان صغر سنه كما في عدد (11 ) فمنطقياً لا يمكن أن تكون انتظرته أسبوع أو شهر أو شهرين بل على أقل تقدير سنة واحدة فنضيفها إلى ال 13 سنة فيصبح المجموع 14 سنة.
ثم يقول إنه بعد هذا الإنتظار زنى بها يهوذا نفسه وحملت منه ثم وضعت طفلين هما فارص وزارح وهذا تم في تسعة أشهر أي ما يقرب السنة
ولنقل إنه سنة ونضيفها إلى ال 14 سنة فيصبح المجموع 15 سنة من 22 سنة فيبقى 7 إلى 8 سنوات على الأكثر ، وهذا هو عمر فارص عندما دخل مصر كما سيأتي
وفي (تكوين 46: 12) يذكر لنا أسماء الذين دخلوا مصر مع يعقوب ويذكر من بينهم فارص وابناه (حصرون وحامول) فكيف يكون له طفلين وهو في هذا العمر؟
فهذا يعني أنه تزوج وهو أقل من 7 سنوات أي 6 سنوات هذا إذا فرضنا أنهما توأمين وإلا يكون تزوج وهو في سن الخامسة!!
ويجب أن لا ننسى أننا حسبنا كل شئ على أقل تقدير والله المستعان (نقلا عن الأستاذ بلال من موقع barsoomyat.com)
بل تزوج يهورام قبل أن يولد بثلاث سنوات: فقد كان يهورام (20كَانَ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَذَهَبَ غَيْرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ وَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ وَلَكِنْ لَيْسَ فِي قُبُورِ الْمُلُوكِ.) أخبار الأيام الثانى 21: 20
(1وَمَلَّكَ سُكَّانُ أُورُشَلِيمَ أَخَزْيَا ابْنَهُ الأَصْغَرَ عِوَضاً عَنْهُ لأَنَّ جَمِيعَ الأَوَّلِينَ قَتَلَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَ الْعَرَبِ إِلَى الْمَحَلَّةِ. فَمَلَكَ أَخَزْيَا بْنُ يَهُورَامَ مَلِكِ يَهُوذَا. 2كَانَ أَخَزْيَا ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ سَنَةً وَاحِدَةً فِي أُورُشَلِيمَ وَاسْمُ أُمِّهِ عَثَلْيَا بِنْتُ عُمْرِي.) أخبار الأيام الثانى 22: 1-2
وفى هذه الكارثة تقول دائرة المعارف الكتابية: (وكان ابن اثنتين وعشرين سنة حين ملك ، وملك سنة واحدة (ملوك الثانى 8: 26). أما عبارة "اثنتين وأربعين سنة" (أخبار الأيام الثانى 22: 2) فلا شك أنها خطأ من الناسخ حيث أننا نعلم من (أخبار الأيام الثانى 21: 5 و 20) أن يهورام أباه كان ابن أربعين سنة عندما مات. كما أنها جاءت "ابن اثنتين وعشرين سنة" في النسختين السريانية والعربية ، "وابن عشرين سنة" في الترجمة السبعينية.)
فعلى حساب الكتاب المقدس يكون يهورام قد بلغ وتزوج قبل أن تلده أمه بثلاث سنوات، ليتساوى مع عمر ابنه!
الإصحاح العشرين بعد المائة
تعدد زوجات خاتم النبيين محمد عليه الصلاة والسلام :
تزوج النبى محمد صلى الله عليه وسلم من زوجة: (1) السيدة خديجة ، (2) والسيدة سودة بنت زمعة ، (3) والسيدة عائشة بنت أبى بكر ، (4) والسيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب ، (5) والسيدة زينب بنت خزيمة (أم المساكين)، (6) والسيدة هند بنت أبى أمية (أم سلمة) ، (7) والسيدة زينب بنت جحش ، (8) والسيدة جويرة بنت الحارث ، (9) والسيدة صفية بنت حُيى بن أخطب، (10) والسيدة رملة أم حبيبة بنت أبى سفيان ، (11) والسيدة ماريا بنت شمعون ، (12) والسيدة ميمونة بنت الحارث.
منهن أمنا السيدة جويرة بنت الحارث (8) ، والسيدة صفية بنت حُيى بن أخطب (9) كانتا من سبايا الحرب ولهن ظروفهن الخاصة، التى تنم عن براعة النبى القائد السياسى الرحيم، وكذلك كانت السيدة ماريا بنت شمعون (11) هدية من المقوقس عظيم القبط فى مصر ، ولم تكن السيدة ماريا من زوجات الرسول ، وإنما كانت ملك يمين ، وبذلك لم يُطلَق عليها اسم أم المؤمنين. وقد ذكرت بعض الروايات أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد تزوجها تكريماً لها وتشريفاً.
يلاحظ الآتى:
1- تزوج الرسول عليه الصلاة والسلام بأمنا جويرة بنت الحارث وأمنا صفية بنت حُيى بن أخطب وقد كانتا من السبايا ، فأكرمهن بعد إسلامهن ، وتزوجهن ، ولو كان دخل على أى من السبايا التى يملكها فهذا حقه ، وقد أقرته التشريعات السابقة ، كما كانت مارية المصرية جارية أهداها له المقوقس عظيم القبط بمصر. فقد كانت سارية من سراريه (مملوكة له). وأعتقها بعد إسلامها وتزوجها.
2- بدأ داود بتعدد الزواجات عندما كان عمره 20 سنة وعلى مدار عمره كله ، أى 50 سنة كان يعدد فيها الزوجات.
3- ويمكنك من الجدول أعلاه أن تقارن بين تعدد زوجات النبى صلوات الله وسلامه عليه وبين تعدد زوجات باقى الأنبياء. وتكم بنفسك: هل كان النبى محمد صلى الله عليه وسلم شهوانى أو محب للنساء؟
- تزوج وعمره صلى الله عليه وسلم 25 سنة ، وظل 25 سنة مع زوجة واحدة.
- توفت أمنا خديجة وكان عمره صلى الله عليه وسلم 50 سنة
- ظل صلى الله عليه وسلم من عمر 50 إلى عمر 52 بدون زواج.
- ظل من سنة ونصف إلى سنتين مع السيدة سودة بنت زمعة دون أن يتزوج عليها. وكان عمرها فوق الثمانين سنة.
- عدَّدَ الرسول صلى الله عليه وسلم الزوجات فى مدة تُقدَّر ب 5.9 سنوات.
- وظل صلى الله عليه وسلم فترة تُقدَّر ب 3.5 سنوات بدون زواج جديد.
- تزوَّج الرسول صلوات الله عليه وسلم بطريقتين:
محمد الرجل وقد تزوج السيدة خديجة فقط
ومحمد الرسول تزوج الباقيات لدواعى النبوة والدعوة والإنسانية.
الإصحاح الواحد والعشرين بعد المائة
لماذا لم يسمح الرسول بزواج علىّ من امرأة أخرى على ابنته فاطمة:
هذه شبهة أثارها أناس لم يتحلوا بالموضوعية أو لم يفهموا الموضوع إلا بعين غشيها التعصب. لقد أراد على بن أبى طالب أن يتزوج ابنة عدو الله أبى جهل ، فلك أن تتخيل أن يكون عدو الله فى خارج بيت النبوة يحاول قتل الرسول والتخلص منه ومن دعوته ، ويحاول ذلك عن طريق ابنته فى الداخل ، حيث سكناهما هو نفس السكن ، مع ابنة رسول الله ومع رسول الله نفسه! فلو فشل عدو الله فى النيل من الرسول نفسه ، فستكون هناك فرص كثيرة للنيل من الرسول فى شخص ابنته. أضف إلى ذلك كيف يدخل عدو الله بيت ابنة النبى ليزور ابنته على الأقل: ألن تسول له نفسه بالإنتقام من رسول الله فى شخص ابنته السيدة فاطمة؟
(أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحًا ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ قَالَ الْمِسْوَرُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ بَضْعَةٌ مِنِّي وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَفْتِنُوهَا وَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا
قَالَ فَنَزَلَ عَلِيٌّ عَنْ الْخِطْبَةِ) أخرجه ابن ماجه فى سننه
النقطة الثانية: عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله : (أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ) مسند أحمد ، ومسند هاشم.
فالإسلام لا يظلم أحد ، وأن الزواج بنى على التكافؤ من جهتين: جهة الدين ، والجهة الإجتماعية ، فإذا كانت ابنة رسول الله السيدة فاطمة خير نساء أهل الأرض ، فليس من العدل إذن أن يتزوج عليها امرأة قط.
وللمرأة التى من أسرة لها وجهة اجتماعية عالية فى مجتمعها أن تطلب الطلاق للضرر إذا تزوج زوجها عليها امرأة البواب مثلاً ، أو الخادمة ، أو امرأة أقل منها فى الكفاءة الإجتماعية. وهذا ما حدث مع نبى الله إبراهيم ، فلم يتزوج خادمته هاجر على زوجته سارة ، إلا بموافقتها واختيارها هى.
وهذا ما فعله أيضاً الرسول أثناء حياة السيدة خديجة ، فلم يتزوج عليها امرأة، لأنها خير نساء أهل الأرض يومئذ. فمن هذه المرأة التى تفوق خير نساء أهل الأرض؟
الإصحاح الثانى والعشرين بعد المائة
إكراه المرأة على التزوج بشخص معين:
منح الإسلام المرأة الرشيدة الحق فى اختيار زوجها. وفى هذا اعتراف بكرامة المرأة ، وتكريماً لها ، واعتراف بأن المرأة لها العقل المميز ، الذى من حقها بناءً على وجوده أن تختار شريك حياتها. قارن هذا بنص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938.
قال (لا تُنكَح الأيِّم حتى تُستَأمَر ، ولا البكر حتى تُستَأذَن)
وقال (إن الثَّيِّبَ أحقُّ بنفسها من وليها ، والبكر تُستَأمَر ، وإذنها سكوتها)
قالت عائشة رضى الله عنها: إن فتاة دخلت عليها ، فقالت: إن أبى زوجنى من ابن أخيه يرفع لى خسيسة [أى يرفع من شأنى] ، وأنا له كارهة. فقالت اجلسى حتى يأتى رسول الله ، فجاء رسول الله ، فأخبرته ، فأرسل إلى أبيها ، فدعاه ، فجعل الأمر إليها ، فقال: "يا رسول الله: قد أجزتُ ما صنع أبى ، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شىء".
-
الإصحاح الثالث والعشرين بعد المائة
لا وجود للخطيئة الأزلية من الأساس:
وفى هذا الإصحاح تبرئة للمرأة والجنس البشرى كله من الخطيئة الأزلية ، وها هى نُخبة من أقوال الرب يستنكر فيها فرية الخطيئة الأزلية:
1- (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
2- (هَلْ قَصَرَتْ يَدِي عَنِ الْفِدَاءِ وَهَلْ لَيْسَ فِيَّ قُدْرَةٌ لِلإِنْقَاذِ؟ هُوَذَا بِزَجْرَتِي أُنَشِّفُ الْبَحْرَ. أَجْعَلُ الأَنْهَارَ قَفْراً. يُنْتِنُ سَمَكُهَا مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ وَيَمُوتُ بِالْعَطَشِ. 3أُلْبِسُ السَّمَاوَاتِ ظَلاَماً وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءَهَا».) إشعياء 50: 2-3
3- (23فَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: «أَفَتُهْلِكُ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ؟ 24عَسَى أَنْ يَكُونَ خَمْسُونَ بَارّاً فِي الْمَدِينَةِ. أَفَتُهْلِكُ الْمَكَانَ وَلاَ تَصْفَحُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الْخَمْسِينَ بَارّاً الَّذِينَ فِيهِ؟ 25حَاشَا لَكَ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا الأَمْرِ أَنْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالأَثِيمِ. حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ كُلِّ الأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟») التكوين 18 : 23-25
هل تتخيل أن المخلوق أرحم بعبيد الله منه؟ فنبى الله أبو الأنبياء يستنكر على الإله الخالق الذى أرسله أن يُهلِك مدينة قد يكون فيها عدد قليل من الأبرار حتى ولو خمسون باراً!!
لك أن تتخيل رحمة نبى أكبر وأشمل من قسوة وبطش إلاهه!! إلاه أضمر الشر والرغبة فى الإنتقام ألوفاً من السنوات .. .. وفى النهاية قرر الإنتقام من نفسه أقصد من ابنه!! نبى يشفع فى خمسين باراً ، وإله ينتقم من خلقه أجمعين حتى رسله الأبرار ، حتى من الذين عبدوه حق عبادته ، وأطاعوه وشهد لهم بأنهم أرضوه ، أدخلهم جحيمه فور موتهم حتى يحين وقت نزوله وموته على الصليب لينزل إلى الجحيم ليخلصهم!!
لماذا أراد الله أن ينتقم منهم؟ ألم يعلم أنه سينزل فى صورة بشر وأنه سيغفر لهم عن طريق صلبه وقيامته؟ وهل كان يعرف نبيه هذه الرسالة؟ أم ما هى طبيعة كل رسل الله قبل عيسى عليه السلام؟ ولماذا يختلف كتابكم المقدس عن كل أديان التوحيد السابقة واللاحقة؟ فهل غش الله الأنبياء وأرسلهم برسالة مخالفة لرسالة الأنبياء السابقين وللرسالة التى جاء هو بها؟ هل غش خلقه وأوهمهم بالتوحيد ووحدانية الله دون ناسوت ولاهوت وروح قدس ، ثم خالف كل هذه التعاليم؟ هل أوهمهم أنه لا يقتل الآباء عن الأبناء ولا الأبناء عن الآباء ، ثم فاجأهم أنهم لا يحملون وزر أبيهم بل وزر أول رجل وامرأة خلقا؟
انظر كيف استنكر نبى الله ، الذى علمه الله ، أن يكون الله غير عادل! (حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ كُلِّ الأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟) وانظر أيضاً كيف استنكر أن يُحاسَب إنسان على ذنب لم يقترفه هو؟ فلماذا أهانوا المرأة وظنوا أنهم يحملون إثم أكلها من الشجرة؟
ومن الذي قيد الله ، وجعل التوفيق بين العدل والرحمة ، لا يتم إلا بقتل إبنه الوحيد؟
وأين كان الرب الرحيم كل هذا الوقت؟ وهل اقتضت رحمته أن يسكت على هذه الخطيئة المسماة خطيئة حواء كل هذا الوقت من حدوث المعصية من آدم لتُعذَّب المرأة والأنبياء والصالحين مع العاصين والكافرين والزناة حتى ينزل ليموت على الصليب ويغفر لها؟
ألا يعلم الإله بعلمه الأزلى ما سيحدث للنساء طوال التاريخ ، إن لم يغفر لهنً غفراناً فورياً؟
إنها لجريمة تُشين هذا الإله أن تقتضى رحمته ألا يُعالج هذه الجريمة إلا بجريمة أبشع منها. فقد أرسل ابنه البرىء ، فلذة كبده ليُصْلَب ليمحوا هفوة آدم (أكله من الشجرة)!! وهكذا يُعلمنا الإله كيف نكون رحماء!! اقتلوا أبناءكم لتكونوا رحماء!! اسجنوا الابن بسبب سرقة أبيه!
ياله من ظلم! يرسب الابن لأن أبوه لم يتعلم! بل يتفوق الابن فى دراسته وفى عمله ويُحكَم عليه فيه بالفشل بجريرة أبيه! يُطرَد الابن من بيته الذى يسكن فيه فى العراق لأن أبوه لم يدفع إيجار منزله هو الذى يسكن فيه فى مصر! يشرب الأب فتسبب سكر الابن ، ويغضب الرب على الابن وينتقم منه! يَقتل الأب ويغضب الرب على الابن! هذا هو العدل الذى ينسبونه للإله!
ألا تدرون ماذا يعنى هذا؟
إنه ساوى بين المؤمنين والكافرين فى الآخرة!! فالكل سواء ، فبصلب الإله أم ابنه تساوى الجميع!! فلماذا البر؟ ولماذا التقوى؟ ولماذا العمل الصالح؟ لماذا نؤمن بإله؟ لماذا نصدق رسول؟
وإذا كان هذا حال الرب مع من عصاه وأكل من الشجرة ، فقد أضمر له ولكل نسله من بعده الشر ، وقذفهم فى أتون النار ، حتى يتسنى له أن ينزل ، ويحاول اليهود قتله ويهرب منهم ، ثم يتمكنوا منه فى النهاية ، ويُصلَب ، فكيف سيكون حاله مع من زنى أو فسق أو قتل أو كفر؟
لك أن تتخيل: لقد تساوى قتلة الأنبياء مع المصلين، القائمين، الراكعين، الساجدين!!
لك أن تتخيل: لقد تساوى الأمرون بالمعروف والناهون عن المنكر مع الأمرون بالمنكر والناهون عن المعروف!!
لماذا ظل غضب الله على البشرية، خافياً عن الأنبياء العظام السابقين مثل نوح وابراهيم وموسى وأخنوخ، ولم تكتشفه إلا الكنيسة بعد حادثة الصلب؟
وإذا كانت حواء هى المتهمة الأولى فى القضية ، فلماذا لم ينزل الله على صورة امرأة لفداء البشرية من خطيئة المرأة؟
4- (14فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.) (أخبار الأيام الثاني7: 14) فهذا قانون الله فمن أتيتم بفرية الصلب والفداء وظلمتم المرأة؟
5- ألم يأمر الرب بالعقاب الفورى لمن خالف تعاليمه ، ولم يعظم السبت؟ فإذا كان هذا حاله مع عباده ، فما الذى غير حاله مع آدم ولم يعاقبه من فوره؟ وإن كان ما فعله مع آدم هو المألوف ، فلماذا تعجَّلَ بقتل هذا الرجل الذى خالف السبت ، ولم ينتظر حتى يجىء هو نفسه ليُصلَب؟ (32وَلمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل فِي البَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلاً يَحْتَطِبُ حَطَباً فِي يَوْمِ السَّبْتِ. 33فَقَدَّمَهُ الذِينَ وَجَدُوهُ يَحْتَطِبُ حَطَباً إِلى مُوسَى وَهَارُونَ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ. 34فَوَضَعُوهُ فِي المَحْرَسِ لأَنَّهُ لمْ يُعْلنْ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ. 35فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «قَتْلاً يُقْتَلُ الرَّجُلُ. يَرْجُمُهُ بِحِجَارَةٍ كُلُّ الجَمَاعَةِ خَارِجَ المَحَلةِ». 36فَأَخْرَجَهُ كُلُّ الجَمَاعَةِ إِلى خَارِجِ المَحَلةِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ فَمَاتَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.) خروج 15: 32-36
6- (7لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.) إشعياء 55: 7
لماذا لم يأمر الربُ الشريرَ ورجلَ الإثم أن ينتظرا حتى ينزل ويُصلب لتتحقق التوبة والمغفرة؟
7- (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: [الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ]. كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء31: 29-30
8- (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْمِلُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
فلماذا لم يغفر لآدم وحواء إذاً ذنبيهما؟ وكيف يصلب نفسه (أقصد ابنه) وهو يقول. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ؟ فى أى دين كان وحى الله كاذب؟ أم هل هو إله ذو نزوات ليوحى هنا بعقيد ويفسدها بعقيدة أخرى مع نبى آخر؟
9- (11قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ, بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. إِرْجِعُوا ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 12وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَقُلْ لِبَنِي شَعْبِكَ: إِنَّ بِرَّ الْبَارِّ لاَ يُنَجِّيهِ فِي يَوْمِ مَعْصِيَتِهِ, وَالشِّرِّيرُ لاَ يَعْثُرُ بِشَرِّهِ فِي يَوْمِ رُجُوعِهِ عَنْ شَرِّهِ. وَلاَ يَسْتَطِيعُ الْبَارُّ أَنْ يَحْيَا بِبِرِّهِ فِي يَوْمِ خَطِيئَتِهِ. 13إِذَا قُلْتُ لِلْبَارِّ حَيَاةً تَحْيَا, فَـاتَّكَلَ هُوَ عَلَى بِرِّهِ وَأَثِمَ, فَبِرُّهُ كُلُّهُ لاَ يُذْكَرُ, بَلْ بِإِثْمِهِ الَّذِي فَعَلَهُ يَمُوتُ. 14وَإِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتاً تَمُوتُ! فَإِنْ رَجَعَ عَنْ خَطِيَّتِهِ وَعَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ, 15إِنْ رَدَّ الشِّرِّيرُ الرَّهْنَ وَعَوَّضَ عَنِ الْمُغْتَصَبِ وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِ الْحَيَاةِ بِلاَ عَمَلِ إِثْمٍ, فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 16كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً.) حزقيال 33: 11-16
فلماذا يدعوا الله خلقه للتوبة وعمل الصالحات لو كان هنا فداء عن طريق الصلب أو كانت هناك خطيئة أزلية تسببت فيها المرأة أو لم يغفر لأبينا آدم وأمنا حواء؟
ولماذا يدعو الله الأبرار بعدم الاعتماد على برِّهم الذى عملوه بل يُحثهم على الزيادة ، إن كان البر ودخول الجنة قد ذهبت به خطيئة المرأة ولا يتم إلا عن طريق الصلب والفداء؟
10- (فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة) متى 3: 8
هذا كلام يوحنا ( يحيى عليه السلام ) أثناء وجود المسيح عليه السلام مما يبطل القول
بأن المسيح عليه السلام جاء ليفدي العالم. فمن غير المعقول ألا يعرف نبى إلاهه أو يُخالِف رسالة ربه. فهل ينزل الرب نفسه ويقول بالصلب والفداء لغفران الخطايا ثم يقول نبيه لا تسمعوا له ، أنا أضمن لكم الجنة إذا فعلتم أثماراً تليق بالتوبة؟!!
إذاً فقد كانت هناك توبة ، وأن الله غفور رحيم ، يقبل التوبة من عبده العاصى. فلماذا لم يقبل بالذات توبة عبده آدم وأَمَتِهِ حواء؟
11- (35لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ.) متى 23: 35
فعيسى عليه السلام قد اعترف إذاً ببر الأنبياء وعباد الله من أول خلق البشرية إلى زمانه! فأين إذاً الخطيئة الأزلية؟ وما حاجة الله إلى الصلب والفداء؟ ألم تتفكروا أية خطيئة أكبر: الأكل من شجرة معرفة الخير من الشر أم قتل الأخ لأخيه؟ فما بالكم بقتل الإله نفسه أو ابنه؟ ألا يُعَد هذا انتحار من وجهة نظر العقل؟ ألا يُعَد ذلك انتحار تبعاً لقوله: (أنا هو الراعى الصالح) يوحنا 10: 11 (لأنه مكتوب أنِّى أَضربُ الراعى فتتبدد الخراف) متى 14: 27 ؟ فهو بذلك الضارب والمضروب!!
12- سُئلَ عيسى عليه السلام(16وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: 17فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». 18قَالَ لَهُ: «أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 20قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُنِي بَعْدُ؟» 21قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِيناً لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ.) متى19: 16-22 ولوقا18: 18-23
ماذا قال له المسيح؟ تؤمن بعقيدة الصلب والفداء؟ لا. قال له تشهد أنه واحد فقط هو الإله الصالح (أى توحِّد الله) ثم تأتى بالأعمال الصالحة.
فأين هنا عقيدة الخطيئة الأزلية وفرية الصلب والفداء؟ وما أهمية حفظ الوصايا هنا لو كان الخلاص بالصلب؟ وأين هذا من أقوال بولس؟ ألم يقل بولس:
(16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
(. 4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
(20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. 21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ 22بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. 23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.) رومية 3: 20-25
(18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.) عبرانيين 7: 18-19
13- سئل عيسى عليه السلام: (36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 36-40
فلماذا لم يَقُل إنه عليك أن تؤمن بعقيدة الخطيئة الأزلية وأسطورة الصلب والفداء؟ وأين عقيدة الفداء والصلب هنا؟ ولماذا الفداء هنا؟ وأين هذا من أقوال بولس المذكورة أعلاه؟
14- من صفات الله التى لا يختلف عليها العقلاء (العدل والرحمة والغفران).
فأين الرحمة لو صُلِبَ برىء تكفيراً عن شخص آخر؟
وهل يُصلب إله تكفيراً عن خطيئة بشر؟ ولو قلتم إن الذى صُلِبَ كان بشر أيضاً ، لقلنا لقد انفصل وقتئذ إذاً لاهوته عن ناسوته ، وبذلك ينتفى الاتحاد التام والكامل فى القول والعمل الذى تنادون به.
فما بالك إذا كان الآخر ابن الإله؟
هل كان يريد أن يتخلص من ابنه؟
أم هل كان عاجزاً عن الغفران بدون هذه المسرحية؟
وكيف يثق خلقه به إذا كان قد ضحى بالبار البرىء من أجل غفران خطيئة مذنب آخر؟
هل هو قاسى القلب لهذه الدرجة: يحب آدم وحواء وذريتهما أكثر من ابنه؟
ولماذا لم ينتقم من يعقوب عندما ضحك عليه وسرق النبوة من أبيه وفرضها على الرب؟ (تكوين 27) وكيف سينتقم منه إذاً؟
ولماذا لم ينتقم الله (فى زعمكم) من يعقوب الذى تصارع معه وقهره؟ (تكوين32: 22-30)
ولو كان الصلب والفداء لغفران خطيئة حواء – فكيف يكفر عن خطيئة الشيطان؟ وكيف سيكفر عن خطيئة آدم؟ وهل سيضطر إلى النزول مرة أخرى والزواج من شيطانة لينجب شيطاناً يصلب عن الشياطين؟ أليست خطيئة الشيطان أعظم وأجل؟ أم كان صَلب ابنه (أقصد نفسه) هذا نيابة عن الجن والإنس؟
ولماذا لم ينتقم من نبيه يهوذا الذى زنا بزوجة ابنه (تكوين 38: 12- 26)
ولماذا لم ينتقم من لوط الذى تقولون إن زنى بابنتيه؟ (تكوين 19: 30-38)
ولماذا لم ينتقم من أمنون الذى تقولون عنه إنه زنى بأخته؟ (صموئيل الثانى 13)
ولماذا لم ينتقم من داود الذى تتهمونه بالزنا مع امرأة جاره بعد ارتكابه خيانة عظمى فى حق جيشه وجنوده ليقتل زوجها؟ (صموئيل الثانى 11)
ولماذا لم ينتقم من سليمان الذى عبد الأوثان؟ (ملوك الأول 11: 9-10)
ولماذا لم ينتقم من بنى اسرائيل الذين عبدوا العجل بعد أن أنقذهم وأخرجهم من مصر؟ (خروج 32: 1-6)
ولماذا لم ينزل مرة أخرى ليصلب ليكفر عن خطيئة من قتلوا ابنه وحرفوا دينه؟
ولماذا تعجَّلَ وأمر بقتل نفس ، برجم المرتد ، لو كان فى نيته أن يفديه ويغفر له خطاياه بموت ابنه على الصليب؟ (تثنية 13: 6-10) وهل من العدل أن يتساوى الكافر والمؤمن لمجرد صلب إنسان برىء؟
وهل بهذا قد تعلم شعب الصليب تحمل مسؤولية أعمالهم؟ لا. إنهم يُحمِّلون ظهر إلاههم بأثقال من الذنوب والإثام، لا بد معها من ارسال ابنه مرة أخرى وربما ابنته وزوجته وكل أقربائه مرات ومرات حتى يرضيه منظر الدماء والضحايا ليتوب عليهم ويغفر لهم!! أليس من الأسهل لو أنه انتقم من الشيطان وأراح واستراح؟
ولماذا لم ينتقم من بنى إسرائيل على سرقتهم حلى المصريين؟خروج 12: 35-36
ولماذا لم ينتقم ممن أوقدوا نيران الحرب وقتلوا الأبرياء فى صبرا وشاتيل وفى جنين؟
أيهما أهم عند هذا الإله: الأكل من شجرة معرفة الخير والشر أم قتل النفس؟
كيف يكون إله بار رحيم حنّان منّان وهو يُضمر كل هذا الشر فى نفسه؟ كل هذا العمر لينتقم من فلذة كبده؟ ثم تقولون الله محبة؟!!!
ألم يقل إنه إله غيور يتفقد ذنوب الآباء فى الأبناء فى الجيل الثالث والرابع من مبغضيه؟
فلماذا كذب وانتظر كل هذه الأجيال؟ (خروج 20: 5)
وإذا كان هذا حاله مع من أحب - مع ابنه – فماذا يكون حاله معنا نحن؟
ولماذا لم ينتقم من الشيطان الذى قهره أربعين يوما يجربه فى البرية؟متى4: 1-11
ولماذا لم ينتقم من الشيطان الذى وسوس لآدم وحواء وتسبب فى هذه الخطيئة؟
ولماذا لم ينتقم ممن وصفوه بالظلم ونفوا عنه الرحمة؟ (إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ) رومية 8: 31-32
أم نزل هو ليصلب ليظل خلقه يلعنوه إلى يوم الدين ثم يخلدهم فى الجنة بهذا العمل
الأسطورى الذى راح هو ضحيته؟ (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
لماذا قبل إلاهكم أن يتحول إلى حيوان منوى لايُرى، ثمّ نطفة، ثمَّ علقة، ثم مضغة، ويتوسخ بالدماء وينزل من فرج أمه ، ويكون صغيراً رضيعاً لا يفقه شيئاً ، تُعلمه أمه وهى فى نفس الوقت زوجته – أحد خلقه – ويكون متبولاً ومتبرزاً على نفسه؟ هل هذه هى صورة الإله العظيم القدوس المنزه؟ فما الذى يدفعنى إذاً لعبادته؟
أيولد كلب الملك فى قصر ، ويولد ملك الملوك (الرب بنفسه) فى زريبة للمواشى؟
نحن نقول الله أكبر من كل شىء ، نحن نقول الله العليم. ولا يمكن لإلاهكم أن تكون له نفس هذه الصفات. فقد كانت بطن أمه التى حوته أكبر منه ، وكانت أكبر منه ناهيك عن الكهف الذى ولدته فيه. فلماذا أعبد الضعيف؟ ولماذا أعبد الصغير؟
لماذا قبل إلهكم أن يتحد جسده ودمه فى البشر عندما تأكلون الخبز المقدس وتشربون الخمر؟ ألم يعلم أن مصير هذا التحول سيؤول بعد الهضم إلى المجارى؟ هل رضى لنفسه هذه الصورة المهينة؟
هل لم يعرف رئيس الكهنة قيافا إلاهه؟ وهل قبل الإله أن يحكم عليه أحد خلقه بالموت؟ أإله لم يعرفه أنبياؤه ولا رسله؟ (49فَقَالَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ قَيَافَا كَانَ رَئِيساً
لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ: «أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئاً 50ولاَ تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا». 51وَلَمْ يَقُلْ هَذَا مِنْ نَفْسِهِ بَلْ إِذْ كَانَ رَئِيساً لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ تَنَبَّأَ أَنَّ يَسُوعَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمُوتَ عَنِ الأُمَّةِ)يوحنا11: 49-50
أنظر النبى أعلم من الإله!! النبى تنبأ بموت الإله!! انظر نبى الله العادل الذى يحكم على إلاهه بالموت ويرى فى ذلك الخير للأمة!! فما حاجتى أن أصدق نبياً أو إلاهاً بعد؟ أليس هذا هو الدافع لخروج الناس من الكنيسة ورفض تعاليمها؟ أليس هذا هو الدافع لإنكار وجود الله؟ أليست فكرة الصلب والفداء دافع لإكثار الخطايا والآثام واللامبالاة باقترافها؟
أإله يسلمه للصلب نبيه يهوذا الأسخريوطى؟ أتصدقون أنه رضى بتسليم إلهه ورجح
منفعة ثلاثين درهما على إلهه ووعوده؟ (متى 26: 14-16)
أإله لا يساوى ثمنه ثمن حذا رخيص؟ ثلاثين درهما؟!!
لماذا لم يرحم باقى خلقه القادمين إلى العالم عندما يُفقِدَهم الثقة فى رحمته؟ ماذا سيقولون عنه عندما يعلمون أنه ضحَّى بابنه؟ ألن يساورهم الشك ويحبطهم التشكك والأمل فى رحمته؟ ألا يفقدهم ذلك الأمل فى أنه من الممكن ألا يعدل بينهم أو يحكم بالصلب على أحد منهم بسبب خطيئة شخص آخر؟
ما بالكم لو اتبع أحد القضاة هذا النهج البولسى وحكم بقتل شخص برىء بذنب آخر؟ أأكل أنا وأسرتى فى أحد المطاعم وتُجْبَر أنت على دفع فاتورة الطعام؟
قولوا لى بالله عليكم: ما هو الذنب الذى ارتكبه آدم وحواء؟ أن أكلا من شجرة معرفة الخير والشر؟ هل كان عليهما ألا يعرفا طريق الخير فينتهجاه وألا يعرفا طريق الشر فيتجنباه؟ قد تقول لى إن ذنبهما هو عصيان أمر الله. أقول لك وما الحكمة أن يمنع الله خلقه من معرفة الخير من الشر؟ هل كان يريد أن يتركهما فى ظلام الجهل وعدم معرفة الخير من الشر ثم يحاسبهما فى الآخرة؟ ألست معى فى أنهما لو كانا قد عرفا ذلك لاقتضى علمهم بالخير أن يتبعا طريق الله القويم؟ ألست معى أنه في جميع الشرائع لابد أن تتناسب العقوبة مع الجريمة نفسها؟ فهل يتناسب الصلب ، مع خطيئة آدم؟
وهل كفَّ الشيطان عن محاربة الله بعد أن وسوس لآدم وحواء؟ فلماذا يترك هذا الإله الحلول الجذرية فلا ينتقم من آدم وحواء ، ولا ينتقم من الشيطان ، بل ينتقم من ابنه البرىء الذى سُرَّت به نفسه؟
ألا تقولون إن الأنبياء السابقين عصوا الله وزنوا؟ ألا تقولون إن سليمان ضلَّ عن طريق الله القويم وعبد الأوثان؟ ألا تقولون إن إبراهيم رضى بعبث فرعون بزوجته فى مقابل دراهم معدودة؟ هل كان كل هذا طاعة لأوامر الله أم عصيان له وإفسادٌ فى الأرض؟
فلو كان طاعة ، لقلنا سبحان الله. كيف ترضون بإله ديوث لا يرضى إلا بالزنا والدياثة؟ وإن قلتم عصيان ، لقلنا كيف تتهمون الله سبحانه وتعالى بالجهل فى اختيار أنبيائه ولحكمتم على كتابكم بأنه ليس من عند الله. فهذا إلاه يستحق الصلب فعلاً ولكن ليس من أجل خطيئة عبدين من عباده أكلا من شجرة ، ولكن لسوء أختيار أنبيائه!
أليس هذا ذنب الله الذى لم يترك لآدم وحواء الإكثار من الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟ فلماذ أراد منعهم من معرفة الخير؟
(فكونوا أنتم رحماء كما أن أباكم أيضاً رحيمٌ) لوقا 6: 36 لك أن تتخيل أن نصارى العالم يرون فى قتل الأب لابنه رحمة وغفران؟ لك أن تتخيل أن نصارى العالم يرضون بقتل الآب لابنه من أجل خطية آدم وخطاياهم؟ أليس هذا باعث للإستمرار فى الخطايا؟ تُرى ماذا سيكون عندما يقتل كل نصرانى ابنه متمثلاً برحمة الرب فى هذا العمل؟
وما قيمة قوله (من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده) لوقا 5: 21 ؟ فإذا كان هو إله غفَّار فلماذا لم يغفر خطيئة آدم وحواء؟ ألا يريد أن يكون قدوة يقتدى به خلقه؟
15- ألم يقل عيسى عليه السلام: (طوبى لصانعى السلام. لأنهم أبناء الله يُدْعَوْن) متى 5: 9 فلماذا طالبنا بصنع السلام إذا كان طريق الخلاص هو الصلب والفداء؟
16- (13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 13-16
فكيف حكم عليهم بالبر والتقوى والصلاح قبل أن يُصلَب؟ ولماذا لم يُعلِّق صلاحهم وبرهم على موته وقيامته؟ وكيف كانوا نور العالم وهو لم يكن قد صُلِبَ بعد؟
17- (أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه. بل في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده) (أعمال الرسل 10: 34-35) فلم يتقيد قبولكم أو قبول أى أمة عند الله بالصلب والفداء بل بالإيمان بالله وتقواه. بالإيمان بالله وحده والعمل الصالح.
18- (13وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَداً لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. 14فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذَلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللَّهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». 16فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.) مرقس 10: 13-16
(47فَعَلِمَ يَسُوعُ فِكْرَ قَلْبِهِمْ وَأَخَذَ وَلَداً وَأَقَامَهُ عِنْدَهُ 48وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ قَبِلَ هَذَا الْوَلَدَ بِاسْمِي يَقْبَلُنِي وَمَنْ قَبِلَنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأَنَّ الأَصْغَرَ فِيكُمْ جَمِيعاً هُوَ يَكُونُ عَظِيماً») لوقا 9: 47-48
فقد حكم على الأطفال بالبراءة وأكد خلوهم من فرية الخطيئة الأزلية. فأين عقيدة الصلب وسفك الدماء والفداء هنا؟ فأين هذا من قول بولس: (22وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!) عبرانيين 9: 22
فإذا كان هذا رأيه فى الأطفال دون صلب أو فداء فلماذا الصلب وسفك الدماء إذاً؟ وها هى براءة الأطفال التى أقر بها عيسى عليه السلام من خطيئة آدم وحواء منذ صغرهم. فلماذا الصلب وما أهمية الفداء؟
19- شهد إلاهكم قبل أن يموت على الصليب ويفدى البشرية من خطيئة أدم أن تلاميذه من الأطهار باسثناء واحد منهم: (9قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يَدَيَّ وَرَأْسِي». 10قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ».) يوحنا 13: 9-10 ألا يكذب هذا بدعة الصلب والفداء؟
20- تكلم الله قائلاً: (أَنَا إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ؟ 27لَيْسَ هُوَ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ.) مرقس 12: 26
فإذا كان إبراهيم وإسحق ويعقوب من الأحياء (الأبرار) فكيف تُفهَم نظرية الصلب والفداء مع وجود الأخيار؟ أى لم يكن أحد من الأنبياء فى جهنم بسبب خطيئة آدم! أى لم تكن هناك خطية أزلية!! وليس هناك داعٍ لأن ينزل إلاهكم ليصلب ويموت؟ ولم يكن هناك داع لأن تُهدَر كرامة المرأة من أجل خطيئة آدم وحواء ، التى غفرها الله لهم وتاب عليهما!
21- (21وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا.) تكوين 3: 21 الرب بنفسه صنع لهما هذه الأقمصة! ألا يدل ذلك على غفران الله لذنبهما؟ فلو لم يغفر لهما لتركهما يصطادا ويعالجا الجلد ثم يصنعان لأنفسهما هذه الأقمصة ، إمعانا فى إجهادهما وتنفيذا لوعيده لهما بأن يشقيا فى الأرض؟
(16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». 17وَقَالَ لِآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 18وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. 19بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ».) تكوين 3: 16-19
مع تحفظنا على أنه لا توجد حية تأكل التراب من قديم الأزل حتى الآن! ومع تحفظى أن الرب عاقب الحية التى هى القناع الذى كان يختبىء فيه الشيطان ، ولم يعاقب الشيطان نفسه! ومع تحفظى أن الخطيئة أُلحِقت بحواء التى أعطت لآدم ليأكل من الشجرة ، ولم تُلحَق بالشيطان! أليست هذه عقوبة قررها الرب على الرجل والمرأة والحية؟
فلماذا ادخرَ عقوبة أخرى تستمر ردحاً من العمر على الأبرار والفجَّار ، على المؤمنين والكافرين حتى ينزل هو بنفسه (أو يرسل ابنه) ليُصلب ويكفر عنهما خطيئتهما؟ هل يجوز قانوناً أو عقلاً أن يُعاقب شخص ما مرتين على جريمة واحدة؟ وهل يجوز بين العقلاء أن يُعاقَب شخص ما على جريمة لم يرتكبها؟
وبذلك نكون قد أثبتنا ابتداع فرية الخطيئة الأزلية التى راحت المرأة ضحيتها.
22- وقال أيضاً: (وحينئذ يحاسب كل إنسان على قدر أعماله) متى 16: 27
23- (الرب قضاء أمضى: الشرير يُعلَّق بعمل يديه) مزامير 9: 16
24- (من هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبَهُ فإنه يُسرُّ بالرأفة. يعود يرحمنا، يدوس آثامنا وتُطرَحُ فى أعماقِ البحر جميعُ خطاياهم) ميخا 7: 18-19.
25- إنه (الرب حنان ورحيم طويل الروح وكثيرُ الرحمةِ. الربُّ صالح للكلِّ ومَرَاحِمُهُ على كل أعماله) مزمور 145 : 8-9
26- (29فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ.) يوحنا 5: 29
27- (الرب الرحيم كثير الرحمة ، الإله الرؤوف) يعقوب 5: 11
28- (9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 11خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. 12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا.13وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلَّاتِكُمْ.) متى 6: 9-15
ومعنى هذا أن غفران الله لنا يتوقف على مغفرتنا لاخواننا والتحاب بيننا ، وليس على الصلب والفداء
29- (36وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَاباً يَوْمَ الدِّينِ. 37لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ».) متى 12: 36-37
30- (30فَتَذَمَّرَ كَتَبَتُهُمْ وَالْفَرِّيسِيُّونَ عَلَى تَلاَمِيذِهِ قَائِلِينَ: «لِمَاذَا تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مَعَ عَشَّارِينَ وَخُطَاةٍ؟» 31فَأَجَابَ يَسُوعُ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. 32لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».) لوقا 5: 32
31- أنكر معاصروه فرية الخطيئة الأزلية التى تقوم على الصلب والقيامة من الأموات التى كان يدعوا بولس إليها ضمن تعاليم أخرى تخالف تعاليم عيسى والكتاب المقدس (32وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: «سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هَذَا أَيْضاً!».) أعمال الرسل 17: 32.
32- (17هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضاً، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. 18لَكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ!» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي. 19أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20وَلَكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟) يعقوب 2: 17-20
33- (وَبَارَكَ الرَّبُّ إِبْرَاهِيمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ.) تكوين 24: 1
34- (فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.) ملوك الثانى 2: 11
35- (24وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.) تكوين 5: 24 إنه من الأبرار قبل أن تحدث حادثة الصلب المزعومة.
36- (5بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ - إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ.) عبرانيين 5: 11
37- (41رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هَهُنَا! 42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 41-42 ، فلا وجود إذن للخطيئة الأزلية.
38- (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ.) متى 11: 11
إذن فقد كان يوحنا من الأبرار ، بل ومن أعظم من ولدتهم النساء ، إذن فقد كان هناك عظماء أبرار آخرين ، زمع ذلك فإنَّ يوحنا أفضلهم ، ويفضل الكل النبى الخاتم ، أصغرهم. فلا وجود إذن للخطيئة الأزلية.
39- (27فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذاً يَا أَبَتِ أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي 28لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضاً إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هَذَا. 29قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ. لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ. 30فَقَالَ: لاَ يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ. بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. 31فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ».) لوقا 16: 19-31
وفى الحقيقة فإن هذه القصة وإن كانت تنقض فكرة الخطيئة المتوارثة من أساسها ، إلا أن لها دلالة أكبر وأعظم وهى: أن العقيدة الصحيحة التى تنجّى صاحبها من العذاب الأبدى ، هى الإيمان بالله الواحد ، إله إبراهيم وموسى وكل الأنبياء ، والإيمان بهذه الرسل كأنبياء أرسلهم الله لهداية عباده وإصلاح ما فسدَ من شرعه ، ثم العمل الصالح. والتوبة من السيئات قبل يوم الحساب ، فلا وجود إذن للخطيئة الأزلية.
40- (11مَرَّةً وَاحِدَةً تَكَلَّمَ الرَّبُّ وَهَاتَيْنِ الاِثْنَتَيْنِ سَمِعْتُ أَنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ. 12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ.) مزمور 62: 11-12.
فأين عزة الله لو ضُرِبَ وصُفِعَ على وجهه وصُلِبَ ومات ودخل جهنَّمَ لمدة ثلاثة أيام ليفدى الخاطئين؟ أليس معنى قول المزامير هذا: (ألا تزر وازرةٌ وزرَ أُخْرىَ) وبما أنه سيحاسب كل إنسان كعمله ، فماذا عمل يسوع ليُصلَب؟ ولماذا لم يُحاسِب آدم وحواء على معصيتهم ، وبذلك يكون انتهى الأمر؟
-
الإصحاح الرابع والعشرين بعد المائة
بولس مخترع الخطيئة الأزلية:
(8وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. 9فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ. 10لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ. 11وَلَيْسَ ذَلِكَ فَقَطْ بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً بِاللَّهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ. 12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. 13فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. 14لَكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى وَذَلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي. 15وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضاً الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً نِعْمَةُ اللهِ وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ. 16وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هَكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ. 17لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. 19لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضاً بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً. 20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ. وَلَكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدّاً. 21حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ هَكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا.) رومية 5: 8-21
(22وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!) عبرانيين 9: 22
(23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.) رومية 3: 23-25
وفى الحقيقة فهو يرى - أن الأعمال الحسنة التى يقوم بها الإنسان وسلوكه الطيب لا يشفعان له للمصالحة مع الله ، ذلك لأن الخلاص ليس إلا عطية، ولا يمكننا أن نفعل حيال ذلك أى شئ: رومية 3: 24 ؛ 3: 28 [ "إذ نحسب أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس" ]؛ 9: 11؛ 9: 16، كورنثوس الأولى 1: 29، غلاطية 2: 16 وأيضا أفسس 2: 8-9 ويقول فيها : "8لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. 9لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. ".
ولا يمكن أن يزول غضب الله (الذى يشمل أيضا كل مولود) إلا بموت عيس عليه السلام ودمه، ولم يغفر الله الخطيئة الأولى - تبعا لقول بولس - إلا بموت عيسىعليه السلام وسفك دمه (21وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً اجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ 22فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى امَامَهُ،) انظر كولوسى 1: 22
و "…... وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة " (عبرانيين 9: 22).
ولكى يتمكن الله من غفران هذا الذنب (تبعا لخطة أزلية) جعل ابنه من صلبه انساناً ثم نبذه لكى يستغفر للبشرية كلها عن الخطيئة الأزلية بموته ودمه : "21لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ." (كورنثوس الثانية 5 :21) وأيضا : (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) (غلاطية 3: 13).
وقد تمكن الإنسان بهذه الطريقة فقط من محو خطيئة إنسان آخر (أدم). وأشهر الفقرات التى تكلمت فى ذلك - نذكر منها : رومية 3 :24-25، [وهو يقول فيها: "متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح الذى قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار برَّه من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله " ].
(4أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ. 5وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً)رومية4: 4-5
(6لأَنَّ الْمَسِيحَ إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ. 7فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارٍّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضاً أَنْ يَمُوتَ. 8وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. 9فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ. 10لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ. 11وَلَيْسَ ذَلِكَ فَقَطْ بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً بِاللَّهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ. 12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 6-14
(18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. 19لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضاً بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً.) رومية 5: 18-19
(30وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرّاً وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً.) كورنثوس الأولى 1: 30 ؛
(16لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتَى لاَ يَقُومُونَ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. 17وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! 18إِذاً الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضاً هَلَكُوا!) كورنثوس الأولى 15: 16-18
(4وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ، 5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ.) غلاطية 4 :4-5
(7الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ،) أفسس 1: 7
(16وَيُصَالِحَ الِاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ)أفسس2: 16
(20وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَا عَلَى الأَرْضِ امْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ.) كولوسى 1: 20
(14إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدّاً لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّراً ايَّاهُ بِالصَّلِيبِ،) كولوسى 2: 14
(10وَتَنْتَظِرُوا ابْنَهُ مِنَ السَّمَاءِ، الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، يَسُوعَ، الَّذِي يُنْقِذُنَا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي.) تسالونيكى الأولى 1: 10
(9لأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاِقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 10الَّذِي مَاتَ لأَجْلِنَا، حَتَّى إِذَا سَهِرْنَا أَوْ نِمْنَا نَحْيَا جَمِيعاً مَعَهُ) تسالونيكى الأولى 5: 9-10
(5لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، 6الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ، الشَّهَادَةُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ،) تيموثاوس الأولى 2: 5-6
(14الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْباً خَاصّاً غَيُوراً فِي أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ.) ثيطس 2: 14
(17مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيماً، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِيناً فِي مَا لِلَّهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ. 18لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ.) عبرانيين 2: 17-18
(7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ، 8مَعَ كَوْنِهِ ابْناً تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ. 9وَإِذْ كُمِّلَ صَارَ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ سَبَبَ خَلاَصٍ أَبَدِيٍّ، 10مَدْعُّواً مِنَ اللهِ رَئِيسَ كَهَنَةٍ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ.) عبرانيين 5: 7-10
(27الَّذِي لَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا الشَّعْبِ، لأَنَّهُ فَعَلَ هَذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ.) عبرانيين 7: 27
(10فَبِهَذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً.) عبرانيين 10: 10
(14لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ.) عبرانيين 10: 14
(19فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِدَمِ يَسُوعَ)عبرانيين10: 19
(12لِذَلِكَ يَسُوعُ أَيْضاً، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ.) عبرانيين 13: 12
وبعد ما وصف هذا العمل الهمجى بالتضحية ، سبَّ الله واتهمه بعدم الرحمة وعدم الإشفاق على ابنه: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟)رومية8: 31-32
(2لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً.) كورنثوس الأولى 2: 2
الإصحاح الخامس والعشرين بعد المائة
رأى الكتاب المقدس فى بولس:
ابتدأ ( بولس ) ينافق كل طائفة حسب عقيدتها، فقام بختان تابعه (تيموثاوس) لينافق اليهود (بعد أن كان يحارب الختان) (3فَأَرَادَ بُولُسُ أَنْ يَخْرُجَ هَذَا مَعَهُ فَأَخَذَهُ وَخَتَنَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي تِلْكَ الأَمَاكِنِ .. .. ..) أعمال 16: 3
ثم نافق عبدة الأصنام في أثينا عندما رأى صنما مكتوبا عليه (إله مجهول) فقال لهم لقد جئتكم لأبشركم بهذا الإله؟؟ (23لأَنَّنِي بَيْنَمَا كُنْتُ أَجْتَازُ وَأَنْظُرُ إِلَى مَعْبُودَاتِكُمْ وَجَدْتُ أَيْضاً مَذْبَحاً مَكْتُوباً عَلَيْهِ: «لِإِلَهٍ مَجْهُولٍ». فَالَّذِي تَتَّقُونَهُ وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَهُ هَذَا أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ.) (أعمال 17: 23)
وقال مثل قولهم (نحن ذرية الله)؟ (29فَإِذْ نَحْنُ ذُرِّيَّةُ اللهِ) أعمال الرسل 17: 29
وكان هذا هو منهاج حياته الذى أقر به: (19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23
أليس هذا هو النفاق بعينه؟ هل المنافق يُطلَق عليه قديس؟ هل المنافق يُؤتَمَن على كلمة الله؟ هل لم يجد الرب بشراً أخراً يصطفيه لنقل رسالته غير هذا الكذَّاب؟ كيف يكون إنسان بهذه الشخصية شريكاً فى كتابكم الموحى به من عند الرب؟
والغريب أنه لا يستح من كذبه ، ويبرره بأن مجد الله ازداد بكذبه: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
فكيف يُؤخذ دين وعقيدة من كذَّاب ومنافق؟
والأعجب من ذلك أنه يتفاخر بذلك قائلاً: (16فَلْيَكُنْ. أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ. لَكِنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالاً أَخَذْتُكُمْ بِمَكْرٍ!) كورنثوس الثانية 12: 16
الإصحاح السادس والعشرين بعد المائة
رأى التلاميذ والمعاصرين لعيسى عليه السلام فى بولس:
اتهم تلاميذ عيسى عليه السلام بولس بالخروج عن تعاليم عيسى وموسى والأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأمروه بالتوبة والعودة إلى دين آبائه وأجداده ، كما اتهمه فستوس بالتخريف والهذيان ، عندما سمعه يقول بالقيامة من الأموات، وأنه يُغالط ويخدع الحاضرين بقوله إن هذا ليس إلا قول الأنبياء: (22فَإِذْ حَصَلْتُ عَلَى مَعُونَةٍ مِنَ اللهِ بَقِيتُ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ شَاهِداً لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. وَأَنَا لاَ أَقُولُ شَيْئاً غَيْرَ مَا تَكَلَّمَ الأَنْبِيَاءُ وَمُوسَى أَنَّهُ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ: 23إِنْ يُؤَلَّمِ الْمَسِيحُ يَكُنْ هُوَ أَوَّلَ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ مُزْمِعاً أَنْ يُنَادِيَ بِنُورٍ لِلشَّعْبِ وَلِلْأُمَمِ». 24وَبَيْنَمَا هُوَ يَحْتَجُّ بِهَذَا قَالَ فَسْتُوسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «أَنْتَ تَهْذِي يَا بُولُسُ! الْكُتُبُ الْكَثِيرَةُ تُحَوِّلُكَ إِلَى الْهَذَيَانِ».) أعمال الرسل 26: 22-24
الأمر الذى رفضه كل المؤمنين بصور مختلفة:
فقد منعه الرسل (التلاميذ) من التواجد بينهم: (أعمال الرسل 19: 30) (30وَلَمَّا كَانَ بُولُسُ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَ الشَّعْبِ لَمْ يَدَعْهُ التَّلاَمِيذُ.)
ولم تتفق شكواهم ضده إلا على قوله بقيامة يسوع من الأموات: (18فَلَمَّا وَقَفَ الْمُشْتَكُونَ حَوْلَهُ لَمْ يَأْتُوا بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّا كُنْتُ أَظُنُّ. 19لَكِنْ كَانَ لَهُمْ عَلَيْهِ مَسَائِلُ مِنْ جِهَةِ دِيَانَتِهِمْ وَعَنْ وَاحِدٍ اسْمُهُ يَسُوعُ قَدْ مَاتَ وَكَانَ بُولُسُ يَقُولُ إِنَّهُ حَيٌّ.) أعمال الرسل 25: 18-19
ومنهم من استهزأ به (أعمال الرسل 17: 32) (32وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ)
ومنهم من حكم عليه بالخبل والجنون (الهزي) (أعمال الرسل 26: 24) (24وَبَيْنَمَا هُوَ يَحْتَجُّ بِهَذَا قَالَ فَسْتُوسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «أَنْتَ تَهْذِي يَا بُولُسُ! الْكُتُبُ الْكَثِيرَةُ تُحَوِّلُكَ إِلَى الْهَذَيَانِ».)
ومنهم من ادعى أن أقواله كلها غريبة ، ولم يتبق له إلا أن يقول هذا (سنسمع منك عن هذا أيضاً): (31لأَنَّهُ أَقَامَ يَوْماً هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ بِرَجُلٍ قَدْ عَيَّنَهُ مُقَدِّماً لِلْجَمِيعِ إِيمَاناً إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ». 32وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: «سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هَذَا أَيْضاً!». 33وَهَكَذَا خَرَجَ بُولُسُ مِنْ وَسَطِهِمْ.) أعمال الرسل 17: 31-33
ومنهم من ادعى عليه بالتخفيف أنه مهزار ، ولا يمكن أن يكون هذا الهزل الذى يقوله حقيقة: (18فَقَابَلَهُ قَوْمٌ مِنَ الْفَلاَسِفَةِ الأَبِيكُورِيِّينَ وَالرِّوَاقِيِّينَ وَقَالَ بَعْضٌ: «تُرَى مَاذَا يُرِيدُ هَذَا الْمِهْذَارُ أَنْ يَقُولَ؟» وَبَعْضٌ: «إِنَّهُ يَظْهَرُ مُنَادِياً بِآلِهَةٍ غَرِيبَةٍ» - لأَنَّهُ كَانَ يُبَشِّرُهُمْ بِيَسُوعَ وَالْقِيَامَةِ. 19فَأَخَذُوهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى أَرِيُوسَ بَاغُوسَ قَائِلِينَ: «هَلْ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا هُوَ هَذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ الَّذِي تَتَكَلَّمُ بِهِ. 20لأَنَّكَ تَأْتِي إِلَى مَسَامِعِنَا بِأُمُورٍ غَرِيبَةٍ فَنُرِيدُ أَنْ نَعْلَمَ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ».) أعمال الرسل 17: 18-20
وحكم الرسل عليه (التلاميذ) بالإستتابة والعودة إلى دين آبائه وأجداده، وصححوا عقائد الناس الذين هبط بهم بولس إلى هاوية الكفر: (أعمال الرسل 21: 23-25) (23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».)
ومنهم من أمسكوه وأرادوا قتله (أعمال الرسل 21: 27-32) (27وَلَمَّا قَارَبَتِ الأَيَّامُ السَّبْعَةُ أَنْ تَتِمَّ رَآهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ مِنْ أَسِيَّا فِي الْهَيْكَلِ فَأَهَاجُوا كُلَّ الْجَمْعِ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ الأَيَادِيَ 28صَارِخِينَ: «يَا أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ أَعِينُوا! هَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يُعَلِّمُ الْجَمِيعَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ضِدّاً لِلشَّعْبِ وَالنَّامُوسِ وَهَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى أَدْخَلَ يُونَانِيِّينَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ وَدَنَّسَ هَذَا الْمَوْضِعَ الْمُقَدَّسَ». 29لأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ رَأَوْا مَعَهُ فِي الْمَدِينَةِ تُرُوفِيمُسَ الأَفَسُسِيَّ فَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ بُولُسَ أَدْخَلَهُ إِلَى الْهَيْكَلِ. 30فَهَاجَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا وَتَرَاكَضَ الشَّعْبُ وَأَمْسَكُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْهَيْكَلِ. وَلِلْوَقْتِ أُغْلِقَتِ الأَبْوَابُ. 31وَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ نَمَا خَبَرٌ إِلَى أَمِيرِ الْكَتِيبَةِ أَنَّ أُورُشَلِيمَ كُلَّهَا قَدِ اضْطَرَبَتْ 32فَلِلْوَقْتِ أَخَذَ عَسْكَراً وَقُوَّادَ مِئَاتٍ وَرَكَضَ إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا رَأُوا الأَمِيرَ وَالْعَسْكَرَ كَفُّوا عَنْ ضَرْبِ بُولُسَ.)
ومنهم من قدموه إلى المحاكمة (أعمال الرسل 26: 1-2) (1فَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِبُولُسَ: «مَأْذُونٌ لَكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ لأَجْلِ نَفْسِكَ». حِينَئِذٍ بَسَطَ بُولُسُ يَدَهُ وَجَعَلَ يَحْتَجُّ: 2«إِنِّي أَحْسِبُ نَفْسِي سَعِيداً أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ إِذْ أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَحْتَجَّ الْيَوْمَ لَدَيْكَ عَنْ كُلِّ مَا يُحَاكِمُنِي بِهِ الْيَهُودُ.)
فانظر إلى (الرسل) التلاميذ أنفسهم لم يعرفوا شيئاً عن الروح القدس ولا معمودية بولس: (1فَحَدَثَ فِيمَا كَانَ أَبُلُّوسُ فِي كُورِنْثُوسَ أَنَّ بُولُسَ بَعْدَ مَا اجْتَازَ فِي النَّوَاحِي الْعَالِيَةِ جَاءَ إِلَى أَفَسُسَ. فَإِذْ وَجَدَ تَلاَمِيذَ 2سَأَلَهُمْ: «هَلْ قَبِلْتُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمَّا آمَنْتُمْ؟» قَالُوا لَهُ: «وَلاَ سَمِعْنَا أَنَّهُ يُوجَدُ الرُّوحُ الْقُدُسُ». 3فَسَأَلَهُمْ: «فَبِمَاذَا اعْتَمَدْتُمْ؟» فَقَالُوا: «بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا». 4فَقَالَ بُولُسُ: «إِنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ قَائِلاً لِلشَّعْبِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِالَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ أَيْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ». 5فَلَمَّا سَمِعُوا اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 6وَلَمَّا وَضَعَ بُولُسُ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْهِمْ فَطَفِقُوا يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ وَيَتَنَبَّأُونَ.) أعمال الرسل 19: 1-6
واتهمه البعض بالكفر وبأنه يدعوا إلى آلهة غريبة ، فهم لم يسمعوا بها لا من موسى ولا من الأنبياء ولا من عيسى عليهم الصلاة والسلام (أعمال الرسل 17: 18) (18فَقَابَلَهُ قَوْمٌ مِنَ الْفَلاَسِفَةِ الأَبِيكُورِيِّينَ وَالرِّوَاقِيِّينَ وَقَالَ بَعْضٌ: «تُرَى مَاذَا يُرِيدُ هَذَا الْمِهْذَارُ أَنْ يَقُولَ؟» وَبَعْضٌ: «إِنَّهُ يَظْهَرُ مُنَادِياً بِآلِهَةٍ غَرِيبَةٍ» - لأَنَّهُ كَانَ يُبَشِّرُهُمْ بِيَسُوعَ وَالْقِيَامَةِ. 19فَأَخَذُوهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى أَرِيُوسَ بَاغُوسَ قَائِلِينَ: «هَلْ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا هُوَ هَذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ الَّذِي تَتَكَلَّمُ بِهِ. 20لأَنَّكَ تَأْتِي إِلَى مَسَامِعِنَا بِأُمُورٍ غَرِيبَةٍ فَنُرِيدُ أَنْ نَعْلَمَ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ».) أعمال الرسل 17: 18-20
الإصحاح السابع والعشرين بعد المائة
المرأة والخطيئة الأزلية فى الإسلام:
لا يوجد فى الإسلام ما يُسمَّى بالخطيئة الأزلية. فكل إنسان سيحاسبه الله على أعمال نفسه ، لا أعمال أبيه ولا أعمال أمه. فهذا عدل الله الذى ألزمَ به نفسه ، والذى فرضه على عباده.
فقد قال فى كتابه: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) المدثر 38
(وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا * مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) الإسراء 13-15
وقال: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) النجم 38-41
وقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) لقمان 33
فهذا هو عدل الله الذى أمرنا نحن أيضاً أن ننتهجه فى كل حياتنا، فى عباداتنا: فلا يخلقنا ونعبد غيره ، ولا يرزقنا ونشكر غيره ؛ وفى كل معاملاتنا، فقال: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)النساء 58
وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) النساء 135
وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) المائدة 8
وقال: (فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) المائدة 42
وقال: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل 90
وقال: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ) النحل 126
وقال: (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) الرحمن 9
وهو نفس العدل الذى انتهجه الله فى الأديان السابقة ، وما خالف ذلك ، فهو ليس كلام الله: (1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2[مَا لَكُمْ أَنْتُمْ تَضْرِبُونَ هَذَا الْمَثَلَ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ, قَائِلِينَ: الآبَاءُ أَكَلُوا الْحِصْرِمَ وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ؟ 3حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, لاَ يَكُونُ لَكُمْ مِنْ بَعْدُ أَنْ تَضْرِبُوا هَذَا الْمَثَلَ فِي إِسْرَائِيلَ. 4هَا كُلُّ النُّفُوسِ هِيَ لِي. نَفْسُ الأَبِ كَنَفْسِ الاِبْنِ. كِلاَهُمَا لِي. النَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. .. .. .. .. فَإِنَّهُ لاَ يَمُوتُ بِإِثْمِ أَبِيهِ. حَيَاةً يَحْيَا. .. .. .. 19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْمِلُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. .. .. .. 25[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لَيْسَتْ طَرِيقُ الرَّبِّ مُسْتَوِيَةً. فَـاسْمَعُوا الآنَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ. أَطَرِيقِي هِيَ غَيْرُ مُسْتَوِيَةٍ؟ أَلَيْسَتْ طُرُقُكُمْ غَيْرَ مُسْتَوِيَةٍ؟ 26إِذَا رَجَعَ الْبَارُّ عَنْ بِرِّهِ وَعَمِلَ إِثْماً وَمَاتَ فِيهِ, فَبِإِثْمِهِ الَّذِي عَمِلَهُ يَمُوتُ. 27وَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ شَرِّهِ الَّذِي فَعَلَ, وَعَمِلَ حَقّاً وَعَدْلاً, فَهُوَ يُحْيِي نَفْسَهُ. 28رَأَى فَرَجَعَ عَنْ كُلِّ مَعَاصِيهِ الَّتِي عَمِلَهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 29وَبَيْتُ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ: لَيْسَتْ طَرِيقُ الرَّبِّ مُسْتَوِيَةً. أَطُرُقِي غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ أَلَيْسَتْ طُرُقُكُمْ غَيْرَ مُسْتَقِيمَةٍ؟ 30مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَقْضِي عَلَيْكُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ كُلِّ وَاحِدٍ كَطُرُقِهِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. تُوبُوا وَارْجِعُوا عَنْ كُلِّ مَعَاصِيكُمْ, وَلاَ يَكُونُ لَكُمُ الإِثْمُ مَهْلَكَةً. 31اِطْرَحُوا عَنْكُمْ كُلَّ مَعَاصِيكُمُ الَّتِي عَصِيْتُمْ بِهَا, وَاعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ قَلْباً جَدِيداً وَرُوحاً جَدِيدَةً. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 32لأَنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ مَنْ يَمُوتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. فَـارْجِعُوا وَاحْيُوا].) حزقيال 18: 1-32
ثم أنذر الله بنى إسرائيل ألا يقولوا هذا المثل مرة أخرى، لأنهم بهذا يتهمون الله بالظلم، وأنه لا يحكم بين الناس بالعدل: (25[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لَيْسَتْ طَرِيقُ الرَّبِّ مُسْتَوِيَةً. .. .. .. 29وَبَيْتُ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ: لَيْسَتْ طَرِيقُ الرَّبِّ مُسْتَوِيَةً. أَطُرُقِي غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ أَلَيْسَتْ طُرُقُكُمْ غَيْرَ مُسْتَقِيمَةٍ؟) حزثيال 18: 25-29
فى الحقيقة أنصح بقراءة هذا السفر كله ، فإنه يحتوى على معنى كلام الله (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) المدثر 38 ، وقوله: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) النجم 38-39
فالإسلام لا يُحمِّل عبء خطيئة الأكل من الشجرة المحرمة للمرأة وحدها ، بل جعل الخطيئة شركة بينها وبين زوجها. لذلك نجد الخطاب فى القرآن موجهاً إلى آدم وحواء:
(وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ) البقرة 35
(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ .. ..) البقرة 36
(وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِين (22) قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24)) الأعراف 19-24
ولم يوجه الإسلام إلى المرأة هذا العقاب بالتعب فى الحمل والولادة والإشتياق للزوج، الذى نراه فى التوراة ، بل إنه لمَّا أفردَ القرآن اللوم ، وجهه إلى آدم وحده:
(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) طه 115-122
(فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) البقرة 37
-
الإصحاح الثامن والعشرين بعد المائة
موقف الإسلام من المرأة كأم:
يقول القران الكريم فى سورة لقمان: ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {14} وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {15})
وبهذا الوهن والضعف وآلام الحمل قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن صحبتها على حسن صحبة الوالد ... فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: {جاء رجل فقال: يارسول الله من أحقُّ الناس بحسن صحابتي ؟؟ قال: أُمُّك قال: ثم مَنْ قال: أمك قال: ثم مَنْ ؟؟ قال أُمُّك قال ثم مَنْ قال: أبوك}
بل علَّقَ دخول الجنة برضاء الأم، فجعل الجنة تحت أقدام الأمهات:
الإصحاح التاسع والعشرين بعد المائة
خصوصية التشريع لبعض الأنبياء:
خصوصية التشريع تناولتها كل الأديان، والكثير من الأنبياء. وكذلك كانت خصوصية المعجزات، فعلى سبيل المثال رحلة الإسراء والمعراج لم يقم بهما نبى من الأنبياء غير رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. وكذلك لم يُأمر أحد الأنبياء أن يذبح ابنه إلا إبراهيم عليه السلام. ولم يصنع أحد من الطين كهيئة طير، فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله إلا عيسى عليه السلام.
وعلى ذلك فمن خصوصيات عيسى عليه السلام كما جاء فى الإنجيل أن الشيطان أسره لمدة 40 يوماً، وكان بدون أكل أو شرب: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً.) لوقا 4: 1-2
وولادته من امرأة عذراء لم يمسسها بشر، على خلاف الولادة الطبيعية، وكذلك تكلم عيسى عليه السلام فى المهد، وتبرئته لأمه من تهمة الزنا.
كذلك لم يتزوج، وما كان له أن يتزوج، لأنه أول فاتح رحم (أول مولود من أمه)، وتزوَّجَ غيره من التلاميذ أو من معاصريه: (22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ 23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ.) لوقا 2: 22-23، وكذلك (15كُلُّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ كُلِّ جَسَدٍ يُقَدِّمُونَهُ لِلرَّبِّ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ البَهَائِمِ يَكُونُ لكَ.) عدد 18: 15
وكان من خصوصيات الرسول محمد عليه الصلاة والسلام:
1- الجمع بين أكثر من أربعة زوجات
2- ليس لنسائه أن يتزوجن من بعده
3- أمره الله فى مرحلته الأخيرة من الدعوة ألا يتزوج أية امرأة أخرى، ولو طلق نساءه كلهم، أو ماتوا قبله: (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا) الأحزاب 52
4- صومه صلى الله عليه وسلم لعدة أيام متواصلة دون إفطار أو سحور.
5- مُضاعفة الثواب أو العذاب لزوجات النبى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا) الأحزاب 30-31
الإصحاح الثلاثين بعد المائة
الكتاب المقدس يقضى على الأسرة كاملة بمنعه الطلاق :
(31«وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَقٍ 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.) متى 5: 31-32
فهل تخيل الرب بعلمه الأزلى أن الزوجين المتنافرين المتصارعين سيكوِّنان أسرة سعيدة وسيكُوُنان رحمة على أطفالهما؟ ولو لم يكن عندهما أطفال فلماذا يصر الرب على إفساد باقى حياتهما؟ وهل منع الرب المشاكل التى تحدث بين كل زوجين؟ وهل مكن الرب الحب فى قلب كل زوج وزوجة على وجه الأرض حتى لا تحتاج أسرة للطلاق؟
الإصحاح الواحد والثلاثين بعد المائة
الطلاق فى بابل القديمة:
نجد فى قوانين حمورابى بعد أن قامت الروابط الزوجية على أسس غير مؤقتة أن القانون يجعل للزوج الحق المطلق فى الطلاق، أما بالنسبة للزوجة فإنه قد جعل لها الحق فى طلب الطلاق متى كان الخطأ من جانب الزوج. أما إذا طلبت الطلاق، وكان الخطأ من جانبها، فإنها تُعاقب بالموت لسوء عشرتها، وجرأتها على طلب الطلاق.
الإصحاح الثانى والثلاثين بعد المائة
الطلاق فى اليونان القديمة:
كان للرجل أن يطلِّق زوجته متى شاء ولأى سبب وبدون أية اجراءات، ولم يكن يصرَّح للمرأة أن تطلب الطلاق إلا فى عصر متأخر وهو العصر الكلاسيكى.
الإصحاح الثالث والثلاثين بعد المائة
الطلاق عند الرومان:
وأما عند الرومان قبل عصر المسيحية ، فقد كان للرجل الحق فى أن يطلِّق زوجته بنفس الطريقة التى تم بها زواجه منها ، فإذا كان الزواج قد تم فى المعبد ، يتم الطلاق أيضاً فى المعبد ، وإن كان الزواج تم عن طريق شراء الزوجة ، فإن عليه أن يبيعها فيتم الطلاق.
وكان لا يجوز للرجل الذى تزوج فى المعبد فى أول الأمر أن يطلق زوجته إلا إذا أثبت عايها جريمة الزنا أو محاولة قتله بالسم ، وإذا ثبت عليها تزييف مفاتيح داره. ولكن عندما صدر قانون الألواح الاثنى عشر سنة 411 ق.م. أبيح للرجل حرية الطلاق ، حتى كثرت حالات الطلاق بطريقة جعلت المرأة الرومانية تحسب عمرها بعدد مرات طلاقها ، وقد حدث الطلاق الكثير من القياصرة من أمثال يوليوس قيصر ، وأنطونيس ، وأغسطس.
ولكنه قبيل مجىء السيد المسيح عيسى بن مريم بدأ تقييد عملية الطلاق ، فأصبح من الضرورى لإتمام عملية الطلاق حضور سبعة من الشهود البالغين ، ثم تُعطَى المرأة وثيقة طلاق، ولم يكن الأمر قاصراً على مجرد الطلاق ، بل كان للرجل أن يقتل امرأته على بعض الجرائم ، مثل جريمة السكر. كما أنه لم يكن من حقها طلب الطلاق ، إذ يعتبر ذلك الطلب سفاهة منها تقتضى توقيع العقوبة عليها.
وفى الحقيقة لم يكن الرجل الرومانى فى حاجة إلى قانون الألواح الاثنى عشر ، الذى لم يُعمل به إلا بعد خمسة قرون ، لأنه كان من حقه أن يقتل زوجته إذا ارتكبت بعض الجرائم ، لا أن يمتفى بطلاقها ، إذ كانت المرأة عبارة عن أحد الرقيق ، ولم ينظر إلى المرأة نظرة تقدير إلا بعد زمن طويل.
الإصحاح الرابع والثلاثين بعد المائة
الطلاق عند قدماء المصريين:
لم تكن هناك قيود على الطلاق عندهم، فقد كان للرجل أن يطلق زوجته متى شاء.
الإصحاح الخامس والثلاثين بعد المائة
الطلاق قبل الإسلام عند العرب فى جاهليتهم:
كان الطلاق عند العرب فى جاهليتهم شائعاً ، وكان من حق الرجل تطليق امرأته متى أراد ، وبأية صيغة تفيد الطلاق ، ولم يكن هناك تحديد لعدد الطلقات ، ولذلك كان الرجل إذا أراد تنكيلاً بزوجته: أن يطلقها ، ثم يسترجعها قرب نهاية عدتها ، ثم يطلقها مرة أخرى ، ثم يسترجعها ، وهكذا.
ولذلك وضع الإسلام حداً لعدد الطلقات حين قرر أن الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، أما إذا طلقها بعد ذلك فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره (أى تتزوج رجلاً آخر).
الإصحاح السادس والثلاثين بعد المائة
الطلاق فى اليهودية:
والطلاق شرعه الله تعالى من قبل كما فى كتابهم المقدس: (إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا فَإِنْ لمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ 2وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ) تثنية 24: 1-2
(28«إِذَا وَجَدَ رَجُلٌ فَتَاةً عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ فَأَمْسَكَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا فَوُجِدَا. 29يُعْطِي الرَّجُلُ الذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا لأَبِي الفَتَاةِ خَمْسِينَ مِنَ الفِضَّةِ وَتَكُونُ هِيَ لهُ زَوْجَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ أَذَلهَا. لا يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُل أَيَّامِهِ.) تثنية 22: 28-29
وكما هو واضح فى هذا النص أن الله شرَّعَ لهم الطلاق وجَعَلَه فى يد الرجل. ولا يحتاج الطلاق فى اليهودية إلا إلى إثباته أمام القاضى ، وللرجل مطلق الحق فى تطليق زوجته، إذا لم تحسن فى عينيه، وإن كانت اليهودية تقرر أن من الأفضل أن يكون الطلاق لعذر.
يقول الأستاذ زكى على السيد: بل وأعطى الحق فى الطلاق للأب!! فشاول اليهودى زوج ابنته ميكال وكانت زوجة لداود ، ووالد زوجة شمشون طلقها منه لغيابه فترة.
ويقع الطلاق فى شريعة التوراة بمجرد النية ، فإذا نوى الرجل أن يطلق زوجته ،
وجب عليه أن ينفذ ما نوى عليه فوراً. ومع ذلك فالطلاق فى اليهودية مكروه كما هو فى الإسلام: (فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ وَلاَ يَغْدُرْ أَحَدٌ بِامْرَأَةِ شَبَابِهِ. 16[لأَنَّهُ يَكْرَهُ الطَّلاَقَ].) ملاخى 2: 15-16
وأشنع ما فى الطلاق فى الشريعة اليهودية ، أنها لم تفرض على المرأة بعد الطلاق فترة تتربص فيها استبراء رحمها من الحمل ، ولذلك فإنها قد تتزوج وتكون حاملاً فيأتى الولد لغير اسم أبيه الحقيقى.
وقد جاء فى سفر التكوين: (24لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَداً وَاحِداً.) تكوين 2: 24 ، وذلك النص هو ما بنى عليه المسيحيون القول بأن ما جمعه الله ، لا يفرقه إنسان ، وقد قال علماء اليهود فى التلمود بأن هذا النص لا يناقض إباحة الطلاق ، فليس معنى الجسد الواحد هو الرجل والمرأة ، بل المقصود نتاجهما وهو الطفل.
وقد ظل الطلاق معمولاً به فى الشريعة اليهودية إلى أن قرر المجمع اليهودى فى عهد الرومان تقييد حرية الرجل فى الطلاق ، كما حصر حالات طلب المرأة للطلاق فى سبعة أسباب لا يزال معمولاً بها ليومنا هذا ، ولم توضع هذه القيود فى كتابهم المقدس بل وضعت فى المجامع البشرية:
1- عدم القدرة على مضاجعة الزوجة
2- تغيير الدين
3- إسراف الزوج
4- الامتناع عن الإنفاق
5- هروب الزوج من البلاد لجريمة ارتكبها
6- سوء معاملة الزوجة باستمرار
7- إصابة الزوج بمرض خبيث أوممارسته عملاً أو تجارة محرمة
الإصحاح السابع والثلاثين بعد المائة
الطلاق فى المسيحية:
يجب أن نعرف أن عيسى عليه السلام لم يأتى بتشريع جديد ، بل اتبع هو وتلاميذه وأنصاره دين موسى وشريعته ، بدليل وجوده الدائم فى المعبد ، وتعليمه الناس دين موسى الحق ، ودليل استزادة اليهود من ثقتهم فيه عن طريق أسئلتهم له واختبارهم إياه فى شريعة موسى.
وقد قرر هو نفسه ذلك بقوله: («لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
وأمر الجموع من أتباعه أن يلتزموا به: (1حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ 2قَائِلاً: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ 3فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ وَلَكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ.) متى 23: 1-3
وعلى الرغم من التزامه بالناموس ، والدعوة للعمل به والتمسك به ، فقد نسب إليه نقض الناموس بتحريمه للطلاق إلا لعلة الزنا وحدها: (31«وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَقٍ 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.) متى 5: 31-32
ووجهة نظر المسيحية فى الطلاق أن ما جمعه الله لا يفرقه إنسان ، إنما أُخِذَت من نظام الرومان فى وثنيتهم ، إذ كان يُشترط لأحداث الطلاق إقامة حفل دينى بنفس الشروط والأوضاع التى أقيم بها حفل الزواج ، إذ أن الآلهة وحدها هى التى تستطيع أن تفرق شمل ما جمعت.
وكان يُشترط لحدوث الطلاق عند الرومان شروط ثلاثة:
1- إذا دست المرأة السم لزوجها.
2- إذا زنت.
3- إذا شربت الخمر.
فاستقرت المسيحية على شرط واحد وهو الزنا. وإن كانت المرأة ليس لها حق الطلاق فى حالة زنا الرجل ، لأنها لا يصح أن تتساوى معه. ومعنى ذلك أن المرأة التى تريد الطلاق فى المسيحية ليس أمامها إلا الرضوخ للحياة الكئيبة التى تحياها مع رجل تكرهه ، تكيد له ويكيد لها ، ويتمنى كل منهما التخلص من الآخر ، أو على الأقل موت الآخر، أو إنها تزنى فى بيت الزوجية ، ليضبطها زوجها فيقتلها أو يأتى بشهود عليها ليتخلص منها. وقد يأتى الرجل بشهود زور ليشهدوا على زوجته بالزنا دون وقوعه، ليتمكن من طلاقها! فأين بناء الأسرة فى ظل جو المشاحنات والكيد والكره الذى يملأ البيت؟ هل عدم الطلاق، أو تعليقه على شرط الزنا يُقيم أسرة قويمة نفسياً أو أخلاقياً؟ وهل هذا من صالح المجتمع الذى يعيش فيه النصارى؟
وهذا النص المنسوب لعيسى عليه السلام قد نَسَخَ ما قاله موسى فى الناموس ، وجعل الطلاق الذى شُرِّعَ لموسى وقومه من أجل غلاظة قلوب بنى إسرائيل ، وأوقفه على الزنا فقط: (3وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟» 4فَأَجَابَ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى؟» 5وَقَالَ: «مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. 6إِذاً لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللَّهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ». 7فَسَأَلُوهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ؟» 8قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلَكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا. 9وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَبِ الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي. 10قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هَكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» 11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هَذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 3:19-9
وبنظرة سريعة على ذلك النص نجد:
أن عيسى عليه السلام قال به على سبيل (الإستحسان) لا على سبيل الفرض لذا قال (لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هَذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم) ثم قال (مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ) متى 19: 10
ومقولة (أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى) حجة على النصارى لا لهم فهو يحكى خبر لا شريعة فالطلاق لم يكن موجوداً عندما كانت البشرية رجل وإمرأة لهما نفس الطباع والثقافة ولا يوجد بشر غيرهما ولكنه قد شُرع لزيادة أعداد الناس وتطور المجتمعات ، وهذا ينفى وجود الرهبنة عندهم.
وهذا ما قرره القرأن حين قال سبحانه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبَا) النساء 1
ولطالما خلق الله الإنسان كذكر وأنثى للتناسل ، فلابد أن يكون الطلاق مُحلَّل على الأقل فى حالة العقم. إلا أن الطلاق عندهم لا يقع أيضاً حالة عقم الزوج أوالزوجة أوالإصابة بمرض يمنع من القيام بواجبات الزوجية أو للكراهة أو سوء المعاشرة أو عدم الإنفاق أو عدم التوافق الجنسى والعاطفى والأخلاقى .. إلخ ولا يسمحون بالتعدد الذى قد يجبر هذا.
فأى جحيم هذا الذى يسمى بالزواج وما هذا التحكم فى حياة الإنسان من إجباره على حياة كرهها أو كرهتها؟! وما الذى يجبر المرأة بالإرتباط برجل لا تعرفه ، أو قد تتغير حالته النفسية أو الأخلاقية فيما بعد دون وجود مخرج من هذه الزيجة؟
وقد أدرك تلاميذ المسيح صعوبة تطبيق هذه التعاليم غير المثالية للبشر حتى إن الدكتور (هتسون) أسقف درهام قال فى حديث له عن الطلاق سنة 1923م: إنه لوكان عيسى موجوداً فى هذه الأيام لكان أعقل مما كان عليه من قبل!
وكان الطلاق متفشياً فى الطوائف المسيحية الأولى ، بدليل أنه حين اعتنق الامبراطور قسطنطين المسيحية سنة 324م ، وجد الطلاق متفشياً، كما كان قبل عهد السيد المسيح، ولذلك اضطر إلى أن يصدر أمراً بتحديد الحالات التى يجوز فيها الطلاق، ثم جاء بعده الامبراطور جستنيان سنة 529م فحصرها فى أربع حالات فقط.
ومعنى ذلك أن نص عدم الطلاق لم يكن موجوداً وقتها فى الأناجيل ، وإلا لما أقدم قسطنطين أو جستنيان على اتخاذ هذا القرار! وأين كان آباء الكنيسة الذين كانوا يقومون بالتطليق وقتها؟
بل ولاستحالة تطبيق تعاليم الأناجيل التى تفرض على النصارى من العصمة والملائكية ما لم تفرضه على الأنبياء أنفسهم فقد تحايل رجال الدين والفكر والقانون النصارى على هذه التعاليم وشرعوا رغم أنفهم الطلاق المدنى أى الذى يتم بغير طريق الكنيسة وأسموه بالتطليق حتى لا يقال أنهم نسخوا وألفوا الطلاق فاستبدلوا لفظ الطلاق بالتطليق!
وكذلك تحايل النصارى ، ومن نتاج تحايلهم:
1- تغيير المذهب أو الملة للحصول على الطلاق وهو ما تسبب فى تغيير الكثير من أقباط مصر لمللهم ليتخلصوا من سجونهم.
2- قد يتفق الزوجان على إثبات الزنا بأن يتهم أحدهما الأخر فيقر أوبتدبير حيلة ما لإثباته! ولك أن تتخيل أن زوجتك أم أولادك تقف فى المحكمة وتشهد على نفسها بالزنا لتُطلَّق من زوجها! وكيف تصبح صورة الأولاد فى مجتمعهم بعد ذلك؟
ومن الحيل التى تتخذ فى ذلك فى البلاد الأوروبية أن تذهب المرأة مع عشيق لها إلى أحد الفنادق ، وتثبت اسمها واسم عشيقها فى سجلات الفندق ، وتمكث مع عشيقها المدة التى تريدها ، ثم تذهب هى بعد ذلك إلى المحكمة لتبلغ عن جريمتها ، حتى توافق المحكمة على طلاقها. وبهذا قتلوا حياء المرأة ، الذى هو شعبة من الإيمان ، بسبب وقف الطلاق على الزنا فقط.
3- القتل للتخلص من الزوج حتى يصبح القاتل أرملاً فيجوز له الزواج مرة أخرى وأكبر نسبة فى العالم للقتل بين الأزواج للتخلص من الزواج القائم هى بين النصارى!
4- الهجرة وترك البلد باللى فيها. وبالتالى تخلص الزوج من كل مسئولياتها تجاه الزوجة. فأين نفقتها؟ وأين مؤخر صداقها؟ وإلى أن تثبت أنه هاجر أو اختفى ولن يعود، فلا بد من مرور أربع سنوات ، حتى يعترف القانون أن الرجل قد فُقِدَ.
5- الانفصال التام ولو بدون طلاق وكل طرف يمارس حياته الاجتماعية والشخصية ويقيم علاقات جنسية من معاشرة كاملة وخلافه مع عدم اعتراض الطرف الأخر!
وبذلك يلاحظ أن الزواج الفاشل عند النصارى هو سجن إجبارى لا فكاك منه إلا بارتكاب جرائم كالقتل والزنى والقذف لذا ظهرت فكرة ال boy friend فى الغرب ليختبر الأحبة حياتهم قبل الدخول فى سجن لا مخرج منه.
فالنصرانية لم تراع يوماً واقع البشر ويتغنى النصارى بتعاليم المسيح التى لا يمكن أن تكون من عند الله ولا نطق بها المسيح فهى تبدو مثالية فى الظاهر ولكن فى حقيقة الأمر هى تعاليم خربة لا تزيد أتباعها إلا شقاءً.
فالمرأة لو ُطلِّقَت ليس لها الحق بالزواج مرة أخرى ولتحيا هكذا كالأموات حتى لو طُلقت بلا ذنب!
يقول بولس: (9لِتُكْتَتَبْ أَرْمَلَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ عُمْرُهَا أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً، امْرَأَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، 10مَشْهُوداً لَهَا فِي أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، إِنْ تَكُنْ قَدْ رَبَّتِ الأَوْلاَدَ، أَضَافَتِ الْغُرَبَاءَ، غَسَّلَتْ أَرْجُلَ الْقِدِّيسِينَ، سَاعَدَتِ الْمُتَضَايِقِينَ، اتَّبَعَتْ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ. 11أَمَّا الأَرَامِلُ الْحَدَثَاتُ فَارْفُضْهُنَّ، لأَنَّهُنَّ مَتَى بَطِرْنَ عَلَى الْمَسِيحِ يُرِدْنَ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ، 12وَلَهُنَّ دَيْنُونَةٌ لأَنَّهُنَّ رَفَضْنَ الإِيمَانَ الأَوَّلَ.) تيموثاوس الأولى 5: 9-12
فها هو لا يبيح للأرملة الحق فى الزواج إذا كانت أقل من الستين ويهينها ويتهجم عليها!
وقد أوضح بولس مضار زواج الأرملة فقال: (13وَمَعَ ذَلِكَ أَيْضاً يَتَعَلَّمْنَ أَنْ يَكُنَّ بَطَّالاَتٍ، يَطُفْنَ فِي الْبُيُوتِ. وَلَسْنَ بَطَّالاَتٍ فَقَطْ بَلْ مِهْذَارَاتٌ أَيْضاً، وَفُضُولِيَّاتٌ، يَتَكَلَّمْنَ بِمَا لاَ يَجِبُ). تيموثاوس الأولى 5: 13
أما المسيح عندهم فقد حرّم على المطلقة الزواج مرة أخرى حتى لوكان طلاقها بسبب الزنا كما أمر واعتبر كل من يتزوج بها زانى! (وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي) متى 19: 9
وأيضاً فالمطلقة كانت تعامل دائماً فى الكتاب المقدس على أنها حقيرة شأنها شأن الزانية والمدنسة ولننظر بما أُمِرَ رجال الدين المقربين وفق التوراة: (6مُقَدَّسِينَ يَكُونُونَ لإِلَهِهِمْ وَلاَ يُدَنِّسُونَ اسْمَ إِلَهِهِمْ لأَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَ وَقَائِدَ الرَّبِّ طَعَامَ إِلَهِهِمْ فَيَكُونُونَ قُدْساً. 7إِمْرَأَةً زَانِيَةً أَومُدَنَّسَةً لاَ يَأْخُذُوا وَلاَ يَأْخُذُوا امْرَأَةً مُطَلَّقَةً مِنْ زَوْجِهَا. لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لإِلَهِهِ. 8فَتَحْسِبُهُ مُقَدَّساً لأَنَّهُ يُقَرِّبُ خُبْزَ إِلَهِكَ. مُقَدَّساً يَكُونُ عِنْدَكَ لأَنِّي قُدُّوسٌ أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُكُمْ) لاويين 21: 6-8
(14أَمَّا الأَرْمَلَةُ وَالْمُطَلَّقَةُ وَالْمُدَنَّسَةُ وَالزَّانِيَةُ فَمِنْ هَؤُلاَءِ لاَ يَأْخُذُ بَلْ يَتَّخِذُ عَذْرَاءَ مِنْ قَوْمِهِ امْرَأَةً. 15وَلاَ يُدَنِّسُ زَرْعَهُ بَيْنَ شَعْبِهِ لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُهُ)لاويين21: 14-15
وهكذا نستوعب وضع المطلقات والأرامل عند أهل الكتاب وهو حلقة فى سلسلة إهانة المرأة بكل فى هذا الدين بينما نصف الإسلام المرأة فجاء سيد الأولين والأخرين وعلمنا أن طلاق المرأة أوموت زوجها لا يقدح فيها أبداً فكانت كل زوجاته أرامل ومطلقات باستثناء عائشة رضى الله عنها فالحمد لله على نعمة الإسلام.
الإصحاح الثامن والثلاثين بعد المائة
الطلاق فى الإسلام:
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصينى بالنساء حتى ظننتُ أنه سَيُحرِّم طلاقهنَّ).
يأخذ الكثير من الغربيين على الإسلام أنه أباح الطلاق، ويعتبرون ذلك دليلاً على استهانة الإسلام بقدر المرأة، وبقدسية الزواج، وقلدهم في ذلك بعض المسلمين الذين جهلوا أحكام شريعتهم، مع أن الإسلام، لم يكن أول من شرع الطلاق، فقد جاءت به الشريعة اليهودية من قبل، وعرفه العالم قديماً كما ذكرت.
وقد نظر هؤلاء العائبون إلى الأمر من زاوية واحدة فقط، هي تضرر المرأة به والأولاد، ولم ينظروا إلى الموضوع من جميع جوانبه، وحَكّموا في رأيهم فيه العاطفة غير الواعية، وغير المدركة للحكمة منه ولأسبابه ودواعيه، متناسين أنه قد يكون من مصلحة الأسرة أو المرأة أو الرجل أن يتم الطلاق بينهما.
إن الإسلام يفترض أولاً، أن يكون عقد الزواج دائماً، وأن تستمر الزوجية قائمة بين الزوجين، حتى يفرق الموت بينهما، ولذلك لا يجوز في الإسلام تأقيت عقد الزواج بوقت معين.
غير أن الإسلام وهو يحتم أن يكون عقد الزواج مؤبداً يعلم أنه إنما يشرع لأناس يعيشون على الأرض، لهم خصائصهم، وطباعهم البشرية، لذا شرع لهم كيفية الخلاص من هذا العقد، إذا تعثر العيش، وضاقت السبل، وفشلت الوسائل للإصلاح، وهو في هذا واقعي كل الواقعية، ومنصف كل الإنصاف لكل من الرجل والمرأة.
فكثيراً ما يحدث بين الزوجين من الأسباب والدواعي، ما يجعل الطلاق ضرورة لازمة، ووسيلة متعينة لتحقيق الخير، والاستقرار العائلي والاجتماعي لكل منهما، فقد يتزوج الرجل والمرأة، ثم يتبين أن بينهما تبايناً في الأخلاق، وتنافراً في الطباع، فيرى كل من الزوجين نفسه غريباً عن الآخر، نافراً منه، وقد يطّلع أحدهما من صاحبه بعد الزواج على ما لا يحب، ولا يرضى من سلوك شخصي، أوعيب خفي، وقد يظهر أن المرأة عقيم لا يتحقق معها أسمى مقاصد الزواج، وهو لا يرغب التعدد، أولا يستطيعه، إلى غير ذلك من الأسباب والدواعي، التي لا تتوفر معها المحبة بين الزوجين ولا يتحقق معها التعاون على شؤون الحياة، والقيام بحقوق الزوجية كما أمر الله، فيكون الطلاق لذلك أمراً لا بد منه للخلاص من رابطة الزواج التي أصبحت لا تحقق المقصود منها، والتي لو ألزم الزوجان بالبقاء عليها، لأكلت الضغينة قلبيهما، ولكاد كل منهما لصاحبه، وسعى للخلاص منه بما يتهيأ له من وسائل، وقد يكون ذلك سبباً في انحراف كل منهما، ومنفذاً لكثير من الشرور والآثام، لهذا شُرع الطلاق وسيلة للقضاء على تلك المفاسد، وللتخلص من تلك الشرور، وليستبدل كل منهما بزوجه زوجاً آخر، قد يجد معه ما افتقده مع الأول، فيتحقق قول الله تعالى: (وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته، وكان الله واسعاً حكيماً).
وعلى هذا فالطلاق فى الإسلام قد يكون أشبه بالبتر الذى يلجأ إليه الجرَّاح مضطراً ومكرهاً، للإحتفاظ بسلامة الجسم كله، وإزالة الآلام التى تلازم العضو الذى فسد، ولحماية باقى أعضاء الجسم من التلف وتفشِّى المرض والألم فيها. كذلك حياة الأسرة إذا دب إليها الفساد، ثم استشرى بحيث تعجز وسائل الإصلاح المختلفة عن تقويمه، يكون من الخير للأسرة والمجتمع معاً، أن يتغير الوضع بفصم الرابطة الزوجية لعلها تنعقد مع شخص آخر يمكن معه أن تهنأ , وتتكون أسرة جديدة مستقرة، تحقق الثمار المرجوة من تكوين الأسرة كما تحقق المجتمع السليم.
وهذا هوالحل لتلك المشكلات المستحكمة المتفق مع منطق العقل والضرورة، وطبائع البشر وظروف الحياة.
ولا بأس أن نورد ما قاله رجل القانون الإنجليزي (بيتام)، لندلل للاهثين خلف الحضارة الغربية ونظمها أن ما يستحسنونه من تلك الحضارة، يستقبحه أبناؤها العالمون بخفاياها، والذين يعشون نتائجها.
يقول (بيتام):
(لو وضع مشروع قانوناً يحرم فض الشركات، ويمنع رفع ولاية الأوصياء، وعزل الوكلاء، ومفارقة الرفقاء، لصاح الناس أجمعين لكان فى غاية الظلم، واعتقد الناس صدوره من معتوه أومجنون، فيا عجباً أن هذا الأمر الذي يخالف الفطرة، ويجافي الحكمة، وتأباه المصلحة، ولا يستقيم مع أصول التشريع، الذى تقرره القوانين بمجرد التعاقد بين الزوجين في أكثر البلاد المتمدنة، وكأنها تحاول إبعاد الناس عن الزواج، فإن النهي عن الخروج من الشيء نهي عن الدخول فيه، وإذا كان وقوع النفرة واستحكام الشقاق والعداء، ليس بعيد الوقوع، فأيهما خير: .. ربط الزوجين بحبل متين، لتأكل الضغينة قلوبهما، ويكيد كل منهما للآخر؟ أم حل ما بينهما من رباط، وتمكين كل منهما من بناء بيت جديد على دعائم قوية؟، أوليس استبدال زوج بآخر، خيراً من ضم خليلة إلى زوجة مهملة أوعشيق إلى زوج بغيض ).
والإسلام عندما أباح الطلاق، لم يغفل عما يترتب على وقوعه من الأضرار التي تصيب الأسرة، خصوصاً الأطفال، إلا أنه لاحظ أن هذا أقل خطراً، إذا قورن بالضرر الأكبر، الذي تصاب به الأسرة والمجتمع كله إذا أبقى على الزوجية المضطربة، والعلائق الواهية التي تربط بين الزوجين على كره منهما، فآثر أخف الضررين، وأهون الشرين.
فالإسلام إذن كان فى تشريعه حريصاً كل الحرص على استقرار الحياة الأسرية. فهو كما أباح التعدد فى الزوجات استثناءً من القاعدة وهى قاعدة إفرادية الزوجة ليتحقق له الشمول الذى أشرنا إليه من قبل، أباحَ كذلك الطلاق استثناءً من القاعدة العامة وهى قاعدة استمرار الحياة الزوجية. وقد أحله الإسلام قبل المعاشرة الزوجية، كما أحله بعد المعاشرة. فأما قبل المعاشرة فقد أباحه الإسلام لدفع ضرر متوقع، وقد يستفحل أمره إذا ما تمت المعاشرة الزوجية وترتب عليها حمل أو إنجاب. وأما بعد المعاشرة فلصعوبة استمرارية الحياة الزوجية إلى الدرجة التى تجعل حياة كل من الزوجين أو أحدهما جحيماً لا يُطاق.
وفي الوقت نفسه، شرع من التشريعات ما يكون علاجاً لآثاره ونتائجه، فأثبت للأم حضانة أولادها الصغار، ولقريباتها من بعدها، حتى يكبروا، وأوجب على الأب نفقة أولاده، وأجور حضانتهم ورضاعتهم، ولو كانت الأم هي التي تقوم بذلك، ومن جانب آخر، نفّر من الطلاق وبغضه إلى النفوس:
فقال : (أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق) رواه أبو داود وابن ماجة،
وقال : (ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق) رواه أبو داود
وقال : (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة) رواه الخمسة إلا النسائى
وحذر من التهاون بشأنه فقال : (ما بال أحدكم يلعب بحدود الله، يقول: قد طلقت، قد راجعت)
وقال : (لعن الله كل مزواج مطلاق)
وقال : (أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم)، قاله في رجل طلق زوجته بغير ما أحل الله.
ولمنع الطلاق نبَّه النبى إلى أن ينظر الرجل إلى من سيتزوجها، فإنه أحرى أن يُؤدم بينهما، كما أمر أن يُحسن الرجل اختيار الزوجة قبل الزواج، فيختارها ذات دين، ومن بيت طيب ، وألا يغريه الحسن المظهرى عن الحسن المعنوى: (تنكح المرأة
لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها. فاظفر بذات الدين، تَرِبَت يداك)
وقال : (ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سَرَّته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته)
واعتبر الطلاق آخر العلاج، بحيث لا يُلجأ إليه إلا عند تفاقم الأمر، واشتداد الداء، وحين لا يجدي علاج سواه، وأرشد إلى اتخاذ الكثير من الوسائل قبل أن يصار إليه، فرغب الزوج في الصبر والتحمل على الزوجات، وإن كانوا يكرهون منهن بعض الأمور، إبقاء للحياة الزوجية، ومع ذلك نجده ينبه إلى أن مجرد الكره قد يكون كرهاً عارضاً لا يقتضى فصم عرا الزوجية، فيقول تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء 19
ويقول : (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضى منها آخر) رواه أحمد ومسلم، وقوله (ليس منا من خيَّب امرأةً على زوجها)
وقال على بن أبى طالب: (تزوجوا ولا تطلقوا فإن الرجل إذا طلق زوجه اهتزَّ عرشُ الرحمن) أى غضب الله سبحانه وتعالى غضباً شديداً.
وأرشد الزوج إذا لاحظ من زوجته نشوزاً إلى ما يعالجها به من التأديب المتدرج: الوعظ ثم الهجر، ثم الضرب غير المبرح، (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنّ َ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا). النساء 34
وإذا أحسَّ بأن كل هذه الأساليب لم تؤدى إلى نتائج مرضية ، فأمره بالجوء إلى تحكيم ذوى العدل من الأسرتين لضمان استمرار الحياة أمنة مستقرة سعيدة كما أرادها الله: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء 35
وأرشد الزوجة إذا ما أحست فتوراً في العلاقة الزوجية، وميل زوجها إليها إلى ما تحفظ به هذه العلاقة، ويكون له الأثر الحسن في عودة النفوس إلى صفائها، بأن تتنازل عن بعض حقوقها الزوجية، أوالمالية، ترغيباً له بها وإصلاحاً لما بينهما. وشرع التحكيم بينهما، إذا عجزا عن إصلاح ما بينهما، بوسائلهما الخاص.
كل هذه الإجراءات والوسائل تتخذ وتجرب قبل أن يلجأ إلى الطلاق، ومن هذا يتضح ما للعلائق والحياة الزوجية من شأن عظيم عند الله. فلا ينبغي فصم ما وصل الله وأحكمه، ما لم يكن ثَمَّ من الدواعي الجادة الخطيرة الموجبة للافتراق، ولا يصار إلى ذلك إلا بعد استنفاد كل وسائل الإصلاح.
ومن هدي الإسلام في الطلاق، ومن تتبع الدواعي والأسباب الداعية إلى الطلاق يتضح أنه كما يكون الطلاق لصالح الزوج، فإنه أيضاً يكون لصالح الزوجة في كثير من الأمور، فقد تكون هي الطالبة للطلاق، الراغبة فيه، فلا يقف الإسلام في وجه رغبتها وفي هذا رفع لشأنها، وتقدير لها، لا استهانة بقدرها، كما يدّعي المدّعون، وإنما الاستهانة بقدرها، بإغفال رغبتها، وإجبارها على الارتباط برباط تكرهه وتتأذى منه.
وليس هو استهانة بقدسية الزواج كما يزعمون، بل هووسيلة لإيجاد الزواج الصحيح السليم، الذي يحقق معنى الزوجية وأهدافها السامية، لا الزواج الصوري الخالي من كل معاني الزوجية ومقاصدها.
إذ ليس مقصود الإسلام الإبقاء على رباط الزوجية كيفما كان، ولكن الإسلام جعل لهذا الرباط أهدافاً ومقاصد، لا بد أن تتحقق منه، وإلا فليلغ، ليحل محله ما يحقق تلك المقاصد والأهداف.
لذلك قال الله تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ .. ..) البقرة 231
ولذلك وضع الإسلام حداً لعدد الطلقات حين قرر أن الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، أما إذا طلقها بعد ذلك فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره (أى تتزوج رجلاً آخر زواجاً إسلامياً على كتاب الله وسنة رسوله ، ليس لمدة محددة ، ولو كانت هذه المدة يضمرها فى نفسه. فإذا مات أو طلقها تحل لزوجها الأول مرة أخرى)
(الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) البقرة 229-230
-
الإصحاح التاسع والثلاثين بعد المائة
أليس جعل الطلاق فى يد الرجل ما ينقص من شأن المرأة؟:
إن إيقاع الطلاق يترتب عليه تبعات مالية، يُلزم بها الأزواج: فيه يحل المؤجل من الصداق إن وجد، وتجب النفقة للمطلقة مدة العدة، وتجب المتعة لمن تجب لها من المطلقات، كما يضيع على الزوج ما دفعه من المهر، وما أنفقه من مال في سبيل إتمام الزواج، وهو يحتاج إلى مال جديد لإنشاء زوجية جديدة، ولا شك أن هذه التكاليف المالية التي تترتب على الطلاق، من شأنها أن تحمل الأزواج على التروي، وضبط النفس، وتدبر الأمر قبل الإقدام على إيقاع الطلاق، فلا يقدم عليه إلا إذا رأى أنه أمر لا بد منه ولا مندوحة عنه.
أما الزوجة فإنه لا يصيبها من مغارم الطلاق المالية شيء، حتى يحملها على التروي والتدبر قبل إيقاعه – إن استطاعت – بل هي تربح من ورائه مهراً جديداً، وبيتاً جديداً، وعريساً جديداً.
والثابت الذي لا شك فيه أن الرجل أكثر إدراكاً وتقديراً لعواقب هذا الأمر، وأقدر على ضبط أعصابه، وكبح جماح عاطفته حال الغضب والثورة، وذلك لأن المرأة خلقت بطباع وغرائز تجعلها أشد تأثراً، وأسرع انقياداً لحكم العاطفة من الرجل، لأن وظيفتها التي أعدت لها تتطلب ذلك، فهي إذا أحبت أو كرهت، وإذا رغبت أو غضبت اندفعت وراء العاطفة، لا تبالي بما ينجم عن هذا الاندفاع من نتائج ولا تتدبر عاقبة ما تفعل، فلوجعل الطلاق بيدها، لأقدمت على فصم عرى الزوجية لأتفه الأسباب، وأقل المنازعات التي لا تخلو منها الحياة الزوجية، وتصبح الأسرة مهددة بالانهيار بين لحظة وأخرى.
وهذا لا يعني أن كل النساء كذلك، بل إن من النساء من هن ذوات عقل وأناة، وقدرة على ضبط النفس حين الغضب من بعض الرجال، كما أن من الرجال من هو أشد تأثراً وأسرع انفعالاً من بعض النساء، ولكن الأعم الأغلب والأصل أن المرأة كما ذكرنا، والتشريع إنما يبني على الغالب وما هو الشأن في الرجال والنساء، ولا يعتبر النوادر والشواذ، وهناك سبب آخر لتفرد الرجل بحق فصم عرى الزوجية.
وعلى ذلك نقول: فإن فصم رابطة الزوجية أمر خطير، يترتب عليه آثار بعيدة المدى في حياة الأسرة والفرد والمجتمع، فمن الحكمة والعدل ألا تعطى صلاحية البت في ذلك، وإنهاء الرابطة تلك، إلا لمن يدرك خطورته، ويقدر العواقب التي تترب عليه حق قدرها، ويزن الأمور بميزان العقل، قبل أن يقدم على الإنفاذ، بعيداً عن النزوات الطائشة، والعواطف المندفعة، والرغبة الطارئة.
فمن الخير للحياة الزوجية، وللزوجة نفسها أن يكون البت في مصير الحياة الزوجية في يد من هو أحرص عليها وأضن بها.
والشريعة لم تهمل جانب المرأة في إيقاع الطلاق، فقد منحتها الحق في الطلاق، إذا كانت قد اشترطت في عقد الزواج شرطاً صحيحاً، ولم يف الزوج به، وأباحت لها الشريعة الطلاق بالاتفاق بينها وبين زوجها، ويتم ذلك في الغالب بأن تتنازل للزوج أوتعطيه شيئاً من المال، يتراضيان عليه، ويسمى هذا بالخلع أوالطلاق على مال، ويحدث هذا عندما ترى الزوجة تعذر الحياة معه، وتخشى إن بقيت معه أن تخل في حقوقه، وهذا ما بينه الله تعالى في قوله: (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به).
ولها طلب التفريق بينها وبينه، إذا أُعسر ولم يقدر على الإنفاق عليها، وكذا لو وجدت بالزوج عيباً، يفوت معه أغراض الزوجية، ولا يمكن المقام معه مع وجوده، إلا بضرر يلحق الزوجة، ولا يمكن البرء منه، أويمكن بعد زمن طويل، وكذلك إذا أساء الزوج عشرتها، وآذاها بما لا يليق بأمثالها، أوإذا غاب عنها غيبة طويلة.
كل تلك الأمور وغيرها، تعطي الزوجة الحق في أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها، صيانة لها أن تقع في المحظور، وضناً بالحياة الزوجية من أن تتعطل مقاصدها، وحماية للمرأة من أن تكون عرضة للضيم والتعسف.
منقول من موقع islamunveiled.com
ونقلته أنا بدورى من موقع منتدى barsoomyat.com ل (IIIsquareIII)
وبذلك يكون فى الإسلام خمس طرق للطلاق:
(1) الطلاق بيد الرجل
(2) الطلاق بيد المرأة بأن تُطلق نفسها من زوجها
(3) الطلاق بالإتفاق
(4) الطلاق عن طريق القضاء
(5) الخلع
وكما رأينا فإن الإسلام أعطى المرأة ثلاثة طرق لتطليق نفسها من الرجل ، وأعطى الرجل طريقة واحدة ، وجعل طريقة واحدة للإتفاق فيما بينهما. فهل أنصف الإسلام بذلك المرأة أم هضم حقها؟
الإصحاح الأربعين بعد المائة
معظم أهل النار من النساء:
روى البخارى ومسلم وأحمد عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اطلعت فى الجنة فرأيت أكثر أهلها فقراء، واطلعت فى النار، فرأيت أكثر أهلها النساء). وفى رواية أحمد فى مسنده: (واطلعت فى النار، فرأيت أكثر أهلها الأغنياء والنساء).
ومن يعتمد فى فهمه الخاطىء على الشق الأول من أنَّ الأغنياء أهل النار، يرى فيه دعوة لترك العمل، ومحاربة المال، وتحقير الأغنياء. لكن الأمر غير ذلك، فقد بينا كيف حوَّلَ الإسلام المسلمين إلى خلية نحل من العمل، والعلم، واحترام المرأة، واحترام شعور الناس حتى الميت، فلم يسمح لأحد من الأحياء بالتقدم لخطبة أرملته إلا بعد مرور العدَّة.
وكذلك لو فهمنا كلم عيسى عليه السلام للرجل الغنى، الذى سأله عن كيفية الخلود فى الجنة: (18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 20أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 21فَقَالَ: «هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذَلِكَ قَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ أَيْضاً شَيْءٌ. بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 23فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ حَزِنَ لأَنَّهُ كَانَ غَنِيّاً جِدّاً. 24فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ قَدْ حَزِنَ قَالَ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! 25لأَنَّ دُخُولَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!».) لوقا 18: 18-25
فلو فهمنا أن عيسى عليه السلام لا يقصد العطف على الفقراء فقط من تعبيره هذا، ولو أخذنا الكلام على محمله، لكان كل منهم يدعوا إلى تدمير الأمة وإهلاك البشر.
وكذلك الأمر بالنسبة للنساء، فهو شحذ لهمم النساء للعمل الصالح، وتجنب الشيطان.، وألا يكونوا أداة فى يد الشيطان لإغواء الرجال وإفساد البنات، والتحالف مع الشيطان لإهلاك المجتمع بأكمله. فجاء الحديث بمثابة تحذير لهن عن الابتعاد عن تقوى الله.
ثم لم يُحدِّد الحديث أن كل أهل النار من النساء، ومعنى ذلك أن فيها الكثير من الرجال، ومرجع ذلك إلى عدل الله بينهم: (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا * مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) الإسراء 13-15
وقال: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) النجم 38-41
وقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا .. ..) لقمان 33
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) الجاثية 15
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل 97
(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر 40
(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) النساء 124
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) آل عمران 195
(وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة 72
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا) الفتح 5
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)الحديد 12
ويُعضِّد ذلك مقدمة الحيث: (اطلعت فى الجنة فرأيت أكثر أهلها فقراء). فهو أيضاً مواساة للفقراء، وتصبيراً لهم، إن آمنوا بالله ورسوله، وعملوا الصالحات، فلهم جنَّات الخلد. فليس معنى ذلك أن كل فقير سيدخل الجنة، أو كل امرأة ستدخل النار.
وفى بعض روايات حديث (ما أفلح قوم ولُّوا أمرهم لإمرأة) وخاصة رواية ابن عباس رضى الله عنهما ما يقطع بأن المقصود به إنما هى حالات خاصة لنساء لهن صفات خاصة ، هى التى جعلت منهن أكثر أهل النار ، لا لأنهن نساء ، وإنما لأنهن كما تنص وتعلل هذه الرواية "يكفرن العشير" ، ولو أحسن هذا العشير إلى إحداهن الدهر كله ، ثم رأت منه هِنَةً أو شيئاً لا يعجبها ، كفرت بكل النعم التى أنعم عليها بها ، وقالت بسبب النزق أو الحمق أو غلبة العاطفة التى تنسيها ما قدمه لها هذا العشير من إحسان: "ما رأيت منك خيراً قط"! رواه البخارى ومسلم والنسائى ومالك فى الموطأ ..
(أ.د. محمد عمارة)
الإصحاح الواحد والأربعين بعد المائة
المُحلَّل والمُحلَّل له:
يعيب أعداء الإسلام على الإسلام وجود نظام المحلِّل ، الذى يؤخذ من قوله تعالى:
(الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) البقرة 229-230
زاد فى فهمهم الخاطىء ما يقوم به بعض الناس من التحايل على الشرع ، ويفهمون كما نرى فى بعض الأفلام ، أن الرجل الذى طلق زوجته ثلاث طلقات ، ولم تعد تحل له حتى تتزوج رجلاً غيره ، يأتى برجل يدفع له أجر هذه العملية ، ويعقد له على زوجته ، ويحبسه بعيداً عنها لليلة أو أكثر ، ثم يجعله يطلقها فى اليوم التالى. وبهذه الطريقة يمكنه أن يتزوجها مرة أخرى.
هذا الرجل الذى يفعل ذلك فهو ديُّوث ، لعنه الله وطرده من رحمته ، وزواجه الثانى من زوجته باطل ، لأن زواجها من زوجها الثانى (المحلل) باطل ، لأنها زوجها حدَّدا مدة الزواج بفترة زمنية محددة ، وهذا هو الزنى بعينه ، لو دخل عليها.
لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَعَنَ اللهُ المُحلِّل والمُحلَّل له).
وعلى ذلك لو فهم أحد الناس ما يُعرَض فى الأفلام أن هذا هو الدين ، فهو مُخطىء فى فهمه ، مصيب فى تحليله العقلى والفطرى الذى يأبى هذا التحايل.
لكن العالم ، الفاهم ، المنصف منهم يعلم تماماً أن وجود هذا المحلل من الموانع الكبيرة للطلاق.
لكن السؤال البديهى: لماذا يُهضَم حق المطلقة فى الزواج مرة ثانية أو ثالثة؟ فلو أخذ الزوجان فرصهم التامة لإنجاح الحياة الزوجية وفشلا ، فإذن فليحاول كل منهما بداية حياة جديدة مع شخص آخر. فهل هذا أفضل أم تترك المرأة بعد طلاقها بدون زواج كما تشرع المسيحية؟
وإذا طلقت المرأة للمرة الثالثة ، وتزوجت بآخر ، فمات أو طلقت منه بعد استحالة العشرة بينهما، فلماذا لا تتزوج طليقها (الذى كان زوجها) الأول ، إن شعرا بالندم على ما كان بينهما من سوء العشرة ، وقررا أن يقيما حياة سعيدة مرة أخرى؟ فأى نجاسة تراها التوراة فى هذه الزيجة؟ فهل معاشرة الرجل لزوجته من النجاسة؟
(1«إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا فَإِنْ لمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ 2وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ 3فَإِنْ أَبْغَضَهَا الرَّجُلُ الأَخِيرُ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ أَوْ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الأَخِيرُ الذِي اتَّخَذَهَا لهُ زَوْجَةً 4لا يَقْدِرُ زَوْجُهَا الأَوَّلُ الذِي طَلقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لدَى الرَّبِّ. فَلا تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلى الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً.) تثنية 24: 1-4
الإصحاح الثانى والأربعين بعد المائة
النساء ناقصات عقل ودين:
المصدر الحقيقى لهذه الشبهة هو العادات والتقاليد الموروثة ، والتى تنظر إلى المرأة نظرة دونية.. وهى عادات وتقاليد جاهلية ، حرر الإسلام المرأة منها.. لكنها عادت إلى الحياة الاجتماعية ، فى عصور التراجع الحضارى مستندة كذلك إلى رصيد التمييز ضد المرأة الذى كانت عليه مجتمعات غير إسلامية ، دخلت فى إطار الأمة الإسلامية والدولة الإسلامية ، دون أن تتخلص تماماً من هذه المواريث.. فسرعة الفتوحات الإسلامية التى اقتضتها معالجة القوى العظمى المناوئة للإسلام قوى الفرس والروم وما تبعها من سرعة امتداد الدولة الإسلامية ، قد أدخلت فى الحياة الإسلامية شعوباً وعادات وتقاليد لم تتح هذه السرعة للتربية الإسلامية وقيمها أن تتخلص تلك الشعوب من تلك العادات والتقاليد ، والتى تكون عادة أشد رسوخاً وحاكمية من القيم الجديدة .. حتى لتغالب فيه هذه العادات الموروثة العقائد والأنساق الفكرية والمثل السامية للأديان والدعوات الجديدة والوليدة ، محاولة التغلب عليها !.
ولقد حاولت هذه العادات والتقاليد بعد أن ترسخت وطال عليها الأمد ، فى ظل عسكرة الدولة الإسلامية فى العهدين المملوكى والعثمانى أن تجد لنظرتها الدونية للمرأة " غطاء شرعيًّا " فى التفسيرات المغلوطة لبعض الأحاديث النبوية وذلك بعد عزل هذه الأحاديث عن سياقها ، وتجريدها من ملابسات ورودها ، وفصلها عن المنطق الإسلامى منطق تحرير المرأة كجزء من تحريره للإنسان ، ذكراً كان أو أنثى هذا الإنسان فلقد جاء الإسلام ليضع عن الناس إصرهم والأغلال التى كانت عليهم ، وليحيى ملكات وطاقات الإنسان مطلق جنس ونوع الإنسان وليشرك الإناث والذكور جميعاً فى حمل الأمانة التى حملها الإنسان ، وليكون بعضهم أولياء بعض فى النهوض بالفرائض الاجتماعية ، الشاملة لكل ألوان العمل الاجتماعى والعام..
لكن العادات والتقاليد الجاهلية فى احتقار المرأة ، والانتقاص من أهليتها ، وعزلها عن العمل العام ، وتعطيل ملكاتها وطاقاتها الفطرية قد دخلت فى حرب ضروس ضد القيم الإسلامية لتحرير المرأة .. وسعت إلى التفسيرات الشاذة والمغلوطة لبعض الأحاديث النبوية والمأثورات الإسلامية كى تكون "غطاءً شرعيًا" لهذه العادات والتقاليد ..
فبعد أن بلغ التحرير الإسلامى للمرأة إلى حيث أصبحت به وفيه:
* طليعة الإيمان بالإسلام.. والطاقة الخلاقة الداعمة للدين ورسوله صلى الله عليه وسلم كما كان حال أم المؤمنين خديجة بنت خويلد [ 68-3ق هجرية / 556-620م ] رضى الله عنها.. حتى لقد كان عام وفاتها عام حزن المسلمين ورسول الإسلام ودعوة الإسلام ..
* وطليعة شهداء الإسلام .. كما جسدتها شهادة سمية بنت خياط [7ق هجرية 615م]، أم عمار بن ياسر [57 ق هجرية 37 هجرية /567 657م]..
* وطليعة المشاركة فى العمل العام السياسى منه ، والشورى ، والفقهى ، والدعوى ، والأدبى ، والاجتماعى. بل والقتالى - كما تجسدت فى كوكبة النخبة والصفوة النسائية التى تربت فى مدرسة النبوة .. بعد أن بلغ التحرير الإسلامى للمرأة هذه الآفاق .. أعادت العادات والتقاليد المرأة أو حاولت إعادتها إلى أسر وأغلال منظومة من القيم الغربية عن الروح الإسلامية .. حتى أصبحت المفاخرة والمباهاة بأعراف ترى:
* أن المرأة الكريمة لا يليق بها أن تخرج من مخدعها إلا مرتان: أولاهما: إلى مخدع الزوجية .. وثانيتهما: إلى القبر الذى تُدفن فيه !..
* فهى عورة ، لا يسترها إلا "القبر" !.
والأكثر خطورة من هذه الأعراف والعادات والتقاليد ، التى سادت أوساطا ملحوظة ومؤثرة فى حياتنا الاجتماعية ، إبان مرحلة التراجع الحضارى ، هى التفسيرات المغلوطة لبعض المرويات الإسلامية بحثاً عن مرجعية إسلامية وغطاء شرعى لقيم التخلف والانحطاط التى سادت عالم المرأة فى ذلك التاريخ .. لقد كان الحظ الأوفر فى هذا المقام للتفسير الخاطىء الذى ساد وانتشر لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه البخارى ومسلم عن نقص النساء فى العقل والدين .. وهو حديث رواه الصحابى الجليل أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه فقال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أضحى أو فِطْر إلى المصلى فمرّ على النساء ، فقال:
- "يا معشر النساء، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن".
- قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله ؟.
- قال: "أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل" ؟.
- قلن: بلى.
- قال: "فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم؟".
- قلن: بلى.
- قال: " فذلك من نقصان دينها ".
ذلكم هو الحديث الذى اتّخذَ تفسيره الملغوط ولا يزال "غطاء شرعيًّا" للعادات والتقاليد التى تنتقص من أهلية المرأة .. والذى ينطلق منه نفر من غلاة الإسلاميين فى "جهادهم" ضد إنصاف المرأة وتحريرها من أغلال التقاليد الراكدة .. وينطلق منه المتغربون وغلاة العلمانيين فى دعوتهم إلى إسقاط الإسلام من حسابات تحرير المرأة ، وطلب هذا التحرير فى النماذج الغربية الوافدة ..
الأمر الذى يستوجب إنقاذ المرأة من هذه التفسيرات المغلوطة لهذا الحديث .. بل إنقاذ هذا الحديث الشريف من هذه التفسيرات!..
وذلك من خلال نظرات فى "متن" الحديث و "مضمونه" نكثفها فى عدد من النقاط:
أولاها: أن الذاكرة الضابطة لنص هذا الحديث قد أصابها ما يطرح بعض علامات الاستفهام .. ففى رواية الحديث شك من الرواة حول مناسبة قوله .. هل كان ذلك فى عيد الأضحى؟ أم فى عيد الفطر؟.. وهو شك لا يمكن إغفاله عند وزن المرويات والمأثورات.
وثانيتها: أن الحديث يخاطب حالة خاصة من النساء ، ولا يشرّع شريعة دائمة ولا عامة فى مطلق النساء .. فهو يتحدث عن "واقع" والحديث عن "الواقع" القابل للتغير والتطور شىء ، والتشريع "للثوابت" عبادات وقيمًا ومعاملات شىء آخر ..
فعندما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إنا أمة أُمية ، لا نكتب ولا نحسب". رواه البخارى ومسلم والنسائى وأبو داود والإمام أحمد فهو يصف "واقعاً" ، ولا يشرع لتأييد الجهل بالكتابة والحساب ، لأن القرآن الكريم قد بدأ بفريضة "القراءة" لكتاب الكون ولكتابات الأقلام: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) العلق: 1-5
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم الذى وصف "واقع" الأمية الكتابية والحسابية ، وهو الذى غير هذا الواقع ، بتحويل البدو الجهلاء الأميين إلى قراء وعلماء وفقهاء ، وذلك امتثالاً لأمر ربه ، فى القرآن الكريم ، الذى علمنا أن من وظائف جعل الله سبحانه وتعالى القمر منازل أن نتعلم عدد السنين والحساب (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) يونس: 5. فوصف " الواقع" – كما نقول الآن مثلاً: "نحن مجتمعات متخلفة" لا يعنى شرعنة هذا "الواقع" ولا تأييده بأى حال من الأحوال.
وثالثتها: أن فى بعض روايات هذا الحديث وخاصة رواية ابن عباس رضى الله عنهما ما يقطع بأن المقصود به إنما هى حالات خاصة لنساء لهن صفات خاصة ، هى التى جعلت منهن أكثر أهل النار ، لا لأنهن نساء ، وإنما لأنهن كما تنص وتعلل هذه الرواية "يكفرن العشير" ، ولو أحسن هذا العشير إلى إحداهن الدهر كله ، ثم رأت منه هِنَةً أو شيئاً لا يعجبها ، كفرت كفر نعمة بكل النعم التى أنعم عليها بها ، وقالت بسبب النزق أو الحمق أو غلبة العاطفة التى تنسيها ما قدمه لها هذا العشير من إحسان: "ما رأيت منك خيراً قط"! رواه البخارى ومسلم والنسائى ومالك فى الموطأ .. فهذا الحديث إذن وصف لحالة بعينها ، وخاص بهذه الحالة .. وليس تشريعاً عامًّا ودائماً لجنس النساء ..
ورابعتها: أن مناسبة الحديث ترشح ألفاظه وأوصافه لأن يكون المقصود من ورائها المدح وليس الذم.. فالذين يعرفون خُلق من صنعه الله على عينه ، حتى جعله صاحب الخُلق العظيم(وإنك لعلى خلق عظيم) القلم: 4.
والذين يعرفون كيف جعل الرسول صلى الله عليه وسلم من "العيد" الذى قال فيه هذا الحديث "فرحة" أشرك فى الاستمتاع بها مع الرجال كل النساء، حتى الصغيرات، بل وحتى الحُيَّض والنفساء! .. الذين يعرفون صاحب هذا الخلق العظيم ، ويعرفون رفقه بالقوارير ، ووصاياه بهن حتى وهو على فراش المرض يودع هذه الدنيا .. لا يمكن أن يتصوروه صلى الله عليه وسلم ذلك الذى يختار يوم الزينة والفرحة ليجابه كل النساء ومطلق جنس النساء بالذم والتقريع والحكم المؤبد عليهن بنقصان الأهلية ، لنقصانهن فى العقل والدين! ..
وإذا كانت المناسبة يوم العيد والزينة والفرحة لا ترشح أن يكون الذم والغم والحزن والتبكيت هو المقصود .. فإن ألفاظ الحديث تشهد على أن المقصود إنما كان المديح ، الذى يستخدم وصف "الواقع" الذى تشترك فى التحلى بصفاته غالبية النساء .. إن لم يكن كل النساء ..
فالحديث يشير إلى غلبة العاطفة والرقة على المرأة ، وهى عاطفة ورقة صارت "سلاحاً" تغلب به هذه المرأة أشد الرجال حزماً وشدة وعقلاً.. وإذا كانت غلبة العاطفة إنما تعنى تفوقها على الحسابات العقلية المجردة والجامدة ، فإننا نكون أمام عملة ذات وجهين ، تمثلها المرأة .. فعند المرأة تغلب العاطفة على العقلانية ، وذلك على عكس الرجل، الذى تغلب عقلانيته وحساباته العقلانية عواطفه .. وفى هذا التمايز فقرة إلهية، وحكمة بالغة ، ليكون عطاء المرأة فى ميادين العاطفة بلا حدود وبلا حسابات .. وليكون عطاء الرجل فى مجالات العقلانية المجردة والجامدة مكملاً لما نقص عند "الشق اللطيف والرقيق!" ..
فنقص العقل الذى أشارت إليه كلمات الحديث النبوى الشريف هو وصف لواقع تتزين به المرأة السوية وتفخر به، لأنه يعنى غلبة عاطفتها على عقلانيتها المجردة .. ولذلك، كانت "مداعبة" صاحب الخُلق العظيم الذى آتاه ربه جوامع الكلم للنساء ، فى يوم الفرحة والزينة ، عندما قال لهن: "إنهن يغلبن بسلاح العاطفة وسلطان الاستضعاف أهل الحزم والألباب من عقلاء الرجال ، ويخترقن بالعواطف الرقيقة أمنع الحصون!: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن"
لك أن تتخيل أن هذا الرجل يوصف بأنه من أعقل الناس وأكثرهم حزماً ، ولك أن تتخيل أن هذه المرأة التى امتدحها الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الصفات ، هى التى تتمكن من الأخذ بلب هذا الرجل، والتخفيف من حزمه (فى الأمور التى لا يغضب فيها الله ولا رسوله)! فبما نصف هذه المرأة التى تفوقت على الرجل ، وعلى عقه وحزمه، بسلاحها هى؟ أليس هذا مدح للمرأة بإمكانياتها العالية التى تفوقت على كل إمكانيات الرجل، وتحذير للرجل أن تذهب امرأة بعقله وحزمه فيما يغضب الله ورسوله؟!
فهو مدح للعاطفة الرقيقة التى تذهب بحزم ذوى العقول والألباب .. ويا بؤس وشقاء المرأة التى حرمت من شرف امتلاك هذا السلاح الذى فطر الله النساء على تقلده والتزين به فى هذه الحياة ! بل وأيضاً يا بؤس أهل الحزم والعقلانية من الرجال الذين حرموا فى هذه الحياة من الهزيمة أمام هذا السلاح .. سلاح العاطفة والاستضعاف! ..
وإذا كان هذا هو المعنى المناسب واللائق بالقائل وبالمخاطب وبالمناسبة وأيضاً المحبب لكل النساء والرجال معاً الذى قصدت إليه ألفاظ "نقص العقل" فى الحديث النبوى الشريف .. فإن المراد "بنقص الدين" هو الآخر وصف الواقع غير المذموم ، بل إنه الواقع المحمود والممدوح! ..
فعندما سألت النسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المقصود من نقصهن فى الدين، تحدث عن اختصاصهن "برخص" فى العبادات تزيد على "الرخص" التى يشاركن فيها الرجال .. فالنساء يشاركن الرجال فى كل "الرخص" التى رخّص فيها الشارع 00 من إفطار الصائم فى المرض والسفر.. إلى قصر الصلاة وجمعها فى السفر.. إلى إباحة المحرمات عند الضرورات.. إلخ .. إلخ 00ثم يزدن عن الرجال فى "رخص" خاصة بالإناث ، من مثل سقوط فرائض الصلاة وصيام رمضان عن الحيَّض والنفساء.. و كذلك إفطار المرضع ، عند الحاجة ، فى شهر رمضان.. إلخ .. إلخ ..
وإذا كان الله سبحانه وتعالى يحب أن تُؤتَى رخصه كما يحب أن تُؤتَى عزائمه ، فإن التزام النساء بهذه "الرخص" الشرعية هو الواجب المطلوب والمحمود ، وفيه لهن الأجر والثواب .. ولا يمكن أن يكون بالأمر المرذول والمذموم .. ووصف واقعه فى هذا الحديث النبوى مثله كمثل وصف الحديث لغلبة العاطفة الرقيقة الفياضة على العقلانية الجامدة ، عند النساء ، هو وصف لواقع محمود.. ولا يمكن أن يكون ذمًّا للنساء ، ينتقص من أهلية المرأة ومساواتها للرجال ، بأى حال من الأحوال.
إن العقل ملكة من الملكات التى أنعم الله بها على الإنسان ، وليس هناك إنسان رجلاً كان أو امرأة يتساوى مع الآخر مساواة كلية ودقيقة فى ملكة العقل ونعمته.. ففى ذلك يتفاوت الناس ويختلفون.. بل إن عقل الإنسان الواحد وضبطه ذكراً كان أو أنثى يتفاوت زيادة ونقصاً بمرور الزمن ، وبما يكتسب من المعارف والعلوم والخبرات.. وليست هناك جبلة ولا طبيعة تفرق بين الرجال والنساء فى هذا الموضوع..
وإذا كان العقل فى الإسلام هو مناط التكليف ، فإن المساواة بين النساء والرجال فى التكليف والحساب والجزاء شاهدة على أن التفسيرات المغلوطة لهذا الحديث النبوى الشريف، هى تفسيرات ناقصة لمنطق الإسلام فى المساواة بين النساء والرجال فى التكليف .. ولو كان لهذه التفسيرات المغلوطة نصيب من الصحة لنقصت تكاليف الإسلام للنساء عن تكليفاته للرجال ، ولكانت تكاليفهن فى الصلاة والصيام والحج والعمرة والزكاة وغيرها على النصف من تكاليف الرجال!
ولكنها "الرخصة"، التى يُؤجر عليها الملتزمون بها والملتزمات ، كما يُؤجرون جميعاً عندما ينهضون بعزائم التكاليف.. إن النقص المذموم فى أى أمر من الأمور هو الذى يمكن إزالته وجبره وتغييره ، وإذا تغير وانجبر كان محموداً.. ولو كانت "الرخص" التى شرعت للنساء بسقوط الصلاة والصيام للحائض والنفساء مثلاً نقصًا مذمومًا ، لكان صيامهن وصلاتهن وهن حُيّض ونفساء أمرًا مقبولاً ومحمودًا ومأجورًا.. لكن الحال ليس كذلك ، بل إنه على العكس من ذلك.
وأخيرًا ، فهل يعقل عاقل .. وهل يجوز فى أى منطق ، أن يعهد الإسلام ، وتعهد الفطرة الإلهية بأهم الصناعات الإنسانية والاجتماعية صناعة الإنسان، ورعاية الأسرة، وصياغة مستقبل الأمة إلى ناقصات العقل والدين، بهذا المعنى السلبى، الذى ظلم به غلاة الإسلاميين وغلاة العلمانيين الإسلام ورسولَه الكريمَ ، الذى حرر المرأة تحريره للرجل ، عندما بعثه الله بالحياة والإحياء لمطلق الإنسان (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ..) الأنفال: 24
فوضع بهذا الإحياء ، عن الناس كل الناس ما كانوا قد حُمِّلوا من الآصار والأغلال (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ..) الأعراف: 157
إنها تفسيرات مغلوطة ، وساقطة ، حاول بها أسرى العادات والتقاليد إضفاء الشرعية الدينية على هذه العادات والتقاليد التى لا علاقة لها بالإسلام .. والتى يبرأ منها هذا الحديث النبوى الشريف ..
وإذا كان لنا فى ختام إزالة هذه الشبهة أن نزكى المنطق الإسلامى الذى صوبنا به معنى الحديث النبوى الشريف ، وخاصة بالنسبة للذين لا يطمئنون إلى المنطق إلا إذا دعمته وزكته "النصوص" ، فإننا نذكر بكلمات إمام السلفية ابن القيم ، التى تقول: "إن المرأة العدل كالرجل فى الصدق والأمانة والديانة " [الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ص 236]
وبكلمات الإمام محمد عبده ، التى تقول:
"إن حقوق الرجل والمرأة متبادلة، وإنهما أكفاء .. وهما متماثلان فى الحقوق والأعمال، كما أنهما متماثلان فى الذات والإحساس والشعور والعقل ، أى أن كلا منهما بشر تام له عقل يتفكر فى مصالحه ، وقلب يحب ما يلائمه ويُسَرُّ به ، ويكره ما لا يلائمه وينفر منه.. [الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ، ج4 ص 606 دراسة وتحقيق د. محمد عمارة. طبعة القاهرة 1993م]
وبكلمات الشيخ محمود شلتوت ، التى تقول:
"لقد قرر الإسلام الفطرة التى خلقت عليها المرأة .. فطرة الإنسانية ذات العقل والإدراك والفهم .. فهى ذات مسئولية مستقلة عن مسئولية الرجل ، مسئولة عن نفسها ، وعن عبادتها ، وعن بيتها ، وعن جماعتها .. وهى لا تقل فى مطلق المسئولية عن مسئولية أخيها الرجل ، وإن منزلتها فى المثوبة والعقوبة عند الله معقودة بما يكون منها من طاعة أو مخالفة، وطاعة الرجل لا تنفعها وهى طالحة منحرفة، ومعصيته لا تضرها، وهى صالحة مستقيمة:
(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) النساء: 124
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) آل عمران: 195
وليقف المتأمل عند هذا التعبير الإلهى "بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ"، ليعرف كيف سما القرآن بالمرأة حتى جعلها بعضاً من الرجل ، وكيف حدَّ من طغيان الرجل فجعله بعضاً من المرأة. وليس فى الإمكان ما يُؤدَّى به معنى المساواة أوضح ولا أسهل من هذه الكلمة التى تفيض بها طبيعة الرجل والمرأة، والتى تتجلى فى حياتهما المشتركة، دون تفاضل وسلطان (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ) النساء 32
وإذا كانت المرأة مسئولة مسئولية خاصة فيما يختص بعبادتها ونفسها ، فهى فى نظر الإسلام أيضاً مسئولة مسئولية عامة فيما يختص بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والإرشاد إلى الفضائل ، والتحذير من الرذائل. وقد صرح القرآن بمسئوليتها فى ذلك الجانب ، وقرن بينها وبين أخيها الرجل فى تلك المسئولية ، كما قرن بينها وبينه فى مسئولية الانحراف عن واجب الإيمان والإخلاص لله وللمسلمين:
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) 11التوبة: 71.
(الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ) التوبة: 67- 68
فليس من الإسلام أن تلقى المرأة حظها من تلك المسئولية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهى أكبر مسئولية فى نظر الإسلام على الرجل وحده ، بحجة أنه أقدر منها عليها ، أو أنها ذات طابع لا يسمح لها أن تقوم بهذا الواجب ، فللرجل دائرته ، وللمرأة دائرتها ، والحياة لا تستقيم إلا بتكاتف النوعين فيما ينهض بأمتهما ، فإن تخاذلا أو تخاذل أحدهما انحرفت الحياة الجادة عن سبيلها المستقيم ..
والإسلام فوق ذلك لم يقف بالمرأة عند حد اشتراكها مع أخيها الرجل فى المسئوليات جميعها خاصها وعامها بل رفع من شأنها، وكرر تلقاء تحملها هذه المسئوليات احترام رأيها فيما تبدو وجاهته ، شأنه فى رأى الرجل تماماً سواءً بسواء. وإذا كان الإسلام جاء باختيار آراء بعض الرجال ، فقد جاء أيضاً باختيار رأى بعض النساء.
وفى سورة المجادلة احترم الإسلام رأى المرأة ، وجعلها مجادلة ومحاورة للرسول ، وجمعها وإياه فى خطاب واحد (والله يسمع تحاوركما) المجادلة: 1. وقرر رأيها ، وجعله تشريعاً عامًّا خالداً.. فكانت سورة المجادلة أثراً من آثار الفكر النسائى ، وصفحة إلهية خالدة نلمح فيها على مر الدهور صورة احترام الإسلام لرأى المرأة ، فالإسلام لا يرى المرأة مجرد زهرة ، ينعم الرجل بشم رائحتها ، وإنما هى مخلوق عاقل مفكر ، له رأى ، وللرأى قيمته ووزنه.
وليس هناك فارق دينى بين المرأة والرجل فى التكليف والأهلية ، سوى أن التكليف يَلحَقها قبل أن يلحق الرجل ، وذلك لوصولها - بطبيعتها - إلى مناط التكليف ، وهو البلوغ ، قبل أن يصل إليه الرجل [ الإسلام عقيدة وشريعة ، ص 223-228. طبعة القاهرة سنة 1400 هجرية -1980م]
تضافرت الحجج المنطقية مع نصوص الاجتهاد الإسلامى على إزالة شبهة الانتقاص من أهلية المرأة ، بدعوى أن النساء ناقصات عقل ودين.. وهكذا وضحت المعانى والمقاصد الحقة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذى اتخذت منه التفسيرات المغلوطة "غطاءً شرعيًّا" للعادات والتقاليد الراكدة ، تلك التى حملها البعض من غلاة الإسلاميين على الإسلام ، زوراً وبهتانًا.. والتى حسبها غلاة العلمانيين ديناً إلهيًّا ، فدعوا - لذلك - إلى تحرير المرأة من هذا الإسلام!. لقد صدق الله العظيم إذ يقول: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت: 53
إننا نلح منذ سنوات طوال وقبلنا ومعنا الكثيرون من علماء الإسلام ومفكريه على أن هذا الدين الحنيف إنما يمثل ثورة كبرى لتحرير المرأة ، لكن الخلاف بيننا وبين الغرب والمتغربين هو حول "نموذج" هذا التحرير .. فهم يريدون المرأة ندًّا مساوياً للرجل .. ونحن مع الإسلام نريد لها "مساواة الشقين المتكاملين ، لا الندين المتماثلين" .. وذلك ، لتتحرر المرأة ، مع بقائها أنثى ، ومع بقاء الرجل رجلاً ، كى يثمر هذا التمايز الفطرى بقاء ، ويجدد القبول والرغبة والجاذبية والسعادة بينهما سعادة النوع الإنسانى.
ونلح على أن هذا "التشابه.. والتمايز" بين النساء والرجال ، هو الذى أشار إليه القرآن الكريم عندما قرن المساواة بالتمايز ، فقالت آياته المحكمات: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) سورة البقرة: 228. (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى) سورة آل عمران: 36.
نلح على ذلك المنهاج فى التحرير الإسلامى للمرأة.. ولقد شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يشهد شاهد من أهلها على صدق هذا المنهاج الإسلامى ، فتنشر صحيفة [الأهرام] تقريراً علمياً عن نتائج دراسة علمية استغرقت أبحاثها عشرين عاماً ، وقام بها فريق من علماء النفس فى الولايات المتحدة الأمريكية ، وإذا بها تكشف عن مصداقية حقائق هذا المنهاج القرآنى فى تشابه الرجال والنساء فى اثنتين وثلاثين صفة .. وتميّز المرأة عن الرجل فى اثنتين وثلاثين صفة .. وتميز الرجل عن المرأة كذلك فى اثنتين وثلاثين صفة.
فهناك التشابه: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) سورة الأعراف: 189. (بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) سورة آل عمران: 195.
وهناك التمايز الفطرى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى).. فهما يتشابهان فى نصف الصفات ، ويتمايزان فى نصفها الآخر.. فالنموذج الأمثل لتحررهما معاً هو "مساواة الشقين المتكاملين ، لا الندين المتماثلين".. ولذلك ، آثرت أن أقدم للقارئ خلاصة هذه الدراسة العلمية ، كما نشرتها [الأهرام] تحت عنوان [اختلاف صفات الرجل عن المرأة لمصلحة كليهما] - ونصها: "فى دراسة قام بها علماء النفس فى الولايات المتحدة الأمريكية ، على مدى عشرين عاماً ، تم حصر عدد الصفات الموجودة فى كل من الرجل والمرأة ، ووجد أن هناك 32 صفة مشتركة فى كل منهما ، وأن 32 صفة أخرى موجودة فى الرجل ، و32 صفة أخرى موجودة عند المرأة ، بدرجات مختلفة فى الشدة ، ومن هنا جاءت الفروق بين صفات الرجولة والأنوثة.
وتوصل العلماء من خلال هذه التجارب إلى أن وجود نصف عدد الصفات مشتركة فى كل من الرجل والمرأة يعمل على وجود الأسس المشتركة بينهما ، لتسهيل التفاهم والتعامل مع بعضهما البعض ..
أما وجود عدد آخر من الصفات متساوياً بينهما ومختلفاً عند كل منهما فى الدرجة والشهرة فمعناه تحقيق التكامل بينهما. كما توصلوا إلى أنه كى يعيش كل من الرجل والمرأة فى انسجام وتناغم تام ، لابد أن يكون لدى كل منهما الصفات السيكولوجية المختلفة ، فمثلاً الرجل العصبى الحاد المزاج لا يمكنه أن يتعايش مع امرأة عصبية حادة المزاج، والرجل البخيل عليه ألا يتزوج امرأة بخيلة، والرجل المنطوى، الذى لا يحب الناس، لا يجوز أن يتزوج من امرأة منطوية ولا تحب الناس. وهكذا.
وكان من نتائج هذه الدراسات الوصول إلى نتيجة مهمة ، ألا وهى أن كل إنسان يحب ألا يعيش مع إنسان متماثل معه فى الصفات وكل شىء ، أى صورة طبق الأصل من صفاته الشخصية ، ومن هنا جاءت الصفات المميزة للرجولة متمثلة فى: قوة العضلات وخشونتها والشهامة، والقوة فى الحق، والشجاعة فى موضع الشجاعة، والنخوة، والاهتمام بمساندة المرأة وحمايتها والدفاع عنها وجلب السعادة لها. كما تتضمن أيضاً صفات الحب ، والعطاء ، والحنان، والكرم ، والصدق فى المشاعر وفى القول وحسن التصرف.. إلخ.
أما عن صفات الأنوثة ، فهى تتميز بالدفء ، والنعومة ، والحساسية ، والحنان ، والتضحية ، والعطاء ، وحب الخير ، والتفانى فى خدمة أولادها ، والحكمة ، والحرص على تماسك الأسرة وترابطها ، وحب المديح ، والذكاء ، وحسن التصرف ، وغير ذلك من الصفات ..
ولذلك ، فمن المهم أن يكون لدى كل من الرجل والمرأة دراية كافية بطبيعة الرجل وطبيعة المرأة ، وبذلك يسهل على كل منهما التعامل مع الطرف الآخر فى ضوء خصائص كل منهما.. فعندما يعرف الرجل أن المرأة مخلوق مشحون بالمشاعر والأحاسيس والعواطف ، فإنه يستطيع أن يتعامل معها على هذا الأساس. وبالمثل ، إذا عرفت المرأة طبيعة الرجل ، فإن هذا سيساعدها أيضاً على التعامل معه.. [الأهرام] فى 29- 4-2001- ص 2.
تلك هى شهادة الدراسة العلمية ، التى قام بها فريق من علماء النفس فى الولايات المتحدة الأمريكية والتى استغرق البحث فيها عشرون عاماً.. والتى تصدق على صدق المنهاج القرآنى فى علاقة النساء بالرجال: الاشتراك والتماثل فى العديد من الصفات.. والتمايز فى العديد من الصفات ، لتكون بينهما "المساواة" و "التمايز" فى ذات الوقت..
ومرة أخرى لا أخيرة صدق الله العظيم إذ يقول:( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت: 53
أ. د محمد عمارة: حقائق الإسلام فى مواجهة شبهات المشككين
-
الإصحاح الثالث والأربعين بعد المائة
شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فى الإسلام:
أما الشبهة الثانية والزائفة التى تثار حول موقف الإسلام من شهادة المرأة.. التى يقول مثيروها: إن الإسلام قد جعل المرأة نصف إنسان ، وذلك عندما جعل شهادتها نصف شهادة الرجل ، مستدلين على ذلك بآية سورة البقرة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). البقرة: 282.
ومصدر الشبهة التى حسب مثيروها أن الإسلام قد انتقص من أهلية المرأة ، بجعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل: (فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) هو الخلط بين "الشهادة" وبين "الإشهاد" الذى تتحدث عنه هذه الآية الكريمة.. فالشهادة التى يعتمد عليها القضاء فى اكتشاف العدل المؤسس على البينة ، واستخلاصه من ثنايا دعاوى الخصوم ، لا تتخذ من الذكورة أو الأنوثة معيارًا لصدقها أو كذبها ، ومن ثم قبولها أو رفضها.. وإنما معيارها تحقق اطمئنان القاضى لصدق الشهادة بصرف النظرعن جنس الشاهد ، ذكرًا كان أو أنثى ، وبصرف النظر عن عدد الشهود .. فالقاضى إذا اطمأن ضميره إلى ظهور البينة أن يعتمد شهادة رجلين ، أو امرأتين ، أو رجل وامرأة، أو رجل وامرأتين، أو امرأة ورجلين، أو رجل واحد أو امرأة واحدة .. ولا أثر للذكورة أو الأنوثة فى الشهادة التى يحكم القضاء بناءً على ما تقدمه له من البينات ..
أما آية سورة البقرة، والتى قالت: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) فإنها تتحدث عن أمر آخر غير "الشهادة" أمام القضاء.. تتحدث عن "الإشهاد" الذى يقوم به صاحب الدين للاستيثاق من الحفاظ على دَيْنه ، وليس عن "الشهادة" التى يعتمد عليها القاضى فى حكمه بين المتنازعين .. فهى (الآية) موجهة لصاحب الحق الدَّيْن وليس إلى القاضى الحاكم فى النزاع .. بل إن هذه الآية لا تتوجه إلى كل صاحب حق دَيْن ولا تشترط ما اشترطت من مستويات الإشهاد وعدد الشهود فى كل حالات الدَّيْن .. وإنما توجهت بالنصح والإرشاد فقط النصح والإرشاد إلى دائن خاص ، وفى حالات خاصة من الديون ، لها ملابسات خاصة نصت عليها الآية .. فهو دين إلى أجل مسمى .. ولابد من كتابته .. ولابد من عدالة الكاتب. ويحرم امتناع الكاتب عن الكتابة .. ولابد من إملاء الذى عليه الحق .. وإن لم يستطع فليملل وليه بالعدل .. والإشهاد لا بد أن يكون من رجلين من المؤمنين .. أو رجل وامرأتين من المؤمنين .. وأن يكون الشهود ممن ترضى عنهم الجماعة .. ولا يصح امتناع الشهود عن الشهادة .. وليست هذه الشروط بمطلوبة فى التجارة الحاضرة .. ولا فى المبايعات .. ثم إن الآية ترى فى هذا المستوى من الإشهاد الوضع الأقسط والأقوم .. وذلك لا ينفى المستوى الأدنى من القسط..
ولقد فقه هذه الحقيقة حقيقة أن هذه الآية إنما تتحدث عن "الإشهاد" فى دَيْن خاص ، وليس عن الشهادة .. وإنها نصيحة وإرشاد لصاحب الدَّيْن ذى المواصفات والملابسات الخاصة وليست تشريعاً موجهاً إلى القاضى الحاكم فى المنازعات .. فقه ذلك العلماء المجتهدون ..
ومن هؤلاء العلماء الفقهاء الذين فقهوا هذه الحقيقة ، وفصّلوا القول فيها شيخ الإسلام ابن تيمية [661-728 هجرية /1263-1328] وتلميذه العلامة ابن القيم [691-751 هجرية / 1292-1350م ] من القدماء والأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده [ 1265-1323 هجرية ] والإمام الشيخ محمود شلتوت [1310-1383 هجرية /1893-1963م] من المُحْدَثين والمعاصرين فقال ابن تيمية فيما يرويه عنه ويؤكد عليه ابن القيم:
قال عن "البينة" التى يحكم القاضى بناء عليها .. والتى وضع قاعدتها الشرعية والفقهية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعى، واليمين على المدعى عليه" رواه البخارى والترمذى وابن ماجه:
فقوله صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعى" ، أى عليه أن يظهر ما يبيّن صحة دعواه ، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حُكِم له.."
فطرق الإشهاد، فى آية سورة البقرة التى تجعل شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد هى نصيحة وإرشاد لصاحب الدَّين ذى الطبيعة الخاصة .. وليست التشريع الموجه إلى الحاكم القاضى والجامع لطرق الشهادات والبينات.. وهى أيضاً خاصة بدَيْن له مواصفاته وملابساته، وليست التشريع العام فى البينات التى تُظهر العدل فيحكم به القضاة ..
وقد قبل النبى صلى الله عليه وسلم شهادة الأعرابى وحده على رؤية هلال رمضان ، وأجاز صلى الله عليه وسلم شهادة الشاهد الواحد فى قضية السَّلَب (السَّلَب بفتح السين مشددة ، وفتح اللام -: هو متاع القتيل وعدته ، يأخذه قاتله.. وفى الحديث: "من قتل قتيلاً فله سَلَبُهُ ".) ، ولم يطالب القاتل بشاهد آخر ، واستحلفه ، وهذه القصة [وروايتها فى الصحيحين] صريحة فى ذلك.. وقد صرح الأصحاب: أنه تُقبل شهادة الرجل الواحد من غير يمين عند الحاجة ، وهو الذى نقله الخِرَقى [334 هجرية 945م ] فى مختصره ،فقال: وتقبل شهادة الطبيب العدل فى الموضحة (الموضحة: هى الجراحات التى هى دون قتل النفس.) إذا لم يقدر على طبيبين ، وكذلك البيطار فى داء الدابة.." (الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ، ص 98 ، 113 ، 123.)
وكما تجوز شهادة الرجل الواحد فى غير الحدود .. وكما تجوز شهادة الرجال وحدهم في الحدود ، تجوز عند البعض شهادة النساء وحدهن فى الحدود .. وعن ذلك يقول ابن تيمية ، فيما نقله ابن القيم: "وقد قبل النبى صلى الله عليه وسلم شهادة المرأة الواحدة فى الرضاع ، وقد شهدت على فعل نفسها ، ففى الصحيحين عن عقبة بن الحارث: " أنه تزوج أم يحيى بنت أبى إهاب ، فجاءت أَمَةٌ سوداء ، فقالت: قد أرضعتكما. فذكرتُ ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم ، فأعرض عنى ، قال: فتنحيتُ فذكرتُ ذلك له ، قال: فكيف؟ وقد زعمتْ أنْ قد أرضعتكما!".
وقد نص أحمد على ذلك فى رواية بكر بن محمد عن أبيه ، قال: فى المرأة تشهد على مالا يحضره الرجال من إثبات استهلال الصبى ، (استهلال الصبى: هو أن يحدث منه ما يدل على حياته ساعة الولادة من رفع صوت أو حركة عضو أو عين ، وهو شرط لتمتعه بحقوق الأحياء.) وفى الحمّام يدخله النساء ، فتكون بينهن جراحات.
وقال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمد فى شهادة الاستدلال: "تجوز شهادة امرأة واحدة فى الحيض والعدة والسقط والحمّام ، وكل مالا يطلع عليه إلا النساء".
فقال: "تجوز شهادة امرأة إذا كانت ثقة ، ويجوز القضاء بشهادة النساء منفردات فى غير الحدود والقصاص عند جماعة من الخَلَف والسلف". وعن عطاء [27-114 هجرية /647 732م ] أنه أجاز شهادة النساء فى النكاح. وعن شريح [78 هجرية / 697م ] أنه أجاز شهادة النساء فى الطلاق. وقال بعض الناس: تجوز شهادة النساء فى الحدود. وقال مهنا: قال لى أحمد بن حنبل: قال أبو حنيفة: تجوز شهادة القابلة وحدها ، وإن كانت يهودية أو نصرانية..". (الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ، ص 115-117)
ذلك أن العبرة هنا فى الشهادة إنما هى الخبرة والعدالة ، وليست العبرة بجنس الشاهد ذكراً كان أو أنثى ففى مهن مثل الطب.. والبيطرة.. والترجمة أمام القاضى.. تكون العبرة "بمعرفة أهل الخبرة " (المصدر السابق. ص 188 ، 193.)
بل لقد ذكر ابن تيمية فى حديثه عن الإشهاد الذى تحدثت عنه آية سورة البقرة أن نسيان المرأة ، ومن ثم حاجتها إلى أخرى تذكرها (أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) (ليس طبعًا ولا جبلة فى كل النساء ، وليس حتمًا فى كل أنواع الشهادات.. وإنما هو أمر له علاقة بالخبرة والمران ، أى أنه مما يلحقه التطور والتغيير.. وحكى ذلك عنه ابن القيم فقال: "قال شيخنا ابن تيمية ، رحمه الله تعالى: قوله تعالى (فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) فيه دليل على أن استشهاد امرأتين مكان رجل واحد إنما هو لإذكار إحداهما للأخرى ، إذا ضلت ، وهذا إنما يكون فيما فيه الضلال فى العادة ، وهو النسيان وعدم الضبط.. فما كان من الشهادات لا يُخافُ فيه الضلال فى العادة لم تكن فيه على نصف الرجل.." .
فحتى فى الإشهاد ، يجوز لصاحب الدَّيْن أن يحفظ دَينه وفق نصيحة وإرشاد آية سورة البقرة بإشهاد رجل وامرأة ، أو امرأتين ، وذلك عند توافر الخبرة للمرأة فى موضوع الإشهاد .. فهى فى هذا الإشهاد ليست شهادتها دائماً على النصف من شهادة الرجل..
وهذا الذى قاله ابن تيمية وابن القيم فى حديثهما عن آية سورة البقرة هو الذى ذكره الإمام محمد عبده ، عندما أرجع تميز شهادة الرجال على هذا الحق الذى تحدثت عنه الآية على شهادة النساء ، إلى كون النساء فى ذلك التاريخ كن بعيدات عن حضور مجالس التجارات ، ومن ثم بعيدات عن تحصيل التحمل والخبرات فى هذه الميادين.. وهو واقع تاريخى خاضع للتطور والتغير ، وليس طبيعة ولا جبلة فى جنس النساء على مر العصور.. ولو عاش الإمام محمد عبده إلى زمننا هذا ، الذى زخر ويزخر بالمتخصصات فى المحاسبة والاقتصاد وإدارة الأعمال ، وب "سيدات الأعمال" اللائى ينافسن "رجال الأعمال" لأفاض وتوسع فيما قال ، ومع ذلك ، فحسبه أنه قد تحدث قبل قرن من الزمان فى تفسيره لآية سورة البقرة هذه رافضاً أن يكون نسيان المرأة جبلة فيها وعامًّا فى كل موضوعات الشهادات ، فقال:
ولقد سار الشيخ محمود شلتوت الذى استوعب اجتهادات ابن تيمية وابن القيم ومحمد عبده مع هذا الطريق ، مضيفاً إلى هذه الاجتهادات علماً آخر عندما لفت النظر إلى تساوى شهادة الرجل فى "اللعان".. فكتب يقول عن شهادة المرأة وكيف أنها دليل على كمال أهليتها ، وذلك على العكس من الفكر المغلوط الذى يحسب موقف الإسلام من هذه القضية انتقاصًا من إنسانيتها.. كتب يقول:
إن قول الله سبحانه وتعالى: (فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) ليس وارداً فى مقام الشهادة التى يقضى بها القاضى ويحكم ، وإنما هو فى مقام الإرشاد إلى طرق الاستيثاق والاطمئنان على الحقوق بين المتعاملين وقت التعامل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ) إلى أن قال: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى). البقرة: 282.
فالمقام مقام استيثاق على الحقوق ، لا مقام قضاء بها. والآية ترشد إلى أفضل أنواع الاستيثاق الذى تطمئن به نفوس المتعاملين على حقوقهم.
وليس معنى هذا أن شهادة المرأة الواحدة أو شهادة النساء اللاتى ليس معهن رجل ، لايثبت بها الحق ، ولا يحكم بها القاضى ، فإن أقصى ما يطلبه القضاء هو "البينة".
وقد حقق العلامة ابن القيم أن البينة فى الشرع أعم من الشهادة ، وأن كل ما يتبين به الحق ويظهره ، هو بينة يقضى بها القاضى ويحكم. ومن ذلك: يحكم القاضى بالقرائن القطعية ، ويحكم بشهادة غير المسلم متى وثق بها واطمأن إليها.
واعتبار المرأتين فى الاستيثاق كالرجل الواحد ليس لضعف عقلها ، الذى يتبع نقص إنسانيتها ويكون أثراً له ، وإنما هو لأن المرأة كما قال الشيخ محمد عبده "ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات، ومن هنا تكون ذاكرتها فيها ضعيفة ، ولا تكون كذلك فى الأمور المنزلية التى هى شغلها ، فإنها فيها أقوى ذاكرة من الرجل ، ومن طبع البشر عامة أن يقوى تذكرهم للأمور التى تهمهم ويمارسونها ، ويكثر اشتغالهم بها.
والآية جاءت على ما كان مألوفاً فى شأن المرأة ، ولا يزال أكثر النساء كذلك ، لا يشهدن مجالس المداينات ولا يشتغلن بأسواق المبايعات ، واشتغال بعضهن بذلك لا ينافى هذا الأصل الذى تقضى به طبيعتها فى الحياة.
وإذا كانت الآية ترشد إلى أكمل وجوه الاستيثاق ، وكان المتعاملون فى بيئة يغلب فيها اشتغال النساء بالمبايعات وحضور مجالس المداينات ، كان لهم الحق فى الاستيثاق بالمرأة على نحو الاستيثاق بالرجل متى اطمأنوا إلى تذكرها وعدم نسيانها على نحو تذكر الرجل وعدم نسيانه.
هذا وقد نص الفقهاء على أن من القضايا ما تقبل فيه شهادة المرأة وحدها ، وهى القضايا التى لم تجر العادة بإطلاع الرجال على موضوعاتها ، كالولادة والبكارة ، وعيوب النساء والقضايا الباطنية.
وعلى أن منها ما تقبل فيه شهادة الرجل وحده ، وهى القضايا التى تثير موضوعاتها عاطفة المرأة ولا تقوى على تحملها ، على أنهم قدروا قبول شهادتها فى الدماء إذا تعينت طريقاً لثبوت الحق واطمئنان القاضى إليها. وعلى أن منها ما تقبل شهادتهما معاً.
ومالنا نذهب بعيداً ، وقد نص القرآن على أن المرأة كالرجل سواء بسواء فى شهادات اللعان ، وهو ما شرعه القرآن بين الزوجين حينما يقذف الرجل زوجه وليس له على ما يقول شهود : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَؤُ عَنْهَاالْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ). النور:6-9.
أربع شهادات من الرجل ، يعقبها استمطار لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ويقابلها ويبطل عملها ، أربع شهادات من المرأة يعقبها استمطار غضب الله عليها إن كان من الصادقين .. فهذه عدالة الإسلام فى توزيع الحقوق العامة بين الرجل والمرأة ، وهى عدالة تحقق أنهما فى الإنسانية سواء.. (الإسلام عقيدة وشريعة ، ص 239- 241. طبعة القاهرة سنة 1400 هجرية سنة 1980م)
هكذا وضحت صفحة الإسلام.. وصفحات الاجتهاد الإسلامى فى قضية مساواة شهادة المرأة وشهادة الرجل ، طالما امتلك الشاهد أو الشاهدة مقومات ومؤهلات وخبرة هذه الشهادة .. لأن الأهلية الإنسانية بالنسبة لكل منهما واحدة ، ونابعة من وحدة الخلق ، والمساواة فى التكاليف ، والتناصر فى المشاركة بحمل الأمانة التى حملها الإنسان ، أمانة استعمار وعمران هذه الحياة.
وأخيراً وليس آخراً فإن ابن القيم يستدل بالآية القرآنية: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا). البقرة: 143. على أن المرأة كالرجل فى هذه الشهادة على بلاغ الشريعة ورواية السنة النبوية.. فالمرأة كالرجل فى "رواية الحديث" ، التى هى شهادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وإذا كان ذلك مما أجمعت عليه الأمة ، ومارسته راويات الحديث النبوى جيلاً بعد جيل "والرواية شهادة" فكيف تقبل الشهادة من المرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تقبل على واحد من الناس؟.. إن المرأة العدل [بنص عبارة ابن القيم] كالرجل فى الصدق والأمانة والديانة. (الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ، ص236، 244)
فقد اعترف المسلمون والتاريخ الإسلامى بالكثير من السيدات المحدثات. مثل:
السيدة عائشة بنت أبى بكر أم المؤمنين
السيدة فاطمة الزهراء بنت المصطفى صلى الله عليه وسلم
السيدة زينب بنت عبد الله بن عبد الحليم بن تيمية الحنبلية
وكانت أم عبد الواحد عالمة فاضلة من أحفظ الناس للفقه على مذهب الشافعى ، وحفظت القرآن وغير ذلك من العلوم ، وكانت مُحدِّثة.
ووقاية امرأة عالمة فاضلة، كانت بإحدى مدن ليبيا، وكان يلجأ إليها أفاضل العلماء ، ويقولون: (تعالوا بنا نستشير وقاية ، فعصابتها خير من عمائمنا).
زينب ابنة الكمال ومن تلاميذها الإمام محمد بن حمزة الحسينى.
ووزيرة بنت عمر بن المنجى ومن تلاميذها الإمام محمد بن سوار السبكى.
ست القضاة بنت الشيرازى ومن تلاميذها الحافظ بن ناصر الدين الدمشقى ، والقاضى الإمام أحمد بن فضل الله العمرى. وغيرهن المئات الكثيرة.
وكانت أم المؤيد زينب بنت الشعرى تمنح الإجازات العلمية للرجال ، التى منحت العالم ابن خلكان إجازة علمية كتبتها له فى سنة 610 هـ.
وقطر الندى كانت من العالمات بالشريعة الإسلامية والقضاء. فقامت بالوصاية على ابنها المقتدر قبل أن يبلغ سن الرشد وأدارت الأحكام ، وقضت بنفسها بين الناس.
بل تولت امرأة القضاء فى العصر العباسى ، واطمأن الناس إلى عدالتها فى الحكم ، واعترفوا بفضلها ، ومقدرتها القضائية.
ويوجد غيرهن المئات والمئات من المحدِّثات ، اللاتى اطمأن إليهن الكثير من العلماء ، وتعلمن على أيديهن.
فهل سمع الناس فى عصر من العصور أو عن أمة من الأمم فيها عالم من أوثق رواة الحديث عقدة وأصدقهم حديثاً وهو الحافظ بن عساكر (توفى 571 هـ) الملقَّب بـ (حافظ الأمة) كان له من شيوخه وأساتذته بضع وثمانون من النساء؟ عالم واحد يتلقى العلم عن بضع وثمانين امرأة؟ فكم ترى منهن من لم يلقها أو يأخذ عنها؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن الرجل لم يجاوز الجزء الشرقى من الدولة الإسلامية ، فلم تطأ قدماه أرض مصر ، ولا بلاد المغرب ، ولا الأندلس وهى أحفل ما تكون بالعالمات وذوات الرأى من النساء.
فإنصاف المرأة، وكمال واكتمال أهليتها هو موقف الإسلام، الذى نزل به الروح الأمين على قلب الصادق الأمين .. وهو موقف كل تيارات الاجتهاد الإسلامى ، على امتداد تاريخ الإسلام.
ونفس الشىء نلمسه فى الإنجيل ، فعلى الرغم من قيام الشهادة فى التوراة والإنجيل على فم شاهدين أو أكثر ، لم يحكم عيسى عليه السلام برجم المرأة التى اتهمها جماعة من اليهود وهم شهود عليها ، لأنه لم يستوثق من شهادتهم: (2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» 8ثُمَّ انْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ. 10فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» 11فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً».) يوحنا 8: 2-11
الإصحاح الرابع والأربعين بعد المائة
ما أفلح قوم ولُّوا أمرهم لإمرأة:
إن "الولاية" بكسر الواو وفتحها هى "النُّصْرَة".. وكل من ولى أمر الآخر فهو وليه.
الراغب الأصفهانى ، أبو القاسم الحسين بن محمد [المفردات فى غريب القرآن ، طبعة دار التحرير ، القاهرة 1991م.] (الله ولىُّ الذين آمنوا) البقرة: 257. (إن وَلِيِّىَ الله) الأعراف: 196. (والله ولىُّ المؤمنين) آل عمران: 68. (قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لِلَّهِ من دون الناس فتمنوا الموت) الجمعة: 6. (ما لكم من وَلايتهم من شىء) الأنفال: 72.
وإذا كانت "النصرة" هى معنى "الولاية" ، فلا مجال للخلاف على أن للمرأة نصرة وسلطاناً ، أى ولاية ، فى كثير من ميادين الحياة ..
فالمسلمون مجمعون على أن الإسلام قد سبق كل الشرائع الوضعية والحضارات الإنسانية عندما أعطى للمرأة ذمة مالية خاصة ، وولاية وسلطانا على أموالها ، ملكا وتنمية واستثمارا وإنفاقاً ، مثلها فى ذلك مثل الرجل سواء بسواء .. والولاية المالية والاقتصادية من أفضل الولايات والسلطات فى المجتمعات الإنسانية ، على مر تاريخ تلك المجتمعات.. وفى استثمار الأموال ولاية وسلطان يتجاوز الإطار الخاص إلى النطاق العام.. والمسلمون مجمعون على أن للمرأة ولاية على نفسها ، تؤسس لها حرية وسلطانا فى شئون زواجها ، عندما يتقدم إليها الراغبون فى الاقتران بها ، وسلطانها فى هذا يعلو سلطان وليها الخاص والولى العام لأمر أمة الإسلام..
والمسلمون مجمعون على أن للمرأة ولاية ورعاية وسلطاناً فى بيت زوجها ، وفى تربية أبنائها.. وهى ولاية نص على تميزها بها وفيها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى فصّل أنواع وميادين الولايات: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالأمير الذى على الناس راع عليهم وهو مسئول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهى مسئولة عنهم ، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته). رواه البخارى ومسلم والإمام أحمد..
لكن قطاعا من الفقهاء قد وقف بالولايات المباحة والمفتوحة ميادينها أمام المرأة عند "الولايات الخاصة" ، واختاروا حجب المرأة عن "الولايات العامة"، التى تلى فيها أمر غيرها من الناس ، خارج الأسرة وشئونها ..
ونحن نعتقد أنه من وقائع تطبيقات وممارسات مجتمع النبوة والخلافة الراشدة لمشاركات النساء فى العمل العام بدءاً من الشورى فى الأمور العامة.. والمشاركة فى تأسيس الدولة الإسلامية الأولى. وحتى ولاية الحسبة والأسواق والتجارات ، التى ولاّها عمر بن الخطاب رضى الله عنه " للشِّفاء بنت عبد الله بن عبد شمس [ 20 هجرية /641م ].. وانتهاء بالقتال فى ميادين الوغى.. كذلك وأيضًا الآيات القرآنية الدالة على أن الموالاة والتناصر بين الرجال والنساء فى سائر ميادين العمل العام وهى التى تناولها القرآن الكريم تحت فريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). التوبة: 71.
أما الإضافة التى نقدمها فى هذا القسم من هذه الدراسة قسم إزالة الشبهات فهى خاصة بمناقشة الفهم المغلوط للحديث النبوى الشريف: [ما أفلح قوم يلى أمرهم امرأة].. إذ هو الحديث الذى يستظل بظله كل الذين يحرّمون مشاركة المرأة فى الولايات العامة والعمل العام..
ولقد وردت لهذا الحديث روايات متعددة ، منها: (لن يفلح قوم تملكهم امرأة) .. (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) .. (ولن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة) رواها: البخارى والترمذى والنسائى والإمام أحمد..
وإذا كانت صحة الحديث من حيث "الرواية" هى حقيقة لا شبهة فيها.. فإن إغفال مناسبة ورود هذا الحديث يجعل "الدراية" بمعناه الحقيقى مخالفة للاستدلال به على تحريم ولاية المرأة للعمل العام ..
ذلك أن ملابسات قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، لهذا الحديث تقول: إن نفراً قد قدموا من بلاد فارس إلى المدينة المنورة ، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "من يلى أمر فارس" ؟
- " قال [ أحدهم ]: امرأة.
- فقال صلى الله عليه وسلم "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".
فملابسات ورود الحديث تجعله نبوءة سياسية بزوال ملك فارس وهى نبوءة نبوية قد تحققت بعد ذلك بسنوات– أكثر منه تشريعاً عاما يحرم ولاية المرأة للعمل السياسى العام ..
ثم إن هذه الملابسات تجعل معنى هذا الحديث خاصاً "بالولاية العامة" أى رئاسة الدولة وقيادة الأمة .. فالمقام كان مقام الحديث عن امرأة تولت عرش الكسروية الفارسية ، التى كانت تمثل إحدى القوتين العظيمتين فى النظام العالمى لذلك التاريخ .. ولا خلاف بين جمهور الفقهاء باستثناء طائفة من الخوارج على اشتراط "الذكورة" فيمن يلى "الإمامة العظمى" والخلافة العامة لدار الإسلام وأمة الإسلام .. أما ماعدا هذا المنصب بما فى ذلك ولايات الأقاليم والأقطار والدول القومية والقطرية والوطنية فإنها لا تدخل فى ولاية الإمامة العظمى لدار الإسلام وأمته.. لأنها ولايات خاصة وجزئية ، يفرض واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر المشاركة فى حمل أماناتها على الرجال والنساء دون تفريق ..
فالشبهة إنما جاءت من خلط مثل هذه الولايات الجزئية والخاصة بالإمامة العظمى والولاية العامة لدار الإسلام وأمته وهى الولاية التى اشترط جمهور الفقهاء "الذكورة" فيمن يليها .. ولا حديث للفقه المعاصر عن ولاية المرأة لهذه الإمامة العظمى ، لأن هذه الولاية قد غابت عن متناول الرجال ، فضلاً عن النساء ، منذ سقوط الخلافة العثمانية [ 1342 هجرية 1924م ] وحتى الآن! ..
وأمر آخر لابد من الإشارة إليه ، ونحن نزيل هذه الشبهة عن ولاية المرأة للعمل العام، وهو تغير مفهوم الولاية العامة فى عصرنا الحديث ، وذلك بانتقاله من: "سلطان الفرد" إلى "سلطان المؤسسة" ، والتى يشترك فيها جمع من ذوى السلطان والاختصاص ..
لقد تحوّل "القضاء" من قضاء القاضى الفرد إلى قضاء مؤسسى ، يشترك فى الحكم فيه عدد من القضاة .. فإذا شاركت المرأة فى "هيئة المحكمة" فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة للقضاء، بالمعنى الذى كان وارداً فى فقه القدماء ، لأن الولاية هنا الآن لمؤسسة وجمع ، وليست لفرد من الأفراد ، رجلاً كان أو امرأة.. بل لقد أصبحت مؤسسة التشريع والتقنين مشاركة فى ولاية القضاء ، بتشريعها القوانين التى ينفذها القضاة .. فلم يعد قاضى اليوم ذلك الذى يجتهد فى استنباط الحكم واستخلاص القانون ، وإنما أصبح "المنفذ" للقانون الذى صاغته وقننته مؤسسة ، تمثل الاجتهاد الجماعى والمؤسسى لا الفردى فى صياغة القانون ..
وكذلك الحال مع تحول التشريع والتقنين من اجتهاد الفرد إلى اجتهاد مؤسسات الصياغة والتشريع والتقنين.. فإذا شاركت المرأة فى هذه المؤسسات ، فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة لسلطة التشريع بالمعنى التاريخى والقديم لولاية التشريع..
وتحولت سلطات صنع "القرارات التنفيذية" فى النظم الشورية والديمقراطية عن سلطة الفرد إلى سلطان المؤسسات المشاركة فى الإعداد لصناعة القرار.. فإذا شاركت المرأة فى هذه المؤسسات ، فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة لهذه السلطات والولايات ، بالمعنى الذى كان فى ذهن الفقهاء الذين عرضوا لهذه القضية فى ظل "فردية" الولايات ، وقبل تعقد النظم الحديثة والمعاصرة ، وتميزها بالمؤسسية والمؤسسات..
لقد تحدث القرآن الكريم عن ملكة سبأ - وهى امرأة - فأثنى عليها وعلى ولايتها للولاية العامة ، لأنها كانت تحكم بالمؤسسة الشورية لا بالولاية الفردية (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ). النمل: 32.
وذم القرآن الكريم فرعون مصر - وهو رجل لأنه قد انفرد بسلطان الولاية العامة وسلطة صنع القرار(قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ). غافر: 29. فلم تكن العبرة بالذكورة أو الأنوثة فى الولاية العامة حتى الولاية العامة وإنما كانت العبرة بكون هذه الولاية "مؤسسة شورية"؟ أم "سلطانا فردياً مطلقاً"؟
أما ولاية المرأة للقضاء .. والتى يثيرها البعض كشبهة على اكتمال أهلية المرأة فى الرؤية الإسلامية .. فإن إزالة هذه الشبهة يمكن أن تتحقق بالتنبيه على عدد من النقاط:
أولها: أن ما لدينا فى تراثنا حول قضية ولاية المرأة لمنصب القضاء هو "فكر إسلامى" و "اجتهادات فقهية" أثمرت "أحكاماً فقهية" .. وليس "دينا" وضعه الله سبحانه وتعالى وأوحى به إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالقرآن الكريم لم يعرض لهذه القضية ، كما لم تعرض لها السنة النبوية ، لأن القضية لم تكن مطروحة على الحياة الاجتماعية والواقع العملى لمجتمع صدر الإسلام ، فليس لدينا فيها نصوص دينية أصلاً ، ومن ثم فإنها من مواطن ومسائل الاجتهاد ..
ثم إن هذه القضية هى من "مسائل المعاملات" وليست من "شعائر العبادات".. وإذا كانت "العبادات توقيفية" تُلْتَمس من النص وتقف عند الوارد فيه ، فإن "المعاملات" تحكمها المقاصد الشرعية وتحقيق المصالح الشرعية المعتبرة .. والموازنة بين المصالح والمفاسد فيها .. ويكفى فى "المعاملات" أن لا تخالف ما ورد فى النص ، لا أن يكون قد ورد فيها نص ..
ومعلوم أن "الأحكام الفقهية" التى هى اجتهادات الفقهاء، مثلها كمثل الفتاوى ، تتغير بتغير الزمان والمكان والمصالح الشرعية المعتبرة .. فتولى المرأة للقضاء قضية فقهية، لم ولن يُغْلَق فيها باب الاجتهاد الفقهى الإسلامى ..
وثانيها: أن اجتهادات الفقهاء القدماء حول تولى المرأة لمنصب القضاء هى اجتهادات متعددة ومختلفة باختلاف وتعدد مذاهبهم واجتهاداتهم فى هذه المسألة ، ولقد امتد زمن اختلافهم فيها جيلاً بعد جيل.. ومن ثم فليس هناك "إجماع فقهى" فى هذه المسألة حتى يكون هناك إلزام للخلف بإجماع السلف ، وذلك فضلاً عن أن إلزام الخلف بإجماع السلف هو أمر ليس محل إجماع.. ناهيكم عن أن قضية إمكانية تحقق الإجماع أى اجتماع سائر فقهاء عصر ما على مسألة من مسائل فقه الفروع كهذه المسألة هو مما لا يُتَصَوَّر حدوثه حتى لقد أنكر كثير من الفقهاء إمكانية حدوث الإجماع فى مثل هذه الفروع أصلاً. ومن هؤلاء الإمام أحمد بن حنبل [164-241 هجرية 780-855 م] الذى قال: "من ادعى الإجماع فقد كذب!".
فباب الاجتهاد الجديد والمعاصر والمستقبلى فى هذه المسألة وغيرها من فقه الفروع مفتوح .. لأنها ليست من المعلوم من الدين بالضرورة أى المسائل التى لم ولن تختلف فيها مذاهب الأمة ولا الفِطر السليمة لعلماء وعقلاء الإسلام..
وثالثها: أن جريان "العادة" فى الأعصر الإسلامية السابقة ، على عدم ولاية المرأة لمنصب القضاء لا يعنى "تحريم" الدين لولايتها هذا المنصب ، فدعوة المرأة للقتال ، وانخراطها فى معاركه هو مما لم تجربه "العادة" فى الأعصر الإسلامية السابقة ، ولم يعن ذلك " تحريم " اشتراك المرأة فى الحرب والجهاد القتالى عند الحاجة والاستطاعة وتعيُّن فريضة الجهاد القتالى على كل مسلم ومسلمة.. فهى قد مارست هذا القتال وشاركت فى معاركه على عصر النبوة والخلافة الراشدة.. من غزوة أُحد [3 هجرية 625م] إلى موقعة اليمامة [12 هجرية 633 م] ضد ردة مسيلمة الكذاب [12 هجرية 633 م].. وفى "العادة" مرتبطة "بالحاجات" المتغيرة بتغير المصالح والظروف والملابسات ، وليست هى مصدر الحلال والحرام ..
رابعها: أن علة اختلاف الفقهاء حول جواز تولى المرأة لمنصب القضاء ، فى غيبة النصوص الدينية – القرآنية والنبوية – التى تتناول هذه القضية ، كانت اختلاف هؤلاء الفقهاء فى الحكم الذى "قاسوا" عليه توليها للقضاء. فالذين "قاسوا" القضاء على: "الإمامة العظمى" التى هى الخلافة العامة على أمة الإسلام ودار الإسلام مثل فقهاء المذهب الشافعى قد منعوا توليها للقضاء ، لاتفاق جمهور الفقهاء باستثناء بعض الخوارج على جعل "الذكورة" شرطا من شروط الخليفة والإمام ، فاشترطوا هذا الشرط "الذكورة" – فى القاضى ، قياساً على الخلافة والإمامة العظمى.
ويظل هذا " القياس " قياساً على "حكم فقهى" – ليس عليه إجماع وليس "قياساً" على نص قطعى الدلالة والثبوت ..
والذين أجازوا توليها القضاء ، فيما عدا قضاء "القصاص والحدود" مثل أبى حنيفة " [80 150 هجرية / 699 767 م] وفقهاء مذهبه قالوا بذلك "لقياسهم" القضاء على "الشهادة" ، فأجازوا قضاءها فيما أجازوا شهادتها فيه ، أى فيما عدا "القصاص والحدود"
فالقياس هنا أيضاً على "حكم فقهى" وليس على نص قطعى الدلالة والثبوت..وهذا الحكم الفقهى المقيس عليه وهو شهادة المرأة فى القصاص والحدود.. أى فى الدماء ليس موضع إجماع .. فلقد سبق وذكرنا فى رد شبهة أن شهادة المرأة هى على النصف من شهادة الرجل إجازة بعض الفقهاء لشهادتها فى الدماء ، وخاصة إذا كانت شهادتها فيها هى مصدر البينة الحافظة لحدود الله وحقوق الأولياء ..
أما الفقهاء الذين أجازوا قضاء المرأة فى كل القضايا مثل الإمام محمد بن جرير الطبرى [ 224310 هجرية / 839 923م ] فقد حكموا بذلك "لقياسهم" القضاء على "الفتيا" .. فالمسلمون قد أجمعوا على جواز تولى المرأة منصب الإفتاء الدينى أى التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من أخطر المناصب الدينية وفى توليها للإفتاء سنة عملية مارستها نساء كثيرات على عهد النبوة من أمهات المؤمنين وغيرهن فقاس هؤلاء الفقهاء قضاء المرأة على فتياها ، وحكموا بجواز توليها كل أنواع القضاء ، لممارستها الإفتاء فى مختلف الأحكام.
وهم قد عللوا ذلك بتقريرهم أن الجوهرى والثابت فى شروط القاضى إنما يحكمه ويحدده الهدف والقصد من القضاء ، وهو: ضمان وقوع الحكم بالعدل بين المتقاضين.. وبعبارة أبى الوليد بن رشد الحفيد [ 520595 هجرية / 1126 1198م ]: فإن "من رأى حكم المرأة نافذا فى كل شىء قال: إن الأصل هو أن كل من يأتى منه الفصل بين الناس فحكمه جائز ، إلا ما خصصه الإجماع من الإمامة الكبرى ".
(بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، ج2 ص 494. طبعة القاهرة سنة 1974م)؛ و(الماوردى ، أدب القاضى ، ج1 ص 625-628 طبعة بغداد سنة 1971م) ؛ و(الأحكام السلطانية ص65 طبعة القاهرة سنة 1973م.)
وخامسها: أن "الذكورة" لم تكن الشرط الوحيد الذى اختلف حوله الفقهاء من بين شروط من يتولى القضاء.. فهم مثلا اختلفوا فى شرط "الاجتهاد" فأوجب الشافعى (150-204 هجرية / 767-820م) وبعض المالكية أن يكون القاضى مجتهداً .. على حين أسقط أبو حنيفة هذا الشرط ، بل وأجاز قضاء "العامى" أى الأمى فى القراءة والكتابة وهو غير الجاهل ووافقه بعض الفقهاء المالكية قياسا على أمية النبى صلى الله عليه وسلم. (بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، ج2 ص 493،494.)
واختلفوا كذلك فى شرط كون القاضى "عاملا" وليس مجرد "عالم" بأصول الشرع الأربعة: الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والقياس.. فاشترطه الشافعى ، وتجاوز عنه غيره من الفقهاء ( أدب القاضى ، ج 1 ص 643.)
كما اشترط أبو حنيفة ، دون سواه أن يكون القاضى عربيا من قريش. (محمد محمد سعيد ، كتاب دليل السالك لمذهب الإمام مالك ص 190 طبعة القاهرة سنة 1923 م.)
فشرط " الذكورة " فى القاضى ، هو واحد من الشروط التى اختلف فيها الفقهاء ، حيث اشترطه البعض فى بعض القضايا دون البعض الآخر ، وليس فيه إجماع.. كما أنه ليس فيه نصوص دينية تمنع أو تقيد اجتهادات المجتهدين..
وسادسها: أن منصب القضاء وولايته قد أصابها هى الأخرى ما أصاب الولايات السياسية والتشريعية والتنفيذية من تطور انتقل بها من "الولاية الفردية" إلى ولاية "المؤسسة" فلم تعد "ولاية رجل" أو "ولاية امرأة" ، وإنما أصبح "الرجل" جزءاً من المؤسسة والمجموع ، وأصبحت "المرأة" جزءاً من المؤسسة والمجموع .. ومن ثم أصبحت القضية فى "كيف جديد" يحتاج إلى "تكييف جديد" يقدمه الاجتهاد الجديد لهذا الطور المؤسسى الجديد الذى انتقلت إليه كل هذه الولايات.. ومنها ولاية المرأة للقضاء.
-
الإصحاح الخامس والأربعين بعد المائة
المسيحية والعبيد:
الرق نظام قديم قدم المظالم والاستعباد والطبقية والاستغلال فى تاريخ الإنسان ، وفى الحضارات القديمة كان الرق عماد نظام الإنتاج والاستغلال ، وفى بعض تلك الحضارات كالفرعونية المصرية والكسروية الفارسية كان النظام الطبقى المغلق يحول دون تحرير الأرقاء ، مهما توفرت لأى منهم الرغبة أو الإمكانات.. وفى بعض تلك الحضارات كالحضارة الرومانية كان السادة هم الأقلية الرومانية ، وكانت الأغلبية فى الامبراطورية برابرة أرقاء ، أو فى حكم الأرقاء.. وللأرقاء فى تلك الحضارات ثورات من أشهرها ثورة "اسبارتاكوس" [ 73-71 ق م ].
كان الرقيق فى عرف الرومان النصارى (شيئاً) لا بشراً. شيئاً لا حقوق له البتَّة ، وإن كان عليه كل ثقيل من الواجبات. فكانوا يعملون فى الحقول وهم مصفدون فى الأغلال الثقيلة، التى تكفى لمنهم من الفرار. ولم يكونوا يُطعَمون القلقل الذى يبقى على وجودهم ليعملوا، وكانوا أثناء العمل يُساقون بالسوط ، لغير شىء إلا اللذة الفاجرة التى يحسها السيد أو وكيله فى تعذيب هذه المخلوقات. وفى الليل ينامون فى (زنزانات) مظلمة كريهة الرائحة ، تعيث فيها الحشرات والفئران ، فيلقون فيها بأعداد كبيرة ، فلا يتاح لهم حتى الفراغ الذى يتاح بين بقرة وبقرة فى حظيرة الحيوانات.
وكانت حلقات المبارزة مع الحيوانات المفترسة من الأشياء التى يُطرب لها فؤاد السيد ، وكان من أحب المهرجانات إليهم أن يشاهدوا الرقيق وهم يتبارزون مبارزة حقيقية ، توجه فيها طعنات السيوف والرماح إلى أى مكان فى الجسم بلا تحرز ولا احتياط من القتل. بل كان المرح يصل إلى أقصاه ، وترتفع الحناجر بالهتاف ، والأكف بالتصفيق، وتنطلق الضحكات السعيدة العميقة الخالصة حين يقضى أحد المتبارزين على زميله قضاءً كاملاً ، فيلقيه طريحاً على الأرض ، فاقد الحياة.
ذلك كان الرقيق فى العالم الرومانى ، ولا نحتاج أن نقول شيئاً عن الوضع القانونى للرقيق عندئذ ، وعن حق السيد المطلق فى قتله وتعذيبه ، واستغلاله دون أن يكون له حق الشكوى ، ودون أن تكون هناك جهة تنظر فى هذه الشكوى أو تعترف بها.
ولم تكن معاملة الرقيق فى فارس والهند وغيرها تختلف كثيراً عما ذكرناه من حيث إهدار إنسانية الرقيق إهداراً كاملاً ، وتحميله بأثقال الواجبات دون إعطائه حقاً مقابلها ، وإن كانت تختلف فيما بينها قليلاً أو كثيراً فى مدى قسوتها وبشاعتها.
وكانت للمظالم الاجتماعية والتمييز العرقى والطبقى منابع وروافد عديدة تغذى "نهر الرق" فى كل يوم بالمزيد من الأرقاء .. وذلك من مثل:
1- الحرب ، بصرف النظر عن حظها من الشرعية والمشروعية ، فالأسرى يتحولون إلى أرقاء ، والنساء يتحولن إلى سبايا وإماء ..
2- والخطف ، يتحول به المخطوفون إلى رقيق ..
3- وارتكاب الجرائم الخطيرة كالقتل والسرقة والزنا كان يحكم على مرتكبيها بالاسترقاق ..
4- والعجز عن سداد الديون ، كان يحوِّل الفقراء المدينين إلى أرقاء لدى الأغنياء الدائنين ..
5- وسلطان الوالد على أولاده ، كان يبيح له أن يبيع هؤلاء الأولاد ، فينتقلون من الحرية إلى العبودية.
6- وسلطان الإنسان على نفسه ، كان يبيح له بيع حريته ، فيتحول إلى رقيق..
7- وكذلك النسل المولود من كل هؤلاء الأرقاء يصبح رقيقا، حتى ولو كان أباه حرا..
فقد وردً فى العهد القديم فى أخلاق الحرب عند اليهود مشرعية استرقاق الناس: رجالاً ونساءً وأطفالاً ، ولا نجد فيها محاولة لتجفيف هذا النهر المتدفق من استرقاء الناس: (10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ.) تثنية 20: 10- 18
(10فَلَمْ يَطْرُدُوا الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ. فَسَكَنَ الْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِ أَفْرَايِمَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ, وَكَانُوا عَبِيداً تَحْتَ الْجِزْيَةِ.) يشوع 16: 10
(9هَئَنَذَا أُرْسِلُ فَآخُذُ كُلَّ عَشَائِرِ الشِّمَالِ يَقُولُ الرَّبُّ وَإِلَى نَبُوخَذْنَصَّرَ عَبْدِي مَلِكِ بَابِلَ وَآتِي بِهِمْ عَلَى هَذِهِ الأَرْضِ وَعَلَى كُلِّ سُكَّانِهَا وَعَلَى كُلِّ هَذِهِ الشُّعُوبِ حَوَالَيْهَا فَأُحَرِّمُهُمْ وَأَجْعَلُهُمْ دَهَشاً وَصَفِيراً وَخِرَباً أَبَدِيَّةً. 10وَأُبِيدُ مِنْهُمْ صَوْتَ الطَّرَبِ وَصَوْتَ الْفَرَحِ صَوْتَ الْعَرِيسِ وَصَوْتَ الْعَرُوسِ صَوْتَ الأَرْحِيَةِ وَنُورَ السِّرَاجِ. 11وَتَصِيرُ كُلُّ هَذِهِ الأَرْضِ خَرَاباً وَدَهَشاً وَتَخْدِمُ هَذِهِ الشُّعُوبُ مَلِكَ بَابِلَ سَبْعِينَ سَنَةً. 12[وَيَكُونُ عِنْدَ تَمَامِ السَّبْعِينَ سَنَةً أَنِّي أُعَاقِبُ مَلِكَ بَابِلَ وَتِلْكَ الأُمَّةَ يَقُولُ الرَّبُّ عَلَى إِثْمِهِمْ وَأَرْضَ الْكِلْدَانِيِّينَ وَأَجْعَلُهَا خِرَباً أَبَدِيَّةً.) إرمياء 25: 9-12
ووافقتهم رسائل بولس وبطرس على الإبقاء على هذه العبودية ولم يحاول تجفيف منابعها على الأقل ، فها هو بولس يأمر العبيد بطاعة أسيادهم كطاعة المسيح (الله فى زعمهم): (5أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، فِي بَسَاطَةِ قُلُوبِكُمْ كَمَا لِلْمَسِيحِ - 6لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ كَعَبِيدِ الْمَسِيحِ، عَامِلِينَ مَشِيئَةَ اللهِ مِنَ الْقَلْبِ، 7خَادِمِينَ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ كَمَا لِلرَّبِّ، لَيْسَ لِلنَّاسِ. 8عَالِمِينَ أَنْ مَهْمَا عَمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَيْرِ فَذَلِكَ يَنَالُهُ مِنَ الرَّبِّ، عَبْداً كَانَ أَمْ حُرّاً) أفسس 6: 5-8
وها هو بطرس يأمر الخدم بالخضوع بكل احترام وهيبة لسادتهم ، سواء أكانوا صالحين مترفقين مشفقين فى معاملتهم ، أم قاسين فى التعامل معهم: (18أَيُّهَا الْخُدَّامُ، كُونُوا خَاضِعِينَ بِكُلِّ هَيْبَةٍ لِلسَّادَةِ، لَيْسَ لِلصَّالِحِينَ الْمُتَرَفِّقِينَ فَقَطْ، بَلْ لِلْعُنَفَاءِ أَيْضاً.) بطرس الأولى 2: 18
ولقد اقترن عصر النهضة الأوروبية بزحفها الاستعمارى على العالمين القديم والجديد ، وبعد أن استعبد المستعمرون الأسبان والبرتغاليون والإنجليز والفرنسيون سكان أمريكا الأصليين ، وأهلكوهم فى سخرة البحث عن الذهب وإنشاء المزارع ، مارسوا أكبر أعمال القرصنة والخطف فى التاريخ ، تلك التى راح ضحيتها أكثر من أربعين مليوناً من زنوج إفريقيا ، سلسلوا بالحديد ، وشحنوا فى سفن الحيوانات ، لتقوم على دمائهم وعظامهم المزارع والمصانع والمناجم التى صنعت رفاهية الرجل الأبيض فى أمريكا وأوروبا.. ولا يزال أحفادهم يعانون من التفرقة العنصرية فى الغرب حتى الآن.
الإصحاح السادس والأربعين بعد المائة
الإسلام وتحرير العبيد:
ومع كثرة واتساع هذه الروافد التى تمد نهر الرقيق فى كل وقت بالمزيد والمزيد من الأرقاء ، كانت أبواب العتق والحرية إما موصدة تماما ، أو ضيقة عسيرة على الولوج منها..
وأمام هذا الواقع ، اتخذ الإسلام ، إبان ظهوره ، طريق الإصلاح الذى يهدف إلى تحرير الأرقاء ، وإلغاء نظام العبودية ، وطى صفحته من الوجود ، لكن فى "واقعية ثورية" إذا جازالتعبير .. فهو لم يتجاهل الواقع ولم يقفز عليه .. وأيضا لم يعترف به على النحو الذى يبقيه ويكرسه ..
لقد بدأ الإسلام فأغلق وألغى وحرّم أغلب الروافد التى كانت تمد نهر الرقيق بالمزيد من
الأرقاء.. فلم يبق منها إلا أسرى الحرب المشروعة والشرعية ، والنسل إذا كان أبواه من الأرقاء ..
وحتى أسرى الحرب المشروعة فتح الإسلام أمامهم باب العتق والحرية المنّ أو الفداء: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا .. ..) محمد: 4. فعندما تضع الحرب أوزارها ، يتم تحرير الأسرى ، إما بالمن عليهم بالحرية وإما بمبادلتهم بالأسرى المسلمين لدى الأعداء ..
ومع إغلاق روافد الاسترقاق ومصادره التفت الإسلام إلى "كتلة" واقع الأرقاء ، فسعى إلى تصفيتها بالتحرير ، وذلك عندما عدد ووسع مصابّ نهر الرقيق .. ولقد سلك الإسلام إلى ذلك المقصد سبيل منظومة القيم الإسلامية. وسبيل العدالة الاجتماعية الإسلامية. فحبب إلى المسلمين عتق الأرقاء تطوعا، إذ فى عتق كل عضو من أعضاء الرقيق عتق لعضو من أعضاء سيده من النار ، فتحرير الرقيق سبيل لتحرير الإنسان من عذاب النار يوم القيامة.. كما جعل الإسلام عتق الأرقاء كفارة للكثير من الذنوب والخطايا.. وجعل للدولة والنظام العام مدخلاً فى تحرير الأرقاء عندما جعل هذا التحرير مصرفا من المصارف الثمانية لفريضة الزكاة فهو جزء من أحد أركان الإسلام (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة: 60.
كما جعل الحرية هى الأصل الذى يولد عليه الناس ، والرق هو الاستثناء الطارئ الذى يحتاج إلى إثبات، فمجهولوا الحكم هم أحرار، وعلى مدعى رقهم إقامة البينات، وأولاد الأمة من الأب الحر هم أحرار و"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!"
وبعد أن كان الرق من أكبر مصادر الاستغلال والثراء لملاك العبيد ، حوّله الإسلام بمنظومة القيم التى كادت أن تسوى بين العبد وسيده إلى ما يشبه العبء المالى على ملاك الرقيق.. فمطلوب من مالك الرقيق أن يطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس ولا يكلفه من العمل مالا يطيق.. بل ومطلوب منه أيضاً إلغاء كلمة "العبد والأمة" واستبدالها بكلمة "الفتى والفتاة".
فقد جاء الإسلام ليرد لهؤلاء البشر إنسانيتهم ، فيقول نبى الرحمة ومحرر العبيد محمد صلى الله عليه وسلم: (مَن أَعتَقَ رقبة مسلمةً ، أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار حتى فرجَه بفرجه) رواه البخارى ومسلم
ولم يكتف الإسلام بالحث على العتق وتحرير الأرقاء ، بل دعا إلى الإحسان إلى المملوك والخادم: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ ا للّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) النساء 36
بل قرر أن العلاقة بين السادة والرقيق ليست علاقة الاستعلاء والاستعباد ، أو التسخير أو التحقير ، وإنما هى علاقة القربى والأخوة. فالسادة أهل الجارية يستأذنون فى زواجها: (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ .. ..) النساء 25
بل رفعهم إلى مرتبة الأخوة لأسيادهم: فعن المعرور بن سُوَيْدٍ قال: رأيتُ أبا ذرٍّ ـ رضى الله عنه ـ وعليه حُلَّةٌ ، وعلى غلامه مِثلُها ، فسألته عن ذلك ، فذكر أنه سابَّ رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعيَّره بأمه ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "إنك امرؤٌ فيك جاهلية" هم إخوانكم ، وخَولُكم [أى خدمكم وحشمكم] ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، ويلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم) رواه البخارى ومسلم
وزيادة فى رعاية مشاعر الرقيق يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يقل أحدكم: هذا عبدى وهذه أمتى ، وليقل: فتاى وفتاتى) رواه أبو هريرة. ويستند أبو هريرة على ذلك فيقول لرجل ركب وخلفه عبده يجرى: (احمله خلفك ، فإنه أخوك ، وروحه مثل روحك).
وقال النبى صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يُجلسه معه
، فليناوله لقمة أو لقمتين ، أو أُكلةً أو أُكلتين ، فإنه وَلِىَ علاجه [أى قام بعمله]) رواه البخارى.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ العبدَ إذا نصح لسيِّده ، وأحسن عبادة الله ، فله أجره مرتين).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد ، والعبد المملوك إذا أدى حقَّ الله وحقَّ مواليه ، ورجل كانت له أمة فأدبها ، فأحسن تأديبها ، وعلمها ، فأحسن تعليمها ، ثم أعتقها ، فتزوجها ، فله أجران) رواه البخارى ومسلم.
فلم يعد الرقيق (شيئاً) ، وإنما صار بشراً له روح كروح السادة. وقد كانت الأمم الأخرى تعتبر الرقيق جنساً غير جنس السادة ، خُلِقَ ليُستَعبَد ويُستَذل ، ومن هنا لم تكن ضمائرهم تتأثم من قتله وتعذيبه وكيه بالنار ، وتسخيره فى الأعمال القذرة والأعمال الشاقة. ومن هنالك رفعه الإسلام إلى مستوى الأخوة الكريمة ، لا فى عالم المثل والأحلام ، بل فى عالم الواقع. ويشهد التاريخ ـ الذى لم ينكره أحد ، حتى المتعصبون من كتَّاب أوروبا ـ بأن معاملة الرقيق فى صدر الإسلام بلغت حداً من الإنسانية الرفيعة لم تبلغه فى أى مكان آخر. حداً جعل الرقيق المحرَّرين يأبون مغادرة سادتهم السابقين ـ مع أنهم يملكون ذلك بعد أن تحرروا اقتصادياً ، وتعودوا على تحمل تبعات أنفسهم ـ لأنهم يعتبرونهم أهلاً لهم ، يربطهم بهم ما يشبه روابط الدم!
لقد أصبح الرقيق فى ظل الإسلام كائناً إنسانياً له كرامة يحميها القانون ، ولا يجوز الاعتداء عليها بالقول ولا بالفعل.
فأما القول: فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم السادة عن تذكير أرقائهم بأنهم أرقاء. وأمرهم أن يخاطبوهم بما يشعرهم بمودة الأهل ، وينفى عنهم صفة العبودية ، وقال لهم فى معرض هذا التوجيه: (إن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم). فهى إذن مجرد ملابسات عارضة جعلت هؤلاء رقيقاً ، وكان من الممكن أن يكونوا سادة لمن هم اليوم سادة! وبذلك يغض من كبرياء هؤلاء ، ويردهم إلى الآصرة البشرية التى تربطهم جميعاً ، والمودة التى ينبغى أن تسود علاقات بعضهم ببعض.
وأما الاعتداء الجسدى: فعقوبته الصريحة هى المعاملة بالمثل: (ومن قتل عبده قتلناه). وهو مبدأ صريح الدلالة على المساواة الإنسانية بين الرقيق والسادة ، وصريح فى بيان الضمانات التى يحيط بها حياة هذه الطائفة من البشر ـ التى لا يخرجها وضعها العارض عن صفتها البشرية الأصيلة ـ وهى ضمانات كاملة ووافية ، تبلغ حداً عجيباً لم يصل إليه قط تشريع آخر من تشريعات الرقيق فى التاريخ البشرى كله ، إذ جعل مجرد لطم العبد فى غير تأديب مبررا شرعياً لتحرير الرقيق. (وللتأديب حدود مرسومة لا يتعداها ولا يتجاوز على أى حال ما يؤدب به السيد أبناءه).
هكذا كان الإسلام إحياء وتحريراً للإنسان، مطلق الإنسان، يضع عن الناس إصرهم والأغلال التى كانت عليهم، ويحرر الأرقاء، لأن الرق فى نظره "موت" ،والحرية" حياة وإحياء ".. ولقد أبصر هذه الحكمة الإسلامية الإمام النسفى [710هجرية /1310م] وهو يعلل جعل الإسلام كفارة القتل الخطأ تحرير رقبة: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ) النساء: 92.
فقال: إن القاتل "لما أخرج نفساً مؤمنة من جملة الأحياء لزمه أن يدخل نفساً مثلها فى جملة الأحرار ، لأن إطلاقها من قيد الرق كإحيائها ، من قِبَل أن الرقيق ملحق بالأموات ، إذ الرق أثر من آثار الكفر ، والكفر موت حكماً.." [تفسير النسفى] طبعة القاهرة ، الأولى.
فالإسلام قد ورث نظام الرق عن المجتمعات الكافرة فهو من آثار الكفر ، ولأنه موت لروح وملكات الأرقاء ، وسعى الإسلام إلى إلغائه ، وتحرير أى إحياء موات هؤلاء الأرقاء ، كجزء من الإحياء الإسلامى العام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ .. ..) الأنفال: 24
بل لقد مضى الإسلام فى هذا السبيل إلى ما هو أبعد من تحرير الرقيق ، فلم يتركهم فى متاهة عالم الحرية الجديد دون عصبية وشوكة وانتماء ، وإنما سعى إلى إدماجهم فى القبائل والعشائر والعصبيات التى كانوا فيها أرقاء ، فأكسبهم عزتها وشرفها ومكانتها ومنعتها وما لها من إمكانات، وبذلك أنجز إنجازاً عظيماً وراء وفوق التحرير عندما أقام نسيجاً اجتماعياً جديداً التحم فيه الأرقاء السابقون بالأحرار ، فأصبح لهم نسب قبائلهم عن طريق "الولاء" ، الذى قال عنه الرسول (الولاء لُحْمَةٌ كلُحْمَة النسب) رواه الدارمى.
حتى لقد غدا أرقاء الأمس "سادة" فى أقوامهم ، بعد أن كانوا "عبيداً" فيهم.. وقال عمر بن الخطاب وهو من هو فى الحسب والنسب عن بلال الحبشى ، الذى اشتراه أبو بكر الصديق وأعتقه: "سيدنا أعتق سيدنا" !.. كما تمنى عمر أن يكون سالم مولى أبى حذيفة حيًا فيختاره لمنصب الخلافة .. فالمولى، الذى نشأ رقيقاً، قد حرره الإسلام، فكان إماماً فى الصلاة وأهلاً بخلافة المسلمين.
ولقد ساعد على هذا الاندماج فى النسيج العربى فضلاً عن الإسلامى ذلك المعيار الذى حدده الإسلام للعروبة وهو معيار اللغة وحدها، فباستبعاد "العرق .. والدم" غدت الرابطة اللغوية والثقافية انتماءً واحداً للجميع، بصرف النظر عن ماضى الاسترقاق وعن هذا المعيار للعروبة تحدث الرسول (فى معرض النقد والرفض للذين أرادوا إخراج الموالى ، ذوى الأصول العرقية غير العربية ، من إطار العروبة ، فقال: [أيها الناس ، إن الرب واحد ، والأب واحد.. وليست العربية بأحدكم من أب أو أم ، وإنما هى اللسان ، فمن تكلم العربية فهو عربى..]..
ثم ننتقل إلى المرحلة التالية: مرحلة التحرير الواقعى
فبعد أن حرّرَ الإسلام الرقيق روحيا ، ورده إلى الإنسانية ، وطالب بمعاملته معاملة الأهل والولد ، وأشعره أنه إنسان مثل سيده ، وذلك بأنه ساوى بين العبد والحر فى كل الحقوق الدينية، وفى أغلب الحقوق المدنية ، وكان التمييز فقط ، فى أغلب حالاته بسبب التخفيف عن الأرقاء مراعاة للاستضعاف والقيود التى يفرضها الاسترقاق على الإرادة والتصرف.. فالمساواة تامة فى التكاليف الدينية ، وفى الحساب والجزاء.. وشهادة الرقيق معتبرة فى بعض المذاهب الإسلامية عند الحنابلة وله حق الملكية فى ماله الخاص ، وإعانته على شراء حريته بنظام المكاتبة والتدبير مرغوب فيها دينيًا (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ .. ..)النور: 33. والدماء متكافئة فى القصاص..
لكن لم يكتف الإسلام بذلك ، لأن قاعدته الأساسية هى المساواة الكاملة بين البشر ، وهى التحرير الكامل لكل البشر. ولذلك عمل فعلاً على تحرير الأرقاء بوسيلتين كبيرتين: هما العتق والمكاتبة.
فأما العتق فهو التطوع من جانب السادة بتحرير من فى يدهم من الأرقاء ، وقد شجع الإسلام على ذلك تشجيعاً كبيرا ، وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم القدوة الأولى فى ذلك ، إذ أعتق من عنده من الأرقاء ، وتلاه فى هذا أصحابه ، وكان أبو بكر ينفق أموالاً طائلة فى شراء العبيد من سادة قريش الكفار، ليعتقهم ويمنحهم الحرية، وكان بيت المال يشترى العبيد من أصحابهم ويحررهم ، كلما بقيت لديه فضلة من مال.
قال يحيى بن سعيد: (بعثنى عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية ، فجمعتها ، ثم طلبت فقراء نعطيها لهم ، فلم نجد فقيراً ، ولم نجد من يأخذها منا ، فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس ، فاشتريت بها عبيداً فأعتقتهم).
وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعتق من الأرقاء من يعلم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة ، أو يؤدى خدمة مماثلم للمسلمين. ونص القرآن على أن كفارة بعض الذنوب هى عتق الرقاب. كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يُحث على العتق تكفيراً عن أى ذنب يأتيه الإنسان ، وذلك للعمل على تحرير أكبر عدد ممكن منهم ، فالذنوب لا تنقطع، وكل ابن آدم خطاء كما يقول الرسول.
ويذكر التاريخ أن عدداً ضخماً من الأرقاء قد حُرِّرَ بطريق العتق ، وأن هذا العدد الضخم لا مثيل له فى تاريخ الأمم الأخرى ، لا قبل الإسلام ، ولا بعده بقرون عدة حتى مطلع العصر الحديث. كما أن عوامل عتقهم كانت إنسانية بحتة ، تنبع من ضمائر الناس ابتغاء مرضاة الله ، ولا شىء غير مرضاة الله.
أما المكاتبة: فهى منح الحرية للرقيق متى طلبها بنفسه ، مقابل مبلغ من المال يتفق عليه السيد والرقيق. والعتق هنا إجبارى ، لا يملك السيد رفضه ولا تأجيله بعد أداء المبلغ المتفق عليه، وإلا تدخلت الدولة (القاضى أو الحاكم) لتنفيذ العتق بالقوة ، ومنح الحرية لطالبها.
وبتقرير المكاتبة فتح الإسلام باب التحرير لمن أحس فى نفسه برغبة التحرر ، ولم ينتظر أن يتطوع سيده بتحريره فى فرصة سانحة أو لا تسنح على مر الأيام. فمنذ اللحظة الأولى التى يطلب فيها المكاتبة يصبح عمله عند سيده بأجر ، أو يُتاح له ـ إذا رغب ـ أن يعمل فى الخارج بأجر ، حتى يجمع المبلغ المتفق عليه.
وإن لم يستطع جمع المبلغ المتفق عليه من كسبهم الخاص، فيجب على الدولة (بيت المال) أن يساعده ، ويدفع عنه: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة 60
ولكن قد يتساءل أحدكم: لماذا لم يخطو الإسلام الخطوة الحاسمة فيعلن فى صراحة كاملة إلغاء الرق من حيث المبدأ؟
وللإجابة على هذا السؤال ينبغى أن ندرك حقائق اجتماعية ونفسية وسياسية أحاطت بموضوع الرق ، وجعلت الإسلام يضع المبادىء الكفيلة بتحرير الرقيق دون إفساد لشعورهم ، وأحوالهم النفسية التى تجعلهم يأبون التحرر ، ويفضلو العبودية عليه ، كما حدث فى حركة لنكولن.
وعلى ذلك يجب أن نتذكر أن الحرية لا تُمنح وإنما تؤخذ. وتحرير الرقيق بإصدار مرسوم كما يتخيل البعض لم يكن ليحرر الرقيق! والتجربة الأمريكية فى تحرير الرقيق بجرة قلم على يد أبراهام لنكولن خير شاهد لما نقول ، فالعبيد الذين حررهم لنكولن ـ من الخارج ـ بالتشريع ، لم يطيقوا الحرية ، وعادوا إلى سادتهم يرجونهم أن يقبلونهم عبيداً لديهم كما كانوا، لأنهم ـ من الداخل ـ لم يكونوا قد تحرروا بعد.
والمسألة على غرابتها ليست غريبة حين يُنظر إليها على ضوء الحقائق النفسية. فالحياة عادة ، والملابسات التى يعيش فيها الإنسان هى التى تكيف مشاعره ، وتصوغ أحاسيسه وأجهزته النفسية. والكيان النفسى للعبد يختلف عن الكيان النفسى للحر ، لا لأنه جنس آخر كما ظن القدماء ، ولكن لأن حياته فى ظل العبودية الدائمة جعلت أجهزته النفسية تتكيف بهذه الملابسات ، فتنمو أجهزة الطاعة إلى أقصى حد ، وتضمر أجهزة المسئولية واحتمال التبعات إلى أقصى حد.
فتجد العبد يحسن القيام بكثير من الأمور التى يأمره بها سيده ، فلا يكون عليه إلا الطاعة والتنفيذ ، ولا تقع عليه شيئاً من المسئولية على نفسه أو على ما يقوم به. وهذا التكيف النفسى للعبد هو الذى يستعبده. ولا يذهب به إعلان تصدره الدولة بإلغاء الرق ، بل ينبغى أن يُغيَّر من الداخل ، بوضع ملابسات جديدة تكيف المشاعر على نحو آخر ، وتنمى الأجهزة الضامرة فى نفس العبد ، وتضع كياناً بشرياً من كيانه المشوه الممسوخ. وهذا هو ما صنعه الإسلام.
فقد بدأ أولاً بالمعاملة الحسنة للرقيق. ولا شىء كحسن المعاملة يعيد توازن النفس المنحرفة ، ويرد إليها اعتبارها ، فتشعر بكيانها الإنسانى ، وكرامتها الذاتية ، وحين ذلك تحس طعم الحرية فتتذوقه ، ولا تنفر منه ، كما نفر عبيد أمريكا المحررون.
وقد وصل الإسلام فى حسن المعاملة للرقيق ورد الاعتبار الإنسانى لهم إلى درجة عجيبة ، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤاخى بين بعض الموالى وبعض الأحرار من سادة العرب: فآخى بين بلال بن رباح وخالد بن رويحة الخثعمى ، وبين مولاه زيد وعمه حمزة ، وبين خارجة بن زيد وأبى بكر ، وكانت هذه المؤاخاة صلة حقيقية تعدل رابطة الدم ، وتصل إلى حد الاشتراك فى الميراث.
ولم يكتف بهذا الحد ..
فقد زوج بنت عمه زينب بنت جحش من مولاه زيد. وكان يهدف الرسول صلى الله عليه وسلم من كل ذلك معنى أسمى من الزواج نفسه وهو رفع الرقيق من الوهدة التى دفعته إليها البشرية الظالمة إلى مستوى أعظم سادة العرب من قريش.
ولم يكتف بذلك ..
فقد أرسل مولاه زيداً على رأس جيش فيه الأنصار والمهاجرون من سادات العرب ، فلما قُتِلَ ولى ابنه أسامة بن زيد قيادة الجيش ، وفيه أبو بكر وعمر وزيرا الرسول وخليفتاه من بعده ، فلم يعط المولى بذلك مجرد المساواة الإنسانية ، بل أعطاه حق القيادة والرئاسة على "الأحرار". ووصل فى ذلك إلى أن يقول: (اسمعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبد حبشى كأن رأسه زبيبة ، ما أقام فيكم كتاب الله تبارك وتعالى). فأعطى المولى بذلك الحق فى أرفع مناصب الدولة ، وهو ولاية أمر المسلمين.
ويضرب عمر مثلا آخر من الأمثلة الرائعة على احترام الموالى ، إذ يعارضه بلال بن رباح فى مسألة الفىء ، فيشتد فى معارضته ، فلا يجد سبيلاً فى رده إلا أن يقول: "اللهم اكفنى بلالاً وأصحابه"! ذلك وهو الخليفة الذى كان يملك ـ لو أراد ـ أن يأمر فيطاع!
هذه النماذج التى وضعها الإسلام كان المقصود بها تحرير الرقيق من الداخل ، لكى يحس بكيانه فيطلب الحرية ، وهذا هو الضمان الحقيقى للتحرير.
وصحيح أنه شجع على العتق وحث عليه بكل الوسائل ، ولكن هذا نفسه كان جزءاً من التربية النفسية للرقيق ، لكى يشعروا أن فى إمكانهم أن يحصلوا على الحرية ويتمتعوا بكل ما يتمتع به السادة من حقوق، فتزداد رغبتهم فى الحرية ويتقبلوا احتمال التبعات فى سبيلها ، وهنا يسارع فى منحها لهم ، لأنهم حيبئذ مستحقون لها ، قادرون على صيانتها.
وفرق كبير بين النظام الذى يشجع الناس على طلب الحرية ويهىء لها الوسائل ، ثم يعطيها لهم فى اللحظة التى يطلبونها بأنفسهم ، وبين النظم التى تدع الأمور تتعقد وتتحرج ، حتى تقوم الثورات الاقتصادية والاجتماعية وتزهق الأرواح بالمئات والألوف ، ثم لا تعطى الحرية لطلابها إلا مجبرة كارهة.
وقد كان من فضائل الإسلام الكبرى فى مسألة الرقيق ، أنه قد حرص على التحرير الحقيقى له من الداخل والخارج ، فلم يكتف بالنية الطيبة كما فعل لنكولن بإصدار تشريع لا رصيد له فى داخل النفوس ، مما يثبت عمق إدراك الإسلام للطبيعة البشرية، وفطنته إلى خير الوسائل لمعالجتها.
وهذا إلى جانب تطوعه بإعطاء الحقوق لأصحابها ، مع تربيتهم على التمسك بها واحتمال تبعتها ـ على أساس الحب والمودة بين جميع طوائف الموجتمع ـ قبل أن يتصارعوا من أجل هذه الحقوق ، كما حدث فى أوروبا ، ذلك الصراع البغيض الذى يجفف المشاعر ويؤرث الأحقاد ، فيفسد كل ما يمكن أن تصيبه البشرية من الخير فى أثناء الطريق.
أما العامل الأكبر فى عدم تحريم الإسلام الرق تماماً ، هو وجود رق الحرب ، وكان استرقاق أسرى الحرب أو قتلهم من العرف السائد منذ فجر التاريخ. إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أطلق بعض أسرى بدر من المشركين مناً بغير فداء ، وأطلق بعضهم لقاء فدية ، وأخذ من نصارى نجران جزية ورد إليهم أسراهم ، ليضرب بذلك المثل لما يريد أن تهتدى إليه البشرية فى مستقبلها.
ومما هو جدير بالإشارة هما أن الآية الوحيدة التى تعرضت لأسرى الحرب لم تذكر الرق ولا الإسترقاء ، وإنما ذكرت الفداء وإطلاق السراح دون مقابل ، حتى لا يكون الإسترقاق تشريعاً دائماً للبشرية ولا ضربة لازب ، إنما هو أمر يلجأ إليه الجيش الإسلامى المحارب إذا اقتضته الظروف والملابسات: (.. .. فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا .. ..) محمد: 4.
يُضاف إلى ذلك أن معظم الأسرى الذين كانوا يقعون فى يد المسلمين هم من الرقيق الذين استرقهم الفرس والروم ودفعوهم للقتال. فكأن الإسلام يهدف إلى تحرير الرقيق الأسرى من الأعداء أيضاً من الداخل ، أضف إلى ذلك أن وجودهم بين المسلمين يجعلهم يتعرفون على الإسلام عن كثب ، ويبصرون صور العدل الربانى مطبقاً على الأرض قبل أن يمن عليه بالحرية ويطلق سراحه أو يبادله بأسرى المسلمين أو يكاتبهم إن تاقت نفوسهم إلى الحرية وسعوا إليها.
وبذلك تصبح الفترة التى يقضونها فى الأسر وفى الرق فى الحقيقة فترة علاج نفسى وروحى ، وكذلك دعوة إلى الإسلام ، قوامه إحسان النعاملة لهم ، وإشعارهم بآدميتهم المهدرة ، وتوجيه أرواحهم إلى النور الربانى بغير إكراه .. ثم فى النهاية يكون التحرير.
أما بالنسبة للنساء فقد كرمهن الإسلام ـ حتى فى رقهن ـ عما كن يلقين فى غير بلاد الإسلام ، فلم تعد أعراضهن نهباً مباحاً لكل طالب على طريقة البغاء ، حيث كان هذا مصير أسيرات الحروب فى أغلب الأحيان ، وإنما جعلهن ملكاً لصاحبهن وحده ، لا يدخل عليهن أحد غيره ، وجعل لهن نفس حقوق الزوجة من الإنفاق والملبس والمأكل، حتى السكن ، فمن حقها عليه أن يأتى لها بسكن. وجعل من حقهن نيل الحرية بالمكاتبة ، كما كانت تحرر من ولدت لسيدها ولداً (أو بنتاً) ، ويحرر معها وليدها ، وكن يلقين من حسن المعاملة ما أوصى به الإسلام.
تلك هى قصة الرق فى الإسلام: صفحة مشرفة فى تاريخ البشرية.
وعندما سعت أوروبا فى القرن التاسع عشر إلى إلغاء نظام الرق ، وتحريم تجارته ، لم تكن دوافعها روحية ولا قيمية ولا إنسانية ، وإنما كانت فى الأساس دوافع مادية ، لأن نظامها الرأسمالى قد رأى فى تحرير الرقيق سبيلاً لجعلهم عمالاً أكثر مهارة ، وأكثر قدرة على النهوض باحتياجات العمل الفنى فى الصناعات التى أقامها النظام الرأسمالى ..
فأوروبا لم تلغ الرق متطوعة ، ولكنها ألغته حين ضعف إنتاج الرقيق ـ لسوء أحوالهم المعيشية وفقدان الرغبة أو القدرة على العمل ـ بحيث أصبحت تكاليف العبد من إعاشة وحراسة أكثر من إنتاجه! فهى إذن حسبة إقتصادية لا غير ، يحسب فيها المكسب والخسارة ، ولا ظل فيها لأى معنى من المعانى الإنسانية التى تشعر بكرامة الجنس البشرى ، فتمنح الرقيق حريته من أجلها! هذا بالإضافة إلى الثورات المتتابعة التى قام بها الرقيق فاستحال معها دوام استرقاقه.
ومع ذلك فإن أوروبا حينئذ لم تمنحه الحرية ، ولكنها حولته من رقيق للسيد إلى رقيق للأرض ، يباع معها ويُشترى ، ويخدم فيها ، ولا يجوز له أن يغادرها ، وإلا اعتبر آبقاً وأعيد إليها بقوة القانون مكبلاً بالسلاسل ، مكوياً بالنار. وهذا اللون من الرق هو الذى بقى حتى حرمته الثورة الفرنسية فى القرن الثامن عشر ، أى بعد أن قرر الإسلام مبدأ التحرير بما يزيد على ألف ومائة عام.
وكذلك الوضع بالنسبة للمرأة ، فلم تلغ الدول التى يطلق عليها متحضرة استرقاء النساء ودفعهن للبغاء لأن كرامتها أوجعتها ، أو لأن مستواها الخلقى والنفسى والروحى قد ارتفع عن الجريمة ، كلا! ولكن لأن الهاويات قد أغنين عن المحترفات ، ولم تعد الدولة فى حاجة إلى التدخل!
وعلى الرغم من أن الثورة الفرنسية ألغت الرق فى أوروبا ، وألغى لنكولن الرق فى أمريكا ، ثم اتفق العالم على إبطال الرق ، إلا أن فرنسا استعمرت الدول الإسلامية فى شمال أفريقيا مصر وتونس والجزائر والمغرب ، أليس هذا استعمار واسترقاء لكن بشكل قد يختلف فى المظهر ، إلا أن جوهره واحد؟ فماذا تسمى ما تفعله أمريكا فى الزنوج وفى الأفغان ومع العراقيين؟ وماذا تسمى ما تفعله روسيا الأرثوذكسية مع أهل الشيشان؟ وما اسم ما فعلته أوروبا فى مسلمى البوسنة والهرسك؟ وما اسم ما يفعله اليهود بالمسلمين والنصارى فى فلسطين بمساندة دول العالم؟
أليس الرق فى حقيقته هو تبعية قوم لقوم آخرين ، وحرمان طائفة من البشر من الحقوق المباحة للآخرين؟
ومع أن مقاصد الإسلام فى تصفية نهر الرقيق بإغلاق روافده وتجفيف منابعه ، وتوسيع مصباته لم تبلغ كامل آفاقها ، إذ انتكس "الواقع التاريخى" للحضارة الإسلامية ، بعد عصر الفتوحات ، وسيطرة العسكر المماليك على الدولة الإسلامية.. إلا أن حال الأرقاء فى الحضارة الإسلامية قد ظلت أخف قيوداً وأكثر عدلاً بما لا يقارن من نظائرها خارج الحضارة الإسلامية ، بما فى ذلك الحضارة الغربية ، التى تزعمت فى العصر الحديث الدعوة إلى تحرير الأرقاء..
-
الإصحاح السابع والأربعين بعد المائة
الميراث بين الرجل والمرأة فى الإسلام:
من الشائع جداً عند غير المسلمين ، بل وعند كثير من المسلمين أن الرجل يأخذ ضعف المرأة فى الميراث ، وهذا صحيح ، وغير صحيح فى نفس الوقت. فلا يجب أن نقول كلمة الرجل بصورة عامة ضعف المرأة على الإطلاق. لكن المتأمل للآيات القرآنية يجد أن الأخ يأخذ ضعف أخته. وهذا من باب إكرام الإسلام للمرأة: فهب أنك تركت بعد وفاتك 000 30 (ثلاثين ألف جنيهاً) والوارثون هم ابنك وابنتك فقط. فعلى حساب الإسلام يأخذ ابنك 000 20 (عشرين ألف) ، وتأخذ ابنتك 000 10 (عشرة آلاف). ولكن لم ينتهى الموضوع إلى هذا التقسيم. فالإبن مُكلَّف شرعاً وقانوناً بالإنفاق على أخته من أكل وشرب ومسكن ومياه وكهرباء وملابس وتعليم ومواصلات ورعاية صحية ونفسية ويُزوِّجها أيضاً. أى فأخته تشاركه أيضاً فى النقود التى قسمها الله له (فى الحقيقة لهما). هذا بالإضافة إلى أنه مُكلَّف بالإنفاق على نفسه وأسرته من زوجة وأولاد ، وإذا كان فى الأسرة الكبيرة أحد من المعسرين فهو مكلف أيضاً بالإنفاق عليه سواء كانت أم أو عم أو جد أو خال .. (مع تعديل التقسيم فى الحالات المختلفة).
وبذلك تأخذ الابنة نصيبها (عشرة آلاف جنيهاً) وتشارك أخوها فى ميراثه ، فلو أكلت كما يأكل وأنفقت مثل نفقاته ، تكون بذلك قد اقتسمت معه ميراثه ، أى تكون هى قد أخذت (عشرين ألفاً) ويكون الأخ قد انتفع فقط بعشرة آلاف. فأيهما نال أكثر فى الميراث؟ هذا لو أن أخته غير متزوجة وتعيش معه ، أما إن كانت متزوجة ، فهى تتدخر نقودها أو تتاجر بها ، وينفق زوجها عليها وعلى أولادها ، وأخوها مكلَّف بالإنفاق على نفسه وزوجته وأولاده ، فتكون الأخت قد فازت بعشرة آلاف بمفردها ، أما الأخ فيكون مشارك له فى العشرين ألف ثلاثة أو أربعة آخرين (هم زوجته وأولاده). فيكون نصيبه الفعلى خمسة آلاف. أى أيضاً نصف ما أخذته أخته من الميراث. أرأيتم إلى أى مدى يؤمِّن الإسلام المرأة ويكرمها؟
فهل رأيتم كيف رفع الإسلام المرأة كتاجٍ على رؤوس الرجال ، بل على رأس المجتمع بأكمله. وهذا لم تأتى بها شريعة أخرى فى أى كتاب سماوى أو قانون وضعى. فالأخت التى يُعطونها مثل أخيها فى الميراث فى الغرب ، هى تتكلف بمعيشتها بعيداً عنه ، وهو غير ملزم بها إن افتقرت أو مرضت أو حتى ماتت. فأى إهانة هذه للمرأة؟!
يقول أخى الحبيب مروان فى مقاله الجميل الذى اقتبسته بأكمله “المرأة ترث نصف الرجل” والمنشور بمنتدى برسوم: وعلى ذلك فإن توريث المـرأة على النصـف من الرجل ليس موقفًا عامًا ولا قاعدة مطّردة فى توريث الإسلام، فالقرآن الكريم لم يقل : يوصيكم الله للذكر مثل حظ الأنثيين.. إنما قال: (يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين). أى إن هذا التمييز ليس قاعدة مطردة فى كل حـالات الميراث ، وإنما هو فى حالات خاصة ، بل ومحدودة من بين حالات الميراث. وبذلك فإن كثيرين من الذين يثيرون الشبهات حول أهـلية المرأة فى الإسـلام ، متخـذين من تمايز الأخ عن أخته أو الأب عن زوجته فى الميراث سبيلاً إلى ذلك لا يفقـهون قانون التوريث فى الإسلام.
بل إن الفقه الحقيقى لفلسفة الإسلام فى الميراث تكشف عن أن التمايـز فى أنصبة الوارثين والوارثات لا يرجع إلى معيار الذكورة والأنوثة .. وإنما ترجع إلى حِكَم إلهية ومقاصد ربانية قد خفيت عن الذين جعلوا التفاوت بين الذكور والإناث فى بعض مسائل الميراث وحالاته شبهة تُأخذ ضد كمال أهلية المرأة فى الإسلام.
ففى الحقيقة إن التفاوت بين أنصبة الوارثين والوارثات فى فلسـفة الميراث الإسلامى تحكمه ثلاثة معايير:
أولها : درجة القرابة بين الوارث ذكرًا كان أو أنثى وبين المُوَرَّث المتوفَّى فكلما اقتربت الصلة .. زاد النصيب فى الميراث .. وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب فى الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين..
فإبنة المتوفى تأخذ مثلاً أكثر من أبى المتوفى أو أمه ، فهى تأخذ بمفردها نصف التركة (هذا إذا كان الوارث الابنة والأب والأم فقط) وسأُبين الحالات فيما بعد بالتفصيل.
وثانيها : موقع الجيل الوارث من التتابع الزمنى للأجيال .. فالأجيال التى تستقبل الحياة ، وتستعد لتحمل أعبائها ، عادة يكون نصيبها فى الميراث أكبر من نصيب الأجيال التى تستدبر الحياة. وتتخفف من أعبائها ، بل وتصبح أعباؤها ـ عادة ـ مفروضة على غيرها ، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات ..
فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه ـ وكلتاهما أنثى ـ ..
وترث البنت أكثر من الأب! – حتى لو كانت رضيعة لم تدرك شكل أبيها .. وحتى لو كان الأب هو مصدر الثروة التى للابن ، والتى تنفرد البنت بنصفها!
وكذلك يرث الابن أكثر من الأب ـ وكلاهما من الذكور.. وفى هذا المعيار من معايير فلسفة الميراث فى الإسلام حِكَم إلهية بالغة ومقاصد ربانية سامية تخفى على الكثيرين! وهى معايير لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة على الإطلاق ..
وثالثها : العبء المالى الذى يوجب الشرع الإسلامى على الوارث تحمله والقيام به حيال الآخرين .. وهذا هو المعيار الوحيد الذى يثمر تفاوتاً بين الذكر والأنثى .. لكنه تفـاوت لا يفـضى إلى أى ظـلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها .. بل ربما كان العكس هو الصحيح!
ففى حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون فى درجة القرابة .. واتفقوا وتساووا فى موقع الجيل الوارث من تتابع الأجيال - مثل أولاد المتوفَّى ، ذكوراً وإناثاً - يكون تفاوت العبء المالى هو السبب فى التفاوت فى أنصبة الميراث .. ولذلك، لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى فى عموم الوارثين، وإنما حصره فى هذه الحالة بالذات، فقالت الآية القرآنية: (يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) .. ولم تقل: يوصيكم الله فى عموم الوارثين.. والحكمة فى هذا التفاوت ، فى هذه الحالة بالذات ، هى أن الذكر هنا مكلف بإعالة أنثى ـ هى زوجه ـ مع أولادهما .. بينما الأنثـى الوارثة أخت الذكرـ فإعالتها ، مع أولادها ، فريضة على الذكر المقترن بها .. فهى ـ مع هذا النقص فى ميراثها بالنسبة لأخيها، الذى ورث ضعف ميراثها، أكثر حظًّا وامتيازاً منه فى الميراث فميراثها ـ مع إعفائها من الإنفاق الواجب ـ هو ذمة مالية خالصة ومدخرة، لجبر الاستضعاف الأنثوى، ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات .. وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين ..
وإذا كانت هذه الفلسفة الإسلامية فى تفاوت أنصبة الوارثين والوارثات وهى التى يغفل عنها طرفا الغلو ، الدينى واللادينى ، الذين يحسبون هذا التفاوت الجزئى شبهة تلحق بأهلية المرأة فى الإسلام فإن استقراء حالات ومسائل الميراث ـ كما جاءت فى علم الفرائض (المواريث) ـ يكشف عن حقيقة قد تذهل الكثيرين عن أفكارهم المسبقة والمغلوطة فى هذا الموضوع .. فهذا الاستقراء لحالات ومسائل الميراث، يقول لنا:
أ ـ إن هناك أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل:
1) فى حالة وجود أولاد للمتوفى ، ذكوراً وإناثا (أى الأخوة أولاد المتوفى)
لقوله تعالى (يوصيكم الله فى أولادكم ، للذكر مثل حظ الأنثيين) النساء 11
2) فى حالة التوارث بين الزوجين ، حيث يرث الزوج من زوجته ضعف ما ترثه هى منه.
لقوله تعالى (ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهنَّ ولد ، فإن كان لهنَّ ولد فلكم الربع مما تركن ، من بعد وصية يوصينَ بها أو دين ، ولهنَّ الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد ، فإن كان لكم ولد فلهنَّ الثمن مما تركتم من بعد وصية توصونَ بها أو دين) النساء 12
3) يأخذ أبو المتوفى ضعف زوجته هو إذا لم يكن لإبنهما وارث، فيأخذ الأب الثلثان وزوجته الثلث.
4) يأخذ أبو المتوفى ضعف زوجته هو نفسه إذا كان عند ابنهما المتوفى ابنة واحدة ، فهى لها النصف ، وتأخذ الأم السدس ويأخذ الأب السدس (والباقى تعصباً).
ب ـ وهناك حالات أضعاف هذه الحالات الأربع ترث فيها المرأة مثل الرجل تماماً:
1) فى حالة وجود أخ وأخت لأم فى إرثهما من أخيهما، إذا لم يكن له أصل من الذكور ولا فرع وارث (أى ما لم يحجبهم عن الميراث حاجب). فلكل منهما السدس ، وذلك لقوله تعالى (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة) أى لا ولد له ولا أب (وله أخ أو أخت) أى لأم(فلكل واحد منهما السدس ، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء فى الثلث ، من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار ، وصية من الله، والله عليم حليم)النساء: 12
2) إذا توفى الرجل وكان له أكثر من اثنين من الأخوة أو الأخوات فيأخذوا الثلث بالتساوى.
3) فيما بين الأب والأم فى إرثهما من ولدهما إن كان له ولد أو بنتين فصاعداً: لقوله تعالى: (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إ ن كان له ولد) النساء: 11
4) إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختاً شقيقة: فلكل منهما النصف
5) إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختاً لأب: فلكل منهما النصف
6) إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأماً وأختاً شقيقة: فللزوج النصف ، وللأم النصف ، ولا شىء للأخت (عند بن عباس)
7) إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختاً شقيقة وأختاً لأب وأختاً لأم: فللزوج النصف، والأخت الشقيقة النصف ، ولا شىء للأخت لأب وللأخ لأب.
8) إذا مات الرجل وترك ابنتين وأباً وأماً: فالأب السدس والأم السدس ولكل ابنة الثلث.
9) إذا مات الرجل وترك زوجةً وابنتين وأباً وأماً: فللزوجة الثمن وسهمها 3، والأب الربع وسهمه 4 ، والأم الربع وسهمها 4 ، ولكل ابنة الثلث وسهم كل منهما 8.
10) إذا مات الرجل وترك أماً وأختاً وجِداً: فلكل منهم الثلث. فقد تساوت المرأة مع الرجل.
11) إذا مات الرجل وترك (أربعين ألف جنيهاً) وابناً وابنةً وزوجةً لها مؤخر صداق (ثلاثة عشر ألف جنيهاً) فستجد أن نصيب الأم تساوى مع نصيب الابن. ويكون التقسيم كالتالى:
الزوجة 000 13 + ثمن الباقى (ثلاثة آلاف) = 000 16 ألف جنيهاً
الابن : ثلثى الباقى 000 16 (ستة عشر ألف) جنيهاً
الابنة : الثلث ويكون 000 8 (ثمانية آلاف) جنيهاً
12) إذا مات الأب وترك ابنةً وأماً وأباً وزوجة وترك 25000 جنيهاً ، وللزوجة مؤخر صداق 1000 جنيهاً
فالإبنة تأخذ النصف أى 12000 جنيهاً
والزوجة تأخذ الثمن 3000 + 1000 (مؤخر الصداق) = 4000 جنيها
الأم تأخذ السدس 4000 جنيهاً
الأب يأخذ السدس فرضاً 4000
وبذلك تكون الإم والزوجة قد أخذتا مثل نصيب الأب ، وقد تأخذ الزوجة أكثر من الأب ، إذا زاد مؤخر صداقها.
ج ـ وهناك حالات تزيد عن خمسة عشر حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل:
1) إذا مات الرجل وترك أماً وابنتين وأخاً ، فلو ترك المتوفى 24000 ألف جنيهاً لكانت أنصبتهم كالتالى:
الأم : 3000 جنيهاً (الثُمُن)
البنتين: 16000 جنيهاً للواحدة 8000 جنيهاً (الثلثين)
الأخ: 5000 جنيهاً (الباقى)
وبذلك تكون الإبنة قد أخذت أكثر من 150% لميراث الأخ
2) إذا مات الأب وترك ابنةً وأماً وأباً وترك 24000 جنيهاً
فالإبنة تأخذ النصف أى 12000 جنيهاً
الأم تأخذ السدس 4000 جنيهاً
الأب يأخذ السدس فرضاً والباقى تعصباً أى 4000 + 4000جنيهاً
وبذلك تكون الإبنة قد أخذت 150% لميراث الأب
3) إذا مات الرجل وترك ابنتين وأباً وأماً: فلكل ابنة الثلث ، والأب السدس والأم السدس. فلو ترك الرجل 000 24 (أربعة وعشرين ألف جنيهاً) لكان نصيب كل من الابنتين 000 8 (ثمانية آلاف جنيهاً) ويتساوى الأب مع الأم ونصيب كل منهما 4000 (أربعة آلاف) جنيهاً ، وبذلك تكون الإبنة قد أخذت 200% لميراث الأب
4) إذا ماتت امرأة وترك زوجاً وأماً وجداً وأَخَوَان للأم وأخَّين لأب: فللزوج النصف، وللجد السدس ، وللأم السدس ، ولأخوة الأب السدس ، ولا شىء لأخوة الأم.
فلو ترك المتوفى 000 24 (أربعة وعشرين ألف جنيهاً) لكان نصيب الزوج 000 12 (اثنى عشر ألف جنيهاً) ويتساوى الجد مع الأم ونصيب كل منهما 000 4 (أربعة آلاف) جنيهاً ، ويأخذ الأخان لأب كل منهما 2000 (ألفين من الجنيهات). وبذلك فقد ورثت الأم هنا 200% لميراث أخو زوجها.
5) إذا ماتت امرأة وترك زوجاً وأماً وجداً وأَخَوَان للأم وأربع أخوة لأب: فللزوج النصف ، وللجد السدس ، وللأم السدس ، ولأخوة الأب السدس ، ولا شىء لأخوة الأم.
فلو ترك المتوفى 000 24 (أربعة وعشرين ألف جنيهاً) لكان نصيب الزوج 000 12 (اثنى عشر ألف جنيهاً) ويتساوى الجد مع الأم ونصيب كل منهما 000 4 (أربعة آلاف) جنيهاً ، ويأخذ كل من الأخوة لأب كل منهم 1000 (ألف جنيه) وتكون بذلك الأم قد ورثت أربعة أضعاف الأخ لزوجها أى 400%.
6) إذا ماتت امرأة وترك زوجاً وأماً وجداً وأَخَوَان للأم وثمانية أخوة لأب: فللزوج النصف، وللجد السدس ، وللأم السدس ، ولأخوة الأب السدس ، ولا شىء لأخوة الأم.
فلو ترك المتوفى 000 24 (أربعة وعشرين ألف جنيهاً) لكان نصيب الزوج 000 12 (اثنى عشر ألف جنيهاً) ويتساوى الجد مع الأم ونصيب كل منهما 000 4 (أربعة آلاف) جنيهاً ، ويأخذ كل من الأخوة لأب كل منهم (500 جنيهاً) وتكون بذلك الأم قد ورثت ثمانية أضعاف أضعاف أخو الزوج أى 800%.
7) إذا مات انسان وترك بنتين، وبنت الإبن، وابن ابن الإبن: فالإبنتين لهما الثلثان وسهم كل منهما 3 ، وبنت الابن سهم واحد وابن ابن الإبن سهمين.
فلو ترك المتوفى 000 18 (ثمانية عشر ألفاً) لكان نصيب كل ابنة (ستة آلاف) ، وكان نصيب بنت الابن (ألفين) وابن ابن الإبن (أربعة آلاف). وبذلك تكون الإبنة قد أخذت 150% لنصيب ابن ابن الإبن.
8) إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختاً شقيقة وأختاً لأب وأختاً لأم: فللزوج النصف، والأخت الشقيقة النصف، ولا شىء للأخت لأب وللأخ لأب. وبذلك يكون الزوج والأخت الشقيقة قد أخذا الميراث ولم يأخذ منه الأخ لأب وأخته.
9) إذا مات رجل وترك ابنتين وأخاً لأب وأختاً لأب: فلكل من الشقيقتين الثلث وسهم كل منهما 3 ، والباقى يأخذ منه الأخ الثلثين وأخته الثلث.
فإذا ترك المتوفى 000 90 (تسعين ألف جنيهاً) ، فيكون نصيب كل من الإبنتين (ثلاثين ألف جنيهاً) ، ويكون نصيب الأخ لأب (عشرين ألفاً) ونصيب الأخت لأب (أخته) عشرة آلاف. وبذلك تكون الإبنة قد أخذت 150% لنصيب الأخ لأب.
10) إذا مات رجل وترك زوجةً وجدةً وابنتين و12 أخ وأخت واحدة: فالزوجة الثمن وسهمها 75 ، والبنتان الثلثين وسهم كل منهما 200 ، والجدة السدس وسهمها 100 ، والأخوة 24 سهم لكل منهم 2 سهم ، والأخت سهم واحد.
فلو ترك المتوفى 000 300 (ثلاثمائة ألف جنيهاً) ، فستأخذ الزوجة 000 75 ألف جنيها ، وكل بنت من الإبنتين 000 100 (مائة ألف) ويأخذ الجد (مائة ألف) ، ويأخذ كل أخ (ألفين) وتأخذ الأخت ألفاً واحداً. وعلى ذلك فالإبنة أخذت 37.5 ضعف الأخ وتساوت مع الجد.
11) إذا ماتت وتركت زوجاً ، وأباً ، وأماً ، وابنةً ، وابنة ابن ، وابن الإبن: فللزوج الربع وسهمه 3، ولكل من الأب والأم السدس وسهم كل منهما 2، والإبنة النصف وسهمها 6، ولا شىء لكل من ابنة الابن وابن الابن.
فلو تركت المتوفاة 000 12 (اثنى عشر ألفاً) ، لوجب أن تقسم التركة على 13 (ثلاثة عشر) سهماً ، لأخذ الزوج 5538 جنيهاً ، ولأخذ كل من الأب والأم 3692 جنيهاً ، ولأخذت الإبنة 076 11 جنيهاً ، ولا شىء لإبنة الابن ولابن الإبن. وهنا تجد أن الإبنة قد أخذت أكثر من ضعف ما أخذه الزوج وأكثر من 250% مما أخذه الأب.
12) إذا مات أو ماتت وترك جداً ، وأماً وأختاً شقيقة وأخاً لأب وأختاً لأب: فتأخذ الأم السدس وسهمها 3، ويأخذ الجد ثلث الباقى وسهمه 5، والأخت الشقيقة النصف وسهمها 9، ثم يقسم سهم واحد على ثلاثة للأخ والأخت لأب (للذكر مثل حظ الانثيين).
فإذا ترك المتوفى 000 18 ألف جنيهاً لأخذت الأم (ثلاثة آلاف) جنيهاً، ولأخذ الجد (خمسة آلاف)، ولأخذت الأخت الشقيقة (تسعة آلاف) ولأخذ الأخ (666) جنيهاً تقريباً، ولأخذت أخته (333) جنيهاً تقريباً. وهنا تجد أن الأخت الشقيقة أخذت أكثر من (13) ضعف ما أخذه الأخ لأب.
13) إذا مات الرجل وترك زوجةً وابنتين وأبً وأمً: فللزوجة الثمن وسهمها 3، والأب السدس وسهمه 4، والأم السدس وسهمها 4 ، ولكل ابنة الثلث وسهم كل منهما 8. فيكون عدد الأسهم 27 ، فلو ترك المتوفى 000 24 (أربع وعشرين ألفا) لوجب أن تعول إلى 27 سهم بدلاً من 24 ، ويأخذ كل منهم عدد الأسهم التى فرضها الله له. وفى هذه الحالة ستأخذ الزوجة 2666 جنيهاً ، وستأخذ الإبنتين 15222 ألف مناصفة فيما بينهما ، أى 7111 لكل منهن ، والأم 3555 والأب 3555. وهنا تجد أن الإبنة أخذت ما يقرب من ضعف ما أخذه لأب.
14) إذا مات أو ماتت وترك أماً وجداً وأختاً: فيأخذ الجد السدس ، وتأخذ الأم ضعفه وهو الثلث ، وتأخذ الأخت النصف.
فلو ترك المتوفى 000 120 ألف جنيهاً ، لكان نصيب الجد 000 20 ألف ، وكان نصيب الأم 000 40 ألف ، وكان نصيب الأخت 000 60 ألف. أى أخذت امرأة ضعفه وأخذت الأخرى ثلاثة أضعافه.
15) إذا مات الرجل وترك (أربعين ألف جنيهاً) وابناً وابنةً وزوجةً لها مؤخر صداق (ستة عشر ألف جنيهاً) فيكون التقسيم كالتالى:
الزوجة 000 16 + ثمن الباقى (000 3 آلاف) = 000 19 (تسعة عشر ألف) جنيهاً
الابن : الثلثى بعد خصم مؤخر الصداق 000 16 (ستة عشر ألف) جنيهاً
الابنة : الثلث بعد خصم مؤخر الصداق 000 8 (ثمانية آلاف) جنيهاً
16) ولو مؤخر صداقها أكبر لورثت أكثر من ابنها كثيرا مثال ذلك:
إذا مات الرجل وترك (ستين ألف جنيهاً) وابن وابنة وزوجة لها مؤخر صداق (ستة وثلاثون ألف جنيهاً) فيكون التقسيم كالتالى:
الزوجة 000 36 + ثمن الباقى (000 3 آلاف) = 000 39 (تسعة وثلاثين ألف) جنيهاً
الابن : ثلثى التركة بعد خصم مؤخر الصداق000 16 (ستة عشر ألف) جنيهاً
الابنة : ثلث التركة بعد خصم مؤخر الصداق 000 8 (ثمانية آلاف) جنيهاً
17) إذا مات الأب وترك ابنةً وأماً وأباً وزوجة وترك 25000 جنيهاً ، وللزوجة مؤخر صداق 1000 جنيهاً
فالإبنة تأخذ النصف أى 12000 جنيهاً
والزوجة تأخذ الثمن 3000 + 1000 (مؤخر الصداق) = 4000 جنيها
الأم تأخذ السدس 4000 جنيهاً
الأب يأخذ السدس فرضاً 4000
وبذلك تكون الإبنة قد أخذت 300 % لميراث الأب
د ـ وهناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال.
1) إذا مات وترك بنتاً وأختاً وعماً: فللإبنة النصف وللأخت النصف ولا شىء للعم.
2) إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختاً شقيقة وأختاً لأب وأختاً لأم: فللزوج النصف ، والأخت الشقيقة النصف ، ولا شىء للأخت لأب وللأخ لأب.
3) إذا ماتت وتركت زوجاً ، وأباً ، وأماً ، وابنةً ، وابنة ابن ، وابن الإبن: فللزوج الربع وسهمه 3 ، ولكل من الأب والأم السدس وسهم كل منهما 2 ، والابنة النصف وسهمها 6، ولا شىء لكل من ابنة الابن وابن الابن ، أى الابنة ورثت ستة أضعاف ابن الابن.
4) إذا ماتت وتركت زوجاً وأماً وأَخَوَان لأم وأخ شقيق أو أكثر.
للزوج النصف وسهمه ( 3 ) وللأم السدس وسهمها ( 1 ) وللإخوة لأم الثلث وسهم كل واحد منهما ( 1 ) وتصح من ( 6 ) ولا يبقى للأشقاء ما يرثونه. (عمر بن الخطاب)
5) إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وجداً وأماً وأخوة أشقاء وأخوة لأم: فللزوج النصف، وللجد السدس ، وللأم السدس ، وللاخوة الأشقاء الباقى ، ولا شىء لأخوة الأم.
ﻫ ـ وهناك حالات يرث فيها الرجل أكثر من المرأة سواء أقل أو أكثر من الضعف:
1) فلو مات الابن وترك أباً وأماً وأخوةَ وأخوات ، فترث الأم السدس ، ويرث الأب خمسة أسداس تعصيباً ويحجب الإخوة. فقد ورث الرجل هنا خمسة أضعاف المرأة.
2) إذا مات رجل وترك زوجةً وأماً وأباً: فللزوجة الربع وسهمها 3 وللأم الثلث وسهمها 4 والأب يأخذ الباقى وسهمه 5. فلم يأخذ ضعف أياً منهما.
3) إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأماً وأباً: فللزوج النصف وسهمه 3 ، وللأم ثلث الباقى وسهمها 1 والأب ثلثا الباقى وسهمه 2. فقد أخذ الزوج ثلاثة أضعاف الأم.
4) إذا مات رجل وترك ابناً وست بنات: فالإبن يأخذ الثلث والبنات الثلثين: وفى هذه الحالة سيكون الابن ثلاث أضعاف أى من البنات الستة. فإذا ترك 18000 ألف جنيهاً ، فسيأخذ الابن 6000 ، وكل بنت تأخذ 2000 جنيهاً. فيكون الأخ أخذ ثلاثة أضعاف أخته.
5) ماتت وتركت زوجاً وأماً وأَخَوَان لأم وأخاً شقيق أو أكثر: فالزوج يأخذ النصف وسهمه 9، والأم السدس وسهمها 3 ، والأُخوة الثلاثة الباقية الثلث ، وسهم لكل منهم. (على بن أبى طالب والمذهب المالكى والشافعى أخذوا به) فيكون الزوج أخذ ثلاثة أضعاف الأم.
فلو تركت 000 18 (ثمانية عشر ألف) جنيهاً ، لكان نصيب الزوج (تسعة آلاف) ، ونصيب الأم (ثلاثة آلاف) ، والثلث الباقى يقسَّم على الثلاث أخوة بالتساوى، لكل منهم (ألفين). وهنا تجد أن الزوج أخذ ثلاثة أضعاف الأم.
يواصل الأستاذ مروان قائلاً: أى أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل ، أو أكثر منه ، أو ترث هى ولا يرث نظيرها من الرجال ، فى مقابلة أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل ...
تلك هى ثمرات استقراء حالات ومسـائل الميراث فى عـلم الفرائض (المواريث) ، التى حكمتها المعايير الإسلامية التى حددتها فلسفة الإسلام فى التوريث .. والتى لم تقف عند معيار الذكورة والأنوثة ، كما يحسب الكثيرون من الذين لا يعلمون ! ... وبذلك نرى سقوط هذه الشبهة الواهية المثارة حول أهلية المرأة.
هذا من عدل الرحمن
1- كثير ما نسمع أن في دول أروبية أنه توفي أحدهم وله من الثروات والمقدرات لا حصر لها تركها لقطة أو لكلب كان يربيه صاحب المال ، أو تذهب النقود كلها لخادمة أو لجمعية ما سواء ويحرم كل الابناء منها. فأين العدالة في توزيع الإرث؟ ... أما في الإسلام فقد أعطى الحرية للتصرف في الإرث فقط في حد الثلث ولا وصية لوارث ولا تجوز الوصية لجهة ممنوعة أو لكلب مثلا ..
2- الإرث إجباري في الإسلام بالنسبة إلى الوارث والموروث ولا يملك المورث حق منع أحد ورثته من الإرث ، والوارث يملك نصيبه جبرا دون اختيار.
3- الاسلام جعل الإرث في دائرة الأسرة لا يتعداها فلابد من نسب صحيح أو زوجة، وتكون على الدرجات في نسبة السهام الأقرب فالأقرب إلى المتوفى.
4- أنه قدر الوارثين بالفروض السهام المقدرة كالربع والثمن والسدس والنصف ما عدا العصبات ولا مثيل لهذا في بقية الشرائع.
5- جعل للولد الصغير نصيبا من ميراث أبيه يساوي نصيب الكبير وكذلك الحمل في بطن الأم فلا تميز بين البكر وغيرهم من الأبناء.
6- جعل للمرأة نصيباً من الإرث فالأم والزوجة والبنت وبنت الابن والأخت وأمثالهن يشاركن فيه، وجعل للزوجة الحق في استيفاء المهر والصداق إن لم تكن قد قبضتهم من دون نصيبها في الإرث فهو يعتبر دين ممتاز أى الأولى في سداده قبل تقسيم الإرث ولا يعتبر من نصيبها في الميراث.
الإصحاح الثامن والأربعين بعد المائة
الميراث بين الرجل والمرأة فى اليهودية والمسيحية:
فالميراث فى الكتاب المقدس للذكور فقط: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
ولا ترث الإناث إلا عند فقد الذكور: (1فَتَقَدَّمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ .. .. .. 2وَوَقَفْنَ أَمَامَ مُوسَى .. .. .. قَائِلاتٍ: 3أَبُونَا مَاتَ فِي البَرِّيَّةِ .. .. .. وَلمْ يَكُنْ لهُ بَنُونَ. 4لِمَاذَا يُحْذَفُ اسْمُ أَبِينَا مِنْ بَيْنِ عَشِيرَتِهِ لأَنَّهُ ليْسَ لهُ ابْنٌ؟ أَعْطِنَا مُلكاً بَيْنَ أَعْمَامِنَا». 5فَقَدَّمَ مُوسَى دَعْوَاهُنَّ أَمَامَ الرَّبِّ. 6فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 7«بِحَقٍّ تَكَلمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ فَتُعْطِيهِنَّ مُلكَ نَصِيبٍ بَيْنَ أَعْمَامِهِنَّ وَتَنْقُلُ نَصِيبَ أَبِيهِنَّ إِليْهِنَّ. 8وَتَقُول لِبَنِي إِسْرَائِيل: أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ وَليْسَ لهُ ابْنٌ تَنْقُلُونَ مُلكَهُ إِلى ابْنَتِهِ. 9وَإِنْ لمْ تَكُنْ لهُ ابْنَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لِإِخْوَتِهِ. 10وَإِنْ لمْ يَكُنْ لهُ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لأَعْمَامِهِ. 11وَإِنْ لمْ يَكُنْ لأَبِيهِ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لِنَسِيبِهِ الأَقْرَبِ إِليْهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَيَرِثُهُ». فَصَارَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيل فَرِيضَةَ قَضَاءٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.) عدد 27: 1-11
وليس فى المسيحية نصَّاً يُخالِف ذلك النص ، لأن كتاب النصارى ليس به تشريع ، فشريعة موسى مُلزمة لهم باعتراف عيسى عليه السلام ، والتى قام بولس بإلغائها: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
ثبت المراجع
القرآن الكريم
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم محمد فؤاد عبد الباقى
المعجم الموضوعى لآيات القرآن الكريم صبحى عبد الرءوف عصر
الكتاب المقدس (طبعة الشرق الأوسط لعام 1989)
رياض الصالحين الإمام النووى
تخريج محمد ناصر الدين الألبانى
عودة الحجاب الجزء الثانى محمد أحمد المقدم
حقوق المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى محمود عبد الحميد محمد
قصة الزواج والعزوبة فى العالم الدكتور على عبد الواحد وافى
الفيلسوف المسيحى والمرأة أ.د. إمام عبد الفتاح إمام
الزواج والطلاق فى جميع الأديان فضيلة الشيخ عبد الله المراغى
فى محكمة التاريخ الدكتور عبد الودود شلبى
تعدد نساء الأنبياء ومكانة المرأة بين اليهودية والمسيحية والإسلام
اللواء مهندس أحمد عبد الوهاب
تحرير المرأة فى عصر الرسالة عبد الحليم أبو شقة
المرأة فى ظلال القرآن عكاشة عبد المنَّان الطيِّبى
حقائق الإسلام فى مواجهة شبهات المشككين المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
شبهات حول الإسلام محمد قطب
مائة سؤال عن الإسلام الشيخ محمد الغزالى
الحضارة الإسلامية مُقارنة بالحضارة الغربية الدكتور توفيق يوسف الواعى
الصليب ذو الكنيسة (باللغة الألمانية) كارل هاينتس ديشنر
Karlheins Deschner, Das Kreuz mit der Kirche, 1991
موقف الإسلام والكنيسة من العلم عبد الله المشوخى
النصرانية والإسلام المستشار محمد عزت الطهطاوى
الرد الجميل على المشككين فى الإسلام من القرآن والتوراة والإنجيل والعلم
عبد المجيد صُبح
منتدى برسوميات على الإنترنتbarsoomyat.com
موقع المسيحية فى الميزان alhakekah.com
موقع التاريخaltareekh.com
موقع ابن مريم ebnmaryam.com
-
بسم الله ماشاء الله سلمت يمينك أخى أبو بكر فكتابك هذا يجب نشره على النت و فى الأسواق
-
بسم الله ماشاء الله سلمت يمينك اخى أبوبكر فكتابك هذا قيم و عزيز على قلبى جداً، و يجب ترجمته لغات شتى لشموليته و بساطته
-
هكذا دائما الأستاذ الفاضل والأخ الكريم أبو بكر مميز دائما في كل مؤلفاته
جزاه الله سبحانه وتعالي كل خير وبارك الله فيه
-
-