-
أما قول متى فى نهاية إصحاحه الأول إن مريم ولدت ابنها البكر يسوع ، فمعنى ذلك أنها من الممكن أن تكون قد أنجبت غيره.
لذلك قامت طبعة كتاب الحياة بالتحريفات الآتية فى طبعتها التى يحلو لهم أن يسمونها الطبعة التفسيرية وهى ليس بها أية تفاسير ولكنها ترجمة لعبوا فيها لرفع الحرج عن كتابهم ، ثم يقولون هذا من عند الله: وإليكم الإختلافات من عدة طبعات:
1- لقد غيروا فى العدد 19 من نفس الإصحاح من (يوسف رجلها) فانديك ، إلى يوسف خطيبها) كتاب الحياة.
2- وغيروا فى العدد 20 من نفس الإصحاح من (مريم امرأتك) فانديك ، إلى (مريم عروسك) كتاب الحياة.
3- وكذلك غيروا فى نص متى 1: 25 ، فمن الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية من موقع بشارة يقول (25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.) ترجمة فانديك (ولكنه لم يدخل بها حتى ولدت ابناً ، فسمَّاه يسوع.) كتاب الحياة ؛ (25على أَنَّه لم يَعرِفْها حتَّى ولَدَتِ ابناً فسمَّاه يسوع.) الكاثوليكية ؛ (25ولكِنَّهُ ما عَرَفَها حتّى ولَدَتِ اَبْنَها فَسَمّاهُ يَسوعَ.) الترجمة المشتركة.
فترى أنهم غيروا كلمة البكر فى ترجمة فانديك ، حتى لا تكون مريم قد أنجبت غيره، ولا يكون للرب عندهم أخوة وأخوات ، على الرغم من نصوص أخرى كثيرة تشير إلى وجود اخوة له ، ولا يمكن تأويل النصوص إلى أخوته من يوسف بن يعقوب أو يوسف بن هالى ، منها:
1- (12وَبَعْدَ هَذَا انْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ هُوَ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَتلاَمِيذُهُ وَأَقَامُوا هُنَاكَ أَيَّاماً لَيْسَتْ كَثِيرَةً) يوحنا 2: 12
2- (2وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ عِيدُ الْمَظَالِّ قَرِيباً 3فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ لِكَيْ يَرَى تلاَمِيذُكَ أَيْضاً أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ 4لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئاً فِي الْخَفَاءِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ علاَنِيَةً. إِنْ كُنْتَ تَعْمَلُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَمِ». 5لأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضاً لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ.) يوحنا 7: 2-5
3- (10وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضاً إِلَى الْعِيدِ لاَ ظَاهِراً بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ.) يوحنا 7: 10
4- هذا على الرغم من وجود نصوص أخرى قد تشير إلى كون إخوته هم تلاميذه: (17قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ». 18فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هَذَا.) يوحنا 20: 17-18
5- (46وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. 47فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ». 48فَأَجَابَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتِي؟» 49ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي. 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».) متى 12: 46-50 ، مرقس 3: 31-35
6- (19وَجَاءَ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ. 20فَأَخْبَرُوهُ: «أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ». 21فَأَجَابَ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا».) لوقا 8: 19-21
هذا على الرغم من وجود نصوص أخرى تدل على أنهم لم يصدقوا الميلاد العذرى الإعجازى لعيسى عليه السلام ، وهذا ما أثبتناه من قول لوقا: (وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ بْنِ هَالِي) التى وضعوها فى النص كتوضيح من المترجم، ثم قاموا بتثبيتها فى النص ، ومن هذه النصوص:
1- إنتهاء كل من سلسلة نسب يسوع عند متى ولوقا بيوسف النجار ، ولا علاقة ليوسف هذا بنسب يسوع ، إلا إذا كانوا يتهمون أمه فى عرضها.
2- لوقا 2: 48 (48فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!») ، وهم بذلك قد ثبتَّوا على المريم الزنا ، باعترافها الذى وضعوه على لسانها.
3- لوقا 3: 23 (وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ بْنِ هَالِي)
4- يوحنا 8: 41 وهو قول قومه له: (41أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِناً. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ».)
وعلى العموم فلم يتزوج عيسى ولا مريم عليهما السلام ، وسبب ذلك أنهما كانا تابعين لشريعة موسى، فأولاد هارون البكر كانوا منذرين لله، لتدريس الشريعة، وما كان لهم أن يتزوجوا مدة نذرهم (عدد 18: 15 ولوقا 2: 23) ، وكان عليهم ألا يحلقوا شعرهم، وألا يشربوا أو يأكلوا نجساً ، وألا يشربوا الخمر (عدد 6: 1-6)، والربانيون منهم كانوا يلبسون القميص غير المخاط الذى كان يرتديه يسوع وقت الصلب المزعوم
(يوحنا 19: 23).
وخلاصة الإصحاح الأول لمتى:
1- لا علاقة له بوحى الله ، فقد كتبه إنسان مجهول يجهل عيسى عليه السلام ، ويجهل طبيعة رسالته ، وكتبه لليهود لإرضائهم بأنه جعل يسوع هو المسيا الرئيس (خاتم رسل الله) ، وذلك سوف يفرح اليهود ، ويرضيهم ، حيث سيثبتون ملكوت الله فيهم ، على الرغم من قول يسوع لهم: (إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ»)متى 21: 43-44
2- لم يكتب هذا السفر أحد تلاميذ يسوع ، لأن ظاهره يفضح كره كاتبه لعيسى عليه السلام ، حيث نسب إليه أنه ابن زنا ، وأنه من سلالة أنبياء منهم الوانىزناة ، ومنهم اللص ، ومنهم الديوث ، ومنهم الكافر. فهل فى عائلة ممكن أن تكون أسوأ من ذلك فى الدنيا؟
3- كذب كاتب هذا السفر على الأقل لأنه نسب ليسوع نسب أبوى على الأرض، ونسب لمريم الزواج،وهى أول فاتحة رحم، وكانت منذورة لله، وما كان لها أن تتزوج.
4- ليس ليسوع نسب إلا أنه عيسى ابن مريم ابنة عمران (أى يمتد نسبها إلى عمران أبى موسى وهارون ومريم أختهم ، أى إنها من سبط لاوى).
5- عدم ذكر أى من الأناجيل لكيفية إثبات مريم لبراءتها من تهمة الزنا ، حيث لا يوجد شاهد على نزول ملاك الرب على يوسف هذا ، وهو لم يكن أساساً من الأنبياء ، حتى يرسل الله إليهم ملاكه بمثل هذه البشارة. حيث إن ابنة الكاهن التى تزنى ، وتثبت عليها هذه الجريمة ، لا بد أن تحرق حية: (9وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ.] (لاويين 21: 9). وأعلن الرب رضاه عما فعله فينحاس حفيد هارون الكاهن عندما قتل المرأة المديانية الزانية، في حادثة بعل فغور (عدد 25: 7-15).
6- يسوع ليس إله ، لأن الله لا يولد ، ولا تجوز عليه صفات النقص ، فهو لم يكن يعيش فى رحم أمرأة ، ولا كان مختلطاً بدماء نجس ، يتسبب فى نجاسة صاحبته من 40 يوماً إلى 72 يوماً تبعا لجنس الجنين ، طفلاً رضيعاً جاهلاً ، مسلوب الإرادة ، لا يتحكم فى نفسه فيتبول ، ويتبرز على نفسه ، ويرضع من ثدى أمه ، يعلمها ببكائه أنه جوعان ، أو أنه مبتل الملابس ، وتتوقف حياته على اهتمامها به ، ورعايتها إياه ، وتحمله وتتنقل به؛ ناهيك عن كونه لو كان إلهاً ، لكان إلهاً نجساً فى فترة حيض أمه (15 يوم من كل شهر أى نصف عمر الأم ، وهو نصف عمر الإله الطفل إلى أن يمكنه الإعتماد على نفسه) أو نفاس أمه (40 يوم).
-
اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي
1وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 2قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». 3فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. 4فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْبِ وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» 5فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّهُ هَكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: 6وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».
7حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرّاً وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ. 8ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضاً وَأَسْجُدَ لَهُ». 9فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. 10فَلَمَّا رَأَوُا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحاً عَظِيماً جِدّاً 11وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ وَرَأَوُا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَباً وَلُبَاناً وَمُرّاً. 12ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ انْصَرَفُوا فِي طَرِيقٍ أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ.
13وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». 14فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ 15وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي».
16حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدّاً فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ بِحَسَبِ الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. 17حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ: 18«صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ».
19فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ 20قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 22وَلَكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضاً عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. 23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».
1- نبدأ بوقت ميلاد يسوع.
هل ولد يسوع فى زمن هيرودس الملك كما يقول كاتب إنجيل متى؟
فقد وُلِدَ عند متى فى زمن هيرودس أى قبل سنة (4) قبل الميلاد (متى 2: 1)، أما عند لوقا فقد وُلِدَ وقت الإكتتاب العام فى زمن كيرينيوس والى سوريا أى ليس قبل (6 أو 7) بعد الميلاد (لوقا 2: 2) ، أى هناك 10 سنوات تقريباً فرق فى تحديد زمن ميلاد الرب. فهل مازلت تعتقد أن هذا الكلام أوحاه الرب؟ هل نسى الرب سنة ميلاده؟
يقول قاموس الكتاب المقدس الألمانى (صفحة 592): إن هيروس أنتيباس الذى كان يحكم عقب وفاة أبيه (من 4 قبل الميلاد إلى 39 بعد الميلاد) هو الذى كان يسمى “هيرودس الملك” أو “رئيس الربع”. وهو الذى أمر بقطع رقبة يوحنا المعمدان. إذن لم يكن هيرودس قد مات حتى يرجع عيسى عليه السلام وأمه من مصر!
فكيف رجع من مصر وهيرودس لم يكن قد مات بعد؟
يؤخذ فى الاعتبار أنه وُلِدَ عند لوقا فى سنة الإكتتاب ، الذى بدأ عام 27 قبل الميلاد فى جالين واستغرق 40 عاماً على الأقل ، وسرعان ما انتشر فى الأقاليم الأخرى. ومن المحتمل أن تزامن هذا الإكتتاب فى سوريا كان فى عامى (12-11) قبل الميلاد. وعلى ذلك يكون وقت الإكتتاب قد حدث قبل ولادة عيسى عليه السلام بعدة سنوات ، يقدرها البعض ب 15 سنة وليس بعد ولادته كما ذكر لوقا. مع الأخذ فى الاعتبار أنه بين السنوات (9-6) قبل الميلاد تدلنا المصادر القديمة والعملات المعدنية أنه كان هناك حاكماً يُدعَى ساتورنينوس وعقبه ﭬاروس.
فكيف نسى الرب اسم حاكم سوريا؟
كذلك كيف نسى الرب ما أوحاه فى إصحاحه الأول للوقا؟ فقد حدد أن حمل مريم جاء بعد ستة أشهر من حمل أليصابات ، وتم حملها ووضعها الإله الطفل فى زمن هيرودس ، فكيف تحمل فى زمن هيرودس وتضعه فى زمن كيرينوس والفارق بينهما 10 سنوات؟ فهل استمر الحمل 10 سنوات؟
يختلف النصارى فيما بينهم على موعد ميلاد عيسى عليه السلام ، ولو أتى كتاب الأناجيل وحىٌ من الله لكان قد حلَّ هذه المشكلة ومشاكل كثيرة أخرى! الأمر الذى يجعلنا نؤكد وبكل شدة على أن هذه الكتب ليست من وحى الله ، ولا علاقة لله بها ، غير أنه شاهدٌ على من كتبها ومن حرفها وبأى قصد. فيتفق الكاثوليك والبروتستانت على ميلاده فى الخامس والعشرين من شهر ديسمبر ، ويقول الأرثوذكس إن مولده كان فى السابع من يناير.
وفى الواقع فإن ميلاد عيسى عليه السلام لم يتم فى أى من هذين الشهرين لقول لوقا: (وكان فى تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم) لوقا 2: 8 . فهذان الشهران من شهور الشتاء الباردة التى تغطى فيها الثلوج تلال فلسطين،
فماذا كان يفعل الرعاة بغنمهم ليلاً فى هذا الجو مع وجود الثلوج ، وانعدام الكلأ؟
يقول الأسقف بارنز: (غالباً لا يوجد أساس للعقيدة القائلة بأن يوم 25 ديسمبر كان بالفعل يوم ميلاد المسيح ، وإذا ما تدبرنا قصة لوقا التى تشير إلى ترقب الرعاة فى الحقول قريباً من بيت لحم ، فإن ميلاد المسيح لم يكن ليحدث فى الشتاء ، حينما تنخفض درجة الحرارة ليلاً ، وتغطى الثلوج أرض اليهودية .. .. ويبدو أن عيد ميلادنا قد اتفق عليه بعد جدل كثير ومناقشات طويلة حوالى عام 300 م)
وتذكر دائرة المعارف البريطانية فى طبعتها الخامسة عشر من المجلد الخامس فى الصفحات (642-643) ما يلى: (لم يقتنع أحد مطلقاً بتعيين يوم أو سنة لميلاد المسيح ، ولكن حينما صمم آباء الكنيسة فى عام 340 م على تحديد تاريخ للاحتفال بالعيد اختاروا بحكمة يوم الانقلاب الشمسى فى الشتاء الذى استقر فى أذهان الناس ، وكان أعظم أعيادهم أهمية ، ونظراً إلى التغييرات التى حدثت فى التقاويم تغير وقت الانقلاب الشمسى وتاريخ عيد الميلاد بأيام قليلة). معنى ذلك أن الوثنية كانت مازالت متغلغلة فى قلوب وعقول آباء الكنيسة حتى القرن الرابع الميلادى ، أو على الأقل كان من اختار هذا الوقت أحد أتباع جيش بولس ، الذى تغلغل فى صفوف النصارى الأول ، وضلل الشعب ، وأخرجهم من جماعة الرب بإلغائه للختان والتفريط فى الناموس ، واختراع اسطورة الصلب والفداء ، الأمر الذى جعل رئيس التلاميذ يحكم عليه بالكفر ، ويأمره بالتوبة ، ويرسل إلى القوم الذين ضلوا بسبب بولس من يُصحح لهم عقيدتهم. (أعمال الرسل 21: 17-32)
وورد فى دائرة معارف شامبرز: (أن الناس كانوا فى كثير من البلاد يعتبرون الانقلاب الشمسى فى الشتاء يوم ميلاد الشمس ، وفى روما كان يوم 25 ديسمبر يُحْتَفَل فيه بعيد وثنى قومى ، ولم تستطع الكنيسة أن تلغى هذا العيد الشعبى ، بل باركته كعيد قومى لشمس البر).
ويقول “بيك” أحد علماء تفسير الكتاب المقدس: (لم يكن ميعاد ولادة المسيح هو شهر ديسمبر على الإطلاق ، فعيد الميلاد عندنا قد بدأ التعارف عليه أخيراً فى الغرب).
ويقول المؤرخ المسيحي حبيب سعيد في كتابه "لمحات في تاريخ الإنجيل" نقلاً عن هريدى: (إن الصقيع يتساقط في هذه البقعة وبكميات وافرة، وتهطل الاْمطار غزيرة في أشهر ديسمبر ويناير وفبراير... وفي فصل عيد الميلاد تكتنف بيت لحم الثلوج والأمطار، وفي هذا الفصل لا تكون قطعان الأغنام في مراعيها. وفي التلمود اليهودي تلميح إلى هذا يؤخذ منه أن القطعان تخرج إلى مراعيها في شهر مارس وتبقى إلى شهر نوفمبر. أما الأغنام والرعاة فيحتمون داخل الحظائر خلال فصل الشتاء في أرض
فلسطين كلها....".
وأخيراً نذكر أقوى الأدلة كلها عن الدكتور (ﭼون د. أفيز) فى كتابه “قاموس الكتاب المقدس” تحت كلمة (سنة): إن البلح ينضج فى الشهر اليهودى (أيلول).
وشهر أيلول هذا يطابق عندنا شهر أغسطس أو سبتمبر كما يقول “بيك” فى صفحة 117 من كتاب (تفسير الكتاب المقدس).
ويقول دكتور “بيك” فى مناقشة (ﭼون ستيوارت) لمدونة من معبد أنجورا وعبارة وردت فى مصنف صينى قديم يتحدث عن رواية وصول الإنجيل للصين سنة 25-28 ميلادية ، حيث حدد ميلاد عيسى عليه السلام فى عام 8 قبل الميلاد فى شهر سبتمبر أو
أكتوبر ، وحدد وقت الصلب فى يوم الأربعاء عام 24 ميلادية.
ويشير دكتور (ﭼون ريفنز) إلى ذلك قائلاً: (إن حقيقة إرشاد السيدة مريم العذراء إلى نبع كما ورد فى القرآن الكريم لتشرب منه إلى أن ميلاد المسيح قد حدث فعلاً فى شهر أغسطس أو سبتمبر وليس فى ديسمبر حيث يكون الجو بارد كالثلج فى كورة اليهودية ، وحيث لا رُطَب فوق النخيل ، حتى تهز جذع النخلة فتتساقط عليها رطبا جنيَّا).
وكثرة النخيل فى منطقة بيت لحم واضحة فى الإنجيل فى الإصحاح الأول من سفر القضاة ، وبذلك يكون حمل السيدة مريم بدأ فى نوفمبر أو ديسمبر ولم يبدأ فى مارس أو إبريل كما يريد مؤرخو الكنيسة أن يلزموا الناس باعتقاده.
هذا ويحتفل العالم المسيحي بعيد الميلاد من24-25 ديسمبر من كل عام. على أن الفلكيين والمؤرخيين من رجال العلم والدين على السواء قد أجمعوا على أن 25 ديسمبر من سنة واحد بعد الميلاد ليس التاريخ الحقيقي لميلاد المسيح، لا من حيث السنة ولا من حيث اليوم. وتقع المسؤولية في هذا على الراهب "دينيسيوس أوكسيموس " الذي ارتكب أخطاء عديدة في حساباته إذ نسي سنة الصفر الواقعة بين سنة (1 ق. م) وسنة(1 ب. م) كما أغفل الأربع سنوات التي حكم فيها الإمبراطور أوغسطس باسمه القديم "أكتافيوس". (نقلاً عن هاريدى)
أما حقيقة الاحتفال بيوم25/12 فتعود إلى مجمع نيقية في القرن الرابع الذي كان يرأسه الإمبرطوار قسطنطين، حيث تنازل القساوسة الشاؤوليون الكنسيون عن أمور كثيرة من الدين المسيحي لكسب تأييد الإمبراطور، منها: (نقلاً عن هريدى)
ا- قرروا أن يوم العطلة المسيحي (الشاؤولي الكنسي) هو يوم الأحد ، إذ كانت الإمبراطورية الرومانية تعتبر يوم الشمس هو يوم الراحة ، لأنها كانت تقدس الشمس قبل اعتناق قسطنطين النصرانية ، فعندما دخلت الإمبراطورية المسيحية ، وساوى قسطنطين بين المسيحية والوثنية ، جعل يوم الشمس هو يوم راحة النصارى ، وما زال هذا اليوم اسمه ـ بالإنكليزية ـ Sunday ، واسمه ـ بالألمانية ـ Sonntag ، ليشهد على خيانة قساوسة المجامع القدامى ، وبيعهم يسوع ودينه ، الذي كان محافظاً ومؤيداً ليوم السبت.
2- "اتبعوا التاريخ التقليدي لمولد إله الشمس- الذي كان يحتفل به قسطنطين والشعب الروماني الوثني. وهو الخامس والعشرون من ديسمبر واعتمدوه ليكون عيد ميلاد يسوع.
وهذا يثبت أن جميع الطوائف التي تدعى المسيحية اليوم تحتفل بعيد ميلاد كاذب ليسوع (وما هو في حقيقته إلا العيد الوثني لمولد الشمس وليس لمولد يسوع) ابتدعته لها كنائسها الشاؤولية اليهودية الوثنية، وهي لا تملك دليلاَ واحداً على صحته، كما يثبت صحة القرآن الذي نزل قبل 1400سنة، ويؤكد أن ما تقوم عليه مسيحية اليوم ليس إلا "تقاليد موروثة" كما قال النقاد المسيحيون أنفسهم.
3- استعاروا شعار إله الشمس- الوثني- وهو صليب النور ليصبح شعاراً للمسيحية (الشاؤولية الكنسية).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2- يقول متى أيضاً: (5فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّهُ هَكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: 6وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».) متى 2: 5-6
وهو هنا يشير إلى النبى ميخا (ميخا 5: 2) وهذه النبوءة مردودة لأن سفر ميخا من الأسفار المحذوفة عند السامريين ، وأن عيسى عليه السلام لم يكن ملكاً على شعب إسرائيل: («أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ».) متى 22: 21 ، («مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!») يوحنا 8: 7 ، («يَا مُعَلِّمُ قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». 14فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِياً أَوْ مُقَسِّماً؟») لوقا 12: 14 وكذلك سأله بيلاطس إذا كان هو ملك اليهود؟ فأنكر وقال له: (34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟» …«مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ.) يوحنا 18: 34 ، 36
فمن الذى استشهد بكتاب غير معترف به؟ ولماذا؟
فإن كان عيسى هو الإله فهل نسى أنه من اليهودية ولا يستطيع التدريس والمعيشة وسط السامريين؟ ألا يدعوا هذا للسخرية من هذا الإله؟ وألا يقدح هذا فى قداسة هذا الرب وألوهيته؟
أإله يرفضه أنبياؤه ، ويفعلون مالا يرضاه ، وما قد نهى عنه ليضلوا خلقه ، فمنهم من يزنى زنى المحارم (لوط مع ابنتيه) ، ومنهم من يزنى مع زوجة أبنائه (يهوذا مع ثامار)، ومنهم من سرق النبوة من أخيه وكذب على أبيه وخدعه وضحك على الإله وأوحى إليه (يعقوب يسرقها من عيسو)، ومنهم من صارع الله وغلبه (يعقوب والإله)، ومنهم من عبد الأوثان (سليمان)؟
فأين القدوة التى يريد الإله أن يضربها لمخلوقاته؟ وأين علمه الأزلى فى أن هؤلاء البشر سيضلون خلقه؟ وماذا يفعل هذا الإله إذا احتج عليه أحد من خلقه يوم القيامة
متهما إياه بإضلالنا عن طريق أناس فاسدة أعطاهم الحكم والنبوة؟
ويقول إدوارد شفايتزر فى تفسيره لإنجيل متى: وبالنسبة لإستشهاده بميخا ، فهى تشير فى اليهودية إلى المسيا ، ولكن أقحمت فى التراجد إلى ال{امية ، وأيضاً لا توجد كلمة (أرض يهوذا) لا فى النص العبرانى ولا فى النص اليونانى ، ويمكن أن يكون مصدرها هو متى نفسه. أليس هذا اعتراف بتحريف الكتاب المنسوب لمتى؟
ويؤكد الناقد "جيرالد بري" فيقول: إن المسيح ولد في بلدة الناصرة بفلسطين، أما كنيسة المهد في بيت لحم التي يزعمون أن المسيح ولد فيها فيعود تاريخها إلى القرن الخامس. أي بعد ضمان موت جميع الذين يعرفون أنه ولد في الناصرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3- لكن هل كان يسوع سامرياً أم يهودياً؟
تبعاً لمتى كان سامرياً ، وجعلها نبوءة ويجب أن تتم: (23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) متى 2: 23
وتبعاً ليوحنا فقد كان يهودياً وليس من ناصرة الجليل: (9فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ.) يوحنا 4: 9 فكيف يتم التوفيق بين الإثنين؟ ألا يدل هذا على التحريف المتعمد أو كثرة تناوب الأيدى والأقلام بالتصحيح والتعديل فيما تسمَّى بأصول هذا الكتاب؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4- يقول متى: (23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) متى 2: 23 ، فما هو كتاب الأنبياء الذى كُتِبَت فيه هذه النبوءة؟ فهى لا توجد فى أى كتاب من كتب الأنبياء ، وبذلك يكون هذا الكتاب الذى بين يدى النصارى ليس من كلام الله وقد وقع فيه تغيير وتبديل!
أضف إلى ذلك تعليق الكتاب المقدس الألماني فى هامشه إنه لا يوجد في كتب الأنبياء أية إشارة إلى ذلك. هذا بالإضافة إلى أن مدينة الناصرة كانت من نصيب سبط زبولون بن يعقوب (يشوع19: 10-16) ، وأن الناصرة تقع فى قرى الجليل ، وأهلها كلهم من
يهود السامرة ، والإتصال بينهم ممنوع.
ولو قَبِلَ يهود أورشليم نبياً من سكان السامرة ، فكيف سمحوا لسامرى من صغره بالمقام فى هيكل سليمان؟ وكيف سمحوا له بالتدريس فى معبدهم؟ أضف إلى ذلك أن عيسى عليه السلام من سبط يهوذا ، وأبناء هارون الذين منهم عيسى عليه السلام مكان سكناهم كان فى أرض اليهودية مع سبط يهوذا ، فمن الذى أسكنه الناصرة وأخرجه من أرض عشيرته؟ مع الأخذ فى الإعتبار أنه بين المكانين آلاف الأميال وسفر أيام.
وعن هذه النبوءة يقول باركلى فى تفسيره لمتى ص 37: (وهذه النبوة تواجه المفسرين بصعوبة كبيرة ، ذلك لأنه لا توجد آية فى العهد القديم بهذا المعنى ـ وحتى مدينة الناصرة نفسها غير مذكورة على الإطلاق فى العهد القديم. ولم يوجد حل كاف لهذه المشكلة.)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5- أين تمت ولادة يسوع؟
اتفقت الروايتان على أن الولادة تمت فى بيت لحم، وهذا خطأ ومردود عليه:
لقد ادعى لوقا أن سبب ذهاب السيدة مريم ويوسف إلى بيت لحم هو تعداد السكان: (إن أهل مريم كانوا يسكنون فى الجليل فى قرية الناصرة ، وأتت مع خطيبها إلى بيت لحم للتعداد الذى أمر به أغسطس، وولدت يسوع هناك) لوقا 2: 1-7
بينما ادعى متى أيضاً أن السبب هو وجود نبوءة عندهم تقول إنه سيظهر نبى فى إسرائيل من بيت لحم يرعى شعب إسرائيل ؛ قيقول متى: (5فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّهُ هَكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: 6وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».) متى 2: 5-6 ، وهو هنا يشير إلى النبى ميخا ، وسفر ميخا من الأسفار المحذوفة عند السامريين أهل الجليل ، بالإضافة إلى أن عيسى عليه السلام لم يكن ملكاً.
وهنا يتضح السبب عند متى ولوقا فى دعوة يسوع الناصرى ليجعلوا منه المسيَّا: (40فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكلاَمَ قَالُوا: «هَذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ». 41آخَرُونَ قَالُوا: «هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ». وَآخَرُونَ قَالُوا: «أَلَعَلَّ الْمَسِيحَ مِنَ الْجَلِيلِ يَأْتِي؟ 42أَلَمْ يَقُلِ الْكِتَابُ إِنَّهُ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ وَمِنْ بَيْتِ لَحْمٍ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَ دَاوُدُ فِيهَا يَأْتِي الْمَسِيحُ؟» 43فَحَدَثَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَمْعِ لِسَبَبِهِ.) يوحنا 7: 40-43
أو يجعلوه مكروها بين اليهود، لأن أهل الناصرة السامريين كانوا أعداءً لليهود، وهذا يتضح من رفض المرأة السامرية أن تعطى يسوع ماءً ليشرب: (46فَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟» قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «تَعَالَ وَانْظُرْ».) يوحنا 1: 46
يتضح السبب أكثر فى دعوة عيسى عليه السلام ناصرياً من إنجيل متى ، حيث يقول: (23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) متى 2: 23 ، ولا يوجد أثر فى أى كتاب من كتب الأنبياء لهذه العبارة ، اللهم إن كانت موجودة فى يوم من الأيام وأصابها التحريف وحُذِفت.
أضف إلى ذلك أن مدينة الناصرة كانت من نصيب سبط زبولون بن يعقوب من زوجته ليئة (تكوين 30: 20) ، وهم يهود السامرة ، والعداء مُستَحْكَم بينهم وبين يهود أورشليم والاتصال بينهم ممنوع ، والليل على ذلك قول المرأة السامرية لعيسى عليه السلام: (7فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» - 8لأَنَّ تلاَمِيذَهُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبْتَاعُوا طَعَاماً. 9فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ.) يوحنا 4: 7-9.
فكيف سمحوا لسامرى - هذا لو كان من ناصرة الجليل - من صغره بالمقام فى هيكل سليمان؟ فهل كان يُعلِّم فى مَجمعهم؟ وكذلك جاء رفض المرأة السامرية التعامل معه لأنه غير سامرى لأكبر دليل على عدم ولادة عيسى عليه السلام فى مدينة الناصرة ، لأنه لو ولد فى الناصرة لأصبح سامرى ، ولما سَمَّته يهودياً: (كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ).
أما مكان سُكنى اليهود وهم من سبط لاوى ومنهم عيسى ابن مريم عليه اسلام ـ حيث كان من واجباتهم التدريس والوعظ فى هيكل سليمان ، بالإضافة إلى دعوة اليهود لعيسى عليه السلام بكلمة (ربونى) الذى تفسيره يا معلم ، وهى لا تُطلق إلا على اللاويين ـ فى أرض اليهود مع سبط يهوذا ، وأن مدينة الناصرة كانت من نصيب سبط زبولون بن يعقوب من زوجته ليئة وهم من يهود السامرة ، كما ذكرت.
ويحل القرآن هذه المشكلة فى ندائه لمريم ب (ابنة عمران) و (أخت هارون) ، والمعروف أن عمران أنجب موسى وهارون ، وبذلك يدخل عيسى عليه السلام ضمن بركة إسحاق حيث إن موسى من نسل إسحاق بن إبراهيم ، والدليل على هذا أن ملاك الرب نزل على مريم يبشرها بالحمل فقال لها: (36وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا) لوقا 1: 36 ، وكانت أليصابات هذه زوجة زكريا ، و(5كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ.) لوقا 1: 5 و(1وَهَذِهِ فِرَقُ بَنِي هَارُونَ: بَنُو هَارُونَ: نَادَابُ وَأَبِيهُو أَلِعَازَارُ وَإِيثَامَارُ. .. .. .. 10السَّابِعَةُ لِهُقُّوصَ. الثَّامِنَةُ لأَبِيَّا.) أخبار الأيام الأول 24: 1-10
وكان يشوع بن نون عليه السلام قد قسم أرض كنعان بعد فتحها على الأسباط وحدَّدَ لكل سبط أرضه بحدود معينة (انظر سفر يشوع الإصحاح 15) ، وقد كان نصيب بنى هارون ثلاثة عشر مدينة من وسط يهوذا (انظر يشوع 21: 4) ، لذلك: (39فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا) لوقا 1: 39
أتعرف كم من الكيلومترات بين الناصرة وأرض اليهودية؟ إنها آلاف الأميال ، وهذه المسافة قد قطعتها مريم فى ثلاثة أشهر ـ كما يقول قاموس الكتاب المقدس الألمانى (صفحة 886) ـ وقد بشرها الملاك قبل رحلتها هذه أن أليصابات كانت حاملاً فى الشهر السادس (لوقا 1: 36)، وعلى ذلك لابد أن تكون أليصابات عند وصول مريم
إليها قد أنجبت أو على وشك الإنجاب!
فانظر بعد ذلك إلى ما قاله الوحى للوقا: (41فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا وَامْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ 42وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! 43فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي.) لوقا 1: 41-44 ، فهل بدأت تُحس بدبيب الطفل فى أحشائها بعد تسعة أشهر من الحمل؟
وعلى ذلك فإن مريم كانت تسكن بالقرب من قريبتها ، وخرجت مسرعة ولم تقض دقائق حتى دخلت على قريبتها ، وإلا كيف ستسافر امرأة بمفردها مسيرة ثلاثة أشهر؟ فهم إذن من سبط واحد ، هو سبط لاوى ، ومكان سكناهم هو مدينة يهوذا.
ويبقى سؤال واحد: ما الدليل على أن مريم وأليصابات من سبط لاوى؟
هذا قانون اليهود عند الزواج: (7فَلا يَتَحَوَّلُ نَصِيبٌ لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ بَل يُلازِمُ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ سِبْطِ آبَائِهِ. 8وَكُلُّ بِنْتٍ وَرَثَتْ نَصِيباً مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيل تَكُونُ امْرَأَةً لِوَاحِدٍ مِنْ عَشِيرَةِ سِبْطِ أَبِيهَا لِيَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ آبَائِهِ 9فَلا يَتَحَوَّل نَصِيبٌ مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ آخَرَ بَل يُلازِمُ أَسْبَاطُ بَنِي إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ».) عدد 36: 7-9
(ولعل من أجل ذلك ساقكما الله إلىّ حتى تتزوج هذه بذى قرابتها من عشيرة سبط أبيها) طوبيا 7: 14
(ولما أن صار رجلاً اتخذ له امرأة من سبطه اسمها حنه) طوبيا 1: 9
وعلى ذلك تكون أليصابات من نسل هارون من سبط لاوى ، وتكون مريم البتول نسيبتها من نفس السبط ، أى تكون أختاً بالنسبة لهارون وابنة بالنسب لعمران ، ويكون
عيسى عليه السلام أيضاً من نسل هارون.
ويؤكد كذلك نسبته إلى هارون دعوة المجدلية وأتباعه له ب (ربى أو ربونى) ، وهو لقب للكاهن الذى يعلِّم فى المعبد ، وكذلك قميصه غير المخاط الذى كان يرتديه (يوحنا 19: 23)، حيث لم يك يرتديه إلا الكاهن ، وكان سبط هارون مخصص لتدريس الناموس وتعليم الناس.
أما بالنسبة لكون وجود أخت لموسى تُدعى مريم فهو فى الكتاب غير واضح ومتناقض:
فتارة يقول الكتاب: (20وَأَخَذَ عَمْرَامُ يُوكَابَدَ عَمَّتَهُ زَوْجَةً لَهُ. فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُونَ وَمُوسَى. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً.) خروج 6: 20
وتارة يقول: (59وَاسْمُ امْرَأَةِ عَمْرَامَ يُوكَابَدُ بِنْتُ لاوِي التِي وُلِدَتْ لِلاوِي فِي مِصْرَ.
فَوَلدَتْ لِعَمْرَامَ هَارُونَ وَمُوسَى وَمَرْيَمَ أُخْتَهُمَا.) عدد 26: 59
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6- يقول الكتاب: (1وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 2قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».) متى 2: 1-2 (9فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. 10فَلَمَّا رَأَوُا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحاً عَظِيماً جِدّاً 11وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ وَرَأَوُا) متى 2: 9-11
وهل كان النجم فى السماء أم اقترب من الأرض؟
فلو كان فى السماء فكيف أمكن للنجم الضخم تحديد المكان الصغير الذى ولد فيه يسوع من مكان يبعد عن الأرض بلايين السنوات الضوئية؟ فالمعتاد أن أشير بأصبعى لأحدد سيارة ما. أى أشير بالصغير لأحدد الكبير ، لكن أن أشير بالسيارة لأحدد أحد أصابع شخص ، فهذا غير منطقى. وكيف لم يراه باقى البشر أو على الأقل وحى باقى الإنجيليين؟
وهل كانت سرعة المجوس على الأرض تساوى سرعة النجم فى السماء؟ بالطبع لا. فسرعة الإنسان على الأرض تكون أسرع كثيراً من حركة النجوم.
وهنا يعلق الأستاذ هريدى بقوله: (انظر إلى أي نجم عالٍ فوق رأسك وبعدها تحرك في دائرة قطرها 50 ميلاً أو أكثر وانظر إلى النجم مرة أخرى ستجده ما زال فوق رأسك بسبب ارتفاعه العظيم. أما أن يكون قد وقف بالذات فوق المكان الذي ولد فيه الصبي، وليس فوق البيت المجاور أو الذي بعده أو الذي قبله فهذا منتهى الكذب والتخريف.)
إضافة إلى أن حركات السبع السيارة وكذا الحركة الصادقة لبعض ذوات الأذناب تكون من المغرب إلى المشرق ، والحركة لبعض ذوات الأذناب من المشرق للمغرب ، فعلى هاتين الصورتين يظهر كذبها يقيناً ؛ لأن بيت لحم من أورشليم إلى جانب الجنوب. والقصة تقول إن المجوس جاؤوا إلى أورشليم ثم أرسلهم الملك إلى بيت لحم الواقعة جنوب أورشليم. وبذلك فهم لابد أن يكونوا قد تبعوا نجماً تحرك من الشمال إلى الجنوب. الأمر غير المتوفر فى الأذناب السبع السيارة. صحيح أنه توجد بعض ذوات الأذناب تميل من الشمال إلى الجنوب ميلاً ما ، لكن هذه الحركة بطيئة جداً من حركة الأرض ، فلا يمكن أن تُحَسّ هذه الحركة إلا بعد مدة.
أما لو اقترب النجم ووقف حيث وُلِدَ الصبى، لكانت معجزة، ما احتاج معها أن يبشر بملكوت السموات ، أو احتاج بشر أن ينكره. ولكان سجلها المؤرخون.
ألست معى فى أن النجم كتلة من النار متوهجة تضىء فى السماء؟
ألست معى أن النجم أكبر من الشمس بلايين المرات؟
ألا تدرك ماذا تفعل بنا الشمس لو اقتربت إلى الأرض؟
فما بالك لو اقترب النجم نفسه؟
ألا يدل ذلك على جهل كتبة الإنجيل وعدم معرفتهم بطبيعة النجم وأنه كتلة نارية؟
ألا يدل ذلك على تحريف الكتاب؟
يقول الأستاذ هريدى عن توقف النجم فوق مكان تواجد الصبى: (إننا اليوم نعرف أن جاذبية النجوم والكواكب تعتمد على حجمها وكتلتها وسرعة دورانها وارتباطها بالنجوم والمجرات الأخرى وارتباط الأخرى بنجوم وكواكب ومجرات أخرى .. .. وهلم جراً. فإذا توقفت الكواكب عن الدوران معنى ذلك أنه انعدمت جاذبيتها وهوت إلى ما لا نهاية ضاربة بعضها بعضاً ، متفتتة إلى ذرات متطايرة في الجو .. .. أي باختصار تنهار العمارة الكونية كلها ومعها الأرض التي نقف عليها ومعها هذا الكاتب ونحن وأنتم والعالم أجمع ، مما يظهر كذب الكاتب العبقري وجهله ويؤكد أن ذلك النجم لم يظهر إلا في أفق خياله.)
ثم ما علاقة عبدة النار من المجوس باليهودية وبمجىء ملك اليهود؟ وكيف عرفوا ذلك على الرغم من عدم معرفة اليهود أنفسهم بهذا الموعد؟ فعند الصلب وبعد 33 سنة عاشوها معه سأله رئيس الكهنة: («أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟») متى 26: 63 (11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟») متى 27: 11
فلو صدقوا بذلك لكانوا من أتباع اليهودية! ولم نسمع ولم نقرأ ولم يسجل أحد المؤرخين القدماء أن المجوس سجدوا لأحد من ملوك اليهود ، فلماذا تحملوا مشقة السفر وتقديم
كنوزهم والكفر بدينهم والسجود لمن يقدح فى دينهم ويسب معبوداتهم؟
وهل ترك هيرودس من استهزؤا به وقتل أطفال قرية بيت لحم كلها، وهى قرية صغيرة تقع فى دائرة حكمه ويسهل السيطرة عليها ، ويسهل عليه معرفة من الذى ولدَ فيها وإلى أى بيت جاء المجوس؟ ولماذا لم يتمكن عسكره من اللحاق بالمجوس الذين أهانوه أو التحقق من أسطورة ملك اليهود هذا؟ ولماذا تكلف قتل الأطفال فى باقى التخوم؟ ولو فعل هيرودس هذا لأصبح من أعداء اليهود على كامل فرقهم ، ولكتبها المؤرخون من اليهود وغيرهم، الذين كانوا يكتبون ذمائم هيرودس، ويتصفحون عيوبه وجرائمه. وهل تقبل اليهود إبادة أطفالهم دون أدنى اعتراض أو مظاهرة أو محاولة للإنتقام منه؟
وهل كان المجوس أعلم من اليهود بدينهم ، لدرجة أنهم سبقوهم فى معرفة يوم ومكان ميلاد ملكهم ومخلصهم الذى طالما باتوا يحلمون بقدومه؟
وكيف لم يؤمن اليهود بعيسى عليه السلام ولم يهتموا حتى بمولده ، ولا بأمه ، بل اتهموها بالزنى ، على الرغم من كل هذه الظواهر الطبيعية الخارقة من قدوم النجم وإشارته إلى مكان مولده ، ومعرفة المجوس بيوم ومكان مولده ، ومعرفة هيرودس واضطرابه الشديد ، بل سعوا فى التخلص منه عدة مرات؟
ولو افترضنا أنهم عرفوا ذلك عن طريق التنجيم ، لكان الإنجيل يدعوا إلى اتباع المنجمين وتصديقهم ، وهو عندهم رجس ومحرم تحريماً تاماً: (31لاَ تَلْتَفِتُوا إِلَى الْجَانِّ وَلاَ تَطْلُبُوا التَّوَابِعَ فَتَتَنَجَّسُوا بِهِمْ. أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ.) لاويين 19: 31 ؛ (6وَالنَّفْسُ الَّتِي تَلْتَفِتُ إِلَى الْجَانِّ وَإِلَى التَّوَابِعِ لِتَزْنِيَ وَرَاءَهُمْ أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ تِلْكَ النَّفْسِ وَأَقْطَعُهَا مِنْ شَعْبِهَا) لاويين 20: 6 ؛ (10لا يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ وَلا مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً وَلا عَائِفٌ وَلا مُتَفَائِلٌ وَلا سَاحِرٌ 11وَلا مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً وَلا مَنْ يَسْأَلُ جَانّاً أَوْ تَابِعَةً وَلا مَنْ يَسْتَشِيرُ المَوْتَى. 12لأَنَّ كُل مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ. وَبِسَبَبِ هَذِهِ الأَرْجَاسِ الرَّبُّ إِلهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ. 13تَكُونُ كَامِلاً لدَى الرَّبِّ إِلهِكَ.) تثنية 18: 10-13
وهنا يقول باركلى فى تفسيره لإنجيل متى ص 32 ، فيقول:
(لكن هيرودس [الكبير الذى تولى الحكم عام 47 ق.م.] كان يفتقر إلى الإتزان فى شخصيته ، فقد كان كثير الهواجس والشكوك. وكانت هذه هى نقطة الضعف فيه التى أخذت تتزايد إلى حد بشع لا يُحتَمَل ، كلما تقدم به العمر ، وكان إذا داخله شك فى أى فرد ينافسه فى سلطانه ، أواله من أمامه ، أو قتله بلا تردد. وقد قتل لهذا السبب زوجته مريام ، وأمها ألكسندرا ، كما قتل ابنه الأكبر أنتيباتر ، وابنين آخرين هما إلكسندر وأرستبولس.)
وفكِّر معى بالله عليك! هل إنسان بهذه الشخصية يصارحه المجوس أنهم أتوا ليسجدوا لملك اليهود ، ويثق فيهم دون أن يعرفهم ، ويتركهم دون أن يرسل نفراً من حراسه لتتبعهم ، أو يرسل أحد أتباعه الموثوق بهم ليأتى بهذا الغلام؟
ثم فكر معى مرة أخرى! كان هيرودس هذا نصفه يهودى ونصفه أدومى ، وقد أسدى لليهود خدمات عظيمة جداً استحق عليها لقب ملك عام 40 ق.م. ويستحيل معها أن يقتل أبناء شعبه هو نفسه: فقد كان الحاكم الوحيد فى فلسطين الذى استطاع أن يحفظ الأمن والسلام فى تلك البلاد المضطربة. وكان صاحب مشروعات عمرانية كبيرة ، فقد بنى الهيكل فى أورشليم ، كما خفف الضرائب عن الشعب فى أوقات الأزمات ، وفى وقت المجاعة عام 25 ق.م. حول طبقه الذهبى إلى سبيكة ، باعها ليشترى قمحاً ، لينقذ الشعب من الموت جوعاً.
فهل يفعل من كان يهودياً يحب شعبه ، ويخدمهم ، ويعمر أماكن عبادتهم ، بل ويبيع ممتلكاته الشخصية ليطعمهم هذه الجرائم بأطفالهم؟
ثم مات هيرودس وهو ابن 70 عاماً ، وعند ولادة يسوع كان عمره فوق ال 65 ، هذا إذا لم يكن ولد فى زمن كيرينوس والى سوريا أى 6 أو 7 ميلادية ، فهل تتخيل رجل يعرف من متوسط أعمار الناس حوله أن أجله قد قرب، فيقتل أطفال شعبه الذى يحبهم؟
وهل بلغ بهيرودس اليهودى أن يفكر فى قتل الطفل الإله؟ أم ملك اليهود عندهم كان من الأنبياء العظماء وليس أكثر؟ فبصفته يهودى لا يؤمن اليهود بتجسد الإله ، ولا بإمكانية قتله ، وعلى ذلك فلو عيسى هو المسيا ملك اليهود ، فستكون عقيدة النصارى كلها ضالة لأنها مبنية على فكرة تجسد الإله ، وقتله فداءً عن البشرية.
ألا تفند هذه القصة إدعاء النصارى بقصة الفداء والصلب وبقصة ألوهية عيسى عليه السلام ـ هذا بفرض أنه المسيا؟ لأن المسيا هو نبى سينقذ بنى إسرائيل والعالم كله ، ويخلصهم من خطاياهم عن طريق دعوتهم للتوبة ، وإرشادهم للطريق السليم؟ فما حاجة الإله إذن لأن ينزل ويغامر بنفسه؟ هل بسبب خطيئة آدم وحواء؟ فلماذا لم ينزل إذن وقت آدم نفسه ، ولتنتشر المحبة بين الناس أكثر ، ولما مات نبى أو تقى أو إنسان بار محملاً بخطيئة غيره؟
أو ربما انتظر حتى قرب موعد الساعة ونزل ليصلب ليفدى أكبر عدد ممكن من البشرية؟
أليس هو القائل: (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
أليس هو القائل: (14فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ
أَرْضَهُمْ.) أخبار الأيام الثاني 7: 14
أليس هو القائل: (7لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ
وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.) إشعياء 55: 7
أليس هو القائل: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: [الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ]. كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء31: 29-30
أليس هو القائل: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْمِلُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
إذن لا أساس لقصة الصلب والفداء التى اخترعها بولس ، الذى كفره التلاميذ ، وأرسلوا من يصحح عقيدة من أضلهم بولس: (17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايِخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئاً فَشَيْئاً بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ 27وَلَمَّا قَارَبَتِ الأَيَّامُ السَّبْعَةُ أَنْ تَتِمَّ رَآهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ مِنْ أَسِيَّا فِي الْهَيْكَلِ فَأَهَاجُوا كُلَّ الْجَمْعِ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ الأَيَادِيَ 28صَارِخِينَ: «يَا أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ أَعِينُوا! هَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يُعَلِّمُ الْجَمِيعَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ضِدّاً لِلشَّعْبِ وَالنَّامُوسِ وَهَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى أَدْخَلَ يُونَانِيِّينَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ وَدَنَّسَ هَذَا الْمَوْضِعَ الْمُقَدَّسَ». 29لأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ رَأَوْا مَعَهُ فِي الْمَدِينَةِ تُرُوفِيمُسَ الأَفَسُسِيَّ فَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ بُولُسَ أَدْخَلَهُ إِلَى الْهَيْكَلِ. 30فَهَاجَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا وَتَرَاكَضَ الشَّعْبُ وَأَمْسَكُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْهَيْكَلِ. وَلِلْوَقْتِ أُغْلِقَتِ الأَبْوَابُ. 31وَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ نَمَا خَبَرٌ إِلَى أَمِيرِ الْكَتِيبَةِ أَنَّ أُورُشَلِيمَ كُلَّهَا قَدِ اضْطَرَبَتْ 32فَلِلْوَقْتِ أَخَذَ عَسْكَراً وَقُوَّادَ مِئَاتٍ وَرَكَضَ إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا رَأُوا الأَمِيرَ وَالْعَسْكَرَ كَفُّوا عَنْ ضَرْبِ بُولُسَ.) أعمال الرسل 21: 17-32
وهل بلغ باليهود هذا الحد من الجحود أو اللا مبالاة أن يتركوا هيرودس يقتل كل أطفالهم بمن فيهم ملكهم الذى كانوا ينتظرون قدومه من وقت موسى إلى هذا العصر؟ ألم يقاتل اليهود لإقامة دولة لهم ليسهل على ملكهم أن يحكمهم فى وجود دولة؟ ألم يتظاهروا ويتآمروا لذلك؟ فهل بهذه السهولة فرطوا في ملكهم؟ أم كانوا على ثقة من أن ليس هذا هو الوقت الذى سيخرج فيه المسيا ، وليس هذا هو مكانه ، وليس هذا هو نسبه فاطمأنوا لذلك؟
والغريب فى قصة متى هذه أيضاً أن المجوس ناموا ربما لليوم التالى ، لأن النجوم تظهر ليلاً ، وقد أوحى إليهم فى منامهم: (12ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ انْصَرَفُوا فِي طَرِيقٍ أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ.) متى 2: 12 ، وكل هذا ولم يقلق هيرودس ولم يحرك ساكنا على الرغم من اضطرابه واضطراب كل أورشليم معه وعقده لإجتماع استدعى فيه رؤساء الكهنة والكتبة خوفاً من هذا الوليد: (3فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. 4فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْبِ وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟») متى 2: 3-4
فهل هذا كلام يقبله عاقل فى الدنيا؟
وكم من الوقت استغرقه المجوس ليأتوا ليسجدوا لهذا الصبى؟ فهل يُعقل أن يصلوا من بلاد فارس فى نفس اليوم الذى رأوا فيه نجمه؟ أم ظل النجم واقفاً فى انتظار قدومهم؟ مع العلم أن هذا النجم ظهر يوم مولده ، وفى هذا اليوم كانوا هم أيضاً قد وصلوا إلى بيت لحم ليسجدوا للصبى.
ويتساءل الأستاذ هريدى قائلاً: (أليس غريباً أن يرى هؤلاء المجوس من بلاد فارس نجم ملك اليهود فيعلمون بميلاده ويحضرون بهذه السرعة المذهلة بينما لا يعلم به أهل بيت لحم "التي ولد فيها" أو أهل القدس والناصرة، والجليل، ولا حتى يروا نجمه، في الوقت الذي هم أولى من المجوس بميلاد ملكهم؟!.)
ويتساءل أيضاً قائلاً: لو صح أن أتى المجوس وهم الحكماء كما يحلوا لمفسرى الأناجيل أن يكتبوا ، أقول لو صح هذا الخبر وأتوا ليسجدوا لعيسى عليه السلام ، فلماذا لم يؤمن أهل المجوس بعيسى عليه السلام ، وبقيت بلاد فارس وثنية تعبد النار إلى أكثر من 500 سنة بعد ميلاد عيسى عليه السلام ، حتى فتحها المسلمون؟
والأغرب من ذلك ، كما يقول الأستاذ هريدى: أن الفرس والروم فى هذا الوقت كانا فى حالة حرب. كيف استقبل هيرودس ثلاثة من حكماء الفرس أعدائه؟ وكيف لم يفكر هيرودس أن هذه خدعة من الفرس أعدائه لبث الرعب فى قلبه؟ والأغرب من ذلك أنه وثق فيهم وصدق كلامهم وتركهم يتحركون فى بيت لحم بحرية يبحثون فيها عن المكان الذى ولد فيه الطفل الإله ولم يرسل أحداً يراقبهم أو يتحسس صدق أخبارهم! ومن المحال أن يكون هيرودس انتظر المجوس أربعين يوماً ثم يقوم بقتل الأطفال ، لأنه تبعاً للوقا كانت مريم فى بيت لحم إلى أن طهرت من النفاس ، وذهبت إلى أورشليم لتقديم الأضحية: (22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ) لوقا 2: 22
فى الحقيقة إنى أشتم رائحة محاولة متى أن يوهم قارئه أن بمولد يسوع فقد أصبح ملكاً حتى على بلاد الفرس ، لتتحقق فيه نبوءة دانيال والممالك الأربعة. الأمر المستحيل على أصحاب العقول أن يقبلوا هذه الفكرة.
عجباً لديانة بنيت فيها هذه القصص أو العقائد على أحلام وأوهام الأوثان:
1- الميلاد العذرى ، حلم يوسف النجار (متى 1: 20)
2- معرفة ولادته وحقيقته ، المجوس ورؤيتهم نجمه (متى 2: 1-2)
3- صرف متى كذلك المجوس بحلم (متى 2: 12)
4- السفر إلى مصر حلم يوسف النجار (متى 2: 13)
5- الرجوع إلى مصر حلم يوسف النجار (متى 2: 19-20)
6- ذهابه إلى مدينة الناصرة بناء على حلم يوسف النجار (متى 2: 22)
7- رؤية بولس ليسوع ودعوة يسوع إياه (أعمال الرسل 9: 3-7 ؛ 22: 6-11 ؛ 26: 16-18)
8- بل جاء كتاب كامل هو حلم رآه يوحنا اللاهوتى رفضوه علماء النصارى أن يعتبروه ضمن الكتب الموحى بها أربع مرات ، وقبل فى المرة الخامسة على أنه من وحى الله: فقد رفض أعوام 325 فى مجمع نيقية ، و 333 فى مجمع صور ، و364 فى مجمع روديسيا ، وفى عام 381 فى مجمع القسطنطينية ، وقبلوه فقط فى مجمع روما 382.
وبناءً على هذا الكتاب قَبِلَ النصارى أن يكون ألههم خروف: (14هَؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ ، والْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ».) رؤيا يوحنا 17: 14
ثم لو صح أن تؤخذ العقيدة وتُبنَى على الأحلام ، لكان الإله خروف بناءً على رؤيا يوحنا! ولكن يبدو أن كاتب كتاب متى أنه كان دائماً يلجأ لفبركة قصته إلى الحلم!
وفى هذه النقطة يقول أخى الأستاذ هريدى بموقعه على شبكة النت: (إذ في المقابل نرى محمداً نبي الإسلام عندما دفن ابنه إبراهيم تشاء الظروف أن يتوسط القمر بين الأرض والشمس فتخسف الشمس ساعة الدفن. فاندهش أصحابه وقالوا على الفور: "إن الشمس خسفت لموت إبراهيم"!
وألو كان محمد نبياً كاذباً كما يحلو لبعض كتاب الغرب الحاقدين أن يصفوه لوافق أصحابه على ذلك. ولم يكن ليكلفه ذلك سوى قليلاً من الصمت فينتشر الخبر بين العرب كانتشار النار في الهشيم. لكنه وهو الملقب "بالصادق الأمين" منذ الصغر لم يفعل ذلك. ولا ينبغي له أن يفعل، إذ كيف يفعل ذلك وهو رسول الله وحامل رسالته لجميع الأمم بشيراً ونذيراً؟! لذا التفت إلى أصحابه وقال: "لا! إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله … لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته" فهل هناك مثل أروع من ذلك لاحترام العقل وتحرير الناس من خرافاتهم واعتقاداتهم الخاطئة!؟.)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
7- يُعلم من كلام متى أن أبوى يسوع كانا يقيمان فى بيت لحم بعد ولادته أيضاً ، وجاء المجوس إلى هناك ، ثم ذهبا إلى مصر وأقاما فى مصر مدة حياة هيرودس ، ورجعا بعد موته وأقاما فى الناصرة.
ويُعلَم من لوقا أن أبوى يسوع ذهبا إلى أورشليم بعد ما تمت مدة النفاس ، وبعد تقديم الذبيحة رجعا إلى الناصرة وأقاما فيها ، وكانا يذهبان منها إلى أورشليم فى أيام العيد من كل سنة ، وأقام يسوع فى أورشليم وهو فى سن الثانية عشر من عمره بلا إطلاع الأبوين فى أورشليم.
وعلى كلامه فلا سبيل لمجىء المجوس إلى بيت لحم ـ حيث تقع بيت لحم فى جنوب القدس وتقع الناصرة فى شمال فلسطين ، والبعد بينهما 115 كيلومتر ـ بل لو فُرِضَ مجيئهم يكون إلى الناصرة ، لأن مجيئهم فى أثناء الطريق أيضاً بعيد ، وبالتالى فلا سبيل لذهاب أبويه إلى مصر وإقامتهما فيها.
ويُعلم من كلام متى كذلك أن أهل أورشليم وهيرودوس ما كانوا عالمين بولادة يسوع قبل إخبار المجوس ، وكانوا معاندين له.
ويُعلم من كلام لوقا أن أبوى يسوع لما ذهبا إلى أورشليم بعد مدة النفاس لتقديم الذبائح ، أخذ سمعان (الشيخ) الذى كان رجلاً صالحاً ممتلئاً بالروح القدس ، وكان قد أُحِىَ إليه أنه لا يرى الموت قبل رؤية المسيح ، أخذ عيسى عليه السلام بين ذراعيه فى الهيكل ؛ وكذلك فعلت النبية حنة ، فقد وقفت تسبح الرب فى تلك الساعة ، وأخبرت جميع المنتظرين فى أورشليم.
فلو كان هيرودوس وأهل أورشليم معاندين للمسيح ، لما أخبر الرجل الممتلىء بروح القدس فى الهيكل ، الذى كان مجمع الناس فى كل حين ، ولما أخبرت النبية حنة بهذا الخبر فى أورشليم ، التى كانت دار السلطنة لهيرودوس.
أضف إلى ذلك قول دائرة المعارف الكاثوليكية على شبكة النت:
http://www.newadvent.org/cathen/08504a.htm
كان فارق العمر بين يوسف النجار والسيدة مريم تقريباً 79 سنة ، فقد كان يوسف ابن 90 سنة حينما خطب مريم، ودخل بها بعد ذلك بسنتين (على احدى الروايات) ذكرتها دائرة المعارف الكاثوليكية. ومعنى أنه دخل بها بعد سنتين أو حتى بعد سنة من الولادة، أنه لا بد أن يكون قد تزوجها ودخل بها فى مصر (تبعاً لمتى الذى قال برحلتها بعد الولادة مباشرة)، وهذا ما لا تقول به المصادر والوثائق، لأنه معنى ذلك أنهم سافروا مدة (ثلاثة أشهر إلى مصر بعد الولادة مباشرة) واستقروا فى مصر عدة أشهر دون
زواج، ثم تزوجا.
ومعنى ذلك أنهم لم يذهبوا إلى أورشليم ، ولم يُقدما الذبيحة ، ولم يرجعا إلى الناصرة أو أقاموا فيها ، كما يُفهم من إنجيل لوقا ، كما كانا يذهبان منها إلى أورشليم فى أيام العيد من كل سنة. فكيف كان يداوم على الحضور والصلاة فى الهيكل وهو فى مصر؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8- لماذا لم يعرف وحى لوقا ولا وحى باقى الإنجيليين شيئاً عن مجىء المجوس وسجودهم للطفل وأمه؟ فلم يُشر إلى ذلك غير متى.
ويُشكك فى حدوثها بالمرة المفسر إدوارد شفاتزر ، فيقول: وبما أن المؤرخ اليهودى يوسيفوس لم يحكى شيئاً عن جريمة قتل الأطفال هذه ، فهى لم تحدث ويُشك فيها من الناحية التاريخية ، على الرغم من أن يوسيفوس كان يحلو له أن يجمع مثل هذه القصص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9- هل اللبان والمُرُّ من الكنوز التى تُحفَظ مع الجوهرات الثمينة؟ (فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَباً وَلُبَاناً وَمُرّاً.) متى 2: 11
وإذا كان المر من المجوهرات الثمينة ، وهل يُقَدَّم للمصلوب مجوهرات (أقصد مرّاً) أثناء صلبه؟ (23وَأَعْطَوْهُ خَمْراً مَمْزُوجَةً بِمُرٍّ لِيَشْرَبَ فَلَمْ يَقْبَلْ.) مرقس 15: 23
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
10- هل زار عيسى عليه السلام مصر مع أمه ويوسف النجار؟
يقول متى: (13وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». 14فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ 15وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي».
16حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدّاً فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ بِحَسَبِ الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. 17حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ: 18«صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ». 19فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ 20قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 22وَلَكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضاً عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. 23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) متى 2: 13-23
لقد لفق متى هذه الرواية (لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي».) ، ولم يعلم أن كذبه لا يُروَّج إلا على سخيفى العقول، لأن المراد بالنبى القائل هو هوشع عليه السلام، ونصه: (1«لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَماً أَحْبَبْتُهُ وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي.) هوشع 11: 1، ولا علاقة لعيسى عليه السلام بهذه الفقرة مطلقاً ، (كما يقرر ذلك باركلى فى تفسيره لمتى ص 36) فهى تبين إحسان الله على بنى إسرائيل وإنقاذه لهم من العبودية فى أرض مصر فى عهد موسى عليه السلام. مع الأخذ فى الاعتبار أن كلمة ابنى كانت فى طبعة 1811 (أولاده).
أما النبوءة الثانية التى لفقها متى فهى: (23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) وهى لا توجد فى أى كتاب من كتب العهد القديم. ومثل هذه الفقرة احتج عليها اليهود احتجاجاً كبيراً ، فيتعجبون كيف يسكن يهودى فى منطقة السامرة ويدرس فى معبدهم؟ ومن المعروف أن بين اليهود والسامرة عداء شديد ، حتى إن المرأة السامرية فى إنجيل يوحنا الإصحاح الرابع لم تعطه ليشرب لمجرد أنه يهودى وهى سامرية.
وعند متى فقد أخذ يوسف مريمَ وعيسى عليه السلام إلى مصر بعد ولادة عيسى مباشرة، فى الوقت الذى كانت أمه ما تزال تعانى آلام الولادة. فكيف يتسنى لإمرأة أن تسافر زمناً طويلاً ومسافة شاقة وكبيرة فى صحراء مصر الشرقية وهى فى هذا الضعف؟ بينما كانت عند لوقا فى بيت لحم إلى أن تمت أيام تطهيرها ثم انتقلت إلى أورشليم ، وكانوا يذهبون كل سنة إلى أورشليم فى عيد الفصح إلى أن تمَّ 12 سنة. فكيف كان فى مصر وهو فى نفس الوقت فى أورشليم؟
ويُشكِّك إدوارد شفايتزر فى تفسيره لإنجيل متى (الطبعة الألمانية) فى هذه الرواية ، ويرى أنه من المحتمل أن يكون متى قد نقل هذه القصتين أولاً شفاهة أو مكتوبة عن الكتبة ، الذين أرادوا أن يدللوا أن يسوع هو المسيا وهو مشابه فى لذلك لموسى فى خروجه من مصر ، وفى قتل الأطفال على يد هيرودس كما قتل فرعون أطفال المصريين، وفى حلم يوسف ، الذى زاره ملاك الرب كما زار من قبل أبى موسى. ويقول الكاتب المذكور أعلاه إنه ربما بعد ما سمع متى هاتين الروايتين ، ربطهما برواية من عنده ، وهى رواية المجوس ومجيئهم من المشرق.
وبذلك يشير أحد علماء الكتاب المقدس إلى التحريف الذى أدخله متى من عنده على الكتاب. ويؤكد بذلك أن متى غير موحى إليه.
مع الأخذ فى الإعتبار أن:
هيرودس الكبير حكم كل فلسطين من 37 - 4 قبل الميلاد. وفى عصره ولد عيسى عليه السلام ، وقام بقتل أطفال بيت لحم والتخوم المجاورة. (قاموس الكتاب المقدس 589) وكان يطلق عليه فى الكتاب المقدس لقب (الملك) ، على الرغم من تحديد إدوارد شفايتزر لعدد الأطفال القتلى بثلاثة أطفال ، ويقدرهم ر.ت. فرانس ص 86 من تفسيره الحديث لمتى ب 20 طفل تقريباً ، ويؤكد أن ثلاثة منهم كانوا من أبناء المؤرخ اليهودى يوسيفوس ، على الرغم من عدم معرفة يوسيفوس بهذه الواقعة بالمرة ، كما قرر إدوارد شفايتزر فى تفسيره لمتى ص 21.
حكم Archelaus من 4 قبل الميلاد إلى 6 ميلادية منطقة السامرة واليهودية، وأقيل عام 6 ميلادية ، وضُمَّت مناطق حكمه إلى الإمبراطورية الرومانية حتى عام 41 م.
حكم هيرودس أجريبا الأول من 37 بعد الميلاد (، أى بعد موت يسوع بأربع سنوات) إلى عام 41 بالتدريج كل فلسطين وحصل على لقب (الملك) ومات عام 44م.
ولم يحكم فلسطين من عام 4 قبل الميلاد إلى عام 36 ميلادية ملك أو حاكم يُدعَى هيرودس.ولكن كان يحكم هيرودس أنتيباس الجليل و Peräa عقب وفاة أبيه (من 4 قبل الميلاد إلى 39 بعد الميلاد) هو الذى كان يسمى “هيرودس الملك” أو “رئيس الربع”، وأقيل عام 39 ميلادية.
فلو ولد يسوع عام واحد ميلادية أو قبلها (أى فى عهد هيرودس الكبير) ، لكان وحى لوقا كاذب ، حيث حدد وحى لوقا الميلاد بزمن كيرينيوس والى سوريا أى ليس قبل (6 أو 7) بعد الميلاد (لوقا 2: 2)!
ولو ولد فى زمن هيرودس أنتيباس ، لكان متى كاذب ، لأنه لعودة يسوع من مصر كان لا بد أن يموت هيرودس أولاً ، وبذلك تكون عودة يسوع ليس قبل عام 39 قبل الميلاد ، أى بعد صلبه (؟) بستة أعوام ، ويكون لوقا أيضاً كاذب ، لأن عنده رد بيلاطس يسوع إلى هيرودس ليحقق معه.
وتواجهنا مشكلة أخرى ، وهى أن هيرودس هذا الذى تولى عام 4 ق.م. لم يمت إلا بعد موت يسوع: (6فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ ذِكْرَ الْجَلِيلِ سَأَلَ: «هَلِ الرَّجُلُ جَلِيلِيٌّ؟» 7وَحِينَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودُسَ أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ إِذْ كَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْكَ الأَيَّامَ فِي أُورُشَلِيمَ. 8وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ فَرِحَ جِدّاً لأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مِنْ زَمَانٍ طَوِيلٍ أَنْ يَرَاهُ لِسَمَاعِهِ عَنْهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَتَرَجَّى أَنْ يَرَاهُ يَصْنَعُ آيَةً. 9وَسَأَلَهُ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ. 10وَوَقَفَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ بِاشْتِدَادٍ 11فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ وَأَلْبَسَهُ لِبَاساً لاَمِعاً وَرَدَّهُ إِلَى بِيلاَطُسَ)لوقا23: 6-11
وهيرودس أجريبا الثانى وُلِدَ عام 27 ميلادية، وتولى الحكم فى عام 48 ميلادية، وحصل أيضاً على لقب (الملك)، وحكم الأجزاء الشرقية من فلسطين ، كما تولى الإشراف على أورشليم ، وكان له الحق فى تعيين رئيس الكهنة أو عزله، وقد وسع الإمبراطور نيرو مناطق حكمه لتشمل عدة مدن فى الجليل و Peräa بينما ظلت منطقة السامرة والجليل واليهودية إقليمان يتبعان الإمبراطورية الرومانية مباشرة.
فى الحقيقة فهو وأمه لم يبرحا بيت لحم ، وذلك نستخلصه من كذب متى فى مجىء المجوس والتى ترتب عليها قتل هيرودس لكل أطفال اليهود ، ونبوءاته الكاذبة ، التى لفقها لتنطبق على عيسى عليه السلام ، وقد عرضنا هذا فى السؤالين السابقين وكذلك مصداقا لقول لوقا: (22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ ... 39وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ. 40وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ مُمْتَلِئاً حِكْمَةً وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ. 41وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. 42وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. 43وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. 44وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. 45وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. 46وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ جَالِساً فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ.) لوقا 2: 22-46
وفى الحقيقة فإن لوقا أيضاً كاذب من عدة وجوه (نقلا نى هاريدى بتصرف):
ا- أن لوقا انفرد بذكرها ولم يذكرها الثلاثة. فدل على أنها من مختلقاته.
2- جعل كل المسكونة عبارة عن سوريا، أو يكون قيصر حاكم جميع المسكونة في ذلك العصر. وهذا خلاف الواقع.
3- يؤخذ فى الاعتبار أنه وُلِدَ عند لوقا فى سنة الإكتتاب ، الذى بدأ عام 27 قبل الميلاد فى جالين واستغرق 40 عاماً على الأقل ، وسرعان ما انتشر فى الأقاليم الأخرى. ومن المحتمل أن تزامن هذا الإكتتاب فى سوريا كان فى عامى (12-11) قبل الميلاد. وعلى ذلك يكون وقت الإكتتاب قد حدث قبل ولادة عيسى عليه السلام بعدة سنوات ، يقدرها البعض ب 15 سنة وليس بعد ولادته كما ذكر لوقا. مع الأخذ فى الاعتبار أنه بين السنوات (9-6) قبل الميلاد تدلنا المصادر القديمة والعملات المعدنية أنه كان هناك حاكماً يُدعَى ساتورنينوس وعقبه ﭬاروس.
4- أن كيرينيوس كان والي سوريا بعد ولادة المسيح عليه السلام بعدة سنوات فكيف كان الاكتتاب وقت ولادته؟
5- أن لوقا أقر في إنجيله في الإصحاح الأول أن حمل اليصابات كان في عهد هيرودس وحملت مريم البتول عليها السلام بعيسى بعد حملها بستة أشهر. ومعنى ذلك أن حمل السيدة مريم استمر 10 سنوات!! ولما عجز البعض من علمائهم عن جواب هذه المتناقضات. حكموا بأن الفقرة الثانية- إذ كان كيرينوس والي سوريا- إلحاقية ولم يكتبها لوقا. بل هي من الأكاذيب عليه".
وعلى هذا فإن لوقا إما كذب فى ادعائه بتتبع كل شىء بالتدقيق: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4 ، وإما كتب هذا التضارب أناس آخرون.
وأياً منهما اخترت ، فقد دخل الكتاب التحريف الذى يفند إدعائهم بأن الله قد أوحاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
11- يقول متى: (17حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ: 18«صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ».) متى 2: 17-18
يقول وليم باركلى فى تفسيره لهذا الجزء ص 36: (ويختتم متى هذا الجزء أيضاً بالإشارة إلى أحد نصوص العهد القديم من إرميا 31: 15) ، ثم يعلق على هذا قائلاً: (والصورة التى يرسمها إرمياء هنا هى صورة الشعب اليهودى وهو فى طريقه إلى السبى ... وفى طريقهم يمرون بالرامة ، وهى المكان الذى دفنت فيه راحيل قرب بيت لحم (صموائيل الأول 10: 2) ، ويصور إرميا راحيل فى قبرها تبكى الشعب اليهودى المنهزم والمسبى إلى أرض غريبة. ولكن متى يستخدم أيضاً هذه النصوص ليجعلها تناسب الصورة الجديدة فى قصة ميلاد المسيح وحياته.)
إذن كان هذا إقتباس بشر ، وليس وحى ، فقد استعار متى صورة من إرمياء ليعبر بها عن أن مولد المسيا وإنقاذ الله له ، هو بمثابة المخلص لليهود بعد ما حدث لأطفالهم ، مشبها مقتل أطفالهم ، بالسبى الذى عانوا منه وبكوه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
12- أين تمَّ تختين الرب يسوع الطفل؟
يقول لوقا: (22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ) لوقا 2: 22
ويُفهم من كلام متى: أنَّه بعد الولادة مباشرة جاء المجوس وسجدوا للطفل وقدموا له الهدايا والكنوز ، وفى الليل رأى الربُ يوسفَ فى منامه وأمره أن يذهب إلى مصر هرباً من هيرودس: (11وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ وَرَأَوُا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَباً وَلُبَاناً وَمُرّاً. 12ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ انْصَرَفُوا فِي طَرِيقٍ أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ. 13وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». 14فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ 15وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي».) متى 2: 11-15
وعلى ذلك يكون عيسى عليه السلام تبعاً للوقا قد تم تختينه فى أورشليم ، وتبعا لمتى فى مصر أو لم يختنوه بالمرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13- كيفَ يوحى الرب إلى المجوس الكفرة؟ هل كان يُعدُّهم الرب من الأنبياء؟ وما الذى نتعلمه من وحى الرب إلى المجوس الكفرة؟ هل يأمرنا بذلك بالكفر واتباع عقيدة المجوس الأبرار الذين قرَّبهم الرب إليه وأوحى إليهم؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
14- هل يُعدُّ وحى الرب إلى المجوس بالهرب أن عبدة النار هؤلاء من القديسين؟ وهل ما ترتب عليه من قتل كل الأطفال كان من رحمة الرب بعباده، أم انتقاماً منهم؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
15- من المعلوم أنه لا يوحى الرب إلا إلى أنبيائه ، فهل أوحى الرب إلى الكفّار؟ وهل هو بذلك أنزلَ الكفار منزلة الأنبياء؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
16- وكيف أوحى إلى المجوس وهو طفل رضيع حديث الولادة لا يعرف الكلام بعد (مع الأخذ فى الإعتبار أن الآب والابن والروح القدس لا ينفصلون طرفة عين)؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
17- ألم يعرف الرب يسوع الذى أوحى إلى المجوس أن هروب المجوس سيترتب عليه قتل كل الأطفال الأبرياء؟ وهل نعلم من هذه الحكاية أن الرب ضحى بكل أطفال بلدته لينجو هو بنفسه؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
18- هل بلغت أنانية الرب الرضيع أن يقضى بقتل كل الأطفال الرُّضَّع ليبقى هو ، وتُعذَّب أمه وزوجها ويُشرَّدا بترك بلادهم والهجرة إلى مصر؟ فأين كانت محبته؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
19- وهل كفرت مريم ووافقت على سجود المجوس لطفل رضيع ضعيف مخلوق مثلهم لا يملك من أمره شيئاً وترك عبادة الله الواحد القهَّار؟ وما الذى نتعلمه من سجود المجوس والوحى إليهم؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20- ومن الذى أوحى إلى المجوس أو إلى مريم ويوسف؟ هل هو الإله الطفل الرضيع؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
21- لماذا لم يرحم الرب الطفل الرضيع أمه وزوجها وينقلهما إلى مصر فى لحظة دون تحمُّل مشقة السفر خاصة وهم يحملونه؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
22- أليس لو بَقِىَ الإله فى مدينته ولم يُغادرها ، أليس هذا إعلان أكثر لألوهيته وتحديه ألا يمسه شر وهو الإله على زعمكم؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
23- ولماذا أخفى الرب ألوهيته عن معاصريه؟ لماذا لم يُعلن لهيرودس وكل الرومان عن ألوهيته وأنقذهم من النار يوم القيامة وكسبهم مؤمنين؟ لماذا انتظر حتى يموت ويُعلن بولس أو يوحنا ألوهيته؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
24- وما دور اليهود الموحدين هنا عندما يأتى المجوس الكُفَّار ويُعلنون عن مولد الإله، وتجسُّده، وهدم عقيدة اليهود فى عُقر دارهم ، ويهتم هيرودس بهذه الأسطورة اهتماماً جعله ينتقم من المجوس بقتل أولا اليهود؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
25- أين معجزة تكلُّم عيسى فى المهد التى ذكرها إنجيل الطفولة ونسبها لوقا ليوحنا المعمدان؟
لو لم يتكلم عيسى عليه السلام فى المهد ويُبرِّأ أمه ، لحكم اليهود على أمه بالحرق تبعاً لشريعتهم: (9وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ.) لاويين 21: 9، وبما أن اليهود لم يحرقوها ولم يمسوها بأذى ، فلابد أن تكون قد أتت بالدليل.
يحكى لنا لوقا فى كتابه (57وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ فَوَلَدَتِ ابْناً. 58وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا فَفَرِحُوا مَعَهَا. 59وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. 60فَقَالَتْ أُمُّهُ: «لاَ بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا». 61فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ أَحَدٌ فِي عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهَذَا الاِسْمِ». 62ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. 63فَطَلَبَ لَوْحاً وَكَتَبَ: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ. 64وَفِي الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ اللهَ. 65فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهَذِهِ الأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ 66فَأَوْدَعَهَا جَمِيعُ السَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ قَائِلِينَ: «أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هَذَا الصَّبِيُّ؟» وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ.) لوقا 1: 57-66
من الذى انفتح فمه وتكلَّمَ؟ فلو انفتح فم زكريا عليه السلام وتكلم ، فلا عجب فى ذلك ، فهو كان صائماً عن الكلام بمحض إرادته مع مقدرته على الكلام ، وإلا لما سميناه صائماً ، بل قلنا إنه كان أخرص. فلماذا تعجب الناس إذن ووقع خوف على جيرانهم؟ هل لأن الرجل النبى الذى كان يتكلم معهم ويعلمهم تكلم الآن أيضاً؟ لا ، بل لأن المتكلم كان الطفل الذى فى المهد ، وهو لم يكن يوحنا المعمدان ، بل كان عيسى عليه السلام نفسه ، وقد نسبوا هذه القصة ليوحنا حتى يبرأوا أنفسهم من دم المسيح عيسى ابن مريم (على زعمهم) ، والدليل على ذلك قول النص بعدها تعقيباً على كلام الصبى: («أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هَذَا الصَّبِيُّ؟»)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
26- كيف يمكن التوفيق بين مضمون إنجيل متى القائل أن والدي عيسى قد سكنا بيت لحم وبعد رجوعهما من مصر قد اتخذوا من الناصرة مقراً لسكنهم ، بينما اتخذا منذ البدء عند لوقا مدينة الناصرة سكناً لهم؟ ( قارن براون صفحة 284 وما بعدها وشميث صفحة 69 )
(1وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ) متى 2: 1
(19فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ 20قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 22وَلَكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضاً عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. 23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) متى 2: 19-23
(26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ) لوقا 1: 26-27
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
27- فى أى مدينة نزل ملاك الرب؟
نزل ملاك الرب على مريم فى الناصرة: (26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ.) لوقا 1: 26-27
نزل ملاك الرب على يوسف فى بيت لحم:لأنهما لم يدخلا مدينة الجليل إلا بعد موت هيرودس ورجوعهما من مصر. وكانا يسكنان بيت لحم مكان سُكنى بيت داود.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
28- يتعجب اللاهوتى براون (صفحة 285) من كتابه
Braun Herbert, Gesammelte Studien zum Neuen Testament und seiner
Umwelt. Tübingen1962
بين قصة إخبار الملاك لمريم أن يســوع سيكون المسيّا [المسيح الرئيسي أو النبي المنتظر الذي بشرت بقدومه كل الكتب] وأنه سيولد من الروح القدس وبين موقفها المعادي بعد ذلك لعيسى (48فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!» 49فَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟». 50فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا.) لوقا 2: 48-50 تناقض لا يمكن إيجاد حل له.
فكيف لم يفهما ، إذا كان ملاك الرب بنفسه قد نزل وأخبر مريم أو يوسف أو الإثنين بأن رسالة الصبى هى أنه سيكون المسيَّا وأنه سينقذ شعبه من خطاياهم؟ فلو كان هذا حدث ، ولو كان الذى كلَّمَ أمه وزوجها هو عيسى عليه السلام الذى هو الإله نفسه ، لكانت كارثة! ففى هذه الحالة يكون فشلَ الإله فى إفهام أمه ، ويكون ملاكه قد فشل أيضاً فى رسالته إلى مريم ويوسف! هل الإله الخالق يفشل؟ لماذا يُصرَّ الكتاب على إظهار الشخصيات المقدسة بمظهر الغباء وعدم الفهم واللامبالاة؟ هل هذا سيزيد الكتاب قدسية؟ أم ما هو الغرض التعليمى والتربوى من هذا؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
29- يقول لوقا أن مريم عندما أبصرت عيسى عليه السلام قالت له: (48فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ) لوقا2: 48
فكيف تعترف بجريمة لم ترتكبها؟ كيف تشهد أم الإله على نفسها بهذه الجريمة الشنعاء؟ وكيف لم يردها الإله الصغير مُنكراً عليها هذا القول؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
30- هل بيت لحم بلدة أم قرية؟
يذكر الكتاب المقدس طبعة زيورخ في هذا الشأن أن بيت لحم لم تكن بلدة، كما قال (متى 2: 6) ولكنها كانت ولازالت قرية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
31- يقول الكتاب المقدس إن رب الأرباب وملك الملوك لما بلغ عمره ثمانية أيام ختنوه: (21وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ.) لوقا 2: 21
فهل كان يحتوى الإله على جزء ضار غير نافع فى جسمه؟ وهل ترى احتفظوا بهذا الجزء أم تخلصوا منه فى القمامة؟ وهل يُعد الإله بعد ذلك إلهاً ناقصاً؟ وهل تحمل الغلفة التى تخلصوا منها صفات الألوهية؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
32- يقول لوقا: (40وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ مُمْتَلِئاً حِكْمَةً وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ. 41وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. 42وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. 43وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. 44وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. 45وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. 46وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ جَالِساً فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. 47وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ. 48فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!» 49فَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟». 50فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. 51ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعاً لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هَذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا. 52وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ.) لوقا 2: 40-52
ولنا وقفة طويلة هنا:
1- فالفقرة الأولى (40) تدل على أن كاتب هذا الكتاب كان يعتبر يسوع بشراً ، وليس إلهاً. إذ من المحال أن يمتلىء بالروح ، لأنه لكى يمتلىء لا بد أن يكون فارغاً ، وهى صفة من صفات النقص لا تليق بالله. وتنفى الألوهية عن يسوع.
2- ومعنى أنه كان يتقدم فى العلم والحكمة أنه كان جاهلاً (52)، ويزداد علماً بالجلوس فى المعبد مع علماء اليهود. وهى صفة من صفات النقص لا تليق بالله. وتنفى الألوهية عن يسوع.
3- وكلمة أبواه فى (41) وكلمة (هُوَذَا أَبُوكَ) رمى من الكاتب لنبيه بالزنى ، واعتراف من أم الإله بالزنا ، ويستحيل أن يكون الرب قد أوحى هذا الكلام، وإلا لاتهم الرب نفسه بسب أمه بالزنا. وهذا لا يليق بالرجل البار ، ناهيك عن كونه رب العاليمن عندهم.
4- أما أن يذهب الصبى لمدة ثلاثة أيام (46) دون أن يعلم أهله عنه شيئاً ، فهذا بخلاف الأدب ، ومن عقوق الوالدين ، وعدم البر والرحمة بها ، ويستحيل على عيسى عليه السلام النبى البار بأمه أن يفعل مثل هذا.
5- أما قوله: (49فَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟». 50فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا.) ، فليس له معنى إلا أن يكون المتكلم بشر ، لأنه يصعب على العقل أن يتخيل إلهاً يتكلم كلاماً غير مفهوم ، ويصعب على الإنسان المؤدب البار أن يصدق أن هناك إنساناً باراً خاطب أمه ولم تفهم ، ولم يعد الشرح والتوضيح ، ولو لم تفهم أمه ما كان يعنيه ، فيجب أن تكون قد نسيت ، فلك أن تتخيل أم الإله نسيت السبب الذى جاء من أجله الرب!
6- أما بحث الأم ويوسف عنه لمدة ثلاثة أيام فلا تدل إلا على أن مريم لم تكن تعرف أنها حملت بالإله ، وأرضعته ، وهدهدته، وأزالت قاذوراته ، ونظفته ، وإلا لما كانت تقلق عليه. فهل يقلق المخلوق على الخالق؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
33- أما ولادة يسوع عند لوقا جاءت فى مذود للبقر أى زريبة للبقر: (6وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. 7فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ.) لوقا 2: 6-7
فانظر أى منزلة وضع فيها متى من تقولون إنه إلهه؟ أيولد كلب الباشا فى سرايا ، ويولد الرب فى زريبة للبقر؟ ما لكم كيف تحكمون؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلاصة الإصحاح الثانى:
لقد جاء على لسان "نورتن " الملقب بحامي الأناجيل والمدافع عنها. إذ جاء على لسانه "أن الإصحاحين الأول والثاني في إنجيل متى ليسا من تصنيفه إنما إلحاقيان". أي الحقا بإنجيله بعد موته. (نقلاً عن هريدى)
وكنا قد أثبتنا من قبل كذب متى ولوقا فى عدة نقاط ، كما أثبتنا الهدف من كتابتهم هذه الكتب ، وأنهما اتبعا نفس الطريق الذى انتهجه بولس فى الدعوة إلى دينه الجديد: (19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23
فغيروا وأبدلوا فى النصوص العيسوية ، وأتوا بنصوص غير معلومة المصدر ، لكى يرفعوا يسوع إلى كونه المسيَّا ، ثم عملوا منه إله ، متبعين فى ذلك ديانة الآلهة الوثنية القديمة بعل ومثرا وأدونيس وإيزيس وأوزوريس وحوريس وكرشنا: وأمثلة ذلك نقلاً عن مشابهة المسيحية للديانات الوثنية:
مايقوله الهنود عن الههم مايقوله النصارى عن المسيح
ولد كرشنة من العذراء ديفاكي التي اختاراها الله والدة لابنه كذا بسب طهارتها.
كتاب خرافات التوراة والإنجيل وما يماثلها من الديانات الأخرى، للعلامة دوان 278 ولد يسوع من العذراء مريم التي اختارها الله والدة لابنه بسبب طهارتها وعفتها.
(انجيل مريم الاصحاح السابع)
قد مجد الملائكة ديفاكي والدة كرشنة بن الله وقالوا : يحق للكون ان يفاخر بابن هذه الطاهرة.
كتاب تاريخ الهند المجلد الثاني ص 329 فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيها المنعم عليها الرب معك.
(لوقا 3: 28 و29.)
عرف الناس ولادة كرشنة من نجمه الذي ظهر في السماء .
(تاريخ الهند , المجلد الثاني, ص317 و236) لما ولد يسوع ظهر نجمه في المشرق وبواسطة ظهور نجمة عرف الناس محل ولادته.
(متى 2: 3)
لما ولد كرشنة سبحت الأرض وأنارها القمر بنوره وترنمت الأرواح وهامت ملائكة السماء فرحا وطربا ورتل السحاب بأنغام مطربة.
كتاب فشنوا بوراناص502 (وهو كتاب الهنود الوثنيين) المقدس) لما ولد يسوع المسيح رتل الملائكة فرحا وسوروا وظهر من السحاب أنغام مطربة.
(لوقا 2: 13)
كان كرشنة من سلالة ملوكانية ولكنه ولد في غار بحال الذل والفقر.
(كتاب دوان السابق ص379) كان يسوع المسيح من سلالة ملوكانية ويدعونه ملك اليهود ولكنه ولد في حالة الذل والفقر بغار.
(كتاب دوان ص279)
وعرفت البقرة أن كرشنة إله وسجدت له .
(دوان ص 279) وعرف الرعاة يسوع وسجدوا له.
(لوقا 2: 8-10)
وآمن الناس بكرشنة واعترفوا بلاهوته وقدموا له هدايا من صندل وطيب.
(الديانات الشرقية ص500, وكتاب الديانات القديمة المجلد الثاني ص353) وآمن الناس بيسوع المسيح وقالوا بلاهوته وأعطوه هدايا من طيب ومر.
(متى 2: 2)
وسمع نبي الهنود نارد بمولد الطفل الإلهي كرشنة فذهب وزراه في كوكول وفحص النجوم فتبين له من فحصها أنه مولود إلهي يعبد.
(تاريخ الهند , المجلد الثاني, ص317) ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك إذ المجوس من المشرق قد جاؤوا إلى أورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود.
(متى 2: 1 و 2)
لما ولد كرشنة كان ناندا خطيب أمه ديفاكي غائبا عن البيت حيث أتى إلى المدينة كي يدفع ما عليه من الخراج للملك.
(كتاب فشنو بورانا, الفصل الثاني,من الكتاب الخامس) ولما ولد يسوع كان خطيب أمه غائبا عن البيت وأتى كي يدفع ما عليه من الخراج للملك.
(لوقا 2: 1-17)
ولد كرشنة بحال الذل والفقر مع أنه من عائلة ملوكانية.
(التنقيبات الآسيوية , المجلد الأول ص 259, وكتاب تاريخ الهند , المجلد الثاني , ص310) ولد يسوع بحالة الذل والفقر من أنه من سلالة ملوكانية.
(انظر تعداد نسبه في إنجيل متى ولوقا وبأي حال ولد)
وسمع ناندا خطيب ديفاكي والدة كرشنه نداء من السماء يقول له قم وخذ الصبي وأمه فهربهما إلى كاكول واقطع نهر جمنة لأن الملك طالب إهلاكه.
(كتاب فشنو بورانا, الفصل الثالث) وأنذر يوسف النجار خطيب مريم يسوع بحلم كي يأخذ الصبي وأمه ويفر بهما إلى مصر لأن الملك طالب إهلاكه.
(متى 2: 13)
وسمع حاكم البلاد بولادة كرشنة الطفل الإلهي وطلب قتل الولد وكي يتوصل إلى أمنيته أمر بقتل كافة الأولاد الذكور الذين ولدوا في الليلة التي ولد فيها كرشنة.
(دوان ص280) وسمع حاكم البلاد بولادة يسوع الطفل الإلهي وطلب قتله وكي يتوصل إلى أمنيته أمر بقتل كافة الأولاد الذكور الذين ولدوا في الليلة التي ولد فيها يسوع المسيح.
(متى الاصحاح الثاني)
واسم المدينة التي ولد فيها كرشنة , مطرا, وفيها عمل الآيات العجيبة.
(تاريخ الهند, المجلد الثاني, ص318, والتنقيبات الآسيوية , المجلد الاول ص 259) واسم المدينة التي هاجر إليها يسوع المسيح في مصر لما ترك اليهودية هي , المطرية, ويقال أنه عمل فيها آيات وقوات عديدة.
(المقدمة على انجيل الطفولية , تأليف هيجين, وكذلك الرحلات المصرية لسفاري, ص136)
أقوال الهنود الوثنيين في بوذا ابن الله (نقلاً عن هريدى)
أقوال الهنود في بوذا أقوال النصارى فى يسوع
كان تجسيد يسوع المسيح بواسطة حلول روح القدس على العذراء "مريم ". كان تجسيد "بوذا" بواسطة حلول روح القدس على العذراء "مايا"
وقد دل على ولادة يسوع نجم ظهر في المشرق يدعونه نجم ملك اليهود. وقد دل على ولادة بوذا نجم ظهر في أفق السماء يدعونه نجم بوذا.
ولد يسوع من العذراء "مريم " التي حل فيها روح القدس يوم عيد الميلاد أي 25 ديسمبر. ولد بوذا من العذراء "مايا" التي حل فيها روح القدس يوم عيد الميلاد أي 25 ديسمبر.
لما ولد يسوع فرحت ملائكة السماء، ورتلوا الأناشيد حمدأ للواحد المبارك قائلين المجد للّه في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة. لما ولد بوذا فرحت جنود السماء ورتلت الملائكة أناشيد المجد للمولود المبارك قائلين ولد اليوم بوذا على الأرض كي يعطي الناس المسرات والسلام ويرسل النور إلى المجالات المظلمة ويهب بصراً للعمي.
ولقد زار الحكماء المجوس يسوع وأدركوا أسرار لاهوته ولم يمض يوم على ولادته حتى دعوه إله الآلهة(ملك اليهود). وعرف الحكماء بوذا وأدركوا أسرار لاهوته ولم يمض يوم على ولادته حتى جاء الناس ودعوه إله الآلهة.
وأهدوا يسوع وهو طفل هدايا من ذهب ولبان ومر. واهدوا بوذا وهو طفل هدايا من مجوهرات وغيرها من الأشياء الثمينة.
كان عيسى خطراً على الملك هيرودس لذا أراد هيرودس قتله. كان مولد بوذا خطر على الملك والسلطان فهدده ملك "بنباسارا" وأراد قتله حتى لا يكون سبباً في القضاء على سلطانه.
ولما كانت لعيسى اثنتا عشر سنة وجداه في الهياكل جالساَ في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته. ولما صار عمر بوذا اثني عشر سنة دخل الهياكل، وصار يسأل أهل العلم مسائل عويصة ثم يوضحها لهم حتى فاق كل مناظريه.
abubakr_3
-
-
هذا متابعة لما كتبته مؤخراً عن كاتب إنجيل متّى ، أقدمه لأخي الحبيب أبي بكر جزاه الله خيراً وكل من شارك في هذا الموضوع المفيد .
أقول :
حاول القس منيس عبد النور في شبهات وهمية أن يثبت السند المتصل لكاتب إنجيل متّى ، فجاءت محاولته هزيلة بائسة ، وسوف أقوم بالرد عليها حتى لا يغتر بها من لا علم له في هذا الشأن .
الرد على القس منيس عبد النور حول السند المتصل لإنجيل متّى .
أنقل أولاً كلام القس منيس عبد النور في شبهات وهمية :
((( <span style='color:Red'>قال المعترض الغير مؤمن: لا يوجد سندٌ متَّصل لإنجيل متى .
وللرد نقول بنعمة الله : أشار برنابا (الذي كان رفيقاً لبولس) إلى إنجيل متى في رسالته سبع مرات، واستشهد به أغناطيوس سنة 107م في رسائله سبع مرات، فذكر حبل مريم العجيب، وظهور النجم الذي أعلن تجسُّد المسيح. وكان إغناطيوس معاصراً للرسل، وعاش بعد يوحنا الرسول نحو سبع سنين، فشهادته من أقوى البيانات على صحّة إنجيل متى. واستشهد بوليكاربوس (تلميذ يوحنا الرسول) بهذا الإنجيل في رسالته خمس مرات، وكان هذا الإنجيل منتشراً في زمن بابياس (أسقف هيرابوليس) الذي شاهد يوحنا الرسول. كما شهد كثير من العلماء المسيحيين الذين نبغوا في القرن الأول بأن هذا الإنجيل هو إنجيل متى، واستشهدوا بأقواله الإلهية، وسلَّمه السلف إلى الخلف.
وفي القرن الثاني ألّف تتيانوس كتاب اتفاق الأناجيل الأربعة وتكلم عليه هيجسيبوس، وهو من العلماء الذين نبغوا في سنة 173م، وكتب تاريخاً عن الكنيسة ذكر فيه ما فعله هيرودس حسب ما ورد في إنجيل متى، وكثيراً ما استشهد به جستن الشهيد الذي نبغ في سنة 140م، وذكر في مؤلفاته الآيات التي استشهد بها متى من نبوات إشعياء وميخا وإرميا. وقِسْ على ذلك مؤلفات إيريناوس وأثيناغورس وثاوفيلس الأنطاكي وأكليمندس الإسكندري الذي نبغ في سنة 164م وغيرهم.
وفي القرن الثالث تكلم عليه ترتليان وأمونيوس مؤلف اتفاق البشيرين ويوليوس وأوريجانوس واستشهدوا بأقواله وغيرهم.
وفي القرن الرابع اشتبه فستوس في نسبة هذا الإنجيل بسبب القول: وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى إنساناً عند مكان الجباية اسمه متى، فقال له: اتبعني. فقام وتبعه (متى 9: 9). فقال فستوس: كان يجب أن يكون الكلام بصيغة المتكلم، ونسي أن هذه الطريقة كانت جارية عند القدماء. فموسى كان يتكلم عن نفسه بصيغة الغائب، وكذا المسيح ورسله، وزينوفون وقيصر ويوسيفوس في مؤلفاتهم، ولم يشكّ أحدٌ في أن هذه الكتب هي كتبهم. وفي القرن الرابع زاد هذا الانجيل انتشاراً في أنحاء الدنيا ))) أنتهى .</span>
في البداية أود أن أنبّه إلى أن القس منيس عبد النور يستغل الجهل وعدم المعرفة لدى الكثيرين ، ويزج ويحشر كل ما تصل إليه يده حتى يُوهم الناس بأن ردّه متين .
وأصبح كتاب شبهات وهمية مصدراً وعوناً للمسيحيين البسطاء الذين لا يعلمون مدى سذاجة حجج القس منيس الواهية ، فتراهم أول ما يروا اعتراضا على الكتاب المقدس يهرعوا إلى كتابه لطلب النجدة ، وينقلوا منه ( قال اغناطيوس وقال اريناوس وقال فلان .... ) ، وأغلبهم لا يعرف من هو هذا ولا من هو ذاك ولا سمعوا عنهم في حياتهم .
الرد
يبدأ القس منيس بقول المعترض ( لا يوجد سندٌ متَّصل لإنجيل متى ) ، ثم يحاول القس أن يوهم أن لإنجيل متى سند متصل ، والمصيبة كما قلنا أن القس منيس يستغل الجهل وعدم المعرفة لدى الكثيرين ، فهو يعرف أنّ الأغلبية الساحقة من القرّاء وخصوصاً المسيحيين لا يعرفون ما هو "السند المتصل" ، فيستغل القس هذا الجهل ويبدأ بزجّ الأقوال وتجميعها من هنا وهناك فيظن القارئ أن منيس قد أجاب وأثبت السند المتصل ..
لذلك نرى أنه لزاماً علينا تعريف السند المتصل ، ولن أعرفه بصيغة إسلامية ، بل سنعرفه بشكل مبسّط يفهمه الجميع ، فأقول :
السند المتصل لإنجيل متى هو مثلاً أن يخبر تلاميذ متى - أو من لقي متى ورآه أو سمع منه - أنهم شاهدوا متى يكتب إنجيله أو أنه هو أخبرهم بذلك ، ثم يقوم تلاميذه بنقل هذه المعلومة إلى تلاميذهم أو من هم دونهم ، ويجب على الأخيرين أن يصرحوا بكل وضوح وبكلام لا لبس فيه ، أنهم سمعوا من معلميهم ( الذين هم تلاميذ متّى ) أن القديس متّى هو كاتب هذا الإنجيل ، ثم يخبر هؤلاء من هم بعدهم وهكذا .
فهل ما قدّمه القس منيس يتوافق مع ما قلناه ؟؟؟
فهل أتى لنا القس بشخص واحد على الأقل يقول أنه رأى متّى يكتب إنجيله ؟؟؟؟
هل أتى بشخص واحد يقول أنّ متّى الرسول أخبره أنه كتب إنجيلاً ؟؟؟
لا لم يأت بشيء من هذا القبيل ، فكل ما فعله القس هو أن قال أن برنابا وإغناطيوس استشهدوا بإنجيل متى ....
وعلينا أن نوضح نقطة مهمة هنا ، وهي أنّ القارئ قد يغترّ بقول القس فيظنّ أنّ إغناطيوس يأتي إلى إنجيل متى ويقتبس منه ثمّ يقول ( هذا ما قاله إنجيل متى ) ، أو ( هذا ما قاله معلمنا متى في إنجيله ) ، وهذا لا وجود له أبداً لا في رسالة برنابا ولا في رسائل إغناطيوس ، فهما لم يذكرا إنجيل متى بالاسم قط ، بل لا وجود لاسم متى من الأصل في كل من رسالة برنابا ورسائل إغناطيوس ، وجلّ ما في الأمر هنا هو ورود عبارات في رسائلهم شبيهة لنصوص في إنجيل متى دون أن يقول أحدهما أنّ هذا مما اقتبسه من إنجيل متى .
فكلام القس منيس أن إغناطيوس و برنابا استشهدا بإنجيل متى يُوهم أنهما ذكرا إنجيل متى بالاسم ، وهذا تضليل واضح من القس ، ولا يُستبعد أبداً أنّه تعمّد ذلك ليوهم القرّاء .
فالآن ، أين السند المتصل كما شرحناه آنفاً ؟؟؟؟
هل نقل لنا القس قولاً عن أحد الذي لقوا متى بأن رأوا متى يكتب إنجيله أو أن متى أخبرهم أنه كتب هذاالإنجيل؟؟؟
فإغناطيوس لم يذكر لا متى ولا حتى إنجيله ، فكيف يحشر رسائله كدليل على السند المتصل ؟؟
ثم إنّ إغناطيوس لا يُعرف عنه أنه لقي متى أو عرفه ، فلذلك الاستشهاد به باطل من كل الجوانب .
أما بالنسبة لوجود عبارات في هذه الرسائل مشابهة لنصوص في إنجيل متى مثل ما جاء في رسالة برنابا ، الفصل الرابع :( كثيرون يدعون وقليلون ينتخبون ) .
وكما جاء في الفصل السادس ( سأجعل الآخرين أولين )
فهذا يُشبه ما ورد في متى [ 20 : 16 ] ، (هكذا يكون الآخرون اولين والاولون آخرين .لان كثيرين يدعون وقليلين ينتخبون ) .
وكما جاء في الفصل الخامس من رسالة إغناطيوس إلى أهل افسس ( فإذا كان لأجل صلاة الواحد أو الاثنين ممن يملكون القوة ، يقوم المسيح بينهم ، فكم أكثر بكثير تكون صلاة أسقف الكنيسة المباركة ) ، وهذا يُشبه ما ورد في متى [ 18 : 19 ] ، (19 وأقول لكم أيضا إن اتفق اثنان منكم على الأرض في أي شيء يطلبانه فانه يكون لهما من قبل أبي الذي في السموات ، لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم ) .
وللرد على هذا التشابه أقول وبالله تعالى التوفيق :
إن وجود عبارات في مؤلفات الآباء الرسوليين بشكل تشبه في مضمونها ما جاء في إنجيل متّى لا تعني أن متّى هو كاتب الإنجيل ، فهذا يتطلب قول صريح منهم أنهم رأوا متّى يكتبه أو أن يقولوا أن متّى أخبرهم بذلك ، أو على الأقل يخبروا من أخبرهم بذلك ، كما أنّ تشابه هذه العبارات لا تعني بالضرورة أنها مقتبسة من إنجيل متّى ، فيُحتمل أنّهم جميعاً ( الآباء وكاتب إنجيل متّى ) اقتبسوا من نفس المصدر ، أو يُحتمل أنها مقتبسة من أقوال منتشرة كانت تحكى وتتردد على ألسنة البعض في ذلك الزمان ..
فالجزم بأن هذا التشابه دليل على أنهم اقتبسوا من إنجيل متى ليس في محله ، إذ لا يمنع أن يكون المصدر غير متى ، وخصوصاً أنّ هناك العديد من كتبوا عن المسيح كما يعترف بذلك كاتب لوقا في بداية إنجيله .
بهذا نكون نحن قد جارينا القس منيس كثيراً ، ولنا بعد ذلك أن نسأل من هو كاتب رسالة برنابا ؟؟؟؟
رسالة برنابا لا يُعرف لها كاتب ، تقول دائرة المعارف الكاثوليكية أنّ الرسالة لا تحتوي على أيّ دليل حول كاتبها ...
فرسالة برنابا لا يُعرف كاتبها ، وهو مجهول ، ولكن القس يُوهم القرّاء أنه معروف وأنه برنابا الذي رافق بولس ..
فالكاتب مجهول ، فكيف يُستدل على كاتب مجهول بكاتب هو الآخر مجهول ؟؟؟؟
أما الكلام عن بوليكاربوس فهو نفسه عن إغناطيوس ، فبوليكاربوس لم يذكر إنجيل متى بالاسم قط ، ولم يذكر متى على الإطلاق ، بل وإن القس يحاول التدليس على القرّاء قدر المستطاع ، فكل ما ورد في رسالة بوليكاربوس من عبارات شبيهة بنصوص من إنجيل متى لها شبيه أيضاً من إنجيل لوقا ومرقس ، وسأضرب بعض الأمثلة على ذلك :
ورد في رسالة بوليكاربوس الفصل السابع (كما قال السيد : الروح نشيط والجسد ضعيف ) .
فهذه يراها علماء المسيحية تشبه ما ورد في إنجيل متى ( 26 : 41 ):
((اسهروا وصلّوا لئلا تدخلوا في تجربة .اما الروح فنشيط واما الجسد فضعيف )) .
ولكن هذه تشبه أيضاً ما ورد في إنجيل مرقس ( 14 : 38 ) :
(( اسهروا وصلّوا لئلا تدخلوا في تجربة اما الروح فنشيط واما الجسد فضعيف )) .
وهكذا حال الباقي ، كلّ له شبيه إما في إنجيل لوقا أو في أو إنجيل مرقس ، فإذا عرفنا هذا ، فلا يمكن الجزم أنّ بولكاربوس استشهد من إنجيل متى ، بل هناك احتمال أنه اقتبسها من إنجيلي لوقا ومرقس وليس من متى ، أو يُحتمل أنه لم يقتبسها لا من هذا ولا من ذاك بل من أقوال منتشرة معروفة يتناقلها الناس ، ومع كل هذه الإحتمالات يسقط الاستدلال .
أما بابياس فلقد تكلمنا عليه بما فيه الكفاية في الموضوع الرئيسي .
أما قول القس : ( كما شهد كثير من العلماء المسيحيين الذين نبغوا في القرن الأول بأن هذا الإنجيل هو إنجيل متى، واستشهدوا بأقواله الإلهية، وسلَّمه السلف إلى الخلف ) .
قلت : هذا تدليس كبير ، لا يليق برجل دين أن يصدر منه ذلك ، فلا يوجد أحد من القرن الأول من شهد لإنجيل متى ، لا بل لا يوجد أيّ دليل أنهم عرفوا هذا الإنجيل أو سمعوا به ، ولم يرد قط أي قول عن أحد من القرن القرن يذكر فيه إنجيل متى ، وأقصى ما يمكن أن يستدل به القس منيس هو هذه العبارات في رسائل آباء القرن الأول التي تتشابه مع بعض نصوص إنجيل متّى ، ولقد رددنا عليه بما فيه الكفاية ، فكيف يدّعي أن علماء الدين المسيحي في القرن الأول شهدوا أنّ هذا الإنجيل هو إنجيل متى ؟؟؟؟؟
بصراحة القس يستغل جهل الكثيرين في هذا الجانب ، وعلى رجل الدين أن يكون أميناً فيما يقدّمه من معلومات ...
أما باقي كلام القس عن علماء القرن الثاني وما بعده ، فكلّه لا ينفع إن لم يكن له سند من القرن الأول ، فإذا لم يخبرنا أهل القرن الأول عن هذا الإنجيل أيأتي بعدها أناس ولدوا بعد موت متّى بعشرات السنين ليخبرونا بكلام مرسل أنّ متى كتب إنجيلاً ، فهذا مردود وباطل .
وهنا طرفة لطيفة ، وهو أنّ القس منيس عبد النور يقول في معرض كلامه عن لغة إنجيل متى الأصلية :
(( والأغلب أن فكرة كتابة متى لإنجيله باللغة العبرية جاءت نتيجة ما اقتبسه المؤرخ يوسابيوس عن بابياس أسقف هيرابوليس سنة 116م قال: كتب متى إنجيله باللغة العبرية . <span style='color:Red'>غير أن بابياس لم يقل إنه رأى بعينيه هذا الإنجيل باللغة العبرية )) .</span>
يشترط القس هنا شرطاً حتى يكون كلام القديس بابياس صحيحاً ، وهو أن يكون رآى الإنجيل بعينه !!!!!!!
بينما عند الكلام على هوية الكاتب يستدل باغناطيوس وبوليكاربوس ورسالة برنابا ، ولكن الغريب أنه لم يشترط أن يكون أغناطيوس وبوليكاربوس رأوه بأعينهم يكتبه ؟؟؟
هل لاحظتم الإزدواجية في المعايير ؟؟؟؟
لمعرفة كاتب إنجيل متّى يتعلق بما هو أبعد من البعيد ، ويكفي أن يكون فلان لمّح تلميحاً بعبارة شبيهة بنص في إنجيل متى ليجعلها دليلا على هوية الكاتب ، ولا يحتاج أن يكون فلان رأى بعينه أم لم يرى .
بينما القول أن لغة الكتاب هي العبرية شيء لا يعجب القس فيحاول دفعه بالرغم من القول الصريح لبابياس ، وحجته أنه لم يره بعينه ..... هل تتعجب أيضاً عزيزي القارئ مثلي من صنيع القس ، وهل تظن أنه يفعل ذلك بغير قصد وبحسن نيّة ؟؟؟؟
أترك هذا الجواب لك .
عزيزي القارئ ، كما ترى أن كاتب إنجيل متّى مجهول ، فكيف يمكن للإنسان أن يؤمن بهذا الإنجيل كلام الله وهو في الأصل لا يعلم كاتبه ؟؟؟؟
أخوكم bilal_41
-
بارك الله فيك أخى بلال ، لقد وضعت منه نسخة على الجهاز وسوف أقرأها حالاً ، ننتظر جميعاً منك الكثير ، وياليتك تضع لنا مجموعة مقالاتك عن يوحنا والردود عليها التى قدمتها فى منتدى النصارى
أرأيتم جمال التعاون؟ أنا أتناول متى من مراجع معينة وفكر معين متوفر لدى ، ثم يتحفنا الأخ القيم بمداخلة جميلة مثل التى قام بها عن بولس ، ثم يأتى آخر وله تعليق جميل ، هذه هى مدرسة ديدات للدعوة ، يتبقى لنا أن نقوم بتدارس هذا الكلام ، يخرج علينا الأستاذ بلال مثلا ويلقى محاضرة فى الموضوع الفلانى ، وينهال عليه الأخوة بالأسئلة حتى يهضم الموضوع ، ويكون فى غرفة خاصة لا تضم إلا أفراد المدرسة فقط ، ولا تنسوا فيها حضور وغياب واستدعاء ولى أمر ، وإلا ستحرم من دخول الإمتحان.
متوقع الأخ الجندى المحرك الدينمو فى هذه المدرسة ، بل ناظرها، أن يبدأ فى إعداد سلسة أسماء للمحاضرات مع الدكتور هشام ويختار كل منا اسم موضوع أو أكثر للمحاضرة فيه ، ويتفق على الموعد ونبدأ إن شاء الله
منتظر ردكم!
-
بارك الله فيك اخونا بلال على هذا المقال .
استاذنا الفاضل ابو بكر ، وملهمنا بالافكار الجميلة ، ان شاء الله سنقوم بطرح فكرة مقاربة لفكرتك قريباً .
وللعلم مدرسة احمد ديدات لم تخمل او تنام بالعكس نحن نعمل فيها الان ، وان كنا نواجه بعض العقبات الان لكن مع دعائكم ان شاء الله الامر يتم ، فلا تنسونا من الدعاء اخوانى الكرام .
وجزاكم الله خيراً
-
اَلأَصْحَاحُ الثَّالِثُ
1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. 3فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً». 4وَيُوحَنَّا هَذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَاداً وَعَسَلاً بَرِّيّاً. 5حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنّ 6وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.
7فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ قَالَ لَهُمْ: «يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟ 8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَباً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَداً لِإِبْراهِيمَ. 10وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ وَلَكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 12الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ».
13حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ. 14وَلَكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلاً: «أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!» 15فَقَالَ يَسُوعُ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ لأَنَّهُ هَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرٍّ». حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ. 16فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ فَرَأَى رُوحَ اللَّهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِياً عَلَيْهِ 17وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».
انتقل متى من الإصحاحين الماضيين ، بعد أن تكلم عن نسب يوسف النجار ، ونسبه ليسوع ، وبعد أن أتى بمعجزات هربه إلى مصر ، مثلما هرب موسى ، وأتى بقصة قتل هيرودس للأطفال ، كما فعل فرعون أيضاً مع الأولاد الذكور للمصريين، بناءً على حلم لرئيس الكهنة فى مصر، أن نبى عظيم ، سيوحد قومه، وسيتزعزع عرش فرعون، ثم انتقل مرة واحدة تاركاً وراءه مدة من الزمن عاشها هذا الإله على الأرض ، ولا يعلم عنها أحد شىء ، وربما نسى الرب نفسه ما دار فيها ، ولم يوحى به.
إلا أن قول متى (وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ) يوهمنا أن هذه الأيام سلسلة للأحداث التى سبقتها ، فهل كان بالإنجيل إصحاحات أخرى وأحداث أخرى حذفتها الكنيسة أو المترجم؟ إذ لا يمكن أن يغفل متى 28 سنة تقريباً من عمر من يؤلهه ، ولا يمكن أن تكون (وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ) أيام الطفولة ، لأنه يقصده وهو ابن ثلاثين سنة.
لذلك وصف التفسير الحديث للكتاب المقدس هذا التعبير ص 89 بقوله: (وهذا تعبير
غامض (بالمقارنة مع تأريخ لوقا الدقيق لو3: 1) ، وهو يخفى حقبة من الزمن تصل إلى ثلاثين عاماً منذ الأحداث الواردة فى الإصحاح الثانى. وكاتب السير الحديث لا يمكنه أن يسقط حقبة طويلة كهذه من أحداث الموضوع الذى يتناوله ، لكن متى تعمد الإسراع إلى تناول موضوعه الحقيقى ، خدمة يسوع الجهارية ، موته وقيامته)
هكذا: متى هو الذى يحدد ماذا يقول، وكيف يبدأ، وما هو المهم ، وما هو الأهم ، الأمر الذى حدا بهم اليوم أن يسمونه الإنجيل تبعا لمتى، أى الذى يقال عنه إن متى كتبه.
يستهل متى إنجيله بقوله: (1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.) متى 3: 1-2
فما المقصود بكلمة ملكوت السماوات؟ وهل ملكوت السماوات هو نفسه ملكوت الله؟ ولماذا لم يذكرها متى (ملكوت الله)؟
(ملكوت الله) أو (ملكوت السموات) تعبير ورد فى التوراة وفى الإنجيل ، للدلالة على حكم الله غى الأرض ، وتنفيذ شرع الله وشريعته. والذى أطلق لفظ (ملكوت الله) على حكم الله فى الأرض هو النبى المعظم دانيال ، أثناء سبى بنى إسرائيل فى بابل.
يقول القس فهيم عزيز فى كتابه (ملكوت الله) صفحة 92:
(فى بنى إسرائيل لقد كان الملك مسيحاً مقرباً من الرب ، ولكن ذلك لكى يكون خادماً له ، يجرى عدله وقضاءه بين الشعوب. ولم نسمع فى كل العهد القديم أن ملكاً من ملوك اليهود ادعى لنفسه الألوهية. .. .. .. ومما يزيد الأمر وضوحاً هو المركز الذى كان يتبوأه الأنبياء الذين تكلموا باسم الرب. فكم وقف إيليا وأليشع وإشعياء وعاموس وغيرهم فى وجه الملوك ليوبخوهم على اعوجاجهم أو تركهم للرب وعبادته وعدم إقامتهم للعدل. إنَّ نظام النبوة كان عاملاً قوياً على الحد من سلطان الملوك ، مما لم يكن له نظير فى كل شعوب الأرض. ولهذا فلم يُسمَع أبداً أن الملك قد تعدَّى على سلطان الله ، بل كان هو الآلة التى كان الرب ينفذ بها غرضه. أما المَلكُ الحقيقى صاحب الإرادة العليا فى حياة الشعب ومصيره فكان الله نفسه. إن فكرة سلطان وحكمه على الشعب لم تخمد أبداً ، ولم ينسها الشعب ، ولم يسلمها إلى أى من البشر).
ونفهم منه أن: ملكوت الله هو سلطان الله على الشعب ، وتحكيم كتاب الله بين الشعب ، لأن الله هو الملك الحقيقى ، صاحب الإرادة العليا فى حياة الشعب ومصيره. أى هو ملكوت أرضى ، وليس ملكوت روحى.
ويقول الأب متى المسكين فى كتابه (ملكوت الله) صفحة 5 و6 ما يلى:
(ملكوت الله أى حكم الله المطلق على الإنسان .. .. .. .. كما يتضح بدون عناء من فحص دستور مملكة إسرائيل وشريعتها نوع هذه المملكة وطبيعتها ، وكيف تختلف هذه الطبيعة كل الإختلاف عن أى مملكة أخرى قامت على وجه الأرض. .. .. .. فلم يُسمَع قط فى تاريخ الدول والممالك أن هناك مملكة يقوم دستورها على القداسة والبر وتتركز شرائعها فى التطهير .. .. .. ويكون ملكها الوحيد هو الله ، ولكن إسرائيل ـ من واقع الحال ـ أخفقت أن تكون مملكة الله ، وانحطت جداً عن ما هو مفروض لها ، وذلك بسبب رداءة القضاء والملوك والرؤساء والكهنة وحتى شيوخ الشعب).
ونفهم منه أن: ملكوت الله هو ملكوت أرضى ، وليس ملكوت روحى ، يُشبه ملكوت إسرائيل ، وهو تحكيم شرع الله وكتابه بين عباد الله.
ولطالما أنه يشبه ملكوت بنى إسرائيل ، فهو ليس ملكوت بنى إسرائيل ، ولا قائم فى نسل إسحاق ، الذى جاء منه كل أنبياء العهد القديم إلى عيسى عليه السلام. بل هو قائم فى نسل إسماعيل ، الذى رفضه بنى إسرائيل وقالوا عنه ابن الخادمة لا يرث مع ابن الحرة: (8فَكَبِرَ الْوَلَدُ وَفُطِمَ. وَصَنَعَ إِبْرَاهِيمُ وَلِيمَةً عَظِيمَةً يَوْمَ فِطَامِ إِسْحَاقَ. 9وَرَأَتْ سَارَةُ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ 10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ».) تكوين 21: 8-9
وهذا من تحريف اليهود أو من أمنياتهم إذ قانون الله واضح بهذا الشأن: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
وقد طُبِّقَ هذا القانون على (دان) و (نفتالى) أولاد يعقوب من بلهة جارية راحيل ، كما طُبِّقَ على (جاد) و (أشير) ابنى يعقوب أيضاً من زلفة جارية ليئة ، وهؤلاء الأربعة أولاد الجاريتين معدودون من الأسباط الإثنى عشر ذرية يعقوب عليه السلام.
لذلك قال لهم عيسى عليه السلام: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا
يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 42-46
وقال لهم عن نبى هذا الملكوت: (14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 14
وكلمة (ملكوت) ذكرت فى متى 50 مرة ، وفى مرقس 15 مرة ، وفى لوقا 38 مرة وفى يوحنا مرتين. وذكرت كلمة (ملكوت الله) عند متى 5 مرات، وفى مرقس 15 مرة ، وفى لوقا 38 مرة وفى يوحنا مرتين. أما كلمة (ملكوت السماوات) فلم تُذكر إلا عند متى ، وذكرت عنده 32 مرة.
لذلك يرفض بعض علماء اللاهوت استخدام إنجيل يوحنا ، لأنه لم يعبر عن أساس رسالة يسوع وهى ملكوت الله ، والتى كانت أساس موعظته لتلاميذه وللناس ، كما يرفضون رسائل بولس التى أتت بدين جديد غير الذى كان يبشِّر به يسوع ويطوف مدن بنى إسرائيل ليبشرهم بقرب مقدم ملكوت الله ورسوله:
(43فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ». 44فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِ الْجَلِيلِ.) لوقا 4: 43
(1وَعَلَى أَثَرِ ذَلِكَ كَانَ يَسِيرُ فِي مَدِينَةٍ وَقَرْيَةٍ يَكْرِزُ وَيُبَشِّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَمَعَهُ الاِثْنَا عَشَرَ.) لوقا 8: 1
(14وَبَعْدَ مَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللَّهِ 15وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ») مرقس 1: 14
وفى متى 3: 1 جاء نبى الله يوحنا المعمدان بنفس الرسالة: (1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.)
كما أوصى يسوع تلاميذه فى متى 10: 7 قائلاً: (7وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ.)
فقد كانت البشارة (الإنجيل) هى لُب رسالة يسوع ، والتى من أجلها ضرب الأمثال ، والتى من أجلها خاصمه اليهود وأرادوا قتله، لأنه قالها لهم بصراحة: (قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ
وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ)
إن كلمة ملكوت الله هى نفسها ملكوت السماوات. لكن لم يعرف إنجيل مرقس الذى ارتكن إليه متى فى المقام الرئيسى شيئاً عن ملكوت السماوات ، ولم يذكرها إلى بلفظة ملكوت الله ، التى جاءت عنده 15 مرة فى إنجيله ، وكذلك لم يعرفها لوقا ولم يعرفها يوحنا إلا بلفظة ملكوت الله ، التى تكررت عند لوقا 33 مرة ، وعند يوحنا مرتان فقط.
فلماذا ألغى متى لفظ الله ووضع بدلاً منه كلمة السماوات؟ ولماذا اختلفت الأناجيل فى عدد ذكر هذه الكلمة؟
فهذا ليس أمر هين ، فهذا هو لب رسالة يسوع! فهل لب رسالة يسوع التى أخذ يدعوا إليها وذكرها قرابة 50 مرة فى إنجيل متى لا يعرفها يوحنا إلا مرتين ، ولا يذكر مثالاً لأمثال ملكوت الله التى استولت من إنجيل متى على ثلاث إصحاحات كاملة؟
ثم قارن عدم معرفة بولس بلب رسالة يسوع ، وعدم ذكره لمثل واحد من الأمثال التى كان يشبه بها ملكوت الله! حينئذ سوف تفهم معنى قوله إنه أتى ببشارة لم يعلمها ولم يتعلمها من إنسان ، ولا حتى من تلاميذ يسوع: (11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.) غلاطية 1: 11-12
فهل تختين الرب لأهم من رسالته؟
وهل مجىء المجوس إلى بيت لحم أهم من رسالة الرب؟
فهل هروب الرب وأمه ويوسف أهم من رسالة الرب؟
وهل تدليك رأس الرب أو رجله بالطيب أهم من لب رسالته؟
وهل ذكر شجرة التين التى أتلفها الرب أهم من لب رسالته؟
وهل البصق على الرب وإهانته أهم من رسالته إلى أتباعه؟
وهل هروب التلميذ الذى يحبه عرياناً أهم من فحوى رسالة يسوع؟
وهل اتكاء التلميذ الذى يحبه عرياناً على صدر يسوع أهم من جوهر رسالته؟
وهل ذكر حلم زوجة بيلاطس أهم من رسالة الرب؟
وهل ذكر اسم اللص الذى كان على الصليب من المعلقين عليه أهم من رسالة الرب؟
ألا يدلك هذا أيها النصرانى على بعد الله عن كتابة هذه الأناجيل؟
أما قول نبى الله المعمدان لشعبه (توبوا) ، فلا يدل ذلك إلا على أن التوبة هو الرجوع إلى الله ، والتمسك بكتابه ، والعمل بأوامره ، والإنتهاء بنواهيه ، والندم على ما فعل النادم ، والعزم على ألا يعود لهذا العمل مرة أخرى.
يقول باركلى فى تفسيره لمتى ص41: (وكأنما يوحنا يقول للفريسيين والصدوقيين إن
مجيئهم إلى معموديته ليس ناتجاً عن توبة حقيقية، ولكن خوفاً من الغضب الآتى .. وإنهم إذا كانوا يريدون التوبة فعلاً، فليصنعوا أثماراً تليق بالتوبة.)
ومعنى ذلك أن التوبة تحتاج إلى قناعة داخلية بالإثم المقترف والندم عليه والعمل الصالح. ولا تحتاج التوبة أو الغفران إذن إلى القبض على الإله وضربه والبصق فى وجهه ثم صلبه ، بل يحتاجان إلى الندم على ما مضى وعمل الصالح.
ويواصل فى نفس الصفحة قوله: (فقد كان اليهود يعتقدون أن بر إبراهيم محسوب لهم، وأنه كاف لكل نسله ـ وأن اليهودى له رجاء فى الحياة الأخرى بسبب بر إبراهيم لا ببره الشخصى، وقد كونوا مجموعة كبيرة من التعاليم على هذا الأساس.) وهذا اعتراف صريح من باركلى أن اليهود حرفوا تعاليم موسى ، وخرفوا فى فهم تعاليم دينهم؛ واعتراف منه ومن اليهود أيضاً أن إبراهيم كان من الأبرار ، لدرجة أن اليهود كانوا يعتقدون أن موسى حصل على الشريعة بسبب بر إبراهيم، وهذا لا يدل إلا على التحريفات التى دخلت العقيدة النصرانية ، وجعلت كل مولود محملاً بالخطيئة الأزلية، خطيئة آدم وحواء ، وأنه لا يمكن أن يغفر الله للبشر إلا بعد أن ينزل ويُضرَب ويُبصَق فى وجهه ثم يُصلَب ، ثم ينزل إلى الجحيم ليخلص الأبرار والأشرار.
ومعنى ذلك أن ما دخل دين النصارى فيما بعد من الخطيئة والفداء ، وأنه لا يغفر الله لإنسان إلا بسفك الدماء ، فكل هذه الخرافات من الوثنيات التى ألحقها بولس بهذه العقيدة.
يقول ابن ميمون وهو أحد علماء اليهود فى القرون الوسطى معرفاً التوبة (نقلا عن باركلى ص 44: (أن يترك الخاطىء خطيته ، وينزع أفكاره ، ويقرر بعزم صادق أنه لن يعود إليها ، كما هو مكتوب: ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره ، وليتب إلى الرب فيرحمه). هكذا الرحمة بدون ذبيحة.
وفى ص 46 يقول باركلى: (فقد كانت التوبة دائماً قريبة المنال، فهى على حد تعبيرهم كالبحر يمكن لأى إنسان أن يستحم فيه فى أى وقت. وهناك أوقات تغلق فيها أبواب الصلاة، لكن باب التوبة مفتوح على الدوام ، ولا يمكن لإنسان أن يغلقه. .. .. .. فالعالم لا يستطيع أن يستمر دون رحمة الله ، وباب هذه الرحمة هو التوبة ، ولو أن الله أجرى عدله ، لما بقى إنسان فى الوجود ، لذلك فالتوبة ضرورية، لتجعل الله يتنازل عن مطالبيه .. .. والتوبة تستمر مدى الحياة، فما دام فى الإنسان نفس وحياة يمكنه أن يتوب، فيد الله ممتدة تحت أجنحة المركبة السماوية لتختطف التائب من قبضة العدالة)
وفى ص 46 يقول باركلى: (وكان من تعاليم الربيين أن الناموس خلق قبل الخليقة المادية بألفى عام ، ولكن التوبة كانت من الأشياء الستة التى خُلِقَت قبل الناموس ، وهى التوبة ، الفردوس ، الجحيم ، عرش الله المجيد ، الهيكل السماوى ، واسم المسيا ـ وقالوا: إن الإنسان قد يطلق سهماً فيصل إلى مسافة عدة أمتار ، ولكن التوبة تصل عرش الله.)
ومعنى ذلك أنه لا يوجد وسيط بين الله والإنسان ، وأن ما يقوم به رجال الكنيسة من بيع صكوك الغفران ، والتوسط بين الله والناس ، ما هو إلا دجل ونصب على الناس لأكل أموالهم بالباطل.
النقطة الأكثر أهمية وهى قول يوحنا: (58قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ».) يوحنا 8: 58 ، فهى قالها عن المسيَّا ، ووضعها كتَّاب الأناجيل على لسانه ، هذا هو اسم محمد المكتوب على عرش الرحمن: (لا إله إلا الله ، محمد رسول الله).
ونذكر كم من مرة حاول اليهود جرِّه لفخ المسيَّا هذا ، وهو بفطرته وحفظ الله له نجَّاه من هذه المحاولات. فمن المعلوم أن هذا المسيَّا صاحب شريعة تلغى ما قبلها ويكون اليهود وكل العالم تابعاً لها ، ويكون حاكماً ، وملكاً وقاضياً:
فحاولوا معه أن يقضى بينهم فى مسألة الجزية التى يدفعونها لقيصر: (15حِينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. 16فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللَّهِ بِالْحَقِّ وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ. 17فَقُلْ لَنَا مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 18فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ 19أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَاراً. 20فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» 21قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ».) متى 22: 15-21
وحاول اثنان أن يجعلوه يقسم الميراث بينهما: (13وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». 14فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِياً أَوْ مُقَسِّماً؟» 15وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ».) لوقا 12: 13-15
وحاولوا إيقاعه مرة ثالثة فقالوا له احكم بكتاب الله على هذه المرأة التى مسكناها تزنى فى نفس ذات الفعل: (2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» 8ثُمَّ انْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. ) يوحنا 12: 2-9
بل حاولوا تنصيبه ملكاً والاعتراف به المسيا رسمياً فرفض: (15وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكاً انْصَرَفَ أَيْضاً إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ.) يوحنا 6: 19
بل نفى عن نفسه أنه المسيَّا: (27ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى قُرَى قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ. وَفِي الطَّرِيقِ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟» 28فَأَجَابُوا: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 29فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ!» 30فَانْتَهَرَهُمْ كَيْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ عَنْهُ.) مرقس 8: 27-30
ثم سألهم عن المسيَّا بأسلوب الغائب ، أى يسألهم عن شخص آخر غيره ، قائلاً: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
ولم يتهم عيسى عليه السلام بأنه المسيَّا إلى الشياطين: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضاً تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41 وكذلك اتهمه بطرس أو قيلت على لسانه، عند متى وقد وصفه عيسى عليه السلام بأنه شيطان وقال له: (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 27: 23
ومنه أيضاً يتضح اليد الخفية التى أضافت للنص عند متى مدع يسوع لقوله هذا: (16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». 17فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ». 20حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ.) متى 16: 13-20
فهل بعد كل هذا المدح يوصيهم ألا يقولوا هذا لأحد؟ فإذا كان هذا هو لب رسالته فمتى يعلنها للناس؟ وكيف سيعمدهم فى الخفاء بالروح القدس والنار؟ ثم إذا أعطى بطرس ملكوت السماوات والأرض ، ومفاتيح الجنة والنار ويحلل ما يشاء ويحرم ما يريد فماذا سيفعل هو؟ وماذا سيكون دوره كإله؟ أم يقصدون من هذا أنه جعله إلهاً يمشى على الأرض؟ ولماذا لم يغلق أبواب الجحيم فى وجه إلهه ويمنعه من التواجد فيها ثلاثة أيام وثلاث ليال؟
لقد أعلنها بأسلوب مختلف قائلاً إن آخر أنبياء الله هو الأصغر فى ملكوت الله وهو الأعظم: (1فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» 2فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَداً وَأَقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ 3وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 5وَمَنْ قَبِلَ وَلَداً وَاحِداً مِثْلَ هَذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي. 6وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ.) متى 18: 1-6
أى إن الأصغر فى ملكوت الله هو الأعظم ، فقد سأله تلاميذه: فمن أعظم أنبياء الله؟ فقال الأصغر ، أى آخرهم ، أى إنه ليس هو المسيا ، ودليل على ذلك قوله عن إيليَّا (المسيَّا) الذى قرب ظهوره: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
هل وعيتم كلمته إلى الآن؟ (12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ.) أى إلى اليوم ، حتى فى عصره يحاول الغاصبون أن يسرقوا الملكوت لأنفسهم ، لكن من أراد أن يقبل الملكوت ، فهذا هو إيليا القادم قريباً ، هو صاحبه الحقيقى.
ولم يجدوا بَداً من أن يتهموه لدى الحاكم الرومانى أنه (المسيَّا) ويجب قتله ، فالمعروف
أن المسيَّا سيحكم بكتاب الله وينفذ شريعته وسيقضى على الإمبراطورية الرابعة (الإمبراطورية الرومانية) ، الأمر الذى نفاه عنه الحاكم الرومانى نفسه ، وأراد إطلاق سراحه:
(11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ».) متى 27: 11
(17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً. 19وَإِذْ كَانَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيراً فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ».) متى 27: 17-19
وقد جاء عيسى عليه السلام ـ آخر أنبياء بنى إسرائيل من أبيه إسحاق ـ يُبشِّر المؤمنين أن ملكوت الله سوف يُنزع من بنى إسحاق وسيعطيه الله لبنى إسماعيل ، على الرغم أن هذا غريب على بعض غير الفقهاء فى الكتاب، وغريب على المعاندين الذين يظنون أنّ الملكوت سوف يدوم لهم ، ونسوا وعد الله لنبيه إبراهيم عليه السلام ، أنه سيقيم النبوة فى إسحاق وأيضاً فى إسماعيل (تكوين 17: 20 و تكوين 21: 17-21)، فقال لهم: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ»)متى 21: 42-44، مرقس 12: 10-12
وقد أنبأ سفر التكوين عن إزالة ملكوت الله من بنى إسرائيل: (10لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ.) تكوين 49: 10
معنى هذا أن الحكم والسلطة الدينية ستزول يوماً ما من يهوذا (أبِى الشعب الإسرائيلى)، ستزول من بنى إسرائيل ، ولكن عندما يأتى شيلون (من يكون له الأمر) ، وهذا النبى يكون دينه لكافة الأمم ، لليهود وللنصارى ولغيرهم من الأمم (وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ) ، وهو نفس الأمر الذى قاله عيسى عليه السلام لليهود: (38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 37-39
يؤكد ذلك أيضاً قول عيسى عليه السلام أنه لم يُبعث إلا إلى خاصته من بنى إسرائيل ، بل إنه كان يرفض علاج إلا من أُرسِلَ إليهم إلا فى أضيق الحدود وللمؤمنين فقط، على الرغم من أنه نبى الرحمة ، ولكن ليأكد أنه ليس هو المسيح (المسيَّا الرئيس): («لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 24
بل كانت توجيهاته لتلاميذه المقربين وحاملين الدعوة من بعده: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-10
بل كان هذا مطابقاً لكلام ملاك الرب: فيسوع نفسه قال عنه ملاك الرب إنه جاء لبنى إسرائيل فقط ، جاء ليخلِّص شعبه فقط: (20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».) متى 1: 20-21
أما المسيا فهو مرسل للعالم أجمع ويبقى دينه للأبد ، وأما يسوع فقد كان أساس وجوده هو البشارة ملكوت المسيَّا القادم بعده: (43فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ».) لوقا 4: 43
وظل الكتبة والفريسيون يعارضونه، حتى قالها لهم صراحة وكشف القناع عن نواياهم السيئة، فقال: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!) متى 23: 13
فهل بعد كل محاولات تصيده وجره لعمل واجبات المسيا ، بعد أن فشلوا فى انتزاع اعتراف منه ، تقولون إنه أثنى على بطرس أنه سمَّاه مسيح الله؟
ولم يكن لعيسى عليه السلام شريعة غير تبعيته لناموس موسى عليهما الصلاة والسلام، ويعلم النصارى ذلك جيداً ، وإلا لما قبلوا رسائل بولس التى أدخل بها بولس الكثير من العقائد والنظم الكنسية مبتدعاً إياها ، ولم يعلم عيسى عليه السلام عنها شيئاً. ويلخص الدكتور وديع بعد أن هداه الله للإسلام العقائد التى أدخلها بولس لدينه الجديد ، فيقول:
1- إخترع لهم اسم (المسيحيين) أي (عابدي المسيح) – والكنيسة (أعمال 11: 26) والعجيب أن من يتابع كتاب (أعمال) سيجد أن بولس لم يدخل أي كنيسة – ولا تلاميذ المسيح .
2- اخترع (الأساقفة) أي رؤساء الكهنة بدلا من (الشيوخ) (أعمال 20: 28)
3- اخترع لهم نظام القساوسة – وألغى النظام القديم (المشايخ) (أعمال 14: 23)، (أعمال 15: 6)
4- طلب من المسيحيين ألا يخالطوا الزاني والسكِّير منهم فقط ، وألا يفعلوا ذلك مع الذين لم يتنصروا (رسالة كورنثوس الأولى 10: 16)
5- يشجع على الرهبنة (وهي نظام يهودي) في (كورنثوس الأولى 7: 1-8) عكس كلامه في رسالة (تيموثاوس الأولى 4) حيث يحرض الرجل على أن يعتزل زوجته ولا يمسها (فلماذا تزوج إذاً)
6- يحرض على زواج المؤمنين والمؤمنات – من الكافرات والكافرين (كورنثوس الأولى 7: 12)
7- يؤيد انفصال الزوج عن زوجته (أي الطلاق) ويحلل زواج الرجل المنفصل (المطلق) وتعدد الزوجات وهذا عكس الكلام المنسوب للمسيح في الأناجيل تماما (كورنثوس الأولى 7: 27-40)
8- كأس الخمر في الكنيسة هو شركة دم المسيح، والخبز هو شركة جسد المسيح (وليسا دم وجسد المسيح) (كورنثوس الأولى 10: 16)
9- المرأة تغطي رأسها في الصلاة فقط – لأجل الملائكة ؟؟ والتي لا تفعل يُقَص شعرها (كورنثوس الأولى 11: 15 )
10- في عشاء الرب (الخبز والخمر في الكنيسة) واحد يجوع والآخر يسكر؟ ( كورنثوس الأولى 11: 10)
11- ترتيب الكنيسة: الرسل (التلاميذ) ثم الأنبياء؟ ثم معلمين ثم قوات؟؟ ثم مواهب شفاء ثم أعوان وتدابير وأنواع ألسنة؟؟ ( كورنثوس الأولى 12: 28)
12- العماء لأجل الأموات (الذين ماتوا بدون تنصير) ؟ (كورنثوس الأولى 15: 29)
13- اخترع رسم الصليب داخل الكنيسة (رسالة غلاطية 3: 1)
14- اخترع عبادة الصليب (غلاطية 6: 14) ، (فيليبى 3: 18)
15- اخترع نظام الشمامسة (رسالة فيليبى 1: 1)
16- ألغى الصوم والأعياد (يدعوها: عبادة الملائكة وعبادة نافلة ليس لها قيمة) (رسالة كولوس 2: 6- 20)
17- الأسقف: (رئيس الكهنة) يكون زوج امرأة واحدة (دليل انتشار وشرعية تعدد الزوجات في ذلك الوقت) غير مدمن الخمر (أي يشرب قليلا) صاحيا – له أولاد. (الآن: كلهم رهبان)
18- الشماس (مساعد الكاهن) يكون ذو وقار – غير مولع بالخمر الكثير (يشرب ولا يسكر) زوج امرأة واحدة (دليل شرعية التعدد) ويدبر بيته وأولاده حسنا (الآن: كلهم أطفال ) ( تيموثاؤس الأولى 3: 8 ) غير مدمن الخمر ( أي يشرب قليلا ) صاحيا ( رسالة تيموثاؤس الأولى 3: 1 ).
19- يهاجم الصوم الذي يصومه المسيحيون الآن، ويهاجم الرهبنة (لأنها كانت عبادات يهودية) ويصف من يفعل ذلك بأنهم شياطين ضالين ومضلين (تيموثاؤس الأولى 4: 1)
20- اخترع وضع أيدي المشيخة (القساوسة) على الناس لأجل إعطائهم البركة (رسالة تيموثاؤس الأولى 4: 14)
21- الخمر يعالج أمراض المعدة والأسقام الكثيرة؟؟ (تيموثاؤس الأولى 5: 23) ومع كذبه هذا – فالمسيحيون يؤمنون أن هذا الكلام هو وحي من ربهم؟
22- الشيخ ( وكيل الله ) أي البطرك – يكون بلا لوم ، زوج امرأة واحدة وله منها أولاد مؤمنين ، وليس عليه شكوى في الخلاعة وغير مدمن الخمر ( رسالة تيطس ) ، لاحظ أنه دائما لا ينكر شرب الخمر بل يشترط عدم الإدمان فقط .
كما أبدى رأيه وظنونه فى الشريعة مكملاً إياها ، وهذا يدفهنا إلى سؤال: ألم تكفهم أقوال وأفعال يسوع؟ من هو بولس هذا لكى يعطى رأيه فى هذا الدين؟
1- (38إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40
2- (25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا:) كورنثوس الأولى 7: 25-26
3- (12وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا لاَ الرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فَلاَ يَتْرُكْهَا. 13وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا فَلاَ تَتْرُكْهُ.) كورنثوس الأولى 7: 12-13
4- (2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً!) غلاطية 5: 2 ، وهو نفس الأمر الذى أدانه فيه التلاميذ ، وكفروه بسببه.
إضافى إلى جوابات شخصية تماماً ، فأنى لكم ألا تعوا ذلك؟ فكروا بالله عليكم: هل أوحى الرب لبولس أن يكتب لكم عن المكان الذى سيشتى فيه؟ وما جدوى هذا للمؤنين؟ ما هى التعاليم التى سوف تُستَنبط من مكان مشتاه هذا؟ إضافة إلى السلامات والتحيات والقبلات ، ناهيك عن جاكتته التى نساها فأرسل خطاياً يطلب استردادها:
(12حِينَمَا أُرْسِلُ إِلَيْكَ أَرْتِيمَاسَ أَوْ تِيخِيكُسَ بَادِرْ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ إِلَى نِيكُوبُولِيسَ، لأَنِّي عَزَمْتُ أَنْ أُشَتِّيَ هُنَاكَ.) تيطس 3: 12
(1أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا 2كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضاً. 3سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ 4اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ 5وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا. سَلِّمُوا عَلَى أَبَيْنِتُوسَ حَبِيبِي الَّذِي هُوَ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ لِلْمَسِيحِ. 6سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيراً. 7سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ نَسِيبَيَّ الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي اللَّذَيْنِ هُمَا مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي. 8سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. 9سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ الْعَامِلِ مَعَنَا فِي الْمَسِيحِ وَعَلَى إِسْتَاخِيسَ حَبِيبِي. 10سَلِّمُوا عَلَى أَبَلِّسَ الْمُزَكَّى فِي الْمَسِيحِ.) رومية 16: 1-10.
(11لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ. 12أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ. 13اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضاً وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ. 14إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُوراً كَثِيرَةً. لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ.) ثيموثاوس الثانية 4: 11-14
يتبع
-
والآن يجب علينا أن نعرف إلى أى نصوص ارتكن هؤلاء فى تعريفاتهم هذه ، مع الأخذ فى الاعتبار كون عيسى عليه السلام من بنى إسرائيل ، عاملاً بشريعة موسى، وقوله: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 20فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.)
وقد أوضح فى الفقرة 20 أن دخول ملكوت السموات يتوقف على البر، أى العمل الصالح ورضى الله. فى الوقت الذى يقرر فيه بولس أنه لا رحمة لله ولا مغفرة إلا بالقتل وسفك الدماء ، وأنه بخطيئة آدم وحواء أخطأ الجميع:
(22وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!) عبرانيين 9: 22
رومية 5: 8-21 (8وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. 9فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ.
10لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ. 11وَلَيْسَ ذَلِكَ فَقَطْ بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً بِاللَّهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ.
12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا
اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. 13فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. 14لَكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى وَذَلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي.
15وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضاً الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً نِعْمَةُ اللهِ وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ.
17لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ.
19لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضاً بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً. 20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ. وَلَكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدّاً.
21حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ هَكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا.) رومية 5: 8-21
(23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.) رومية 3: 23-25
وفى الحقيقة فهو يرى - أن الأعمال الحسنة التى يقوم بها الإنسان وسلوكه الطيب لا يشفعان له للمصالحة مع الله ، ذلك لأن الخلاص ليس إلا عطية، ولا يمكننا أن نفعل حيال ذلك أى شئ: رومية 3: 24 ؛ 3: 28 [ "إذ نحسب أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس" ]؛ 9: 11؛ 9: 16، كورنثوس الأولى 1: 29، غلاطية 2: 16 وأيضا أفسس 2: 8-9 ويقول فيها : "8لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. 9لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفتَخِرَ أَحَدٌ. ".
ولا يمكن أن يزول غضب الله (الذى يشمل أيضا كل مولود) إلا بموت عيس عليه السلام ودمه، ولم يغفر الله الخطيئة الأولى - تبعا لقول بولس - إلا بموت عيسىعليه السلام وسفك دمه (21وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً اجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ 22فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى امَامَهُ،) انظر كولوسى 1: 22
و "…... وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة " (عبرانيين 9: 22).
ولكى يتمكن الله من غفران هذا الذنب (تبعا لخطة أزلية) جعل ابنه من صلبه انساناً ثم نبذه لكى يستغفر للبشرية كلها عن الخطيئة الأزلية بموته ودمه : "21لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ." (كورنثوس الثانية 5 :21) وأيضا : (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) (غلاطية 3: 13).
وقد تمكن الإنسان بهذه الطريقة فقط من محو خطيئة إنسان آخر (أدم). وأشهر الفقرات التى تكلمت فى ذلك - نذكر منها : رومية 3 :24-25، [وهو يقول فيها: "متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح الذى قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار برَّه من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله " ].
(4أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ. 5وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً)رومية4: 4-5
(6لأَنَّ الْمَسِيحَ إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ. 7فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارٍّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضاً أَنْ يَمُوتَ. 8وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. 9فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ. 10لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ. 11وَلَيْسَ ذَلِكَ فَقَطْ بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً بِاللَّهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ. 12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 6-14
(18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. 19لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضاً بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً.) رومية 5: 18-19
(30وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرّاً وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً.) كورنثوس الأولى 1: 30 ؛
(16لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتَى لاَ يَقُومُونَ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. 17وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! 18إِذاً الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضاً هَلَكُوا!) كورنثوس الأولى 15: 16-18
(4وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ، 5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ.) غلاطية 4 :4-5
(7الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ،) أفسس 1: 7
(16وَيُصَالِحَ الِاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ)أفسس2: 16
(20وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَا عَلَى الأَرْضِ امْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ.) كولوسى 1: 20
(14إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدّاً لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّراً ايَّاهُ بِالصَّلِيبِ،) كولوسى 2: 14
(10وَتَنْتَظِرُوا ابْنَهُ مِنَ السَّمَاءِ، الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، يَسُوعَ، الَّذِي يُنْقِذُنَا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي.) تسالونيكى الأولى 1: 10
(9لأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاِقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 10الَّذِي مَاتَ لأَجْلِنَا، حَتَّى إِذَا سَهِرْنَا أَوْ نِمْنَا نَحْيَا جَمِيعاً مَعَهُ) تسالونيكى الأولى 5: 9-10
(5لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، 6الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ، الشَّهَادَةُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ،) تيموثاوس الأولى 2: 5-6
(14الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْباً خَاصّاً غَيُوراً فِي أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ.) ثيطس 2: 14
(27الَّذِي لَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا الشَّعْبِ، لأَنَّهُ فَعَلَ هَذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ.) عبرانيين 7: 27
(10فَبِهَذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً.) عبرانيين 10: 10 ، (14لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ.) عبرانيين 10: 14
(19فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِدَمِ يَسُوعَ)عبرانيين10: 19
(12لِذَلِكَ يَسُوعُ أَيْضاً، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ.) عبرانيين 13: 12
وبعد ما وصف هذا العمل الهمجى بالتضحية ، سبَّ الله واتهمه بعدم الرحمة وعدم الإشفاق على ابنه: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟)رومية8: 31-32
(2لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً.) كورنثوس الأولى 2: 2
ويظن البعض بناءً على قول بولس: (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12 ، أنّ الناس كلها قبل عيسى عليه السلام مُخطئة ومتضامنون فى هذه الخطية ، وهذا يعنى بدوره أنه لم يوجد بار واحدٌ من ذرية آدم حتى حادثة الصلب ، وأن الجميع هالكون لا محالة لولا صُلِبَ (؟) عيسى عليه السلام ، وهذا يتصادم مع حقائق الكتاب المقدس وأقوال عيسى والأنبياء من قبله عليهم الصلاة والسلام ، على الرغم من أن هذه الفكرة كانت معروفة لدى المارقين عن الإيمان الصحيح ، الأمر الذى حذَّرَ منه الأنبياء والكتب السابقة ونفَّروا منه أتباعهم. وهذا مردود بنصوص كثيرة منها:
1- (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
2- قال موسى وهارون لله: («اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟») العدد 16 : 22
3- (23فَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: «أَفَتُهْلِكُ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ؟ 24عَسَى أَنْ يَكُونَ خَمْسُونَ بَارّاً فِي الْمَدِينَةِ. أَفَتُهْلِكُ الْمَكَانَ وَلاَ تَصْفَحُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الْخَمْسِينَ بَارّاً الَّذِينَ فِيهِ؟ 25حَاشَا لَكَ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا الأَمْرِ أَنْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالأَثِيمِ. حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ كُلِّ الأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟») (التكوين 18 : 23-25)
فهل كان إبراهيم وموسى وهارون أرحم على عباد الله من خالقهم؟
هل تتخيل أن المخلوق أرحم بعبيد الله منه؟ فنبى الله أبو الأنبياء يستنكر على الإله الخالق الذى أرسله أن يُهلِك مدينة قد يكون فيها عدد قليل من الأبرار حتى ولو خمسون باراً!!
لك أن تتخيل رحمة نبى أكبر وأشمل من قسوة وبطش إلاهه!! إله أضمر الشر والرغبة فى الإنتقام ألوفاً من السنوات .. .. وفى النهاية قرر الإنتقام من نفسه أقصد من ابنه!! نبى يشفع فى خمسين باراً ، وإله ينتقم من خلقه أجمعين حتى رسله الأبرار ، حتى من الذين عبدوه حق عبادته ، وأطاعوه وشهد لهم بأنهم أرضوه ، أدخلهم جحيمه فور موتهم حتى يحين وقت موته هو لينزل إلى الجحيم ليخلصهم!!
لماذا أراد الله أن ينتقم منهم؟ ألم يعلم أنه سينزل فى صورة بشر وأنه سيغفر لهم عن طريق صلبه وقيامته؟ وهل كان يعرف نبيه هذه الرسالة؟ أم ما هى طبيعة كل رسل الله قبل عيسى عليه السلام؟ ولماذا يختلف كتابكم المقدس عن كل أديان التوحيد السابقة واللاحقة؟ فهل غش الله الأنبياء وأرسلهم برسالة مخالفة لرسالة الأنبياء السابقين وللرسالة التى جاء هو بها؟ هل غش خلقه وأوهمهم بالتوحيد ووحدانية الله دون ناسوت ولاهوت وروح قدس ، ثم خالف كل هذه التعاليم؟ هل أوهمهم أنه لا يقتل الآباء عن الأبناء ولا الأبناء عن الآباء ، ثم فاجأهم أنهم لا يحملون وزر أبيهم بل وزر أول رجل وامرأة خلقا؟
4- (14فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.) أخبار الأيام الثاني 7: 14
5- (7لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.) (إشعياء 55: 7)
6- (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء31: 29-30
7- (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) (حزقيال 18: 19-23)
8- (11قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ, بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. إِرْجِعُوا ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 12وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَقُلْ لِبَنِي شَعْبِكَ: إِنَّ بِرَّ الْبَارِّ لاَ يُنَجِّيهِ فِي يَوْمِ مَعْصِيَتِهِ, وَالشِّرِّيرُ لاَ يَعْثُرُ بِشَرِّهِ فِي يَوْمِ رُجُوعِهِ عَنْ شَرِّهِ. وَلاَ يَسْتَطِيعُ الْبَارُّ أَنْ يَحْيَا بِبِرِّهِ فِي يَوْمِ خَطِيئَتِهِ.13إِذَا قُلْتُ لِلْبَارِّ حَيَاةً تَحْيَا, فَـاتَّكَلَ هُوَ عَلَى بِرِّهِ وَأَثِمَ, فَبِرُّهُ كُلُّهُ لاَ يُذْكَرُ, بَلْ بِإِثْمِهِ الَّذِي فَعَلَهُ يَمُوتُ. 14وَإِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتاً تَمُوتُ! فَإِنْ رَجَعَ عَنْ خَطِيَّتِهِ وَعَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ, 15إِنْ رَدَّ الشِّرِّيرُ الرَّهْنَ وَعَوَّضَ عَنِ الْمُغْتَصَبِ وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِ الْحَيَاةِ بِلاَ عَمَلِ إِثْمٍ, فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 16كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً.)حزقيال33 :11-16
فالله يطلب منهم إذن التوبة من ذنوبهم ، لكى يُدخلهم جنات الخلد ، فالطريق إلى البر والخلود فى جنات النعيم هو إذن الإستقامة وليست الإيمان بالمصلوب من أجل ذنب آدم وحواء.
9- (8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. .. .. فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.) متى 3: 8-10
10- ألم يقل عيسى عليه السلام:(طوبى لصانعى السلام. لأنهم أبناء الله يُدْعَوْن) متى5: 9 فلماذا طالبنا بصنع السلام إذا كان طريق الخلاص هو الصلب والفداء؟
11- (من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية) يوحنا 5 : 24
12- (13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 13-16
فكيف حكم عليهم بالبر والتقوى والصلاح قبل أن يُصلَب؟ ولماذا لم يُعلِّق صلاحهم وبرهم على موته وقيامته؟ وكيف كانوا نور العالم وهو لم يكن قد صُلِبَ بعد؟
13- (أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه. بل في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده) (أعمال الرسل 10 : 34 - 35) فلم يتقيد قبولكم عند الله بالصلب والفداء بل بالإيمان بالله وتقواه. بالإيمان بالله وحده والعمل الصالح.
14- كما حكم على الأطفال بالبراءة وأكد خلوهم من فرية الخطيئة الأزلية: (13وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَداً لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. 14فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذَلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللَّهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». 16فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.) مرقس 10: 13-16
15- شهد كذلك قبل أن يموت على الصليب ويفدى البشرية من خطيئة أدم أن تلاميذه من الأطهار باسثناء واحد منهم: (9قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يَدَيَّ وَرَأْسِي». 10قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ».) يوحنا 13: 9-10
16- يقول أيضاً: (14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ) متى 6: 14 ومعنى هذا أن غفران الله لنا يتوقف على مغفرتنا لاخواننا والتحاب بيننا ، وليس على الصلب والفداء
17- وقال أيضاً: (وحينئذ يحاسب كل إنسان على قدر أعماله) متى 16: 27
18- (من هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبَهُ فإنه يُسرُّ بالرأفة. يعود يرحمنا، يدوس آثامنا وتُطرَحُ فى أعماقِ البحر جميعُ خطاياهم) ميخا 7: 18-19.
19- إنه (الرب حنان ورحيم طويل الروح وكثيرُ الرحمةِ. الربُّ صالح للكلِّ ومَرَاحِمُهُ على كل أعماله) مزمور 145 : 8-9
20- (29فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ.) يوحنا 5: 29
21- (الرب الرحيم كثير الرحمة ، الإله الرؤوف) يعقوب 5: 11
22- (9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 11خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. 12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا.13وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلَّاتِكُمْ.) متى 6: 9-15
23- (36وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَاباً يَوْمَ الدِّينِ. 37لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ».) متى 12: 36-37
24- (30فَتَذَمَّرَ كَتَبَتُهُمْ وَالْفَرِّيسِيُّونَ عَلَى تَلاَمِيذِهِ قَائِلِينَ: «لِمَاذَا تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مَعَ عَشَّارِينَ وَخُطَاةٍ؟»31فَأَجَابَ يَسُوعُ:«لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. 32لَمْ
آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».) لوقا 5: 32
25- أنكر معاصروه فرية الخطيئة الأزلية التى تقوم على الصلب والقيامة من الأموات التى كان يدعوا بولس إليها ضمن تعاليم أخرى تخالف تعاليم عيسى والكتاب المقدس (32وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: «سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هَذَا أَيْضاً!».) أعمال الرسل 17: 32.
26- (17هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضاً، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. 18لَكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ!» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي. 19أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20وَلَكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟) يعقوب 2: 17-20
والدليل على ذلك أيضاً هو كون الأنبياء من الأبرار الصالحين قبل نزول الرب وموته:
1- (وَبَارَكَ الرَّبُّ إِبْرَاهِيمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ.) تكوين 24: 1
2- (فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.) ملوك الثانى 2: 11
3- (24وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.) تكوين 5: 24 إنه من الأبرار قبل أن تحدث حادثة الصلب المزعومة.
4- (5بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ - إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ.) عبرانيين 5: 11
5- (41رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هَهُنَا! 42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 41-42 ، فلا وجود إذن للخطيئة الأزلية.
6- (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ.) متى 11: 11 ، إذن كان يوحنا من الأبرار ، بل ومن أعظم من ولدتهم النساء ، إذن فقد كان هناك عظماء أبرار آخرين ، ومع ذلك فإنَّ يوحنا أفضلهم ، ويفضل الكل النبى الخاتم ، أصغرهم. فلا وجود إذن للخطيئة الأزلية.
7- (27فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذاً يَا أَبَتِ أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي 28لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضاً إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هَذَا. 29قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ. لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ. 30فَقَالَ: لاَ يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ. بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. 31فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ».) لوقا 16: 19-31
وفى الحقيقة فإن هذه القصة وإن كانت تنقض فكرة الخطيئة المتوارثة من أساسها ، إلا أن لها دلالة أكبر وأعظم وهى: أن العقيدة الصحيحة التى تنجّى صاحبها من العذاب الأبدى ، هى الإيمان بالله الواحد ، إله إبراهيم وموسى وكل الأنبياء ، والإيمان بهذه الرسل كأنبياء أرسلهم الله لهداية عباده وإصلاح ما فسدَ من شرعه ، ثم العمل الصالح. والتوبة من السيئات قبل يوم الحساب ، فلا وجود إذن للخطيئة الأزلية.
إذن فدعوة يوحنا المعمدان بنى إسرائيل بالتوبة تفضح أقوال بولس ، وتبين مدى زيف عقائده ، وتشين نواياه السيئة فى هدم دين يسوع ، وإخراج أتباع البولسية من عهد الله مع أنبيائه.
أما النقطة الثانية عن سبب دعوة المعمدان بنى إسرائيل للتوبة هو اقتراب ملكوت الله ، وهى نفس دعوة عيسى عليه السلام لبنى إسرائيل ، بل هى لب رسالته:
لوقا 4: 43 (43فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ». 44فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِ الْجَلِيلِ.)
وأيضاً لوقا 8: 1 (1وَعَلَى أَثَرِ ذَلِكَ كَانَ يَسِيرُ فِي مَدِينَةٍ وَقَرْيَةٍ يَكْرِزُ وَيُبَشِّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَمَعَهُ الاِثْنَا عَشَرَ.)
وفى مرقس 1: 14 (14وَبَعْدَ مَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللَّهِ 15وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ».)
كما أوصى يسوع تلاميذه فى متى 10: 7 قائلاً: (7وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ.)
وقد قدمت فى بداية التفسير معنى ملكوت الله واتفاق علماء النصرانية والمسلمين على أن ملكوت الله هو تطبيق شريعة الله على الأرض ، وهو ملكوت آخر يلغى ملكوت بنى إسرائيل ، وهو ملكوت للعالم أجمع: ((42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ»)متى 21: 42-44، مرقس 12: 10-12) متى 21: 42-44
لكن لماذا أمرهم المعمدان بالتوبة لدخول ملكوت الله على الرغم من هذا الملكوت للعالم كله أى للوثنيين أيضاً؟
لأن اليهود كانوا يعلمون أن صاحب الملكوت سيأتى من نسل إسماعيل ، وهو الحجر الذى رفضه البنائون ، ولكنهم كفروا وكابروا وحرفوا لكى تبقى النبوة فيهم ، ونسوا أنه لا يمكن أن يخطف أحد النبوة من يد الله أو يجبره على شىء: (22وَكَانَ عِيدُ التَّجْدِيدِ فِي أُورُشَلِيمَ وَكَانَ شِتَاءٌ. 23وَكَانَ يَسُوعُ يَتَمَشَّى فِي الْهَيْكَلِ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ 24فَاحْتَاطَ بِهِ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى مَتَى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَقُلْ لَنَا جَهْراً». 25أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي. 26وَلَكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. 27خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. 28وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. 29أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. 30أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ».) يوحنا 10: 22-30
وقول المعمدان: (أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً) وكلمة الرب لا تُشير لا من قريب ولا من بعيد إلى يسوع ، ولا إلى كون يسوع هو الرب ، بل هو نفس المعنى الذى قصده من قبل: توبوا واصنعوا أثماراً تليق بالتوبة، ومهدوا لمجىء شريعة الله، وكونوا عباداً الله، واتبعوا صراطه المستقيم! أو قد تعنى مهدوا أنفسكم بالتوبة لستقبال سيد الأنبياء والمرسلين، المسيا خاتم رسل الله، لأن كلمة (رب) أو (ربى) أو (ربونى) تعنى المعلم أو النبى شارح الشريعو معلم الدين: (يوحنا 20: 16)، وعندما يُضاف إليها (ال) تكون معناها التحديد، وهو النبى الذى كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.
وفى الحقيقة إن استشهاد متى قد اختلف عن النص الذى جاء فى مرقس والذى يعد الأساس الذى ارتكن إليه متى فى كتابه كما أوضحنا وقرر علماؤهم من قبل. ففى مرقس 1: 2-3 تقول النبوءة: (2كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: «هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. 3صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً».) وكذلك اختلف عن الأصل المُستشهد منه ، وهو هنا أدخل نصين مختلفين لكتابين مختلفين سوياً ليفصل منها نبوءته: ملاخى 3: 1 وإشعياء 40: 3
يقول إشعياء: (3صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلاً لإِلَهِنَا.) إشعياء 40: 3
ويقول ملاخى: (1هَئَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ وَمَلاَكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ.) ملاخى 3: 1
ويقول مرقس: (2كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: «هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. 3صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً».) مرقس 1: 2-3
ويقول متى: (1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. 3فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً».) متى 3: 1-3
ويلاحظ القارىء الواعى هنا أن مرقس قد فصَّلَ من الإثنين نبوءة تتلاءم مع يسوع وبيئته ، فأخذ الجملة الأولى من ملاخى ، وترك بقية النص ، وأخذ الجملة الأخرى من إشعياء ، وحذف كلمة (القفر) التى تعنى الصحراء.
أما متى فقد جعل الملاك الذى سيهىء طريق المسيَّا (سيد الأنبياء والمرسلين) هو المعمدان ، محرِّفاً بذلك نبوءة ملاخى ، وكلام مرقس ، ليكون الملكوت هو ملكوت يسوع ، وسار على دربه فيما قام به من تحريف فى كلمة القفر ، فقد حذفها أيضاً.
ويعلق على هذه النقطة الأستاذ هريدى قائلاً: (ولو عدنا إلى النص الوارد في ملاخي نجد نص مرقص الذي مر معنا محرفاً عمداً وناقصاً، وأنه كزميله متَّى أخذ ما يحقق غرضه وترك الباقي لأنه يفضحه ويكشف تدليسه. فنص ملاخي يقول: "هأنذا أرسل ملاكي فيهيىء الطريق أمامي ويأتي بغتة إلى هيكلة السيد الذي تطلبون وملاك العهد الذي تسرون به هو ذا يأتي قال رب الجنود".
حتى إن هذا النص يعتبر محرفاً بالنسبة لما جاء في التوراة العبرية التي بيد اليهود، والتي تقول: "هأنذا سوف أرسل رسولي، فيعزل طريقاً بحضوري وحينئذ يأتي بغتة إلى هيكلة الولي الذي أنتم ملتمسون، ورسول الختان الذي أنتم راغبون. أيضاً هو آت قال رب الجنود" فالرسول في التوراة العبرية ترجموه إلى "ملاك" في "العهد الجديد" من أجل التعمية على العامة وهنا ينشأ عندنا سؤالان:
الأول: من هو الذي سيعزل الطريق، أو يهىء الطريق بحضور الله أمام النبي القادم؟
الثاني: لماذا ترك مرقص بقية النص الذي يقول: "وحينئذ يأتي بغتة إلى هيكله الولي الذي أنتم ملتمسون" (أو السيد الذي تطلبون) "ورسول الختان الذي أنتم راغبون".
وللجواب على السؤال الأول نقول: إن الشاؤوليين الكنسيين يزعمون أن يوحنا هو الذي جاء ليهىء الطريق أمام عيسى النبي القائد المنتصر!! وإذا كان هذا حقاً، أي أن مهمة المعمدان كانت إعداد الطريق وتهيئتها أمام عيسى باعتباره القائد الفاتح المنتصر القادم فجأة إلى هيكله ليقيم دين السلام ويجعل مجد الهيكل أعظم من مجده الأول (حجي 2/8)، فلماذا لم يوقف التعميد ويتبعه، ثم إن زعمهم هذا لا ينطبق مع الفشل المطلق في مهمة عيسى بأسرها. لأن عيسى لم يثبت أنه القائد الفاتح المنتصر، حتى يهيىء المعمدان الطريق أمامه، بل بالعكس هو الذي بكى على القدس وأهلها متحسراً على فشل مهمته. "يا أورشليم... يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها. كم مرة أردت أن أجمع أبناءك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا" متى:23/37 ،.)
كذلك تعترف الأناجيل أن يسوع جاء لخاصته ولم تؤمن به: (6كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا. 7هَذَا جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ. 8لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ بَلْ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ. 9كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِياً إِلَى الْعَالَمِ. 10كَانَ فِي الْعَالَمِ وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. 11إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ.) يوحنا 1: 6-11
ويواصل الأستاذ هريدى قائلاً: (وللإجابة على السؤال الثاني، أي لماذا ترك مرقص بقية النص؟ فالجواب بكل بساطة هو أنه لو ذكره لانفضح أمره ولعرف الجميع أن أصل النص لا ينطبق على عيسى.
لأن الرسول الذي يأتي بغتة إلى هيكله منتصراً، ويجعل مجد الهيكل أعظم من مجده الأول حسب نبوءة حجي السابقة هو محمد نبي الإسلام. وأما دين السلام، الذي بشر به يعقوب، فهو دين الإسلام. أي دين المملكة التي أقامها محمد. ولا زال الشاؤوليون الكنسيون يقولون في صلاتهم حتى اليوم: "وليأت ملكوتك" ولا ندري كم من الزمن سيستمرون في هذه الصلاة، لأن كنائسهم لا تستطيع أن تقول لهم الحقيقة، وهي أن ملكوت الله قد أتى قبل 1400 سنة على يد محمد آخر الأنبياء.
وقد تحقق مجيىء محمد إلى الهيكل ليلة الإسراء والمعراج. إذ أسرى الله بنبيه بغتة من مكة إلى بيت المقدس، حيث كان جميع الأنبياء الذين سبقوه، ومن بينهم إبراهيم وموسى وعيسى بن مريم في انتظاره فصلى بهم إماماً ثم رفع إلى السماء وأراه الله من آياته الكبرى!! وسنبحث ذلك مفصلاً في حينه:
هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى يتكلم النص الذي تغاضى عنه مرقص عن "رسول الختان"، ومحمد هو المعروف لدى الجميع بأنه رسول الختان الذي تتحدث عنه النبوءة. فهو نفسه ولد مختوناً، وهو الذي أعاد فرض الختان على المسلمين بعد أن كان شاؤول قد ألغاه عندما وجد صعوبة من الأمميين في تقبله وأحل لهم كل ما هو محرم.)
إلى هنا انتهى استشهادى بما كتبه الأستاذ هريدى.
وهنا يحضرنى سؤال: إذا كان نبى الله ورسوله محمد عليه الصلاة والسلام ولد مختوناً، ألم يكن أجدر بإلهكم أن يولد هو الآخر مختوناً؟ بدلاً من يُعرَّى وتقطع غلفته الفاسدة، ويكون الإله بذلك قد نقص جزء من جسده الذى لم يكن طاهراً بوجود هذه الغلفة، ثم يتألم عدة أيام باكياً على آلامه وحاله من عباده!!
فقد ألغاه بولس بنصوص عديدة ، على الغم من أن يسوع والمعمدان وكل الأنبياء قد ختنوا ، وهذا هو العهد الأبدى بين الله وشعبه ، الذى عقده مع إبراهيم: (9وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هَذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَاناً وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْداً أَبَدِيّاً. 14وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».) تكوين 17: 9-14
وهذا ما فعله عيسى ويوحنا المعمدان عليهما السلام (59وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. 60فَقَالَتْ أُمُّهُ: «لاَ بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا».) لوقا 1: 59-60 ، (21وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ.) لوقا 2: 21
بل قرَّرَ الله أن يقتل موسى لأنه نسِىَ أن يختن ابنه: (21وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «عِنْدَمَا تَذْهَبُ لِتَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ انْظُرْ جَمِيعَ الْعَجَائِبِ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِي يَدِكَ وَاصْنَعْهَا قُدَّامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لاَ يُطْلِقَ الشَّعْبَ. 22فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. 23فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ». 24وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 25فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». 26فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ». 27وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: «اذْهَبْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لاِسْتِقْبَالِ مُوسَى». فَذَهَبَ وَالْتَقَاهُ فِي جَبَلِ اللهِ وَقَبَّلَهُ. 28فَأَخْبَرَ مُوسَى هَارُونَ بِجَمِيعِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي أَرْسَلَهُ وَبِكُلِّ الآيَاتِ الَّتِي أَوْصَاهُ بِهَا.) خروج 4: 21-28
أما بولس فله رأى آخر (فى الحقيقة دين آخر) فى موضوع الختان:
(أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً!) غلاطية 5: 2
(4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
وأدانه التلاميذ لأنه علم الناس الإرتداد عن تعاليم موسى وعيسى عليهما السلام ، وترك الختان ، وأمروه بالإستتابة وعدم العودة لمثل هذه التعاليم ، بل أرسلوا إلى الضالين الذين أضلهم بولس من يصلح لهم عقيدتهم: (21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ.) أعمال الرسل 21: 21 (افرأ أيضا من 17-32 من نفس الإصحاح)
أما طعامه الذى كان جراداً وعسلاً بريَّاً، فهذا يناقض ما أتى به متى فى 11: 18، حيث قال: (18لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ فَيَقُولُونَ: فِيهِ شَيْطَانٌ.)، وقد غضَّ باركلى النظر فى تفسيره عن هذه الفقرة ، تماماً كما فعل Eduard Schweizer فى تفسيره. أما ر.ت. فرانس فى تفسيره الحديث للكتاب المقدس، فقد تكلم فقط عن أكل يوحنا للعسل البرى والجراد، ولم يشر فى تفسيره إلى قول متى11: 18، وعندما ترجع إلى هذا الموضع فى تفسيره تجده لم يزد بخصوص عدم أكله على قوله ص 215: (وكان يوحنا ويسوع غير تقليديين بدرجة ملحوظة فى أساليبهما المختلفة. ولذلك نسبوا تقشف يوحنا الصارم وكرازته بالدينونة إلى مس شيطانى).
يتبع
-
أما قول متى: (5حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنّ.) متى 3: 5 ، فقد أخذه من مرقس بعد أن عدَّلَ فى الجملة ، فقال: (5وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ.) مرقس 1: 5 ، وبالتالى فقد أضاف متى كلمة (الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنّ) ، وهو بهذه الإضافة قد أوقع نفسه فى مأزق كبير يدل على أنه لم يكن معاصراٍ ليسوع ، وأنه لا يعرف جغرافيا فلسطين جيداً ، فقد نسى أنه لا توجد كور محيطة بنهر الأردن ، لأن تلك المنطقة كانت برية خالية من الكور والسكان ، ومليئة بالوحوش ، كما ذكر مرقس: (13وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ.) مرقس 1: 13 (اقتباساً من هريدى).
هذا على الرغم من أن تفسير متى على شبكة النت يرى أن البرية كان بها بعض المدن: (ولم تكن برّيّة قاحلة، إنّما كانت تضم ست مدن مع ضياعها (يش 15: 61-62)، لكنها منطقة غير مزدحمة ولا مُحاطة بالحقول والكروم كبقيّة البلاد.)
وتقول دائرة المعارف الكتابية عن البرية: (البرية هي الصحراء أو أي أرض مقفرة غير معمورة وأن كان بها ما يصلح لرعي الماشية، وأشهر البراري في الكتاب المقدس هي برية سيناء (خر 19: 1) وبرية سين (خر 16: 1) وبريع فاران (ا صم 25: 1) وبريه معون (اصم 23: 24، 25) (انظر بادية في هذا المجلد).)
ويواصل الأستاذ هريدى تعليقه على هذه النقطة قائلاً: (هذا في الوقت الذي أخطأ فيه الاثنان أو مترجماهما، إذ كان المفروض أن يقولا "خرجت" إليه أورشليم، وخرجت إليه جميع الكورة، أي بتاء التأنِث وليس خرج. لكن [لأن] مرقص أو مترجمه أخطأ وقال خرج أورشليم فتكرر نفس الخطأ عند متّى المزيف ليفضحه الله في سرقته عن مرقص. أما لوقا فبعد أن أخذ زبدة الاثنين عكس الموضوع كلياً و قال: "إن المعمدان هو الذي جاء إلى جميع الكورة المحيطة بالأردن بدل أن تأتي إليه جميع الكورة" فوقع في نفس خطأ متّى لأنه لم تكن هناك أي كور إذ أن المنطقة كانت برية كما أسلفنا خالية إلا من الطيور والوحوش.)
ومعنى ذلك أن القضية لا بد أن تُرفَض من أساسها: فمتى ومرقس اتفقا على أن أهل أورشليم والكور المحيطة بنهر الأردن هم الذين أتوا ليوحنا المعمدان ، ورواية لوقا تقول إنه هو الذى ذهب إليهم. فهل يُعَد هؤلاء الكتبة شهوداً على هذه الأحداث التى كتبوها؟ وهل يُطلق على كتب مثل هؤلاء موحى بها من الله؟
يُضاف إلى ذلك أن يوحنا حكاها فى إنجيله بصورة مختلفة تماماً ، فقد ادعى أن اليهود هم الذين أرسلوا له كهنة ولاويين ليسألوه عن ماهيته فأقر بأنه ليس المسيح ولا إيليا ولا النبى: (19وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْ(15وَإِذْ كَانَ الشَّعْبُ يَنْتَظِرُ وَالْجَمِيعُ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ عَنْ يُوحَنَّا لَعَلَّهُ الْمَسِيحُ) لوقا 3: 15 وكما أنكر عيسى عليه السلام أنه هو المسيَّا، أنكر المعمدان عليه السلام أيضاً من قبل: (19وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. 21فَسَأَلُوهُ: «إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ». 22فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ لِنُعْطِيَ جَوَاباً لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟» 23قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». 24وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ 25فَسَأَلُوهُ: «فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ وَلاَ إِيلِيَّا
وَلاَ النَّبِيَّ؟») يوحنا 1: 19-25
وسبق أن قلنا أن هذه الجملة قالها برنابا على لسان عيسى عن سيد الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليهما وسلم ، وهنا لا بد أن يدرك اللبيب صدق برنابا وكذب يوحنا: إذ لا يمكن أن يكون يوحنا قد استهل كتابه بتأليه يسوع ، وجعله هو الإله الراسل الخالق ، ثم ما يلبث أن يجعله هو النبى المرسل المخلوق. فلو لم يكتب يوحنا هذه الجملة وهذا أكبر الظن ، لاتضح لك مدى الحرية التى كانت تتمتع بها الكنائس فى التغيير والتبديل ، فلك طائفة تحاول إثبات أن مذهبها هو الأصح.
ونقلاً عن هريدى ، يقول: (ويعلق الأسقف السابق البروفسور عبد الأحد داود على ذلك مخاطباً جميع رجالات الكنيسة من البابا حتى الشماس الذين كانوا يوماً زملاءه يقوله: "وإني أتجرأ وأسأل الكنائس المسيحية التي تؤمن أن ملهم جميع هذه الأقوال المتضاربة (أي الأناجيل الأربعة) هو الروح القدس، في من كان يعني أولئك الأحبار اليهود واللاويين بقولهم "ال نبي أنت ". فإذا كنتم تدعون عدم معرفتكم مقصد رجال الدين العبرانيين، فهل يعرف باباواتكم، وبطارقتكم من هو ذلك النبي؟! وإذا كانوا لا يعرفون، فما هي الفائدة الدنيوية من هذه الأناجيل المشكوك في صحتها والمحرفة؟. وإذا كان الأمر على العكس وكنتم تعرفون ذلك النبي فلماذا تبقون صامتين ".
وطبعاً الجواب معروف لماذا يبقون صامتين. وهو أنهم لا يملكون الجرأة بالتصريح عن هوية "ذلك ال نبي")، الذي يدعو إلى توحيد الخالق وتنزيهه عن الشرك، في الوقت الذي هم يدعون طيلة عشرين قرناَ إلى الشرك بالله وعبادة إله مثلث. إذ لو اعترفوا بحقيقة ذلك "ال نبي" فسينكشفون أمام العالم بأنهم قد غشوا الأمة المسيحية قاطبة طيلة العشرين قرناَ الماضية وجروها إلى الشاؤولية الكنسية الوثنية (الثالوث). ولربما تقوم عليهم طوائفهم وتمزقهم إرباً، لأنهم بتضليلهم لهم طيلة تلك المدة يكونوا قد أرسلوا آباءهم وأجدادهم إلى الجحيم بسبب تجديفهم على الله الواحد حسب قول المسيح "وأما التجديف على الله فلن يغفر للناس لا في هذا العالم ولا في الآتي" متى:12/31،.
ولأن دين الله واحد ومصدره واحد فقد جاء تأكيد ذلك في القرآن كما ذكرنا (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم. إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة، ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) سورة المائدة:الآية 72 . وقال كذلك (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً) سورة النساء: الآية 112.
والتثليث هو أكبر كلمة كفر تقال على الله الواحد عند كل عاقل، لذا لا تجد له نظيراً في الديانات السماوية السابقة أو اللاحقة، إنما لها مثيل في الفرعونية والإغريقية والبابلية والهندية ... وكلها ديانات وثنية، فهؤلاء القوم حسب تأكيد الله ثم المسيح، لن يغفر لهم لا في هذا العالم ولا في الآتي. [وتراهم اليوم يقولون بالتوحيد ، والجديد أنك تسمع قولهم: ليس عيسى هو الله ، ولكن الله هو عيسى. بمعن أنك لست ابنى ولكننى أبوك.]
لهذا فهم يبرمجون طوائفهم منذ الصغر على عدم الإيمان بمحمد أو برسالته (القرآن) لأنه لو اطلعت طوائفهم على دين محمد لنبذوا دين شاؤول واتبعوا محمداً في الحال.
ومن أجل هذا تلوذ الكنيسة بالصمت عن هوية "ذلك ال نبي" الذي سأل الكهنة واللاويون يوحنا عنه، والذىِ كان الكل في انتظاره. والكنيسة اليوم لا تستطيع أن تزعم لطوائفها أن ذلك النبي هو عيسى لأنها سبق أن زعمت لهم أن عيسى إله، والإله لا يكون نبياَ، كما أن النبي لا يكون إلهاً!. لذا يبقى السؤال قائماً، ومن حق كل مسيحي يحب المسيح ويريد أن يعرف الحقيقة حسب قول المسيح "ابحثوا عن الحق والحق يحرركم " يوحنا 8: 32 ، أن يتوجه بالسؤال التالي إلى قساوسته وكنيسته .. من هو "ذلك ال نبي" الذي تحدث عنه الكهنة واللاويون؟!! وهل أتى أم لا!؟ انتهى الإقتباس.
وكما شاع ذلك عن يوحنا المعمدان ، شاع ذلك أيضاً عن عيسى عليه السلام ، فعندما شاع صيت عيسى عليه السلام ، أرسل إليه المعمدان من السجن ليسأله إن كان هو المسيَّا أم لا: (2أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ 3وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» 4فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: 5اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. 6وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».) متى 11: 2-6
إذن فسؤال نبى الله يوحنا المعمدان لعيسى عليه السلام («أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟») ليدل على توقعهم لهذا النبى صاحب الملكوت ، الذى بشرا هما الإثنان به ، وكان أساس دعوتهما:
فقال يوحنا عليه السلام: (1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً:«تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ) متى 3: 1،
وكذلك قال عيسى عليه السلام: (17مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ : «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ».) متى 4: 17 ،
(43فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ». 44فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِ الْجَلِيلِ.) لوقا 4: 43-44
كما أنبأ عيسى عن قدوم نبى آخر الزمان ، فقال:
(وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. .. .. .. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
(15«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ 16وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ 17رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ)يوحنا 14: 15-17
(24اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي. وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 25بِهَذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ. 26وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.)يوحنا 14: 24-26
(26«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي.27وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الاِبْتِدَاءِ».) يوحنا 15: 26-27
(7لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. 8وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ. 9أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. 10وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضاً. 11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 7-10
(12«إِنَّ لِي أُمُوراً كَثِيرَةً أَيْضاً لأَقُولَ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. 13وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. 14ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.) يوحنا 16: 12-14
وصفات هذا النبى هى:
1) يأتى بعد عيسى عليه السلام (لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي)
2) نبى مرسل من عند الله ، أمين على الوحى (لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا
يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ)
3) مرسل للعالم كافة (وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى
دَيْنُونَةٍ.)
4) صادق أمين ، عين الحق وذاتها (مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ) (وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ
الْقُدُسُ)
5) يخبر ويُنبىء عن أمور مستقبلية (وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ)
6) ديانته مهيمنة ، وتعاليمه شاملة (مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ
الْحَقِّ)
7) يتعرض دينه وشريعته لكل تفاصيل الحياة (فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ
بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ)
8) مؤيداً لرسالة عيسى عليه السلام الحقة ومدافعاً عنه وعن أمه (فَهُوَ يَشْهَدُ لِي)
9) ناسخ لما قبله ولا ناسخ له (فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ)
10) نبى مثل عيسى عليه السلام (مُعَزِّياً آخَرَ).
إذن فليس عيسى رسول الله ، النبى الخاتم للرسالات والنبوة ، ولكنه من أتى بعده ، المبعوث للثقلين الإنس والجن ، الرحمة المهداة للعالمين.
ولم يأخذ لعيسى عليه السلام وأمه الطاهرة البتول حقهما إلا الإسلام الذى أتى به محمد صلى الله عليه وسلم.
فلم يطهر أمه من جريمة الزنى التى رماها بها اليهود وكتبها النصارى (على ما كان يُظن) ، وكتبوا نسل يوسف النجار على أنه نسل يسوع ، ونسبوا لأمه الزوج درءاً لشبهة ولادته بإعجاز الله ، على الرغم من أنها كانت منذورة لله ، فلم يُطهر أمه إلا محمد عليه الصلاة والسلام.
ولم ينزه عيسى عن كونه ابن زنى وابن غير شرعى إلا محمد عليهما الصلاة والسلام.
ولم ينزهه عن الإهانة والتسفيه والتحقير إلا محمد عليه الصلاة والسلام.
ولم ينزهه عن الكفر وادعاء الألوهية إلا محمد عليه الصلاة والسلام ،
ولم ينزهه عن ادعاء أنه ابن الله إلا محمد عليه الصلاة والسلام.
فمن الذى نزهه عن البصق فى وجهه؟ - إنه محمد عليه الصلاة والسلام.
ومن الذى نزهه عن الإستهزاء به؟ - إنه محمد عليه الصلاة والسلام.
ومن الذى نزهه عن صفعه على وجهه؟ - إنه محمد عليه الصلاة والسلام.
ومن الذى نزهه عن الإستهزاء به بإكليل الشوك؟ - إنه محمد عليه الصلاة والسلام.
ومن الذى نزهه عن الصلب؟ - إنه محمد عليه الصلاة والسلام.
فصلوا عليه وسلموا تسليما. عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما عن اسمه (المعزى) أو (البيركليت) فيقول الدكتور منقذ سقَّارفى كتابه المسيح يبشر بالبارقليط ، إن: لفظة "المعزي" لفظة حديثة استبدلتها التراجم الجديدة للعهد الجديد، فيما كانت التراجم العربية القديمة (1820م، 1831م، 1844م) تضع الكلمة اليونانية (البارقليط) كما هي، وهو ما تصنعه كثير من التراجم العالمية.
وفي تفسير كلمة " بارقليط " اليوناني نقول: إن هذا اللفظ اليوناني الأصل، لا يخلو من أحد حالين:
الأول: أنه "باراكلي توس". فيكون بمعنى: المعزي والمعين والوكيل.
والثانى: أنه " بيروكلوتوس "، فيكون قريباً من معنى: محمد وأحمد.
ويقول أسقف بني سويف الأنبا أثناسيوس في تفسيره لإنجيل يوحنا "إن لفظ بارقليط إذا حُرِّفَ نطقه قليلاً يصير "بيركليت" ، ومعناه: الحمد أو الشكر، وهو قريب من لفظ أحمد".
ويسأل عبد الوهاب النجار الدكتور كارلو نيلنو – الحاصل على الدكتوراه في آداب اليهود اليونانية القديمة- عن معنى كلمة "بيركلوتس" فيقول: "الذي له حمد كثير".
ومما يؤكد خطأ الترجمة أن اللفظة اليونانية (بيركلوتس) اسم لا صفة، فقد كان من عادة اليونان زيادة السين في آخر الأسماء، وهو ما لا يصنعونه في الصفات.
ويرى عبد الأحد داود أن تفسير الكنيسة للبارقليط بأنه "شخص يدعى للمساعدة أو شفيع أو محام أو وسيط " غير صحيح، فإن كلمة بارقليط اليونانية لا تفيد أياً من هذه المعاني، فالمعزي في اليونانية يدعى (باركالوف أو باريجوريس)، والمحامي تعريب للفظة (سانجرس)، وأما الوسيط أو الشفيع فتستعمل له لفظة "ميديتيا"، وعليه فعزوف الكنيسة عن معنى الحمد إلى أي من هذه المعاني إنما هو نوع من التحريف. يقول الدكتور سميسون كما في كتاب "الروح القدس أو قوة في الأعالي": "الاسم المعزي ليس ترجمة دقيقة جداً".
ومما سبق يتضح أن ثمة خلافاً بين المسلمين والنصارى في الأصل اليوناني لكلمة "بارقليط" حيث يعتقد المسلمون أن أصلها "بيركلوتوس" وأن ثمة تحريفاً قام به النصارى لإخفاء دلالة الكلمة على اسم النبي صلى الله عليه وسلم أحمد: الذي له حمد كثير.
ومثل هذا التحريف لا يستغرب وقوعه في كتب القوم، ففيها من الأخطاء مما يجعل تحريف كلمة " البيرقليط " من السهل الهين. ويكفى عدم حسن النية فى تغيير فهم وتفسير هذه الكلمة من اسم إلى صفة ، ومن كلمة لا معنى لها فى نسخة البشيتا السريانية إلى المعز فى الترجمة الكاثوليكية المعتمدة (الفولجاتا) ، ويواصل الدكتور عبد الأحد داود قائلا: (وإذا لم أكن مُخطِئاً فإن الصيغة الآرامية لابد أنها كانت “محَامْدا” أو “حمَيدا” ، وذلك لتتناسب مع كلمة “محمد” العربية أو “أحمد” والبرقليط اليونانية.)
ويرى آخرون بعيداً عن المعنى اللغوى أن المعزى هى صفة للشخص النبيل الذى سيرسله الله بعد عيسى عليه السلام بملكوت الله (بشريعة الله) ، وسيكون دينه ناسخاً لكل الأديان من قبله ، وعلى هذا فهو معزى لبنى إسرائيل على فقدهم النبوة والشريعة من نسلهم: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 42-46
وعودة مرة أخرى لمتى:
يقول متى إن يوحنا المعمدان قال: (11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ وَلَكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ.) متى 3: 11
ويقول مرقس إن يوحنا المعمدان قال: (7وَكَانَ يَكْرِزُ قَائِلاً: «يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. 8أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ».) مرقس 1: 7-8
ويقول لوقا إن يوحنا المعمدان قال: (16قَالَ يُوحَنَّا لِلْجَمِيعِ: «أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ وَلَكِنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ.) لوقا 3: 16
ويقول يوحنا إن يوحنا المعمدان قال: (26أَجَابَهُمْ يُوحَنَّا: «أَنَا أُعَمِّدُ بِمَاءٍ وَلَكِنْ فِي وَسَطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. 27هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي الَّذِي صَارَ قُدَّامِي الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقٍّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ».) يوحنا 1: 26-27
اتفق كل من متى ولوقا على أن الذى سيأتى بعد المهمدان هو الذى سيعمد بالروح القدس والنار. وخالفهم مرقس فى أن التعميد سيكون بالروح القدس فقط. ومعنى ذلك أن كل من متى ولوقا قد أضافا من عند أنفسهما كلمة النار.
كذلك أضاف متى على قول مرقس قول المعمدان: (أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ) ، ولم يعرف لوقا شيئاً عن هذه الجملة.
وكلمة مرقس (الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ) وافقه عليها لوقا بعد أن حذف كلمة (أَنْحَنِيَ) ، وغير متى أيضاً فى نص مرقس وجعل (حمل الحذاء) بدلاً من الإنحناء وحل سيوره.
أما يوحنا فقد بلغ به الشطط أوجه: فقد غير نص مرقس كليةً: فقد جعله (فِي وَسَطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ) و(الَّذِي صَارَ قُدَّامِي)
وإذا ما دققنا النظر فسيتبين لنا أن الذى كتب هذا النص هو شخص آخر غير الذى كتب افتتاحية يوحنا ، الذى جعل فيها يسوع هو الكلمة وهو الله. فكيف يصبح الله الراسل ، هو العبد المرسل؟ وكيف يكون هو يسوع؟ فهل تجسد الإله فى صورة يسوع لينبئنا عن قدوم نفسه بعد أن أتى؟
ويوضح لنا هذا النص الأب غريغوريوس الكبير فى تفسيره لمتى على شبكة النت قائلاً: ([من لا يعرف أن الحذاء يُصنع من جلد الحيوانات الميّتة؟! إذ صار الرب متجسّدًا، يظهر بين الناس كمن هو محتذي، إذ لبس لاهوته غطاءً قابلاً للموت لذلك يقول النبي: "على أدوم أطرح نعلي" (مز 60: 8). لقد أُشير للأمم بأدوم… خلال الجسد صار معروفًا لدى الأمم، كما لو أن اللاهوت قد جاء إلينا بقدم محتذي. لكن لا يمكن للعين البشريّة أن تخترق سرّ التجسّد. فإنه ليس من طريق به يتحقّق إدراك كيف صار الكلمة متجسّدًا، وكيف انتعش الروح العلوي واهب الحياة داخل أحشاء أم، وكيف حُبل بذاك الذي بلا بداية وصار إلى الوجود. إذن فسيور الحذاء إنّما هي أختام السرّ. لم يكن يوحنا مستحقًا أن يحلّ حذاءه إذ كان عاجزًا عن البحث في سرّ تجسّده... إني أعرف أنه وُلد بعدي، لكنّني أعجز عن فهم سرّ هذا المولود. انظر! فإن يوحنا الممتلئ بالروح - روح النبوّة - والمستنير بالمعرفة يُعلن أنه لا يعرف شيئًا بخصوص هذا السر.])
حسبنا الله ونعم الوكيل! والحمد لله على نعمة الإسلام ، وكفى بها نعمة!!
شبه إلهه بالنعل، بالحذاء (إذ صار الرب متجسّدًا، يظهر بين الناس كمن هو محتذي)!
وآخر شبهه بالخروف: (14هَؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، والْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ»)رؤيا يوحنا17: 14
وآخر لعنه: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
ويعلق الأستاذ هريدى على هذا النص قائلاً: (هذا وفي الوقت الذي ذكرت الأناجيل الأربعة على لسان يوحنا المعمدان أنه ليس أهلاً لأن يحل سيور حذاء هذا النبي القوي العظيم الذي كان الكل في انتظاره نجد برنابا يقول: إن عيسى بن مريم هو الذي يقول بل يتمنى ذلك. إذ يقول: إن الكهنة واللاويين سألوا عيسى "فاعترف يسوع وقال الحق أني لست مسيا (أي ال مسيح ال منتظرأو ال نبي ال منتظر) فقالوا له أأنت ايلياء أو أحد القدماء فأجاب يسوع كلا. حينئذ قالوا من أنت قل لنشهد للذين أرسلونا. فقال حينئذ يسوع أنا صوت صارخ في البرية اعدوا طريق رسول الرب كما هو مكتوب في اشعيا. قالوا إذا لم تكن المسيا ولا ايلياء أو نبياً فلماذا تبشر بتعليم جديد وتجعل نفسك أعظم من مسيا؟ أجاب يسوع إن الايات التي يصنعها الله على يدي تظهر أنى أتكلم بما يريد الله ولست أحسب نفسي نظير الذي تقولون لأني لست أهلاَ أن أحل سيور حذاء رسول الله الذي تسمونه مسيا الذي خلق قبلي وسيأتي بعدي بكلام الحق ولا يكون لدينه نهاية" برنابا 42: 5 ، أي يمكث دينه إلى الأبد.
كما يقول في 44: 27-31 "ما أسعد الزمن الذي سيأتي فيه (محمد) إلى العالم. صدقوني أني رأيته وقدمت له الاحترام كما رآه كل نبي لأن الله يعطيهم روح نبوة ولما رأيته امتلأت عزاء قائلأ يا محمد ليكن الله معك ولتجعلني أهلاً لأن أحل سيور حذائك".
لماذا يقول عيسى ذلك؟! يقول عيسى: "إن الله أول ما خلق في الوجود خلق روح محمد، وإن آدم وهو خارج من الجنة وجد فيه عزاءه وراحة نفسه. إذ في لحظة خروجه منها وجد مكتوباً فوق الباب (لا اله إلا الله محمد رسول الله) فبكى اَدم عندئذ وقال "أيها الابن عسى الله أن يريد أن تأتي سريعاً وتخلصنا من هذا الشقاء ثم خرج من الجنة".
يأتي بعدي من هو أقوى مني: سواء كان الكلام المروي على لسان المعمدان في الأناجيل الأربعة، أو على لسان عيسى في إنجيل برنابا هو الصحيح، فدعونا نستمع إلى قول الأسقف السابق عبد الأحد داود إذ يقول: "إن جملة أقوى مني ولست أهلاً لأن أحل سيور حذائه" المرويهَ على لسان الجميع إنما تدل على أكبر قدر من الاحترام والتقدير للشخصية القوية ذات الكرامة الرفيعة التي يتمتع بها ال نبي ال قادم. وأن هذا ال نبي الذي تمت البشارة بقدومه معروف لدى كافة الأنبياء بأنه سيدهم وسلطانهم وكبيرهم، وإلا لما اعترف غيره من الأنبياء بهذا الاعتراف" ثم يحلل أقوال يوحنا المعمدان كما يلي:
(أ) يأتي بعدي: إن نفس كلمة "بعدي لما تستبعد عيسى بكل وضوح من أن يكون هو المبشر به لأن عيسى ويوحنا ولدا في سنة واحدة وعاصر أحدهما الآخر... وكلمة "بعدي" هذه تدل على مستقبل غير معلوم. وبلغة النبوءة تعبر عن دورة أو أكثر من دورات الزمن... وأن في كل دورة زمنية تقدر بنحو خمسة قرون أو ستة تظهر شخصية لامعة.. والمعروف أن نبي الإسلام ولد بعد أكثر من 500 سنة بقليل من ميلاد المسيح.
ويؤكد الأسقف السابق عبد الأحد داود "لم يكن عيسى المقصود عند يوحنا لأنه لو كان الأمر كذلك لاتبع- يوحنا- عيسى وخضع له كتلميذ وكتابع. ولكن لم يكن الأمر كذلك إذ على العكس نجده يعظ ويعمد ويستقبل التلاميذ ويلقنهم ويوبخ هيرودس ويقرع الطبقات الحاكمة اليهودية ويتنبأ بمجىء نبي آخر أقوى منه دون أن يعير أدنى التفات لوجود ابن خالته- عيسى- في يهوذا أو الجليل. فهو قدم لهم عيسى وعمده كما يعمد أي يهودي آخر غير أنه أخبر بوضوح أن ثمة نبيا آخر قادم وهو أي يوحنا لا يستحق شرف الانحناء لحل سيور حذائه.
(ب) أقوى مني: ويستمر الأسقف السابق فيقول "وعندما أتأمل في عملية القبض على المعمدان البائس واعتقاله من قبل هيرودس أنتيباس ثم قطع رأسه بصورة وحشية. أو عندما أسرد الروايات المضطربة المأساوية لجلد عيسى على يد بيلاطس، وتتويجه بتاج من الشوك على يد هيرودس... ثم أتوجه بنظري إلى دخول السيد العظيم الظافر سلطان الأنبياء (محمد) إلى مكة وتدميره الكامل لجميع الأصنام القديمة وتطهيره الكعبة المقدسة. والمنظر الخلاب للأعداء المدحورين بقيادة أبي سفيان على قدمي الشيلوها، أي رسول الله العظيم المنتصر، يطلبون منه العفو والرحمة ويعلنون إيمانهم بالدين الجديد. وعندما أتأمل العبادة والتبتل المجيد وخطبة الوداع التي خطبها خاتم الأنبياء وهذه الكلمات الإلهية (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) سورة المائدة: الآية 3، عندئذ أفهم فهماً كاملأ معنى اعتراف المعمدان وقيمة كلماته "أنه أقوى مني".
وعليه يتبين لك أخي العزيز على لسان أسقف سابق وصل إلى أعلى المراتب الكنيسة أن ال نبي ال قادم والمبشر به هو قطعاً ليس عيسى. لأن عيسى ويوحنا عاشا في نفس الفترة وكلاهما- حسب الأناجيل- كان ضعيفاً فالأول سجن وقطعت رأسه مقابل ثمن بخس، والثاني (حسب الأناجيل أيضاً) ألقي القبض عليه بسبب تهم مزعومة وصلب أمام الجميع. (ولو أن المسلمين لا يؤمنون بذلك) لكن محمد هو النبي القوي الذي أتى بعدهما ودخل مكة قوياً منتصراً بعد تدميره الكامل لجميع الأصنام ومظاهر الشرك، وتحطيم جيوش الأعداء الذين تجمعوا لمقاتلته وجثوا على ركبهم صاغرين أمام القائد العظيم ينتظرون الموت على يد سيفه البتار فقرأ ذلك في وجوههم الخائفة فقال لهم وهم جاثون أمامه قولته المشهورة: "ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ " فقالوا له ذليلين: "أخ كريم وابن أخ كريم". وكقائد عظيم أثبت قوته في الحرب فقد أثبت قوته في السلم أيضاً فقال قولته المشهورة ورقابهم جميعاً تحت يديه: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" تحطمت الالهة الوثنية على يديه بحد السيف كما حطمها جده إبراهيم، وبحد السيف حافظ على كلمة "لا إله إلا الله" لأن تكون هي العليا فانهارت امبراطوريات الروم وفارس وحملت كنوز كسرى وهرقل ونثرت تحت قدميه وبقيت كلمة "الله أكبر لا إله إلا الله " هي العليا ينادى بها من على مآذن المساجد في الشرق والغرب خمس مرات في اليوم حتى يومنا هذا ليسهل على الجميع الدخول إلى ملكوت الله الحقيقي. وقول المؤذن "الله أكبر" تعني أن الله أكبر من كل الآلهة التي يزعمونها الأب والابن وروح القدس أو غيرها من الآلهة المصطنعة، وأكبر من كل من يعتقد أنه جبار من البشر بل اْكبر من كل خلقه ولا إله إلا هو.
(وهنا تحضرني فكرة!! إذا كان نبي الله يقول لأعدائه "اذهبوا فأنتم الطلقاء"؟! فهل كان من الضروري للكنائس الشاؤولية الثالوثية أن تزعم لطوائفها أن الله جل جلاله اتخذ رحلة الكفر المخيفة فنزل عن عرشه وحشر نفسه في رحم مريم بين الفرث والدم والبول ليخرج إلهاً طفلاً ثم يشب ويكبر ثم يصلب نفسه فداء عن البشر الذين يحملون خطيئة اَدم المزعومة وبعدها يغفر لهم!؟ ألا يستطيع أن يقول لهم من عليائه اذهبوا فقد غفرت لكم بدون مشوار الكفر الرهيب هذا الذي لا يصدقه عقل سليم!؟ إذا كان هذا بمقدور محمد الإنسان، أفلا يكون بمقدور الله خالق محمد! حتماً إن هؤلاء القوم يعبدون رباً وهمياً وليس رب محمد، الذي هو رب عيسى وموسى وإسحاق ويعقوب وإبراهيم.) انتهى الإقتباس
يواصل متى قوله: (7فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ قَالَ لَهُمْ: «يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟ 8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَباً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَداً لِإِبْراهِيمَ. 10وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ وَلَكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 12الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ».) متى 3: 7-12
يرى موقع الكلمة على شبكة النت فى تفسير الفقرة (12) أنها تشير إلى مجىء المسيَّا كحاكم و: (كديّان: "الذي رَفْشه في يده، وسينقّي بيْدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تُطفأ" [12].
هكذا يقدّم لهم القدّيس يوحنا المعمدان السيّد المسيح كديّان، فإن كان بلطفه يترك الحنطة مع التبن إنّما إلى حين، وسيأتي الوقت حتمًا ليذَرّي الحصاد، ويفصل القمح إلى المخزن، والتبن إلى النار. الآن يعيش الأبرار مع الأشرار، والمؤمنون مع غير المؤمنين، حتى يأتي يوم الرب العظيم الذي يقوم بنفسه بالتذرية. يمسك رفشه في يده ولا يسلّمه لآخر، فإنه وحده العارف القلوب والقادر أن يفصل الحنطة من التبن بحكمة دون أن يخطئ.
يطمئننا القدّيس أغسطينوس أنه وإن وُجدت الحنطة مختلطة بالتبن هنا، لكن هذا لن يؤذي الحنطة ولا يفقدها إكليلها، فسيأتي الوقت لعزلها عن التبن حيث يحرق التبن في النار: [هذا التبن لا يُهلك من هم حنطة الرب، والذين هم قليلون إن قورنوا بالآخرين، لكنهم هم جمع عظيم. لا يهلك مختارو الله الذين يُجمعون من أقاصي العالم، .. ..)
وعيسى عليه السلام لم يجمع مختاريه ، ولا حتى أتباعه ، بل جمعه اليهود وضربوه
وبصقوا فى وجهه وصلبوه (كما تدعون) ، وهرب عنه مختاروه ، وتركوه. وما كان عيسى عليه السلام يوماً من الأيام حاكماً أو قاضياً.
ويقول الأستاذ هريدى قى تفسير هذه الفقرة: (ويستمر الأسقف عبد الأحد داود فيقول "لقد أنذرهم (يوحنا) بكارثة وشيكة الوقوع (وهو غضب الله الذي ينتظرهم إذا ما استمروا في معاصيهم ولم يبادروا بالتوبة) وهو دمار القدس ونزع الملك والنبوة منهم وتسليمها لقوم غيرهم يصنعون ثمارها في أوقاتها كما سبق وتنبأ يعقوب "لا ينزع صولجان من يهوذا حتى يأتي شايلوه" تكوين:49/10 ، ( أي رسول الله). وقد تحقق ذلك بعد ستة قرون عندما سوى محمد آخر معاقلهم بالأرض.
لقد نصحهم يوحنا المعمدان من أجل عمل ثمار طيبة وحصاد جيد يليق بالتوبة والإيمان برسول الله القادم آخر الرسل والأنبياء، الذي عالج الكفر والشيطان والأصنام معالجة حاسمة وأبدية، وأقام دين الإسلام كمملكة الله على الأرض وعندما نادى المنادي في البرية مهدوا الطريق للسيد واجعلوا ممراته مستقيمة كان يبشر بدين السيد على صورة مملكة يقترب موعدها أشعيا:40/1-4، كل وطاء يرتفع وكل جبل وأكمة ينخفض، ويصير المعوج مستقيماً والعراقيب سهلاً. فيعلن مجد الرب ويراه كل البشر جميعاً لأن فم الرب تكلم فانهارت الأمبراطوريات الوثنية الزائفة، واختفت الأوثان أمام سيفه البتار وأصبح أبناء مملكة الله متساوين لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، وتكونت منهم الجماعة المؤمنة ،لا كهنوت ولا طقوس، والمؤمنون سواسية كأسنان المشط- فارتفع كل وطاء حسب النبوءة المذكورة وانخفض كل جبل- وشملهم الإسلام الدين الوحيد الذي لا يعترف بأي كان مهما عظم كوسيط مطلق بين الله والناس.
ولا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أبا لأني أقول لكم إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم "أي اعتمادكم في الخلاص على كونكم أولاد إبراهيم لن يفيدكم إن لم تكونوا صالحين مثله. فالله قادر على أن يخلق أبناء لإبراهيم من هذه الحجارة.
ونحن نسوق قول يوحنا هذا للذين يقولون: إن عيسى ابن الله الطبيعي. فالله الذي يستطيع أن يخلق من الحجارة أولاداً لإبراهيم، بالكلمة، أو المشيئة أفلا يستطيع أيضا أن يخلق عيسى في رحم مريم بالكلمة أو المشيئة، أو حتى يخلق مليون عيسى لو شاء من الحجارة وليس في رحم مريم؟ حقأ لقد تحققت في هؤلاء القوم نبوءة أشعيا "تسمعون سمعاَ ولا تفهمون ومبصرين تبصرون ولا تنظرون ".) انتهى الإقتباس.
والفأس هنا إشارة إلى أن أمة المسيَّا ستكون أمة مجاهدة ، حيث كانت الفأس أداة للحرب ، وقد تشير إلى ما فعله أبيمالك بن جدعون مع سكان برج شكيم: (وقد صعد أبيمالك بن جدعون إلى جبل صلمون، هو وكل الشعب الذي كان معه وقطعوا بالفؤوس أغصان أشجار ووضعوها على أكتافهم، ثم حملوها إلى صرح بيت إيل بريث ووضعوها عليه، وأحرقوها بالنار، فمات جميع أهل برج شكيم الذين كانوا مجتمعين في الصرح، نحو ألف رجل وامرأة (قض 9:46-49).)
فسيأتى المسيَّا أيضاً ويبيد عبادة الأصنام ، ويجعل بيت الله لعبادة الله وحده ، ويطهره من النجس والأوثان.
أما قول المعمدان: (9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَباً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَداً لِإِبْراهِيمَ.) لهو أكبر دليل على أن التوبة تأتى بالندم على فعل الشر ، والإقلاع عنه ، والعمل الصالح. فلن ينفع النسب ، ولن تنفع الوساطة ، ولو كانت هذه الوساطة هى نبى عظيم مثل إبراهيم. إذن فمن عمل صالحاً فلنفسه ، ومن أساء فعليها ، وما ربك بظلام للعبيد.
ففكر أيها النصرانى: من أين أتت عقيدة أنه لا غفران إلا بقتل الإله؟ وكيف لا يغفر الله بدون سفك دم؟ وكيف لا تكون التوبة إلا بهتك الأسرار على يد القسيس؟ إنها عقيدة بولس.
انظر لقول علمائكم فى بولس:
يُنادى العلماء اليوم قائلين (نقلاً من الخديعة الكبرى للدكتور روبرت كيل تسلر):
وأذكر من بين غير رجال اللاهوت المتخصصين بعض الأسماء القليلة منها : اللورد بولنجبروك (1678 - 1751)، غاندي، المحامي والفيلسوف كارل هياتي (1833 - 1909)، وباحث الطبيعة البروفسور أرنولد هايم ( 1882 - 1961 )، وهو قد وجد أن بولس قد ابتعد بعقيدة الذنب المتوارث هذه تماماً عن تعاليم عيسى ]عليه السلام[ ( إرجع إلى: "صورة العالم تحت مجهر باحث في الطبيعة "Das Weltbild eines Naturforschers" إصدار عام 1944 صفحة 146)، وكذلك أيضاً الفيلسوف فرانتس نيتشه، وباحث الطبيعة زيهر إيمانويل شفيدنبرج، وبرنارد شو وعالم اللغة فريدريش توديكوم، وأيضاً شيلنج، وجوته، و شيلر، وفولتير. وهناك الكثير غيرهم.
ولانبالغ إن قلنا إن أكبر قادة الفكر منذ عصر الإصلاح الديني قد توصلوا لمثل هذه النتائج . أما بالنسة لرجال الدين فهناك العديد من الأسماء التي تملأ الأفق، وهم يؤكدون وجود هذه التناقضات التي بين عيسى ]عليه السلام[ وبولس ويثبتونها ومع ذلك فهم أشهر من كتب ذلك وبسببه تعرضوا للنقد أو الخطر ونذكر منهم هذه الأسماء تبعاً للترتيب الأبجدي :
يتبع