بسم الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله
أُذن الخيرِ التي استقبلت آخر إرسال السماء
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ( 18 ) الأنبياء
عودة لمشاركة النصراني التي إدعى أن ليس لها إجابة .
تلخيص إعتراضات الضيف كان في النقاط التالية :
• مصير الجن المؤمن غير معروف ، لعدم توافر أدلة تخبرنا بذلك .
• تنعم الجن في الجنة بالزوجات والحور العين .
وبالإضافة إلى ما بينها جهالات الضيف ، والإشكالات التي صنعها عقله ، فوقع فيها وحده .
__________________________
تأصيل مختصر قبل الدخول في الموضوع :
لا ريب أن الجن مأمورون بأعمال زائدة على التصديق ، ومنهيون عن أعمال غير التكذيب ، فهم مأمورون بالأصول والفروع بحسبهم ، فإنهم ليسوا مماثلي الإنس في الحد والحقيقة ، فلا يكون ما أمروا به ونهوا عنه مساوياً لما على الإنس في الحد ، لكنهم مشاركون الإنس في جنس التكليف بالأمر و النهي ، والتحليل والتحريم ، ولا نزاع في ذلك بين المسلمين .
واختلف هل فيهم رسل أم ليس فيهم إلا ذنر على قولين :
فقيل : فيهم رسل لقوله تعالى :
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ( 130 ) الأنعام
وقيل : الرسل من الإنس ، والجن فيهم النذر ، وهذا أشهر ، فإنه أخبر عنهم باتباع دين محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنهم :
وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ( 29 ) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى ( 30 ) الأحقاف [1]
* هل مصير الجن المؤمن غير معروف ؟
لم يتنازع العلماء في أن أهل الكفر والفسوق والعصيان منهم يستحقون لعذاب النار ، كما يدخلها من الآدميين ، لكن تنازعوا في أهل الإيمان منهم ، فذهب الجمهور من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد إلى أنهم يدخلون الجنة .
وذهب طائفة – منهم أبو حنيفة فيما نقل عنه – إلى أن المطيعين منهم يصيرون تراباً كالبهائم ، ويكون ثوابهم النجاة من النار [2]
ولكن أين الصحيح والصواب في ذلك كما بينه العلماء والمحققين ؟
قال بن مفلح رحمه الله :
والجن مكلفون في الجملة يدخل كافرهم النار ويدخل مؤمنهم الجنة لا أَنه يصير ترابًا كالبهائم وثوابه النجاة من النار وظاهر الأَول أَنهم في الجنة كغيرِهم بقدر ثوابهم . [3]
و قال السيوطي :
لا خلاف في أن كفارة الجن في النار واختلف هل يدخل مؤمنهم الجنة ويثابون على الطاعة على أقوال أحسنها نعم وينسب للجمهور [4]
وقال الشوكاني :
وقد اختلف أهل العلم في دخول مؤمني الجنّ الجنة، كما يدخل عصاتهم النار ... فقال الحسن: يدخلون الجنة، وقال مجاهد: لا يدخلونها، وإن صرفوا عن النار. والأوّل أولى . [5]
• الأدلة على ذلك :
الدليل الأول :
قول الله عز وجل :
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ( 46 ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ ربِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 47 ) الرحمن
ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالي قد خاطب الجن والإنس – الثقلين – بقوله : " فَبِأَيِّ آَلَاءِ بِّكُمَا تُكَذِّبَانِ " في هذه السورة .
يقول الزمخشري :
الخطاب للثقلين ؛ فكأنه قيل : لكل خائفين منكما جنتان : جنة للخائف الإنسي ، وجنة للخائف الجني . [6]
وقال بن كثير :
وهذه الآية عامة في الإنس والجن ، فهي من أدل دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا ؛ ولهذا امتن الله تعالى على الثقلين بهذا الجزاء . [7]
الدليل الثاني :
قوله تعالى :
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( 56 ) الذاريات
وهذا من أدلة تكليف الجن ، والله سبحانه وتعالى يقول في غير موضع :
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ( 107 ) الكهف
ومنهم النوعان :
وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ( 14 ) الجن
فمن آمن بالله ، ولم يشرك به شيئاً فإن الله لن يخلف وعده ، ومن كفر فإن الله غني حميد :
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ( 179 ) الأعراف
الدليل الثالث :
قوله تعالى :
وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ( 13 ) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ( 14 ) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ( 15 ) الجن
حاول الضيف بكل جهل أن يعترض على هذا الدليل وقال :
حسناً .اقتباس:
" فأولاً هذا نص غير صريح ولا يصرح بأن الجن من أهل الجنة " .
المراد من قوله " فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا "
أي لا يخاف أن يُنقص من حسناته أو يحمل عليه غير سيئاته ، وهو قول بن عباس وقتادة وغيرهما [8]
فإن لم يكن لهم جنة ، وأن أعمالهم الصالحة ليست لها أي أهمية ، فلماذا سيخشون أن يُنقص من حسناتهم ؟؟
كما أن ما يليها من آيات قد تطرقت للثواب والعقاب ، فقد قيل عن ثوابهم :
" فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا "
يقول البيضاوي رحمه الله :
توخوا رشدا عظيما يبلغهم إلى دار الثواب [9]
وطبيعياً يعقب ذلك التحذير والوعيد :
وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا
الدليل الرابع :
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ( 56 ) الرحمن
ويقول الضيف في عبارة كوميدية :
ذلك أن :اقتباس:
" هذا النص فيه من التناقض الواضح ما يهدم كل ما تؤمنون به
فلا يتماشى مع العقل والمنطق "
اقتباس:
" النص يشير إلى أن الحدث الذي يتحدث عنه تم من قبل دخول الناس إلى تلك الجنة
فهو يعني أنه لم يمس تلك الحوريات إنس ولا جان فلم يدخل الجنة منهم أحد من قبل
اقتباس:
فهل يشير إلى أن الإنس والجان سيدخلون من بعد؟
ولا حول ولا قوة إلا بالله !!!!اقتباس:
ولم يشير إلى أن الحوريات من نصيب الإنس والجان مجتمعين بعد دخولهم الجنة "
ولماذا ذكر الإنس والجان فقط ، وبالتحديد ؟
هل لا توجد مخلوقات غيرهم ؟
وإذا كان الجن لا مكان لهم أصلاً في الجنة ، فما هي الفائدة من ذكرهم ؟ فكان سكفي ذكر الإنس فقط بإعتبارهم هم الوحيدون الذين سيسكنون هذه الدار .
أليس كذلك ؟
إن إقتصار الذكر على الإنس والجان فقط ، لهو دليل على من سيتواجد في الجنة إن شاء الله ، ومن سيتنعم بالحور العين .
قولك :
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!!اقتباس:
" ثانياً رجال الإنس على صورة أبيهم آدم كما أشرنا من قبل لذلك فتلك الحوريات تصلح لهم وتصلح لتكوينهم
ولكن الجن المذكر " كيف سيكون تكوينه حتى ينال النعيم من تلك الحوريات؟ "
أولاً :
ما الضير الذي سيلحق بالإسلام إذا لم نعرف كيفية تنعم الجان في الجنة ؟
فهذه أمور غيبية ، والله تعالى قد أعد في الجنة مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
ثانياً :
ما هو المانع من تمتع الجان بالحور العين حتى وإن اختلفت طبيعتهما ؟
فالإنس سيتمتعون بهن على الرغم من أن الحور العين من غير بني الإنسان .
ثالثا :
قال الإمام عماد الدين بن كثير رحمه الله في شرحه للآيات :
وهذه أيضا من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة.
قال أرطاة بن المنذر : سئل ضَمْرَةُ بن حبيب : هل يدخل الجن الجنة ؟ قال : نعم ، وينكحون ، للجن جنيات ، وللإنس للإنسيات وذلك قوله : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }. [10]
ويقول القرطبي :
في هذه الآية دليل على أن الجن تغشى كالإنس ، وتدخل الجنة ويكون لهم فيها جنيات. [11]
والحمد لله رب العالمين
_________________________________________
[1] فتاوى الإمام بن تيمية ج 4 ص 142 بتصرف .
[2] السابق .
[3] الفروع ج 1 ص 353 .
[4] الأشباه والنظائر ج 1 ص 260 .
[5] مختصراً من فتح القدير
[6] الكشاف ج 4 ص 450 .
[7] تفسير القرآن العظيم ج 7 ص 501 .
[8] السابق ج 8 ص 241 .
[9] أنوار التنزيل ج 5 ص 399 .
[10] تفسير القرآن العظيم ج 7 ص 503 .
[11] الجامع لأحكام القرآن ج 17 ص 180 .