-
الشبهة الثانية
مصادر القرآن الكريم " أساطير الأولين"
من الشبهات الأخرى التي يثيرها المستشرقون أمثال نورمان دانيال ومن نحا نحوهم أن النبي (صلى الله عليه وآله) ما جاء بجديد في القرآن وإنما أخذ بعضاً من اليهودية، وبعضاً من النصرانية، وبعضاً من قصص الفرس , فكان القرآن. وقد ذكر لنا ربنا جل جلاله هذا في كتابه الكريم فقال سبحانه :-
( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً ) (الفرقان:4)
( وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) (الفرقان:5)
( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) (النحل:103)
ولرد تلك الشبهة على أصحابها أقول وبالله التوفيق : إن عنصر المعجزة لا يفارق القرآن حتى ولو صح الاتهام.
فإذا ثبت أن محتويات القرآن مقتبسة من اليهود والنصارى والفرس فإن صياغة القرآن ليست منهم لأن لغاتهم أعجمية، ولغة القرآن عربية في مستوى الإعجاز. وإذا بقي عنصر المعجزة في القرآن ـ ولو من ناحية واحدة، وهي ناحية الصياغة ـ يكون دليلاً على أنه من الله، ولا تبقى حاجة إلى إثبات أن القرآن معجزة في محتواه، كما هو معجزة في صياغته.
وقد اختلطت التهمة بالدفاع، فـ( لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) (النحل:103) وهذا يعبر عن مدى صدمة القرآن لعقلية الجزيرة العربية.
والواقع: أن القرآن معجزة واضحة في صياغته، وهذه.. ما فهمتها الجزيرة العربية ومن ورائها الأدباء العرب في كل مكان وزمان.
ولكنه: معجزة أضخم في محتواه وهذه.. ما تفهمها العقول العلمية والقانونية إلى يوم القيامة.
غير أن الشبهة التي وسوست في الصدور ولا تزال نتجت من ملاحظة أن الناس شاهدوا في بعض آيات القرآن ما كانوا يتلقونه من ألسنة الأحبار والرهبان ـ بفارق بسيط ـ وما تتبادله الأمم من أمثلة وحكم.
ولا تزال الطوائف والشعوب تحتفظ في تراثها الديني والقومي بأمثال وقصص وحكم وردت في القرآن، وتاريخها يرجع جذورها إلى ما قبل نزول القرآن، فهي لم تأخذها من القرآن، فلا بد أن القرآن اقتبسها منها ونسبها إلى نفسه بعد أن طوّرها وأجرى عليها بعض التعديلات .
والجواب على هذه الشبهة :
إن التراث الديني الذي يحتفظ به الأحبار والرهبان وكل علماء الأديان من تركة الأنبياء (عليهم السلام).
وهذا ما لا ينكره علماء الأديان، وإنما يتبارون في تأكيد انتسابه إلى الأنبياء.
وأما التراث القومي الذي تحتفظ به الشعوب فلا يصح تجاهل تأثره بالأنبياء إلى حد بعيد، وخاصة في لمعاته الذكية لأن العناصر المفكرة في كل الشعوب، لم تكن بعيدة عن الأنبياء، لأن الله كان يواتر أنبياءه إلى كل الشعوب، والعناصر المفكرة كانت تأخذ منهم ـ آمنت أم لم تؤمن بهم ـ فترسبت تركة الأنبياء في مشاعر الشعوب، واحتفظت ببعضها في التراث، وإن لم تحتفظ بسلسلة سند كل قصة وحكمة.
ولهذا نجد في التراث القومي لكل شعب، لفتات روحية لا شك أنها من رواسب تعاليم الأنبياء. بل لو قارن الباحث خطوات الشعوب نحو الأمام مع حركة الرسالات؛ يتأكد من أن كل خير نالته البشرية عليه بصمة أحد الأنبياء، وإن طالت الفترة بين انبثاقه من النبوة ونضوجه كظاهرة على سطح الحياة .
فخير ما في التراث الديني وغيره للشعوب، هو تراث الأنبياء. والأنبياء جميعاً أخذوا عن الله. والله تعالى أعطى لكل نبي بمقدار استعداد قومه للأخذ، وأعطى لمحمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) أكثر مما أعطى لغيره. فكان في القرآن الكريم ما تركته الأنبياء لشعوبهم وزيادة فوجود مواد من التراث الديني وغيره لسائر الشعوب في القرآن؛ إن دلّ على شيءٍ فإنما يدل على وحدة المصدر، وهو الله سبحانه وتعالى .
الشبهة الثالثة
مصادر القرآن الكريم " الراهب بحيرى"
زعم أعداء الإسلام أمثال المستشرق نورمان دانيال أن محمداً صلى الله عليه وسلم تعلم القرآن الكريم من راهب نصراني اسمه بحيرى أو جرجيس أو سرجيوس .
وهم يعللون ذلك للتشابه بين بعض محتويات القرآن الكريم وكتب أهل الكتاب .
إن التشابه في بعض الأمور الدينية بين الأديان الثلاث ناتج عن وحدة المصدر وهو الله جلّ في علاه ، ومن المتعذر أن يكون نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قد اقتبس تعاليمه من الإنجيل. وقد اعترف بعض المستشرقين بذلك ، فقد قال البروفيسور مونتجمري واط ".... إن من المستبعد أن يكون محمد قد قرأ الكتب الدينية اليهودية أو النصرانية [ص39] ... ومن الأرجح أنه لم يقرأ أي كتاب آخر".
وقد شاركه ج.س.هجسن نفس الرأي بقوله " إن قاعدة نبوة محمد من ناحية مبدأية هي نفس تجربة وأعمال أنبياء بني إسرائيل. لكنه لم يعرف شيئاً عنهم بشكل مباشر. ومن الواضح أن تجربته كانت خاصة "
هناك حديث يتعلق بأمر لقاء محمد صلى الله عليه وسلم بالراهب بحيرى وهذا نصه من سنن الترمذي :-
" حدثنا الفضل بن سهل أبو العباس الأعرج البغدادي حدثنا عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح أخبرنا يونس بن أبي إسحق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال :
خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت قال فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين فقال له أشياخ من قريش ما علمك فقال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به وكان هو في رعية الإبل قال أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة فلما جلس مال فيء الشجرة عليه فقال انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه قال فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم إذا رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه فالتفت فإذا بسبعة قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال ما جاء بكم قالوا جئنا إن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس وإنا قد أخبرنا خبره بعثنا إلى طريقك هذا فقال هل خلفكم أحد هو خير منكم قالوا إنما أخبرنا خبره بطريقك هذا قال أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا لا قال فبايعوه وأقاموا معه قال أنشدكم بالله أيكم وليه قالوا أبو طالب فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت ".
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
هذا حديث موضوع لعدة أسباب :-
1- إن معظم الرواة يُعتبرون بطريقة أو بأخرى غير ثقاة
2- إن سلسلة الرواة تعتبر منقطعة
3- إن الراوي الأول ليس شاهد عين للحدث أو طرف فيه.
ولتفصيل ذلك أقول وبالله التوفيق :-
1- الفضل ابن سهل ابن إبراهيم الأعرج: كان راوياً قوياً ،ولكن هناك تحفظات بالنسبة له. يقول الخطيب البغدادي :-
قال لي أحمد ابن سليمان ابن علي المقرىء عن أبي سعيد أحمد ابن محمد الملِني عن عبدالله ابن عدي قال "سمعتُ عبدان يقول أنه سمع أبا داود الساجستاني يقول أنه لم يُحب رواية بعض الأحاديث عن الفضل الأعرج" فسألته عن السبب. فأجاب كيف يمكن أنه لم يصدر عنه أي حديث صحيح" . قال ابن عدي أنه سمع أحمد ابن الحسين الصوفي يقول أن الفضل ابن سهل الأعرج كان شخصاً ماكراً كالثعالب ومراوغاً ومخادعاً.
2- عبدالرحمن ابن غزوان : رغم أن معظم النقاد وضعوه في صف الرواة الأقوياء والموثوق بروايتهم ،إلا أنه لم يسلم من اللّوم فقد قال عنه الإمام المِزّي :-
قال ابن حبان عنه لقد اعتاد ارتكاب الأخطاء.فإن روايته لقصة المماليك عن الليث عن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة تؤلم وتزعج العقل والقلب.
4- يونس ابن أبي إسحق:يروي صالح ابن أحمد ابن حنبل عن علي المديني أنه قال عندما ذُكر يونس ابن إسحق: " كان الإهمال وعدم الاهتمام صفة متأصلة في شخصه ".يستشهد بُندار بقول سَلم ابن قتيبة "جئت من الكوفة. وقد سألني شعبة عمن رأيت هناك ، فقلت رأيت فلاناً وفلاناً ، وقابلت أيضاً يونس ابن إسحق ، ثم سألني وأي حديث نقل إليك ، فرويت له ما سمعت ، فسكت برهة قلتُ له أن يونس قال " قال لي بكر ابن ماعز" فقال شعبة " ألم يقل أن عبدالله ابن مسعود روى له ؟ (وكان ذلك مستحيلاً وبوضوح نظراً للفارق الزمني بينهما. وهذا يعني أن شعبة ينظر إليه على أنه مبتدع) يقول أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبدالله عندما ذُكر اسم يونس ابن أبي إسحق يصنف روايته عن أبيه بأنها غير موثوقة. لقد أخبر أبو طالب أحمد ابن حنبل أن هناك إضافات على روايات الأشخاص في حديث يونس ابن إسحق، وقد سمع ابنه إسرائيل ذلك ودَوّنه من أبي إسحق ، لكن لا توجد أيّ إضافات كإضافات يونس. قال عبدالله ابن أحمد ابن حنبل " لقد سألت أبي عن يونس ابن أبي إسحق فأجاب أن رواياته ضعيفة ومشوشة....وأنه كذا وكذا " قال أبو هيثم أنه كان موثوقاً به، لكن أحاديثه يصعب تصديقها واتخاذها دليلاً على شيء.
5- إن أبا بكر يروي الحديث عن أبيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ولا يوجد دليل واحد على أنه سمع حديثاً عن أبيه وذلك لأنه توفي عام 106 هـ بينما توفي والده أبو موسى الأشعري عام 42 هـ عن عمر ناهز 63 عاماً كما روى الإمام شمس الدين الذهبي ، كما نورد هنا " يروي ابن سعد عن هيثم ابن عدي أنه مات عام 42 هـ أو لاحقاً..."
وهذا يعني أنه عاش 64 عاماً أو نحوها بعد وفاة أبيه مما يؤكد أنه كان صبياً وقتها فكيف حفظ هذا الحديث ؟
وقد رفض الإمام أحمد ابن حنبل رفضاً قاطعاً إمكانية قبول روايته.
ويعتبره ابن سعد كاذباً ولا يؤخذ بقوله.
عندما نُحلل نص الحديث بطريقة نقدية فإن ذلك يكشف عن ثغرات جدية:-
1- كان الدخول في التعاملات التجارية والذهاب ضمن قوافل تجارية محصوراً على الأشخاص الأثرياء ولم يحلم أبو طالب أن يكون منهم ، لأنه لم يكن ثرياً أبداً ، بل إن ثروته كانت ضئيلة لدرجة عدم تمكنه من الإنفاق على أولاده ، مما جعل بعض أقاربه يتعاطفون معه ويأخذون على عاتقهم مسئولية تربية بعض أبنائه. إن قصة الحديث مختلقة ، ولا يوجد دليل على أن أبا طالب كان له رحلات تجارية إلى أي مكان. لقد كان بائع عطور بسيط ، وقد رُوي أنه كان أعرجاً وبذلك يفقد الأهلية للقيام برحلة شاقة كتلك.
2- لو كان بحيرى حقاً عالماً عظيماً وبارعاً لدرجة أنه خطط لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن من المفروض أن يوجد له في السجلات النصرانية أدب كثير ، ومجلدات عن حياته وأعماله ، ولكننا لا نجد عنه شيئاً إلا في أحاديث الدرجة الثالثة في الأدب الإسلامي.
3- اختار بحيرى نبي المستقبل وفي حضور كبار رجال قريش قال إن الصبي سيصبح رئيس العالم المختار ، ونبي رب العالمين ورحمة للعالمين. وبذلك يكون رجال قريش شهوداً على تلك الحادثة الغير عادية ، وينقلونها إلى أهل مكة عند عودتهم إليها وبذلك تصبح حديث الناس ، ومن الطبيعي أنه لو حدث شيء يتعلق بنبي المستقبل فإن أولئك الرجال ومن سمع الحادثة منهم سيعودون للحديث عن تلك الحادثة ، لقد ظهر محمد في الصباح الباكر في البيت الحرام بعد ذلك ببضعة سنوات ، حيث حل النزاع حول وضع الحجر الأسود ، كان من المفروض حسب الحديث أن يصيح الناس " لقد وصل رسول رب العالمين ، ورئيس جميع المخلوقات ، وظهر رحمة العالمين ، ونحن نؤيده ونقبل رأيه ". لكن كتب التاريخ لم تذكر شيئاً من هذا القبيل ، بل تذكر أنهم قالوا "جاء الأمين-الصادق-الخ" ومرة أخرى عندما أعلن النبي المنتظر أنه اختير لأداء المهمة ، كان من المفترض حسب الحديث أيضاً أن يعلن كل من اعتنقوا الإسلام أنهم كانوا يعرفون ذلك وينتظرونه ، فإننا نجد أن ذلك لم يحدث.
4- عندما سُئل بحيرى عن سبب معرفته بأن الصبي سيصبح نبياً أجاب بأن جميع الأشجار والحجارة قد ركعت له. ولو كان الأمر كذلك فإن كل من كانت له صلة به في مكة أو غيرها سيعرف ذلك أيضاً ، فقد كان أمراً غير عادي ، وظاهرة غير طبيعية أو مألوفة ، وبذلك لا يمكن أن تمر دون أن لا يلاحظها الناس . من الغريب أن رجال القافلة الذين ارتحلوا معها مئات من الأميال لم يلاحظوا الأمر وكان بحيرى فقط هو الذي أدركها. وبناء عليه فإن من المفترض أن علامة النبوة المذكورة تكون موجودة في الإنجيل ، لكن الأمر ليس كذلك مما يجعل الحادثة مختلقة وغير موثوقة.
5- لو أن المستشرقين الذين اتخذوا من تلك الحادثة عاملاً يساعدهم في ادعائهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد تعلم وأخذ تعاليم دينه عن النصرانية من خلال الراهب المذكور، لو أنهم اعتقدوا أن حادثة بحيرى تلك كانت حقيقة وليست خيالاً ،ولو أنهم كانوا صادقين في دراساتهم لكان موقفهم تجاه الإسلام مختلفاً تماماً ، بينما يكشف موقفهم السلبي الحالي من الإسلام أنهم حقاً لا يعتقدون بصحة ذلك الحديث.
6- لو كان قول أن الأشجار والحجارة ركعت للنبي صلى الله عليه وسلم ، فإن ذلك لن ينحصر في تلك الحادثة فقط ، ويكون الآلاف من الأشخاص قد شاهدوا ذلك في مكة وسواها. لكننا لا نجد حديثاً صحيحاً واحداً يؤيد حدوث ذلك، مما يؤكد أن ذلك الحديث موضوع لا أصل له.
7- لقد حثهم الراهب على عدم أخذ الصبي إلى بلاد الروم، لأنه لدى رؤيته له تعرّف على علامات النبوة التي ستجعلهم يقتلونه، وهذا يعني أن علامات نبوة النبي المنتظر كانت من الوضوح في الإنجيل بحيث لا يمكن أن تفوت عن أنظار كبار الروم. هل يتفق المستشرقون مع ملاحظات الراهب؟ وإن كان الأمر كذلك فما مدى استعدادهم لقبول مصداقية نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟ هل يعتقد أولئك أن العلامات لصالح نبي الإسلام حقاً موجودة في الإنجيل بوضوح بحيث أن مجرد رؤيته تجعل العالِم يتعرف عليه كما ظن الراهب ؟.
8- أما عن مجموعة الرجال السبعة الروم الذين قالوا إن النبي المنتظر كان سيخرج من بلده ذلك الشهر، فإن المرء يتساءل عن مصدر علمهم ذلك، فبالنسبة للإنجيل لا يوجد شيء فيه من هذا القبيل، ومن الغريب أن يكون المستشرقين قد اختاروا بناء قصرهم بدون أي أساس وعلى أرضية مزيفة، مما يجعله قابلاً للسقوط بمجرد ضربة واحدة من قبل ناقد موضوعي.
9- لو كانت الحادثة حقيقية لما تردد كبار قريش وخاصة أبو طالب في اعتناق الإسلام فور إعلان النبي صلى الله عليه وسلم لرسالته.
10- لو كان في الرواية أي جزء من حقيقة لامتلأت كتب الأدب الديني الإسلامي بوصف مراحل حياة ذلك الراهب المختلفة ، لكننا لا نجد له أثراً فيها.
11- يقول الفصل الأخير من الحديث أنه وبناء على إصرار من الراهب فإن أبا طالب أعاد الصبي مع أبي بكر وبلال ، وهذا دليل واضح على أن القصة مختلقة ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن أكبر من أبي بكر رضي الله عنه إلا بعامين أو ثلاثة ، فلو كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ 9 سنوات ، فإن عمر أبا بكر سيكون 6 سنوات ، ولو كان عمر نبي المستقبل 12 عاماً لكان عمر أبي بكر 9 أعوام
12- أما بالنسبة لبلال رضي الله عنه فقد توفي عام 17 أو 18 والأرجح أنها عام 20 هـ أي 6-7 والأرجح 9 سنوات بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وبناء عليه فإنه قد لا يكون قد وُلد بعد أو أن عمره كان 1-3 سنوات ، عندما كان عمر الرسول صلى الله عليه وسلم 9 سنوات!!!
13- الراهب بحيرى لم يكن من سكان مكة بل وكان يسكن على مسافة بعيدة عنها فكيف تمكن من تعليم صبي كتاباً ضخماً في زيارة واحدة ؟! ولماذا انتقى بحيرى محمداً بالذات وأعطاه هذا التشريع ، ولم يعطه لابنه أو قريبه أو يدعيه لنفسه ؟؟؟!!! ولماذا لم يحدث ذلك قبل حياة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ هل نفهم أن النصارى بقوا بدون كتاب لمئات من السنين ؟
14- يقول النصارى أنه كان نسطورياً أو أبيونياً وهي فرق مهرطقة خرجت عن النصرانية فكيف يصدقه رهبان الشام إذا كانت تلك الفرق مهرطقة ؟ أم أن جميعهم مهرطقين ؟؟؟
15- عندما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم شاباً في سن الخامسة والعشرين ، شارك مرة أخرى في رحلة مع قافلة تجارية إلى بلاد الشام لصالح خديجة رضي الله عنها. لو كان يعرف مسبقاً أن أهل تلك البلاد يُكنون له العداوة ، وأنهم بمجرد رؤيته سيتعرفون عليه من خلال علامات نبوته الواضحة لما قام أبداً بتلك الرحلة. لكنه لم يُبد أي تردد في قبول عرض خديجة له في الاتجار لصالحها ، ولم يقم أحد بإيذائه وعاد سالماً معافاً بعد قيامه بعمليات تجارية رابحة.
16- من الغريب ملاحظته في هذا الحديث الذي وبالرغم من أنه كله ملفق ، إلا أنه أقوى من جميع الأحاديث التي تناولت حادثة بحيرى ، لكن الراهب لم يخاطب نبي المستقبل مباشرة في أي وقت من الأوقات ، وبإمكان الشخص ملاحظة ذلك من خلال قراءته للحديث ليرى بنفسه تلك الظاهرة الغريبة. لا يوجد في الحديث ضمير غائب بديلاً لمحمد صلى الله عليه وسلم ، لقد استعمل الراهب في كل مرة شخصاً ثالثاً أو ضمير إشارة بدلاً من الصبي. هذا يدل على أن الراهب لم يعتبر أن صبياً أمياً يمكنه أن يفهم ما يقول عنه. ومن الملاحظ أيضاً أن أحداً من رواة ذلك الحديث لم يكن من السخف لدرجة أن يُظهر الراهب وهو يخاطب الصبي بشكل مباشر. لأنهم من الطبيعي أن لا يتصورا أن صبياً في مثل عمره يستحق تلك المحادثة .
17- لم يعاصر بحيرى التسلسل الزمني للحوادث الواردة في القرآن الكريم فكيف يكون القرآن الكريم من عنده ؟
18- في القرآن الكريم آيات لا توافق عقيدة المسيحية بل تبطل التثليث بشكل واضح فكيف يكتبها بحيرى ؟
19- هل يجوز لراهب أن يكذب ؟ كيف يقول بحيرى أن القرآن من عند الله نزل على قلب محمد وهو من عنده ؟؟؟ كيف يرضى أصحاب الشبهة هذه أن يكون عالم دينهم كذاب ؟
وخلاصة القول: إن من المفيد إلقاء نظرة على الملاحظات الحيادية لبعض المستشرقين . يقول جون ب. نوس وديفيد س. نوس في كتابهم الشهير " أديان الرجل" : (.... إن من الواجب إدراج الحديث الشريف الذي يقول إن محمداً صلى الله عليه وسلم تعلم اليهودية والنصرانية خلال رحلاته مع القافلة التجارية المتجهة للشام ، وكانت الأولى بصحبة عمه أبي طالب عندما كان في سن الثانية عشرة ، والثانية عندما كان عمره 25 عاماً كموظف لخديجة التي تزوجها فيما بعد ، على أنه حديث غير مقبول ).
ويقول توماس كارلايل :-
لا أعرف ماذا أقول بشأن سيرجيوس [ بحيرى أو بحيرى ، مهما كان اللفظ ،وقد أُطلق عليه أيضاً اسم سرجيوس] ، الراهب النسطوري الذي قيل إنه تحادث مع أبي طالب ، أو كم من الممكن أن يكون أي راهب قد علم صبياً في مثل تلك السن ، لكنني أعرف أن حديث الراهب النسطوري مبالغ فيه بشكل كبير ، فقد كان عمر محمد صلى الله عليه وسلم 14 عاماً [كان عمره إما 9 أو 12 عاماً على أكثر تقدير] ولم يعرف لغةً غير لغته ، وكان معظم ما في الشام غريباً وغير مفهوم بالنسبة له.
-
الشبهة الرابعة
مصادر القرآن الكريم " ورقة ابن نوفل "
تعريف بالفرقة الأبيونية :-
قال المؤرخ موشيم في المجلد الأول من تاريخه: (إن الفرقة الأبيونية التي كانت في القرن الأول كانت تعتقد أن عيسى عليه السلام إنسان فقط تولد من مريم ويوسف النجار مثل الناس الآخرين وطاعة الشريعة الموسوية ليست منحصرة في حق اليهود فقط، بل تجب على غيرهم أيضاً والعمل على أحكامه ضروري للنجاة.
ولما كان بولس ينكر وجوب هذا العمل ويخاصمهم في هذا الباب مخاصمة شديدة كانوا يذمونه ذماً شديداً ويحقرون تحريراته تحقيراً بليغاً انتهى.
وقال جامعو تفسير هنري واسكات: "سبب فقدان النسخة العبرانية أن الفرقة الأبيونية التي كانت تنكر ألوهية المسيح حرفت هذه النسخة وضاعت بعد فتنة يروشالمن وقال البعض إن الناصريين أو اليهود الذين دخلوا في الملة المسيحية حرفوا الإنجيل العبراني، وأخرجت الفرقة الأبيونية فقرات كثيرة منه.
ويشير أبو موسى الحريري في كتابه "قس ونبي" إلى عقائد بعض الفرق الأبيونية الهرطوقية التي ادعت أن المسيح يتحول برضاه من صورة إلى صورة، فقد ألقى في صلبه شبهه على سمعان، وصُلب سمعان بدلاً عنه، فيما هو ارتفع إلى السماء حياً إلى الذي أرسله، ماكراً بجميع الذين مكروا للقبض عليه. لأنه كان غير منظور للجميع (ص 129) .
يزعم النصارى أن ورقة ابن نوفل كان من تلك الفرقة وأنه المصدر الذي تعلم منه محمدٌ صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم . وقد دفعني للكتابة عن هذا الموضوع سببين :-
السبب الأول كان رداً من أحد النصارى على منتدى للحوار حيث قال عن ورقة ابن نوفل :-
" لانه كان ابيونيا وليس مسيحيا فالنصارى هم طائفة يهودية اتبعت الناصري عيسى وهم ليسوا مسيحيين فكانت في الجزيرة بدعة اسمها الابيونية لانهم يتبعون الانجيل الابيوني المنحول كما كانت هناك بدعة المريميين الذين يعبدون مريم فهو من ترجمة التوراة من العبرية الى العربية على يد ورقة فان القرآن والحديث يثبتون ان محمد لم يكن يتنبأ او يعلم الغيب ولو كان به شئ صحيح فانه من التوراة التي كانت موجودة من الاف السنين او من العلوم والاخبار المنتشرة وقتها "
ومن قراءة الفقرة نلاحظ ما يلي :-
1- أنه اعتبر ورقة ابن نوفل أبيونياً ليس مسيحياً بل يهودياً .
2- أنه يرفض مسيحية من اتبعوا عيسى الناصري بينما كتابهم يقول في إنجيل لوقا الإصحاح 24 : 19 " يسوع الناصري الذي كان إنسانًا نبياً مقتدراً في الفعل والقول "؟
3- يقول " لانهم يتبعون الانجيل الابيوني المنحول "
ثم يناقض نفسه فيقول عن القرآن الكريم " فهو من ترجمة التوراة من العبرية الى العربية على يد ورقة" ؟؟؟!!
ويعود ليؤكد تناقضه فيقول عن القرآن الكريم " ولو كان به شئ صحيح فانه من التوراة التي كانت موجودة من الاف السنين او من العلوم والاخبار المنتشرة وقتها "
ما هو الأصح ؟؟؟ هل هو من الإنجيل الأبيوني المنحول أم من التوراة أم من العلوم والأخبار المنتشرة وقتها ؟؟؟
أما السبب الثاني فهو رسالة وصلتني عبر البريد من أحد النصارى وقد تكلم فيها عن كتاب قرأه فقال:
" يقوم الكاتب ( وهو شخصية رائعة جدا في التحليل والبحث والتنقيب واستخلاص الحقائق الخفية ) بتقديم الصورة الحقيقية التي حاول كتاب السيرة إخفائها للعلاقة بين محمد بن عبدالله والقس ورقة بن نوفل النصراني النسطوري وغيره من رهبان النصارى مثل الراهب بحيرى وغيره. ويبدو أن ورقة بن نوفل وهو زعيم كنيسة مكة النسطورية كان يعمل على إعداد خلف له ليترأس الكنيسة وعثر في محمد ( الذكي جدا ) على ضالته المنشودة فأزوجه من بنت عمه ( خديجة هي بنت عم ورقة وهي نصرانية ) واعتنى به وكان هو وخديجة وعبد المطلب ( الحنيفية ) خير عضد وسند لمحمد في بداية دعواه .
يعتمد هذا البحث على إعادة ترتيب سور القرآن بحسب تاريخ النزول لا بحسب الترتيب الغريب ( من الأطول إلى الأقصر) وسيجد المرء بدون أدنى شك العلاقة القريبة والتشابه بين ما يدعو إليه محمد وبين بدعة النسطورية ولربما الإبيونية النصرانية بشكل لا يترك مجالا للشك.
ثم يموت ورقة ( ويفتر الوحي؟!؟! ) ثم تموت خديجة ويموت عبد المطلب فيبدأ القرشيون بمهاجمة محمد بدون أن يجدوا من يقاومهم فورقة زعيم النصارى مات وعبد المطلب كبير الهاشميين مات وزوجته الثرية ماتت. فكانت الهجرة وجمع الفلول والعودة بقوة السلاح لفرض ما يريده. في هذه الفترة رأى محمد أنه سيفشل إن استمر في الدعوة النصرانية بما فيها من جدالات ونقاشات حول الله وهل هو ثلاثة أو واحد والمسيح إله أم بشر أم غيره. فماذا فعل؟!
عاد إلى الأصل وأين الأصل لا في موسى والشريعة واليهودية بل في أبو الديانتين المسيحية واليهودية حين كان الله واحد بكل بساطة وبدون أنبياء : إبراهيم.
وهنا حاك قصة إسماعيل بن إبراهيم وأبو العرب وكان يعلم عن ذلك من دروسه الكتابية التي نالها على يدي ورقة وغيره.
ثم ا تجدين أختي مسلمة غريبا قول محمد لأبي بكر: لو أنك سبقت لفزت أنت بالنبوة ولكنني أنا سبقت فهي من نصيبي؟! فماذا يعني بذلك؟! ألا يعني أن الاثنين الرفيقين الذين تعبدا في غار حراء كانا يستعدان معا لقيادة كنيسة مكة ولكن محمدا (الذكي العبقري) سبق وأعلن الوحي والنبوءة فلم يتبقّ لأبي بكر غير الإذعان والتصديق؟! وكانت مكافأة أبو بكر أنه خلف محمد ثم عمر بن الخطاب بينما كان الأولى أن يخلفه علي بن أبي طالب."
انتهت الرسالة .
من قراءة الرسالة نلاحظ ما يلي :-
1- اعتبر الكاتب ورقة ابن نوفل نسطورياً مسيحياً وليس خارجاً عن النصرانية كما فعل الأول. والسؤال هو : هل ورقة كان نسطورياً أم أبيونياً ؟
فمن الأصح يا ترى ؟؟؟
2- يقول " ....واستخلاص الحقائق الخفية ( لا أعرف كيف تمكن الكاتب من الوصول للحقائق وقد أخفاها أصحابها فهو لم يذكر مصدر معلوماته!!!يقول إن ورقة هو الذي زوج خديجة رضي الله عنها ومحمد صلى الله عليه وسلم مع أن جميع المصادر تذكر قصة زواجهما ولا يوجد لورقة أي ذكر في الموضوع . فمن أين أتى الكاتب بزعمه؟ تقول كتب السيرة أنه لما بلغ محمدٌ صلى الله عليه وسلم من العمر خمساً وعشرين سنة، سافر إلى بلاد الشام للمرَّة الثانية، في تجارةٍ تخصُّ خديجة بنت خويلد، وهي سيِّدة كانت توكل إلى الرجال أمر تجارتها، وقد رغبت في إسناد هذه المهمَّة إلى محمَّد، الَّذي عُرف بين القوم بحسن الخلق، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، حتَّى اشتُهِر عنه لقب ( الصادق الأمين )، وصار موضع ثقة الناس واحترامهم. وقد أرسلت معه خادمها ميسرة، فذهبا واتَّجرا بمالها وربحا ربحاً وافراً، ولما رجَعَا إلى مكَّة أخبر ميسرة سيِّدته بما رأى من غرائبَ شَهِدَها بصحبته محمَّداً في تلك الرحلة؛ فقد كان من شأنه أنه كلَّما اشتدَّ الحرُّ، رأى ملَكين يظلِّلانه من حرارة الشمس وقيظها، فأُعجِبت خديجة بما سمعت، وأرسلت إليه تخطبه لنفسها وكانت في الأربعين من عمرها، فقبل محمَّد وأرسل عمَّه يطلب يدها من أهلها ثمَّ تزوجها.
3- لماذا اختص ورقة ابن نوفل محمداً من دون البشر ليوكل له مهمة ترأس كنيسة مكة ؟ ألم يكن له أبناء أو أخوة أو أبناء أخوة أو أفراد عندهم علم أو أكثر قرابة من محمد صلى الله عليه وسلم؟ ولماذا لم يؤلف قرآناً لنفسه بدلاً من أن يعطيه لغيره ؟؟!!
4- أين نجد السيرة الذاتية لبحيرى وورقة في كتب النصارى القديمة ؟
5- من أين أتى الكاتب بدعوى أنه كان في مكة نصارى وكنيسة بينما أجمعت كتب التاريخ على أن أهل مكة كانوا وثنيين يعبدون الأصنام وقد أعرضوا عن اعتناق النصرانية لتنافرها مع العقل والفطرة السليمة، كما وأنهم أعرضوا عن اليهودية لأن أنَفَتَهُم وإباءهم جعلهم يرفضون فكرة شعب الله المختار التي تجعل من معتنقي اليهودية الجدد يهود من الدرجة الثانية !لم يبلغ عدد نصارى مكة عدد أصابع اليد الواحدة وأسماؤهم مذكورة في كتب السيرة النبوية وقد أسلموا جميعاً ولله الحمد. ألا يصفهم كتاب النصارى بالأمة الغبية كما في سفر التثنية الإصحاح 32 " 21 هم اغاروني بما ليس الها اغاظوني باباطيلهم. فانا اغيرهم بما ليس شعبا. بامّة غبية اغيظهم."
أما إنجيل متى فيقول في الإصحاح 4 " 16 الشعب الجالس في ظلمة ابصر نورا عظيما. والجالسون في كورة الموت وظلاله اشرق عليهم نور.
( قال اليعقوبي في تاريخه : و أما من تنصر من أحياء العرب فقوم من قريش من بني أسد بن عبد العزي . منهم عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزي و ورقة بن نوفل بن أسد ... ( تاريخ اليعقوبي 1- 157 )
اذن كان ورقة ممن ( تنصروا ) و ليس ممن ورثوا النصرانية ..!!
6- أين نجد أسماء رؤساء كنيسة مكة المزعومة قبل ورقة؟ ثم إننا نجد على الانترنت مقالات تزعم أنه كان في مكة أكثر من كنيسة ودير فما هو مرجعهم في ذلك ؟
7- إذا كانت الأبيونية قد تكونت في القرن الأول فلماذا انتظر معتنقوها قروناً ولم يعملوا على تأليف كتاب جديد لهم قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
8- أما عن نقطة الكاتب بخصوص إعادة ترتيب سور القرآن بحسب تاريخ النزول لا بحسب الترتيب الغريب ( من الأطول إلى الأقصر) فإنها تنم عن جهل لأن السور الطويلة لم تنزل دفعة واحدة كما وأن منها آيات نزلت في مكة المكرمة وآيات نزلت في المدينة المنورة !
9- يقول " ثم يموت ورقة ( ويفتر الوحي؟!؟! )
أليس هذا دليلاً قاطعاً على أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يتلقى الوحي من الله ؟ وإلا فكيف يكون شديد الذكاء كما قال المؤلف ولا يفطن إلى أن انقطاعه بعد وفاة ورقة عن تزويد أتباعه بآيات جديدة سيؤدي إلى كشف عدم صدقه في أن الله هو الذي يوحي إليه ؟؟؟
ثم إن الوحي لم ينزل على نبي الإسلام إلا مرة واحدة قبل وفاة ورقة .وعندما عاد نزلت سورة الضحى {والضُّحى * والليل إذا سجى * ما ودَّعك ربُّك وما قلى * ولَلآخرة خيرٌ لك من الأولى * ولَسوفَ يُعطيكَ ربُّك فترضى * ألم يَجِدكَ يتيماً فآوى * ووجدكَ ضالاًّ فهدى * ووجدك عائلاً فأغنى * فأمَّا اليتيم فلا تقهر * وأمَّا السَّائل فلا تنهر * وأمَّا بنعمة ربِّك فحدِّث} (93 الضحى آية 1ـ11). ما الذي جعل محمداً متأكداً من أن المستقبل سيكون فيه الرضى له وقد تحقق ذلك في حياته ؟؟؟
هنا لفتة لغوية وهي أن الجملة تقول " وفتر الوحي " وليس ففتر الوحي.
يقول علم النحو إن حرف الواو يدل على تتابع الأحداث بالترتيب الزمني أي على التراخي بمعنى : مات ورقة وبعد ذلك فتر الوحي
أما " ففتر الوحي " فإن حرف الفاء تفيد السببية بمعنى أن موت ورقة كان سبباً في انقطاع الوحي وهذا ما لم يحدث.
أمَّا الخوف والفزع الَّذي انتابه لِمَا سمع ورأى في الغار حتَّى جعله يقطع خلوته، ويسرع إلى البيت مرتعش الفؤاد، فإنه يوضح أن ظاهرة الوحي هذه لم تأت متمِّمة لشيء ممَّا كان النبي صلي الله عليه وسلم يتصوَّره أو يخطر في باله، وإنما فوجئ بها وبالرسالة دون أي توقُّع سابق. كما أن ذهاب خديجة به لابن عمها دليل على أنها لم تكن تعلم كنهه مما جعلها تسأل قريبها ورقة عنه.
10- يقول الكاتب " ويموت عبد المطلب " لم يذكر الكاتب ما إذا كان عبدالمطلب نصرانياً أم لا ، رغم أنه زعيم قريش
11- يزعم الكاتب أن الهجرة كانت بهدف جمع الفلول والعودة بقوة السلاح لفرض ما يريده نبي الإسلام !!! يبدو أن الكاتب قد نسي أن ورقة ابن نوفل قد تنبأ لمحمد صلى الله عليه وسلم بأنه سيضطر للخروج من مكة المكرمة تماماً كما حدث مع بعض أنبياء الله مثل سيدنا موسى عليه السلام ! وهناك مثال آخر عن ثقة النبي صلى الله عليه وسلم في صدق نبوته وبالتالي في التأكد من حماية الله له ولرسالته وذلك عندما ترك مكة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه أثناء الهجرة إلى المدينة ، لقد رأوا رجالاً قادمين لقتلهم مما أخاف أبي بكر ، لو كان محمد صلى الله عليه وسلم كاذباً أو دجالاً أو شخصاً يحاول خداع الناس لأن يصدقوا نبوته ، فإن المفروض في تلك الحالة أن يقول لصاحبه " اسمع يا أبا بكر حاول أن تجد مخرجاً خلفياً لهذا الكهف " أو اجلس القرفصاء في تلك الزاوية وابق هادئاً". لكنه قال لأبي بكر " لا تخف. إن الله معنا !" وهذا دليل واضح على ثقته بعون الله له. إذا كان الشخص يعرف أنه يخدع الناس فمن أين له تلك الثقة ؟ إن حالة الطمأنينة الفكرية هذه لا يمكن أن توجد في شخص كذاب أو دجال.
12- يتجاهل الكاتب أو يتعامى عن حقيقة أن الدعوة تدرجت من كونها سرية بدأت بدعوة عائلة نبي الله صلى الله عليه وسلم لقوله سبحانه ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (الشعراء:214) ثم اتخذت صفة الجهر بالدعوة بناءً على أوامر الله لقوله سبحانه ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِين َ) (الحجر:94) وقد بقي نبي الله في مكة يدعو للإسلام ويتلقى وأصحابه صنوف العذاب من الكفار على مدى ثلاث عشرة سنة . وبعد ذلك أمره الله بالهجرة إلى المدينة المنورة وقد ورد ذكر ذلك في سفر إشعياء الإصحاح 21 " 13نُبُوءَةٌ بِشَأْنِ شِبْهِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ: سَتَبِيتِينَ فِي صَحَارِي بِلاَدِ الْعَرَبِ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ، 14فَاحْمِلَوا يَا أَهْلَ تَيْمَاءَ الْمَاءَ لِلْعَطْشَانِ، وَاسْتَقْبِلُوا الْهَارِبِينَ بِالْخُبْزِ، 15لأَنَّهُمْ قَدْ فَرُّوا مِنَ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ، وَالْقَوْسِ الْمُتَوَتِّرِ، وَمِنْ وَطِيسِ الْمَعْرَكَةِ. 16لأَنَّهُ هَذَا مَا قَالَهُ لِي الرَّبُّ: فِي غُضُونِ سَنَةٍ مَمَاثِلَةٍ لِسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ، 17وَتَكُونُ بَقِيَّةُ الرُّمَاةِ، الأَبْطَالُ مِنْ أَبْنَاءِ قِيدَارَ، قِلَّةً. لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ."
وهذا نص آخر :-
13 وحي من جهة بلاد العرب. في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين.
14 هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان ارض تيماء وافوا الهارب بخبزه.
15 فانهم من امام السيوف قد هربوا. من امام السيف المسلول ومن امام القوس المشدودة ومن امام شدة الحرب.
16 فانه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الاجير يفنى كل مجد قيدار
17 وبقية عدد قسي ابطال بني قيدار تقل لان الرب اله اسرائيل قد تكلم
أقول للنصارى :
- نبوة محمد صلى الله عليه وسلم الوحيدة في بلاد العرب
- "العطشان والهارب بخبزه" هو صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة
- "فإنهم من أمام السيوف قد هربوا " أمر الله سبحانه وتعالى رسوله بالهجرة من مكة إلى المدينة هرباً من بطش قريش عندما تسلحوا بسيوفهم وحاصروا بيته لقتله ولكن الله سبحانه وتعالى نجاه منهم
- "يا سكان أرض تيماء" مدينة في المملكة العربية السعودية تقع شمال المدينة المنورة وقد كان يسكنها اليهود وهذا أمر من الله سبحانه وتعالى لهم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم
- " في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار " لقد حدثت معركة بدر الكبرى وقد نصر الله سبحانه وتعالى فيها محمد صلى الله عليه وسلم في العام الثاني للهجرة وكانت بداية فناء أمجاد قيدار الجاهلية واعتنق جميعهم الإسلام فيما بعد
- "وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل" لقد قُتل 70 من صناديد قريش يوم بدر
فهل خطط ورقة ابن نوفل لهذا أيضاً ؟؟؟؟؟؟؟؟
لقد حُرم نبي الله وأصحابه من وطنهم وأملاكهم وعائلاتهم فأذن الله لهم بمحاربة الكفار لقوله سبحانه ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ (الحج 39-40)
فكيف يدعي الكاتب أن نبي الله هاجر ليفرض الإسلام بالسيف ؟ وكيف عرف أن أهل المدينة المنورة سيناصرونه خاصة وأن بينهم اليهود وهم من أشد الناس عداوة للمسلمين ؟ بل وكيف يكذب الكاتب ما ورد في كتابه على لسان المسيح عليه السلام في إنجيل لوقا 4 " 24ثُمَّ أَضَافَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَا مِنْ نَبِيٍّ يُقْبَلُ فِي بَلْدَتِهِ." .
13- يقول الكاتب " في هذه الفترة رأى محمد أنه سيفشل إن استمر في الدعوة النصرانية بما فيها من جدالات ونقاشات حول الله وهل هو ثلاثة أو واحد والمسيح إله أم بشر أم غيره. فماذا فعل؟! عاد إلى الأصل وأين الأصل لا في موسى والشريعة واليهودية بل في أبو الديانتين المسيحية واليهودية حين كان الله واحد بكل بساطة وبدون أنبياء: إبراهيم."
أقول : أحمد الله الذي يدافع عن دينه ويظهر الحق حتى على ألسنة أعدائه ! فقد أثبت الكاتب العبقري أن التثليث دخيل على دين الله منذ أن خلق آدم وإلى يوم القيامة ولا علاقة لإبراهيم أو موسى به . ثم إنهم يدعون أن القرآن الكريم نسخة مختزلة من كتابهم فكيف يكون ذلك ؟؟!!
14-يقول " وهنا حاك قصة إسماعيل بن إبراهيم وأبو العرب وكان يعلم عن ذلك من دروسه الكتابية التي نالها على يدي ورقة وغيره." لي أكثر من ملاحظة على هذه المقولة :-
- لقد بقي العرب يعظمون دين إبراهيم عليه السلام وهذا سبب حرصهم على إبقاء الكعبة أم أن الكاتب ينكر وجود الكعبة في مكة المكرمة لمئات السنين قبل حياة محمد صلى الله عليه وسلم ؟
- وماذا عن بئر زمزم ؟ أم أن الكاتب أيضاً ينكر وجوده؟ بل وماذا عما يقول كتاب النصارى بهذا الشأن حيث يقول سفر التكوين الإصحاح 21" وَتَشَبَّثِي بِهِ لأَنَّنِي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19ثُمَّ فَتَحَ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ، فَذَهَبَتْ وَمَلأَتِ الْقِرْبَةَ وَسَقَتِ الصَّبِيَّ. 20وَكَانَ اللهُ مَعَ الصَّبِيِّ فَكَبُرَ، وَسَكَنَ فِي صَحْرَاءِ فَارَانَ، وَبَرَعَ فِي رَمْيِ الْقَوْسِ. 21وَاتَّخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ مِصْرَ.
- وكيف يفسر الكاتب ما يقول سفر التثنية الإصحاح 33 : 2- 4 " جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران ...."
- وماذا عما جاء في سفر التكوين الإصحاح 17" 20أَمَّا إسماعيل، فَقَدِ اسْتَجَبْتُ لِطِلْبَتِكَ مِنْ أَجْلِهِ. سَأُبَارِكُهُ حَقّاً، وَأَجْعَلُهُ مُثْمِراً، وَأُكَثِّرُ ذُرِّيَّتَهُ جِدّاً فَيَكُونُ أَباً لاثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً، وَيُصْبِحُ أُمَّةً كَبِيرَةً.." أين هي تلك الأمة ؟ وهل تُقاس الأمم في الكتب المقدسة بعددها أم بقيمتها الإيمانية ؟؟؟
15- ثم يأتي الكاتب بأكذوبة أخرى في قوله " قول محمد لأبي بكر: لو أنك سبقت لفزت أنت بالنبوة ولكنني أنا سبقت فهي من نصيبي؟! فماذا يعني بذلك؟! ألا يعني أن الاثنين الرفيقين الذين تعبدا في غار حراء كانا يستعدان معا لقيادة كنيسة مكة ولكن محمدا (الذكي العبقري) سبق وأعلن الوحي والنبوءة فلم يتبقّ لأبي بكر غير الإذعان والتصديق؟! وكانت مكافأة أبو بكر أنه خلف محمد ثم عمر بن الخطاب بينما كان الأولى أن يخلفه علي بن أبي طالب."
من أين أتى الكاتب بهذا ؟ ثم إن أبا بكر لم يشارك نبي الله في تحنثه في الغار . ومن المستحيل على رجل عظيم مثل عمر أن يكون تابعاً لأحد ما لم يكن متأكداً من صدقه ؟؟؟؟
وأخيراً : هذا هو الحديث الخاص بنزول الوحي لأول مرة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيما روته عنه عائشة زوجه رضى الله عنها قالت : { أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي ، الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى شيئاً إلا جاء مثل فلق الصبح . ثم حبّب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه – أي يتعبد فيه- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة –زوجه – فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ . قال صلى الله عليه وسلم : فقلت : ما أنا بقارئ فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال :اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ .فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ،ثم أرسلني فقال : (( اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق .اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم )) فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده ،فدخل على خديجة بنت خويلد ، فقال زمّلوني زملونّي ، فزمّلوه حتى ذهب عنه الرّوع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي ، فقالت خديجة : كلا والله ، ما يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكّل وتكسب المعدوم ، وتقرى الضيف وتعين على نوائب الدهر .
فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل بن عبد العزّى- ،ابن عم خديجة – وكان امرءً تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمى –فقالت له خديجة : يا ابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى . فقال له ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى – عليه السلام – يا ليتني جذعاً ، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو مخرجي هم ؟ قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً . ثم لم ينشب ورقة أن توفى ،وفتر الوحي }
والحمـــــد للـــــه علــــى نعمـــــة الاســـــلام
-
الرد على الأخطاء اللغوية المزعومة حول القرآن الكريم
يتهجم المنصرون والمستشرقون وجهلة اللغة العربية على بعض الصور النحوية أو البلاغية التى لا يفهمونها فى القرآن الكريم ، سواء أكان هذا عن عمد أم عن جهل، فهو نفس حال الذى يريد أن يخبأ نور الشمس بمنديل يمسكه فى يديه.
ملحوظة:السؤال منقول كما كتبه المنصرون وننزه الله تعالي عن هذا الأسلوب الحقير الذي اتبعوه بكلمة( كان يجب أن يقول)في حديثهم عن الله جل شأنه.
1 - رفع المعطوف على المنصوب
س 106: جاء في سورة المائدة 5: 69 (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ). وكان يجب أن ينصب المعطوف على اسم إن فيقول والصابئين كما فعل هذا في سورة البقرة 2: 62 والحج 22: 17.
الجواب : لو كان في الجملة اسم موصول واحد لحق لك أن تنكر ذلك ، لكن لا يلزم للاسم الموصول الثاني أن يكون تابعا لإنَّ. فالواو هنا استئنافية من باب إضافة الجُملة للجملة ، وليست عطفا على الجملة الأولى.
لذلك رُفِعَ ( والصابئون ) للإستئناف ( اسم مبتدأ ) وخبره محذوف تقديره والصابئون كذلك أى فى حكمهم. والفائدة من عدم عطفهم على مَن قبلهم هو أن الصابئين أشد الفرق المذكورين فى هذه الآية ضلالاً ، فكأنه قيل: كل هؤلاء الفرق إن آمنوا وعملوا الصالحات قَبِلَ اللهُ تَوْبتهم وأزال ذنبهم ، حتى الصابئون فإنهم إن آمنوا كانوا أيضاً كذلك.
و هذا التعبير ليس غريبا في اللغة العربية، بل هو مستعمل فيها كقول بشر بن أبي خازم الأسدي الذي قال :
إذا جزت نواصي آل بدر فأدوها وأسرى في الوثاق *** وإلا فاعلموا أنــا وأنـتم بغـاة ، ما بقـينا في شـقاق
والشاهد في البيت الثاني ، حيث ( أن ) حرف مشبه بالفعل، ( نا ) اسمها في محل نصب، و( أنتم ) الواو عاطفة وأنتم ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ، وبغاة خبر أن ( أو أنتم ) مرفوع، والخبر الثاني محذوف، وكان يمكن أن يقول فاعلموا أنا بغاة وأنتم بغاة، لكنه عطف مع التقديم وحذف الخبر ، تنبيها على أن المخاطبين أكثر اتصافا بالبغي من قومه هو ، فقدم ذكرهم قبل إتمام الخبر لئلا يدخل قومه في البغي ــ وهم الأقل فيه ــ قبل الآخرين
ونظيره أيضا الشاهد المشهور لضابئ بن الحارث البرجمي :
فمن يك أمسى في المدينة رحله *** فإني وقـيار بها لغريب
وقيار هو جمله ، معطوف على اسم إن منصوب بها
أراد ان يقول : إني بها لغريب ، وقيار كذلك غريب
ومثله أيضا قول قيس بن الخطيم: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضِ والرأي مختلف
وقيل فيه أيضاً: إنَّ لفظ إنَّ ينصب المبتدأ لفظا ويبقى مرفوعا محلا، فيصح لغة أن تكون ( والصابئون ) معطوفة على محل اسم إن سواء كان ذلك قبل مجيء الخبر أو بعده ، أو هي معطوفة على المضمر في ( هادوا ).
2 - نصب الفاعل
س 107: جاء في سورة البقرة 2: 124 (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). وكان يجب أن يرفع الفاعل فيقول الظالمون .
الجواب : ينال فعل متعدى بمعنى (يشمل أو يَعُم) كما فى الآية أى لا يشمل عهدى الظالمين، فعهدى هنا فاعل، والظالمين مفعول به.
مثال لذلك لقد ناله ظلماً، وأسفنا لما ناله من إهانة.
والإمامة والعهد بالإمامة هنا معناه النبوة، وبذلك تكون جواباً من الله على طلب نبينا إبراهيم أن يجعل النبوة فى ذريته فوافقه الله إلا أنه استثنى الظالمين، كما لو أنه أراد قول (إلا الظالمين من ذريتك).
وتجىء أيضاً بمعنى حصل على مثل: نال الظالم جزاءه.
ومن مصادر اللغة , المعجمات القديمة التي جمعها (لسان العرب) وها هو يقول: والعرب تقول: "نالني من فلان معروف ينالني أي وصل إلي منه معروف" لسان العرب 11/685
3- جعل الضمير العائد على المفرد جمعاً
س 113: جاء في سورة البقرة 2: 17 (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) . وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً فيقول ذهب الله بنوره .
الجواب : فهو هنا لم يشبه الجماعة بالواحد وإنما شبهت قصتهم بقصة المستوقد. ومثال ذلك قوله: (مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثمَّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) [الجمعة 5]. فلما أضاءت ما حوله أضاءت أيضاً للآخرين ، فكان عقاب الله أنها ذهبت بأبصارهم جميعاً، لاحظ أن الله يضرب المثل بقوم استوقد أحدهم ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل هذه النار أضاءت أيضاً حول ذهب الله بأبصار هذا القوم.
ونلاحظ أنه قال (ذهب) وهى أبلغ من أذهب لأن ذهب بالشىء اسطحبه ومضى به معه، فكأنما أراد الله أن يذكرهم أنه يرون بنور الله وفى معيته، وحيث أنهم اختاروا طريق الظلمة فقد أخذ الله نوره وتركهم فى ظلمات أنفسهم التى اختاروا البقاء فيها.
4 - تذكير خبر الاسم المؤنث
س 108: جاء في سورة الأعراف 7: 56 (وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِين).
وكان يجب أن يتبع خبر إن اسمها في التأنيث فيقول قريبة .
الجواب : إن كلمة قريب على وزن فعيل، وصيغة فعيل يستوى فيها المذكر والمؤنث.
5 - تأنيث العدد وجمع المعدود
س 109: جاء في سورة الأعراف 7: 160 (وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً) . وكان يجب أن يذكر العدد ويأتي بمفرد المعدود فيقول اثني عشر سبطاً .
الجواب : لأن تمييز (اثنتي عشرة) ليس هو (أسباطا) [لأن تمييز الأعداد من 11 إلى 99 مفرد منصوب] بل هو مفهوم من قوله تعالى (و قطعناهم)، والمعنى اثنتي عشرة قطعة أي فرقة، وهذا التركيب في الذروة العليا من البلاغة، حيث حذف التمييز لدلالة قوله (وقطعناهم) عليه ، وذكر وصفا ملازما لفرق بني إسرائيل وهم الأسباط بدلا من التمييز. وعند القرطبي أنه لما جاء بعد السبط (أمما) ذهب التأنيث إلى الأمم ، وكلمة (أسباطا) بدل من (اثنتي عشرة)، وكلمة (أمما) نعت للأسباط. وأسباط يعقوب من تناسلوا من أبنائه ، ولو جعل الأسباط تمييزه فقال: اثني عشر سبطا، لكان الكلام ناقصا لا يصح في كتاب بليغ؟ لأن السبط يصدق على الواحد، فيكون أسباط يعقوب اثني عشر رجلا فقط، ولهذا جمع الأسباط و قال بعدها (أمما) لأن الأمة هي الجماعة الكثيرة، وقد كانت كل فرقة من أسباط يعقوب جماعة كبيرة. [واثنتى هنا مفعول به ثانى ، والمفعول به الأول (هم)].
6 - جمع الضمير العائد على المثنى
س 110:جاء في سورة الحج 22: 19(هذانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ). وكان يجب أن يثنّي الضمير العائد على المثنّى فيقول خصمان اختصما في ربهما.
الجواب : الجملة في الآية مستأنفة مسوقة لسرد قصة المتبارزين يوم بدر وهم حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة. التقدير هؤلاء القوم صاروا في خصومتهم على نوعين. وينضوي تحت كل نوع جماعة كبيرة من البشر. نوع موحدون يسجدون لله وقسم آخر حق عليه العذاب كما نصت عليه الآية التي قبلها.
7 - أتى باسم الموصول العائد على الجمع مفرداً
س 111: جاء في سورة التوبة 9: 69 (وَخُضْتُمْ كَالذِي خَاضُوا). وكان يجب أن يجمع الاسم الموصول العائد على ضمير الجمع فيقول خضتم كالذين خاضوا.
الجواب : المتعلق (الجار والمجرور) محذوف تقديره كالحديث الذى خاضوا فيه. كأنه أراد أن يقول وخضتم فى الحديث الذى خاضوا هم فيه.
8 - جزم الفعل المعطوف على المنصوب
س 112: جاء في سورة المنافقون 63: 10 (وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) وكان يجب أن ينصب الفعل المعطوف على المنصوب فأَصدق وأَكون .
الجواب : وفي النقطة الخامسة يقال : إن الكلمة (وأكن) تقرأ بالنصب والجزم ، أما النصب فظاهر لأنها معطوفة على (فأُصدق) المنصوب لفظا في جواب (لولا)، وأما الجزم فلأن كلمة (فأصدق ) وإن كانت منصوبة لفظا لكنها مجزومة محلا بشرط مفهوم من قوله (لولا أخرتني)،حيث إن قوله (فأصدق) مترتب على قوله (أخرتني)، فكأنه قال: إن أخرتني أصدق وأكن. وقد وضع العلماء قاعدة فقالوا: إن العطف على المحل المجزوم بالشرط المفهوم مما قبله جائز عند العرب ، ولو لم تكن الفاء لكانت كلمة أصدق مجزومة، فجاز العطف على موضع الفاء.
[فالواو هنا من باب عطف الجملة على الجملة وليست من باب عطف الفعل على الفعل ، وهو مجزوم فى باب الطلب (الأمر) لأن الطلب كالشرط.]
دهم ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل هذه النار أضاءت أيضاً حول ذهب الله بأبصار هذا القوم.
9 - جعل الضمير العائد على المفرد جمعاً
س 113: جاء في سورة البقرة 2: 17 (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) . وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً فيقول ذهب الله بنوره .
الجواب : فهو هنا لم يشبه الجماعة بالواحد وإنما شبهت قصتهم بقصة المستوقد. ومثال ذلك قوله: (مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثمَّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) [الجمعة 5]. فلما أضاءت ما حوله أضاءت أيضاً للآخرين ، فكان عقاب الله أنها ذهبت بأبصارهم جميعاً، لاحظ أن الله يضرب المثل بقوم استوقد أحدهم ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل هذه النار أضاءت أيضاً حول ذهب الله بأبصار هذا القوم.
ونلاحظ أنه قال (ذهب) وهى أبلغ من أذهب لأن ذهب بالشىء اصطحبه ومضى به معه، فكأنما أراد الله أن يذكرهم أنه يرون بنور الله وفى معيته، وحيث أنهم اختاروا طريق الظلمة فقد أخذ الله نوره وتركهم فى ظلمات أنفسهم التى اختاروا البقاء فيها.
10 - نصب المعطوف على المرفوع
س 114: جاء في سورة النساء 4: 162 (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً). وكان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع فيقول والمقيمون الصلاة .
الجواب : (والمقيمين الصلاة) أي وأمدح المقيمين الصلاة، وفي هذا مزيد العناية بهم، فالكلمة منصوبة على المدح.
[هذه جملة اعتراضية بمعنى (وأخص وأمدح) وهى مفعول به لفعل محذوف تقديره (وأمدح) لمنزلة الصلاة ، فهى أول ما سيحاسب عليه المرء يوم القيامة. وفيها جمال بلاغى حيث يلفت فيها آذان السامعين لأهمية ما قيل.
أما (والمؤتون) بعدها على الرفع فهى معطوفة على الجملة التى قبلها.]
11- نصب المضاف إليه
س 115: جاء في سورة هود 11: 10 (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ). وكان يجب أن يجرَّ المضاف إليه فيقول بعد ضراءِ .
الجواب : يعرف دارسى اللغة العربية أن علامات جر الاسم هى (الكسرة أو الياء أو الفتحة فى الممنوع من الصرف): فيجر الاسم بالفتحة فى المفرد وجمع التكسير إذا كانت مجردة من ال والإضافة وتُجَر الأسماء الممنوعة من الصرف بالفتحة حتى لو كانت مضافة ، ولا يلحق آخرها تنوين.
وتسمى الكسرة علامة الجر الأصلية، وتسمى الياء والفتحة علامتى الجر الفرعيتين.
ويمنع من الصرف إذا كان على وزن صيغة منتهى الجموع أى على وزن (أفاعل – أفاعيل – فعائل – مفاعل – مفاعيل – فواعل – فعاليل) مثل: أفاضل – أناشيد – رسائل – مدارس – مفاتيح – شوارع – عصافير.
والاسم المؤنث الذى ينتهى بألف التأنيث المقصورة (نحو: سلوى و نجوى) أو بألف التأنيث الممدودة (نحو: حمراء – صحراء – أصدقاء) سواء أكان علماً أم صفة أم اسماً ، وسواء أدلَّ على مفرد أم دلَّ على جمع.
لذلك فتح ضرَّاءَ لأنه اسم معتل آخره ألف تأنيث ممدودة وهى ممنوعة من الصرف.
وما يُمنع من الصرف تكون علامة جره الفتحة عوضا عن الكسرة ما لم يضف أو يعرف بـ(أل) التعريف .
12- أتى بجمع كثرة حيث أريد القلة
س 116: جاء في سورة البقرة 2: 80(لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً).وكان يجب أن يجمعها جمع قلة حيث أنهم أراد القلة فيقول أياماً معدودات .
الجواب : ورد فى القرآن: (إلاَّ أياماً معدودات) [آل عمران 24] و (فى أيَّامٍ معدودات) [البقرة 203] و (فى أيامٍ معلومات) [الحج 28].
إذا كان الاسم مذكراً فالأصل فى صفة جمعه التاء: رجال مؤمنة ، كيزان مكسورة ، ثياب مقطوعة ؛ وإن كان مؤنثاً كان الأصل فى صفة جمعه الألف والتاء: نساء مؤمنات ، جِرارٌ مكسورات.
إلا أنه قد يوجد نادراً الجمع بالألف والتاء مع الاسم المذكر مثل: حمَّام حمَّامات.
فالله تعالى تكلم فى سورة البقرة بما هو الأصل وهو قوله تعالى (أياماً معدودة) وفى آل عمران بما هو الفرع.
وعلى ذلك يجوز فى جمع التكسير لغير العاقل أن ينعت بالمفرد المؤنث أو الجمع، فنقول: جبال شامخة وجبال شامخات ، ورود حمراء وورود حمراوات. وفى رأى آخر أنها تعنى أياماً قليلة مثل (دراهم معدودة). ولكن الأكثر أن (معدودة) في الكثرة ، و(معدودات) في القلة (فهي ثلاثة أيام المبيت في منى) وهي قليلة العدد.
13- أتى بجمع قلة حيث أريد الكثرة
س 117: جاء في سورة البقرة 2: 183 و184 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَات). وكان يجب أن يجمعها جمع كثرة حيث أن المراد جمع كثرة عدته 30 يوماً فيقول أياماً معدودة .
الجواب : (أياماً معدودات) أى مقدورات بعدد معلوم ، أو قلائل ، فكأنما يريد الله أن يقول: إنى رحمتكم وخففت عنكم حين لم أفرض عليكم صيام الدهر كله ، ولا صيام أكثره ، ولو شئت لفعلت ذلك ولكنى رحمتكم وما أوجبت الصوم عليكم إلا فى أيام قليلة.
ويجوز فى جمع التكسير لغير العاقل أن ينعت بالمفرد المؤنث أو الجمع، فنقول: جبال شامخة وجبال شامخات ، ورود حمراء وورود حمراوات.
14- جمع اسم علم حيث يجب إفراده
س 118: جاء في سورة الصافات 37: 123-132 (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ... سَلاَمٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ ... إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِين). فلماذا قال إلياسين بالجمع عن إلياس المفرد؟ فمن الخطا لغوياً تغيير اسم العلَم حباً في السجع المتكلَّف.
وجاء في سورة التين 95: 1-3 وَالتِّينِ وَالزَيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ . فلماذا قال سينين بالجمع عن سيناء؟ فمن الخطأ لغوياً تغيير اسم العلَم حباً في السجع المتكلف.
الجواب : إن اسم إلياس معرب عن العبرية ، فهو اسم علم أعجمي ، مثل إبراهيم وأبرام ، فيصح لفظه إلياس و إلياسين ، وهما إسمان لنبي واحد ، ومهما أتى بلفظ فإنه لا يعني مخالفة لغة العرب ، ولا يعترض على أهل اللغة بما اصطلحوا على النطق به بوجه أو بأكثر. فالاسم ليس من الأسماء العربية حتى يقال هذا مخالف للغة العرب، وكذلك لفظ سيناء يطلق سينين وسَيْنين وسيناء بفتح السين وكسرها فيهما. ومن باب تسمية الشيء الواحد بتسميات متشابهة أيضاً كتسمية مكة بكة.
15- أتى باسم الفاعل بدل المصدر
س 119: جاء في سورة البقرة 2: 177 (لَيْسَ َالبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ). والصواب أن يُقال ولكن البر أن تؤمنوا بالله لأن البر هو الإيمان لا المؤمن.
الجواب : يقول الأمام الرازى أنه حذف فى هذه الآية المضاف كما لو أراد قول (ولكن البر كل البر الذى يؤدى إلى الثواب العظيم بر من آمن بالله. وشبيه ذلك الآية (أجعلتم سقاية الحاجِّ ... كَمَنْ ءامَنَ) [التوبة 19] وتقديره: أجعلتم أهل سقاية الحاج كمن آمن؟ ، أو أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن؟ ليقع التمثيل بين مصدرين أو بين فاعلين، إذ لا يقع التمثيل بين مصدر وفاعل.
وقد يُقصدً بها الشخص نفسه فتكون كلمة (البرَّ) هنا معناها البار مثل الآية (والعاقبة للتقوى) [طه 132] أى للمتقين ، ومثله قول الله تعالى (أرأيتم إن أصبح ماءُكم غوراً) [المُلك 30] أى غائراً.
وقد يكون معناها ولكنَّ ذا البر ، كقوله: (هم درجات عند ربهم) [آل عمران 163] أى ذو درجات.
وكأن السائل بولسيّ المنهج الذي يرى الإيمان شيئا غير العمل. ولهذا لاحظ فيها مخالفة لمنهجه فقال: لأن البر هو الإيمان. كما قال بولس من قبله: (إذ نحسب أن الانسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس) رومية 3: 28 فليذهب وليقرأ سفر يعقوب المناقض لعقيدة بولس مخالفا كل نص العهد القديم والجديد. (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11 و (18لَكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ!» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي. 19أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20وَلَكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟ 21أَلَمْ يَتَبَرَّرْ إِبْرَاهِيمُ أَبُونَا بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَدَّمَ إِسْحَاقَ [وهذا خطأ من الكاتب إذ أنه إسماعيل] ابْنَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ؟ 22فَتَرَى أَنَّ الإِيمَانَ عَمِلَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَبِالأَعْمَالِ أُكْمِلَ الإِيمَانُ،) يعقوب 2: 18-22
ويقول العهد القديم: قال موسى وهارون لله: («اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟») (العدد 16 : 22)
(16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) (التثنية 24 : 16)
( 19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْمِلُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟ ) (حزقيال 18 : 19- 23)
والصحيح أن الإيمان عمل. إذن فالبر هو عمل المؤمن. فيصير معنى الآية ولكن البر هو أن يعمل الإنسان كذا وكذا ، فالإيمان بالله من الأعمال الإيمانية وتتضمن أعمالا للقلب تبعث على عمل الجوارح كالخشية والخضوع والتوكل والخوف والرجاء. وهذه كلها تبعث على العمل الصالح.
16- نصب المعطوف على المرفوع
س 120: جاء في سورة البقرة 2: 177 (وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ). وكان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع فيقول والموفون... والصابرون .
الجواب : الصابرين هنا مفعولاً به لفعل محذوف تقديره وأخص بالمدح الصابرين، والعطف هنا من باب عطف الجملة على الجملة.
17- وضع الفعل المضارع بدل الماضي
س 121: جاء في سورة آل عمران 3: 59 (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون) . وكان يجب أن يعتبر المقام الذي يقتضي صيغة الماضي لا المضارع فيقول قال له كن فكان .
الجواب : وفي النقطة السادسة قال (فيكون) للإشارة إلى أن قدرة الله على إيجاد شيء ممكن وإعدامه لم تنقض، بل هي مستمرة في الحال والاستقبال في كل زمان ومكان ، فالذي خلق آدم من تراب فقال له (كن) فكان ، قادر على خلق غيره في الحال والاستقبال (فيكون) بقوله تعالى (كن).
وقد نقل المنصرون هذا من كتب التفسير: أي إن المعنى : فكان، فظنوا لجهلهم بفن التفسير أن قول المفسرين بذلك لتصحيح خطأ وقع في القرآن، وأن الصواب : فكان ، بصيغة الماضي . قال القرطبي : "فكان . والمستقبل يكون في موضع الماضي إذا عرف المعنى"
وهل نقول: إذا أمرتك بشيء فعلت؟ أم أن الأصح أن تقول: إذا أمرتك بشيء تفعله؟ وتقدير السياق في الآية فإذا أراد الله شيئا فيكون ما أراد.
18- لم يأت بجواب لمّا
س 122: جاء في سورة يوسف 12: 15 (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ). فأين جواب لمّا؟ ولو حذف الواو التي قبل أوحينا لاستقام المعنى..
الجواب : جواب لمّا هنا محذوف تقديره فجعلوه فيها أو نفَّذوا مؤامرتهم وأرسله معهم.
وهذا من الأساليب البلاغية العالية للقرآن أنه لا يذكر لك تفاصيل مفهومة بديهية في السياق.
19- أتى بتركيب يؤدي إلى اضطراب المعنى
س 123: جاء في سورة الفتح 48: 8 و9(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيرا لتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً). وهنا ترى اضطراباً في المعنى بسبب الالتفات من خطاب محمد إلى خطاب غيره. ولأن الضمير المنصوب في قوله تعزّروه وتوقروه عائد على الرسول المذكور آخراً وفي قوله تسبحوه عائد على اسم الجلالة المذكور أولاً. هذا ما يقتضيه المعنى. وليس في اللفظ ما يعينه تعييناً يزيل اللبس. فإن كان القول تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً عائداً على الرسول يكون كفراً، لأن التسبيح لله فقط. وإن كان القول تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً عائداً على الله يكون كفراً، لأنه تعالى لا يحتاج لمن يعزره ويقويه!!
الجواب : نعم. فإن كان القول تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً عائداً على الرسول يكون كفراً، لأن التسبيح لله فقط.
بعد أن قال تعالى (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيرا) فقد بيَّنَ فائدة وأسباب الإرسال المرتبطة بلام التعليل ليعلم الرسول والناس كلهم السبب من إرساله لذلك قال (لتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً).
والخطاب هنا للرسول فى الإرسال ، ثم توجه للمؤمنين به ليبين لهم أسباب إرساله لهذا الرسول. كما لو خاطب المدرس أحد تلاميذه أمام باقى تلاميذ الفصل، فقال له: لقد أرسلتك إلى زملائك لتعلموا كلكم بموعد الإمتحان.
20- نوَّن الممنوع من الصرف
س 124: وجاء في سورة الإنسان 76: 4 (إِنَّا أَعْتَدْنَال للْكَافِرِينَ سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً). فلماذا قال سلاسلاً بالتنوين مع أنها لا تُنوَّن لامتناعها من الصرف؟
الجواب : سلاسلاً ليست من أوزان الأسماء الممنوعة من الصرف الخاصة بصيغة منتهى الجموع. وأوزان الأسماء التى على صيغة منتهى الحموع هى:
(أفاعل – أفاعيل – فعائل – مفاعل – مفاعيل – فواعل – فعاليل) مثل: أفاضل – أناشيد – رسائل – مدارس – مفاتيح – شوارع – عصافير.
ويمنع الاسم من الصرف فى صيغة منتهى الجموع بشرط أن يكون بعد ألف الجمع حرفين ، أو ثلاثة أوسطهم ساكن:
1- مساجد: تمنع من الصرف لأنها على وزن مفاعل (صيغة منتهى الجموع) ولأن بعد الألف حرفان.
2- مصابيح: تمنع من الصرف لأنها على وزن مفاعيل (صيغة منتهى الجموع) ولأن بعد الألف ثلاثة أحرف أوسطهم ساكن.
وقد قرأت سلاسلَ بدون تنوين على لغة من لغات أهل العرب التى تصرِّف كل الأسماء الممنوعة من الصرف فى النثر. أو أن تكون الألف المنونة فى سلاسلاً بدلاً من حرف الإطلاق. (الكشاف للزمخشرى ج 4 ص 167)
وكذلك جاء في سورة الإنسان 76: 15 (وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا) بالتنوين مع أنها لا تُنّوَن لامتناعها عن الصرف؟ إنها على وزن مصابيح.
الجواب : لو رجعتم للمصحف لعرفتم أن قواريرا غير منونة ، فهى غير منونة على قراءة عاصم وكثيرين غيره، ولكن قرأ الإمامان النحويان الكسائى الكوفى، ونافع المدنى قواريراً منصرفة ، وهذا جائز فى اللغة العربية لتناسب الفواصل فى الآيات.
21- تذكير خبر الاسم المؤنث
س 125: جاء في سورة الشورى 42: 17 (اللهُ الذِي أَنْزَلَ الكِتَابَ بِالحَقِّ وَالمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ). فلماذا لم يتبع خبر لعل اسمها في التأنيث فيقول قريبة؟
الجواب : خبر لعل هنا محذوف لظهوره البيَّن تقديره لعل حدوث الساعة قريب.
وفيه أيضا فائدة وهي أن الرحمة والرحم عند العرب واحد فحملوا الخبر على المعنى. ومثله قول القائل: إمرأة قتيل. ويؤيده قوله تعالى: (هذا رحمة من ربي) فأتى اسم الإشارة مذكرا. ومثله قوله تعالى: (والملائكة بعد ذلك ظهير).
وقد جهل المعترض بأنه المذكر والمؤنث يستويان في أوزان خمسة :
1 – (فعول): كرجل صبور وامرأة صبور.
2 – (فعيل): كرجل جريح وامرأة جريح.
3 – (مفعال): كرجل منحار وامرأة منحار أي كثير النحر.
4 – (فعيل): بكسر الميم مثل مسكين، فنقول رجل مسكين، وامرأة مسكين.
5 – (مِفعَل): بكسر الميم وفتح العين. كمغشم وهو الذي لا ينتهي عما يريده ويهواه من شجاعته. ومدعس من الدعس وهو الطعن.
22- أتى بتوضيح الواضح
س 126: جاء في سورة البقرة 2: 196 (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَاِملَةٌ) . فلماذا لم يقل تلك عشرة مع حذف كلمة كاملة تلافيا لإيضاح الواضح، لأنه من يظن العشرة تسعة؟
الجواب : إن التوكيد طريقة مشهورة فى كلام العرب ، كقوله تعالى: (ولكن تَعْمَى القلوب التى فى الصدور) [الحج 46] ، وقوله تعالى: (ولا طائرٌ يطير بجناحيه) [الأنعام 38] ، أو يقول قائل سمعته بأذني ورأيته بعيني ، والفائدة فيه أن الكلام الذى يعبر عنه بالعبارات الكثيرة ويعرف بالصفات الكثيرة، أبعد عن السهو والنسيان من الكلام الذى يعبَّر عنه بالعبارة الواحدة ، وإذا كان التوكيد مشتملاً على هذه الحكمة كان ذكره فى هذا الموضع دلالة على أن رعاية العدد فى هذا الصوم من المهمات التى لا يجوز إهمالها ألبتة.
وقيل أيضاً إن الله أتى بكلمة (كاملة) لبيان الكمال من ثلاثة أوجه: أنها كلمة فى البدل عن الهَدىْ قائمة مقامه ، وثانيهما أنها كاملة فى أن ثواب صاحبه كامل مثل ثواب من يأتى بالهَدىْ من القادرين عليه ، وثالثهما أنها كاملة فى أن حج المتمتع إذا أتى بهذا الصيام يكون كاملاً ، مثل حج من لم يأت بهذا التمتع.
وذهب الإمام الطبري إلى أن المعنى « تلك عشرة فرضنا إكمالها عليكم، إكمال صومها لمتعتكم بالعمرة إلى الحج، فأخرج ذلك مخرج الخبر.
23- أتى بضمير فاعل مع وجود فاعل
س 127: جاء في سورة الأنبياء 21: 3 (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الذِينَ ظَلَمُوا) مع حذف ضمير الفاعل في أسرّوا لوجود الفاعل ظاهراً وهو الذين .
الجواب : وفي هذه النقطة يقال : إن التركيب مطابق لقواعد اللغة العربية باتفاق علماء اللغة وإن اختلفوا في الفاعل الذي أسنِدَ إليه الفعل، والجمهور على أنه مسند للضمير، والاسم الظاهر بدل منه.
ووجود علامة التثنية والجمع فى الفعل قبل الفاعل لغة طىء وأزد شنوءة، وقلنا من قبل إن القرآن نزل بلغات غير لغة قريش ، وهذا أمر كان لا بد منه ، ومع هذا جاء هذا التعبير فى لغة قريش ، ومنه قول عبد الله بن قيس بن الرقيات يرثى مصعب بن الزبير:
تولى قتال المارقين بنفسه *** وقد أسلماه مبعد وحميم
وقول محمد بن عبد الله العتبى من ولد عتبة بن أبى سفيان الأموى القرشى:
رأين الغوانى الشيب لاح بعارضى *** فأعرضن عنى بالخدود النواضر
[الذين ظلموا ليست هنا فاعلاً مكرراً ، فكلمة أسر هى الفعل ، والواو فاعله، والنجوى مفعول به، والذين نعت صفاتهم بأنهم ظلموا]
24- الالتفات من المخاطب إلى الغائب قبل إتمام المعنى
س 128: جاء في سورة يونس 10: 22 (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ). فلماذا التفت عن المخاطب إلى الغائب قبل تمام المعنى؟ والأصحّ أن يستمر على خطاب المخاطب.
الجواب : 1- المقصود هو المبالغة كأنه تعالى يذكر حالهم لغيرهم لتعجيبهم منها ، ويستدعى منهم مزيد الإنكار والتقبيح. فالغرض هنا بلاغى لإثارة الذهن والإلتفات لما سيفعله هؤلاء المُبعدين من نكران لصنيع الله بهم.
2- إن مخاطبته تعالى لعباده، هى على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، فهى بمنزلة الخبر عن الغائب ، وكل من أقام الغائب مقام المخاطب ، حسن منه أن يرده مرة أخرى إلى الغائب.
3- إن الإنتقال فى الكلام من لفظ الغيبة إلى الحضور هو من باب التقرب والإكرام كقوله تعالى: (الحمد لله ربَّ العالمين * الرحمن الرحيم) [الفاتحة 2-3] وكله مقام الغيب ، ثم انتقل منها إلى قوله تعالى: (إيَّاكَ نعبدُ وإيَّاكَ نستعين) [الفاتحة 5] ، وهذا يدل على أن العبد كأنه انتقلَ من مقام الغيبة إلى مقام الحضور ، وهو يوجب علو الدرجة ، وكمال القرب من خدمة رب العالمين.
أما إذا انتقل الخطاب من الحضور إلى الغيب وهو من أعظم أنواع البلاغة كقوله: (هو الذى يُسَيَّركم) ينطوي على الامتنان وإظهار نعمة المخاطبين، (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ) (وَجَرَيْنَ بِهِمْ) ولما كان المسيرون في البر والبحر مؤمنين وكفارا والخطاب شامل لهم جميعا حسن الخطاب بذلك ليستديم الصالح الشكر، ولعل الطالح يتذكر هذه النعمة فيتهيأ قلبه لتذكر وشكر مسديها.
ولما كان في آخر الآية ما يقتضي أنهم إذا نجوا بغوا في الأرض، عدل عن خطابهم بذلك إلى الغيبة، لئلا يخاطب المؤمنين بما لا يليق صدوره منهم وهو البغي بغير الحق.، فهذا يدل على المقت والتبعيد والطرد ، وهو اللائق بحال هؤلاء ، لأن من كان صفته أنه يقابل إحسان الله تعالى إليه بالكفران، كان اللائق به ماذُكِرَ. ففيها فائدتان: المبالغة والمقت أوالتبعيد.
25- أتى بضمير المفرد للعائد على المثنى
س 129: جاء في سورة التوبة 9: 62 (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ). فلماذا لم يثنّ الضمير العائد على الاثنين اسم الجلالة ورسوله فيقول أن يرضوهما؟
الجواب : 1- لا يُثنَّى مع الله أحدٌ ، ولا يُذكر الله تعالى مع غيره بالذكر المُجْمَل ، بل يجب أن يفرد بالذكر تعظيماً له.
2- ثم إن المقصود بجميع الطاعات والعبادات هو الله ، فاقتصر على ذكره.
3- ويجوز أن يكون المراد يرضوهما فاكتفى بذكر الواحد كقوله: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضٍ والرأى مختلفُ أى نحن بما عندنا راضون.
4- أن العالم بالأسرار والضمائر هو الله تعالى ، وإخلاص القلب لا يعلمه إلا الله ، فلهذا السبب خصَّ الله تعالى نفسه بالذكر.
5- كما أن رضا الرسول من رضا الله وحصول المخالفة بينهما ممتنع فهو تابع لرضاء ربه ، لذلك اكتفى بذكر أحدهما كما يقال: إحسان زيد وإجماله نعشنى وجبرنى. وقد قال أهل العلم: إن إفراد الضمير لتلازم الرضاءين.
6- أو على تقدير: والله أحق أن يرضُوه ورسوله كذلك، كما قال سيبويه: فهما جملتان حذف خبر إحداهما لدلالة الثاني عليه والتقدير: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك.
26- أتى باسم جمع بدل المثنى
س 130: جاء في سورة التحريم 66: 4 (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا). والخطاب (كما يقول البيضاوي). موجّه لحفصة وعائشة. فلماذا لم يقل صغا قلباكما بدل صغت قلوبكما إذ أنه ليس للاثنتين أكثر من قلبين؟
الجواب : القلب متغير فهو لا يثبت على حال واحدة ، فلذلك جمعه فصار قلب الإنسان قلوب ، فالحواس كلها تُفرَد ما عدا القلب: ومثل ذلك (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة) [النحل 78] ، ولعل المراد به هو جمع بناء على القلة تنبيهاً على هناك الكثير من يسمع الحق بل ويراه ، لكن هناك قلة من القلوب التى تستجيب وتخشع لله.
أن الله قد أتى بالجمع في قوله (قلوبكما) وساغ ذلك لإضافته إلى مثنى وهو ضميراهما. والجمع في مثل هذا أكثر استعمالا من المثنى. فإن العرب كرهوا اجتماع تَثْنيَيْن فعدلوا إلى الجمع لأن التثنية جمع في المعنى والإفراد.
ولا يجوز عند البصريين إلا في الشعر كقوله: حمامة بطن الواديين ترنمي سقاك من العز الفوادي مطيرها.
27- رفع القرآن اسم إنْ
س ...: جاء فى سورة طه الآية 63 (إنْ هذانِ لَساحِرَانِ) وكان يجب أن يقول: إنْ هذين لساحرين
الجواب : إنْ بالسكون وهى مخففة من ان ، وإنْ المخففة تكون مهملة وجوباً إذا جاء بعدها فعل ، أما إذا جاء بعدها اسم فالغالب هو الإهمال نحو: (إنْ زيدٌ لكريم) ومتى أُهمِلَت أ يقترن خبرها باللام المفتوحة وجوباً للتفرقة بينها وبين إنْ النافية كى لا يقع اللّبس. واسمها دائماً ضمير محذوف يُسمَّى ضمير (الشأن) وخبرها جملة ، وهى هنا (هذان ساحران).
-
الرد على التناقضات المزعومة حول القرآن الكريم
1- عدد أيام خلق السموات والأرض :
(1) لا تناقض في القرآن حول عدد أيام خلق السماوات والأرض. ذكر بها أن خلق السماوات والأرض تم في ستة أيام.
السورة (9:41 إلى 12) ذكر بها أن خلق الأرض تم في يومين وخلق الله الأنهار والغابات.. الخ في الأرض (بعد خلقها) في أربعة أيام، وأنه قد خلق السماوات في يومين (السورة 10 تتناقض مع السورة 41 ( 2+4+2=8 أيام ).
والجواب:
هذا السؤال يتعلق بقوله تعالى: { قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين، وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين، فسواهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها..}.
نعم بجمع هذه الأيام دون فهم وعلم يكون المجموع ثمانية وقد ذكر الله في مواضع كثيرة من القرآن أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام..
وما ظنه السائل تناقضا فليس بتناقض فإن الأربعة أيام الأولى هي حصيلة جمع اثنين واثنين.. فقد خلق الله الأرض خلقا أوليا في يومين ثم جعل فيها الرواسي وهي الجبال ووضع فيها بركتها من الماء، والزرع، وما ذخره فيها من الأرزاق في يومين آخرين فكانت أربعة أيام. فقول الله سبحانه وتعالى: {وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين}، هذه الأيام الأربعة هي حصيلة اليومين الأولين ويومين آخرين فيكون المجموع أربعة. وليست هذه الأربعة هي أربعة أيام مستقلة أخرى زيادة على اليومين الأولين.. ومن هنا جاء الخطأ عند السائل.. ثم إن الله خلق السماوات في يومين فيكون المجموع ستة أيام بجمع أربعة واثنين..
ولا تناقض في القرآن بأي وجه من الوجوه.. ثم إن القرآن لو كان مفترى كما يدعي السائل فإن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن ليجهل مثلا أن اثنين وأربعة واثنين تساوي ثمانية وأنه قال في مكان آخر من القرآن إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام.. فهل يتصور عاقل أن من يقدم على تزييف رسالة بهذا الحجم، وكتاب بهذه الصورة يمكن أن يخطئ مثل هذا الخطأ الذي لا يخطئه طفل في السنة الأولى الإبتدائية ؟!
لا شك أن من ظن أن الرسول افترى هذا القرآن العظيم ثم وقع في مثل هذا الخطأ المزعوم فهو من أحط الناس عقلا وفهما. والحال أن السائل لا يفهم لغة العرب وأن عربيا فصيحا يمكن أن يقول : زرت أمريكا فتجولت في ولاية جورجيا في يومين، وأنهيت جولتي في ولاية فلوريدا في أربعة أيام ثم عدت إلى لندن.. لا شك أن هذا لم يمكث في أمريكا إلا أربعة أيام فقط وليس ستة أيام لأنه قوله: في يومين في أربعة أيام يعني يومين في جورجيا ويومين في فلوريدا..
وهذه الآية التي نحن بصددها تشبه أيضا قول الرسول صلى الله عليه وسلم بأن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة في مثل ذلك يكون مضغة في مثل ذلك فإن هذا جميعه في أربعين يوما فقط وليس في مائة وعشرين يوما كما فهمه من فهمه خطأ فقول الرسول (في مثل ذلك) أي في هذه الأربعين، ومثله هنا قوله تعالى: {وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام} أي بزيادة يومين عن اليومين الأولين.
2- مقدار الأيام عند الله, فهل اليوم الواحد يساوي ألف سنة أو خمسين ألف سنة عند الله ؟
والجواب:
سهل وبسيط وهو أن الأيام عند الله مختلفة فيوم القيامة يوم مخصوص وهذا مقداره خمسين ألف سنة من أيام الدنيا كما قال تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين آلف سنة}، وأما سائر الأيام عند الله فكل يوم طوله ألف سنة من أيام هذه الدنيا، كما قال تعالى: {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}. ومعلوم أن الأيام على الكواكب تختلف بحسب حجمها وحركتها، فماذا يمنع أن يكون يوم القيامة أطول من سائر الأيام.
3- إخبار الله سبحانه وتعالى عن نوح عليه السلام وابنه.
ففي سورة الأنبياء :الآية 76 ذكر بها أن نوح وأهل بيته قد نجوا من الفيضان، ولكن سورة هود :الآيات 32 إلى 48) ذكر بها أن أحد أولاد نوح قد غرق ؟
والجواب :
إن الاستثناء أسلوب معروف في لغة العرب فيذكر المتكلم المستثنى منه على وجه العموم ثم يخرج منهم من أراد إخراجه. ويمكن أن يأتي الإستثناء منفصلا، ويمكن أن يأتي متصلا.. وفي سورة الأنبياء قال الله تعالى عن نوح: {ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم} وقد بين سبحانه وتعالى المراد بأهله في آيات أخرى وهو من آمن منهم فقط حيث أخبر سبحانه وتعالى في سورة هود أنه قال لنوح : { احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن، وما آمن معه إلا قليل}. فقد أمره الله سبحانه وتعالى أن يحمل أهله معه إلا من سبق القول من الله بهلاكهم.. وقد كان قد سبق في علم الله أن يهلك ابنه مع الهالكين لأنه لم يكن مؤمنا.. ولم يكتب الله لأحد النجاة مع نوح إلا أهل الإيمان فقط، وابنه لم يكن مؤمنا.. وبالتالي فلا تناقض بين قوله تعالى في سورة الأنبياء إنه نجى نوحا وأهله، وبين ما جاء في سورة هود إنه أغرق ابن نوح لأن ابن نوح لم يكن من أهله، كما قال تعالى لنوح لما سأله عن ابنه {يا نوح إنه ليس من أهلك}. وبالتالي فلا تناقض بحمد الله في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
4- الآيات النازلة في شأن جبريل عليه السلام.
ويقولون : هناك وجهات نظر متضاربة في إدعاء محمد النبوة. ففي سورة النجم (53 :6-15) ذكر بها أن الله نفسه أوحى إلى محمد. و سورة النحل (16: 102، 26: 192-194)، ذكر بها أن "روح القدس" نزلت إلى محمد. والسورة (15 :8) ذكر بها أن الملائكة (وهم أكثر من واحد) نزلوا إلى محمد. السورة (2: 97) ذكر بها أن الملاك جبريل (واحد فقط) لم يذكر في القرآن ولا في الأناجيل ما يقول أن "روح القدس" هي جبريل.
والجواب :
قوله سبحانه وتعالى في سورة النجم (53 :3-12) عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} الآيات. فهذا وصف لجبريل الروح القدس الأمين الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بحراء، وجاءه بالوحي من ربه، ولقد رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صورته التي خلقه الله عليه وله ستمائة جناح مرتين: واحدة في مكة في بدء الوحي وثانية عندما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء كما جاء ذلك في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين في الصحيحين (البخاري ومسلم) بالإسناد المتفق عليه. وجبريل المذكور في سورة النجم (53)، هو نفسه الذي ذكره الله في سورة النحل (14)، حيث يقول سبحانه وتعالى: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين} (16: 102)، فقد سماه الله روحا لأنه ينزل بما يحيي موات القلوب وهو وحي الله إلى رسله ووصفه بروح (القدس) أي المقدس المنزه عن الكذب أو الغش فهو الذي قدسه الله ورفعه وأعلى من شأنه عليه السلام.
5- لا تناقض في إخبار الرب عن خلق الإنسان مرة من طين وأخرى من ماء وتارة من نطفة .
والجواب :
أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أنه بدأ خلق الإنسان بخلق أبي البشر آدم الذي خلقه من التراب، الذي أصبح طينا يعجنه بالماء، ثم حما مسنونا، أي طينا مخمرا، ثم سواه الله بأن خلقه بيديه سبحانه ثم أصبح آدم وهو في صورته الطينية صلصالا كالفخار، وهو الطين إذا يبس وجف، ثم نفخ الله فيه الروح فأصبح بشرا حيا، ثم أمر الملائكة بالسجود له بعد أصبح كذلك ثم خلق الله من أحد أضلاعه زوجته حواء (كما جاء ذلك في الحديث النبوي).. فهي أنثى مخلوقة من عظام زوجها..
والله يخلق ما يشاء مما يشاء كيف يشاء، ثم لما عصى آدم بأكله من الشجرة التي نهاه الله أن يأكل منها أهبطه الله إلى الأرض.
ثم جعل الله تناسل آدم من اجتماع ماء الرجل وماء المرأة، والعرب تسمي المني الذي يقذفه الرجل في رحم الأنثى ماءا، وسماه الله في القرآن {ماءا مهينا}.. وكل ذلك موجود في القرآن الكريم.
وهذا المسكين ظن أن هذه آراء متعارضة، وظن أن كل ذلك آراء متعارضة ولم يفهم أن خلق آدم لم يكن كخلق حواء فآدم خلق من الطين، وحواء خلقت من ضلع آدم، وأن كل إنسان خلق من أنثى وذكر، من ماء مهين، وأن عيسى عليه السلام خلق من أنثى بلا ذكر كما قال سبحانه وتعالى عن عيسى {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون}.
وكان تنوع خلق البشر على هذه الصور ليبين الله لعباده قدرته الكاملة، فهو يخلق ما يشاء مما يشاء كيف يشاء، وقد خلق الإنسان الأول آدم من طين من غير أنثى أو ذكر، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق سائر الخلق من إجتماع الذكر والأنثى فسبحان من له القدرة الكاملة، والمشيئة النافذة. وهذا كله يدل على الخلق المستقل للإنسان وأنه لا ينتمي إلى حيوانات هذه الأرض، فالتطور إن كان حقا فهو إنما يكون في حيوانات وأحياء هذه الأرض فقط. وأما الإنسان فإنه خلق خلقا مستقلا في السماء، وإن كان الله قد خلقه من طين هذه الأرض. وهذا هو الذي يؤيده العلم والنظر في الكون.
هذا ما اعترض به المعترض على القرآن الكريم. ونأتي الآن إلى ما اعترض به على جمع القرآن وحفظه وكذلك اعتراضه على ما ظنه أنه يخالف الحق والعلم من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما ما ذكره الله في سورة الحجر الآية رقم 28 فإن الله لم يذكر فيها أن الملائكة نزلوا على النبي بالوحي كما فهم هذا الجاهل حيث يقول (والسورة رقم (15: 8) ذكر فيها أن الملائكة وهم أكثر من واحد نزلوا على محمد).
وإنما الآيات هكذا {وقالوا} -أي الكفار- {يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون، لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين} فرد الله مقالة الكفارهؤلاء الذين استعجلوا نزول الملائكة بالعذاب عليهم وهو ما هددهم الله به إن أصروا على التكذيب فقال تعالى: {ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين} أي إن الله لا ينزل الملائكة إلا بالحق وإنهم إذا نزلوا نزلوا بالعذاب عليهم فمعنى ذلك أنهم غير ممهلين، والحال أن الله أمهلهم ليقيم الحجة عليهم، ولم يشأ سبحانه وتعالى أن يعجل العقوبة الماحية المستأصلة لهم كما حدث للأمم السابقة بل شاء الله أن يعاقبهم بالعقوبات التي لا تستأصلهم فقد أنزل الملائكة في بدر وغيرها من معارك الرسول خزيا للكفار ونصرا للرسول والمؤمنين.
وأما آية سورة البقرة (2: 97) فهي نص صريح في أن جبريل عليه السلام هو الذي أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين} وهذا رد على اليهود الذين كرهوا جبريل، وأنه ينزل بحربهم وهلاكهم فأخبرهم الله أن هذا الملاك هو ملاك الرب، وأنه هو الذي أنزل القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم. وقد وصف الله جبريل في القرآن بأنه روح القدس أي الروح المقدسة كما قال سبحانه وتعالى: { قل نزله روح القدس من ربك بالحق}. وقد قدمنا معنى روح القدس.
12- قوله (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) الحج وقال في آية أخرى (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) السجدة وقال في آية أخرى (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فاصبر صبرا جميلا) المعارج فقالوا فكيف يكون هذا الكلام المحكم وهو ينقض بعضه بعضا
الجواب :
أما قوله (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) فهذا من الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض كل يوم كألف سنة
وأما قوله (يدبر الأمرمن السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة) وذلك أن جبرائيل كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم ويصعد إلى السماء في يوم كان مقداره ألف سنة وذلك أنه من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام فهبوط خمسمائة وصعود خمسمائة عام فذلك ألف سنة
وأما قوله (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فاصبر صبرا جميلا) ذلك أن وقت وقوع العذاب للكافرين يوم القيامة تعرج الملائكة وجبرائيل عليه السلام في ذاك اليوم الذي سيكون مقداره خمسين الف سنة , فأين هو التناقض ؟؟!!!
15- قول موسى (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) الأعراف وقال السحرة (إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين) الشعراء وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين إلى قوله وأنا أول المسلمين) الأنعام قالوا فكيف قال موسى وأنا أول المؤمنين وقد كان قبله إبراهيم مؤمنا ويعقوب وإسحق فكيف جاز لموسى أن يقول وأنا أول المؤمنين وقالت السحرة أن كنا أول المؤمنين وكيف جاز للنبي أن يقول وأنا أول المؤمنين وقد كان قبله مسلمون كثير مثل عيسى ومن تبعه فشكوا في القرآن وقالوا إنه متناقض
الجواب :
وأما قول موسى (وأنا أول المؤمنين) فإنه حين قال (رب أرني أنظر إليك قال لن تراني)الأعراف ولا يراني أحد في الدنيا إلا مات فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) الأعراف يعني أول المصدقين أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات، وأما قول السحرة (أن كنا أول المؤمنين) يعنى أول المصدقين بموسى من أهل مصر من القبط وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم (وأنا أول المسلمين) يعني من أهل مكة فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة .
24- قوله تعالى : ( لا أقسم بهذا البلد ) وأدعوا أن هذه الآية تناقض قوله تعالى : ( وهذا البلد الامين )
الجواب :
( لا أقسم بهذا البلد ) قوله ( لا أقسم ) لا زائدة والمعنى أقسم ( بهذا البلد ) وقد تقدم الكلام على هذا في تفسير لا أقسم بيوم القيامة ومن زيادة لا في الكلام في غير القسم و قول الشاعر :
تذكرت ليلى فاعترتني صبابة وكاد صميم القلب لا يتصدع
أي يتصدع ومن ذلك قوله ما منعك أن لا تسجد أي أن تسجد قال الواحدي أجمع المفسرون على أن هذا قسم بالبلد الحرام وهو مكة
أما قوله تعالى : ( وهذا البلد الأمين ) أجمع المفسرون أيضا في هذه الآية أن البلد هي مكة ولا خلاف في هذا
وقد حكى أبو العباس بن سريح قال: سأل رجلُُ بعض العلماء عن قوله تعالى { لا أقسم بهذا البلد }(البلد/1) فأخبر سبحانه أنه لا يقسم بهذا البلد، ثم أقسم به في قوله { وهذا البلد الأمين } (التين/3) فقال ابن سريح: أي الأمرين أحب إليك؛ أجيبك ثم أقطعك ؟ أو أقطعك ثم أجيبك ؟ فقال: بل اقطعني ثم أجبني. قال: اعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة رجالٍ وبين ظهراني قوم ، وكانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزاً، وعليه مطعناً، فلو كان هذا عندهم مناقضة لعلّقوا به وأسرعوا بالرد عليه. ولكنّ القوم علموا وجهلتَ، فلم ينكروا ما أنكرت. ثم قال : إن العرب قد تدخل " لا " في أثناء كلامها وتلغى معناها.
فأين هذا التناقض المزعوم ؟؟؟؟؟؟؟
25- سورة البقرة، آية 29: ( هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم )
سورة فصلت، آيات 9-12: ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين و أوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفضاً ذلك تقدير العزيز العليم )
سورة النازعات، آيات 27-30: ( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها ) فسورة البقرة وسورة فصلت تذكران خلق الله للأرض أولا ثم السماء. بينما سورة النازعات تذكر خلق السماء أولا ثم الأرض .
الجواب :
سهل وبسيط , أولا : الدحي ليس معناها الخلق والتي ذكرها الله في آخر سورة النازعات الآية السابعة والعشرون ( والأرض بعد ذلك دحاها )
ثانيا : خلق الله الأرض في يومين ثم خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين ثم دحا الأرض ودحوها أن أخرج منها الماء والمرعى وخلق الجبال والجمال والآكام وما بينهما في يومين آخرين فذلك قوله ( دحاها ) , فأين هذا التناقض المزعوم ؟؟؟
26- ماذا تقولون في قوله تبارك وتعالى حكاية عن موسى (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين). وقال تعالى في موضع آخر (وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب) والثعبان الحية العظيمة الخلقة والجان الصغير من الحيات فكيف اختلف الوصفان والقصة واحدة وكيف يجوز ان تكون العصا في حالة واحدة بصفة ما عظم خلقه من الحيات وبصفة ما صغر منها وبأي شئ تزيلون التناقض عن هذا الكلام
الجواب :
أول ما نقوله ان الذي ظنه السائل من كون الآيتين خبرا عن قصة واحدة باطل بل الحالتان مختلفتان فالحال التي أخبر ان العصا فيها بصفة الجان كانت في ابتداء النبوة وقبل مصير موسى إلى فرعون والحال التي صار العصا عليها ثعبانا كانت عند لقائه فرعون وابلاغه الرسالة والتلاوة تدل على ذلك واذا اختلفت القصتان فلا مسألة على أن قوما من المفسرين قد تعاطوا الجواب على هذا السؤال إما لظنهم ان القصة واحدة أو لاعتقادهم ان العصا الواحدة لا يجوز ان تنقلب في حالتين تارة إلى صفة الجان وتارة إلى صفة الثعبان أو على سبيل الاستظهار في الحجة وان الحال لو كانت واحدة على ما ظن لم يكن بين الآيتين تناقض وهذا الوجه أحسن ما تكلف به الجواب لاجله لان الاولين لا يكونان الا عن غلط أو عن غفلة وذكروا وجهين تزول بكل واحد منهما الشبهة من تأويلها.
أحدهما انه تعالى انما شبهها بالثعبان في إحدى الآيتين لعظم خلقها وكبر جسمها وهول منظرها وشبهها في الآية الاخرى بالجان لسرعة حركتها ونشاطها وخفتها فاجتمع لها مع انها في جسم الثعبان وكبر خلقه نشاط الجان وسرعة حركته وهذا أبهر في باب الاعجاز وأبلغ في خرق العادة ولا تناقض معه بين الآتين. وليس يجب اذا شبهها بالثعبان ان يكون لها جميع صفات الثعبان واذا شبهها بالجان ان يكون لها جميع صفاته وقد قال الله تعالى (يطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير قوارير من فضة) ولم يرد تعالى ان الفضة قوارير على الحقيقة وانما وصفها بذلك لانه اجتمع لها صفاء القوارير وشفوفها ورقتها مع انها من فضة وقد تشبه العرب الشئ بغيره في بعض وجوهه فيشبهون المرأة بالظبية وبالبقرة ونحن نعلم أن في الظباء والبقر من الصفات مالا يستحسن ان يكون في النساء وانما وقع التشبيه في صفة دون صفة ومن وجه دون آخر.
27- (لا تبديل لكلمات الله ) تناقض قوله (وإذا بدلنا آية مكان آية..)
(لا مبدل لكلماته ) تناقض قوله (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها )
(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) تناقض قوله ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )
الجواب :
الصورة الأولى للتناقض الموهوم بين آية يونس: (لا تبديل لكلمات الله) وآية النحل (وإذا بدلنا آية مكان آية..) لا وجود لها إلا فى أوهامهم ويبدو أنهم يجهلون معنى التناقض تمامًا. فالتناقض من أحكام العقل ، ويكون بين أمرين كليين لا يجتمعان أبداً فى الوجود فى محل واحد ، ولا يرتفعان أبداً عن ذلك المحل ، بل لا بد من وجود أحدهما وانتفاء الآخر ، مثل الموت والحياة. فالإنسان يكون إما حيًّا وإما ميتا ولا يرتفعان عنه فى وقت واحد ، ومحال أن يكون حيًّا و ميتاً فى آن واحد ؛ لأن النقيضين لا يجتمعان فى محل واحد.
ومحال أن يكون إنسان ما لا حى ولا ميت فى آن واحد وليس فى القرآن كله صورة ما من صور التناقض العقلى إلا ما يدعيه الجهلاء أو المعاندون. والعثور على التناقض بين الآيتين المشار إليهما محال محال ؛ لأن قوله تعالى فى سورة يونس (لا تبديل لكلمات الله) معناه لا تبديل لقضاء الله الذى يقضيه فى شئون الكائنات ، ويتسع معنى التبديل هنا ليشمل سنن الله وقوانينه الكونية. ومنها القوانين الكيميائية ، والفيزيائية وما ينتج عنها من تفاعلات بين عناصرالموجودات ،أو تغييرات تطرأ عليها. كتسخين الحديد أو المعادن وتمددها بالحرارة ، وتجمدها وانكماشها بالبرودة. هذه هى كلمات الله عزّ وجلّ.
وقد عبر عنها القرآن فى مواضع أخرى ب.. السنن وهى القوانين التى تخضع لها جميع الكائنات ، الإنسان والحيوان والنبات والجمادات. إن كل شئ فى الوجود ، يجرى ويتفاعل وفق السنن الإلهية أو كلماته الكلية ، التى ليس فى مقدور قوة فى الوجود أن تغيرها أو تعطل مفعولها فى الكون.
ذلك هو المقصود به ب " كلمات الله " ، التى لا نجد لها تبديلاً ، ولا نجد لها تحويلاً.
ومن هذه الكلمات أو القوانين والسنن الإلهية النافذة طوعاً أو كرهاً قوله تعالى: ( كل نفس ذائقة الموت ) . فهل فى مقدور أحد مهما كان أن يعطل هذه السنة الإلهية فيوقف " سيف المنايا " ويهب كل الأحياء خلوداً فى هذه الحياة الدنيا ؟
فكلمات الله إذن هى عبارة عن قضائه فى الكائنات وقوانينه المطردة فى الموجودات وسننه النافذة فى المخلوقات.
ولا تناقض فى العقل ولا فى النقل ولا فى الواقع المحسوس بين مدلول آية: (لا تبديل لكلمات الله) وآية: (وإذا بدلنا آية مكان آية..).
لأن معنى هذه الآية: إذا رفعنا آية ، أى وقفنا الحكم بها ، ووضعنا آية مكانها ، أى وضعنا الحكم بمضمونها مكان الحكم بمضون الأولى. قال جهلة المشركين: إنما أنت مفتِرٍ .
فلكل من الآيتين معنى فى محل غير معنى ومحل الأخرى.
فالآية فى سورة يونس (لا تبديل لكلمات الله) والآية فى سورة النحل: (وإذا بدلنا آية مكان آية..) لكل منهما مقام خاص ، ولكن هؤلاء الحقدة جعلوا الكلمات بمعنى الآيات ، أو جعلوا الآيات بمعنى الكلمات زوراً وبهتاناً ، ليوهموا الناس أن فى القرآن تناقضاً. وهيهات هيهات لما يتوهمون.
أما الآيتان (لا مبدل لكلماته) و(ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) وقد تقدم ذكرهما فى الجدول السابق.
هاتان الآيتان بريئتان من التناقض براءة قرص الشمس من اللون الأسود :
فآية الكهف (لا مبدل لكلماته) معناها لا مغير لسننه وقوانينه فى الكائنات. وهذا هو ما عليه المحققون من أهل العلم ويؤيده الواقع المحسوس والعلم المدروس.
وحتى لو كان المراد من " كلماتـه " آياته المنـزلة فى الكتاب العـزيز " القرآن " فإنه ـ كذلك ـ لا مبدل لها من الخلق فهى باقية محفوظة كما أنزلها الله عز وجل ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
أما آية البقرة: (ما ننسخ من آية ) فالمراد من الآية فيها المعجزة ، التى يجريها الله على أيدى رسله. ونسخها رفعها بعد وقوعها. وليس المراد الآية من القرآن ، وهذا ما عليه المحققون من أهل التأويل. بدليل قوله تعالى فى نفس الآية: (ألم تعلم أن الله على كل شىء قدير ).
ويكون الله عز وجل قد أخبر عباده عن تأييده رسله بالمعجزات وتتابع تلك المعجزات ؛ لأنها من صنع الله ، والله على كل شىء قدير.
فالآيتان ـ كما ترى ـ لكل منهما مقام خاص بها ، وليس بينهما أدنى تعارض ، فضلاً عن أن يكون بينهما تناقض.
أما الآيتان الأخيرتان الواردتان فى الجدول ، وهما آية الحجر: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وآية الرعد: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) فلا تعارض بينهما كذلك ؛ لأن الآية الأولى إخبار من الله بأنه حافظ للقرآن من التبديل والتحريف والتغيير ، ومن كل آفات الضياع وقد صدق إخباره تعالى ، فظل القرآن محفوظاً من كل ما يمسه مما مس كتب الرسل السابقين عليه فى الوجود الزمنى ، ومن أشهرها التوراة وملحقاتها. والإنجيل الذى أنزله الله على عيسى عليه السلام.
أما الآية الثانية: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) فهى إخبار من الله بأنه هو وحده المتصرف فى شئون العباد دون أن يحد من تصرفه أحد. فإرادته ماضية ، وقضاؤه نافذ ، يحيى ويميت ، يغنى ويفقر ، يُصحُّ ويُمْرِضُ ، يُسْعِد ويُشْقِى ، يعطى ويمنع ، لا راد لقضائه ، ولا معقب على حكمه (لا يُسأل عما يفعل وهم يُسـألون ) . فأين التناقـض المزعوم بين هاتين الآيتين يا ترى ؟ التناقض كان سيكون لو ألغت آية معنى الأخرى. أما ومعنى الآيتين كل منهما يسير فى طريقٍ متوازٍ غير طريق الأخرى ، فإن القول بوجود تناقض بينهما ضرب من الخبل والهذيان المحموم ، ولكن ماذا نقول حينما يتكلم الحقد والحسد ، ويتوارى العقل وراء دياجير الجهالة الحاقدة ؟ نكتفى بهذا الرد الموجز المفحم ، على ما ورد فى الجدول المتقدم ذكره.
28- ( ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين ) تناقض مع قوله تعالى : ( ثلة من الأولين * وثلة من الآخرين ) .
الجواب :
قال تعالى في سورة الواقعة : ( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْس لِوَقْعَتهَا كاذِبَةٌ (2) خَافِضةٌ رّافِعَةٌ (3) إِذَا رُجّتِ الأَرْض رَجّا (4) وَ بُستِ الْجِبَالُ بَسّا (5) فَكانَت هَبَاءً مّنبَثّا (6) وَ كُنتُمْ أَزْوَجاً ثَلَاثَةً (7) فَأَصحَاب الْمَيْمَنَةِ مَا أَصحَاب الْمَيْمَنَةِ (8) وَ أَصحَب المَْشئَمَةِ مَا أَصحَب المَْشئَمَةِ (9) وَ السابِقُونَ السابِقُونَ )
لقد قسّم المولى سبحانه وتعالى البشر يوم القيامة إلى ثلاثة أزواج :
1- أصحاب الميمنة ( اليمين )
2-أصحاب المشئمة ( الشمال )
3- السابقون السابقون
سأستعرض الآيات القرآنية وستعلمون أنه لا وجود لهذا التناقض الا في خيالهم الأعمى وسأكتفي بالقسمين الأولين وهما : السابقون السابقون واصحاب الميمنة ( اليمين ) لتمركز التناقض المزعوم في هذان القسمين :
أولا : السابقون السابقون :
قال تعالى عن السابقون السابقون : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ )
فقد وصف الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أن السابقون السابقون والذين لهم أعلى منازل النعيم في الجنة أنهم ثلة من الأولين ( أي كثيرون من الأولين ) لأن الأولين قد عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت درجات إيمانهم من أقوى الدرجات , وقوله تعالى ( وقليل من الآخرين ) لأن الأجيال المتأخرة لا يمكن مقارنة قوة إيمانهم بمن عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم
ثانيا : أصحاب الميمنة ( اليمين ) :
قال تعالى عن أصحاب اليمين : ( وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاء مَّسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ )
فقد وصف الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أن اصحاب الميمنة ( اليمين ) بأنهم ثلة من الأولين ( أي كثيرون أيضا من الأولين ) وثلة من الآخرين ( وأيضا يشاركهم الآخرين في ذلك )
فلا تناقض بين الآيتين على الإطلاق ,,,
فهذه الآية ( ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين ) خصت السابقون السابقون
وهذه الآية ( ثلة من الأولين * وثلة من الآخرين ) خصت أصحاب الميمنة ( اليمين )
29- تحريم الخمر في الدنيا
تحليل الخمر في الآخرة
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَا جْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (سورة المائدة 5: 90).
مَثَلُ الجَنَّةِ التِي وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (سورة محمد 47: 15).
الجواب :
لا اعرف , اين هو هذا التناقض بين الآيتين ؟؟ فالآية الأولى تتكلم عن الخمر في الدنيا والآية الثانية تتكلم عن الخمر في الآخرة .. فمن البين ان السائل لا يعرف ما معني التناقض ؟؟ فالتناقض يكون بين نقيضين في آن ٍ واحد , كالماء والنار والليل والنهار
أما الخمر في هاتان الآيتين فهو في موضعين , موضع في الدنيا و موضع في الآخرة , فلا تناقض بين الآيتين اطلاقا .
30- قال أعداء الإسلام : إن فى القرآن آية تنهى عن النفـاق ، وآية أخـرى تُكره الناس على النفاق أما الآية التى تنهى عن النفاق ـ عندهم ـ فهى قوله تعالى : ( وبشر المنافقين بأن لهم عذابًا أليما ) .
وأما الآية التى تُكره الناس على النفـاق ـ عندهم ـ فهى قوله تعالى: ( وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفـروا من قـبل قاتلهـم الله أَنَّى يؤفكـون ) .
الجواب :
من المحال أن يفهم من له أدنى حظ من عقل أو تمييز أن فى الآية الأولى نهياً ، وأن فى الآية الثانية إكراهاً ويبدو بكل وضوح أن مثيرى هذه الشبهات فى أشد الحاجة إلى من يعلمهم القراءة والكتابة على منهج: وزن وخزن وزرع.
ويبدو بكل وضوح أنهم أعجميو اللسان ، لا يجيدون إلا الرطانة والتهتهة ؛ لأنهم جهلة باللغة العربية ، لغة التنزيل المعجز. ومع هذه المخازى يُنَصَّبُون أنفسهم لنقد القرآن ، الذى أعجز الإنس والجن.
لا نهى فى الآية الأولى ، لأن النهى فى لغة التنزيل له أسلوب لغوى معروف ، هو دخول " لا " الناهية على الفعل المضارع مثل: لا تفعل كذا.
ويقـوم مقامه أسلوب آخر هو: إياك أن تفعل ، جامعًا بين التحذير والنهى ، ولا إكـراه فى الآية الثانيـة. وقد جهل هؤلاء الحقدة أن الإكراه من صفات الأفعال لا من صفات الأقـوال أما كان الحرى بهم أن يستحيوا من ارتكاب هذه الحماقات الفاضحة.
إن الآية الأولى: (وبشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما) تحمل إنذاراً ووعيداً. أما النهـى فلا وجـود له فـيها والآية الثانية تسـجل عن طريق " الخبر " انحراف اليهود والنصارى فى العقيدة ، وكفرهم بعقيدة التوحيد ، وهى الأساس الذى قامت عليه رسالات الله عز وجل.
وليس فى هذه الآية نفاق أصلاً ، ولكن فيها رمز إلى أن اليهود والنصارى حين نسبوا " الأبنية " لله لم يكونوا على ثقة بما يقولون ، ومع هذا فإنهم ظلوا فى خداع أنفسهم.
وكيف يكون الـقرآن قد أكرههـم على هذا النـفاق " المودرن " وهو فى الوقت نفسه يدعو عليهم بالهلاك بقبح إشراكهم بالله: ( قاتلهم الله ).
31 - لا شفاعة
قُلْ لِلهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعا لهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (سورة الزمر 39: 44).
إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (سورة يونس 10: 3).
توجد شفاعة
اللهُ الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بينهما فِي سَتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ مَالكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (سورة السجدة 32: 4).
الجواب :
يجب أن نأخذ الآية كلها ولا نقتطع جزءا منها فالحكم على الشيء فرع تصوره ، فبداية الآية هو قال الله تعالى :"{أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون، قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون، وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون} سورة الزمر
فالآية تعيب على المشركين أنهم اتخذوا الأصنام شفعاء لهم من دون الله تعالى ، فبين الله تعالى أنهم لا يملكون شيئا ، والشفاعة له وحده سبحانه وتعالى ، أما الآية الثانية التي اُعتقد أنها تنافي الآية الأولى ليس بينهما تضاد ولا اختلاف ، فإذا قررنا أنه لا شفاعة إلاّ لله تعالى وحده والذي قرر هذا هو الله تعالى فإنه سبحانه عندما قرر أن هناك من يشفعون قيد هذه الشفاعة من بعض البشر والملائكة بإذنه سبحانه وتعالى ، ورضاه . فالشفاعة من غير الله تعالى مقيدة برضا الله عز وجل وبإذنه فتكون شفاعتهم من شفاعته سبحانه وتعالى .
32- القرآن مبين
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَالسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (سورة النحل 16: 103).
القرآن متشابه
هُوَ الذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَا بْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ (سورة آل عمران 3: 7).
الجواب :
إن معنى كلمة مبين هو الواضح ، والوضوح ليس لكل الناس فعلماء التفسير وأهل اللغة لديهم علم بمعاني الآيات أكثر من غيرهم ، وهناك من هو أعلم منهم ، وهناك من هو أقل علما ، المهم أن هناك من الآيات ما هو متشابه لا يعلمه كثير من الناس . ولا ينفي هذا وضوح القرآن وسهولة لغته التي تتناسب مع كل من يقرؤها .
33- كيف هلك قوم ثمود ، وكيف هلك قوم عاد ؟؟؟
يقول القرآن عن قوم ثمود : يقول القرآن ان ثمود اهلكهم الطاغية (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) (الحاقة:5) ثم يقول ان ثمود اخذتهم صاعقة العذاب (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
(فصلت:17) ثم يؤكد ان ثمود هلكوا بصاعقة مثل عاد : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) (فصلت:13)
فهل هلك قوم ثمود بالطاغية ام بالصاعقة ؟؟ وهل هلك قوم عاد بالصاعقة ام بالرياح الشديدة ؟؟؟ وهل هلك قوم عاد وقوم ثمود بنفس الطريقة ام بطريقتان مختلفتان ؟؟ اما عن قوم عاد فاختلف القرآن فيه كم يوما استغرق الله في هلاك قوم عاد هل استغرق الهلاك يوم نحس مستمر ؟؟؟ (كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ) (القمر:18) (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) (القمر:19)
لا بل استغرق الامر أيام نحسات لا لم يستغرق يوما ولا يومين بل على اقل تقدير ثلاثة أيام (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ) (فصلت:15) (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) (فصلت:16) بل استغرق الامر سبع ليال وثمانية أيام (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ) (الحاقة : 6 ) (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) (الحاقة : 7 )
واخيرا هل كان قوم عاد صرعى ( واقعون على الارض ) ام مثل أعجاز نخل خاوية ( واقفة ) ؟؟؟
الجواب :
أولا : قبل الإجابة على هذا الإختلافات المزعومة ,, يجب أن ننوه أن هذه الشبهة مبنيه على جهل تام باللغة العربية
السؤال الأول لهذا الجاهل يقول :
فهل هلك قوم ثمود بالطاغية ام بالصاعقة ؟؟ وهل هلك قوم عاد بالصاعقة ام بالرياح الشديدة ؟؟؟ وهل هلك قوم عاد وقوم ثمود بنفس الطريقة ام بطريقتان مختلفتان ؟؟
يجب علينا أولا أن نوضح معنى كلمتي الطاغية والصاعقة ,,
معنى كلمة طاغية يقول القرطبى : فيه إضمار؛ أي بالفعلة الطاغية
وقال قتادة: أي بالصيحة الطاغية؛ أي المجاوزة للحد
وقال مجاهد: بالذنوب. وقال الحسن: بالطغيان؛ فهي مصدر كالكاذبة والعاقبة.
والعافية. أي أهلكوا بطغيانهم وكفرهم.
وقيل: إن الطاغية عاقر الناقة؛ قاله ابن زيد. أي أهلكوا بما أقدم عليه طاغيتهم
من عقر الناقة، وكان واحدا، وإنما هلك الجميع لأنهم رضوا بفعله ومالؤوه.
و قال الشوكانى : الطاغية الصيحة التي جاوزت الحد، وقيل بطغيانهم وكفرهم، وأصل الطغيان مجاوزة الحد .
يعنى المعنى ان ثمود اهلكوا بالطاغية اى بسبب كفرهم المجاوز للحد .
أما الصاعقة : فهي إسم للمبيد المهلك , أي العذاب المهلك
من معجم لسان العرب :
صَعِقَ الإِنسان صَعْقاً و صَعَقاً فهو صَعِقٌ غُشِيَ عليه وذهب عقله من صوت يسمعه كالهَدَّة الشديدة . وصَعِقَ صَعقَاً وصَعْقاً و صَعْقةً و تَصْعاقاً فهو صَعِقٌ : ماتَ , قال مقاتل في قول أَصابته صاعِقةٌ : الصاعِقةُ الموت , وقال آخرون : كلُّ عذاب مُهْلِك , وفيها ثلاث لغات : صاعِقة وصَعْقة وصاقِعة; وقيل : الصاعِقةُ العذاب , والصَّعْقة الغَشْية , والصَّعْقُ مثل الغشي يأْخذ الإِنسان من الحرِّ وغيره
معنى ذلك نستطيع ان نقول أن الآية ( فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد و ثمود ) تعنى أنذرتكم عذابا مثل عذاب عاد وثمود وبذلك تكون صاعقة عاد هى العذاب والهلاك الذي حل بهم وهذا ردا على قوله هل إصيبت عاد بالصاعقة ام بالرياح الشديدة .
- إذن لا إختلاف هنا لأننا رأينا أن الصاعقة هي أسم للمبيد المهلك ,,, فالرياح التي أرسلها الله على قوم عاد كانت مبيده ومهلكه فقوم عاد قد صُعقوا بالرياح المهلكه وقوم ثمود صُعقوا بالصيحة الطاغية المجاوزة للحد و بطغيانهم .
السؤال الثاني لهذا الجاهل :
كم يوما استغرق هلاك قوم عاد يوم ( القمر 19 ) ام اكثر ( فصلت 16 ) و( الحاقة 7 ) .؟؟
- " فى يوم نحس مستمر" يستنتج المسمى نيومان من هذه الاية ان العذاب يوم واحد و المعنى واضح فإن بدء العذاب في سورة القمر كان في يوم نحس ثم هذا العذاب استمر في أيام نحسات .
السؤال الثالث لهذا الجاهل :
هل كان قوم عاد صرعى ( واقعون على الارض ) ام مثل أعجاز نخل خاوية ( واقفة ) ؟؟
إن ما جاء في قوله تعالى : ( كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) : المنقلِع عن منبته , وكذلك الخاوية معناها معنى المُنْقَلِعِ في قوله تعالى : ( ترى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ) , وقيل لها إذا انْقَلَعتْ خاوية لأَنها خَوَتْ من مَنْبِتِها الذي كانت تَنْبُتُ فيه وخوَى مَنْبِتُها منها , ومعنى خَوَتْ أَي خَلَتْ كما تَخْوي الدارُ خُوِيّاً إذا خلت من أَهلها . ( راجع معجم لسان العرب )
- فلا إختلاف هنا لأن الرياح التي سخرها الله على قوم عاد جعلتهم صرعى بمثابة أعجاز النخل التي خوت من منابتها أي جذورها فالخاوية لا تعني الواقفه .
منقول بتصرف
-
الرد على الأخطاء التاريخية المزعومة حول القرآن الكريم
- 1 - يقول القرآن إن أبا إبراهيم اسمه آزر (الأنعام 6: 74) ولكن اسمه تارح.
الجواب :
سمى القرآن أبا إبراهيم آزر واسمه في التوراة تارح فقد ذكر القرطبي وغيره من المفسرين أكثر من عشرة أقوال في اسم آزر أشهرها أن والد إبراهيم له اسمان : آزر و تارح، مثل إسرائيل ويعقوب. ولا يخفى أن أقوال المفسرين إنما هي للتوفيق بين رواية التوراة ورواية القرآن بافتراض صحة ما ورد في التوراة، والواقع أنه لا يصح التعويل على التوراة في ذلك، ولخاصة إذا خالفت القرآن والسنة، فقد ورد فيهما التصريح باسم آزر وذكر المؤرخ يوسيفوس أن اسم والد إبراهيم ( آثر )، وهو قريب جدا من آزر، وبعيد جدا من تارح.
- 2 - يقول إن أخ مريم العذراء هو هارون (مريم 19: 28) مع أنّ هارون سابق للعذراء ب 1600 سنة.
الجواب :
إن المقصود بهارون في الآية الكريمة إمّا هارون أخو موسى، والأخوة المذكورة ليست أخوة حقيقية، لأن بين هارون ومريم مئات السنين بالفعل وإنما هي أخوة مجازية، فمعنى أنها أخت هارون أنها من نسله وذريته، كما يقال للتميمي يا أخا تميم ؟ وللقرشي: يا أخا قريش ! فمعنى قولهم: يا أخت هارون، أي يا من أنت من ذرية ذلك النبي الصالح، كيف فعلت هذه الفعلة ؟ وحتى لو لم تكن من نسله وذريته فإنها تنتسب إليه بخدمتها للهيكل وانقطاعها للعبادة فيه. فقد كانت خدمة الهيكل موقوفة على ذرية هارون. فمعنى: يا أخت هارون ! يا من تنتسبين إلى هذا النبي الصالح بالخدمة والعبادة والانقطاع للهيكل. والأصح أن المراد بهارون في الآية هو رجلا صالحا من قومها في ذلك الحين… كانت تتأسى به مريم… وتتشبه به في الزهد والطاعة والعبادة، فنسبت إليه، فقالوا لها: يا من تتشبهين وتقتدين بذلك الرجل الصالح، ما كان أبوك بالفاجر، ولا أمك بالبغي فمن أين لك هذا الولد؟ وقد روى أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران - وكانوا نصارى - فقالوا : أرأيت ما تقرؤون : يا أخت هارون ؟ وموسى قبل عيسى بكذا وكذا ؟ يعترضون على المغيرة.. قال : فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:( ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم ؟ ) وهذا التفسير النبوي يبين أن هارون المذكور في الآية ليس من اللازم أن يكون هارون المذكور هو أخا موسى كما فهم أهل نجران، وإنما هو هارون معاصر لمريم … فقد كان قومها يسمون بأسماء الأنبياء والصالحين منهم. والله تعالى أعلم.
- 3 - يقول إن هامان وزير فرعون (القصص 28: 6 و8) مع أنّ هامان كان في بابل، وجاء بعد فرعون بنحو ألف سنة (رازي في تفسير غافر 40: 36 و37).
الجواب :
هامان مذكور في القرآن في ستة أماكن مختلفة كأحد المقربين إلى فرعون بينما تذكر لنا التوراة أن هامان لم يُذكر في حياة موسى عليه السلام على الإطلاق وأن هامان كان وزيراً وخليلا لأحشوريش ملك الفرس الذي يدعوه اليونان زركيس , وكثيراً من الذين يريدون أن يطعنوا في القرآن و يدعون وجود أخطاء تاريخية فيه ومن بينها علاقة هامان بفرعون موسى , سخافة هذه الأدعاءات عرضت فقط بعد فك طلاسم الأبجدية الهيروغليفية المصرية قبل 200 سنة تقريباً وأسم هامان قد أكتشف في المخطوطات القديمة وقبل هذه الأكتشافات لم يكن شئ معروف عن التاريخ الفرعوني, ولغز الهيروغليفية تم حله سنة 1799 بأكتشاف حجر رشيد الذي يعود الى 196 قبل الميلاد وتعود أهمية هذا الحجر بأنه كتب بثلاث لغات : اللغة الهيروغليفية والديموقيطية واليونانية وبمساعدة اليونانية تم فك لغز الهيروغليفية من قبل شاملبيون وبعدها تم معرفة الكثير حول تاريخ الفراعنة وخلال ترجمة نقش من النقوش المصرية القديمة تم الكشف عن أسم ( هامان ) وهذا الأسم أشير إليه في لوح أثري في متحف هوف في فينا وفي مجموعة من النقوش كشفت لنا أن هامان كان في زمن تواجد موسى في مصر قد رُقي إلى أن أصبح مديراً لمشاريع الملك الأثرية وها هي النقوش تكشف لنا حقيقة هامان بعكس ماذكرته التوراة ورداً على الزعم الخاطئ لمعارضي القرآن
هامان الذي تتحدث عنه الأثار المصرية التي أوردها كتاب :
Pharaoh Triumphant the life and times of Ramesses II K.A. Kitchen
ونسخته العربية ( رمسيس الثاني ،فرعون المجد والانتصار، ترجمة د.أحمد زهير أمين ) ص 55:
كان الشاب آمن ( = هامن / هامان ) ام اينت Amen em inet في مثل سن الأمير ( رمسيس 2 ) ورفيق صباه ،فلما أصبح رمسيس نائبا للملك ووريثا للعرش أصبح الفتى بالتبعية رفيقه وتابعه ففتح له الطريق لمستقبل زاهر وهي ما تحقق فعلا. وكان لآمن ام اينت Amen em inet ( هامان ) أقارب ذوو نفوذ منهم عمه [ لعله مِنموسى، Minmose ] كبير كهنة الإله مين والإلهة ايزيس بقفط ( شمال طيبة ) وقائد Commandant فيالق النوبة -أي الساعد الأيمن لنائب الملك في النوبة. ومنهم الفتى باكن خنسو [ والده باسر وزير الجنوب وابن عم آمن ام اينت Amen em inet ( هامان ) ص 242 ] مدرب الخيول الملكية الذي التحق بعد ذلك بالسلك الكهنوتي المستديم في خدمة آمون بطيبة [ أصبح كبير كهنة آمون، ص 242] .
ص 73: رقّى الملك رفيق طفولته آمن ام اينت Amen em inet ( هامان ) إلى وظيفة قائد المركبات الملكية Royal Charioteer وناظر للخيل Super Intendent of Horse .
وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ {6} القصص
ص 97: آمن ام اينت Amen em inet ( هامان ) رفيق الفرعون القديم قد رقى إلى منصب رسول الملك لكل البلاد الأجنبية ويقول الرجل بهذه المناسبة موضحا طبيعة عمله الجديد : أرفع له ( الفرعون ) تقارير عن أحوال البلاد الأجنبية كلها.
ص 199: وكانت أرقى وظائف الدولة هي وظيفة السفير ( رسول الملك إلى كل البلاد الأجنبية ) وكانت الترقية إليها قاصرة على كبار ضباط سلاح العربات الحربية .
ص 179: واختار الملك للمنصب ( كبير كهنة آمون ) الشاغر ون نفر Wennofer ( مات سنة 27 ) وهو والد رفيق طفولة رمسيس الثاني آمن ام اينت ( هامان ). وكان هامان نفسه قد نقل من وظيفته العسكرية إلى الرمسيوم ليصبح مديراً لمشاريع الملك الأثرية هناك Chief of Works of All Royal Monument - ولا يزيد البعد بينه وبين أبيه كبير الكهنة بالكرنك عن عبور النهر إلى الضفة الأخرى من النيل .
فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى {38} القصص
ذكر كتاب An Introduction to Ancient Egypt ، أن أقدم استعمال للطين الموقود بمصر كان معروفاً منذ الدولة الوسطى .
ص 192: ويرجع الفضل في صعود نجم باسر paser ، وزير للجنوب بطيبة viceroy ،عم باسر كان قائد الفرق بالنوبة وبعده ابنه نخت مين ( ابن عم باسر ) واختياره نائبا للملك ( في النوبة ) إلى عراقة أسرته، فابن عمه آمن ام اينت ( هامان ) هو رفيق طفولة رمسيس الثاني .
ص 199: وكان من علية القوم من اتخذ من الخدمة العسكرية ذريعة للوثوب إلى الوظائف المدنية العليا ،وقد تعرفنا من هؤلاء على ..، وآمن ام اينت ( هامان ) القائد بسلاح المركبات ثم ميليشيات المدجاي Chief of Medjay-Militia ، بعدها عين مديرا للمصانع ( وزير صناعة ) .
ص 240: امنحتب .. لكنه كان ينتمي لأسرة ذات نفوذ هي أسرة آمن ام اينت ( هامان ) قائد ميليشيات المدجاى الشهيرة.
ص 242: حيث يحتل مين مس آخر منصب كبير كهنة مين وآيزيس والذي يمت هو الآخر بصلة قرابة إلى آمن ام اينت .
- 4 - يقول لموسى: “قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ; (طه 20: 85) ويقصد أنّ السامري صنع العجل الذهبي لبني إسرائيل، ولكن السامريين لم يجيئوا إلا بعد سبي بابل (1 ملوك 16: 24).
الجواب :
إن القرآن الكريم ذكر أن الذي صنع العجل لبني إسرائيل هو السامري، وهذا في ظنهم خطأ تاريخي واضح ! لأن مدينة السامرة المنسوب إليها السامري لم تكن موجودة آنذاك ، بل هي بعد موسى بمئات السنين . وهذا الوهم قائم على أساس أن اسم السامري لم يكن معروفا إلا بعد بناء مدينة السامرة، وأنه منسوب إليها . والواقع أن اسم سامر كان معروفا قبل بناء مدينة السامرة، وقد اشترى عمري أحد ملوك بني إسرائيل مكان هذه المدينة بوزنتين من الفضة من شخص اسمه سامر، ولم يكن اسمها معروفا، ولمجد بناء هذه المدينة سماها الملك: السامرة، باسم من اشتراها منه، ثم جعلها عاصمة مملكة إسرائيل . ولهذا تكون الياء في كلمة (السامري) من أصل الكلمة وملحقة بها ؟ لأن نقل الأسماء من لغة إلى لغة أخرى لا يسلم من مثل هذا التصرف، فالسامرة منسوبة لسامر وليس العكس، ولا يصح للمنصرين أن يقولوا : إن هذا الاسم لم يعرف إلا بعد بناء مدينة السامرة، ولا أن يقولوا: إنه منسوب إليها. ولعل الذي دعاهم لهذا التأويل الفاضح إصرارهم على صدق ما في التوراة من أن الذي ارتد وصنع العجل لبني إسرائيل وعبده معهم هو هارون عليه ا لسلام . ولهذا يظهر لنا أن المنصرين قد نثروا كنانتهم ، وأخرجوا كامل ما في جعبتهم فلم يقف شيء منها أمام النقد العلمي الصحيح
- 5 - يقول في البقرة 2: 249 : “فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ “فقد عزا إلى طالوت (وهو شاول) ما فعله جدعون (القضاة 7: 5 - 7).
الجواب :
إن سفر القضاة سفر تاريخى ، وسفر صموئيل الأول الذى أورد قصة طالوت وداود سفر تاريخى. فأى مانع يمنع من خطأ المؤرخ فى نقل جزء من قصة إلى قصة أخرى مشابهة لها. خاصة وأنه ليس معصوماً كالنبيين والمرسلين الحقيقيين ؟
ولهذا أمثلة كثيرة منها أن هذا النص مذكور مرتين: مرة فى سفر الخروج ، ومرة فى سفر التثنية من التوراة السامرية. ومذكور مرة واحدة فى سفر التثنية من التوراة العبرانية واليونانية. وهو: " نبيًّا أقمت لهم من حملة إخوتهم مثلك وجعلت خطابى بغيه ؛ فيخاطبهم بكل ما أوصيه به , ويكون الرجل الذى لا يسمع من خطابه الذى يخاطب باسمى ؛ أنا أطالبه. والمتنبئ الذى يتقح على الخطاب باسمى ما لم أوصه من الخطاب ، ومن يخاطب باسم آلهة أخرى ؛ فليقتل ذلك المتنبئ. وإذ تقول فى سرك: كيف يتبين الأمر الذى لم يخاطبه الله ؟ ما يقوله المتنبئ باسم اللهو لا يكون ذلك الأمر ولا يأتى ؛ هو الأمر الذى لم يقله الله. باتّقاح قاله المتنبئ. لا تخف منه ".
- 6 - يقول عن الإسكندر الأكبر ذي القرنين إنه بلغ قوماً لا يفقهون، وإنه بنى سداً من زُبر الحديد (الكهف 18: 83-97). وقد فسّروا معنى ذي القرنين بأنه طاف قرني الدنيا شرقها وغربها، وقيل لأنه انقرض في أيامه قرنان من الناس، وقيل كان له قرنان لشجاعته. وقال القرآن إن ذا القرنين بلغ مغرب الشمس فوجدها تغرب في عينٍ حمِئة، أي ذات طين أسود مبتل بالماء (الكهف 18: 86). ولم يكن ذو القرنين نبياً بل كان من عُبّاد الأصنام، ادّعى أنه ابن آمون إله مصر. ولا الشمس تغرب في عين حمئة، ولا عمَّر ذو القرنين قرنين من الزمن، بل مات وعمره 33 سنة.
الجواب :
فى القرآن الكريم ـ بسورة الكهف: 83ـ98 حكاية ذى القرنين: (ويسألونك عن ذى القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرًا * إنا مَكّنَّا له فى الأرض وآتيناه من كل شىء سببًا ) (1) إلى آخر الآيات.
وخلال هذه الآيات يتبدى عدل " ذو القرنين " فيقول: (قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يُرد إلى ربه فيعذبه عذابًا نكرا * وأما من آمن وعمل صالحًا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا ) (2). تلك هى تسمية القرآن الكريم لهذا الملك " ذو القرنين ".
أما أن ذا القرنين هذا هو الإسكندر الأكبر المقدونى [356ـ324ق.م] فذلك قصص لم يخضع لتحقيق تاريخى.. بل إن المفسرين الذين أوردوا هذا القصص قد شككوا فى صدقه وصحته.. فابن إسحاق [151هـ 768م] ـ مثلاً ـ يروى عن " من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علم ذى القرنين " أنه كان من أهل مصر ، وأن اسمه " مرزبان بن مردية اليونانى ".
أما الذى سماه " الإسكندر " فهو ابن هشام [213هـ 828م] ـ الذى لخص وحفظ [ السيرة ] ـ لابن إسحاق ـ.. وهو يحدد أنه الإسكندر الذى بنى مدينة الإسكندرية ، فنسبت إليه.
وكذلك جاءت الروايات القائلة إن " ذو القرنين " هو الإسكندر المقدونى عن " وهب بن مُنبِّه " [34ـ114هـ 654ـ732م] (3) وهو مصدر لرواية الكثير من الإسرائيليات والقصص الخرافى. ولقد شكك ابن إسحاق ـ وهو الذى تميز بوعى ملحوظ فى تدوين ونقد القصص التاريخى ـ شكك فيما روى من هذا القصص ـ الذى دار حول تسمية ذى القرنين بالإسكندر ، أو غيره من الأسماء.. وشكك أيضًا فى صدق ما نسب للرسول صلى الله عليه وسلم حول هذا الموضوع.. وذلك عندما قال ابن إسحاق: " فالله أعلم أى ذلك كان ؟.. أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أم لا ؟ ".
ويثنى القرطبى على شك وتشكيك ابن إسحاق هذا ، عندما يورده ، ثم يقول: " والحق ما قال ".. أى أن الحق هو شك وتشكيك ابن إسحاق فى هذا القصص ، الذى لم يخضع للتحقيق والتمحيص وإن يكن موقف ابن إسحاق هذا ، وكذلك القرطبى ، هو لون من التحقيق والتمحيص. فليس هناك ، إذًا ما يشهد على أن الإسكندر الأكبر المقدونى ـ الملك الوثنى ـ هو ذو القرنين ، العادل ، والموحد لله..
- 7 - يُحكى القرآن عن إسراء محمد إلى المسجد الأقصى، أي هيكل سليمان، وكيف صلّى فيه مع الأنبياء، ووصف أبوابه ونوافذه. مع أن هيكل سليمان كان قد خُرِّب قبل الإسراء ب 550 سنة (الإسراء 17: 1) وبُني بعد موت محمد بنحو مئة سنة !
الجواب :
قال تعالى في كتابه الكريم : " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير".
هذه الحقيقة القرآنية إبطال قوي لحجج ومزاعم اليهود حول حقهم في القدس وحرصهم على إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى بحجة أن المسلمين هم المعتدون على الهيكل ببنائهم الأقصى مكانه. فقد وُجد الأقصى قبل بعثة محمدٍ صلى الله عليه وسلم وقبل بناء الأقصى الحالي بآلاف السنين بل وقبل أن خلق الله بني إسرائيل .
روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: ( قلت: يا رسول الله: أي مسجد وُضع في الأرض أول؟ قال: "المسجد الحرام". قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى". قلت: كم بينهما؟ قال "أربعون سنة، وأينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد" ).
ورد في مقدمة ابن خلدون أن الصابئة بنوا منذ آلاف السنين "هيكل الزهرة " مكان الأقصى لمعرفتهم بقدسية المكان وكانوا يقربون إليه الزيت فيما يقربونه ويصبونه على الصخرة التي هناك.
لقد اختُلِف فيمن أقام بناءه الأول ، فقيل يجوز أن يكون أحد أبناء آدم عليه السلام ، وقيل يجوز أن الملائكة قد بنته بعد بناء المسجد الحرام. وقد تعاهده أغلب الأنبياء فقد رفع إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام الكعبة في مكة المكرمة بناء على أوامر الله ثم عاد إبراهيم عليه السلام إلى موطنه في بيت المقدس وجدد بناء المسجد الأقصى، فقد هاجر من العراق إلى بيت المقدس عام 1850 ق.م وقابل ملك القدس الكنعاني الموحد "ملكي صادق". ومعلوم تاريخياً أن بين إبراهيم وسليمان عليهما السلام مئات السنين فإن كتب التاريخ تقدر حكم سليمان عليه السلام لبيت المقدس في الفترة 970-931 ق.م. كما جدد يعقوب عليه السلام بناءه وقد أراد داود عليه السلام تجديده ولكنه توفي فجدده ابنه سليمان عليه السلام بما يسمى هيكل سليمان، وقد دُمر الهيكل وسبي اليهود على يد نبوخذنصر البابلي عام 587 ق.م. وما الأقصى الحالي إلا تجديد للأقصى القديم.
لقد بني المسجد وهدم عدة مرات وأخبر المسيح عليه السلام اليهود أن بناء الهيكل سيهدم في إنجيل متى الإصحاح 24 : 2 وفي إنجيل مرقس الإصحاح 13 : 2 وفي إنجيل لوقا الإصحاح 21 : 6 وقد أعاد الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- بناءه، وحوله الصليبيون إلى كنيس وإصطبل ومخزن لذخائرهم عام 1099م إلى أن أذن الله بتحريره على يد القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي عام 1187م وطهره من رجس النصارى وأعاد بناءه وما زال الأقصى الشريف يحتفظ بلمسات البناء الأيوبية.
إن رسالة كل نبي هي الإسلام وقد حكم فلسطين كل من داود ومن بعده ابنه سليمان عليهما السلام حكماً إسلامياً وكانت حروبهما جهادية إسلامية لنشر الإسلام وليست حروباً يهودية عنصرية كريهة لسيادة الجنس اليهودي. لقد بنى سليمان عليه السلام هيكله مسجداً لعبادة الله وحده ولا حق ليهود هذا الزمان في سليمان ولا في فترة حكمه ولا في هيكله بل إن المسلمين هم وحدهم الوارثون لسليمان ولسائر أنبياء الله .
لم يكن بناء الأقصى وقت إسراء رسولنا الكريم -عليه صلوات الله وسلامه- قائماً متكاملاَ ولكن كانت أساساته موجودة، وبعض أعمدته وأطلاله باقية ومنها تلك الحلقة التي ربط بها رسول الله صلى الله عليه وسلم البراق ،وهي نفس الحلقة التي كان أنبياء الله يربطون دوابهم بها حين ذهابهم للصلاة في الأقصى، حيث أتاه إبراهيم وإسحق ويعقوب وداود وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى وغيرهم عليهم الصلاة والسلام. لقد سمى الله هذه الأطلال والأعمدة والأساسات مسجداً في الآية الكريمة على اعتبار ما كان وما سيكون، فإن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي وارثة الحنيفية السمحة دين إبراهيم عليه السلام وأولى الناس به وبدينه وبأرضه وبمسجديه المسجد الحرام والمسجد الأقصى وهذا هو سر الربط بين المسجدين والله تعالى أعلم !! كما أن الله قد جمع الأنبياء والرسل السابقين لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء في المسجد الأقصى ومنهم أنبياء ورسل بني إسرائيل وصلى بهم إماماً وصلوا هم خلفه مأمومين وسلموه مفاتيح الأرض المقدسة، وهذا دليل آخر على هذه الوراثة وعلى أصالة هذا المسجد وعلى تخصيصه للصلاة ولعبادة الله سبحانه وتعالى.
ومن فضائل الأقصى إضافة لكونه أولى القبلتين ومسرى رسول الله قوله صلى الله عليه وسلم :" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى " رواه البخاري.
وقال عليه الصلاة والسلام: " الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة" رواه الطبراني والبزار
وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً : " إن سليمان بن داود لما فرغ من بنيان مسجد بيت المقدس سأل الله حكماً وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده ، ولا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما اثنتان فقد أُعطيهما وأنا أرجو أن يكون قد أُعطي الثالثة". رواه أحمد وأبو داود.
- 8 - في مريم 19: 23 يقول إن المسيح وُلد تحت نخلة، مع أنه وُلد في مذود. ويقول إنه تكلم في المهد (آل عمران 46 والمائدة 110 ومريم 29). وإنه خلق من الطين طيراً وهو صبي (آل عمران 49 والمائدة 110). ولكن أول معجزة أجراها المسيح كانت في عُرس قانا الجليل وهو في الثلاثين من عمره.
الجواب :
إن هذه المعجزة وردت فى إنجيل توما. فإنه قد صنع من الطين هيئة اثنى عشر عصفوراً ، وأمرهم أن يطيروا ؛ فطاروا والناس ينظرون إليهم.
منقول بتصرف
-
<div align="center">لا إله إلا الله...محمد رسول الله</div>
-
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة ....
و الله يا أخى الحبيب هذة المداخلة لهى من اثمن المداخلات و المواضيع التى
قرأتها فى الموقع .... جزاك الله خيرا .... و الله انى احبك فى الله ... بارك الله
فيك و أعزك ..... اللهم آمين ....
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخى العزيز على هذا الموضع القيم
أرجو منك اخى العزيز أن توضح مصدر هذا المقال المتميز
:)
-
الأخ حسام مجدي..جزاك الله كل خير..
أحبك في الله :hp:
الأخ عمرو بن العاص..مصدر هذا المقال :
1-أول 11 شبهة من كتاب أصدره الأزهر رد الشبهات عن القرآن وهو موجود علي موقع الأزهر..
2-المقالات اللي بعد كلام الأزهر من موقع ابن مريم ebnmaryam وتقريباً كلها تأليف الأستاذ أبو بكر :)
أرجو تثبيت هذا الموضوع..وياريت حضراتكو تتابعوا وتنشروا مقالاتكو بخصوص الموضوع ده كلها هنا :)