الرد على مقالات اللادينين(تعدد زوجات رسولنا الكريم عليه السلام)
المقال
ويليه الرد
إذا أخبرك الناس عن شخص تزوج امرأة غنية تكبره سناً وظل مخلصاً لها حتى ماتت، ثم بمجرد وفاتها انطلق في موجة زيجات متتالية فتزوج أربعة عشرة امرأة فماذا تقول عنه؟ إذا كانت إنساناً طبيعياً فستقول عنه أنه كان محروماً من الحياة الجنسية الطبيعية ولكنه لم يكن ليستطيع الزواج ثانية لأن امرأته هي صاحبة المال وبمجرد وفاتها أطلق العنان لرغباته المكبوتة لسنوات طويلة فبدأ بتجربة فتاة في التاسعة وشرق وغرب في النساء .. أما إذا كنت مؤمناً فستقول "بأبي هو وأمي .. صلى الله عليه وسلم"!!
بالنسبة
1 قضية العرف: قالوا ان العرف لم يكن يستنكر زواج الأطفال، ونقول لهم أنه حتى لو كان العرف لا يستنكره فانه لا يليق بالأنبياء، ولا يليق برجل في الرابعة والخمسين من العمر أن يؤذي براءة فتاة في التاسعة بالجماع فهذا مما تأباه النفوس السوية، وأنت لن تعرض هذا الأمر على شخصٍ ذي فطرة سوية أياً كان دينه ومذهبه إلا ويستنكره، فلم المكابرة؟ كذلك فانه لو كان العرف يبيح زواج فتاة في التاسعة لكنا سمعنا عن غير عائشة ممن تزوجن في التاسعة، ولو كان عندهم مثال من الصحابيات أو حتى من المشركات لأتوا به ولكنهم لا يستطيعون لانه ببساطة لا توجد فتاة تتزوج في التاسعة ولم نسمع أن أحداً فعلها حتى في أزمنة سابقة على زمن الرسول أو لاحقة له.
2- قضية النضج: لا يخفى عن القارىء أنه اذا كانت سن النضج مبكرة في المناطق الحارة فانها ستنضِجُ الجميع، فتياتٍ وشباناً ولن تنضجَ عائشة فقط، فما بالهم لم يستطيعوا أن يأتوا بأمثلة أخرى؟ وطبعاً لا نعتدُ بمن تزوجن في الثانية عشر أو الرابعة عشر فالفرق بين. كما ان قضية النضج تغفل نقطة أخرى وهي أنه من المفهوم أن تتزوج فتاة نضجت مبكراً شاباً نضج مبكراً هو الآخر، أو حتى شخصاً يفوقها عمراً ولكن أن يفوقها عمراً بأربعة عقود ونصف؟
والحديث المروي عن عائشة لا يدل بحال على نضجها فلا يوجد في الحديث ما يدل على معرفتها بأنها كانت ستزف الى الرسول في ذلك اليوم، وانما تحدثت عن كونها تلعب في أرجوحة فأخذتها أمها وطرحت جميمتها وساقتها الي الرسول.. فهل في هذا ما يدل على النضج؟
وحتى بعد ذلك بزمن نجد أحاديث صحيحة عن عائشة تتحدث فيها عن لعبها بالدمى المجنحة ودخول الرسول عليها وهي تلعب مع صويحباتها بالدمى فيفزعن من الرسول ويغادرن مما يدل على أنها لم تنضج حتى بعد سنوات من زواجها فارحمونا من قصة النضج احتراماً لعقولنا...
3- التكليف: لعلنا نذكر حديث الرسول عن أمر الأطفال بالصلاة في سبع وضربهم عليها في عشر، ونعلم أن الرسول لا ينطق عن الهوى، فهو يقر بهذا ان الطفل لا يمكن الزامه حتى بالصلاة وهي عمود الدين مالم يبلغ العاشرة، فكيف بمن لا يكلف حتى بالصلاة أن يكلف بأداء الواجبات الجنسية؟
4- الحيض: حاول الاخوة اثبات أن عائشة كانت قد بلغت المحيض في سن التاسعة، وقلنا أن مجرد أن يبرز نهدا فتاةٍ في التاسعة لا يعطي رخصةً لاقتطافِ براءتها... ونسي الاخوة أن الاسلام لا يحرم زواج الفتاة التي لم يأتها الحيض والدليل على هذا قول القرآن (وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ ).. وتخيل أيها القارىء فتاةً تتزوج وتطلق وتنزل فيها الآيات وتوضع لها الأحكام وهي لم تبلغ المحيضَ بعد وقارن هذا بموضوع العبيد والإماء الذي لم تنزل فيه الشريعة الخاتمة بحكم شافٍ يحرمه فأيهما أهم؟.
5- قال بعضهم أن المعاشرة الجنسية للطفلات الصغيرات كانت شائعة عند اليهود، وحتى ان صح ذلك فما الذي يجعل الرسول يقتدي باليهود في هذا الفعل الشنيع وهو الذي يأمر بمخالفتهم في أبسط الأمور من اللباس وغيرها؟ كما قالوا أن مريم تزوجت يوسف النجار وعمرها 12 أو 14 سنة، ولا يخفى على القارىء الفرق بين فتاة في التاسعة وفتاة في الثانية عشر فالبون شاسع، وتأمل أن هذا الزواج ان صح قد حدث قبل زواج الرسول بستة قرون، فكان الأولى حسب نظرية النضج المبكر التي اخترعوها ان تتزوج الفتيات في ذلك الوقت في سن السادسة أو السابعة ولكنهم رغم اجتهادهم لم يجدوا سابقةً لهذه الحادثة الغريبة لا عند العرب ولا اليهود ولا النصارى ولا الهنود ولا المغول.
ونعلم أيضاً أن الرسول يفوق عائشة في العمر بأربعة عقود ونصف، وأبوها هو أقرب أصحابه اليه قبل أن تولد عائشة بعقود فلا شك أنه رآها وهي وليدة وطفلة، ولا شك أنه أراد أن يتزوجها ولا أرى حكاية الصورة الا حجة واهية لتبرير هذا الزواج العجيب، وكان أيسر على جبريل أن يدله على بيت أبي بكر لكي يرى عائشة بدلاً من استنساخ الصور.
6-- زواج الرسول من بكر واحدة: وهذه من المغالطات المشهورة التي يعمد اليها الاسلاميون لإيهام الناس ان الرسول كان زاهداً في النساء، وهذا غير صحيح وكتب الفقه والحديث والسيرة والتاريخ مليئة بالقصص التي تنفي هذا، والرسول يقول عن نفسه (حبب الى من دنياكم الطيب والنساء) والرسول تزوج امرأة واحدة غنية تكبره سناً ولم يتزوج أو يتسرى عليها لمدة خمس وعشرين سنة، وبمجرد وفاتها، وفي غضون اثني عشرة سنة تزوج ما يقارب من أربعة عشر امرأة منهن عائشة بنت ابي بكر، وسودة بنت زمعة، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وام سلمة واسمها هند بنت ابي امية، وجُويرية بنت الحارث، وام حبيبة بنت ابي سفيان، وزينب بنت جحش، وصفية بنت حُيي بن اخطب، وميمونة بنت الحارث، وزينب بنت خزيمة، وهي التي يقال لها ام المساكين، كما تزوج نساءً لم يدخل بهن كالشنباء بنت عمرو الغفارية، وعمرة بنت يزيد الكلابية (وقيل أسماء بنت النعمان بن الجون) ، ويوجد خلاف كبير عن عدد وأسماء من لم يدخل بهن فسنتجاوزه.
ومن ملك اليمين كانت عنده مارية القبطية، وريحانة بنت زيد من بني قريظة (وهذه أعتقها وتزوجها وماتت عنده)، بخلاف من أهدت نفسها للنبي وأبيح له الاحتفاظ بها بعد نزول اية سورة الاحزاب: "وأمرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين". وبالنظر الى هذا العدد من النساء والاماء وغيرهن يصعب القول بالزهد في النساء، وتبقى قصة زواجه منهن لمصلحة الدعوة ولحكم شرعية أخرى، وهذه مغالطة ثانية يسعدنا أن نفندها بالتفصيل في مقال آخر ولكن باختصار فانه لو كان الهدف تمكين الدعوة لكان الأولى به أن يفعل ذلك في مكة عندما كان مستضعفاً وكانت الدعوة في حاجة الى النصرة وليس بعد أن تمكن له الأمر في المدينة.
وقد وردت الأحاديث الصحيحة أن الرسول كان يطوف على نسائه في اليوم الواحد، وكانوا يتحدثون انه أعطي قوة أربعين رجلاً في الجماع ونعلم أيضاً انه كان يقبل زوجاته وهو صائم، وأنه يأمر زوجتة يشد الازار ثم يأتيها في حيضها، فلعلهم يعفوننا قليلاً من قصة الزهد هذه لأنها لا تستقيم.
7- قالوا أيضاً انه لو كان راغباً في النساء لما تزوج الأرامل كبيرات السن، فنحيلهم الى قصة أم المؤمنين سودة بنت زمعة، فالقرطبي يقول في تفسيره [قال ابن أبي مليكة: إن سودة بنت زمعة لما أسنت أراد النبي –ص- أن يطلقها، فآثرت الكون معه، فقالت له: أمسكني وأجعل يومي لعائشة؛ ففعل صلى الله عليه وسلم، وماتت وهي من أزواجه] فها نحن نرى هذه المرأة التي تزوجها بعد وفاة خديجة مباشرة وأفنت عمرها معه أراد أن يطلقها لأنها كبرت في السن، ولم ينقذها من الطلاق الا أن تنازلت عن يومها لعائشة، واذا نظرنا الى رواية ابن سعد في طبقاته فالقصة أكثر مأساوية [حدثنا القاسم بن أبي بزة أن النبي بعث إلى سودة بطلاقها فلما أتاها جلست على طريقه الى بيت عائشة فلما رأته قالت أنشدك بالذي أنزل عليك كتابه واصطفاك على خلقه لم طلقتني؟ ألموجدة وجدتها في؟ قال لا قالت فإني أنشدك بمثل الأولى أما راجعتني وقد كبرت ولا حاجة لي في الرجال ولكني أحب أن أبعث في نسائك يوم القيامة فراجعها النبي وقالت فإني قد جعلت يومي وليلتي لعائشة] ، فهذه المرأة التي عاشرت الرسول ما يقارب السنوات العشر بعث اليها بطلاقها ولم تستطع الا ان تترصد له في الطرقات وقد أقر بأنه لم يطلقها لذنب اقترفته أو لموجدة وجدها عليها، ويبدوأنها عرفت سبب طلاقها فأعفته بقولها أنها لا حاجة لها في الرجال، ولا أستطيع أن اقاوم اضافة هذا السؤال الى أسئلتي وهو: "اذا كانت رابطة الزوجية في الاسلام علاقة انسانية، واذا كان الله والرسول يأمران بالعدل بين الزوجات، فكيف قبل الرسول بأن تتنازل سودة عن يومها لعائشة؟ وهل هذا من العدل؟ وحتى لو كانت سودة كبيرة في السن ولا حاجة لها في المعاشرة الجنسية، ألا يحق لها يوم كبقية النساء حتى وان كان للحديث والمسامرة؟ وهل الحياة الزوجية في الاسلام جنس فقط؟ وهل هذا جزاء الزوجة المخلصة إذا كبرت في السن؟ " وهذا هو سؤالنا العشرين كي لا نخطىء العد.
ونعلم أن المشايخ سيثورون علينا ويتهموننا بالافتراء فنورد لهم فهم العلماء الأجلاء لهذه القصة، فقد جاء في تفسير القرطبي [عن علي بن أبي طالب أن رجلا سأله عن هذه الآية فقال: هي المرأة تكون عند الرجل فتنبو عيناه عنها من دمامتها أو فقرها أو كبرها أو سوء خلقها وتكره فراقه؛ فإن وضعت له من مهرها شيئا حل له أن يأخذ وإن جعلت له من أيامها فلا حرج. وقال الضحاك: لا بأس أن ينقصها من حقها إذا تزوج من هي أشب منها وأعجب إليه ]. فتأمل عدل الشريعة وتكريمها للمرأة!!
والانسان السوي يرى أنه ليس من المروءة أن تعاشر امرأة لسنوات ثم تطلقها لأنها كبرت في السن، أو تبقيها بعد أن تسلبها حقها، فهل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ ولكننا أمام ذات العقل الديني الذي يقلب الحقائق الواضحات فليتهم اكتفوا بالسكوت عن هذه الحادثة المؤسفة بل شطحوا بمحاولة تصوير حكمة الشرع في ان المرأة إذا خافت من بعلها نشوزاً أو اعراضاً فلا جناح عليها أن تتنازل له عن جزء من حقوقها، أو عنها جميعاً، وكأن الرجل لا يكبر في السن ولا يعتريه القبح أو الوهن أو الدمامة أو سؤ الخلق، فاذا بالظلم ينقلب عدلاً والاستغلال البشع ينقلب حكمة، وأترك للقارئات الكريمات أن يتأملن هذه الشريعة السمحاء وماذا سيكون مصيرهن إذا طبقت يوماً ما.
8- وقال البعض أن سد الذرائع هو أصل عظيم من أصول الدين ونحن لا نخالفه في هذا ونقول أنه من باب سد الذرائع عدم الزواج من طفلة ذات تسع سنوات منعاً لاستنكار الناس واستهجانهم، كما أنه من باب سد الذرائع الترفع عن الزواج من مطلقة الابن بالتبني.
9- وقد أتانا بعضهم بعجائب أخرى إذ اشترط أن نأتيه بمصادر الأسئلة والأدلة عليها، ونحن نفهم أن يأتي الانسان بدليل على دعوى ولكن أن يأتي بدليل على سؤال فهذا من العجب! كما اشترط أن نأتي له بأرقام الصفحات ويبدو أن من يعجز عن الاجابة يعمد الى إثارة الغبار، وكان الاولى بهم أن يثبتوا ان هذه الروايات غير صحيحة اذا كان يستطيعون ذلك، أما المصادر فأنا أذكرها ويستطيع من أراد أن يتأكد منها فليفعل، فلن نفتري على الطبري أو ابن كثير أو مسلم أو البخاري وكتبهم موجودة في متناول الخاصة والعامة.
10- وأورد بعضهم حجة عجيبة وهي أنه لا يقبل ما جاء في كتب التفسير والتاريخ الا ما كان في البخاري ومسلم، ونقول له: ماذا كان يفعل علماء المسلمين ان لم يمحصوا كتبهم؟ ولمَ لمْ تفعل أنت ذلك مثلاً؟ وأين كان آلاف العلماء الذين يسودون الصفحات في فقه الحيض والنفاس؟ ولم لم تسعفهم غيرتهم على الرسول في تمحيص ما ورد عنه من أخبار؟
وتعلم عزيزي القارىء أن هذه كتب السيرة والتاريخ كما رواها علماء الاسلام، وأن هذه القصص وردت فيها بروايات مختلفة، وقد وردت في عدة كتب لعلماء لم يعاصر بعضهم بعضاً فما الذي يجعل كل هؤلاء العلماء يتفقون على رواية قصص كاذبة بأسانيد مختلفة؟ وهل هم أغير من هؤلاء العلماء على الرسول وأهله؟ أم هم أدرى بعلوم الحديث والجرح والتعديل من علماءَ أنفقوا أعمارهم فيها؟
ونحن اذا أخذنا من هؤلاء العلماء لا نسلم واذا أخذنا من المستشرقين أقاموا علينا الدنيا، وإذا أتينا بتحليل من عندنا اتهمونا بالجهل، فمن أين نأخذ التاريخ يا حضرات المشايخ؟
إنتهى