(2) المرأة المسلمة في حماية الشريعة :خروجها من بيتها
(2) المرأة المسلمة في حماية الشريعة :خروجها من بيتها
خروج المرأة من بيتها :-
قال تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى "
هذا أمر من الخالق الحكيم للنساء بالقرار في البيوت وعدم التبرج ، ولكنه استثنى الخروج للحاجة لقوله صلى الله عليه وسلم : " أُذن لكن في الخروج لحاجتكن " فما هي الحالات التي تسمح للنساء بالخروج ؟
1- الخروج إلى الصلاة :حبب الإسلام إلى المرأة الصلاة في بيتها ، فقد جاءت أم حميد الساعدي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخبرته أنها تحب أن تصلي معه فقال لها : " قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي " .
لكنه صلى الله عليه وسلم لم يمنعهن من الخروج للمساجد لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وإذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها " .
ويُشترط لخروجهن للمساجد أمور منها :-
أن يكون ذلك في صلوات الليل لقوله صلى الله عليه وسلم:" ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد "
أن لا يخرجن متزينات لقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " يا أيها الناس انهوا نساءكم عن الزينة والتبختر في المسجد " .
أن لا تختلط النساء بالرجال ولا يسبقنهم إلى الصفوف الأمامية لقوله صلى الله عليه وسلم : " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " وقد فسر العلماء ذلك بأنه عند حالة عدم وجود حاجز بين النساء والرجال، أما في حالة وجود حاجز فإن فضل الصف الأول ينطبق على الرجال والنساء .
أن لا يُحدثن صوتاً ولو لتصحيح الإمام إذا أخطأ ، بل يكتفين بالتصفيق وذلك بضرب باطن اليد اليمنى على ظاهر اليد اليسرى دون كلام لقوله صلى الله عليه وسلم : " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " .
أن يُبادرن بالانصراف من المسجد فور سلام الإمام من صلاته لقول عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلففات بمروطهن ما يُعرفن من الغلس " .
يُسمح للنساء حضور صلاة العيدين
2- الخروج إلى التعلم : قال صلى الله عليه وسلم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " . لم يرد لفظ " ومسلمة " في الحديث الشريف ، ولكن العلماء أجمعوا أن كل ما فرضه الله تعالى على عباده فالرجال والنساء فيه سواء وإلا فكيف للمرأة أن تتعلم ما يفيدها في دينها ودنياها ؟ قالت عائشة رضي الله عنها : " نِعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء من أن يتفقهن في الدين " . وقد خصص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوماً لتعليم النساء بناءً على رغبتهن . وفضْل السيدة عائشة رضي الله عنها في تعليم الدين معروف لدى الجميع . وكتب الحديث مملوءة بأسماء الراويات للحديث ولم يشترط العلماء الذكورة لصحة الحديث .
أما ما تتعلمه المرأة فهو نوعان :-
فرض عين وهو الذي تصلح به عبادتها وعقيدتها وسلوكها ، وتحسن به تدبير منزلها وتربية أولادها .
فرض كفاية وهو ما تحتاج إليه الأُمة كالطب والتمريض ، وما تحتاجه الأُمة في ثقافة معينة . فإذا كانت الأُمة مثلاً بحاجة إلى طبيبات لأمراض النساء والطفولة ، وتمريض النساء ومعلمات لتعليم الفتيات لزم إعداد عدد كاف من الطبيبات والممرضات والمعلمات ويكون تعليمها في تلك الحالة واجباً .
أما ما يُسمونه علماً في الوقت الحاضر - تجاوزاً وافتراءً - مثل الرقص والموسيقى والتمثيل وغيرها مما وصلت إليه أُمم الفجور فهو ليس من العلم في شيء بل هو الباطل بعينه ، ويجب على المسلمة تجنبه .
قال الشاعر معروف الرصافي :-
وهل يُرجى لأطفال كمالٌ *** إذا نشأوا بحضن الجاهلاتِ
أليس العلم في الإسلام فرضاً *** على أبنائه وعلى البناتِ
وكانت أمنا في العلم بحراً *** تحل لسائليها المشكلاتِ
وعلمها النبي أجلَّ علمٍ *** فكانت من أجلِّ العالماتِ
3- الخروج إلى العمل : أباح الإسلام للمرأة أن تضطلع بالوظائف والأعمال المشروعة التي تحسن أداءها ولا تخالف طبيعتها ، ولم يُحرم عليها أي عمل أو مهنة مشروعة ، وإنما قيده بما يحفظ كرامتها ، بل لم يمنعها من العمل في فترة العدة ما دام هذا العمل ضرورياً ومشروعاً . روى مسلم في صحيحه عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنه يقول : طُلقت خالتي فخرجت تجذ نخلها فزجرها رجل أن تخرج ، فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " بلى فجُذي نخلك فإنك عسى أن تتصدقي أو تفعلي معروفاً " .
ويُشترط لخروج المرأة للعمل ما يلي :-
أن لا يستغرق العمل وقتها وجهدها فيمنعها من أداء مهمتها الأساسية كأم وزوجة
أن لا يُخرجها عن خصائصها ومقتضيات مهمتها الفطرية
أن تتجنب الاختلاط والخلوة بالرجال الأجانب
أن تؤدي عملها في وقار وحشمة حتى تكون بعيدة عن مهاوي الفتنة وسوء الظن
4- خروج المرأة للأسواق ولزيارة أهلها وصديقاتها : لقد ورد في كتب السيرة خروج النساء للأسواق وللزيارة ، ولكن يحق للزوج منعها من ذلك إن رأى فيه ضرراً عليها. يقول سيد قطب رحمه الله في تفسير قوله تعالى : " وقرن في بيوتكن " : من وقر .يقر . أي ثقل واستقر . وليس معنى هذا الأمر ملازمة البيوت فلا يبرحنها إطلاقاً . إنما هي إيماءةٌ لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن ، وهو المقر " . " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " ذلك حين الاضطرار إلى الخروج بعد الأمر بالقرار في البيوت " .
5- سفر المرأة بدون محرم : إن من أسباب حفظ المرأة منعها أن تسافر إلا مع ذي محرم يحميها من أطماع العابثين والفسقة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم " .
وهكذا نرى أن الهدف من كل حكم شرعي يختص بالمرأة هو حمايتها والمحافظة عليها .
والله تعالى أعلم .
(3) المرأة المسلمة في حماية الشريعة :حق إبداء الرأي
(3) المرأة المسلمة في حماية الشريعة :حق إبداء الرأي
حق إبداء الرأي :- كانت المرأة المسلمة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم تُبدي الرأي وتسدي النصح ، وكان صلى الله عليه وسلم يسمع لها ويأخذ برأيها ، ومن ذلك ما حدث في صلح الحديبية فقد كان لرأي أم سلمة أثره الجليل ، وقصة ذلك أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم تذمروا حين بلغهم نص الصلح ، ظناً منهم أنه بخس المسلمين حقهم ، فلم يُطيعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أمرهم ثلاث مرات بالذبح والحلق ، وعندما أخبر أم سلمة رضي الله عنها بذلك قالت له : " يا نبي الله أتحب ذلك ؟ أُخرج ثم لا تُكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنتك وتدعو حالقك فيحلقك " . فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وفعل المسلمون مثله ، وبذلك تكون أم سلمة رضي الله عنها قد أنقذت برأيها المسلمين من فتنة وخطر التفرق.
وعلى هذا المبدأ سار الخلفاء الراشدون عليهم رضوان الله ، ومن أمثلة ذلك ما جرى بين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه مع المرأة في موضوع المهر والتي جاء فيها أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رأى الناس تُغالي في المهور نهاهم أن يزيدوا على أربعمائة درهم فمن زاد فاعترضت له امرأة من قريش فقالت : " أما سمعت ما أنزل الله ؟ يقول : " وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً " فقال أصابت امرأة وأخطأ عمر وصعد المنبر وأعلن رجوعه عن قوله .
أعطى الإسلام للمرأة الحق في الإجارة فقد روي أن رجلين احتميا ببيت أم هانيء بنت أبي طالب فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : " قد أمنا من أمنت " .
وقد هاجرت النساء من مكة إلى المدينة المنورة ووفر لهن النبي صلى الله عليه وسلم الحماية والرعاية.
كما بايع النبي صلى الله عليه وسلم النساء على الإيمان والسمع والطاعة كما بايع الرجال بعد فتح مكة المكرمة .
وقد ترك الشرع للمسلمة البالغة حق اختيار ورفض من ستتزوج وهناك قصص كثيرة في كتب السيرة عن ذلك .
والله تعالى أعلم .
(4) المرأة المسلمة في حماية الشريعة : الجهاد
(4) المرأة المسلمة في حماية الشريعة : الجهاد
للجهاد حكمان :-
فرض كفاية أي إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين.
فرض عين أي يجب على كل أهل البلد المسلم إذا هجم عليهم العدو ولا يحل لأحد أن يتأخر في الخروج لقوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار " .
وفي ذلك يقول الشيخ محمود شلتوت ؛ إذا هجم العدو وجب على جميع الناس أن يخرجوا للدفاع عن وطنهم ، فتخرج المرأة بغير إذن زوجها كما يخرج الولد بغير إذن أبيه ، والعبد بغير إذن سيده.
ويقول سيد قطب رحمه الله : إن الله تعالى لم يكتب على المرأة الجهاد ، ولم يحرمه منها ولم يمنعها منه حين تكون هناك حاجة إليها ، لا يسدها الرجال وقد شهدت المغازي الإسلامية أحاداً من النساء مقاتلات لا مواسيات ولا حاملات أزواد ، وكان ذلك على قلة وندرة بحسب الحاجة والضرورة ولم يكن هو القاعدة كما فعلت أم عمارة يوم أحد ، فقد دافعت عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وكما فعلت صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قتلت يهودياً يوم خيبر ، وفي معركة اليرموك قتلت أم حكيم سبعة من الروم .
وعلى أية حال فإن الله لم يكتب على المرأة الجهاد كما كتبه على الرجال . إن الجهاد لم يكتب على المرأة ، لأنها تلد الرجال الذين يجاهدون وهي مهيأة لميلاد الرجال بكل تكوينها العضوي والنفسي ومهيأة لإعدادهم للجهاد وللحياة سواء . وحكمة فرض الجهاد على الرجال دون النساء عظيمة وجليلة وهي أن الله عز وجل استبقى المرأة لوظيفة هامة لعمل يفتقر إليه المجتمع المسلم في كل وقت وهو واجب الأمومة ورعاية البيت وقد جعل الله لها في طاعتها لزوجها أجر المجاهد ففي الحديث أن امرأة جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت : أنا وافدة النساء إليك ، هذا الجهاد كتبه الله تعالى على الرجال ، فإن أصيبوا أُثيبوا ، وإن قُتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ، ونحن معشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك الأجر ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " أبلغي من لقيت من النساء أن طاعةً للزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك وقليل منكن من يفعله " .
كما روت عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قلت يا رسول الله هل على النساء جهاد ؟ قال : " جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة "
روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ناس من أمتي يركبون البحر الأخضر فقالت أم حرام بنت ملحان أُدع الله أن يجعلني منهم . فقال اللهم اجعلها منهم " وهذا يدل على حق المسلمة في مشاركة الرجل في الجهاد بالأعمال التي تحسنها .
يقول الشيخ محمود شلتوت : غير أن اختلاف الأحوال يوجب حفظاً لكرامة المرأة إذا أرادت أن تساهم في هذا الواجب العام أن يُتخذ لها الوضع الذي يصونها ويقيها شر العابثين .
والله تعالى أعلم .
(5) المرأة المسلمة في حماية الشريعة : الولاية العامة
(5) المرأة المسلمة في حماية الشريعة : الولاية العامة
يُقصد بالولاية العامة الإشراف على أمور دينية أو دنيوية لأهل الدولة كالخلافة وإمارة الأقاليم وإمارة الجند وتولي القضاء…الخ وقد خصص الله عز وجل هذه الوظائف للرجال دون النساء ، لقوله صلى الله عليه وسلم " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " وذلك بناء على مبدأ تقسيم الوظائف وليس من قبيل التحقير أو التقليل من شأنها ، فالله عز وجل خلق كلاً من الرجل والمرأة بخصائص جسمية ونفسية مناسبة للوظائف التي سيوكلها لهما .
ولأن مثل هذه الوظائف ومثل هذه الأعمال تتطلب معاينات خارجية متتالية وتقتضي الاختلاط بالناس فقد أوكل الله هذه الوظائف للرجل ، فالمرأة بحكم الشريعة الإسلامية لا يجوز لها الإختلاط بالرجال كما أن تكوينها الجسمي والنفسي وما يعتريها من عوارض جسمية كل شهر أو أثناء فترات الحمل والنفاس والرضاعة تمنعها من ممارسة هذه الأعمال التي تحتاج إلى القوة والخشونة ، وإلى صلابة في الإرادة والعاطفة عند الحكم .
نلاحظ أن إقبال المرأة على تلك الوظائف ضئيل حتى في الولايات ( الملحدة ) الأمريكية رغم أن قوانينهم تسمح بذلك.
لم يمنع الإسلام المرأة أن تتولى من الولايات ما يتناسب مع طبيعتها وقدراتها ، وما يتلاءم مع ظروفها ، فقد ولى عمر ابن الخطاب الشفاء بنت عبدالله العدوية ولاية السوق ، وقد يكون سبب ذلك أنها كانت تجيد الكتابة وكانت ذات علم وفضل كما جاء في ترجمتها .
وأما الولاية الخاصة كإدارة مدارس البنات وغيرها من المؤسسات النسائية فلا بأس أن تديرها المرأة .
انتهى والله تعالى أعلم .
والحمـــد لله على نعمـة الإســـلام