طلائع الرفض في المجتمع المصري


آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

طلائع الرفض في المجتمع المصري

صفحة 2 من 8 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 76

الموضوع: طلائع الرفض في المجتمع المصري

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    آخر نشاط
    17-08-2022
    على الساعة
    08:17 PM
    المشاركات
    1,224

    افتراضي

    ولنا تعليق على كلام الدكتور رفعت


    مراجعات تنظيم الجهاد


    حقا إنه في داخل السجون تمت مراجعات تنظيم الجهاد مع أنفسها وبين قياداتها..
    ونجحت المراجعات لأن التعامل معها كان بنفس طويل وبدون إكراه، وترك الحوار داخل قيادات الحركة يأخذ حظه من الوقت والتأمل والحرية، لأن التحول الفكري لا بد أن يكون بقناعة ذاتية وليس قسرا، وإلا كان الأمر خداعا، ولذلك اتجهت قيادات الجماعة إلى إنجاز المراجعات بإصرار وجدية وثقة واطمئنان نفس، من منطلق النقد الذاتي، بغض النظر عن رد فعل الطرف المقابل، وهو السلطة وأجهزتها. صحيح أن الجماعة وضعت في ميزان تقديرها مصالح ومفاسد وحجم الآلام التي أنتجتها التجربة، ولكن كان هذا الأمر في ظلال المحنة والأحداث والتحولات، في الإطار الخارجي وليس في جوهر الفكرة، لأنه يستحيل أن يكون في صلب المراجعات الفكرية، ما لم تكن هناك قناعة فكرية ومنهجية رسخت في ضمير أصحابها، لذلك نجحت مراجعات الجماعة الإسلامية رغم كل الاضطرابات والتوترات والأرض الرخوة التي كانت تقف عليها الأجهزة الأمنية.
    واليوم بعد المراجعات التي تمت بين فصائل التيار الجهادي، وهي مراجعات أكثر تعقيدا، لأن التيار الجهادي أكثر تشرذما من الجماعة الإسلامية ، إذ أنه يوجد هناك أكثر من تيار داخل التيار العام، وهناك مجموعات مقبلة على المراجعة بقوة وهناك مجموعات متحفظة وهناك آخرون يرفضون ذلك بشدة وإصرار، وهذا ـ في تقديري ـ أمر طبيعي لأكثر التنظيمات الإسلامية راديكالية.
    إن خطاب النفي والعنف أصيل وعميق في فكر التيار الجهادي فالفكرة أساسا قامت على ذلك من حيث الأصل والجوهر، بخلاف الجماعة الإسلامية التي دخلت عليها فكرة العمل المسلح والمواجهة بفعل أحداث طارئة، لذلك يحتاج التعامل مع التيار الجهادي إلى مزيد من الصبر وطول النفس، ويحتاج إلى الحكمة أيضا.
    إن الاستعجال في مثل هذه المراجعات التي تتصل بالضمير الديني والمناهج الفكرية يأتي بنتيجة عكسية، ويعطي انطباعا أن هذه المراجعات ما هي إلا انكسارات سياسية لا تعبر عن تحول فكري حقيقي، أو أنها مجرد استجابة لإغراءات أمنية أو غيرها، لذلك أزعجني جدا اتخاذ الجهاز الأمني إجراءات عقابية ضد مجموعات رفضت المراجعات أو تحفظت عليها ونكلت بهم وبأسرهم عندما نقلتهم إلى سجون بعيدة "لمرمطة" أهلهم وإيذائهم نفسيا، هذا سلوك غير حصيف ولا يخدم مشروع المراجعة.
    إن فكرة عزل المجموعات التحريضية مفهوم وربما يخدم مسار المراجعة على أساس أن يكون التفاعل الفكري بين أطراف متقاربة في رؤيتها للمسألة، ولكن هذا لا يكون بقمع الآخرين، وإنما بتهيئة الظروف النفسية والعلمية والدينية التي تعين على المزيد من التأمل والتفكير، وأنا على يقين من أن التيار الجهادي التقليدي في مصر الآن قريب جدا من المراجعات ومن العودة إلى العمل السلمي والبعيد عن العنف، وأن العوائق كلها تقريبا ذات طابع نفسي أكثر منها فكري وعقيدي، ولذلك كلما كانت طرق التعامل معه أكثر انفتاحا وتسامحا وصبرا كلما اختصرنا الطريق إلى إنهاء هذا الملف المظلم.
    كما أن مثل هؤلاء القيادات الجهادية التقليدية عندما تعود إلى المجتمع وساحة الدعوة، ستكون مانعات صواعق، تحتوي نزق أجيال جديدة هشة الفكر والمعرفة، وربما كانت أكثر شراسة في توجهاتها العنيفة بفعل مؤثرات دولية وإقليمية عديدة تدفع بهذا الاتجاه الأكثر فوضوية، وتحول دون اختراقها للعمل الإسلامي من جديد.
    آمل أن تتوقف فكرة الدفع للمراجعات عن طريق الضغوط والسياسة العقابية، لأن هذا فوق أنه سلوك غير مقبول من الناحية الأخلاقية والإنسانية، فإنه يضر بصحة المراجعات وقيمتها وثمارها.
    وليس معنى المراجعات أن يتصور (عبود الزمر) نفسه رئيساً للجمهورية وذلك من خلال برنامج سياسي مكون من خمسين نقطة ، ورصيده من الحياة السياسية صفر، فلعله قد تصور نفسه (نيلسون مانديلا) والذي خرج من السجن رئيساً لجنوب أفريقيا..
    الأمر مختلف تماما بينهما وذلك من ناحية فلسفة النضال والجهاد..من جهة..ومن ناحية ميدان الجهاد وأدواته من جهة أخرى..
    لقد دخل عبود الزمر السجن متطرفاً في أفكاره ..وخرج منه أكثر تطرفاً في معتقداته..


    قراءة في فكر


    جماعة الجهاد المصرية


    1 ـ تعرف الجماعة بعدة مسميات: الجهاد الإسلامي، والجهاد الإسلامي المصري، والجهاد، وجماعة الجهاد، والجماعة الإسلامية. وهي جماعة دينية مسلحة متشددة تسعى لإنشاء حكم إسلامي في مصر بالقوة. ويتلخص الهدف الأساسي للجماعة في الإطاحة بالحكومة المصرية وإقامة دولة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية.
    أفرزت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 شعوراً بغضب قومي وإسلامي، ومع لهفة الرئيس المصري محمد أنور السادات الشديدة لتعزيز زخم سياسته السلمية، أصبح أكثر قربا من الولايات المتحدة الأميركية والإسرائيلية مما اعتبره الإسلاميون فشلا داخليا وخيانة خارجية.
    وكان اغتيال السادات في أكتوبر1981على يد أعضاء من جماعة الجهاد ردا على هذا التوجه، وبرزت هذه الجماعة إلى الوجود في السبعينيات ـ كظاهرة أكثر منها كجماعة منظمة ـ في السجون، وبعد ذلك في الجامعات المصرية.
    وبعد إطلاق الرئيس أنور السادات سراح معظم السجناء الإسلاميين بعد عام 1971 بدأت عدة مجموعات أو خلايا من المسلحين تنظم نفسها وعرفت بأسماء متعددة مثل حزب التحرير الإسلامي، وجماعة التكفير والهجرة، شباب محمد، الناجون من النار، جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، والجماعة الإسلامية، والجماعة السلفية، فضلاً عن جماعة الإخوان المسلمين.
    وكانت كل خلية تعمل منفصلة ومستقلة، وتعتبر نفسها أنها هي الجماعة الناجية وباقي الفرق هلكى؟..

    2ـ وبعدتعرض الرئيس المصري محمد أنور السادات لمحاولة الاغتيال الفاشلة عام 1974م على يد " جماعة إسلامية " بمصر وذلك بمقر الكلية الفنية العسكرية، طلب مني شباب الجامعة آنذاك أن أعد لهم رسالة موضحاً فيها حكم الشرع في هذه المحاولة..
    وأعددت الرسالة وقلت يومها أنهم ( بغاة..لا دعاة )..ورد علىّ المستشار على جريشة ـ رحمه الله ـ برسالة وكان عنيفاً في رده بعنوان (بل دعاة ..لا بغاة)..وكان رده مشحوناً بعاطفة شديدة، حيث صدّر كتابه بخطبة للمرحوم ـ كارم الأناضولي ـ والتي ارتجلها أمام المحكمة العسكرية ونفى فيها علاقته بحادثة الفنية العسكرية، الأمر الذي أخرج كتابه بعيداً عن الموضوعية والتحليل العلمي.
    وكان الاختلاف بيننا في المنهجين، إذ أنني لم أكن أعتمد في دراستي على جماعة الفنية العسكرية بعينها بقدر ما اعتمدت على فقه الحدث وليس الحادث بذاته.. في حين أنه كان يعتمد ـ رحمه الله ـ على الحادث نفسه ، وبعيداً عن فقه الحدث..وآثرت الصمت يومها ولم أرد عليه..
    وفي السادس من أكتوبر/ تشرين الأول عام 1981م نجحت جماعة الجهاد الإسلامي وهي غير جماعة الفنية العسكرية في محاولتها لاغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات..وذلك في حادثة المنصة الشهيرة..

    ففي أعقاب حرب رمضان 1393هـ أكتوبر 1973م اتخذ العمل الإسلامي داخل الجامعات المصرية بُعداً أوسع حيث أنه تم انحراف في فكر الجماعة " جماعة الدراسات الإسلامية " لاسيما بعد خروج جماعة الإخوان المسلمين من المعتقلات وتم تغيير اسم الجماعة إلى " الجماعة الإسلامية " واتخذوا لأنفسهم شعاراً أصفراً عبارة عن سيفين متقاطعين وبينهما كلمة وأعدوا..


    الأفكار والمعتقدات:
    تبلورت معظم أفكار الجماعة الإسلامية في صورة كتب ورسائل داخل سجن ليمان طره ومن أهمها كتاب:
    ميثاق العمل الإسلامي: وهو دستور الجماعة ويمكن تلخيص ما ورد فيه من الأفكار فيما يلي:
    ـ غايتنا: رضا الله تعالى بتجريد الإخلاص له سبحانه وتحقيق المتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم.
    ـ عقيدتنا: عقيدة السلف الصالح جملةً وتفصيلاً.
    ـ فهمنا: نفهم الإسلام بشموله كما فهمه علماء الأمة الثقات المتبعون لسنته صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم.
    ـ هدفنا:
    1 ـ تعبيد الناس لربهم.
    2 ـ إقامة خلافة على نهج النبوة.
    ـ طريقنا: الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله خلال جماعة
    منضبطة حركتها بالشرع الحنيف تأبى المداهنة أو الركون وتستوعب ما سبقها من تجارب.
    ـ زادنا: تقوى وعلم، يقين وتوكل، شكر وصبر، زهد في الدنيا وإيثار للآخرة.
    ـ ولاؤنا: لله ورسوله وللمؤمنين.
    ـ عداؤنا: للظالمين، على أن الكفر منه أكبر وأصغر وكذا الظلم منه أكبر وأصغر فيوالي من عنده ظلم أصغر على قدر ما عنده من خير، ويعادي على قدر ما عنده من ظلم.
    ـ اجتماعنا: لغاية واحدة، بعقيدة واحدة، تحت راية فكرية واحدة.

    الفريضة الغائبة، حكم قتال الطائفة الممتنعة عن شرائع الإسلام حيث يعتقدون:
    ـ أن الجهاد هو القتال أي المواجهة والدم، أما اقتصار الجهاد على الوسائل السلمية مثل الكتابة والخطابة والإعداد بتربية الأمة العلمية والفكرية أو بمزاحمة السياسيين في أحزابهم وأساليبهم السياسية، بل إن الاهتمام بالهجرة يعد من الجبن والتخاذل ولن ينتصر المسلمون إلا بقوة السلاح وعلى المسلمين أن ينخرطوا في الجهاد مهما قل عددهم.
    ـ الطوائف المنتسبة للإسلام الممتنعة عن التزام بعض شرائعه تقاتل حتى تلتزم ما تركته من الشرائع وكذلك قتال من عاونهم من رجال الشرطة ونحوهم وإن خرجوا مجبرين يقتلوا ويبعثوا على نياتهم.
    ـ يرون أن القتال ليس فقط لمن داهمنا في ديارنا واستولى على جزء من أرض الإسلام ولكنه أيضاً لمن يقف بالسيف والسلطان في وجه دعوتنا رافضاً التخلية بيننا وبين الناس ندعوهم لدين الله ونحكمهم بشرع الله؛ لأن الاستعمار هو العدو البعيد والحكام الكفرة هم العدو القريب فهم أولى من قتال العدو البعيد.
    ـ قتال أي طائفة على وجه الأرض تحكم الناس بغير شرع الله كافرة كانت أو منتسبة للإسلام.
    وعلى ذلك يرون حتمية المواجهة كما في رسالتهم حتمية المواجهة للأسباب الآتية:
    ـ خلع الحاكم الكافر المبدِّل لشرع الله.
    ـ قتال الطائفة الممتنعة عن شرائع الإسلام.
    ـ إقامة الخلافة وتنصيب خليفة للمسلمين.
    ـ تحرير البلاد واستنقاذ الأسرى ونشر الدين.

    يحكمون على الديار المصرية وما شابهها بأنها ليست بدار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام لكون أهلها مسلمين، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحق، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحق وعلى ذلك لا يكفرون الأمة إنما يكفرون الحكام الذين يبدلون ويعطلون شرائع الإسلام، وعليه لا يحرِّمون تولي الوظائف الحكومية مثل جماعة التكفير.

    يوجبون الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لآحاد الرعية بمراحله الثلاث، ولكن يؤخذ عليهم في ذلك عدم مراعاة الضوابط الشرعية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وميلهم للاستعجال والقاعدة: "من تعجل الأمر قبل أوانه عوقب بحرمانه".

    تعارض الجماعة مشاركة الاتجاه الإسلامي في الحكومات العلمانية المعادية للإسلام إذ أن هذه المشاركة تترك مفاسد كثيرة وتوقع الجماهير العريضة في الحيرة والتضليل والشك، إذ أنها تدلل على شرعية الحكومة التي تصدر وتطبق القوانين الوضعية.

    الجذور الفكرية:
    تُعد الجماعة الإسلامية القرآن الكريم والسنة النبوية هما مصدرا أفكارها، لذا فإنها تكثر من الاستشهاد بآيات الجهاد والأحاديث التي تحث على الجهاد.

    وكذلك تلجأ الجماعة إلى فتاوى العلماء وأبرزهم شيخ الإسلام ابن تيمية (661 ـ 728ھ) الذي ملئت كتاباتهم بأقواله وفتاواه.

    وكذلك تلجأ الجماعة الإسلامية إلى الوقائع التاريخية وأقوال العلماء أمثال ابن القيم والقاضي عياض وابن كثير والنووي وسيد قطب لتدلل على أفكارها ومبادئها.

    ويؤخذ على الجماعة انشغالها بقضية الخروج على الحكام؛ دون تفريق بين مسلمهم وكافرهم، ودون إعداد العدة لمن كفر منهم؛ مما تسبب في قتل الأبرياء من المسلمين، والتضييق على الدعوة الإسلامية، وتبعثر الجهود الخيّرة. وقد تنبه قادة الجماعة أخيرًا إلى سوء عاقبة مسلكهم الأول، فلعلهم ـ بعد هذا ـ يُعنوا بالعلم الشرعي، وبنشر العقيدة الصحيحة بين العامة، وتبصيرهم بالبدع والشركيات والمخالفات؛ لتستحق الأمة بعدها النصر والتمكين؛ كما هي سنة الله .

    أماكن الانتشار:
    تتركز القوة الرئيسة للجماعة الإسلامية في الصعيد المصري وخاصة في محافظة أسيوط، ولها أنصار في كل المدن والجامعات المصرية. كما انتشر كثير من أتباعها في الدول الأخرى نتيجة لمطاردتهم من قبل الحكومة المصرية.

    «« توقيع زهدي جمال الدين »»

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    آخر نشاط
    17-08-2022
    على الساعة
    08:17 PM
    المشاركات
    1,224

    افتراضي

    ويتضح مما سبق:
    أن الجماعة الإسلامية تعتبر الجهاد هو الدواء الناجح والعلاج الناجع لإعادة الخلافة الإسلامية للمسلمين، وترى أن إقامة الدولة الإسلامية، ومن ثم الخلافة، فرض عين، وتقول: إن حكام المسلمين الذين يرفضون تطبيق شريعة الله كفار يجب الخروج عليهم.
    ولا تكفر هذه الجماعة الأمة مثل جماعة التكفير والهجرة، وتعتقد أن الجهاد هو القتال، وهو قمة العبادة في الإسلام، أما الجهاد بالوسائل السلمية فقط فهو جبن وغباء.

    واستطاعت "الجماعة الإسلامية" قيادة الحركة الطلابية، والفوز بثقة الأغلبية من جماهير الطلاب في انتخابات الاتحادات الطلابية، وذلك في كل الجامعات المصرية تقريباً.
    فلقد كانت البذور الجيدة مزروعة منذ عام 1970 بمعرفة " جماعة الدراسات الإسلامية " كما قلنا، فلما وثب الطلاب إلى الاتحادات وجدوا من ينتخبهم فلقد كانت الأرض خصبة والنفوس مهيأة لمثل هذا الأمر، ولقد حصد الإخوان المسلمون الثمرة التي غرس بذرتها غيرهم، ومن هنا زادت وتعددت أنشطة "الجماعة الإسلامية" الثقافية والتربوية من اللقاءات والندوات والمعسكرات بل وزاد الاهتمام بحلول المشاكل الاجتماعية للطلاب وتعدى الأمر أسوار الجامعات فزاد الاهتمام بمشاكل المجتمع اليومية.

    وفي عام 1977م انشق بعض قيادات الجماعة بعد انضمامهم لجماعة "الإخوان المسلمين" التي عاودت نشاطها في ذلك الوقت مما أدى إلى وجود تيار للجماعة الإسلامية يمثله الإخوان وذلك في بعض كليات جامعتي القاهرة والإسكندرية ولكنه قليل العدد محدود التأثير بينما التيار الآخر للجماعة الإسلامية والأكثر عدداً وتأثيراً يمثله "التيار السلفي" وكان مستحوذاً على كل الجامعات تقريباً والذي استطاع تحجيم نفوذ العلمانيين والنصارى في الصعيد بوجه خاص.

    وكان للجماعة العديد من المواقف السياسية برزت في موقفها من معاهدة كامب ديفيد وزيارة الشاه وبعض وزراء الكيان الصهيوني لمصر فأقامت المؤتمرات والمسيرات ووزعت المنشورات خارج أسوار الجامعة للتنديد بذلك والمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية مما أدى إلى تدخل الحكومة في سياسات الاتحادات الطلابية، فأصدرت لائحة جديدة لاتحادات الطلاب تعرف بلائحة 1979م التي قيدت الحركة الطلابية.
    وازداد الضغط الإعلامي والأمني على قيادات الجماعة واشتدت مطاردتهم في جامعات الصعيد بوجه خاص، حيث تم اعتقال بعض قيادتهم وفصلهم من الجامعة.

    وفي عام 1979م التقى كرم زهدي ـ عضو مجلس شورى الجماعة ـ بالمهندس محمد عبد السلام فرج العضو في أحد فصائل تنظيم الجهاد وعضو مجلس شورى الجماعة فيما بعد وصاحب كتاب "الفريضة الغائبة" الذي عرض على كرم زهدي فكر الجهاد وأن الحاكم قد كفر وخرج عن الملة فوجب الخروج عليه وخلعه وتغيير النظام وأن لتنظيمه تشكيلاته المتفرعة، ثم عرض عليه فكرة اشتراكهم مع التنظيم للتخطيط لإقامة الدولة الإسلامية.

    عرض كرم زهدي الفكرة على مجلس شورى الجماعة في صعيد مصر الذي يرأسه الدكتور ناجح إبراهيم فوافق المجلس على أن يكون هناك مجلس شورى عام ومجلس شورى القاهرة، وعلى أن يتولى إمارة الجماعة أحد العلماء العاملين الذين لهم مواقفهم الصلبة ضد الطاغوت (الدكتور / عمر عبد الرحمن).
    وقد تم إقرار تشكيل الجناح العسكري وجهاز الدعوة والبحث العلمي والتجنيد وتطبيق القوانين الإسلامية وكذلك جهاز الدعم اللازم للحركة في مجالاته المتعددة.
    ومن هذه اللحظة انفصلت الجماعة عن توجهات التيار السلفي في الدعوة بشكل عام تحت مسمى الجماعة الإسلامية.

    اختير الشيخ الدكتور/عمر عبد الرحمن أميراً للجماعة، وهو أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، وقد سبق اعتقاله أثناء حكم الرئيس المصري جمال عبد الناصر واتهم في قضية قتل السادات بتهمة إمارة الجماعة "تنظيم الجهاد" والإفتاء بحل دم السادات، إلا أن المحكمة برأته مما نسب إليه وكذلك برأته من قضية الانتماء لتنظيم الجهاد، ومن ثم واصل نشاطه الدعوي متنقلاً بين المحافظات مشاركاً في المؤتمرات والندوات، عارضاً فكرة الجماعة محمسا الشباب للجهاد والخروج على نظام الحكم مما أدى إلى اعتقاله العديد من المرات وتحديد إقامته بمنزله بالفيوم بعد أن اتهم بالتجمهر وتحريض المصلين على التجمهر بعد صلاة الجمعة، لكن محكمة أمن الدولة برأته أيضاً مما نسب إليه وحفظت القضية وأخيراً استطاع السفر إلى أمريكا ليقيم في ولاية نيوجرسي حيث يكثر أتباعه. ومما ينسب إليه: الفتيا بقتل فرج فودة الكاتب العلماني، وضرب حركة السياحة في مصر وتفجير مركز التجارة العالمي بأمريكا، والذي حكم عليه بالسجن بسببه.

    في 6 أكتوبر عام 1981م وبعد حادث اغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات، ظهرت الجماعة على الساحة بقوة حيث قام الجناح العسكري للجماعة بقيادة الملازم أول خالد أحمد شوقي الإسلامبولي وبصحبة زملائه عبد الحميد عبد السلام الضابط السابق بالجيش المصري والرقيب متطوع القناص حسين عباس محمد بطل الرماية وصاحب الرصاصة الأولى القاتلة والملازم أول احتياط عطا طايل حميده رحيل بقتل الرئيس أنور السادات أثناء احتفالات انتصارات أكتوبر بمدينة نصر بالقاهرة، وقد نسب للجماعة الإعداد لخطة تستهدف إثارة القلاقل والاضطرابات وللاستيلاء على مبنى الإذاعة والتليفزيون والمنشآت الحيوية بمحافظات مصر.
    وفي تلك الأثناء، وخلال هذه الأحداث قبض عليهم جميعاً، وقدموا للمحاكمة التي حكمت عليهم بالإعدام رمياً بالرصاص كما تم تنفيذ الحكم في زميلهم المهندس محمد عبد السلام فرج صاحب كتاب الفريضة الغائبة بالإعدام شنقاً.

    المقدم عبود عبد اللطيف الزمر: الضابط بسلاح المخابرات الحربية وعضو تنظيم الجهاد بالقاهرة الذي انضم مؤخراً إلى الجماعة الإسلامية بعد إزالة الخلافات في بعض وجهات النظر داخل سجن ليمان طرة بالقاهرة. ويذكر أنه اعترض أولاً على خطة قتل السادات لعدم مناسبة الوقت إلا أنه وافق أخيراً عليها لظروف خاصة، وقد حكم عليه فيما عرف بقضية تنظيم الجهاد بأربعين سنة سجناً.

    في 8 أكتوبر 1981م قام بعض أفراد الجناح العسكري للجماعة الإسلامية بمهاجمة مديرية أمن أسيوط ومراكز الشرطة واحتلال المدينة ودارت بينهم وبين قوات الأمن المصرية معركة حامية قتل فيها العديد من كبار رجال الشرطة والقوات الخاصة وانتهت بالقبض عليهم وعلى رأسهم الدكتور ناجح إبراهيم وكرم زهدي وعصام دربالة، والحكم عليهم فيما عرف في وقتها بقضية تنظيم الجهاد بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عاماً.

    في بداية عام 1984م وبعد الإفراج عن الكثير من أعضاء الجماعة من غير المتهمين في قضايا التنظيم، أعيد تنظيم الجماعة برئاسة محمد شوقي الإسلامبولي ومن ثم زاد نشاطها في الدعوة إلى الله في المساجد ومن خلال اللقاءات والندوات والمعسكرات وبخاصة بين الشباب والطلبة في المدارس والجامعات في معظم محافظات مصر مستغلة الكَسب الإعلامي لأحداث 1981م، داعية إلى الخروج على الحاكم وقتال الطائفة الممتنعة عن إقامة شرائع الإسلام، وقد دفع ذلك كله قوات الأمن المصرية إلى الصدام الدائم معهم، وإلقاء القبض على الكثير منهم وتعرضهم للتعذيب والتضييق الشديد، بل وصل الأمر إلى استخدام سياسة التصفية الجسدية ضدهم، مما أوجد بين أفراد الجماعة ردود فعل عنيفة راح ضحيتها الكثير من ضباط وجنود الشرطة وغيرهم.

    وتنسب إلى الجماعة بالإضافة إلى محاولة الاغتيال الناجحة للرئيس المصري محمد أنور السادات محاولات اغتيال أخرى لبعض الوزراء ومسئولي الحكومة والشرطة ومن أبرزهم الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب المصري والدكتور فرج فودة الكاتب العلماني وذلك ردًّا على أسلوب الحكومة في التصفية الجسدية والعقاب الجماعي لأفراد الحركة الإسلامية.

    وطالبني الشباب وقتها مرة أخرى، بضرورة ذكر رأيي في القضية..
    وأعددت الرد..
    وقلت لهم إنهم : ( بغاة.. لا دعاة)..إلا أنني كنت قد توسعت في الإصدار الثاني كثيراً..
    وتلقفته أيادي الشباب ..وانقسموا على أنفسهم، وكان حظي من الاتهامات وافراً..
    فلقد حدث أن جمعتني الظروف أنا وحماي ـ رحمه الله ـ بمكتب الأستاذ عطية شعلان ـ المحامي ورئيس حزب العمل بمدينة دمنهور(إحدى المحافظات بجمهورية مصر العربية آنذاك ـ، وكان ضمن فريق المدافعين عن جماعة الجهاد المتهمة باغتيال المرحوم محمد أنور السادات .
    وكنت في ذلك الوقت احتفظ داخل حقيبتي بنسخة من الدراسة حول التكييف الفقهي والجنائي لجريمة الاغتيال..
    ودار نقاش طويل بيني وبين الأستاذ عطية شعلان انتهى بأخذه النسخة الوحيدة التي كانت معي للإطلاع عليها، وقرأها كلها واستوعبها في نفس الجلسة ولم يعلق..
    ولم أشأ أن أطالبه بالتعليق..
    وفوجئت بعد ذلك بخبر في الجرائد مؤداه : انسحاب خمسة وعشرون محامياً ممن يدافعون عن الجماعة من جلسة المحكمة..وكان من بينهم الأستاذ عطية شعلان المحامي.. ولم اتصل به ولم استفسر منه عما حدث، فذلك شأنه وأنا لست ممن يشتغلون بالسياسة..فأنا رجل مدني وداعية دين..
    وقالوا يومها أن المحاميين قد تعرضوا لضغوط من الدولة، ومنهم من قال أنهم قد تعرضوا لتهديدات من الدولة .. وكثرت الأقاويل .. وكثر القيل والقال..
    واليوم وبعد مراجعات قيادات تنظيم الجهاد لفكر الجماعة..أرى أنه من المناسب أن أعيد نشر الرسالة مرة أخرى، فلقد كنا بحمد الله تعالى وتوفيقه أكثر رؤية وشمولية للأحداث وأكثر قراءة للواقع والتاريخ..

    «« توقيع زهدي جمال الدين »»

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    آخر نشاط
    17-08-2022
    على الساعة
    08:17 PM
    المشاركات
    1,224

    افتراضي

    ويتضح مما سبق:
    أن الجماعة الإسلامية تعتبر الجهاد هو الدواء الناجح والعلاج الناجع لإعادة الخلافة الإسلامية للمسلمين، وترى أن إقامة الدولة الإسلامية، ومن ثم الخلافة، فرض عين، وتقول: إن حكام المسلمين الذين يرفضون تطبيق شريعة الله كفار يجب الخروج عليهم.
    ولا تكفر هذه الجماعة الأمة مثل جماعة التكفير والهجرة، وتعتقد أن الجهاد هو القتال، وهو قمة العبادة في الإسلام، أما الجهاد بالوسائل السلمية فقط فهو جبن وغباء.

    واستطاعت "الجماعة الإسلامية" قيادة الحركة الطلابية، والفوز بثقة الأغلبية من جماهير الطلاب في انتخابات الاتحادات الطلابية، وذلك في كل الجامعات المصرية تقريباً.
    فلقد كانت البذور الجيدة مزروعة منذ عام 1970 بمعرفة " جماعة الدراسات الإسلامية " كما قلنا، فلما وثب الطلاب إلى الاتحادات وجدوا من ينتخبهم فلقد كانت الأرض خصبة والنفوس مهيأة لمثل هذا الأمر، ولقد حصد الإخوان المسلمون الثمرة التي غرس بذرتها غيرهم، ومن هنا زادت وتعددت أنشطة "الجماعة الإسلامية" الثقافية والتربوية من اللقاءات والندوات والمعسكرات بل وزاد الاهتمام بحلول المشاكل الاجتماعية للطلاب وتعدى الأمر أسوار الجامعات فزاد الاهتمام بمشاكل المجتمع اليومية.

    وفي عام 1977م انشق بعض قيادات الجماعة بعد انضمامهم لجماعة "الإخوان المسلمين" التي عاودت نشاطها في ذلك الوقت مما أدى إلى وجود تيار للجماعة الإسلامية يمثله الإخوان وذلك في بعض كليات جامعتي القاهرة والإسكندرية ولكنه قليل العدد محدود التأثير بينما التيار الآخر للجماعة الإسلامية والأكثر عدداً وتأثيراً يمثله "التيار السلفي" وكان مستحوذاً على كل الجامعات تقريباً والذي استطاع تحجيم نفوذ العلمانيين والنصارى في الصعيد بوجه خاص.

    وكان للجماعة العديد من المواقف السياسية برزت في موقفها من معاهدة كامب ديفيد وزيارة الشاه وبعض وزراء الكيان الصهيوني لمصر فأقامت المؤتمرات والمسيرات ووزعت المنشورات خارج أسوار الجامعة للتنديد بذلك والمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية مما أدى إلى تدخل الحكومة في سياسات الاتحادات الطلابية، فأصدرت لائحة جديدة لاتحادات الطلاب تعرف بلائحة 1979م التي قيدت الحركة الطلابية.
    وازداد الضغط الإعلامي والأمني على قيادات الجماعة واشتدت مطاردتهم في جامعات الصعيد بوجه خاص، حيث تم اعتقال بعض قيادتهم وفصلهم من الجامعة.

    وفي عام 1979م التقى كرم زهدي ـ عضو مجلس شورى الجماعة ـ بالمهندس محمد عبد السلام فرج العضو في أحد فصائل تنظيم الجهاد وعضو مجلس شورى الجماعة فيما بعد وصاحب كتاب "الفريضة الغائبة" الذي عرض على كرم زهدي فكر الجهاد وأن الحاكم قد كفر وخرج عن الملة فوجب الخروج عليه وخلعه وتغيير النظام وأن لتنظيمه تشكيلاته المتفرعة، ثم عرض عليه فكرة اشتراكهم مع التنظيم للتخطيط لإقامة الدولة الإسلامية.

    عرض كرم زهدي الفكرة على مجلس شورى الجماعة في صعيد مصر الذي يرأسه الدكتور ناجح إبراهيم فوافق المجلس على أن يكون هناك مجلس شورى عام ومجلس شورى القاهرة، وعلى أن يتولى إمارة الجماعة أحد العلماء العاملين الذين لهم مواقفهم الصلبة ضد الطاغوت (الدكتور / عمر عبد الرحمن).
    وقد تم إقرار تشكيل الجناح العسكري وجهاز الدعوة والبحث العلمي والتجنيد وتطبيق القوانين الإسلامية وكذلك جهاز الدعم اللازم للحركة في مجالاته المتعددة.
    ومن هذه اللحظة انفصلت الجماعة عن توجهات التيار السلفي في الدعوة بشكل عام تحت مسمى الجماعة الإسلامية.

    اختير الشيخ الدكتور/عمر عبد الرحمن أميراً للجماعة، وهو أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، وقد سبق اعتقاله أثناء حكم الرئيس المصري جمال عبد الناصر واتهم في قضية قتل السادات بتهمة إمارة الجماعة "تنظيم الجهاد" والإفتاء بحل دم السادات، إلا أن المحكمة برأته مما نسب إليه وكذلك برأته من قضية الانتماء لتنظيم الجهاد، ومن ثم واصل نشاطه الدعوي متنقلاً بين المحافظات مشاركاً في المؤتمرات والندوات، عارضاً فكرة الجماعة محمسا الشباب للجهاد والخروج على نظام الحكم مما أدى إلى اعتقاله العديد من المرات وتحديد إقامته بمنزله بالفيوم بعد أن اتهم بالتجمهر وتحريض المصلين على التجمهر بعد صلاة الجمعة، لكن محكمة أمن الدولة برأته أيضاً مما نسب إليه وحفظت القضية وأخيراً استطاع السفر إلى أمريكا ليقيم في ولاية نيوجرسي حيث يكثر أتباعه. ومما ينسب إليه: الفتيا بقتل فرج فودة الكاتب العلماني، وضرب حركة السياحة في مصر وتفجير مركز التجارة العالمي بأمريكا، والذي حكم عليه بالسجن بسببه.

    في 6 أكتوبر عام 1981م وبعد حادث اغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات، ظهرت الجماعة على الساحة بقوة حيث قام الجناح العسكري للجماعة بقيادة الملازم أول خالد أحمد شوقي الإسلامبولي وبصحبة زملائه عبد الحميد عبد السلام الضابط السابق بالجيش المصري والرقيب متطوع القناص حسين عباس محمد بطل الرماية وصاحب الرصاصة الأولى القاتلة والملازم أول احتياط عطا طايل حميده رحيل بقتل الرئيس أنور السادات أثناء احتفالات انتصارات أكتوبر بمدينة نصر بالقاهرة، وقد نسب للجماعة الإعداد لخطة تستهدف إثارة القلاقل والاضطرابات وللاستيلاء على مبنى الإذاعة والتليفزيون والمنشآت الحيوية بمحافظات مصر.
    وفي تلك الأثناء، وخلال هذه الأحداث قبض عليهم جميعاً، وقدموا للمحاكمة التي حكمت عليهم بالإعدام رمياً بالرصاص كما تم تنفيذ الحكم في زميلهم المهندس محمد عبد السلام فرج صاحب كتاب الفريضة الغائبة بالإعدام شنقاً.

    المقدم عبود عبد اللطيف الزمر: الضابط بسلاح المخابرات الحربية وعضو تنظيم الجهاد بالقاهرة الذي انضم مؤخراً إلى الجماعة الإسلامية بعد إزالة الخلافات في بعض وجهات النظر داخل سجن ليمان طرة بالقاهرة. ويذكر أنه اعترض أولاً على خطة قتل السادات لعدم مناسبة الوقت إلا أنه وافق أخيراً عليها لظروف خاصة، وقد حكم عليه فيما عرف بقضية تنظيم الجهاد بأربعين سنة سجناً.

    في 8 أكتوبر 1981م قام بعض أفراد الجناح العسكري للجماعة الإسلامية بمهاجمة مديرية أمن أسيوط ومراكز الشرطة واحتلال المدينة ودارت بينهم وبين قوات الأمن المصرية معركة حامية قتل فيها العديد من كبار رجال الشرطة والقوات الخاصة وانتهت بالقبض عليهم وعلى رأسهم الدكتور ناجح إبراهيم وكرم زهدي وعصام دربالة، والحكم عليهم فيما عرف في وقتها بقضية تنظيم الجهاد بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عاماً.

    في بداية عام 1984م وبعد الإفراج عن الكثير من أعضاء الجماعة من غير المتهمين في قضايا التنظيم، أعيد تنظيم الجماعة برئاسة محمد شوقي الإسلامبولي ومن ثم زاد نشاطها في الدعوة إلى الله في المساجد ومن خلال اللقاءات والندوات والمعسكرات وبخاصة بين الشباب والطلبة في المدارس والجامعات في معظم محافظات مصر مستغلة الكَسب الإعلامي لأحداث 1981م، داعية إلى الخروج على الحاكم وقتال الطائفة الممتنعة عن إقامة شرائع الإسلام، وقد دفع ذلك كله قوات الأمن المصرية إلى الصدام الدائم معهم، وإلقاء القبض على الكثير منهم وتعرضهم للتعذيب والتضييق الشديد، بل وصل الأمر إلى استخدام سياسة التصفية الجسدية ضدهم، مما أوجد بين أفراد الجماعة ردود فعل عنيفة راح ضحيتها الكثير من ضباط وجنود الشرطة وغيرهم.

    وتنسب إلى الجماعة بالإضافة إلى محاولة الاغتيال الناجحة للرئيس المصري محمد أنور السادات محاولات اغتيال أخرى لبعض الوزراء ومسئولي الحكومة والشرطة ومن أبرزهم الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب المصري والدكتور فرج فودة الكاتب العلماني وذلك ردًّا على أسلوب الحكومة في التصفية الجسدية والعقاب الجماعي لأفراد الحركة الإسلامية.

    وطالبني الشباب وقتها مرة أخرى، بضرورة ذكر رأيي في القضية..
    وأعددت الرد..
    وقلت لهم إنهم : ( بغاة.. لا دعاة)..إلا أنني كنت قد توسعت في الإصدار الثاني كثيراً..
    وتلقفته أيادي الشباب ..وانقسموا على أنفسهم، وكان حظي من الاتهامات وافراً..
    فلقد حدث أن جمعتني الظروف أنا وحماي ـ رحمه الله ـ بمكتب الأستاذ عطية شعلان ـ المحامي ورئيس حزب العمل بمدينة دمنهور(إحدى المحافظات بجمهورية مصر العربية آنذاك ـ، وكان ضمن فريق المدافعين عن جماعة الجهاد المتهمة باغتيال المرحوم محمد أنور السادات .
    وكنت في ذلك الوقت احتفظ داخل حقيبتي بنسخة من الدراسة حول التكييف الفقهي والجنائي لجريمة الاغتيال..
    ودار نقاش طويل بيني وبين الأستاذ عطية شعلان انتهى بأخذه النسخة الوحيدة التي كانت معي للإطلاع عليها، وقرأها كلها واستوعبها في نفس الجلسة ولم يعلق..
    ولم أشأ أن أطالبه بالتعليق..
    وفوجئت بعد ذلك بخبر في الجرائد مؤداه : انسحاب خمسة وعشرون محامياً ممن يدافعون عن الجماعة من جلسة المحكمة..وكان من بينهم الأستاذ عطية شعلان المحامي.. ولم اتصل به ولم استفسر منه عما حدث، فذلك شأنه وأنا لست ممن يشتغلون بالسياسة..فأنا رجل مدني وداعية دين..
    وقالوا يومها أن المحاميين قد تعرضوا لضغوط من الدولة، ومنهم من قال أنهم قد تعرضوا لتهديدات من الدولة .. وكثرت الأقاويل .. وكثر القيل والقال..
    واليوم وبعد مراجعات قيادات تنظيم الجهاد لفكر الجماعة..أرى أنه من المناسب أن أعيد نشر الرسالة مرة أخرى، فلقد كنا بحمد الله تعالى وتوفيقه أكثر رؤية وشمولية للأحداث وأكثر قراءة للواقع والتاريخ..

    «« توقيع زهدي جمال الدين »»

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    آخر نشاط
    17-08-2022
    على الساعة
    08:17 PM
    المشاركات
    1,224

    افتراضي

    الجماعة الإسلامية بمصر


    التعريف:
    هي جماعة إسلامية نشأت في الجامعات المصرية في بداية السبعينيات من القرن الماضي تدعو إلى تربية الفرد والنشأة على غرار تنشئة المسلمين في المجتمع المكي،وذلك لإقامة الدولة الإسلامية وإعادة الإسلام إلى المسلمين، ثم الانطلاق لإعادة نظام الحكم طبقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية من جديد. ويطلق عليها إعلاميًّا خطأ اسم "جماعة الجهاد"، إلا أنها تختلف عن جماعة الجهاد من حيث الهيكل التنظيمي وأسلوب الدعوة والعمل بالإضافة إلى بعض الأفكار والمعتقدات.
    التأسيس وأبرز الشخصيات:
    نشأت الجماعة الإسلامية كما هو موضح بعاليه في الجامعات المصرية في أوائل السبعينات على شكل جمعيات دينية إبان فترة ركود الحركة الإسلامية، لتقوم ببعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية البسيطة في محيط الطلاب. ومع ذلك فإنها كانت قليلة العدد ضعيفة المجهود في هذا الوقت والذي كانت تسيطر فيه الاتجاهات الماركسية والقومية الناصرية على الحياة الجامعية وخصوصاً في جامعات القاهرة ـ عين شمس ـ الإسكندرية ـ أسيوط.
    نمت هذه الجماعة الدينية داخل الكليات الجامعية، واتسعت قاعدتها، وتطور مفهومها ونظرتها للعمل الإسلامي، فاجتمع نفر من القائمين على هذا النشاط واتخذوا اسم: " جماعة الدراسات الإسلامية " ووضعوا لها بناءً تنظيميًّا يبدأ من داخل كل كلية من حيث وجود مجلس للشورى على رأسه أمير وينتهي بمجلس شورى الجامعات وعلى رأسه الأمير العام.
    ونشطت " جماعة الدراسات الإسلامية بالجامعات نشاطاً ملحوظاً ، وكانت مدعمة من الدولة بكافة أجهزتها ، وشهدت جامعة الإسكندرية المصرية نهضة فكرية كبرى حيث كان يحاضر للطلبة المفكرون العظماء أمثال المغفور لهم الدكتور عيسى عبده إبراهيم، وإمام الدعاة فضيلة الشيخ محمد الغزالي ، والشيخ سيد سابق، والشيخ صلاح أبو إسماعيل، وغيرهم من أعلام الفكر كأمثال الدكتور البهي الخولي ..ومحمد البهي..وذلك في معسكر إسلامي كان قد أُعد بمعرفة قادة الجماعة ـ الدراسات الإسلامية ـ في ذلك الوقت وكان اسم المعسكر (معسكر المصطفى صلى الله عليه وسلم).
    إذ أن الحركة الإسلامية نشأت وترعرعت آنئذ بمدينة الإسكندرية ثم انطلقت بعد ذلك إلى كافة الجامعات الأخرى بالمدن الأخرى.
    وتركزت أفكار الجماعة آنذاك بضرورة العمل من خلال القنوات الشرعية للدولة أي من خلال الاتحادات الطلابية ثم بعد ذلك من خلال النقابات توطئة للدخول في مجلس الشعب..
    وكان الوصول لسدة الحكم أبعد ما يكون عن هدف الجماعة ..وكان هذا عاملاً من عوامل نجاح الجماعة وانتشارها في كل الجامعات المصرية..
    ولم يكن لها أي علاقة بجماعة الإخوان المسلمين لا فكراً ولا عقيدة.. بل أنها كانت تفاخر في ذلك الوقت بعدم انتمائها لأي جماعة من الجماعات الراديكالية..
    أقول هذا الكلام باعتباري شاهد رئيس على هذه الحقبة من التاريخ، فلقد هالني ما سمعت وما قرأت للأستاذ ( طلال محمد عبد المنعم الأنصاري) في شهادته المرسلة للأستاذ مختار نوح المحامي،والذي يعد موسوعة بعنوان " موسوعة الحركات الإسلامية والسياسة الأمنية ـ ثلاثون عاماً من الصراع في مصر:الجزء الأول : قضية الفنية العسكرية 1974ـ "أول محاولة انقلاب إسلامي عسكري في القرن العشرين"
    :مختار نوح]
    تحرير صحفي: محمد على أبو هميلة..
    والمنشورة في موقعه :
    http://www.mokhtarnouh.com/moalafat/police_2.htm

    والذي كان يبلغ من العمر لحظة القبض عليه في حادث الفنية العسكرية 22 سنة وذلك في عام 1974، حيث بالغ كثيراً في كلامه بل لقد كذب في شهادته وفاته أن كثيراً ممن عاصروا هذه الحقبة أحياء وأنا منهم..
    والأهم من هذا كله أنه كرر نفس الكلام مع الأستاذ بركات في برنامجه الشهير على قناة اقرأ..
    وبعد أن صاغ الأستاذ مختار نوح شهادة الأستاذ طلال قال معلقاً على كلامة:
    ( الرد من المؤلف على شهادة طلال بالمنطق والوثائق
    كانت هذه شهادة طلال الأنصاري، كما سجلها إلينا نصاً، ولن نشأ أن نتدخل في أية تفاصيل، لأننا ونحن نقيم التاريخ، نكتب كل الشهادات كما وردت.. إلا أن هذه الشهادات ليست كلها على مستوى واحد من المنطقية، وليس معنى ذلك أننا نتهم أحداً بالكذب، إلا أن الإنسان قد يقع في سوء التصور).
    وراح يعدد الملاحظات ويفند أقواله ويضاهي بعضها البعض من تناقضات.
    وتعليقاً على كلام الأستاذ نوح أقول :
    لقد زعم الأستاذ طلال أنه هو مؤسس الجماعة في حين أن أنه كان يبلغ من العمر آنذاك ثمانية عشرة (18) عاماً . فلقد كان بالصف الثاني الثانوي بمدرسة الناصرية بالإسكندرية يوم أن علم بجماعة الدراسات الإسلامية وكان يتردد عليها طلباً للعلم..
    فهل يعقل بعد ذلك أن يدعي لنفسه أنه هو المؤسس الحقيقي للجماعة والأعجب من ذلك أن ينصاع إليه الإمام الفقيه العالم المستشار حسن الهضيبي رحمه الله فيسير خلفه،حيث أن الأستاذ طلال ـ حسب قوله للأستاذ نوح ـ كان قد أقنع المستشار حسن الهضيبي بتنظيم الفنية العسكرية، وكأن عمر الدعوة وكبر السن والخبرة الطويلة للإمام المرشد حسن الهضيبي قد تم اختزالها في لحظة ليسير على درب طالب الثانوي (طلال الأنصاري).. ويختفي الأستاذ طلال من على المسرح لنراه عام 1974 في حادثة الفنية العسكرية (عمره في ذلك الوقت 22 سنة) ليمهد بانقلاب على رئيس الجمهورية هو ومجموعة من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25سنة زاعما أنهم الامتداد الطبيعي للإخوان المسلمين وأن هذه الحركة الانقلابية إنما تمت بمباركة المغفور لها السيدة زينب الغزالي والمغفور له الأستاذ المستشار العالم حسن الهضيبي..لا.. لا.. لا ..هذا كلام مرفوض ولا يقبله عقل ولا يستسيغه لسان.
    إذ أن اللافت للنظر أنهم كلهم كانوا طلبة في الثانوي أو كليات الطب والهندسة والزراعة ، ولا يملكون رصيداً في العمل السياسي فضلاً عن قلة الخبرة في الحياة..!!..
    ويعلق الأستاذ مختار نوح على هذه النقطة وهو يفند شهادة الأستاذ طلال للتاريخ بقوله:
    وخامسها: أن جميع المتهمين بمن فيهم القيادات والأمراء قد أنكروا أي اتفاق أو تفاهم بينهم وبين الإخوان المسلمين، بل إن البعض منهم كان يسخر من منهج الإخوان المسلمين السلمي.
    وسادسها: أن من المستحيل على من ألف كتاب" دعاة لا قضاة" وضحى فيه بكل رخيص وغال من أجل نشره وجعله ميثاقاً للجماعة وهو المستشار حسن الهضيبى، مستحيل عليه أن يوافق على خطة تبدأ باقتحام الفنية العسكرية والتعامل مع الحراس متسللاً، ثم الدخول إلى منطقه السلاح والتحرك بهذا السلاح لحصار رئيس الدولة.
    فإن قيل أنه كان لا يعلم بالخطة فأي تنظيم ذلك الذي يشار إليه ولا يعرف قائده خطة أفراده.".أھ
    والحديث منشور بتمامه في نهاية الدراسة.
    فهؤلاء هم الوزراء الجدد في الحكومة الإسلامية الجديدة.. برياسة طلال عبد المنعم الأنصاري(طالب بإعدادي هندسة)..
    ورئيس الدولة الأستاذ صالح سرية الفلسطيني الأصل،المقيم بالعراق.. والمطرود من بلده والذي احتضنته مصر فكانت مأوي له.
    وإذا به وفاءً لما قدمته مصر له من معروف أنه راح يمهد لانقلاب على رئيسها بمجموعة من الشباب عديمي الخبرة في الحياة السياسية.. لا لينصب نفسه رئيساً عليهم بل لينصب نفسه رئيساً للجمهورية.. ماذا نقول؟.. لا نملك إلا أن نقول أن العملية كلها لا تعدو إلا أن تكون مجرد لعب عيال ...
    المتهمون في قضية الفنية العسكرية
    ( انظر الجدول المرفق)
    ويظهر هذا البيان( انظر الجدول المرفق) أن نسبة عدد الطلاب إلى نسبة عدد الموظفين متضاعفة وعدد الموظفين لا يزيد عن ستة عشر موظفاً بينما جاء عدد الطلاب ليصل إلى ست وسبعين طالباً مما يجعل نسبة الموظفين لا تزيد عن 15 % بينما زادت نسبة الطلاب إلى 70%
    إن ذلك يكشف بجلاء أن فكرة الانقلاب العسكري هي فكرة دخل في مجمل الاقتناع بها ظروف السن والحداثة وعناصر الحماس نحو التغير للأفضل من وجهة نظر أصحابها كما انه يتلاحظ أن إقامة المتهمين كانت مركزة بين القاهرة و الإسكندرية
    وباستثناء صالح عبد الله سرية (37سنة) ومعه سبعة من المتهمين تراوحت أعمارهم بين (30-35) سنة سنجد أن باقي المتهمين في سن صغيرة لا يتجاوز أكبرهم الـ25 سنة وهو ما يدل على حداثة السن وهي العامل المشترك الذي يدل على أن عقلية واحده هي عقلية صالح سرية هي التي كانت تقود كل تلك العقول التي سايرت الجماعة مسايرة الإعجاب وحب البطولة ولعل المرشد الذي أرشد عن هذه القضية – أحمد الرجال – كان معهم وكأنه بطل ولكنه عندما فوجئ بأن هذه البطولة سوف تتبلور على ارض الواقع بدماء فر منهم وأرشد عنهم ، كما ستلاحظ أن معظم الطلاب ينتمون لكليات القمة مثل كليات الطب والهندسة إلى جانب أفراد قلائل يعملون في مهن حرة وبسيطة مثل المتهم رقم "43" محمد فراج سائق التاكسي والمتهم "28"محمد الجندي المحصل بترام الإسكندرية وهو ما يعني تفاوت المستوى الفكري والثقافي الذي نجح سرية في إقناعه بالانضمام إليه .
    ولسوف نعرض لنص المحاكمة في أخر الدراسة بإذن الله تعالى.
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة زهدي جمال الدين ; 06-02-2008 الساعة 09:12 PM

    «« توقيع زهدي جمال الدين »»

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    آخر نشاط
    17-08-2022
    على الساعة
    08:17 PM
    المشاركات
    1,224

    افتراضي

    شهادتي للتاريخ


    قبل اغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات بعام وتحديداً عام 1980م جاءني الأستاذ إبراهيم خطاب عضو مجلس الشورى رحمه الله بنسخة من قوانين تقنين الشريعة الإسلامية وعليها خاتم مجلس الشعب، وكان ضمن الكلام الذي دار بيننا أن الرئيس السادات ـ رحمه الله ـ كان قد عهد للدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب بمسئولية إعادة تقنين كافة القوانين المعمول بها في مصر طبقاً للشريعة الإسلامية ، ولقد تم بدأ العمل الفعلي للتقنين في عام 1978 وتمت الاستعانة بصفوة من العلماء المتخصصين من الأزهر والقضاة وأساتذة كليات الحقوق وبعض الخبراء من المسلمين والمسيحيين، وتم تقسيم العمل إلى لجان يرأس كل لجنة أحد أعضاء مجلس الشعب المتخصصين في المجال، إلى جانب هؤلاء الخبراء. وكانت الخطة تقوم على عدم التقيد بالراجح في مذهب معين، بل الأخذ بالرأي المناسب من أي مذهب من المذاهب الفقهية.
    وشرعوا في التقنين على أبواب الفقه وتقسيماته، وما لم يجدوه في كتب الفقه يلجئون إلى مقاصد الشريعة في استنباط الأحكام، وفي حالة تعدد الآراء الفقهية للمسألة الواحدة كانوا يختارون واحداً منها مع ذكر الآراء الأخرى ومصادرها على هامش الصفحة ليرجع إليها من يشاء.
    كانت هذه هي خطة العمل كما هو مدون في مقدمة ذلك العمل الجبار..
    هذا هو السادات الذي اتهم بالردة والخيانة والكفر..ومن ثم تم استباحة دمه ..
    لماذا؟.. لأنه لا يطبق شرع الله..وكأن شرع الله تعالي مجرد ورقة وقلم..

    وفي حواره مع الدكتور صوفي أبو طالب المنشور على الموقع التالي:
    [http://www.islamonline.net/servlet/S...ArticleA_C&cid[/font]
    وذلك يوم الثلاثاء. مايو. 22, 2007..
    سأل الأستاذ عاطف مظهر الدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب الأسبق ـ ضمن ما سأل فقال:
    * هل يعني هذا الكلام أن مشروع تقنين الشريعة كانت تتبناه مجموعة أفراد في السلطة.. أم كان مشروعا للدولة المصرية؟
    - الوصف الأدق له أنه كان مشروعا يساير (توجه) الدولة، وليس (مشروعا) للدولة، لأنه توقف بالفعل بعد أن غيرت الدولة سياستها منه!!، ولأن الدولة أحيانا إذا أرادت شيئا تجعل أحد أعضاء المجلس يقدم الاقتراح بقانون بإيعاز منها وبالنيابة عنها، وكان الرئيس السادات في كل الاجتماعات يحثنا على الإسراع لإنجاز مشروع التقنين.. وكان يطالبنا بعدم الانتظار حتى يكتمل تقنين كل القوانين، واقترح مرة أن ندفع بما ننجزه أولا بأول إلى مجلس الشعب لأخذ الموافقة عليه تمهيدا لتطبيقه وسريانه في المنظومة القانونية.
    * هذا كلام جديد على الناس.. فهل كان السادات جادا فعلا في هذا الشأن وينوي تطبيق الشريعة في مصر؟ وهل أجهض حادث اغتياله تحقيق هذا المشروع؟
    ـ استطيع أن أجزم أن الرئيس السادات (رحمه الله) كان جادا في مسألة تطبيق الشريعة، وكان سلوكه وكلامه يقطعان بذلك.. ولو قدرت له الحياة عاما أو عامين آخرين لرأينا تقنين الشريعة مطبقا على أرض الواقع. وكان الرئيس السادات في كل الاجتماعات يحثنا على الإسراع لإنجاز مشروع التقنين.. وكان يطالبنا بعدم الانتظار حتى يكتمل تقنين كل القوانين، واقترح مرة أن ندفع بما ننجزه أولا بأول إلى مجلس الشعب لأخذ الموافقة عليه تمهيدا لتطبيقه وسريانه في المنظومة القانونية.
    والحديث منشور بتمامه في نهاية الدراسة..
    وتحتفظ مكتبتي بنسخة أصلية من هذه القوانين وعليها خاتم مجلس الشعب، فهذه النسخة الوثيقة هي التي تبرأ ساحة الرئيس المصري محمد أنور السادات وكل من ساهم في إخراجها شهود عليها وكل أعضاء مجلسي الشعب والشورى الذين كانوا يعدون أنفسهم بالموافقة سواء من كان يرتضيها أو من يرفضها، كل هؤلاء شهود عليها.
    هذه النسخة الوثيقة سوف يقابل بها السادات ربه باعتباره أول رئيس يقنن لمبادئ الشريعة الإسلامية بمصر وكأن دمه سال عليها من الخارجين عليه والذين أباحوا دمه.. مثل ما سال دم عثمان بن عفان على المصحف الذي كتبه وذلك من الخارجين عليه كذلك..
    والسؤال هل حقاً كان السادات محل تنفيذ هذه الفتوى، أم أن القصور الفقهي والفكري كان في جانب الجماعة والتي اتهمته بما هو منه براء..
    وهذه القوانين التي صاغها كبار رجال الفقه الجنائي والمدني والاقتصادي مطبوعة طباعة فاخرة في دول الخليج وعندي منها أيضاً نسخة في مكتبتي..
    ولم يمت العمل في تقنين الشريعة بموت السادات رحمه الله ولكنه استمر حتى تم الانتهاء من كافة القوانين سواء الجنائية منها أو المدنية أو الاقتصادية..
    يقول الدكتور صوفي :
    (ومع حلول عام 1983 تم الانتهاء من جميع أعمال التقنين، وقمنا بطباعتها وعرضها على مجلس الشعب، وحظي بالموافقة عليه بالإجماع من أعضاء المجلس المسلمين والمسيحيين.. ومضابط المجلس مازالت موجودة وثابتة، وتشير إلى مدى تحمس المسيحيين لتطبيق الشريعة الإسلامية.).أ.ھ.
    ويوم التصويت تحت قبة البرلمان عرضت للأمة طارئة جعلت الدكتور رفعت المحجوب يرجئ التصويت عليها للجلسة القادمة، فقامت مشادة عنيفة بينه وبين المرحوم الشيخ صلاح أبو إسماعيل كان مؤداها كما قال الشيخ صلاح أبو إسماعيل:
    أنه لا شيء أهم من التصويت على العمل بمبادئ الشريعة الإسلامية ، وتمسك الدكتور رفعت بما أراد فخرجت الكلمة المشهورة عن لسان الشيخ صلاح أبو إسماعيل ـ رحمه الله ـ حينما قال: المحجوب حجب الشريعة..
    واغتيل الدكتور رفعت المحجوب في22 من ربيع الأول 1411 ھ الموافق 12 من أكتوبر 1990م .
    وأشيع وقتها أن السبب الرئيس للاغتيال هو قول الشيخ صلاح أبو إسماعيل :المحجوب حجب الشريعة..مما جعله يستثير جماعة الجهاد الإسلامية وعلى رأسهم كلاً من طارق الزمر وصفوت عبد الغني..واللذان خططا للاغتيال،ولم ينفذا..وتم اعتقالهما ومعهما باقي أفراد التنظيم وذلك للإيعاز بأن الإسلاميين هم الذين كانوا وراء عملية الاغتيال وهو ما لم يحدث.

    وإليكم ما نشرته جريدة الفجر المصرية العدد 129 الاثنين 3/12/2007م

    http://www.elfagr.org/TestAjaxNews.aspx?nwsId=7708&secid=2261

    تحت عنوان اتهام المخابرات الأمريكية بتصفية رفعت المحجوب
    حيث جاء في المقال:
    (أجمع شهود العيان علي أن الجناة ليسوا مصريين.. قال مورو محمد فهمي موظف بشركة لتأجير السيارات كان يقف بالقرب من فندق سميراميس: "ملامح الجناة ليست مصرية".. وقال صلاح إسماعيل الموظف بهيلتون رمسيس: "المتهم الهارب كانت لهجته شامية".. ونشرت الصحف رسومات تخيلية للجناة بدت فيها ملامحهم خليجية أو فارسية.. ونسبت مجلة المصور لمصدر أمني أن التحقيقات تشير إلي أن الجريمة قادمة من الخارج.
    علي أن الأهم هو دقة المعلومات التي عرفها الجناة وسهلت لهم الجريمة.. فقد عرفوا بموعد اللقاء بين الدكتور رفعت المحجوب ورئيس البرلمان السوري.. وعرفوا الطريق الذي سيسلكه الضحية ولحظة وصوله إلي المكان المتفق عليه لإطلاق النار عليه.. فكيف تيسر لهم ذلك؟.. بل اللافت للنظر أن الطريق أغلق في وجه وزير الداخلية وهو في طريقه إلي مكتبه ثم فتح ليمر منه رئيس مجلس الشعب السابق ليلقي حتفه.
    لكن.. أجهزة الأمن قبضت علي مئات من أعضاء الجماعات الإسلامية المتشددة تلافيا للحرج الذي شعرت به وقدمت 27 منهم إلي محكمة أمن دولة العليا طوارئ في 10 يونيو 1991 وبعد 100 جلسة انتهت المحكمة إلي قرارها في 10 يونيو 1993 إلي براءة 17 متهما وسجن عشرة من 3 إلي 15 سنة بتهم ليست لها علاقة بجريمة القتل.. منها التزوير وإحراز مفرقعات وأسلحة وكارنيهات نقابة المحامين. ) .أ.ھ.
    والنص مذكور بتمامه في نهاية الدراسة..

    وبعد نشر هذا الخبر في جريدة الفجر المصرية يوم الاثنين 3/12/2007م بتسعة أيام نشرت صحيفة الشعب يوم الأحد الموافق ١١/١٢/٢٠٠٧م الخبر التالي تحت عنوان:
    المتهم الرئيسي في «اغتيال رفعت المحجوب» و«الجهاد الكبري»..
    يحصل علي الدكتوراه في " تداول السلطة"..
    كتب أحمد الخطيب:
    حصل صفوت عبد الغني، أحد القيادات التاريخية لتنظيم الجماعة الإسلامية، المتهم السابق في قضيتي اغتيال رئيس مجلس الشعب الأسبق رفعت المحجوب والجهاد ألكبري، علي درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز أمس الأول في رسالة بحثيه بعنوان «التعددية السياسية وتداول السلطة بين النظام السياسي الإسلامي والنظام الديمقراطي» بكلية الحقوق جامعةالقاهرة
    وأشرف علي الرسالة الدكتور يحيي الجمل، الفقيه الدستوري أستاذ القانون العام بكلية الحقوق رئيسا، وعضوية كل من الدكتور محمد سليم العوا، المفكر والأستاذ بكلية الحقوق جامعة الزقازيق سابقا، والدكتور أحمد زكي يماني رئيس مركز دراسات مقاصد الشريعة، شهدت مناقشة الرسالة التي تمت في جامعة القاهرة حضورا كبيرا لقيادات وأعضاء الجماعة الإسلامية، وتنظيم الجهاد، في تجمع نادر وفريد عقب الإفراجات الكبيرة التي شهدتها السجون المصرية لأعضاء التنظيمين، إضافة إلي العديدمن المراقبين والقليل من وسائل الإعلام
    وتعد هذه الرسالة هي الثانية من رسائل الدكتوراه التي يحصل عليها أحد أعضاء الجماعة الإسلامية، بعد الرسالة التي حصل بهاطارق الزمر،علي درجة الدكتوراه العام الماضي من جامعة القاهرة أيضا.
    وجاءت الرسالة لتوضح نشأة المفاهيم الديمقراطية والتعددية السياسية وتداول السلطة في الفكر الغربي، وأن أغلب التيارات الإسلامية قبلت بهذه المفاهيم سواء في الدول الإسلامية أو العلمانية رغم أن هناك من ينكر ويكفر بكل هذه المبادئ، وأن أغلب من وافقوا عليها قبلوها وفي ذهنهم مجموعة من الضوابط والتفسيرات الشرعية التي يتحفظون عليها.
    وأشار الباحث إلي قبول بعض هذه الاتجاهات المشاركة ودخول العملية السياسية بكل شروطها وقيودها، وقبلت المضي في الشوط إلي نهايته فآمنت بمعظم قيم ومبادئ الديمقراطية.
    ونبهت الدراسة جميع الأطراف إلي أهمية الحوار من أجل الوصول إلي فض حالة الاشتباك الحاصل.
    وحدد الباحث دواعي ومبررات التجديد السياسي في الفكر الإسلامي، منها المقصد العام للتشريع وطبيعة التشريع الإسلامي وطبيعة المجال السياسي، ومفهوم السياسة الشرعية وضعف وقصور الاجتهاد السياسي.
    ولم تلق قضاياالفقه السياسي ما تستأهله من اجتهاد واهتمام، وأن الفقيه ابن القيم، شكا في عصره جمود الفقهاء وحمل الجامدين منهم تبعة انحراف الأمراء والحكام.المصدر: جريدة الشعب
    ومن المعروف أن صفوت عبد الغني كان قد أعتقل عدة مرات وسُجن نحو 16 عاماً على فترات متفرقة منذ انضمامه للجماعة الإسلامية بمصر في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، وسبق اتهامه في قضية اغتيال رئيس مجلس الشعب السابق الدكتور رفعت المحجوب (22 من ربيع الأول 1411 ھ الموافق 12 من أكتوبر 1990م )، وفي قضية الجهاد الكبرى عقبت اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، لكنه حصل علي أحكام بالبراءة.
    وقال عبد الغني طبقاً لما نشرته وكالات الأنباء: إن اختياره لموضوع رسالته حول «التعددية السياسية وتداول السلطة في الفكر الإسلامي والفكر الديمقراطي»، لا يأتي من منطلق شغفه بالحصول علي درجة الدكتوراه، ولكن لانشغاله بالموضوع ذاته وتفاصيله.
    وأوضح أن «هذا الموضوع محسوم إلى حد كبير في الفكر الديمقراطي، لكنه يحمل تبايناً شديداً داخل المذاهب والرؤى الإسلامية ما بين الوجوب والحُرمة، وما بين التقييد والإطلاق».
    وجدير بالذكر أن الذي أشرف على الرسالة هو الوزير الأسبق والفقيه الدستوري الدكتور يحيي الجمل (رئيس حزب الجبهة الديمقراطية المعارض).
    وها هو صفوت عبد الغني ينال درجة الدكتوراه ومن قبلة طارق الزمر ثم عبود الزمر الذي رشح نفسه لرياسة الجمهورية.. حدث كل هذا وهم خلف الأسوار..فماذا بعد خروجهم؟...
    سؤال يطول الإجابة عنه..
    فلا تنسى أن عبود الزمر كان قد رشح نفسه لرئاسة الجمهورية من وراء القضبان..

    «« توقيع زهدي جمال الدين »»

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    آخر نشاط
    17-08-2022
    على الساعة
    08:17 PM
    المشاركات
    1,224

    افتراضي

    الجريمة السياسية


    نعرض في هذا الفصل لموقف الشرع من جماعات الرفض الإسلامي ولسوف نتناول حادثة مقتل السيد رئيس الجمهورية السابق محمد أنور السادات كنموذج إيجابي يمكننا من الاستفادة من الدرس ووضع أيدينا على الحل الأمثل لقضية ( الحركة الإسلامية) من خلال التفاعل مع النظام وأفراد الشعب. وذلك من خلال استقراء ودراسة كتب الفقه والقانون ..
    وقبل أن أشرع في التفاصيل هناك سؤال هام ولابد منه مؤداه : أين يقع الخلل؟..
    فحينما أقول جماعات الرفض الدينية ؟..معنى ذلك أنه توجد أكثر من جماعة، والمشكلة تقبع في قول كل جماعة أنها هي الفرقة الناجية وباقي الفرق هلكى!!..
    وعليه فما هو مفهوم الفرقة الناجية والتي تدعي كل جماعة أنها صاحبتها ، فكلّ جماعة تربّي أتباعها على أنّها هي الطائفة الناجية وغيرها في النار .
    وللتوضيح نقول، بداية إنها ليست فئة (جماعة) واحدة بل هي ثلاث فئات ناجية وليست فئة واحدة... وذلك على التفصيل التالي :


    الفئات الثلاث الناجية


    قبل أن أتحدّث عن الفئات الناجية ماذا عن الأحاديث الواردة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذي ينص فيها صراحة على انقسام أمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً؟...
    وهذه هي الأحاديث كما هي مذكورة في مصادر السنة المعتمدة مع شروح الأئمة الأعلام لها.
    ففي ابن ماجة:
    [ حَدَّثَنَا ‏أَبُو بَكْرِ بْنُأَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا‏ ‏مُحْمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُبْنُ عَمْرٍو‏ ‏عَنْ ‏‏أَبِي سَلَمَةَ ‏عَنْ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَال َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏تَفَرَّقَتْ‏ الْيَهُودُ‏‏عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً].
    الحديث رواه ابن ماجة في السنن رقم الحديث رواه ابن ماجة في السنن :3981 باب الفتن كتاب افتراق الأمم.
    وفي سنن ابن ماجة أيضاً :
    [ حَدَّثَنَا ‏ ‏عَمْرُو بْنُعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏‏عَبَّادُ بْنُ يُوسُفَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ‏ ‏عَنْ ‏‏رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ‏ ‏قَالَ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ‏ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِوَافْتَرَقَتْ‏ النَّصَارَى‏ ‏عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَالَّذِي نَفْسُ ‏ ‏مُحَمَّدٍ ‏ ‏بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْهُمْ قَالَ الْجَمَاعَةُ.]..الحديث رواه ابن ماجة في السنن رقم الحديث :3982 باب الفتن كتاب افتراق الأمم.


    شرح سنن ابن ماجه للسندي

    قَوْله ( وَتَفْتَرِق أُمَّتِي ): ‏قَالُوا الْمُرَاد أُمَّة الْإِجَابَة وَهُمْ أَهْل الْقِبْلَة فَإِنَّ اِسْم الْأُمَّة مُضَافًا إِلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَادَر مِنْهُ أُمَّة الْإِجَابَة وَالْمُرَاد تَفَرُّقهمْ فِي الْأُصُول وَالْعَقَائِد لَا الْفُرُوع وَالْعَمَلِيَّات
    قَوْله ( فَوَاحِدَة فِي الْجَنَّة ):‏ وَبَقِيَّة الْفِرَق فِي النَّار كَمَا جَاءَ قِيلَ إِنْ أُرِيدَ الْخُلُود فِيهَا فَهُوَ خِلَاف الْإِجْمَاع فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّار وَإِنْ أُرِيدَ مُجَرَّد الدُّخُول فِيهَا فَهُوَ مُشْتَرَك بَيْن الْفِرَق إِذْ مَا مِنْ فِرْقَة إِلَّا بَعْضهمْ عُصَاة وَالْقَوْل بِأَنَّ مَعْصِيَة الْفِرْقَة النَّاجِيَة مُطْلَقًا مَغْفُور بَعِيد أُجِيب بِأَنَّ الْمَرَادّ أَنَّهُمْ فِي النَّار لِأَجْلِ اِخْتِلَاف الْعَقَائِد فَمَعْنَى وَوَاحِدَة فِي الْجَنَّة أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ النَّار لِأَجْلِ اِخْتِلَاف الْعَقَائِد أَوْ الْمُرَاد بِكَوْنِهِمْ فِي النَّار طُول مُكْثهمْ فِيهَا وَبِكَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّة أَنْ لَا لَا يَطُول مُكْثهمْ فِي النَّار وَعَبَّرَ عَنْهُ بِكَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّة تَرْغِيبًا فِي تَصْحِيح الْعَقَائِد وَأَنَّهُ يَلْزَم أَنْ لَا يُعْفَى عَنْ الْبِدْعَة الِاعْتِقَادِيَّة كَمَا لَا يُعْفَى عَنْ الشِّرْك إِذْ لَوْ تَحَقَّقَ الْعَفْو عَنْ الْبِدْعَة فَإِنْ قِيلَ لَا يَلْزَم دُخُول كُلّ الْفِرْقَة الْمُبْتَدِعَة فِي النَّار فَضْلًا عَنْ طُول مُكْثهمْ إِذْ هُوَ مُخَالِف لِقَوْلِهِ { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذُلّك لِمَنْ يَشَاء } أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُمْ يَتَعَرَّضُونَ لِمَا يُدْخِلهُمْ النَّار مِنْ الْعَقَائِد الرَّدِيئَة وَيَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُرَاد أَنَّ الْغَالِب فِي تِلْكَ الْفِرَق دُخُول النَّار فَيَنْدَفِع الْإِشْكَال مِنْ أَصْله.
    قَوْله ( قَالَ الْجَمَاعَة ): ‏أَيْ الْمُوَافِقُونَ لِجَمَاعَةِ الصَّحَابَة الْآخِذُونَ بِعَقَائِدِهِمْ الْمُتَمَسِّكُونَ بِرَأْيِهِمْ وَفِي الزَّوَائِد إِسْنَاد حَدِيث عَوْف اِبْن مَالِك فِيهِ مَقَال وَرَاشِد بْن سَعْد قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم صَدُوق وَعَبَّاد بْن يُوسُف لَمْ يُخَرِّج لَهُ أَحَد سِوَى اِبْن مَاجَهْ وَلَيْسَ لَهُ عِنْده سِوَى هَذَا الْحَدِيث قَالَ اِبْن هَدْي رَوَى أَحَادِيث تَفَرَّدَ بِهَا وَذَكَره اِبْن حِبَّانَ فِي الثِّقَات وَبَاقِي رِجَال الْإِسْنَاد ثِقَات .


    3ـ وفي سنن الترمذي:
    [ ‏حَدَّثَنَا‏الْحُسَيْنُبْنُ حُرَيْثٍ أَبُو عَمَّارٍ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏‏الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى‏عَنْ‏ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو‏عَنْ ‏‏أَبِي سَلَمَةَ‏ ‏عَنْ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قَالَ ‏تَفَرَّقَتْ‏ ‏الْيَهُودُ ‏ ‏عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ‏وَالنَّصَارَى ‏مِثْلَ ذَلِكَ وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً. ‏‏وَفِي ‏الْبَاب ‏عَنْ ‏سَعْدٍ ‏وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ‏وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ‏قَالَ أَبُو عِيسَى‏ ‏حَدِيثُ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.].رواه الترمذي في سننه حديث رقم2564 كتاب الإيمان عن رسول الله باب ما جاء في افتراق هذه الأمة.


    تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي

    قَوْلُهُ : ( تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُعَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً أَوْاِثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً).
    شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي , وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْآتِي : وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى اِثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً مِنْ غَيْرِ شَكٍّ .‏
    (وَالنَّصَارَىمِثْلُ ذَلِكَ ):أَيْ أَنَّهُمْ أَيْضًا تَفَرَّقُواعَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً.
    (وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً): الْمُرَادُ مِنْ أُمَّتِي الْإِجَابَةُ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْآتِي : كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً , وَهَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ غَيْبٍ وَقَعَ .
    قَالَ الْعَلْقَمِيُّ قَالَ شَيْخُنَاأَلَّفَ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ التَّمِيمِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ كِتَابًا قَالَ فِيهِ : قَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ الْمَقَالَاتِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ بِالْفِرَقِ الْمَذْمُومَةِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ مِنْ أَبْوَابِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِالذَّمِّ مَنْ خَالَفَ أَهْلَ الْحَقِّ فِي أُصُولِ التَّوْحِيدِ وَفِي تَقْدِيرِ الْخَيْرِوَالشَّرِّ , وَفِي شُرُوطِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَفِي مُوَالَاةِ الصَّحَابَةِ , وَمَا جَرَى مَجْرَى هَذِهِ الْأَبْوَابِ ; لِأَنَّ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهَا قَدْ كَفَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , بِخِلَافِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَكْفِيرٍ وَلَا تَفْسِيقٍ لِلْمُخَالِفِ فِيهِ , فَيَرْجِعُ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ فِي اِفْتِرَاقِ الْأُمَّةِ إِلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الِاخْتِلَافِ . وَقَدْ حَدَثَ فِي آخِرِ أَيَّامِ الصَّحَابَةِ خِلَافُ الْقَدَرِيَّةِ مِنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ وَأَتْبَاعِهِ , ثُمَّ حَدَثَ الْخِلَافُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا إِلَى أَنْ تَكَامَلَتْ الْفِرَقُ الضَّالَّةُ اِثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَالثَّالِثَةُ وَالسَّبْعُونَ هُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَهِيَ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ , اِنْتَهَى بِاخْتِصَارٍيَسِيرٍ . ‏
    قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ): ‏
    أَمَّا حَدِيثُ سَعْدٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ , وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍوفَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ , وَأَمَّا حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فَأَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ مَرْفُوعًا وَلَفْظُهُ : اِفْتَرَقَتْ الْيَهُودُعَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ,
    وَافْتَرَقَتْ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً , فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِوَ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَن أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ , قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : الْجَمَاعَةُ .
    وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ, أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ فِيهِ : أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ اِفْتَرَقُواعَلَى اِثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً , وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَسَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ . ‏
    قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ): وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ , وَنَقَلَ الْمُنْذِرِيُّ تَصْحِيحَ التِّرْمِذِيِّ وَأَقَرَّهُ .
    4ـ وفي سنن أبي داوود:
    [ حَدَّثَنَا ‏ ‏وَهْبُ بْنُبَقِيَّةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏خَالِدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ‏‏عَنْ ‏‏أَبِي سَلَمَةَ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ‏ ‏عَلَى إِحْدَى‏ ‏أَوْ ‏ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً َتَفَرَّقَتْ‏ ‏النَّصَارَى ‏ ‏عَلَى إِحْدَى ‏‏أَوْ ‏‏ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً].حديث رقم الحديث : 3980. كتاب الفتن.

    عون المعبود شرح سنن أبي داود

    ‏( اِفْتَرَقَتْ الْيَهُود إِلَخْ ):‏ هَذَا مِنْ مُعْجِزَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ غَيْب وَقَعَ .
    قَالَ الْعَلْقَمِيّ : قَالَ شَيْخنَا أَلَّفَ الْإِمَام أَبُو مَنْصُور عَبْد الْقَاهِر بْن طَاهِر التَّمِيمِيّ فِي شَرْح هَذَا الْحَدِيث كِتَابًا قَالَ فِيهِ قَدْ عَلِمَ أَصْحَاب الْمُقَاوَلَات أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ بِالْفِرَقِ الْمَذْمُومَة الْمُخْتَلِفِينَ فِي فُرُوع الْفِقْه مِنْ أَبْوَاب الْحَلَال وَالْحَرَام وَإِنَّمَا قَصَدَ بِالذَّمِّ مَنْ خَالَفَ أَهْل الْحَقّ فِي أُصُول التَّوْحِيد , وَفِي تَقْدِير الْخَيْر وَالشَّرّ وَفِي شُرُوط النُّبُوَّة وَالرِّسَالَة وَفِي مُوَالَاة الصَّحَابَة وَمَا جَرَى مَجْرَى هَذِهِ الْأَبْوَاب لِأَنَّ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهَا قَدْ كَفَّرَ بَعْضهمْ بَعْضًا بِخِلَافِ النَّوْع الْأَوَّل فَإِنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ غَيْر تَكْفِير وَلَا تَفْسِيق لِلْمُخَالِفِ فِيهِ فَيَرْجِع تَأْوِيل الْحَدِيث فِي اِفْتِرَاق الْأُمَّة إِلَى هَذَا النَّوْع مِنْ الِاخْتِلَاف وَقَدْ حَدَثَ فِي آخِر أَيَّام الصَّحَابَة خِلَاف الْقَدَرِيَّة مِنْ مَعْبَد الْجُهَنِيّ وَأَتْبَاعه , ثُمَّ حَدَثَ الْخِلَاف بَعْد ذَلِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا إِلَى أَنْ تَكَامَلَتْ الْفِرَق الضَّالَّة اِثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَة , وَالثَّالِثَة وَالسَّبْعُونَ هُمْ أَهْل السُّنَّة وَالْجَمَاعَة وَهِيَ الْفِرْقَة النَّاجِيَة اِنْتَهَى بِاخْتِصَارٍ يَسِير . ‏
    ‏قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ , وَحَدِيث اِبْن مَاجَهْ مُخْتَصَر , وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح . ‏

    تعليقات الحافظ ابن قيم الجوزية

    ذَكَرَ الشَّيْخ اِبْن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه أَحَادِيث الْبَاب وَزَادَ : وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَرْفَعهُ " لَيَأْتِيَنّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل , حَذْو النَّعْل بِالنَّعْلِ , حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمّه عَلَانِيَة لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَع ذَلِكَ , وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّة , وَتَفْتَرِق أُمَّتِي عَلَى ثَلَاث وَسَبْعِينَ مِلَّة , كُلّهمْ فِي النَّار إِلَّا مِلَّة وَاحِدَة , قَالُوا : مَنْ هِيَ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي " قَالَ التِّرْمِذِيّ , حَدِيث حَسَن غَرِيب مُفَسَّر لَا نَعْرِفهُ مِثْل هَذَا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه , وَفِيهِ الْأَفْرِيقِيّ عَبْد الرَّحْمَن بْن زِيَاد , وَقَالَ : وَفِي الْبَاب عَنْ سَعْد , وَعَوْف بْن مَالِك , وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو . وَحَدِيث عَوْف - الَّذِي أَشَارَ التِّرْمِذِيّ إِلَيْهِ : هُوَ حَدِيث نُعَيْم بْن حَمَّاد عَنْ عِيسَى بْن يُونُس عَنْ جَرِير بْن عُثْمَان عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر بْن نُفَيْر عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْف - وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ نُعَيْم لِأَجْلِهِ .
    ‏وَفِي الْبَاب أَيْضًا حَدِيث أَنَس بْن مَالِك يَرْفَعهُ " أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيل تَفَرَّقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَة , وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى اِثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَة , كُلّهَا فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة قَالَ : وَهِيَ الْجَمَاعَة " رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق الْفَزَارِيُّ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَزِيد الرِّقَاشِيّ عَنْ أَنَس , وَرَوَاهُ اِبْن وَهْب عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِث عَنْ عَبْد اللَّه بْن غَزْوَانَ عَنْ عَمْرو بْن سَعْد عَنْ يَزِيد . ‏أ.
    من مجموع هذه الأحاديث لا بد أن نعرف من هي الأمّة التي تفترق ثلاثاَ وسبعين فرقة قبل أن ننشغل بالبحث عن الفرقة الوحيدة الناجية، وأرجو الانتباه إلى أن الحديث لم يروه البخاري ومسلم

    «« توقيع زهدي جمال الدين »»

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    آخر نشاط
    17-08-2022
    على الساعة
    08:17 PM
    المشاركات
    1,224

    افتراضي

    أمّة الإجابة أم أمّة التبليغ ؟


    1ـ كلمة " أمّة محمد " تستعمل ويراد بها أمّة الإجابة لدعوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي يراد بها الذين آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي أنزل على رسوله، والكتب التي أنزلت من قبل فورثت هدى الجميع .
    وهذه الأمّة توحّدت في الأرض يوم وحّدت ربّها في السماء، وقد حفظها الله من الاختلاف الذي ابتليت به الأمم السابقة ...
    يقول الله تعالى:
    [تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ{253}] البقرة 253.
    هذه أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي استجابت والخلافات فيها لا تخرج من الدين ولا توصل للنار .
    أمّا أمّة التبليغ فحجمهاحجم كل البشر الذين أرسل الله إليهم محمداَ ، ومحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بعثه الله لكلّ العالمين، هي أمّة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاَ لأن الله أوجب علينا أن نبلغهم دعوته ، ولكنّهم رفضوا دعوته واختلفوا ثلاثاَ وسبعين فرقة ، والمراد من العدد الكثرة والمبالغة . وليس العدد الحسابي ، وهذا موجود في اللغة والقرآن الكريم .
    وقد سميت هذه الأمة بمجتمع الإيِّات ـ جمع إيَّة ـ" أعنى يهوديّة، نصرانية ، شيوعيّة ، وجوديّة ، بهائيّة ، قديانيّة ، ألف " إيّة " تختلف فيما بينها وتتفق على عدائها للإسلام، بهذا نفهم أن أمّة الإجابة ناجية.


    وأمّة الإجابة الناجية ثلاث طوائف حددهم القرآن .


    الطائفة الأولى المهاجرون :
    جاء هذا في سورة الحشر، يقول الله سبحانه وتعالى:
    [ لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ{8}] الحشر: 8 .

    وجاء بعدهم الفرقة الناجية الثانية إنهم الأنصار .وختمت الآية الكريمة بقولة تعالى:
    [وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{9}] الحشر:9.

    بقى الذين جاءوا من بعدهم.. يقول سبحانه وتعالى:
    [وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{10}] الحشر: 10 .

    ثم جاء في الآية التي بعدها الحديث عن النفاق..
    يقول سبحانه وتعالى:

    [ أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ{11}]. الحشر:11.
    وآخر الآية [ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ] ...فالذي ليس مهاجراَ ولا أنصارياَ فليكن محباَ لهم . وليحذر من النفاق والترتيب نفسه جاء في سورة التوبة.. يقول سبحانه وتعالى:

    [ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{100}] التوبة:100...ثم بعد ذلك تكلّم عن المنافقين:

    [ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ{101}] التوبة :101
    إلى هنا ينتهي كلام القرآن عن الطوائف الثلاث في السورتين، ومجموع آيات القرآن، يكمّل بعضها بعضاَ ويفسره .
    وفي سورة الأنفال اثبت القرآن أن هؤلاء الطوائف الثلاثة هم المؤمنون حقاَ.يقول سبحانه وتعالى:
    [وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ{74}] الأنفال :74 ..


    فماذا بعد في الآيات الكريمات ؟..


    في سورة الحشر بعد أن تكلّم سبحانه وتعالى عن المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان أتبع الحديث عنهم بالحديث عن المنافقين:[ أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا] الحشر11 .

    والترتيب نفسه للآيات في سورة التوبة، فبعد أن تحدّث القرآن الكريم عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وعن قوله تعالى رضي الله عنهم وتكلم وعن رضاهم عنه آية 100التوبة ، تكلّم أيضاً بعد ذلك عن المنافقين:

    قال عنهم:[ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ]التوبة 101 .

    فسفينة النجاة في القرآن قاصرة على الطوائف الثلاثة، وبعدهم يأتي الحديث عن النفاق..

    1ـ المهاجرون..قال عنهم:[ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ]..

    2ـ الأنصار.. قال عنهم:[ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ] ..

    3ـ التابعون لهم بإحسان..قال الله عنهم:[ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ] التوبة :100 إلى يوم الدين شهد القرآن بتبعيتّهم للناجين.

    والقرآن الكريم يتحدث عن الفئة الثالثة في سورة الأنفال فيقول:
    [ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{75}]الأنفال 75 ..

    فالناجون ثلاثة، لا أعرف في سفينة القرآن مكاناَ لغيرهم فكن معهم.

    وقال تعالى عنهم جميعاً:
    [ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{100}] التوبة:100 .
    فمن أحب قوماَ حشر معهم. فمع أيّ جماعة من الثلاثة كنت فأنت ناجي .

    «« توقيع زهدي جمال الدين »»

  8. #18
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    آخر نشاط
    17-08-2022
    على الساعة
    08:17 PM
    المشاركات
    1,224

    افتراضي

    القرآن وثيقة ويشهد لهم



    أولاً:

    فالمهاجرون.. الذين قال الله سبحانه وتعالى عنهم:[ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ]..
    والأنصار..الذين قال سبحانه وتعالى عنهم:[ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ] ..

    أيشك أحد أنهم من الفرق الناجية؟..

    هل الذين شهد القرآن لهم في حياتهم كأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه والذي سماه القرآن " أُوْلُوا الْفَضْلِ " في سورة النور بإجماع المفسرين ، لأنّ الآية نزلت في مقام الحديث عن براءة السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، فهل بعد شهادة القرآن شهادة ؟..
    يقول سبحانه وتعالى:
    [ وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{22}] النور:22 ..
    لقد قال القرآن هذا وهو يعلم على أيّ شيء سيموت أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.
    وعمر رضي الله تعالى عنه .. الذي كان القرآن ينزل مؤيداَ رأيه حتى لو خالف رأي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي يمتلئ رحمة ، ويقدمها على كل حلّ آخر .
    إن الأمور الكبيرة تحتاج مع الرحمة إلى حكمة عمر وكم يفرح الأستاذ بنبوغ تلميذه ـ فعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ـ امتداد للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    وعمر آمن بالنبي محمد، بينما آمن أبو بكر بمحمد النبي، كما قال عبقري عصره عباس محمود العقاد. والفارق بين المنهجين كبير بين محمد النبي أو النبي محمد .
    ورأي عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على رئيس المنافقين معروف حيث كان عمر يطلب من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا يصلي عليه، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : إن الله خيّرني ولم ينهني حتى نزل القرآن بالنهي الصريح موافقاَ رأي عمر رضي الله تعالى عنه .
    ورأى عمر في شهداء بدر معروف ..
    فهل يريدون أن نربي أبناءنا على كره هؤلاء العظماء ؟..فإذا حدث هذا، فماذا بقي لأبنائنا من قدوة ؟..
    أن صحفياَ في بلد عربي يطلب من المثقفين أن يحاكموا أبا بكر لأنه حارب المرتدّين عن الإسلام وهم في رأيه أحرار الفكر.
    فلحساب من كان يعمل الخلفاء الأربعة ؟ ..
    إن أحد الذين باعوا أنفسهم في سوء الرقيق يقول على الانترنت : هل الجنة ( زريبة ) حتى يدخلها هؤلاء العشرة الذين بشرهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة ؟.
    إن مدح القرآن لصحابة النبي وثيقة وقع عليها ربّ العالمين ..
    فهل كان سبحانه وتعالى يعلم ما سيموتون عليه أم لا ؟.. إن الله عز وجل فرّق في القرآن بين المشركين الذين سيمتد عمرهم حتى يدخلوا في الإسلام وبين الذين سيموتون على الكفر.
    خذ خالد بن الوليد مثلاً..
    هو سبب هزيمة المسلمين في أحد، ومع ذلك لم ينزل فيه وعيد، بينما نزل وعيد شديد في أبيه الوليد بسبب كلمة قالها في القرآن [ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً* وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً* وَبَنِينَ شُهُوداً* وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً* ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ* كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً* سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً* إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ نَظَرَ* ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ* ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ* فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ*سَأُصْلِيهِ سَقَرَ*] المدثر:11-26

    وأبو سفيان حارب الإسلام واحداَ وعشرين عاماَ، حاربه محلياَ وعشائرياَ ودولياَ ومع ذلك لم ينزل فيه وعيد بالنار، بينما نزل في أخته وزوجها:
    [ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ* فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ* ]المسد:1ـ5 .

    فمن يمكنه أن يردّ شهادة الله لأصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محمد رسول الله والذين معه :[ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً{29}] الفتح: 29 .

    وفي السورة نفسها :[ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً{18}] الفتح: 18.

    هل هناك قوة في الأرض يمكنها أن تلغي هذا الرضوان ؟..
    إن سببها أنه قد أشيع أن عثمان قد قتلته قريش، فالسماء والأرض أعطت البيعة على القتال، والسماء أهدتهم الرضوان .
    أيها القارئ الكريم:
    لا تجعل من نفسك قاضياَ في هذه القصة واتركهم جميعاَ لله [ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ{36}] الزمر: 36.
    إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يأتي يوم القيامة على القاضي العادل ساعة يتمنى لو لم يحكم بين اثنين في ثمرة .
    القاضي عادل...
    والتركة تمرة...
    فكيف أحكم بين أمّة هي خير أمّة أخرجت للناس ؟...


    والسنة وثيقة أخرى ..

    قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" لا تسبّوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباَ ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه " رواه أحمد 3/13
    وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " رواه البخاري..
    وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النجوم أمنة السماء فإذا ذهبت النجوم أتي السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتي أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة أمتي فإذا ذهب أصحابي أتي أمتي ما يوعدون " ( رواه مسلم 4/129 )..
    فوجود الصحابة حصن للأخلاق إن عقيدتنا مبينة على الحُبّ لله ولنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللصحابة إكراما للذين باعوا دنياهم لله، فرضى الله عنهم، وشهد القرآن لهم، وشهادة القرآن وثيقة باقية ما بقى القرآن .

    ومرّة ثانية مع أحاديث الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرسول يحذّر من سبّ صحابته رضي الله عنهم .
    عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الله الله في أصحابي. الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، من أحبّهم فبحبي أحبّهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن أذاهم فقد أذاني، ومن أذاني فقد أذي الله ، ومن أذى الله فيوشك أن يأخذه "
    ( رواه الترمذي جـ5/696 ، والأمدى في مسنده 4/87)
    وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لعن الله من سب أصحابي " ( الطبراني في الأوسط 7/115 ).

    وهذا ما ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجموع أصحابه .
    أما ما ثبت في مجموعات منهم فجاء قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأنصار لا يحبّهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبّهم أحبّه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله " بخاري ومسلم .


    ثانياً:

    بقي التابعون لهم بإحسان..والذين قال الله سبحانه وتعالى عنهم:[ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ] التوبة :100
    إلى يوم الدين شهد القرآن بتبعيتّهم للناجين.فهم أمة ناجية، إنهم أمة الاستجابة..ومن هنا ظهر الخلل عند كافة الجماعات..فالحديث يتحدث عن أمة التبليغ وفهمه أعضاء الجماعات على غير مراده صلى الله عليه وسلم..
    وعليه فكل جماعة من الجماعات لا يحق لها أن تدعي أنها هي الفرقة الناجية وباقي الفرق هلكى..إذ أن كل جماعة إنما هي جماعة (من) المسلمين وليست جماعة (الـ) مسلمين..
    فأمة الاستجابة ناجية إن شاء الله، ومجموع آيات القرآن في سورة الحشر وفي سورة التوبة والأنفال تؤكّد أن المهاجرين والأنصار والذين أتبعوهم بإحسان وحُبّ، رضي الله عنهم ورضوا عنه.
    والآية التي بعد هذه الآيات ليست من باب المصادفة أن تتكلم عن النفاق، فالذي ليس من الفرق الثلاثة منافق وليس من العيب أن يجهل بعضنا هذه الحقائق من قرآن وسنة، فما يجهله أكثرنا عن الإسلام أضعاف أضعاف ما نعرف ولكن العيب أن يضلّ أحدنا على علم، فيبدّل نعمة الله من العلم جهلاَ، ومن الحبّ كرها.
    هدانا الله إلى سواء الصراط، وجمعنا مع السلف الصالح على قوله تعالى:
    [ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{10}] الحشر:10 .
    هذه المفاهيم هامة جداً لأن الخلل يكمن عند الآثار المترتبة على الأحكام سواء الصادرة عن الجماعات أم الصادرة عن أجهزة الدولة عند تعاملها مع الجماعات،وعلى سبيل المثال، دعونا نلقى نظرة على الأحكام الصادرة في حق جماعة الجهاد المتهمة في قضية إغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات..
    وذلك من خلال المطالب التالية:

    «« توقيع زهدي جمال الدين »»

  9. #19
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    آخر نشاط
    17-08-2022
    على الساعة
    08:17 PM
    المشاركات
    1,224

    افتراضي

    المطلب الأول


    الأحكام

    في صباح يوم الأحد الموافق 21/3/1982 أطلت علينا الصحف نبأ تصديق السيد رئيس الجمهورية محمد حسني مبارك على الأحكام التي أصدرتها المحكمة العسكرية العليا في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.
    والمعروفة بقضية تنظيم الجهاد الكبرى رقم 162 لسنة 1982، والتي ضمت 343 متهماً من بينهم41 حدثاً،
    وقد أصدرت وزارة الدفاع بيانا في هذا الشأن جاء فيه أنه سيتم إعلان المحكوم عليهم بالحكم المصدق عليه من السيد رئيس الجمهورية اعتبارا من يوم الأحد الموافق 21/3/1982 صباحا وذلك بمعرفة النيابة العسكرية، كما ستودع أسباب الحكم وكافة مدونات القضية ومستنداتها بإدارة المدعي العام العسكري حتى يتاح لدفاع المتهمين الإطلاع عليها وتقديم التماسات إعادة النظر في خلال المدة التي نص عليها القانون وهي 51 يوم تبدأ من تاريخ الإعلان المذكور..

    وطبقا لمواد قانون الأحكام العسكرية فإن هذه الالتماسات بعد تسليمها للنيابة العسكرية تحال إلى الإدارة العامة للقضاء العسكري لإعادة دراسة القضية على ضوء الالتماسات ثم ترفعها إلى السيد رئيس الجمهورية بمذكرة بالرأي القانوني للبت فيها..
    وكانت النيابة العسكرية قد باشرت التحقيق في هذه القضية فور إبلاغها من الجهات الرسمية يوم 8 أكتوبر 1981 وانتهت من تحقيقها ووضع قرار الاتهام وأمر الإحالة فيها يوم 11 نوفمبر 1981 وذلك بعد استئذان السيد وزير الدفاع المشير عبد الحليم أبو غزالة في إحالة المتهمين العسكريين كما يقضي القانون ..
    ثم عقدت المحكمة العسكرية العليا أولى جلساتها في 21 نوفمبر 1981 واستمرت في نظر الدعوى حتى جلست 3 مارس 1982 التي تقرر فيها حجز القضية للحكم بجلسة 6 مارس 1982 العلنية بعد انتهاء مرافعات الدفاع ..
    وفي جلسة 6 مارس 1982 العلنية أصدرت المحكمة حكمها والذي يقضي بتبرئة اثنين من المتهمين وبمعاقبة خمسة من المتهمين بالإعدام وخمسة آخرين بالأشغال الشاقة المؤبدة واثني عشر منهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدد تتراوح بين خمس سنوات و15 سنة..
    ثم أودعت أسباب الحكم في إدارة القضاء العسكري صباح يوم الأربعاء 17 مارس 1982 وفي 20 مارس 1982 صدق السيد رئيس الجمهورية على الحكم الصادر من المحكمة العسكرية العليا في القضية رقم 7 لسنة 1981 أمن دولة كما هو دون تعديل وذلك بناء على ما عرضه مدير القضاء العسكري للقوات المسلحة بمذكرة تصديق تناولت الجوانب القانونية والموضوعية في القضية..
    إلا أن قرار الاتهام الذي وجه إلى المتهمين هو جريمة (قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد) وهذا القرار من وجهة نظر الشريعة الإسلامية يعتبر خطأ وكان الأولى أن يوجه إلى هؤلاء ( تهمة البغي ) لا ( القتل العمد) .. لماذا؟!...
    لأن البغي جريمة (سياسية) توجه ضد نظام(الحكم والحكام) ولا توجه ضد (النظام الاجتماعي).
    وهذا الخلط في يقيني إنما جاء نتيجة لحساسية الموضوع والمنظور أمام المحكمة العسكرية العليا وليس أما المحاكم المدنية المتخصصة..
    فالتفرقة بين الجريمتين (السياسية) و(العادية) مهمة جداً لأن الآثار المترتبة على الأحكام مهمة جداً وهذا ما سوف نحاول توضيحه من خلال المطلب الثاني.


    المطلب الثاني


    اشتراطات فقهاء القانون الجنائي في جريمة البغي


    ويشترط فقهاء القانون الجنائي في جريمة البغي شروطا خاصة أهمها:
    1ـ أن يكون البغاة متأولين، أي أن يدعوا سببا لخروجهم ويدللوا على صحة ادعائهم ولو كان الدليل في ذاته ضعيفا.

    2ـ أن يكونوا ذوي شوكة أو منعة ، أي أن يكونوا أقوياء لا بأنفسهم ولكن بغيرهم ممن هم على رأيهم.

    3ـ أن يأخذوا في تنفيذ غرضهم بالقوة أو يبدءوا بالتجمع والإقتناع لذلك.

    وليس اسم (البغي) ذما وإنما هو مصطلح من المصطلحات الفقهية، وليس أهل البغي فسقة ولا كفرة..
    أما إنهم ليسوا بكفرة فلأنهم يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ولم ينكروا أصلاً اعتقاديا أو فرضا مفروضا ولم يجحدوا نصا.
    وأما أنهم ليسوا بفسقة فإنهم لم يرتكبوا ما يفسقون به من معصية وإنما خالفوا بتأويل جائز في اعتقادهم لكنهم مخطئون فيه..
    وهكذا يتضح لنا الفرق بين (الجريمة العادية) و(جريمة البغي) أو(الجريمة السياسية) في التعبير المعاصر..

    ومراعاة الشريعة الإسلامية لهذه التفرقة يتوخى أمرين :
    أولهما : الحفاظ على وحدة الجماعة التي تظل بها الجبهة الداخلية للدولة متماسكة.
    والثاني : الحفاظ على الأمن الداخلي وتوقية الأمة نواتج الاضطراب.
    والأمران هما المناخ الطبيعي والصحيح لسلامة المجتمع، والعناصر التي حددت لتمييز جريمة البغي تبرز التفرقة بين الجريمة السياسية والجريمة العادية، فليست كل جريمة سياسية ترتكب بغرض سياسي تسمى بغيا أو جريمة سياسية كجريمة قتل الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب في أكتوبر 1990 ومحاولة اغتيال السيد حسن أبو باشا وزير الداخلية السابق في مايو 1987 وغيرهم.
    ولا تختلف الجريمة السياسية عن الجريمة العادية في طبيعتها فكلتاهما تتفق مع الأخرى في المحل والنوع والوسائل، وإنما تختلفان في البواعث المرتبطة بالظروف التي ترتكب فيها الجريمة...

    فالبواعث في الجريمة السياسية موجهة أساسا إلى (رئيس الدولة) بالعمل على خلعه، ويكون ذلك بوجود جماعة ذات شوكة وقوة تتأنى معها المقاومة ويكون ذلك بادعاء سبب للخروج مدللين على صحتة في نظرهم ولو كان الدليل ضعيفا كادعاء أولئك الذين خرجوا على علي لأنه يعرف قتلة عثمان ولا يقتص منهم.

    أما إذا كان سبب الخروج باطلا ابتداء فإن الخروج حينئذ لا يعتبر بغيا ولا يعتبر جريمة سياسية وذلك كما إذا قام تنظيم شيوعي بالخروج على صاحب السلطة الشرعية، أو محاولة تغيير النظام الاجتماعي بما يتعارض مع النظام الإسلامي فإن خروج هؤلاء لا يعتبر جريمة سياسية وإنما يعتبر جريمة عادية تطبق فيها العقوبة النوعية للجريمة، وذلك كالذين يقومون لفرض الشيوعية على المجتمع فإنهم مرتدون يعاقبون بعقوبة الردة، ذلك أن إنكار وجود الله أمر نابع من جذور الفكر الشيوعي وإنكار وجود الله رده بالإجماع لم يشذ عن القول بذلك أي من الفقهاء..

    هذا هو مناط التفرقة بين الجريمة العادية والجريمة السياسية، فمن يقتل رئيس الدولة ولو لغرض سياسي تعتبر جريمته جريمة عادية ما لم تتوافر باقي الشروط، ذلك أن (عبد الرحمن بن ملجم) لما قتل عليا بن أبي طالب خليفة المسلمين رضي الله تعالى عنه، لتحقيق هدف سياسي اعتبر القتل عاديا على الرغم من أن القاتل من الخوارج، إذ قال علي لابنه الحسن : أحسنوا أساره فإن عشت فأنا ولي الدم وإن مت فضربه كضربتي، فلو لم يكن القتل عاديا لما اعتبر نفسه (ولي الدم) ولما طلب من الحسن أن يقتص بضربة كضربته، خصوصا إذا ما عرفنا أن عقوبة البغي عند التغلب على البغاة هي ( التعزير)، أما عقوبة البغي في حالة (المغالبة) و(الحرب) هي القتل..
    والقاتل السياسي يختلف عن القاتل العادي في أن الأول يشعر بجريمته أنه يتقرب إلى الله تعالى، فهنداوي دوير حينما أعطى محمود عبد اللطيف السلاح لينفذ ما تم الاتفاق عليه من اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قال له : (سير على بركة الله ) حدث هذا في عام 954 ، وفي عام 1981 وأثناء المحاكمة العلنية لقتلة السادات وعندما سئل خالد الإسلامبولي هل هو مذنب أو غير مذنب كان جوابه :( نعم لقد قتلته ولكنني غير مذنب ، لقد فعلت ما فعلت في سبيل الدين وفي سبيل الوطن)، وكانت إجابات كل المتهمين الآخرين متماثلة وحينما جاء الدور على عباس محمد ـ بطل الرماية القديم في الجيش ـ كان قوله (حتى قبل أن يطلبوا إلي الاشتراك معهم في قتل السادات فقد كنت وصلت إلى الاقتناع الكامل بأن هذا الرجل يجب أن يقتل وكنت ادعوا الله أن يعطيني شرف الاشتراك في إرغام الطاغية على أن يدفع ثمن جرائمه)..

    ومن المؤسف أن قيادات الإخوان الآن ليس لديها الشجاعة في الاعتراف (بحادثة المنشية) وتحاول جاهدة إقناع الأجيال الشابة بأن هذا العمل إنما هو عمل ملفق من قبل الحكومة، مع أن الحكومة كانت في غنى عن إجراء مثل هذه التمثيلية خصوصا أن الصدام بين جماعة الإخوان المسلمين وجمال عبد الناصر كان قد استفحل إلى درجة أحس معها كل واحد من الطرفين أن الطرف الآخر يتربص به وبالتالي فما أسهل على الحكومة أن تتخلص من الإخوان بدون اللجوء إلى هذه الحيلة..
    يقول الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل ( لابد من القول إحقاقا للحق أن الأحكام التي صدرت في قضية محاولة الاغتيال كانت شديدة القسوة ولم تقتصر على الفاعلين والمحرضين مباشرة وإنما وصلت إلى ما فوقهم بكثير وكذلك من سوء الحظ فإن أجهزة الأمن الرسمية في الدولة كانت معبأة ضد الإخوان منذ اغتيال رئيس الوزراء النقراشي باشا 1948 والرد عليه باغتيال مرشد الإخوان حسن البنا 1949 .
    وأول الفوارق بين الجريمتين أن الثانية قامت بها الدولة وقد وصلت حركة الفعل ورد الفعل بين الأطراف إلى حد تسبب في تجاوزات وسيئات يتحمل الجميع مسئولياتها وهي على أية حال قضية لابد أن توضع يوما لتحقيق نزيه يبحث المقدمات والملابسات والنتائج ويلقي ضوءا على منطقة شك وحيرة في أعماق الضمير المصري).

    تعريف البغي :
    يعرف البغي لغة بأنه طلب الشيء .. فيقال بغيت كذا إذا طلبته ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام (قال ذلك ما كنا نبغ) الكهف 64 .
    ثم اشتهر البغي في العرف في طلب مالا يحل والجور ومجاوزة الحد والظلم ومنه سمي البغاة لظلمهم وعدولهم عن الحق ..
    فالبغاة هم الظالمون العادلون عن الحق ..
    والبغاة جمع باغ وهو اسم فاعل من البغي، وقد اختلفت تعاريف الفقهاء حول البغي فقالوا :
    ـ قال الحنفية : هم الخارجون عن الإمام الحق بغير الحق فلو كان الخروج بحق فليسوا بغاة. (شرح فتح القدير لابن الهمام ج 4 ص 48).

    ـ قال المالكية: البغاة فرقة ـ أي طائفة ـ من المسلمين خالفت الإمام الذي ثبتت إمامته باتفاق الناس عليه لمنع حق لله أو لآدمي .. وجاء في شرح الزرقاني وحاشية الشيباني :
    البغي هو الامتناع عن طاعة من ثبتت إمامته في غير معصية ولو تأويلا . (الشرح الكبير للدردير هامش حاشية الدسوقي ج 4 ص 123).

    ـ قال الشافعية: البغاة مسلمون مخالفو الإمام بخروج عليه نفسه أو ترك الانقياد له، أو منع حق لله أو لآدمي توجب عليهم، وقال صاحب أسنى المطالب شرح روض الطالب الإمام أبي يحيى زكريا الأنصاري الشافعي:البغاة هم المسلمون مخالفو الإمام بخروج عليه وترك الانقياد له بشرط شوكه لهم وتأويل ومطاع .أنظر (أسنى المطالب شرح روض الطالب ج 4 ص 111) و (مغني المحتاج للشربيني الخطيب ج 4 ص 123).
    فالبغي إذن عند الشافعية هو خروج جماعة ذات شوكه ورئيس مطاع عن طاعة الإمام بتأويل فاسد ..

    ـ قال الحنابلة: إنهم قوم من أهل الحق يخرجون عن قبضة الإمام ويرون خلعه لتأويل سائغ وفيهم منعه يحتاج في كفهم إلى منع الجيش. (المغني لابن قدامه جـ 8 صـ 107).
    وفي (كشف القناع جـ 4 صـ 114) هم الخارجون عن إمام ولو غير عدل بتأويل سائغ ولهم شوكه ولو لم يكن فيهم مطاع ..

    ـ قال الظاهرية: البغاة قسمان لا ثالث لهما : إما قسم خرجوا على تأويل في الدين فأخطئوا فيه، كالخوارج وما جرى مجراهم من سائر الأهواء المخالفة للحق.
    وإما قسم أرادوا لأنفسهم دنيا فخرجوا على إمام حق أو على من هو في السيرة مثلهم، فإن تعدت هذه الطائفة إلى إخافة الطريق أو إلى نال من لقوا أو سفك الدماء انتقل حكمهم إلى حكم المحاربين وهم ما لم يفعلوا ذلك في حكم البغاة.( محمد علي ابن حزم المحلى جـ 12 صـ 497).
    من التعاريف السابقة نستطيع أن نستنتج أن البغي هو الخروج على من ثبتت إمامته بتأويل سائغ وبشرط أن يتوفر لدى الخارج القصد الجنائي، أي قصد الخروج على الإمام بغرض خلعه أو عدم طاعته وأن يكون استعمال القوة هو وسيلة الخروج ..

    ومن هذا الإجمال نلجأ إلى تفصيل لابد منه فنتناول الشروط الثلاثة الواجب توافرها في جريمة البغي وهي على فروع :
    الفرع الأول: الخروج على من ثبتت إمامته بتأويل .
    الفرع الثاني: استعمال القوة في الخروج وأن يكون بشوكة .
    الفرع الثالث: نية الخارج .

    «« توقيع زهدي جمال الدين »»

  10. #20
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    آخر نشاط
    17-08-2022
    على الساعة
    08:17 PM
    المشاركات
    1,224

    افتراضي

    الفرع الأول



    الخروج على الإمام ..

    الإمام هو رئيس الدولة الإسلامية الأعلى أو من ينوب عنه من سلطان أو وزير أو حاكم إلى غير ذلك من المصطلحات ويشترط فيه أن يقيم الدين وينصر السنة وينصف المظلومين وأن يكون ذكرا مكلفا عدلا ..


    1 ـ لا يعتبر الخروج على الإمام قبل أن تثبت إمامته بغيا


    ذكره ابن حزم في قصة مقتل عمر بن الخطاب فيما حدّث به عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال حين قتل عمر بن الخطاب: انتهيت إلى الهرمزان وجفينة وأبي لؤلؤة وهو مجوسي فتبعتهم فثارا وسقط من بينهم خنجر له رأسان، نصابه في وسطه، وقال عبد الرحمن فانظروا بم قتل عمر؟ فوجدوه خنجرا على النعت الذي نعت عبد الرحمن، فخرج عبيد الله بن عمر بن الخطاب مشتملا على السيف حتى أتى الهرمزان فقال اصحبني إلى فرس لي، وكان الهرمزان خبيرا بالخيل، فخرج بين يديه فعلاه عبيد الله بالسيف فلما وجد حد السيف قال لا إله إلا الله فقتله، ثم أتى جفينة وكان نصرانيا، فلما أشرف له علاه بالسيف فضربه ضربة فصلت ما بين عينيه، ثم أتى ابنة أبي لؤلؤة جارية صغيرة تدعي الإسلام فقتلها ثم أقبل بالسيف صلتا في يده وهو يقول والله لا اترك سبيا في المدينة إلا قتلته وغيرهم، كأنه يعرض بناس من المهاجرين، فجعلوا يقولون له : ألق السيف فأبى ويهابونه أن يقربوا منه حتى أتاه عمرو بن العاص فقال له: أعطي السيف يا بن أخي، فأعطاه إياه ، ثم سار إليه عثمان فأخذ برأسه فتناحبا حتى حجز الناس بينهما فلما ولى عثمان قال : أشيروا علي في هذا الرجل الذي فتق في الإسلام ما فتق، يعني عبيد لله بن عمر، فأشار عليه المهاجرون أن يقتله، وقال جماعة من الناس: عمر بالأمس وتريدون أن تتبعوه ابنه اليوم ؟ أبعد الله الهرمزان وجفينه ، فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين إن الله قد أعفاك أن يكون هذا الأمر ولك على الناس من سلطان، إنما كان هذا الأمر ولا سلطان لك، فاصفح عنه يا أمير المؤمنين . قال فتفرق الناس عن خطبة عمرو وورى عثمان الرجلين والجارية. (المحلى مسألة 2163 ج 12 ص 527)..
    ووجه الدلالة على ما نحن بصدده من هذه الواقعة أن عبيد الله بن عمر قتل ولم يقتص منه ولم يغرم ديه حيث لم تكن يد الإمام، إذ لم يكن عثمان رضي الله عنه قد ولي الخلافة بعد، كما أن عبيد الله بن عمر لم يكن باغيا حين قتل من قتل ولا في وقت كان فيه باغ من المسلمين على وجه الأرض، فلم يكن عثمان قد ولي الخلافة بعد ولم يكن هناك حاكم في المدينة خرج عليه عبيد الله فوصف البغي منتف أصلا عن عبيد الله .


    2 ـ وتثبت الإمامة بأربعة طرق


    كما جاء في الأحكام السلطانية للماوردي والمغنى على مختصر الخرافي لمحمد بن عبد الله بن قدامة (ج 8 ص 108) :
    أ ـ باختيار أهل الحل والعقد من العلماء والفقهاء وأرباب الحل والعقد كما حدث في بيعة أبي بكر على أثر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ..

    ب ـ باختيار الإمام السابق لمن يليه ، كما حدث في إختيار أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حيث عهد إلى عمر بقوله : (بسم الله الرحمن الرحيم ن هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند آخر عهده من الدنيا وأول عهده بالآخرة في الحال التي يؤمن فيها الكافر ويتقي فيها الفاجر، إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب فإن بر وعدل فذلك علمي به ورأيي فيه ، وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب والخير أردت ولكل امرئ ما اكتسب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) .. ويصح أن يعهد الإمام لولده كما فعل معاوية وغيره من الخلفاء الأمويين والعباسيين وغيرهم ..

    ج ـ بجعل الإمام السابق الأمر شورى في جماعة معينة يختارون الإمام الجديد من بينهم أو يختاره أهل الحل والعقد كما فعل عمر بن الخطاب حيث ترك الأمر شورى في سته من الصحابة فاختاروا من بينهم عثمان ..

    د ـ بالتغلب والقهر حيث يظهر المتغلب على الناس ويقهرهم حتى يدعونه إماما ، فثبتت أن له الإمامة وتجب طاعته على الرعية ومثل ذلك ما حدث من عبد الملك بن مروان حين خرج على عبد الله بن الزبير فقتله واستولى على البلاد وأهلها حتى بايعوه طوعا وكرها إماما عليهم.
    وإذا ثبتت الإمامة بإحدى هذه الطرق كان الخروج على الإمام بغيا.. والإسلام لا يجيز الخروج على الحاكم أو خلعه أو قتاله إلا إذا أتى كفرا بواحا أي كفرا صريحا لا شك فيه وإنما واجبنا معه السمع والطاعة يقول الحق سبحانه وتعالى (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فمن هم (أولي الأمر)؟ .إنهم كما يقول علماء الشريعة فريقان :
    1ـ أولو الأمر الديني وهم المجتهدون وأهل الفتيا .
    2ـ أولو الأمر الدنيوي وهم الذين يعنينا هنا أمرهم ، هم من نطلق عليهم في عصرنا الحديث الحكام أي رجال السلطتين التشريعية والتنفيذية .
    الملاحظ أن بعض علماء الشريعة يستعملون أحيانا في كتاباتهم ـ لاسيما في عهد ما قبل الثورة في مصرـ اصطلاح ولي الأمر أي بصيغة المفرد ، وهم يعنون به رئيس الدولة مع أن القرآن الكريم لم يستعمل بتاتا هذا الاصطلاح بهذه الصيغة بل كان دائما لا يذكر إلا أولي الأمر بصيغة الجمع وذلك أيضا كما في قوله تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) ويلاحظ أن أولي الأمر في هذه الآية إنما يقصد بهم ـ كما يقول الزمخشري ـ في الكشاف هم كبراء الصحابة البصراء بالأمور ..
    هذه الملحوظة ليست كما قد يظن مجرد مسألة شكلية ، بل هي تنطوي على مغزى جوهري وهو أن الإسلام لا يقر لفرد أن يستأثر وحده بجميع السلطات أو بالاجتهاد والفتيا في الشئون الدينية والدنيوية ، فطاعة الله سبحانه وتعالى ملزمة وكذلك طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ملزمة ومن ثم قال سبحانه (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول)ولم يقل (وأطيعوا أولى الأمر منكم) وإنما قال (وأولي الأمر منكم)، لأن طاعتهم ـ أي أولي الأمرـ ملزمة ما أطاعوا الله فينا فإن عصوا الله فلا طاعة لهم علينا وذلك مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من أمركم منهم بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة) .
    على أنه يلاحظ أن الحاكم (رئيس الدولة) أو الإمام يشترط فيه في الإسلام أن يكون مجتهدا وإذا لم يكن كذلك فإن عليه أن يرجع ـ في أمور الحل والحرمة ـ إلى أولي الأمر الديني ـ أي المجتهدين وأهل الفتيا ـ كما يلاحظ أنه على الحكام ـ في الإسلام ـ أن يأخذوا بمبدأ الشورى ـ فكما قلنا أن القرآن يشير إلى (أولي الأمر)دائما بصيغة الجمع فهو لم يذكر بتاتا حتى مرة واحدة (ولي الأمر) أي بصيغة المفرد ـ لأنه ـ أي القرآن ـ لا يعرف حكم الفرد ولا يلزم أحدا بفتوى الفرد..(الدكتور عبد الحميد متولي ـ مبادئ نظام الحكم في الإسلام ص 50)
    فالإسلام لا يجيز الخروج على الحاكم بأي حال من الأحوال، وهذه طائفة من الأحاديث النبوية الشريفة والتي لا تجيز الخروج على الإمام :

    «« توقيع زهدي جمال الدين »»

صفحة 2 من 8 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

طلائع الرفض في المجتمع المصري

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع
    بواسطة ساعد وطني في المنتدى قسم الإسلامي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-06-2012, 03:00 AM
  2. الإنترنت و الشات و المجتمع
    بواسطة محبة الصحابه في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 23-07-2011, 05:39 PM
  3. وأد البنات وخطره على المجتمع في الصين
    بواسطة إن الباطل كان زهوقا في المنتدى قسم النصرانيات العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 13-10-2009, 04:36 PM
  4. جمعية صيحة الحق لتنمية المجتمع
    بواسطة sihatalhak في المنتدى قسم المواضيع العامة والأخبار المتنوعة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-09-2009, 05:22 PM
  5. كتاب : غير المسلمين في المجتمع المسلم
    بواسطة muslim4ever في المنتدى مكتبة الفرقان للكتب والابحاث
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-04-2006, 01:45 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

طلائع الرفض في المجتمع المصري

طلائع الرفض في المجتمع المصري