القاهرة – دعاء عيسوي
في إطار الاحتفالات العالمية شرقاً وغرباً بذكرى ميلاد المسيح باحث أثري مصري يثير الشكوك حول مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر ويرفض تماماً التسليم بميلاد المسيح في العام الأول الميلادي ويقول بأنه ولد في فترة تتراوح بين العام الثاني والرابع قبل الميلاد!!
وفي البداية ذكر الباحث الدكتور لؤي محمود مدرس الآثار المصرية بكلية الإرشاد السياحي جامعة المنوفية أنه أعتمد في دراسته على الكتاب المقدس والوثائق والنصوص والكتابات المسيحية كما أوضح بأنه لم يتطرق للعقيدة المسيحية ولكنه فقط يضع بعض علامات الاستفهام حول بعض المسلمات التاريخية التي ارتبطت بأرض مصر والعائلة المقدسة.
والكتاب المقدس كما أشار الباحث يؤكد على زيارة العائلة المقدسة لمصر ولكن دون الإشارة إلى المدة الزمنية التي مكثت فيها على أرضها كما أنه لم يحدد خط سيرها بالضبط والمصدر الوحيد الذي يعتمد عليه الجميع بمعرفة تفاصيل الرحلة هو وثيقة "ميمر" الخاصة بـ "ثيئوفيلوس" البابا الثالث والعشرين من بطاركة الإسكندرية وهي تعود لعام (376 – 403 م) والتي روى فيها عن نفسه أنه بعد صلاة طويلة وتضرع للرب جاءته العذراء في المنام وقصت عليه أنباء رحلتها بالتفصيل وطلبت منه أن يسجل رؤيته لها وهنا عقب الباحث متأسفاً على أن يكون المصدر الوحيد لمعرفة مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر هو حلم، بعد ما يقرب من أربعة قرون وبالتالي أقر بأن المسار يفتقر إلى الدليل المادي والأثري المباشر ورغم ذلك فقد تتبع باقي المصادر والمراجع وعلى رأسها كتاب "السنكسار" الجامع لأخبار الرسل والقديسين والذي يعتمد بطبيعة الحال على رؤية البابا "ثيئوفيلوس" القائلة بأن العائلة المقدسة المكونة من مريم العذراء والمسيح صبياً ويوسف النجار في الرابع والعشرين من شهر بشنس -وهو أحد الشهور القبطية- هربت من فلسطين خوفا من بطش الحاكم الروماني "هيرودس" الذي كان يتتبع الأطفال ممن هم دون الثانية من أعمارهم وذلك حينما علم ببشارة المسيح ووسط هذه المحنة ظهر ملاك الرب ليوسف النجار خطيب العذراء في الحلم قائلاً له: "قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك لأن "هيرودس" مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه" متى 13:2 والمصادر التاريخية أجمعت على تاريخ وفاة هذا الحاكم على أنه كان عام 2ق.م ونتيجة لذلك فقد فسر دكتور لؤي محمود أن المسيح ولد قبل الميلاد في فترة تتراوح بين 2 ق.م وهو تاريخ وفاة "هيرودس" و4 ق.م أي قبلها بعامين إن لم يكن قبل ذلك.
ثم يعود الباحث في حديثه إلى مسار رحلة العائلة المقدسة بحسب ما ذكر كتاب "السنكسار" الذي حدد ثمان مناطق تم زيارتها وهي بالترتيب التالي تل بسطة بمحافظة الشرقية ثم سمنود ثم وادي النطرون وبعدها الأشمونين بتامنيا ثم جبل قسقام بأسيوط ثم مصر القديمة فالمطرية وأخيراً المحمة بمسطرد وبعد فترة ما من الزمن كانت العودة إلى أرض فلسطين.
كما أشار الباحث إلى وجود العديد من التناقضات التي احتوت عليها الكتب والمطبوعات المسيحية القبطية حول الأماكن التي توقفت بها العائلة المقدسة لتصل في بعضها إلى 22 موقعا إلا أنها جميعا تتفق في عدم ذكر الأدلة المادية على تواجد العائلة المقدسة في حين ينسج التراث الشعبي العديد من الحكايات المفصلة عنها وذكر الباحث أنه يعتقد أن الهدف الذي يكمن من وراء ذلك هو أن تعزز كل منطقة من مكانتها وأهميتها حتى رغم الصعوبة المنطقية للكثير من هذه الحكايات كما أنه أشار أيضاً إلى أن مدة زيارة العائلة المقدسة بين هذه الكتب تتأرجح بين ستة أشهر والأربع سنوات.
المصدر : جريدة العرب القطرية النسخة الورقية
المفضلات