النوع الحادي عشر : المُعْضَل
تعريفه : هو ما سقط من إسناده اثنان فأكثر بشرط التوالي من ذلك قول مالك وغيره من تابعي التابعين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكقول الشافعي وغيره من أتباع الأتباع قال أبو بكر أو عمر ويسمى منقطعا كما سبق ويسمى مرسلا عند جماعة كما تقدم مثاله ما رواه الإمام مالك [ قال حدثني مالك أنه بلغه أن أبا هريرة قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ ] رواه الإمام مالك في موطئه 1806.
وقد وصله مالك خارج الموطأ عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة فعُلم بذلك سقوط راويين من إسناده فصار مُعْضَلا,والحديث كما رواه احمد:
[ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَجْلَانَ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ ] مسند احمد 8154.
وفي مسلم:
[ و حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ عَنْ الْعَجْلَانِ مَوْلَى فَاطِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ ] رواه مسلم 3141 كتاب الإيمان.
فروع
الفرع الأول الإسناد المُعَنْعَن :
تعريفه : هو الذي فيه فلان عن فلان ذهب بعض العلماء إلى أنه مرسل، والصحيح الذي عليه العمل وقاله جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول وغيرهم أنه متصل، وقد أودعه المشترطون للصحيح الذين لا يقولون بالمرسل تصانيفهم، وادعى أبو عمرو الداني إجماع أهل النقل عليه.
وكاد ابن عبد البر يدعى إجماع أهل الحديث عليه واشترطوا لذلك شرطين:
1ـ أن يكون الراوي بعن غير مُدَلِّس.
2ـ ثبوت أو إمكان لقاء الراوي لمن روى عنه بالعنعنة فاشترط فريق ثبوت اللقاء بينهما صراحة واكتفى فريق منهم الإمام مسلم بالمعاصرة وإمكان اللقاء لأنهما مع عدم التدليس يفيدان تحقق السماع لأن الراوي ما دام غير مدلِّس فإنه لا يروى عمن عاصره بصيغة عن فلان إلا إذا كان قد لقيه وسمع منه وإلا كان مدلِّسا والمسألة في غير المدلِّس وهذا المذهب قوى كما هو واضح ومذهب الأولين أحوط وهو الذي التزمه البخاري في صحيحه ولذلك قالوا إن شرط البخاري أوثق من شرط مسلم . وأنكر الإمام مسلم في خطبة صحيحه على بعض أهل عصره حيث اشترط فى العنعنة ثبوت اللقاء وادعى مسلم أن هذا الشرط مُخْتَرَعٌ لم يُسْبَقْ قائلُه إليه وأن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار قديما وحديثا أنه يَكْفى إمكان لقائهما لكونهما في عصر واحد وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا .
وقد قيل إن الإمام مسلمًا يريد البخاريَّ بهذا الكلام والظاهر أنه يريد علىَّ بن المديني فإنه يشترط ذلك في أصل صحة الحديث وأما البخاري فإنه لا يشترطه في أصل الصحة ولكن التزم ذلك في كتابه الصحيح..
ومما يؤيد ذلك أن مسلمًا لما صَاحَبَ البخاريَّ في نيسابور وأدام الاختلاف إليه ولازمه كل الملازمة خمس سنوات من سنة 250 إلى سنة 255 كان منتهيًا من تأليف كتابه الصحيح وفيه مقدمته التي فيها هذا الكلام الشديد فلا يُعْقَل أبدا أن يكون البخاريُّ هو المعنىَّ بهذه اللهجة الشديدة التي لا تُطَاقُ معها مقابلةٌ ولا لقاء فضلا عن الصحبة والملازمة خمس سنين .
الفرع الثاني :
يوجد فرق دقيق بين عن وأن في استعمال الصحابة والتابعين وهو يفيد في تحديد مسانيد الصحابة وتحديد المرسل من الموصول في روايات التابعين فإذا روى صحابي عن صحابي فقال عن كان الحديث من مسند الثاني وإذا قال أن كان من مسند الأول :
مثاله ما رواه البخاري ومسلم وابن ماجة:
[ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَصَابَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْمَرَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ مَالًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ فَقَالَ إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا قَالَ فَعَمِلَ بِهَا عُمَرُ عَلَى أَنْ لَا يُبَاعَ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبَ وَلَا يُورَثَ تَصَدَّقَ بِهَا لِلْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ ] رواه البخاري 2775 ومسلم 4311 وابن ماجة 2378 الأحكام.
وهو بهذا اللفظ من مسند عمر بن الخطاب لأن ابن عمر أسنده عنه ورواه مسلم والنسائي عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب أصاب أرضا بخيبر فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث .
[ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ قَالَ إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُبْتَاعُ وَلَا يُورَثُ وَلَا يُوهَبُ قَالَ فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ ] رواه مسلم3085 الوصية والنسائي 3612.
وهو بهذا اللفظ من مسند ابن عمر لأنه لم يسنده إلى عمر فيحتمل أن يكون ابن عمر شهد الواقعة وحكاها أو لم يشهدها ورواها عمن شهدها فهو مرسل صحابي .
وإذا روى التابعي عن الصحابي فقال عن كان متصلاً وإذا قال أن كان مرسلا لأنه حكى شيئا لم يشهده ولم يسنده مثاله ما رواه النسائي عن سليمان بن يسار:
[ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ قَالَ حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا مُرَاوِحٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ رَجُلًا يَصُومُ فِي السَّفَرِ فَقَالَ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ ] .
فالحديث بهذا الإسناد متصل لأن التابعي أسنده للصحابي .
ورواه النسائي أيضا:
[ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَحَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَانِي جَمِيعًا عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كُنْتُ أَسْرُدُ الصِّيَامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْرُدُ الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ فَقَالَ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ ] رواه النسائي 2263 كتاب الصيام.
قال النسائي مرسل وذلك لأن سليمان بن يسار لم يدرك الواقعة ولم يسندها إلى الصحابي فكان الحديث بهذا الإسناد مرسلا وهذا الفرق يتفق مع صنيع الحافظ المزي في كتاب تحفة الأشراف وتحديده لمسانيد الصحابة ومرسلات التابعين .
«« توقيع زهدي جمال الدين »»
المفضلات