النوع الثالث: الضعيف
تعريفه :هو ما لم يجتمع فيه شروط الصحيح ولا شروط الحسن وتتفاوت درجاته في الضعف بحسب بُعْدِهِ من شروط القبول ثم منه ما له لقب خاص كالموضوع والمقلوب والشاذ والمُعَل والمضطرب والمرسل والمنقطع والمعضل وغيره وهو على فروع.
الفرع الأول :
إذا رأيت حديثا بإسناد ضعيف فلك أن تقول هذا ضعيف وتعنى أنه بذلك الإسناد ضعيف وليس لك أن تقول ضعيف وتعنى ضعف المتن لمجرد ضعف ذلك الإسناد فقد يكون مرويا بإسناد آخر صحيح يثبت بمثله بل يتوقف جوازُ ذلك على حكم أحد أئمة الحديث بأنه لم يُرْوَ بإسناد يثبت أو بأنه حديث ضعيف فلا يلزم من ضعف السند ضعف المتن كما أنه لا يلزم من صحة السند صحة المتن فقد يضعف السند ويصح المتن لوروده من طريق آخر كما أنه قد يصح السند ولا يصح المتن لشذوذ أو علة..
مثاله ما رواه ابن ماجة :
[ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ قَالَ وَأَخَذَ بِيَدِي فَأَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا أُقْرِئُ ] رواه ابن ماجة 209.
وإسناده ضعيف لأن الحارث بن نبهان متروك ولكن المتن صحيح من حديث عثمان بن عفان عند البخاري والترمذي واللفظ للترمذي:
[ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ قَال سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا وَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] البخاري 5079والترمذي 2832.
الفرع الثاني:
اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال واشترطوا لجواز ذلك ثلاثة شروط:
1 ـ أن يكون الضعف غيرَ شديد فَيَخْرُجُ مَنِ انفرد مِنَ الكذَّابين والمُتَّهَمِين بالكذب ومَنْ فَحُشَ غلطُهُ.
2 ـ أن يندرج تحت أَصْل معمول به فَيَخْرُجُ ما يُخْتَرَعُ بحيث لا يكون له أصل أصلا.
3 ـ أن لا يُعْتَقَد عند العمل به ثبوتُه لئلا يُنْسَبَ للنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يَقُلْه.
مثاله ما أخرجه ابن ماجة من طريق بقية بن الوليد:
[ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْمَرَّارُ بْنُ حَمُّويَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِبًا لِلَّهِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ ] أخرجه ابن ماجه1772.
فهذا حديث ضعيف لأن في إسناده بقية بن الوليد وهو كثير التدليس ولم يصرح بالسماع وقد استحب العلماء إحياء ليلتي العيدين لهذا الحديث لأنه في فضائل الأعمال وضعفه غير شديد واندراجه تحت أصل قيام الليل المُرَغَّب فيه بالقرآن والسنة المتواترة.
أما الأحكام فلا يُعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن فإذا لم يوجد في الباب إلا الضعيف غير شديد الضعف فقد ذهب الإمام أحمد وغيره إلى العمل به في الأحكام وقال إن ضعيف الحديث أحب إلينا من رأى الرجال وليس أحد من الأئمة إلا وهو موافق للإمام أحمد على هذا من حيث الجملة فإنه ما منهم أحد إلا وقد قدم الحديث الضعيف على القياس مثاله :
ما رواه الدار قطني عن ثوبان قال:
[ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الماءُ طهور لا يُنجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو على طعمه ] رواه الدارقطني 48.
وفى إسناده رِشْدِين بن سعد وهو ضعيف ورواه البيهقي عن أبى أمامة قال:
[ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن الماء طاهر إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه ] رواه البيهقي 1/260. وفى إسناده بقية بن الوليد وهو مدلِّس.
وقد روى بالعنعنة قال الإمام النووي اتفق المحدثون على تضعيف هذا الحديث ومع هذا فقد اتفق الفقهاء على الحكم المستفاد من هذا الحديث والعمل به وهو أن المتغير بالنجاسة ريحا أو لونا أو طعما نجس.
وذلك مثل ما رواه أبو داود:
[ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ سَلِيطِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْعَدَوِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُقَالُ لَهُ إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا لُحُومُ الْكِلَابِ وَالْمَحايِضُ وَعَذِرُ النَّاسِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ] رواه أبو داود 61.
الفرع الثالث: إذا أردتَ رواية الحديث الضعيف بغير إسناد فلا تقل فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وما أشبهه من الألفاظ الجازمة وإنما تقول رُوِىَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو بلغنا عنه كذا أو ورد عنه أو جاء عنه أو نُقِلَ عنه أو رَوَى بعضهم وما أشبهه وهكذا الحكم فيما تشك في صحته وإنما تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ظهر صحته .
«« توقيع زهدي جمال الدين »»
المفضلات