ولما وجد ما في هذا من نفع كبير أنشأ مناصب جديدة وعرضها للبيع، فرفع أمناء البابوية إلى ستة وعشرين وحصل بذلك على (62400) دوقه. ثم رفع عدد حاملي الأختام إلى اثنين وخمسين وجنى من ذلك (2550) دوقة من كل واحد عينه في المنصب " (قصة الحضارة لـ ول ديورانت الجزء الثالث من المجلد الخامس ص 74-75).
والبابا "لاون العاشر" الذي توسع في منح الغفرانات... فأرسل كثيراً من أتباعه إلى أقطار أوروبا يبيعون الغفرانات لأهلها بالدراهم لتمحى بها ذنوبهم ولا يحاسبون عليها في الآخرة...فأخذوا يبيعون الغفرانات بأبخس الأثمان !.
ويرى ول ديورانت أن هناك ثلاث مشاكل داخلية كان يضطرب بها قلب الكنيسة وهي المتاجرة بالمناصب في محيط البابوية والأسقفية، والزواج والتسري بين رجال الدين من غير الرهبان، ووجود حالات متفرغة من الدعارة بين الرهبان أنفسهم (قصة الحضارة.. الجزء الثالث من المجلد الرابع ص 384). فقد كان البابا اسكندر السادس (1503 م) الذي يصفه ول ديورانت بأنه "في أيام شبابه وسيم الخلق جذاباً، حلو الطبع حاراً في عشقه، قد عقد حوالي (1466) صله أكثر دوماً من صلاته النسائيه السابقة مع فانتيسا دي كتاني " ويرى أن روما قد غفرت للبابا علاقته بفانتيسا الساذجة، ولكنها دهشت لعلاقته "بجوليا" التي انتقلت من عشيق إلى عشيق...، بالإضافة إلى بيعه المناصب الكنسية واستيلائه على ضياع الموتى من الكرادلة والتوسع في بيع صكوك الغفران، وأنه قاسم القساوسة نصيبهم منها، كما فتح باب الصكوك فجعلها لغفران كل ذنب حتى الزواج من المحارم لما يدره عليه ذلك من كسب.
دين يباع ويشترى ويقولون فليحيا المسيح غافر الخطايا هذا ولقد نقل محرر الجوائب في كتابه الفارياق ما يلي:
"إن البابا يوحنا الثاني عشر قتل وهو معانق لامرأة وكان القاتل زوجها".
"وإن البابا جريجوريوس السابع عقد مجمعاً في روميه على هنري الرابع ملك جرمانيا وقال فيه: "قد خلعت هنري عن ولاية النمسا وإيطاليا وأعفيت جميع النصارى من الطاعة له ونقضت عهدهم له ". "فأضطر هذا إلى الذهاب إلى روميه فلما قدم على البابا وجده مختليا بالكونتيسه ماتيلدا ".
"وإن البابا اينوسنت الرابع عقد المجمع الثالث عشر على الإمبراطور فريدريك الثاني وحكم عليه بكفره فناضل عن الإمبراطور خطباؤه وحزبه وردوا على البابا أنه افتض بنتاً وارتشى غير مرة".
"وإن البابا "كليمانصو" الخامس عشر كان يجول في فينا وليون لجمع المالى ومعه عشيقته ".
"وإن البابا يوحنا الثالث والعشرين سم سلفه، وباع الوظائف الكنسية وأنه كان كافراً ولوطيا معاً ".
وإن البابا "سرجيوس " كان قد استوزر "ثاودورة" "أم ماروزيا"... وإن البابا أولد ماروزيا هذه ولداً رباه عنده داخل قصره.
وإن البابا يوحنا الثاني عشر المسمى "اكتافيوس... فسق بعدة نساء وخصوصاً "ايتنت " التي ماتت وهي نفساء... مما أوجب على الإمبراطور خلعه وتنصيب ليو الثامن في مكانه ".
هذا غيض من فيض من فضائح بابوات الكنيسة أصحاب الكرسي المقدس!! الذين يزعمون لطوائفهم أنهم ورثة بطرس والمسيح وحملة مفاتيح السماء وأنه لا خلاص لهم إلا على أيديهم المباركة. جعلوا الدين ملعبة فقالوا لطوائفهم "لا تكنزوا كنوزا على الاْرض حيث يفسد السوس والصدأ" متى: 6/19 بل أكنزوا لكم كنوزاً في الكنيسة وجعلوا الدين لطوائفهم "لا تقدرون أن اتخدموا الله والمال " متى: 6/24، فاخدموا اللّه ونحن لكم المال. كما جعلوا الدين لطوائفهم "من طلق امرأته إلا لعلة الزنا وتزوج بأخرى يزني، والذي يتزوج بمطلقة يزني " متى 5/32، و "يوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات من استطاع أن يقبل فليقبل " متى: 19/12، أما بالنسبة لهم فتظاهروا بخصي أنفسهم أمام الناس وادعوا العصمة أما في سرهم فلم يخصوا أنفسهم بل شمروا عن ساقهم وزنوا بفانتيسا دي كتاني وايتنت وجوليا والكونتيسه ماتيلدا وتمتعوا بالمطلقة لعلة الزنى تمتعهم بالمتزوجة أو العذراء، فمارسوا الزنا واللواط وراء جدران الكنيسة العالية وتحايلوا على الناس وباعوهم الدين بصكوك الغفران، وجمعوا الثروات الهائلة من كل مكان، وزعموا للناس أنه أعطى لهم ملكوت السموات فكل ما يربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء وكل ما يحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء. فإذا كان هؤلاء ملح الأرض في الكنيسة الشاؤولية فلا يسعنا إلا أن نردد قول المسيح "إذا فسد الملح فبماذا يملح، لا يصلح بعد لشيء إلا لأن يطرح خارجاً ويداس من الناس" متى:5/13،.
ولقد نشرت الصحف منذ فترة خبرا بعنوان "الفاتيكان يبرئ جاليليو بعد 359 عاما!!!"
إنه لغريب حقاً أن يصدر الفاتيكان اليوم هذا العفو عن "جاليليو" بعد أكثر من359 عاماً من موته، وجاليليو كما هو معروف لم يرتكب إثماً سوى أنه نادى بكروية الأرض، وأقر بأنها ليست سوى كوكب صغير يدور حول الشمس، وليست مركزاً للكون، بعكس ما كان بابوات الكنيسة يعتقدون في العهود المظلمة، الأمر الذي هددته الكنيسة آنذاك، واضطرته إلى التراجع عن أقواله وحبسته في بيته بقية حياته.
وإصدار الفاتيكان اليوم هذا العفو الذي لا لزوم له بعد 359 عام إنما يدين الفاتيكان أكثر مما يؤيده، لأنه اعتبر نفسه سليل كنائس الأمس، وبالتالي حمل نفسه مسؤولية أدبية لا حصر لها، لا عن جاليليو فحسب، بل عن جميع جرائم تلك الكنائس في عهد الظلمات، وعن فظائعها التي لا مثيل لها من قتل العلماء الآخرين أمثال "برونو" و "كوبرينكس " والعديد العديد من المصلحين الذين ذكرنا بعضاً من أسمائهم، والملايين الأخرى الذين حكمت عليهم بالموت والحرق على الخازوق بعد أن نهبت أموالهم وصادرت ممتلكاتهم وباعتهم صكوك الغفران.
ولكم كان الأجدر بالفاتيكان المبجل أن لا يصدر عفواً عن جاليليو بل اعتذاراً لجاليليو مع إدانة وتنديد شديدين بجميع كنائس عهد الظلمات السابقة التي ظلمته واعتذاراً شديداً لأصحاب العلم والعلماء لأن تلك الكنائس بجهلها أخرت العلوم والاكتشافات قرونا عديدة، وأن يشمل تنديده كذلك اعتذاراً عن جميع الجرائم والفظائع والانتهاكات والانحرافات التي ارتكبها بابوات تلك الكنائس الذين مرغوا الكنيسة في الرذيلة والوحل، وكذا أن يشمل تنديده جميع بابوات اليهود الذين اخترقوا سلك البابوية وقادوا العالم إلى الحروب الصليبية التي راح ضحيتها عشرات الألوف وتعهداً منه بأنه من الآن فصاعداً سيدقق في هوية جميع كرادلته ويطرد منها كل يهودي مندس بينهم وأن مثل تلك الحروب لن تتكرر مرة ثانية. وقبل هذا وذاك كان الأجدر بالقاتيكان أن يصدر تنديداً شديد اللهجة بجميع البابوات الذين تلو البابا "هونوريوس " 680 م الذين ارتدوا بالكنيسة إلى التثليث مرة أخرى بعد أن كانت الكنيسة موحدة بالله، وذلك من أجل إنقاذ مئات الملايين الذين ما زالوا مضللين بالتثليث حتى اليوم ليستعيدوا أماكنهم في الجنة تماماً كما طالب قساوسة الكنيسة الإنجليكانية.
ومناشدتنا للفاتيكان هذه لا تأتي من فراغ فقد امتلأت المكتبات والأرصفة بالكتب التي كتبها مسيحيون غربيون وشرقيون قديماً وحديثاً ينتقدون فيها هذا الدين الموروث عن كنائس عهد الظلمات الجاهلة التي جعلت فيه الإله يولد من فرج أنثى، ثم يصلب على أيدي البشر فيموت ويدفن في التراب ثم يقام من الأموات، بينما الله الحقيقي يقول "حي أنا إلى الأبد" تثنية: 32/40، والذي جعلته تلك الكنائس يتغير من أب إلى ابن إلى روح قدس، في الوقت الذي فيه اللّه الحقيقي يقول "أنا الرب لا أتغير" ملاخي: 3/6، "أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري، أنا الرب وليس آخر" أشعيا 44/6، 45/8، أي لا أب ولا ابن ولا روح قدس التي أتت بها كنائس عهد الظلمات. هذا هو المطلوب من الفاتيكان اليوم، لا أن يصدر عفواً عن جاليليو.
متَّى 5/48،: "فكونوا أنتم كاملين كما أن إلهكم الذي في السموات كامل: ها هو المسيح يعترف أن إلههم الذي في السموات كامل فكيف ينسبون إلى إلههم الولادة، والولادة نقص لأنها عمل بهيمي؟! وها هو المسيح يشير إلى إله واحد وليس إلى ثلاثة، ألا أنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور. لقد تمت فيهم نبوءة اشعيا القائلة: "تسمعون سمعاً ولا تفهمون، ومبصرين تبصرون ولا تنظرون " متى 13/ 13،.