آخـــر الـــمـــشـــاركــــات
-
تفسير انجيل متى.. الإصحاح الأول
يبتدىء متَى المزيف الإصحاح الأول من إنجيله المزعوم بقوله: "كتاب ميلاد يسوع المسيح بن داود بن إبراهيم... " ثم يسرد لنا قائمة من (41) جيلاً مبتدئاً بإبراهيم ومنتهياً بيوسف بن يعقوب الذي سماه "رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح " متى: 1-18 ،.
وفي المقابل نجد لوقا في الإصحاح 3/23-28، من إنجيله يسرد لنا قائمة أطول لأجداد المسيح!! مكونة من (76) اسماً ولكن بشكل معكوس مبتدئاً بالمسيح قائلاً: "وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي " ومنتهياً باَدم الذي سماه "ابن الله "!! أما مرقص ويوحنا فيبدو أنهما كانا غائبين عند نزول الوحي على زميليهما بقائمتي الأجداد هذه!!.
وعند مقارنة القائمتين المذكورتين بالقوائم المذكورة في العهد القديم في أخبار الأيام الأول، والثاني، نرى تزييفاً وتدليساً وعجباً. وحيث إن الاختلافات والتناقضات أكثر من أن تحصى، فسنكتفي بتسليط الأضواء على أبرزها ونترك الباقي للقارىء إن شاء. ولكي نسهل عليه عملية المقارنة سنضع القوائم الثلاث أمامه مرجئين الأجداد التي ذكرها لوقا قبل إبراهيم لبحثها على انفراد:
«« توقيع أبو عمران »»
-
قلنا إن الفاتيكان ذكر في وثيقته أن كتبة الأناجيل قد كتبوا بتأثير من الوحي الإلهي! وقد أثبتنا عدم صحة ذلك في حينه. ومرة أخرى هنا نعود ونسأل: هل من يكتب بتأثير من الوحي الإلهي يخطىء، وينسى، ويزيد وينقص، ويحرف ويخبص...؟! دعونا نرى.
أمامنا قائمتان مختلفتان "لمتى المزعوم رقم (2) وللوقا رقم(3) من إبراهيم إلى المسيح، يقال لنا إنهما أجداد المسيح. وقد وردتا في كتابين من ضمن أربعة كتب يقدسها النصارى ويدعونها أناجيل. الإنجيل الأول كتبه شخص مجهول حتى اليوم بشهادة النقاد المسيحيين الغربيين ادعى أنه متى الحواري، وما هو بمتَّى الحواري كما أثبتنا. والثاني كتبه شخص آخر اسمه "لوقا" يقال إنه طبيب وثني لم ير المسيح مطلقاً وكان من الأنصار الحميمين لشاؤول كما يقال إنه كان طبيبه الخاص.
وحيث إن الوحي لا يمكن أن يخطىء، أو يكذب أو يناقض نفسه، وحيث إنه من المفروض أن الوحي الذي ألهم "متَى المزيف " هو نفسه الذي ألهم لوقا، فهل لمن أصدروا وثيقة الفاتيكان أن يخبرونا كيف حصلت كل الاختلافات في هاتين القائمتين والتي سنذكر بعضاً منها على سبيل المثال! لا الحصر!؟. وهل لهم أن يخبرونا كيف نسي وحيهم الذي زعموه أن يلهم مرقص ويوحنا بأجداد المسيح؟!.
أما القائمة رقم ( ا ) فهي تتضمن أسماء الآباء والأجداد كما وردت في العهد القديم من "أخبار الأيام الأول والثاني "، وضعناها من أجل المقارنة. إن بعض الاختلافات التي نسأل عنها الفاتيكان هي:
ا- الاختلاف في العدد والأسماء:
(أ) أول اختلاف ظاهر في هاتين القائمتين يظهر لنا بوضوح في العدد- والأسماء. "فمتى المزيف " سرد لنا من إبراهيم لعيسى (41) جيلاً. بينما سرد لو قا (56 ) جيلاَ. أي أن هناك (15) جيلاً مفقودة عند متى أو زائدة عند لوقا!!.
(ب) إذا فرضنا بلغة الأرقام أن متوسط عمر الجيل الواحد في تلك الأيام كان 80 عاماً، تكون النتيجة 80×15=1200 سنة تقريباً مع أصحابها مفقودة عند "متى المزيف" أو 1200 سنة مع أصحابها مضافة عند لوقا.
فهل للفاتيكان الفاضل أن يخبرنا، أو يخبر كل مسيحي يجث عن دينه الصحيح بأي القائمتين يأَخذ؟! فهو إن أخذ بواحدة لزمه تكذيب الأخرى، وبذا تنتفي القداسة التي خلعتها الكنيسة القديمة عن القائمة الأخرى كما ينتفي الوحي عنها.
2- متَّى المزيف لا يعرف الجمع وهو أبسط قواعد الحساب:
يقول متَّى المزيف في إصحاحه الأول (1/16-18) :
من إبراهيم إلى داود 14 جيلاً، ومن داود إلى سبي بابل 14 جيلاً، ومن سبي بابل إلى يسوع 14 جيلاً"
ولكن إذا عددنا الأجيال " في المجموعة الأولى نجدها 13 جيلاً وليست (14) لأن فارص وزارح توأمان لذا فهما جيل واحد. وكذلك إذا عددنا المجموعة الثالثة نجدها 13 جيلاً بما فيها يسوع وليست 14 جيلاً!! فهل أخطأ متَى المزيف بالجمع أم نسي بعض الأجيال وسؤالنا للفاتيكان هل الذي يكتب بالوحي يخطىء أو ينسى؟!.
علماً بأنه لا يوجد أي نسخة في العالم لما يسمى بإنجيل متَى فيها 14 جيلاً في المجموعة الأولى أو المجموعة الثالثة. أي أن هذا الخطأ لم ينتبه إليه القساوسة الشاؤوليين!! كما لم ينتبه إليه أي من قساوسة الفاتيكان قبل أن يصدروا وثيقتهم. بمعنى آخر أن هذا الخطأ قد تكرر بلايين المرات في جميع نسخ هذه الأناجيل التي طبعت بمختلف المطابع بمختلف اللغات في شتى أنحاء العالم منذ قديم الزمان حتى اليوم، كما سيبقى يتكرر أيضاً في كل طبعة جديدة إلى ما شاء الله، ليثبت كذب متى المزعوم، أو تحريف هذه الأناجيل دون أن ينتبه إليه أحد من المدافعين عنها. ليبقى شاهداً على أن كتبة الأناجيل لم يكتبوا بالوحي، ما لم يقم الفاتيكان مع حماة الأناجيل مجتمعين بعملية تصحيح وترميم شاملهَ، أو بالأحرى عملية هدم وبناء شاملة (طالما يملكون المخطوطات الأصلية) في كل الأناجيل، لا بل وفي كل المعتقدات الشاؤولية الكنسية الوثنية التي أضيفت إلى دين المسيح بينما المسيح بريء منها فأصبحت كالشوائب العالقة به وبدينه، إن كانوا يريدون حقاً أن يكتبوا عن عيسى التاريخي ودينه الحقيقي، لا عن المسيح الإله الأسطورة الذي اخترعه لهم بولس والمجمعات الكنسية القديمة والذي رفضه الكثيرون.
3- جهل الكاتبين:
"يقولى متَّى المزيف إن "ابيهود" (رقم 31 في قائمته) هو ابن "زربابل " بينما يقول لوقا إن "ريسا" (رقم37 في قائمته) هو ابن "زربابل ". علماً بأن أخبار الأيام الأول ليس فيها لا ابيهود ولا ريسا!! كما أن ريسا هي كلمة اَرامية ومعناها "أمير". ولا بد أنها كانت ملحقة في المخطوطات الأصلية كلقب يسبق اسم زربابل. وهو الرجل الوحيد الذي كان يمكن الإشارة إليه بهذا اللقب بعد سنة 586 ق. م- أي عام السبي البابلي مما يدل على سطحية الكاتبين.
4- تناقضهما مع العهد القديم:
يقول متَى المزعوم أن "عزيا" (رقم 21 في قائمته) هو ابن "يورام ". بينما أبناء يورام وأحفاده حسب ما جاء في أخبار الأيام الأول (3-11) هم "اخزيا" و"يواش" و "امصيا" ( رقم 21، 22، 23، في قائمة العهد القديم ) أي أن الَاباء في القسم الثاني من قائمة متَّى كان يجب أن يكونوا 18 لا 14. وقد غفل متَّى المزعوم عن ذكرهم جملة وتفصيلاً. وكذلك فعل لوقا. فالسؤال: أين ذهب الكاتبان الملهمان بهؤلاء الثلاثة أجداد الذين ورد ذكرهم في العهد القديم. وفي هذا الصدد يقول "نيومان " ساخراً بقول الكنيسة المَي كانت تزعم بأنه لا احتمال لوقوع الغلط في الكتب المقدسة "أنه كان تسليم اتحاد الواحد والثلاثة ضرورياً في الملة المسيحية، والَان أصبح تسليم اتحاد الـ 18 وا لـ 14 أيضاً ضرورياً لاْنه لا احتمال لوقوع الغلط في الكتب المقدسة"!!.
5- تزييف الوقائع من قبل الكاتبين عمداً:
ذكر "متَّى المزعوم " أن "يكنيا" ( رقم 28 في قائمته) هو ابن يوشيا. ولكن الحقيقة مذكورة في الملوك الثاني وهي أن ابن (يوشيا) هو (يهوياقيم) (رقم 31 في قائمة العهد القديم) ْومكانه يجب أن يكون عند متَى بين "يوشيا" و" يكنيا". وكلاهما مفقودان عند لوقا مع يهوياقيم!! فلماذا حذف الكاتبان الملهمان اسم "يهوياقيم " من قائمتيهما؟!.
السبب الذي يجب أن يعرفه كل مسيحي يبحث عن دين المسيح الحقيقي وحتى يعرف تزييف هذه الأناجيل، موجود في أسفر اريميا: 36/30 ، ونصه كالَاتي:
"لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم ملك يهودا لا يكن له جالس على كرسي داود".
ولما أرادوا أن يجعلوا المسيح رغماً عنه ابناً لداود لينادوه بالنبي المنتظر حسب زعم اليهود بأن النبي المنتظر سيكون من نسل داود صادفتهم مشكلة أنه سليل "يهوياقيم". وبالتالي لا يحق له الجلوس على كرسي داود حسب قول الرب فماذا يفعلان!؟. قام الكاتبان الملهمان بحذف اسم يهوياقيم كليًّا من قائمتيهما حتى لا يفطن أحد لأمر الرب المكتوب في اريميا. ظانين أنه لن يتعب أحد نفسه وينبش العهد القديم ليعرف الحقيقة وهي أنه لا يحق لعيسى الذي جعلوا منه ابناً لداود أن يجلس على كرسي داود. وللأسف تسمي الكنيسة هذا الحذف والتزوير وحياً!!.
6- كسرلايجبر:
تسلسل الَاباء عند متَّى يسير خلال سليمان بن داود حتى المسيح، بينما عند لوقا يسير خلال ناثان بن داود. ومعنى ذلك أن اللقاح وصل إلى أم يوسف (النجار) من خلال سليمان وناثان عبر سلسلة طويلة من الآباء والأبناء، ونتج عن ذلك أن كان يوسف هذا عند متى ابناً ليعقوب بينما عند لوقا ابنا لهالي. وهذا مستحيل والروايتان تتناقضان ويستحيل الجمع بينهما. فيوسف إما هو ابن يعقوب وإما هو ابن هالي ولا يمكن أن يكون ابن الاثنين فهذا كسر لا يجبر. وهذا الخبص في الأنساب من الأمور الخطيرة جداً التي يجدر بالفاتيكان ومعه حماة الأناجيل أن يرفعوه من أناجيلهم لأن معناه، أن يعقوب وهالي عاشرا أم يوسف النجار معاشرة الزوجية وهكذا الحال مع كل الأجداد المذكورين سابقاً مما تقشعر له الأبدان ولا يجيزه العقل. لذلك نقول إن أحد الكاتبين كاذب ويجب نزع قائمته من الإنجيل. ولما لا أحد يعلم من هو الكاذب منهما. لذا فالكذب ينسحب على الاثنين. ومرة أخرى يقال لمثل هذا الخبص وحياً!!.
7- غمز مكشوف في أجداد المسيح:
نقرأ في قوائم الأجداد المذكورة (1 و 2 و3 ) أن فارص رقم (5) هو أحد أجداد المسيح ولقد ورد في سفر التكوين: 38/1-30 بأنه توأم لشقيقه "زارح" الذين ولدتهما اْمهما "ثامار - كما تزعم التوراة المقدسة-!! عن طريق الزنا بحماها يهودا بن يعقوب الذي انحدرت منه السلالة اليهودية واشتق اسمها منه. فهل يعقل أن يكون أحد أجداد المسيح الذي يقدسه النصارى زانياً واثنين منهما أولاد زنا من أم زانية، ثم يرفعوه بعدها إلى مصاف الالهة؟!. هل هذا من الدين والأخلاق والمنطق "!؟. إن هذا ليؤكد أن عيسى ليس من نسل داود.
8- وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي:
(وهو القول الذي جاء في إنجيل لوقا عن المسيح في قائمته). هذه الجملة "وهو على ما كان يظن " في الترجمات الإنكليزية مثل "سانت جيمس " الموجهة للدول التي يسمونها راقية في أوروبا وأمريكا، نجدها موضوعة بين هلالين ( - ) ليستدل القارىء بأنها من كلام المترجم الذي ترجم إنجيل لوقا عن اللغات الأخرى وليست من كلام لوقا نفسه. لكن للأسف نرى في الترجمات الموجهة إلى دول العالم الثالث، ومنها العالم العربي، أن هذه الجملة قد ثبتت والهلالين قد حذفا، بحيث يظن كل من يقرأ إنجيل لوقا، أن لوقا نفسه هو الذي كتب تلك الجملة. والسؤال هو: إذا كان لوقا يكتب بالوحي كما تزعم الكنيسة، والوحي لم ير من المناسب أن يضع هذه الجملة بين هلالين، فأي حق يكون للمترجم أو الطابع أو لأي إنسان كائناً من كان أن يضيف أو يغير في كتاب يقول النصارى إنه مقدس!!.
يبدو أن التهديد الذي ورد في رؤيا يوحنا اللاهوتي (22/18) والذي يقول فيه:
"لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب إن كان أحد يزيد على هذا يزيد عليه الله الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله من نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب
يبدو أن هذا التهديد لم يؤت سحره المطلوب مع الذين تجرأوا وزادوا جملة "وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي " ولا مع متَّى المزيف الذي حذف بعض الأجيال واختصرها إلى 41 جيلاً، ولا مع لوقا الذي زاد الأجيال فجعلها 56 جيلاً، ولا حتى مع الذين جعلوا أجداد المسيح من الزنا وأولاد الزناة!!.
بل الأغرب من ذلك كله أخي العزيز الذي يبحث عن حقيقة دين المسيح، ولكي تعرف كم مسخوا هذا الدين، هو أنك تجد التحريف قد وصل إلى صلب تحذير يوحنا اللاهوتي نفسه المذكور آنفاً، إذ تقرأ في الأناجيل المطبوعة في لندن سنة 1848 م "تعال يا رب يسوع " أي بإضافة كلمة الرب إلى يسوع. لكنك تقرأ في الأناجيل المطبوعة حديثاً في بيروت "تعال أيها الرب يسوع" (رؤيا يوحنا اللاهوتي 22/20) ،. أي أن الشيطان في مطابع بيروت جعل "يسوع" هو الرب المنادى. مما يؤكد أن الشيطان لم يمت وأن المؤامرة في تضليل النصارى مستمرة حتى يومنا هذا في حشر "يسوع " بالألوهية بأي طريقة وكيفما كان، إذ جعلوه هو الرب الإله بدل الإله الحقيقي بهدف حرمانهم من الحياة الأبدية بكفرهم هذا، بالرغم من قول المسيح الواضح
"وهذه هي الحياة الأبدية إن يعرفوك أنت الله الحقيقي وحدك، ويسوع الذي أرسلته " يوحنا: 17 /
فالمسيح يعترف بالله الواحد ويقر بأنه ليس إلا رسول الله.
من كلام يوحنا اللاهوتي السابق نستطيع أن نفهم أن عادة الزيادة في الأناجيل والحذف منها كانت شائعة ومنتشرة في ذلك الوقت حتى وصلت مطابع بيروت في عصرنا الحاضر. لذا يجب أن لا نستغرب كثيراً مما سنجده في هذه الأناجيل من زيادة وحذف وتحريف!.
أخي العزيز: تستطيع أن تطفىء عود كبريت بفمك. وتستطيع أن تطفىء شمعة بفمك. لكنك لا تستطيع أن تطفىء الشمس بنفخة من فمك. وهؤلاء القوم الذين تحالفوا مع الشيطان يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره. فمهما حاولوا أن يخفوا الحقيقة، فالحقيقة لا بد أن تظهر يوماً ما. لذلك احذرهم. فالله نفسه قد حذَّرهم وحذرك منهم بقوله
(فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً) سورة البقرة: الآية 79
فجملة "وهو على ما كان يظن" التي دستها مطابع بيروت هي كذب مكشوف إذ أن قضية عيسى كونه ولد من غير أب كانت معروفة مثل الشمس!! لا بل مشهورة عند اليهود حتى إنهم رموا أمه العذراء بالزنى، إلى أن جاء القرآن وبرأها وشهد لها بالطهر والعفاف، لا بل إنها أطهر نساء العالمين رغم أنف اليهود. ولكن السؤال الأهم الذي يجب أن يسأله كل عاقل هو كيف يجعل كل من متَّى ولوقا في هاتين القائمتين للمسيح أباً بيولوجياً (يوسف)!! فهل هما يريدان يشاركا اليهود في تخرصاتهم عن عذرية مريم، أم أنهما يريدان أن يغطيا الشمس بقطعة نقود يضعانها على أعينهما؟.
9- هل أصحاب المطابع مرة أخرى ملهمون:
لقد ختم لوقا أجداد المسيح في قائمته بآدم الذي أعطاه أصحاب المطابع البيروتية الحديثة لقب "ابن الله". بينما في كل الأناجيل القديمة ورد ذكره هكذا "آدم الذي من الله" فكيف تغيرت "من الله " إلى "ابن الله " في مطابع بيروت؟! هل يا ترى تذكروا أنهم حين سموا عيسى "ابن الله " لأنه كان من غير أب أن آدم الذي كان من غير أب وأم أحق منه بهذه التسمية؟؟ أم أنهم أرادوا أن يميزوا عيسى وحده بأنه "من الله" " حبلى من الروح القدس " ليدسوا على الجماهير أنه من ذات الله!!؟.
وحتى لو كان ذلك قصدهم فإن ذلك لن يغني من الحق شيئاً، ولن يصدقهم أحد فالناس اليوم غيرهم بالأمس، والنقد والنقاد يقفون لهم بالمرصاد لتكذيب كل ما يضيفوه إلى أناجيلهم أو معتقداتهم التي أخذت تنحسر. ولكن ليس معنى هذا أن المؤامرة قد انتهت. لا إن الموءامرة لتخريب هذا الدين وجره نحو الكفر والوثنية واضحة ومستمرة. والشيطان يعمل جاهداً لا يكل في تخريب هذا الدين جيلاً بعد جيل، وكنيسة بعد كنيسة ليحرمهم من النعيم الأبدي. كل ذلك بسبب غياب الإنجيل الصحيح، إنجيل عيسى، ذلك الغياب الذي مهد لكل هذه الأضاليل. وأخيراً نعود للأسماء الـ(20) التي ورد ذكرها في لوقا من إبراهيم إلى آدم، ونرى أن من دس هذه القائمة أخطأ أيضاً عندما ذكر (20) اسماً لأن العهد القديم لا يذكر إلا (19) اسماً. فمن أين أتى الاسم الزائد الذي هو "قينان". إننا لا نجد له في سفر التكوين الإصحاحات (4 – 5 – 11 - 25 )أي أثر!!.
صمت المدافعين عن الأناجيل:
لقد أدى هذا الخبص في الأنساب إلى الصمت شبه التام للمدافعين عن الأناجيل. حيث عجز عن تفسيره أعرق رجال الدين. إلا أننا ما زلنا نسمع بعض الأصوات الخافتة تحاول ستر هذه الفضائح فتهمس أن "متَى كتب أصول يوسف بينما لوقا كتب أصول مريم "!!.
ونحن نرد عليهم بأنه فضلاً عن أن الأناجيل لم تذكر ذلك فإن ذلك خطأ فاحش إذ أن والدا مريم عند المسلمين هما "حنة وعمران" وعندهم " حنة ويواكيم " ولم يرد لا لعمران ولا ليواكيم أي ذكر في هاتين القائمتين. وقال آخرون لرقع هذا الخرق إن كل شخص من اَباء وأجداد المسيح!! (الذي لم يكن له أي أب أو جد) كان له اسمين مرادفين فذكر "متَّى " اسما وذكر "لوقا " الاسم الاخر. وإذا نحن تغاضينا عن طلب البرهان على ذلك، فإننا نقول إن لم يكن هذا ضلالاً فهو إضلال وتضليل بمعنى الكلمة لأنه لو صح ذلك فسيبقى عدد الأجيال مختلفاً أيضاً عند متَّى عنه عند لوقا.
وأخيراً جاءت الحقيقة صارخة على لسان بعض النقاد المسيحيين الشرفاء أمثال "فنتون " و" كارير" كما نقل آدم "كلارك " عن "هارمرسي " قوله: "كانت أوراق النسب تحفظ في اليهود حفظأجيداً، ويعلم كل ذي علم أن متى ولوقا اختلفا في نسب الرب (السيد) اختلافاً تحير فيه المحققون من القدماء والمتأخرين وهذا ما يربك الأسا قفة ". !
مما سبق يتبين لنا أنه لا يمكن الأخذ بأي من القائمتين، كما أن أيَّا منهما لم يكتب بالوحي. لأنه من المفروض أن يكون الوحي الذي ألهم متى هو نفس الوحي الذي ألهم لوقا والوحي لا يمكن أن يخطىء. وبناء عليه نستنتج ما يلي:
أولاً: إن هاتين القائمتين لا تظهران نسب المسيح، بل تظهران بجلاء وباعتراف الكاتبين نسب شخص مجهول لا يعرفه أحد سماه الكاتبان "يوسف " وليس نسب المسيح إطلاقا، لأنه لا ارتباط بالدم بين عيسى ويوسف هذا والعبرة هي الارتباط بالدم. إذ كيف تكتب هذه السلسلة الطويلة من الآباء لإنسان ليس له أب.
ثانيا: إن متَى المزعوم قد غش الأمة المسيحية كلها في مطلع إنجيله عندما قال: "كتاب ميلاد يسوع المسيح" وكان الأولى به أن يقول: "كتاب ميلاد يوسف " لأن ميلاد المسيح يعرفه الجميع، بأنه ولد بقدرة الله ومشيئته بدون أب ليكون آية للناس. وإذا كان من الضروري إعطاء المسيح أجداداً بيولوجيين، فمن البديهي أن يكون ذلك عن طريق أمه. فهاتان القائمتان من الآباء والأجداد هما في الحقيقة كما قلنا ليستا إلا آباء وأجداد يوسف المجهول هذا، وليستا آباء وأجداد المسيح ولا بحال!!.
ثالثا: إن متَى المزيف هذا متاَمر مع اليهود الذين وصموا مريم أمه بالزنا وفاحش القول إذ تآمر معهم (أو خوفاً من سخريتهم في ذلك الزمان) ولم يشر في قائمته ولو بحرف واحد الى عذرية مريم.
رابعا: من المستغرب جداً أن يقوم الكاتبان بهذه البهلوانيات المستميتة في ربط عيسى بداود في إنجيليهما ليجعلا منه النبي المخلص بينما في الإنجيل الرابع يعطي ترقية ويصنع منه إلهاً
"في البدء كان الكلمة" يوحنا: ا/ ا
فلا يعقل أن يجعلوا لعيسى كل هذه السلسلة من الآباء والأجداد البشر، بينما يقال لنا في إنجيل يوحنا إن عيسى كان إلهاً موجوداً قبلهم. إذ لا يعقل أن يأتي الابن قبل أبيه (أو قبل أمه أيضاً) ولا شك أن هذا مستحيل عند كل ذي عقل سليم مما يجعل إنجيل يوحنا كاذباً فىِ تأليه عيسى، كما يجعل العقيدة كلها مغشوشة، وكما قلنا فكل ما بني على الغش هو غش مثله ولا يمكن أن يستقيم الظل والعود أعوج. فهم كلما خلصوا من حفرة وقعوا في حفرة أكبر منها وبذا اتسع الخرق على الراقع والسبب بسيط وواضح وهو أن الدين لا يؤلف على الأرض من قبل بشر إنما تبعث به السماء.
خامسا: لما كانت هاتان القائمتان مليئتين بضروب التناقض والمحال الذي أثبتناه، وحيث إنهما احتوتا على نسب مزور للمسيح إذ جعلوا بعض أجداده زناة وأولاد زناة، وحيث إنهم ربطوا نسبه بداود بفبركة مضحكة، وحيث إن كل ما جاء بهما هو على لسان اثنين من البشر وليس فيهما حرف واحد قاله المسيح... إذاً فالمسيح بريء من هذا النسب الذي تراكمت فيه الأخطاء لا سيما محاولة ربطه بيوسف النجار مما يوحي بغمز في شرف أمه وأنها جاءت به نتيجة اتصال غير شرعي قبل الزواج من خطيبها كما زعم اليهود. وإني لأستغرب للنصارى الغيورين العقلاء كيف يبقون هاتين القائمتين في أناجيلهم وهما تشهدان على كذب واستحالة ما ورد فيهما، ولو كانوا يؤمنون بالمسيح وشرف أمه لانتزعوهما من أناجيلهم رأساً إذ النسب الذي فيهما لا يشرف المسيح ولا يشرف أمه.
الخلاصة:
لقد شك اليهود في المسيح وأمه واتهموهما بالزنا، وشك النصارى واختلفوا في نسبه.
فمتَّى المزعوم قال إنه ابن يوسف بن يعقوب. ولوقا قال إنه ابن يوسف بن هالي. كذلك اختلفا في عدد الَاباء والأجداد مما يثبث أن اليهود والنصارى ليسوا على يقين من أمره لا في ميلاده ولا في ألوهيته ولا حتى في صلبه وقيامته (حيث سنثبت ذلك كله في حينه) وكان من الممكن أن يسري هراؤهم هذا في العالم أجمع لولا أن أنزل الله القرآن على محمد ليبين للناس الحقيقة. فجاء القرآن منزهاً لعيسى وأمه بكل تأكيد، وشهد ببراءتهما من كل ما حاولوا إلصاقه بهما إذ بشرت الملائكة مريم بأنها أشرف نساء العالمين:
(وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ) سورة اَل عمران: الَاية 42
ونزه عيسى عن الصلب إذ قال جلَّ شأنه:
(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) سورة النساء: الآية 157
لأن الله رفعه إليه قبل أن تمتد أيديهم إليه بسوء.
ومع كل هذا فالمشكلة لا تكمن هنا فقط، إنما تكمن في صُلب عقيدة النصارى الشاؤوليين الكنسيين الذين قالت لهم مجامعهم الكنسية إن عيسى هو الله. ففي سؤالنا لنصارى اليوم في هذا العصر، عصر الكمبيوتر والصواريخ والسير على سطح القمر وأطفال! الأنابيب... الخ هل حقاً تعتقدون أن عيسى هو الله. فإن قالوا نعم إ! قلنا أيعقل أن يكون لله الأزلي اَباء وأجداد محدثين (مخلوقين)!؟، في الوقت الذي أول صفة له اْنه الأول وليس أحد قبله والواحد الأحد الذي تفرد بالوحدانية لانتفاء جنسه، والذي ليس كمثله شيء، والكل بعض خلقه، وهو الذي تقولون إن كرسيه السموات، والأرض موطىء قدميه؟! فإن قالوا رغم كل ذلك نعم!! قلنا هذه شاؤولية... كنسية... وثنية... سموها ما شئتم لكن رجاء لا تسموها المسيحية التي جاء بها المسيح لأن المسيح بريء من هذه الأراجيف، فأنتم لستم إلا شاؤوليون كنسيون من أتباع شاؤول الفريسي ألد أعداء المسيح وكذا من أتباع المجامع الكنسية المندس فيها اليهودي والوثني والإسكافي والانتهازي... التي هوت بمطارقها على دين المسيح لغرض في نفسها وتزلفاً للامبراطور قسطنطين بشهادة أكابر نقادكم من المسيحيين، لكن من المسيحيين حقاً الذين عرفوا الحقيقة وجاهروا بها. وإذا كان هذا ذا السلسلة الطويلة العريضة من الآباء والأجداد هو الله عندكم فيا ويلكم من الله الحقيقي يوم الدينونة، لأن الله الحقيقي لا آباء له ولا أجداد. بل أولى صفاته أنه الأول، وأنه متفرد في الوحدانية ومن يتقرب إلى الله بغير هذا المعتقد فإنه يتقرب إلى إله خرافي غير الله الحقيقي ولن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الَاتي. لأن الله الحقيقي يقول:
(لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) سورة الأنبياء: الآية 22
أي السماء والأرض. وكذلك يقول:
"أنا الرب وليس آخر لا إله سواي" أشعيا:45/6
لذا قولوا هذا إلهكم، قولوا هذا إله شاؤول... قولوا هذا إله الكنيسة... قولوا إنه الإله الذي وجدتم عليه آباءكم وأجدادكم... قولوا أي شيء، لكن رجاء لا تقولوا إنه الله. واعذرونا لأننا أحببنا أن ننقذكم من الهاوية التي أراد غيرنا أن يلقيكم فيها. جئنا لننزع الخشبة التي غرسوها في أعينكم حتى تبصروا جيداً وحتى لا تتحقق فيكم نبوءة اشعيا
"مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون "
وإن كنتم لا تصدقونا هاتوا أيديكم في أيدينا وتعالوا نفكر سويا بهدوء: إذا كان المسيح هو الله فمن تكون اليصابات أم يوحنا المعمدان؟ خالة الله؟! ومن يكون زكريا؟ زوج خالة الله؟! ومن يكون يوحنا المعمدان؟ ابن خالة الله؟! ثم بالله تعالوا لنتساءل لو تزوج المسيح فماذا نسمي أولاده وبناته وأصهاره...؟! هل نقول! بنت الله ؟ وصهر الله!؟ وحماة الله؟ وكنة الله... الخ؟ هل ترون الدين الذي باعه شاؤول! والمجامع للأمم واستبدلوا به دين المسيح الحقيقي؟! ألم نقل إننا إذا أخذنا هذا الدين بالعرض وجدناه مستحيلاً وإذا أخذناه بالطول وجدناه أكثر استحالة؟! لماذا؟ لأنه من تأليف البشر كل خطوة فيه تناقض الأخرى. والله يقول:
(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا) سورة النساء: الآية 82
ألم يقل غيرنا عن هذا الدين- ومعذرة لكم- إنه يصير العاقل إذا تشرع به أخرقاً والمرشد سفيهاً". لذا رجاء مرة أخرى قولوا هذا دينكم أنتم أو دين شاؤول... أو دين قسطنطين... أو دين المجامع... قولوا أي شيء لكن ابتعدوا عن المسيح. ولا تقولوا أبداً إن هذا دين المسيح. لأن دين المسيح معروف لدى كل من عرف المسيح حقاً رغم كل محاولات شاؤول والمجامع الكنسية في طمسه، فنحن المسلمون أولى به وبدينه منكم.
وعودة لموضوعنا نقول: من حق كل مسيحي أن يسأل ما الذي جعل متَى المزيف هذا يتهافت بهذا الشكل المفضوح على ربط عيسى بأب ليس هو أبوه، ويربط هذا الأب بداود مستعملاً هذه الحيلة العرجاء (يوسف) الذي أتى به من المجهول، وأخذ عنه لوقا بدون تمحيص، مع أنه وعدنا في مقدمة إنجيله أنه سيدقق ويمحص في كل ما سيكتب؟ وما الذي جعلهما يكذبان علينا في إنجيليهما من أنه حتى الناس في الشوارع كانت تناديه "يا ابن داود" فيرد عليها ويستمع إليها؟! في الوقت الذي هو ليس ابناً لداود!؟.
السبب هو أنهما كانا يعرفان تماماً أن مريم ليست من أحفاد داود، إنما من أحفاد هارون ولاوي، وهذه كانت العقبة الكأداء أمامهما. لذلك اخترعا شخصية يوسف هذا.. الذي لا يعرف أحداً شيئاً عنه، ليكون حلقة الوصل لربط عيسى بداود رغماً عنه!! ولم يخجلا أن يزوجاه مريم التي رغم ذلك يلقبها النصارى حتى اليوم كالببغاوات (بالعذراء البتول) (وهي حقاً كذلك) مما يؤكد أنهم لا يعرفون معنى العذراء ولا معنى البتول، لأنهم بتزويجهم إياها ليوسف هذا إنما يسقطون عنها لقب العذراء كما يسقطون عنها لقب البتول!! ونحن سنثبت كذب هذا الزواج لاحقاً لنؤكد أنها فعلاً كانت عذراء وبتولاً، لا بل سنثبت أنها لم تكن تعرف يومأ من الأيام أحدأ لا باسم يوسف النجار ولا باسم يوسف الحداد. وذلك من نصوص الأناجيل نفسها.
لكن السؤال لا يزال قائماً. لماذا كل هذا التعب لربط عيسى بداود بهذا الرباط المفكك!؟
فهذه حيلة لا تنطلي حتى على الصبيان الصغار، فكيف يقبلها النصارى العقلاء؟! إذ العبرة أن يرتبط عيسى نفسه بداود عن طريق الدم كما أسلفنا، لا أن يرتبط بداود زوج أمه المزعوم، إذ ما شأن عيسى بداود إذا كان زوج أمه الذي يرتبط به وليس هو؟!!.
الجواب على هذا السؤال أخي العزيز هو ما كان يشيعه اليهود من أن المسيا"Messiah "- نبي العالم القادم- سيكون منهم استناداَ إلى بشارة الله لموسى التي جاءت في سفر التثنية 18/18-22، التي وعد الله فيها أن يرسل نبياً في مستقبل الأيام قوياً مثل موسى. فكل من درس الدين اليهودي يعلم أن اليهود بسبب هذه النبوءة، كانوا يعرفون أن هناك نبيا عالمياً، جليل الشأن كموسى سوف يظهر في مستقبل الأيام، ومعه كتاب منزل من الله، ينسخ فيه التوراة، لا بل اسمه وصفاته مذكورة عندهم في نبوءات أخرى عديدة. لذا فقد أشاعوا كذباً بين الناس في وقتها أن ذلك النبي سوف يكون منهم، أي من أبناء داود (مع أن شيئاً من هذا التخريف لم يكن في البشارة)، وأطلقوا عليه في كتبهم لقب "هامشيح " أي "المسيح " بأل التعريف تمييزاً له عن بقية المسحاء أو الأنبياء الآخرين. لا بل كانوا يتفاخرون ويستفتحون به قبل مجيئه على أعدائهم فيقولون اللهم انصرنا على أعدائنا بحق نبيك المبعوث في آخر الزمان.
لذا تلقف أصحاب هاتين القائمتين هذه الشائعة وأرادا أن يجعلا من عيسى هو النبي المنتظر الذي أخبرت عنه البشارة، فاستعملا تلك البهلوانية في ربط عيسى بداود كما رأينا ولم يكتفيا بذلك. إذ لما كانت مدينة بيت لحم هي مدينة داود فقد اختار متَّى المزيف فقرة من العهد القديم تغنى بها "ميخا" في الأسر البابلي تقول:
"أما أنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهودا فمنك يخرج لي الذي سيكون متسلطاً على إسرائيل " ميخا:5/2
وسارع بربطها بعيسى وجعل مولده يتم في بيت لحم ليدلس علينا هو والكنائس من بعده بأن عيسى هو المقصود. لكنهم للأسف كعادتهم نسوا شيئاً هاماً، بل وهاماً جداً في النص الذي أرادوا أن يمرروه علينا. وهذا الشيء أظهر كذبهم ونسف النص الذي استشهدوا به من أساسه!! وهو أن عيسى لم يتسلط يوما واحداً على إسرائيل بل لم يزر بيت لحم التي زعموا أنه ولد فيها مرة واحدة في حياته.
أما لوقا، فلكي يثبت لنا عنوة أن عيسى هو "النبي المنتظر" الذي ورد في بشارة الله لموسى تلك، فقد زعم اْن الملاك قال لمريم:
«« توقيع أبو عمران »»
-
"ويعطيه الرب الإله كرسي داود" لوقا: 1/33
لذلك حذف هو وزميله متَّى كما أسلفنا اسم "يهوياقيم " من سلسلة أجداد المسيح، الذي لن يجلس أحد من نسله على كرسي داود، حسب أريميا:36/30 وكلنا نعلم أن الرب الإله لم يعطِ عيسى لا كرسي داود ولا حتى كرسي بيلاطس. علما بأن المسيح لم يكن يوماً من طلاب الملك أو الكراسي
"فمنذ أن علم أنهم مزمعون أن يخطفوه ليجعلوه ملكأ تركهم وانصرف إلى الجبل وحده " يوحنا: 6/ 15
"للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه " متى: 8/ 20
وعاش طول! عمره فقيراً إلى أن رفعه الله إلى السماء ولم يتطلع إلى كراسي.
وعليه فنحن نستغرب كيف يزعمون أن تلك كانت نبوءة من ميخا في الوقت الذي لم تكن سوى أنشودة تغنى بها ميخا في الأسر البابلي ليرفع بها من معنويات شعبه، ولو كانت حقاً نبوءة فكيف لا يزالون يبقون على مثل هذه النبوءات الكاذبة في أناجيلهم المقدسة حتى اليوم!! وهم يعرفون تماماً أنها لم تتحقق!!. في الوقت الذي من سمات الكتب المقدسة أن تتحقق النبوءات التي وردت فيها.
وأما لوقا فقد قام باختلاق الاحصاء وجعله قبل ولادة عيسى بقليل، وسفر لنا أمه هو وزميله متَى من الناصرة إلى بيت لحم، مسافة تزيد على مئة ميل وهي حامل في شهرها الأخير بزعمهما ليجعلا ميلاده يتم في بيت لحم- مدينة داود- ليزعما لنا في النهاية أن نص التوراة "وأنت يا بيت لحم أفراته " قد تحقق به. مع أن الحقيقة تقول إنها حملت به وولدته في ساعة. إذ الإعجاز في ولادته ليس فقط بدون أب بل كان أيضأ في حمله وولادته في ساعة بمشيئة الله وكلمة منه، كن فيكون.
أخيراً لنكون منصفين علينا أن نسأل السؤال التالي: هل حقاً كتب متى ولوقا هاتين القائمتين؟.
إن المدقق لهاتين القائمتين، إذا ربطهما ببعض النصوص الواردة في الأناجيل فإنه يستحيل عليه أن يصدق أن متَّى ولوقا هما اللذان كتباها!! وإحقاقاً للحق يرى لزاماً عليه أن ينصفهما ويبرىء ساحتيهما من جميع الأكاذيب والبهلوانيات التي وردت فيهما وأن يعلق كل ذلك على مشجب قساوسة جهلة دسوا تلك القائمتين في إنجيليهما بعد موتهما، دون أن يكونوا قد قرأوا أناجيلهم جيداً. لأن ما ذكروه في تلك القائمتين يتناقض تناقضاً صارخاً مع ما جاء في الأنا جيل. كيف؟!.
أولاً: أن الكاتب لا يمكن أن يناقض نفسه. فـ"لوقا" ذكر لنا في إنجيله أن مريم من أحفاد هارون بن لاوي (لوقا:1/5) لذا من غير المعقول أن يكتب قائمة يجعل فيها عيسى من أحفاد داود. وكون مريم هن أحفاد هارون بن لاوي أكده "أكستاين " إذ قال في بعض الكتب التي كانت توجد في عهده: "إن مريم من قوم لاوي وهذا ينافي كونها من أولاد ناثان " ولو كانت مريم من أحفاد داود لما احتاجوا إلى عكازة يوسف إطلاقأ!!.
ثانيا: أن عيسى يخبرنا بنفسه في كلا الإنجيلين أنه ليس النبي القادم، إذ نقرأ في الأناجيل أن عيسى يقول للفريسيين ذات يوم: "ماذا تظنون في "المسيح " (أي هامشيح) كما سماه اليهود أي (النبي القادم) ابن من هو؟ قالوا له ابن داود (كما كان كهنتهم يشيعون) فرد عليهم بقوله المفحم:
"فكيف يدعوه داود بالروح رباً... فإن كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه؟ " متى:22/41-46 ، ولوقا:20/41-44.
(من تقولون إني أنا فأجاب بطرس وقال: "مسيح الله " فانتهرهم وأوصى أن لا يقولوا ذلك لأحد
فلو كان عيسى مسيح الله،"أي النبي القادم " الذي ينتظره العالم لما انتهرهم. ولما أوصاهم أن لا يقولوا ذلك لأحد، فهذا نفي قاطع يبين فيه عيسى أن النبي القادم الذي سماه عيسى نفسه "المسيح " في النص السابق لن يكون من أبناء داود أو أحفاده، وفي النص الثاني ينكر أنه هو مسيح الله أي الـMessiah ( بأل التعريف) القا دم.
لذا لو كان متى ولوقا هما اللذان كتبا قائمتي الآباء والأجداد، لما ناقضا نفسيهما بعد كل ذلك التعب بذكر هذه النصوص التي قالها المسيح في إنجيليهما. ولا تفسير لذلك إلا أن تلك القائمتين مدسوستان في إنجيليهما بعد موتهما من قساوسة سذج لم يكلفوا أنفسهم حتى قراءة أناجيلهم، يقحمون فيها ما يشاؤون وقتما يشاؤون دون إدراك أو تمحيص لنصوص سابقة أو لاحقة مناقضة لما دسوه، الأمر الذي جعل أول هذه الأناجيل يناقض آخرها. إذ لو كانوا قد قرأوا أناجيلهم كاملة لشطبوا أقوال المسيح السابقة لأنها تتناقض تناقضاً صارخاَ مع المجهود الكبير الذي بذلوه لإقناعنا بأن عيسى هو ابن داود في القائمتين. ومن الناحية الأخرى فإن عيسى الم يكن أبداً هو النبي المنتظر حسب البشارة التي جاءت على لسان دانيال أيضاً إصحاح 2 و 7 ، التي سمي فيها النبي القادم "بابن الإنسان " الذي يحطم الوحوش الأربع (الممالك الأربع الرومان واليونان وفارس وبابل)، إذ من المعروف أن عيسى كان مهادناً للرومان و قال:
(أعطوا ما لقيصر لقيصر وما للّه للّه " متى: 22 /21
إنما الذي حطم الممالك الأربع وأخذ الجزية منهم ومن الرومان هو محمد، حسب ما جاء في سفر دانيال:
"أنت أيها الملك كنت تنظر وإذ بتمثال عظيم... وقف قبالتك ومنظره هائل. رأس هذا التمثال من ذهب... صدره وذراعاه من فضة. بطنه وفخذاه من نحاس. ساقاه من حديد. قدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف... إلى أن قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه... فسحقهما فانسحق حينئذٍ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان. أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها... يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبداً وملكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد" دانيال. 2/ 31-45
وكذا
"كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن الإنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه فأعطي سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض " دانيال:7/13
أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاَ كبيراً وملأ الأرض كلها فهو كناية عن محمد و الدين الإسلامي الذي انتشر بسرعة مذهلة وملأ الأرض كلها. إذ في سنة 633 أمر أبو بكر بتجهيز جيشين أحدهما لغزو الدولة الرومانية البيزنطية بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح، والآخر بقيادة خالد بن الوليد لغزو الدولة الفارسية الساسانية في العراق وفارس فسحقت الدولتان وتحققت نبوءة نبوخذ نصر ودخل عمر بن الخطاب مدينة بيت المقدس سنة 638 م بعد أن انتشر دينه شرقاً وغرباً.
أما عيسى فلم يحطم أي دولة، إذ ولد والرومان يحكمون فلسطين منذ ثلاث وستين سنة، ورفع إلى السماء والرومان كانوا ما يزالون يحكمون فلسطين، لكن الذي حطم دولتهم هو محمد. هذا إضافة إلى أن عيسى نفسه ويوحنا المعمدان قد بشرا بمجيء النبي المنتظر والذي لم يكن سوى محمد.
والَان قبل أن نستمر في إنجيل متى نرى لزاماً علينا أن نعرج على التوراة لنرى ماذا تقول بشارة الله لموسى الواردة في التثنية 18/18 ، والتي بسببها قاموا ببهلوانياتهم السابقة بربط عيسى بداود في القائمتين المذكورتين ليجعلوا منه النبي المنتظر؟!.
تعالوا إخوتي الأعزاء لنطالعها سوياً قبل أن ندخل في صلب إنجيل متى.
"أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به. ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه (أو سأكون المنتقم). وأما النبي الذي يطغى فيتكلم باسمي كلاماً لم أوصه أن يتكلم به أو الذي يتكلم باسم اَلهة أخرى فيموت ذلك النبي. وإن قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي يتكلم به الرب، فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب، بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه "!!.
هذه بشارة من الله لعبده ونبيه موسى في أنه سيرسل نبياً مثله في مستقبل الأيام، ويحمله رسالة جديدة، أي تنسخ التوراة وأن على الجميع إطاعته، والذي لا يطيعه سيكون مسؤولاً أمام الله أو أن الله سينتقم منه. ولقد تنازع كل من اليهود والشاؤوليين الكنسيين والمسلمين هذه البشارة فمن منهم الصادق!؟.
اليهود قالوا إن هذا النبي هو"يوشع بن نون " ثم عادوا وقالوا إن هذا النبي لم يأت بعد ويدعون أنهم ينتظرونه حتى اليوم. ولكنا نعلم أن اتصال السماء بالأرض قد انقطع. إذاً فلا بد أن يكون هذا النبي قد أتى. والشاؤوليون الكنسيون قالوا إنه أتى، وهو "عيسى ابن مريم" وقد عملوا المستحيل كما رأينا ليربطوه بداود ويلبسوه ثوب هذا النبي المنتظر لأن الإشاعة التي أشاعها اليهود كانت أنه سيأتي منهم (أي من اليهود) زاعمين أنه سيكون من نسل داود. والمسلمون قالوا ولا زالوا يقولون إن النبي المبشر به في هذه البشارة وبشارات أخرى كثيرة في التوراة ليس إلا محمد. فأين الحقيقة؟! تعالوا نبحث أقوالهم بهدوء كل على انفراد
أولا: ا ليهود:
حسب هذه البشارة كان اليهود لا سيما في السبي البابلي ينتظرون نبياَ عظيماً قوياً مثل موسى، شأنه جليل وأمره خطير. "يكلمهم بكل ما أوصيه به " بمعنى أنه سيكون مزوداً بوصايا جديدة تنسخ التوراة. ويكون الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به أنا أطالبه (أو سأكون المنتقم) " أي على الجميع، إطاعته في كل ما سيقول في هذه الوصايا، أي الرسالة الجديدة،لأنه يتكلم باسمي (اسم الله) والإنسان الذي لا يطيعه سيكون مسؤولاً أمام الرب أو أن الرب سينتقم منه.
شيء واحد كان يحيرهم ويقض مضاجعهم في البشارة!!؟ وهو شبه جملة "من وسط إخوتهم"!! فإذا كان الله سيرسله منهم، لماذا قال: (من وسط إخوتهم)؟ لذا احتاطوا للأمر وأعدوا له العدة. فماذا يا ترى فعلوا؟!.
لما كانوا بطبيعتهم يحرصون على قصر النبوة عليهم، ارتأى رؤساء كهنتهم أن يشيعوا سلفأ أن ذلك النبي سيكون منهم!! وفي نفس الوقت عملوا جاهدين على إخفاء حقيقته في التوراة عن العامة، فأينما ورد ذكره في توراتهم رمزوا إليه برموز معينة لا يعرفها سواهم. "فكانوا" إذا أرادوا أن يضعوا اسماً بدلاً من اسم استعملوا طريقة الحساب (حساب الجمل) أي يضعوا اسمأ مساوياً في مجموع حروفه للاسم المطلوب حذفه، فيكون هذا رمزاً يخفى على العامة ويعرفه الخاصة (الكهنة، ليكونوا في حل من إنكار نبوته إذا بعثه الله ولم يوافقهم) فمثلاً إسم محمد يساوي (92) وضعوا بدلأ منه"بما دماد" فلقد جاء في توراتهم:
"وليشماعيل سمعتيخا هنى بيراختي أوثو وهغريتي أوتو وهربيثي بما دماد"
والترجمة الحرفية لهذا النص:
"وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه وها أنا أباركه وأثمره بما دماد"
أي أكثره بمحمد ومجموع حروف "بما دماد" هو(92) الموافق لمجموع حروف محمد.
وكذلك "أحمد" فمجموع حروفه (53) استبدلوه بإيلياء الذي قال عنه الله أنه سيرسله:
" قبل مجيء يوم الرب العظيم المخوف فيرد قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على اَبائهم" ملاخي:4/5
أي ليرد الجمع لدين الآباء نوح وإبراهيِم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وداود... أي باختصار يردهم إلى دين الله الواحد الذي هو في الأصل "لا إله إلا الله ".
"ثم ابتكروا طريقة أخرى غير طريقة الأرقام، فبدلا من اسم محمد أو أحمد في كتبهم وضعوا صفاته مثل "الصادق الأمين " و"مشتهى كل الأمم " و"قدوس القديسين " وابن الله (بلغتهم عبد الله) و"النبي" بأل التعريف.
كما رمزوا إليه باسم "هامشيح" بالآرامية والسريانية والعبرانية، و، الـ" هاء" ال التعريف كما ذكرنا أي (ال مسيا) أو "ال مسيح " وذلك من الفعل مسح ولكن أدخلوا ال التعريف عليه تمييزاً له عن بقية المسحاء الذين سبقوه. أي المسيا الرئيس لأن لقب "مسيح " كان يطلق عندهم على كل ملك ونبي وعالم بعد أن يمسحوه بالزيت، وكانوا يتفاخرون كثيراً بحمل هذا اللقب وكانت تنفخ لهم الأبواق وتضاء لهم المشاعل
فموسى مسح هارون وبنيه (خروج:30/30)
والياس مسح اليشع وحزائيل وياهو (ملوك الأول:19/15)
وصموئيل مسح داود (صموئيل الأول: 16/11-13). 000 الخ
وكل واحد فيهم سمي مسيحاً. لكن "ال مسيح"The Messiah بأل التعريف أو "ال نبي "، هو سيدهم، سيد المسحاء وسيد الأنبياء وأخطرهم جميعاً.قال عنه عيسى:
إقتباس :
اقتباس:
"الكون كله خلق من أجله، وسيعطي نوراً للعالم " برنابا: 39/ 20
و قال عنه يوحنا المعمدان: "لست أهلاً أن أحمل حذاءه " أو "أحل سيور حذائه " وكان اليهود يترقبونه ويعرفون اسمه وصفاته، لا بل ويعرفون زمن ظهوره لأن كل ذلك مكتوب عندهم في التوراة، ومن هنا نشأت فكرة "المسيح المنتظر" في العالم، إنما اليهود أشاعوا كذباً أنه سيظهر منهم، لكن النبوءة واضحة تماماً إذ تقول!: "من إخوتهم"!! ولولا ذلك لما سكنوا يثرب في الجزيرة العربية بلاد إخوتهم بني إسماعيل منتظرين ظهوره حسب ما جاء في اشعيا
إقتباس :
اقتباس:
"وهي من جهة بلاد العرب" أشعيا: 13/21
، ومع ذلك لما ظهر فيما بعد وتأكد لهم أنه هو أنكروه مع أن بعضأ منهم آمن به.
لذلك لم يعبأوا كثيراً بيوحنا المعمدان عندما ظهر على ضفاف الأردن لأنهم كانوا يعلمون أن ذلك ليس زمن ظهوره وليس مكانه. لكن لمجرد حب الاستطلاع ولمعرفة من يكون، اكتفوا بإرسال بضعة نفر من الكهنة واللاويين ليسألوه من أنت؟
إقتباس :
اقتباس:
"وعرف يوحنا مقصد سؤالهم في الحال فاعترف ولم ينكر وأقر أني لست أنا "المسيح" يوحنا: 1/20
أي لست "الـ نبي" العظيم الذي تنتظرونه. فسألوه ثانية لكي يتأكدوا أكثر "إذاً ماذا أنت ايلياء؟". لاحظ أخي العزيز مدى خبثهم إذ بعد أن اعترف لهم أنه ليس ال مسيح، سألوه "إذاً ماذا أنت إيلياء؟! " وكما أسلفنا فإن "ايلياء" و"المسيح " هما رمزان رمزوا بهما للنبي القادم. ولو قال نعم لعرفوا في الحال أنه كاذب لأنهم كانوا يسألونه عن شخص واحد، لكن الأنبياء معصومون عن الكذب. لذا رد عليهم باختصار "لست أنا". ولكي يتأكدوا أكثر ويقطعوا دابر الشك باليقين، سألوه ثالثة وبصراحة هذه المرة "ال نبي أنت؟" أي هل أنت ال نبي الذي بشر الله به موسى في التثنية: 18/18؟؟! هل أنت ال نبي الذي قال عنه يعقوب إنه عند ظهوره سيزول ملك بني إسرائيل وستنقاد له الأمم
إقتباس :
اقتباس:
"لا يزول قضيب من يهوذا أو مشترع بين رجليه حتى يأتي شايلو (أي رسول الله) ويكون له خضوع الشعوب " تكوين: 49/10
أي هل أنت ال نبي الذي سيحطم الممالك الأربع والذي ورد ذكره في سفر دانيال حسب رؤيا نبوخذ نصر؟ هل أنت "ال نبي " الذي امتلأت التوراة بالبشارات به والذي ينتظره الجميع والذي سينسخ التوراة ويأتي بشريعة جديدة للبشرية كلها... الخ كل هذه الأسئلة كانت تدور في مخيلتهم عندما سألوه "أل نبي أنت "!! فأجاب يوحنا باقتضاب شديد هذه المرة لشدة إلحاحهم بعد أن أفهمهم أنه عرف خبثهم من أول مرة، لأنه كان يعرف التوراة مثلهم إن لم يكن أكثر منهم، أجابهم بكلمة واحدة هي "لا".
لذا قد يبدو للقارىء العادي أنهم كانوا يسألون عن ثلاثة أنبياء! المسيح وايلياء والنبي القادم. لكنهم في الحقيقة كانوا يسألون عن نبي واحد فقط، وهو همهم الوحيد الذي أقلقهم، فسؤالهم الثالث كان بنفس معنى السؤال الثاني، وسؤالهم الثاني كان بنفس معنى السؤال الأول. كل أسئلتهم كانت تدور حول هذا "النبي المنتظر" الذي رمز كهنتهم له بعدة أسماء في كتبهم للتمويه على العامة كما أسلفنا والذي كان الكل في انتظاره حتى إذا ظهر ولم يكن منهم سارعوا في الادعاء بأنه ليس هو. وهذا بالضبط ما فعلوه عندما ظهر محمد نبي الإسلام والذي اسمه أحمد عندهم أيضاً في التوراة كما هو في القرآن، والدليل على إخفاء اسمه والرمز له بإيلياء، هو أنه مجموع حروف "ايلياء" "في حساب الجمل " الذي كانوا يستعملونه هو (53) ومجموع حروف أحمد هو أيضاً(53) كما أسلفنا وإليك أخي العزيز تفسير حساب الجمل الذي كان يستعمله اليهود:
«« توقيع أبو عمران »»
-
ايلياء: الألف= ا ، ي= 10 ، ل=30، ي =10 ، ا=1، الهمزة= 1: المجموع= (53).
أحمد: أ= ا , ح=8 ، م= 40، د= 4: المجموع = (53) .
وكما ذكرنا سابقاً كان اليهود يستفتحون به على أعدائهم قبل ظهوره ويقولون: "اللهمَ انصرنا على أعدائنا بحق نبيك المبعوث في اَخر الزمان ".
ويروى أن محمداً قبل الرسالة ذهب في تجارة إلى الشام لخديجة بنت خويلد، ومعه ميسرة غلام خديجة صاحبة المال وأنه نزل في ظل شجرة قريبة من صومعة راهب يقال له نسطور. فسأل الراهب ميسرة عن الرجل الجالس تحت الشجرة وقال له: إنه رجل من قريش. قرد الراهب قائلاً: "ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي "!! وكان ميسرة إذا اشتد الحر يرى سحابة تظلله من الشمس وهو على بعيره بغمامة بيضاء. فلما عادا بالتجارة أخبر خديجة بكل ما رأى وسمع. وكان لخديجة ابن عم على دين النصارى متبحر في الدين اسمه "ورقة بن نوفل " فأخبرته بكل ما أخبرها به ميسرة. فأطرق قليلاً ثم قال لها: "إن كان ما سمعته حقاً يا خديجة فإن محمداً لنبي هذه الأمة"!!.
ويقول المسيح لتلاميذه في إنجيل برنابا عن محمد النبي المنتظر:
"إنه لا يأتي في زمانكم إذ يأتي بعدكم بعدة سنين حينما يبطل إنجيلي ولا يكاد يوجد ثلاثون مؤمناً. في ذلك الوقت يرحم الله العالم فيرسل رسوله الذي تستقر على رأسه غمامة بيضاء... وسيأتي بقوة عظيمة على الفجار ويبيد عبادة الأصنام من العالم... ويمجد الله ويظهر صدقي وسينتقم من الذين سيقولون إني أكبر من إنسان (أي ابن الله)... فليحذر العالم أن ينبذه لأنه سيفتك بعبدة الأصنام... لأن القرحة المزمنة يستعمل لها الكي " برنابا 72/13-21
فالغمامة البيضاء هي ما كان يظلله بها الملكان حسب رواية "ميسرة"، ومحمد هو الذي أباد عبادة الأصنام، ومجد الله وأظهر حقيقة عيسى في أنه ليس إلا رسولاً للّه، ولا شيء أكثر من ذلك. والقراَن مليء بمثل هذه الشهادات. وهكذا شاءت إرادة الله أن تنتهي بركة إسحاق التي شملت الكثير من أنبياء بني إسرائيل واختتمت بعيسى، لتبدأ بركة إسماعيل لأن للاثنين بركة كما هو مذكور في التوراة:
"أما إسماعيل فقد سمعت لك فيه ها أنا أباركه وأثمره وأكثره "بما دماد" -التي ترجموها إلى "كثيراً جداً" بينما هي في الحقيقة تعني "أكثره بمحمد" كما أسلفنا- اثني عشر رئيساً يلد واجعله أمة كبيرة" تكوين: 17/20-21
والبركة هي الرسالة والنبوة والملك و
"في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقاً قائلاً لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات" تكوبن: 15/18
وإسرائيل اليوم بتعصبها الأعمى تدعي أن هذه مملكتها من النيل إلى الفرات ولقد وضعت ذلك شعاراً لها على باب برلمانها الذي يسمونه "كنيست" ناسية أو متناسية أن العرب أيضاً من نسل إبراهيم وأنهم هم أيضاً مقصودون بالبشارة حسب ما جاء في التوراة
"وابن الجارية أيضاً اجعله أمة لأنه نسلك " تكوين: 21/12
والدليل على ذلك أن الله تحقيقاً لوعده فقد أعطاها للعرب أحفاد إبراهيم ولم يعطها لهم، والعرب هم الذين يقطنون هذه الأرض من النيل إلى الفرات منذ قديم الزمان. ونسي اليهود أو تناسوا بقية النص الذي يؤكد ذلك ويقول:
"وأكثر نسلك كثيراً، كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطىء البحر" تكوين:22/17
فمجموع اليهود المشتتين في أنحاء العالم من نسل إبراهيم لا يزيد عن الـ 13 مليون بينما العرب من نسل إبراهيم يزيدون عن الى 400 مليون، والمسلمون اليوم حوالي المليار نسمة أو يزيد، أي 1/5 العالم. ولما انهزمت إسرائيل في حرب أكتوبر سنة 1973م وسويت جميع معاقلها في سيناء بالأرض على يد الرئيس المصري أنور السادات، ومن بعدها ذاقت الويلات من الأعمال الفدائية البطولية ومن الحجر الفلسطيني الشجاع فىِ غزة والضفة الغربية، وسقوط العديد من الضحايا من كلا الطرفين، تأكد لها خطأ تفسيرها للتوراة في الأرض الموعودة لنسل إبراهيم من النيل إلى الفرات واستحالة ذلك، وأن العرب أحفاد إبراهيم هم المقصودون بها وتوقفت إذاعاتها وصحفها عن وصف جيشها بجيش إسرائيل الذي لا يقهر، إلا أننا نراها لا تزال تتشبث بحلم السيطرة على الأرض الممتدة من النيل إلى الفرات لذا عمدت إلى تغيير تكتيكها، من احتلال هذه المنطقة بجيوشها ودباباتها خوفاً من الهزيمة التي قد لا تتحملها مرة أخرى، إلى محاولة احتلالها اقتصادياً، لا سيما بعد أن تأكد لها أن العرب سائرون على درب امتلاك القنبلة الذرية، وأنهم لا بد واصلون إليها خلال فترة أقصاها عشر سنوات. من أجل ذلك جنحت إلى الصلح والسلام مع الفلسطينيين خاصة- لأنهم لب المشكلة- والعرب عامة من أجل أن ترفع عن نفسها المقاطعة الاقتصادية العربية، لتتمكن من غزو المنطقة ببضائعها ولتفترس اقتصاد الدول العربية (من الداخل تماماً كما افترس شاؤول دين المسيح من الداخل بعد أن عجز قومه اليهود في مقاومته من الخارج، ولا عجب فإنهم يستلهمون تاريخهم) فيحكمون المنطقة من النيل إلى الفرات باقتصادهم. لذا لا عجب إن رأينا الوعود بالتبرعات تنهال بالبلايين وبسرعة البرق على الدولة الفلسطينية- الجنين الذي لم يولد بعد- من جميع الدول الغربية المؤيدة كلها لإسرائيل وأولهم أمريكا. لكن أي سلام هذا الذي ينشدونه وهم يملأون قلوب أطفالهم بالحقد على العرب المسلمين ويعلمونهم كيف يكونون مجرمين وقتلة ومصاصي دماء عندما يكبرون كما مر معنا، مما يؤكد كذبهم في جنوحهم إلى السلام وهم يعلمون (كما جاء في سفر اشعيا أن معاركهم مع المسلمين لن تنتهي اليوم، وكذلك يعلم المسلمون أيضاً أن معاركهم مع اليهود قائمة إلى ما قبل قيام الساعة بقليل بنص حديث عن أبي هريرة عن نبي الإسلام أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبىء اليهودي من وراء الحجر فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال واقتله إلا الغرقد إنه من شجر اليهود".
والآن دعونا نعود للبشارة التي نحن بصددها. فكعادتهم في التزييف والتحريف زعموا أنه وإن كان وعد الله لموسى يحمل صفة البشارة إلا أنه يعني النفي"وأن حقيقة النص هكذا" أأقيم لهم نبياً...!! بهمزتين، الأولى للاستفهام الإنكاري بمعنى أني لا أقيم لهم نبياً زاعمين أن تلك الهمزة وإن لم تكن موجودة فهي مقدرة فكأنها موجودة!!.
والسبب في تحايلهم هذا واضح تماماً، وهو إدخال اليأس إلى نفوس المسلمين حتى لا يتمسكوا بهذا النص على اعتبار أنه بشارة بمحمد. ولكن هذا هراء ودعواهم باطلة لأنه لو كان المقصود هو النفي والاستنكار لما كان لبقية البشارة "ويكون الإنسان الذىِ لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه أي بمعنى. إذ أن هذا العدد ما هو في حقيقته إلا تأكيداً للبشارة وأبعد ما يكون عن النفي والانكار".
لذلك نرى أنهم لما جوبهوا بهذه الحقيقة غيروا أقوالهم فيما بعد وزعموا أن هذه البشارة وإن كانت لا تمثل نفياً أو استنكاراً إلا أنها لا تنطبق إلا على نبيهم يوشع بن نون!!.
وزعمهم هذا أيضاً باطل من وجوه:
أولها: أن يوشع بن نون منهم (أي من بني إسرائيل) وليس من أخوتهم.
ثـانياً: أن التوراة تكذبهم في زعمهم هذا وتقول: "ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى " تثنية:34/10 ، أي لن يخلف في إسرائيل بعد موسى نبي مثله.
وثالثاً: أن يوشع بن نون كان خادمأ لموسى وليس "مثله " (حسب قول البشارة)
ورابعاً: أن يوشع بن نون لم يأت بشريعة جديدة تنسخ التوراة... الخ وهدفهم من كل ذلك واضح وضوح الشمس، وهو تجريد النص من البشارة بمحمد نبي الإسلام.
وأخيرأ... بعد أن عجزوا ماذا فعلوا؟! زعموا أن النبي المنتظر لم يأت بعد وأنهم لا زالوا ينتظرونه حتى اليوم لتشكيك المسلمين في نبيهم (مع أنهم سكنوا يثرب في الجزيرة العربية خصيصاً لأن ظهوره سيكون من هناك كما أسلفنا). وزعمهم الأخير هذا أيضاً باطل لأننا نعرف جميعاً أن هذا النبي قد أتى وأن عهد الرسالات قد انتهى.
(فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين) سورة الصف الآية 5
ثانياً: ماذا يقول المسيح في إنجيل برنابا عن النبي المنتظر؟:
يقول: "إن النبي القادم لن يكون من اليهود بل من أحفاد إسماعيل، وبالذات اسمه محمد" ولما انتهت الصلاة قال الكاهن بصوت عال، قف يا يسوع لأنه يجب علينا أن نعرف من أنت تسكيناً لأمتنا. فأجاب يسوع: "أنا يسوع ابن مريم... بشر مائت ويخاف الله وأطلب أن لا يعطى الإكرام والمجد إلا لله !. أجاب الكاهن إنه مكتوب في كتاب موسى أن إلهنا سيرسل لنا "أل مسيا" الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله وسيأتي للعالم رحمة – والله يقول عن محمد في القرآن (و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)- لذلك أرجوك أن تقول لنا الحق هل أنت "مسيا الله " الذي ننتظره؟ أجاب يسوع "حقاً إن الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي... لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي أني لست المسيا الذي تنتظره قبائل الاْرض كما وعد الله أبانا إبراهيم قائلاً بنسلك أبارك كل قبائل الأرض. ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى هذه الفتنة الملعونة بأن يحمل عادم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله، فيِتنجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمناً حينئذ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لاْجله الذي سيأتي من الجنوب بقوة ويبيد الأصنام وعبدة الأصنام... وسيكون من يؤمن به مباركاً"
ولما سأله الكاهن ما اسم المسيا أجاب:
"إن اسم المسيا عجيب لأن الله نفسه سماه لما خلق نفسه ووضعها في بهاء سماوي قال الله اصبر "يا محمد" لاْني لأجلك أريد أن أخلق الجنة والعالم وجمعاً غفيراً من الخلائق... حتى إن من يباركك يكون مباركاً ومن يلعنك يكون ملعوناً ومتى أرسلتك للعالم أجعلك رسولي للخلاص وتكون كلمتك صادقة حتى إن السماء والأرض تهنان ولكن إيمانك لا يهن أبداً إن اسمه المبارك "محمد". حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين يا الله أرسل لنا رسولك. يا محمد تعال سريعاً لخلاص العالم" برنابا: 206-208.
وفي مقابلة أخرى مع رئيس الكهنة هذه المرة جاء في إنجيل برنابا الفصل (206-208) مايلي:
"ولما جاء النهار صعد يسوع إلى الهيكل مع جمع غفير من الشعب فاقترب منه رئيس الكهنة قائلاً: "قل لي يا يسوع أنسيت كل ما كنت قد اعترفت به من أنك لست الله ولا ابن الله ولا المسيا (أي النبي القادم) أجاب يسوع لا البتة لم أنس لأن هذا هو الاعتراف الذي أشهد به أمام عرش دينونة الله في يوم الدينونة، أجاب رئيس الكهنة إنما أسألك هذا ولا أطلب قتلك، قل لنا من كان ابن إبراهيم هذا؟ أجاب يسوع إن غيرة شرفك يا الله تؤججني ولا أقدر أن أسكت. الحق أقول إن ابن إبراهيم هو إسماعيل الذي يجب أن يأتي من سلالته المسيا الموعود به إبراهيم أن تتبارك به كل قبائل الأرض. فلما سمع رئيس الكهنة هذا حنق وصرخ لنرجم هذا الفاجر لأنه إسماعيلي ".
ثالثاً: الشاؤوليون الكنسيون:
كما أراد اليهود أن يطبقوا هذه البشارة على يوشع كذلك أراد الشاؤوليون الكنسيون أن يطبقوها على عيسى فقد حاول كتبة ا الأناجيل أن يلقوا في روع الناس أن يسوع هو المسيح المنتظر... الذي جاء ليعيد إليهم مجدهم الضائع. وتهافتوا على استدعاء أعداد العهد القديم، واستنطاق أنبيائه قسراً، وتحرير الكلمات والروايات التي تحدثت عن المسيح المنتظر على "يسوع". بل شكلوا "يسوع " نفسه في قالب المسيح المخلص ولكن:
ا- عيسى كان من بني إسرائيل وليس من إخوتهم فالبشارة لا تنطبق عليه.
2- عيسى لم يأت بشريعة جديدة إذ قال:
"لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس... ما جئت لأنقض بل لأكمل " متى: 5/17
أي ليكمل السير على منوال الناموس، توراة موسى. بينما البشارة تقول هناك رسالة جديدة. ورسالة محمد (القرآن) كانت الرسالة الجديدة التي نسخت توراة موسى وإنجيل عيسى وجميع الكتب السماوية الأخرى. فقد جاء في القرآن:
(وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمنأ عليه) سورة المائدة: الآية 48
(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الَاخرة من الخاسرين) سورة اَل عمران: الآية 85.
3- عيسى لم يأت للعالم
" الم أرسل إلا لخراف بيت إسرائيل الضالة" متى: 15/24
أما محمد فهو الذي أتى للعالم، ورسالته كانت ولا تزال حتى اليوم مفتوحة للعالم وإلى أبد الآبدين لكل من يشاء الدخول فيها.
(وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً...) سورة سبأ: الآية 28
(قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعأ...) سورة الأعراف الآية 185
ولما كان كل نبي يرسل إلى قومه لذا فالنبي أفضل قومه، أما محمد فقد أرسل للناس جميعاً لذا هو أفضل الأنبياء، وبالتالي سيد الخلق جميعاً، لذا اختتم الله به الرسالات. ألم يقل المسيح في إنجيل برنابا:
"إن الله خلق الكون كله من أجله وأنه سيعطي نوراً للعالم " برنابا 39/20-22
"وأن الانحناء لفك سيور حذائه يعتبر شرفاً عظيماً" 79/1
وجدير بالذكر "أن الدكتور نظمي لوقا وهو مسيحي مصري كتب رسالة علمية سماها "محمد الرسالة والرسول " شهد فيها أن الإسلام دين البشرية قاطبة جاء ليصحح أخطاء أهل الكتاب ويرسم للإنسان معالم الحياة الفاضلة للدنيا والآخرة".
4- عيسى انتهر التلاميذ عندما قالوا له(أنت ال مسيح) أي النبي القادم
"من يقول الناس إني أنا... فأجاب بطرس أن! ال مسيح " أي "ال نبي ال قادم " الذي أشارت إليه التوراة "فانتهرهم كي لا يقولوا لأحد"مرقص 8/27-30
فلو كان عيسى هو ال مسيح القادم فعلاً أي "ذلك النبي " ذو الشأن الخطير الذي كان ينتظره اليهود، لما انتهرهم ولقال لهم أشيعوا هذا الخبر بين الناس لأنه كان جريئاً في قول الحق وتبليغ الرسالة، لا يخشى لومة لائم، بدليل قوله:
إقتباس :
اقتباس:
"فلا تخافوهم ليس مكتوم لن يستعلن، ولا خفي لن يعرف الذي أقوله لكم في الظلمة قولوه في النور والذي تسمعونه بالأذن نادوا به على السطوح" متى:10/26-27
ولكن لأنه لم يكن فعلاً هو "ال مسيا القادم " انتهرهم وقال لهم إياكم أن تقولوا لأحد لأني لست هو.
وهناك دس فاضح في الإنجيل الرابع مفاده أن امرأة سامرية من المنبوذين قالت للناس
"هلموا انظروا إنسانا قال لي كل ما فعلت " يوحنا:4/29
وأن الناس قالوا للمرأة
"إن هذا هو بالحقيقة مخلص العالم "يوحنا:4/42
والدس هو أن عيسى رد عليها "أنا الذي أكلمك هو". ولكن للأسف هذا الكذب لا ينطلي على عين الناقد أيضاً. لأن الكذب واضح تماماً، فمرقص ذكر أن عيسى انتهر التلاميذ عندما قالوا له "أنت ال مسيح " أىِ النبي القادم مخلص العالم. ثم إن عيسى كما ذكرنا لم يأت ليخلص العالم إنما أتى ليخلص خراف بيت إسرائيل الضالة. والذي جاء لخلاص العالم من الأصنام والكفر هو محمد.
ثم إن الرد المزعوم "أنا الذي أكلمك هو". ليس قول المسيح لأن فيه افتخاراً وتعاظماً وادعاء في غير محله، وعيسى عليه السلام كان أكثر الناس تواضعاً كما ذكرنا. فضلاً عن أن هذه الرواية مقتبسة من الوثنية!! نعم أخي العزيز، فكما سطا كتبة هذه الأناجيل على أعداد لا حصر لها من التوراة والعهد القديم ونسبوها زوراً إلى عيسى، كذلك سطوا على الديانات الوثنية وغرفوا منها غرفاً وألصقوه به ليحشروا في هذا الدين الشاؤولي كل جنس من الأمم ألم يصرح شاؤول بذلك!!؟ وهذه الرواية أول الغيث من الوثنية وسيأتيك المزيد فقد وعدتك أن ننزع قناع بولس- وأعني به قناع بولس وقناع المجامع الكنسية وقناع الوثنية وجميع أقنعة الدجل الذي دسوه في هذا الدين- حتى يظهر لنا المسيح الحقيقي. وإليك الإثبات، وهو حسب ما جاء في البند الثلاثين من كتاب مقارنات الأديان- الديانات القديمة-:
«« توقيع أبو عمران »»
-
أقوال الهنود
الوثنيين في بوذا ابن الله
-
وفي أحد الأيام التقى "ناندا" تلميذ بوذاوهوسائرفي البلادبالمرأة "مناحي " وهي من سبط "الكندلاس " المرذولين قرب بئر ماء، فطلب منها قليلاً من الماء فأخبرته عن سبطها وأنه لا يجوز له أن يمَترب منه لأنها من سبط محتقرفقال لها يا أختي أنا لم أسألك عن سبطك وعن عائلتك إنما سألتك شربة ماء، فصارت من ذاك الحين تلميذة بوذية
أقوال النصارى
المسيحيين في يسوع المسيح ابن الله
وفي أحد الأيام جلس يسوع قرب بئر ماء بعدما سار مسافة حتى كاد ينهكه التعب
وبينما هو قرب البئر عند مدينة السامرة أتت امرأة سامرية لتملأ جرتها من
البئر فقال لها يسوع اسقيني شربة ماء فقالت المرأة السامرية أنت يهودي وكيف
تطلب مني شربة ماء فإن اليهود لا يستحلون معاملة السامريين.... الخ
عيسى نفسه بشر بهذا النبي
"أقول لكم الحق خير لي أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي" يوحنا:16/7
أي أحمد. وكلمة "المعزي" ترجمة خاطئة للكلمة اليونانية "بيركليت " والتي معناها الأكثر حمداً، أي أفعل التفضيل من حمد أي "أحمد" كما أسلفنا وهذا تحقيقاً لماجاء في القرآن.
(وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) سورة الصف: الآية 6
أي أن السماء ستتصل بالأرض مرة أخرى وسيأتيكم بعدي النبي الخاتم الذي يقول لكم كل شيء
" إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعوا أن تحتملوا الآن" يوحنا:16/12-14
لأن البشرية لم تكن معدة بعد لتلقي الرسالة العالمية الختامية
"وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع به يتكلم" يوحنا: 16/13
تماما كما جاء في البشارة إلى موسى "فيكلمكم بكل ما أوصيه به" كما أن عيسى أضاف "ذاك يمجدني" يوحنا:16/13 ولم يأت بعد عيسى من الأنبياء إلا محمد، ولم يمجده ويدافع عنه إلا محمد، والقراَن حافل بآيات الدفاع عن عيسى التي مجده فيها ونزهه عن البصق والجلد والصلب كما مجد أمه ونزهها عن الزنا الذي وصمها به اليهود وشهد بأنها كانت أشرف وأطهر نساء العالمين كما مر معنا، ليس هذا فحسب بل خصص لها سورة كاملة تحمل اسمها. وهنا أستأذنكم لنتوقف قليلاً لنقول للذين في أعينهم خشبة وفي قلوبهم عمى من الخشب والعمى الذي زرعه شاؤول(بولس) والمجمعات الكنسية في أعينهم والذين يزعمون أن محمداً هو الذي ألف القراَن مع أن الله ثم النقاد شهدوا له بأنه كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ولم يخط في حياته حرفاً، نتوقف قليلاً لنقول لهم، تصوروا جرأة محمَّدٍ وهو يخرج في أحد الأيام إلى أشراف العرب من قريش وأثريائهم الذين كانوا يحتقرون اليهود منذ ثلاثة اَلاف سنة أو يزيد ليقول لهم بأن فتاة يهودية هي أطهر وأشرف نساء العالمين.
(وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) سورة آل عمران: الآية 42
فهل يتفضل أي شخص كائناً من كان أن يفسر لنا هذا الخروج عن القياس، كيف يختار محمد عليه السلام هذه الفتاة اليهودية لمثل هذا الشرف الرفيع لو كان هو مؤلف القرآن!!؟ إن الإجابة بسيطة. لم يكن لمحمد الاختيار. لم يكن له الحق في أن يتكلم كما يهوى ويشاء، إنما كان يبلغ قومه وحي السماء ولتكن ردة فعلهم ما تكون
(إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى) سورة النجم: الآية 4- ه،.
أما السورة التي تحمل اسمها (مريم في القرآن- والتي لا يسمعها مسيحي إلا وتجري الدموع من عينيه) فهي تكريم أيضأ لم يسبغ عليها في أي إنجيل من أناجيل المسيحيين. ولو أننا تصفحنا الـ 66 سفراً للبروتستانت وا لـ73 سفراً للكاثوليك فإننا للأسف لا نجد واحداً منها قد عنون باسم مريم تكريماً لها ولابنها المسيح عليه السلام إنما نجد كتباً بعنوان مرقص أو متى أو لوقا أو يوحنا، أو عناوين لأشخاص أقل شهرة "ومرة أخرى لو كان محمد هو مؤلف القرآن ما تعذر عليه أن يقحم اسم أمه "آمنة" مع اسم مريم أم المسيح... أو اسم "خديجة" زوجته الوفية، أو اسم فاطمة ابنته المحبوبة. ولكن كلا ثم كلا لأن القرآن ليس من صنع يديه" إنما كان يبلغ قومه وحي السماء الذي كان ينزل عليه، ويضعه جبريل على لسانه وما كان ينطق عن الهوى
"لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع به يتكلم " يوحنا 16/13
6- كما أن عيسى نفسه أكد أن النبي القادم لن يكون من اليهود كما مر معنا
"ماذا تظنون في ال مسيح " (وهو الذي قلنا إنهم رموا إليه بأل التعريف تمييزاً له عن بقية المسحاء) ابن من هو؟ قالوا له ابن داود "فأفلجهم عيسى وبين لهم أن كهنتهم قد كذبوا عليهم " قال لهم "فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فإن كان داود يدعوه بالروح رباً فكيف يكون ابنه فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله بتة" متى:22/41-46
7- يعطى عيسى في إنجيل يوحنا بعض صفات النبي المنتظر فيقول:
"إن كنتم تحبوني فاحفطوا وصاياي، وأنا أطلب من الله فيعطيكم معزياًاَخر، ليمكث معكم إلى الأبد.. روح الحق " بوحنا 14/15-17
ماذا يقصد بآخر؟! هل يقصد بها نبياً آخر كباقي الأنبياء؟ لا إنه يقصد من "نوع آخر" يختلف عن كل الأنبياء السابقين. وحيث إن شريعته ستكون آخر الشرائع المنزلة من السماء لذا ستبقى إلى الأبد (ليمكث معكم إلى الأبد) بعيدة عن التغيير والتحريف. تصديقاً لقوله تعالى:
(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر: 9
وتصديقاً لقول اشعيا الذي مر معنا:
"وأما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد" أشعيا:40/8
ولقد شهد الأصدقاء والأعداء من النقاد الغربيِن كما مر معنا بأن القرآن هو نفس القرآن الذي كان يتلوه محمد ولم يتغير فيه حرف واحد طيلة أربعة عشر قرناً، فقد حفظه الله وصانه من التحريف. وعليه تكون رسالة محمد هي الرسالة الخاتمة التي ستمكث إلى الأبد ويكون هو النبي الخاتم ولأنه سيأتي بكل الحق إذاً فلا حاجة لنبي بعده. وكلمة "روح الحق " لا تعني مطلقاً أنه سيكون روحاً بل تعني بأنه سيأتي "بكل الحق من منبعه" أميناً عليه يبلغه تماماً كما سمعه "كل ما يسمع به يتكلم " ونحن نقول روح الفل، وروح الياسمين، وروح الماء زهر وروح ماء الورد... ونعني بذلك "الإصانص" لذا فالنبي القادم ورسالته سيكونا "إصانص " الحق. أي الحق الكامل المجرد. وفي هذا الصدد فسر القس السابق السيد إبراهيم خليل فيلبس الذي أسلم هو وجميع أفراد عائلته وتسمى باسم إبراهيم خليل أحمد، فسر "روح الحق " بقوله: "روح الحق لا تعني أن النبي القادم سيكون روحاً غير إنسان. ففي كتاب العهد الجديد اليوناني عبارة روح استخدمت لتدل على الإنسان الموحى إليه. الإنسان المحتوى بالاتصال الروحي بالسماء كما جاء في الرسالة الأولى لكورنثوس 2/9-11، والرسالة الثانية لتسالونيكي 2/2 ورسالة يوحنا الأولى 4/1-3 ويضيف أن النبي المنتظر سيرشدكم إلى حقائق لم يبلغها المسيح (أي عيسى) إذ قال: "ويخبركم بأمور آتية" يوحنا:16/13،. والقرآن الكريم هو الآية الخالدة إلى أن تقوم الساعة. إنه الإعجاز البياني والعلمي المتضمن لحقائق ما وصل إليه الإنسان في عصرنا من كشف علمىِ وما سيصل إليه الإنسان من كشوفات علمية فلا جديد تحت شمس القرآن. وهنا نقول إذا كان ابن مريم قد جاء بكل الحق فلا داعي إذاً لأن يبعث الله رسولاً آخر، وفي نبوءة عيسى عن النبي الخاتم أن هذا النبي سيأتي بكل الحق وإذا كان هذا النبي سيأتي بكل الحق فإنه سيكون ولا ريب آخر الأنبياء والمرسلين وخاتم الأنبياء ولا تعقيب بعده ".
وبعد هذه شهادة من كان قسيساً شاؤولياً كنسياً أنار الله قلبه بالدين الصحيح وفتح عقله فنزع الخشبة التي غرسها شاؤول والمجمعات الكنسية من عينه فأبصر جيداً وعرف الحقيقة وقفز خارج الفخ الذي نصبه شاؤول فرأى النور فسار فيه هو وجميع عائلته تاركاًا لظلمة وراءه. وهل بعد ذلك شهادة في أن محمداً هو النبي المبشر به في البشارة لموسى: "أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك "!؟.
لذا جن جنون اليهود كما قلنا يوم عرفوا أن "ال نبي ال منتظر" الذي انتظروه دهوراً لم يأت منهم، لا سيما ناسخ لتوراتهم التي أغلقوها على أنفسهم، أي ملغيها وكل من لا يؤمن به وبرسالته هو من أهل النار، وفي نفس الوقت فاتح ذراعيه لكل الأمم في العالم أجمع ليهديهم إلى طرق الخلاص الصحيح، طريق "لا إله إلاَّ الله ولا خلاص بدون الإقرار بهذه الشهادة". وجاء ليكفر بالثالوث الذي ابتدعه أساطين اليهود وتعبوا في ترسيخه مئات السنين في أذهان النصارى البسطاء بعد أن ظنوا أنهم جرفوهم إلى شرك الثالوث إلى الأبد وضمنوا الفردوس لهم وحدهم. فجاء قول الحق مندداً بالذين رفعوا عيسى إلى مرتبة الألوهيهَ ومندداً بالثالوث الشاؤولي الكنسي الوثني، ومعتبرا كل من يؤمن به هو كافر وجزاءه النار مخلداً فيها:
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) سورة المائدة: الآية 72 .
(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد. وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا عذاب أليم) سورة المائدة: الآية73
(لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا للّه ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً (سورة النساء: الآية 172.
(إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيماً) سورة النساء: الآية56
وهكذا أزاح محمد الستار الذي أسدله اليهود على دين المسيح بن مريم بعد رفعه إلى السماء، ونفض غبار الزمن عن دين أخيه وأعاده للعالم نقياً خالصاً من الشوائب بعد أن نزع القذى والخشب الذي زرعه غلاة اليهود في عيون النصارى قبل 505 عام.
وقد يقول قائل إن محمداً لم يأت لليهود الذين كانوا ينتظرونه. والجواب هو أن محمداً أتى للعالم واليهود بعض العالم. وكل من يؤمن برسالته ينجو من النار ويفوز بالجنة والنعيم الأبدي. فقد قال محمد:
"والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي أرسلت به لكان من أصحاب النار"
تماماً كما قال عيسى:
"لو لم أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطيئة أما الآن فليس لهم عذر في خطيئتهم "يوحنا: 15/22
وكان "عامة" اليهود يعرفون أن ال نبي ال قادم سيكون "مخلص العالم " والدليل على ذلك قول الناس للمرأة السامرية التي اعتقدت أن عيسى هو ال نبي ال قادم "إن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم " يوحنا 4/42
وأن رسالته ستبقى بدون تحريف إلى الأبد
"نحن سمعنا من الناموس أن "المسيح " يبقى إلى الأبد" يوحنا 12/ 34
بينما عيسى في الحقيقة لم يأت ليخلص العالم إنما أتى ليخلص خراف بيت إسرائيل الضالة كما حدث هو نفسه متى: 15/24 ورسالته لم تمكث إلى الأبد إنما اندثرت بعد القرن الثاني. وجاء في القرآن عن محمد وعالمية رسالته: (قل يا أيها النَّاس إني رسول الله إليكم جميعاً) سورة الأعراف: الآية 158،، وكذلك قوله: (وما أرسلناك إلا كافة للناس ) سورة سبأ الآية 28،.
وقال محمد مبيّناً ذلك لقومه: "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من قبلي. كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود..."أي إلى كل الأجناس. وقال يرونيم في سفر أريميا "أوحي إلى أريميا أنه يأتي آخر الزمان نبي يكون لكل الأجناس ".
وفي حديث آخر لنبي الإسلام "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجداً، وطهوراً، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي، وأعطيت الشفاعة، وبعثت إلى الناس عامة".
والتاريخ إضافة للقرآن يخبرنا أن محمداً أتى للعالم. فقد بعث إلى هرقل والروم ينذرهم وكتابه لا يزال محفوظاً عندهم حتى اليوم. كما كتب إلى كسرى فارس، وإلى المقوقس حاكم مصر بينما عيسى لم يفعل ذلك وحصر رسالته في بني إسرائيل متى: 15/ 24، لأن محمداً رسول الله إلى الناس كافة شهد له القرآن بذلك، وشهد هو لنفسه وخبر أنه رسول الله إلى الخلق جميعاً وأن شرائع الأنبياء كلها منسوخة بشرعه وأنه آخر الأنبياء وأن من لا يؤمن به فهو من أهل النار وهو القائل "نحن الآخرون السابقون إلى الجنة، حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها، وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي ".
كما أن اشعيا قال عن النبي المنتظر "لا يضعف ولا يغلب "، والشاؤوليون الكنسيون يقولون أن عيسى ضعف وغلب على أمره وبصق في وجهه وجلد وألبس تاجاً من الشوك ثم صلب. بينما محمد لم يضعف ولم يغلب على أمره طيلة ثلاث وعشرين عاماَ وهو يدعو إلى دين الله، قاطعه قومه، وحاصروه،وحاربوه وجرح في المعارك... لكنه لم يكل ولم يضعف بل انتصر في النهاية عليهم جميعاً.
فيا أخي العزيز يا من تبحث عن الحق، هل اقتنعت أن محمداً هو أحمد وهو نبي العالم الذي غير اليهود اسمه في التوراة إلى إيلياء الذي بعثه الله آخر الزمان تحقيقاً لنبوءة ملاخي
"هأنذا أرسل إليكم إيلياء النبي قبل مجيء يوم الرب العظيم المخوف فيرد قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على اَبائهم" ملاخي: 4/5
، أي ليرد الجميع إلى دين الآباء نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وداود وعيسى، أي باختصار إلى دين الله الواحد الذي هو في الأصل لا إله إلا الله وهل فعل ذلك غير محمد؟، إن لم تقتنع فتعال ندرس البشارة مرة أخرى كلمة كلمة هذه المرة للتأكد بنفسك من هو نبي اَخر الزمان. عيسى الذي زعم شاؤول وأناجيله أنه هو، أم محمد! فالنبوءة تقول:
ا- أقيم لهم نبياً: لقد كان موسى نبياً، ومحمد كان نبياً، ولكن بالنسبة إلى عيسى، فإنّا وإن كنا نؤمن أنه كان نبياً، وأنه قال عن نفسه ذلك متى 13/57 إلا أن الشاؤوليين الكنسيين يقولون إنه إله وابن إله. لذا فعيسى من وجهة نظرهم كإله وابن إله ليس مثل موسى، لأن موسى لم يكن إلهاً وابن إله، وإلى أن يهديهم الله وينزعوا الخشبة من أعينهم ليبصروا جيداً ويعترفوا بأن عيسى ليس إلاّ نبياً ليفلتوا من النار الأبدية، نقول أن عيسى حسب رأيهم ليس هو الموصوف في هذه البشارة إنما الموصوف بها هو محمد.
2- من وسط إخوتهم: كلنا نعرف أن إبراهيم تزوج من سارة أولاً ثم من هاجر ثانياً، فأنجبت له الثانية إسماعيل، ومن إسماعيل انحدر بنو إسماعيل، ثم أنجبت له الأولى إسحاق، ومن إسحاق انحدر بنو إسرائيل. وعليه يكون إسماعيل أخو إسحاق من أبيه والبشارة واضحة في أن المبشر به لن يكون من وسط بني إسرائيل أي (بني يعقوب)، إنما من إخوتهم. ولقد جاء في سفر التكوين: 16/ 12، "أن إسماعيل أمام جميع إخوته يسكن" ومن ثم فإن محمداً من إخوتهم أي بني إسماعيل، أما عيسى فكان من وسط بني إسرائيل.
3- مثلك: (أي مثل موسى): ما هي أوجه الشبه بين عيسى وموسى من جهة، ومحمد وموسى من جهة أخرى؟ تعالوا نرى:
(أ) الشريعة والأحكام الجديدة: موسى جاء بشرائع وقوانين جديدة في التوراة، ومحمد جاء بقوانين وشرائع جديدة في القرآن نسخت قوانين وشرائع التوراة، أما عيسى فلم يأت بشريعة جديدة في الإنجيل إنما جاء ليحافظ على الشريعة اليهودية "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس " متى:5/17 ، "وعلى كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون فكل ما قالوه لكم أن تحفظوه فاحفظوه " متى:23/1-3 ، وعيسى كما يعرف الجميع حافظ على الوصايا العشر، واحترام السبت... الخ التي جاءت في التوراة، فعيسى ليس كموسى في أنه صاحب شريعة جديدة، إنما محمد مثل موسى.
(ب) النبوة والحكم: هناك أنبياء كثيرون في العهد القديم أعطاهم الله النبوة فقط ولم يعطهم الحكم، أي السلطة التنفيذية، ليكونوا في منزلة الحاكم الآمر الناهي صاحب السلطان والنفوذ الذي يطبق التعليمات التي جاء بها من الله، كأن يأمر بالحبس، أو الجلد أو الرجم أو الإعدام. مثل لوط ودانيال ويونس ويحى يوحنا المعمدان... وكثير غيرهم. وعيسى كان ينتمي إلى هذا النسق من الأنبياء
"ومن قال كلمة على ابن الانسان يغفر له "متى: 12/32،
"وقال له واحد من الجمع يا معلم قل لأخي أن يقاسمني الميراث فقال يا إنسان من أقامني عليكما قاضياً أو مقسماً" لوقا: 12/13-14
كما أن عيسى لم يستطع الحكم على الزانية بالرجم (وبالمناسبة أليس غريباَ أن يقول الشاؤوليون الكنسيون أن عيسى هو الله وهو لم يستطع أن يأمر برجم زانية، بينما الله نفسه هو الذي أمر برجم الزاني والزانية!؟) أما موسى فقد حكم بالرجم على إسرائيلي لأنه احتطب يوم السبت ونفذ الحكم سفر العدد: 15/32-36 ، وكذلك حكم بالموت على ابن الإسرائيلية الذي جدف على الله. سفر الأولين:24/10-16، كما أمر بقتل 3000 من عباد العجل سفر الخروج: 32/21-29. وكذلك محمد كان له سلطان الحكم بالموت على كل من يخرج عن تعاليم الله. فقد حكم على زانية بالرجم ونفذ الحكم وكذلك عندما فتح مكة أخبروه أن رجلاً ما زال متعلقاً بأستار الكعبة فقال اقتلوه. وهكذا فإن موسى ومحمد كانا نبيين بيدهما الحكم والنبوة، أما عيسى فقد كان بيده النبوة فقط. وعليه يكون محمد مثل موسى أما عيسى فليس مثل موسى.
(ج) الحرب: موسى حارب الأعداء وانتصر وحقق غرضه، وكذلك محمد حارب الأعداء وانتصر وحقق غرضه، بينما عيسى لم يحارب أحد بل كان مسالماً. "رد سيفك إلى مكانه لأن كل الذين يؤخذون بالسيف، بالسيف يهلكون " متى: 26/52، و"واعط ما لقيصر لقيصر" متى: 22/21، حتى لو كان قيصر مستعمرا وثنياً. كذلك لم يحقق غرضه إذ بكى على القدس مقهوراً وقال: "يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا" لوقا: 13/ 34، فعيسى ليس مثل موسى إنما محمد مثل موسى.
(د) القبول من أقوامهم: محمد وموسى قبلهما قومهما وسلما لهما بأنهما نبيين ورسولين من عند الله. أما عيسى فقد رفضه قومه "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله " يوحنا: 1/11، وحتى اليوم بعد 2000 عام فإن اليهود برمتهم يرفضون الاعتراف بعيسى إذ لا شيء مذكور عنه في توراتهم التىِ بأيديهم ولا حتى في كتبهم التاريخية كما ذكرنا ولقد لام كثير من النقاد المؤرخ اليهودي "يوسيفوس " لذلك. وعليه يكون عيسى ليس مثل موسى في قبول قومه له، إنما محمد مثل موسى.
(هـ) الميلاد والوالدين: محمد وموسى ولدا ولادة طبيعية نتيجة الاقتران الطبيعي بين الرجل والمرأة، لكن عيسى خلق بدون أب، أي بالكلمة "كن فيكون ". وكان لموسى والدين هما "عمران ويوكابد" خروج 6/20 ,كذلك كان لمحمد والدين هما عبد الله وآمنة بنت وهب. وعليه لا يكون عيسى مثل موسى في الميلاد والوالدين، إنما محمد مثل موسى في الميلاد والوا لدين.
(و) الزواج: موسى تزوج بأكثر من واحدة. فزوجته الأولى صفورة المديانية خروج 2/ 12، ابنة "رعوئيل" كاهن مديان خروج 2/ 18،، الذي أصبح اسمه "يثرون " في الخروج 3/1، ثم تحول إلى حوباب في القضاة 4/11، مما يدل على تحريف التوراة أو عدم دقتها عندما أعادوا كتابتها من الذاكرة. كما ذكرت التوراة أنه تزوج مرة أخرى من امرأة كوشية أي عبدة سوداء سفر العدد 12/1، (وهذا يفسر اهتمام حكومة إسرائيل بجمع يهود الفلاشا من الحبشة وزجهم داخل إسرائيل)، وكذا محمد تزوج بأكثر من واحدة، لكن عيسى ظل أعزباً طول حياته. إذاً عيسى ليس مثل موسى من ناحية الزواج إنما محمد مثل موسى.
(ز) وفاتهم: موسى توفاه الله وفاة طبيعية، ومحمد توفاه الله وفاة طبيعية. لكن وفقاً للعقيدة الشاؤولية الكنسية عيسى مات قتلاً على الصليب من أجل خطايا العالم كما يزعمون. فضلا عن أن موسى ومحمد يرقدان في قبريهما على الأرض الآن ولم يقتلا من أجل خطايا العالم. وطبقاً للعقيدة الكنسية الشاؤولية فإن عيسى يجلس الآن على يمين الله مرقص 16/ 19،. فعيسى ليس كموسى في الوفاة، إنَّما محمد مثل موسى.
في الحقيقة هناك الكثير الكثير من الشبه والمثلية بين موسى ومحمد، ولكنا خوفاً من الإطالة نكتفي بهذا القدر لنعود لتكملة النبوة. ولعلك أخي اقتنع الآن من كل ما سبق أن كلمة "مثلك" الواردة في البشارة إنما تنطبق على محمد الذي هو مثل موسى. ولكن!! هل البشارة انتهت عند هذا الحد؟ لا البشارة لم تنتهي. فتعالوا نكمل البشارة:
41- فاجعل كلامي في فمه: أي أمي لا يقرأ ومن المعروف أن محمداً كان أمياً لا يعرف القراءة ولا الكتابة، ولما نزل عليه الوحي (جبريل روح القدس) في غار حراء بمكة المكرمة قال له "اقرأ" ففزع محمد وامتلأ رعباً وقال: (ما أنا بقارىء) فأعاد عليه جبريل القول: "اقرأ" فكرر محمد قوله: "ما أنا بقارىء" أي لا أعرف القراءة فأعاد عليه الوحي الأمر للمرة الثالثة ووضع الكلام في فمه قائلاً: "اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم " وهنا أدرك محمد وهو يرتجف أن ما يقصده الوحي هو ترديد نفس الكلام الذي وضعه الوحي في فمه. مما يؤكد أنه لم يكن يعرف أنه سيحمل للعالمين رسالة الله الخاتمة الصالحة لكل زمان ومكان، عندها أخذ يردد كلام الوحي خلفه وهو ما زال يرتجف.. فذهب إلى بيته مسرعاَ يقول لأهل بيته: "زملوني زملوني " من شدة رعشته وارتجافه. واستمر الوحي ثلاث وعشرين عاماً يضع كلام الله في فمه وهو يردده خلفه بسرعة حتى لا ينفلت منه شيء، فنزل قول الله تعالى: (ولا تعجل بالقراَن حتى يقضي إليك وحيه) سورة طه: الآية 114 ثم طمأنه تعالى: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إنا علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم ان علينا بيانه) سورة القيامه: الآية 16-19،. أي لا تحرك لسانك بالقراَن قبل فراغ جبريل خوفا من أن ينفلت منك شيء منه، لأن علينا جمعه في صدرك، وقرآنه، أي قراءته وجريانه على لسانك. فإذا قرأناه، أي قرأه جبريل عليك فاتبع قرآنه أي استمع إلى قراءته أي باختصار، لا تخف من شيء، أترك الأمر لنا.
لماذا كل هذا؟ لأنه كان أمياً لا يعرف القراءة ولا الكتابة. فكان هذا الوحي مطابقاً تماماً لبشارة الله لموسى "واجعل كلامي في فمه" ولقد شهد الله لمحمد أنه كان أميا في اَيات كثيرة في القراَن:
(الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والانجيل) سورة الاْعراف: الآية 157
(هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته) سورة الجمعة: الآية 2
(فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) سورة الأعراف الآية 158
(وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ) سورة العنكبوت: الآية48.
ووعد الله في التوراة "اجعل كلامي في فمه " لا ينطبق على عيسى لاأن عيسى كان يقرأ ويكتب "ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ" لوقا: 4/16, وعندما أتوه بالمرأة الزانية ليسمعوا حكمه فيها، ماذا فعل؟ "وأما يسوع فانحنى إلى أسفل وكان يكتب " يوحنا:8/6 ,إذاً مرة أخرى المقصود بهذه البشارة هو محمد وليس عيسى.
وتأكيداً على أن محمد الأمي هو النبي المقصود بالبشارة تعالوا لنقرأ سوياً سفر إشعيا 29/12 "أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له اقرأ فيقول لا أعرف القراءة" أي(ما أنا بقارىء) تلك الكلمات التي رددها محمد لجبريل ثلاث مرات قبل 1400 سنة في غار حراء بمكة. لقد كان الله عن طريق جبريل هو معلمه الوحيد الذي وضع كلامه في فمه. لذلك قال الله عنه (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى) سورة النجم: الآية 3-5 و قال عنه عيسى "الأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع به يتكلم" يوحنا 16/13 أليس كل هذا تصديقاً لبشارة الله لموسى "واجعل كلامي في فمه "؟!.
«« توقيع أبو عمران »»
-
ان كل هذه النبوءات لتنطبق على محمد كانطباق القفاز على اليد، ومع هذا لا تزال الكنائس التي تزعم لطوائفها أنها مسيحية لا تؤمن بمحمد ولا برسالة السماء التي نزلت عليه رغم التوراة التي تؤمن بها وتحرض طوائفها على عدم الإيمان به. وهذا ليس جديداً على رسالة محمد، فلقد حاول الكفار من قبلهم ذلك فأنزل الله فيهم: (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون* فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون) سورة فصلت الآية 26-28.
ولكن لماذا هذا التحريض على محمد ودين محمد مع أن ذكره جاء في التوراة وأسفار الأنبياء وعيسى نفسه بشر بمقدمه!؟ الجواب لأن محمداً ورسالته السماوية أكبر خطر على معتقدات الكنيسة التي فبركتها مجامعها القديمة على الأرض وراء أبواب مغلقة وأسوار عالية تخترع فيها كل يوم إلهاً. فلو عرفت طوائفها محمداً وقرأت رسالته لآمنت به وتحولت عنها تاركة لها جميع معتقداتها اللامعقولة من الإله المولود من فرج أنثى إلى الثالوث، إلى الإله المدفون إلى الإله القائم من الأموات... وبالتالي يظهر كذبها وينكشف للملأ، فتنهار وتتبخر معظم مدخولاتها. فالكنائس اليوم بجميع أطقمها من البابا إلى الكاردينال إلى الأسقف إلى القسيس إلى الشماس.. لم يعرفها المسيح طيلة حياته على الأرض، وما هي في حقيقتها إلا سليلة كنائس الأمس، الكنائس الشاؤولية اليهودية الوثنية، التي فرضت ثالوثها على الناس تحت طائلة العذاب والحرمان والحرق على الخازوق وقتلت الملايين الأبرياء من سكان أوروبا الموحدين في سبيل فرض ثالوثها المستحل عليهم بالقوة. ثم باعتهم صكوك الغفران. وهي تعتبر أكبر عائق أمام نصارى اليوم في توجههم نحو الله الحقيقي (الذي نادى به عيسى وموسى وإسحاق ويعقوب وإبراهيم وجميع الأنبياء السابقين واللاحقين) لتخليص أرواحهم من النار الأبدية، التي نارها لا تطفأ. وما فتئت توجههم نحو إله وهمي ليس له وجود اخترعته لهم اليهودية العالمية القديمة، كل ذلك من أجل الحفاظ على كيانها وتقاليدها الموروثة ومداخيلها المشبوهة المصادر ومن أجل كراسي ومناصب ومنافع دنيوية رغم تحذير عيسى لهم. "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه وماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه " متى 16/26، كما حذرهم الله في القرآن: (ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) سورة الزمر الآية 47 (أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون) سورة البقرة: الآية 86
(إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً أولئك هم وقود النار) سورة آل عمران: الاية10
لاهين عن كلام الوحي الحقيقي الذي وضعه الله في فم آخر أنبيائه حسب ما جاء في كتبهم، ويتبعون الوحي المزعوم الذي أضفته الكنيسة بكلمة منها على أناجيلهم المليئة باللمسات البشرية والتحريف والتناقض الذي يعصف بها من أولها إلى آخرها باعتراف نقادهم ومن كانوا قساوسة وأساقفة في كنائسهم، ولو تطرق التناقض إلى أقوال الوحي لبطلت جميع الشرائع.
فيكلمهم بكل ما أوصيه به: أي أن التوراة ليست شريعة أبدية. لأن الله سيوصي هذا النبي المبعوث آخر الزمان بكلام جديد يشهد على ما جاء في التوراة لكن في نفس الوقت يحل محلها ويهيمن عليها لأنه آخر اتصال للسماء بالأرض (وأنزلنا عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) سورة المائدة الآية48 ،أي فيه إلزام لبني إسرائيل واتباع عيسى بالدخول فيه.
ولحكمة بدت غامضة، أسبغ الله بركته على إسحاق أولاً وهو الأخ الأصغر فأرسل من ذريته الأنبياء والرسل، وأنزل على قومه التوراة. فتباهوا بذلك أمام الرومان واليونان الوثنيين واغتروا بذلك، وسموا أنفسهم شعب الله المختار. إلأ أنهم بمرور الزمن أهملوا توراتهم ولم يعملوا بها لذا ندد بهم عيسى قائلاً: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلوا أنتم ولا تدعوا الداخلين يدخلون " متى:23/13،... ولما استمروا في غيهم تنبأ لهم قائلاً: "لذلك أقول لكم أن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لاْمة تعمل أثماره " متى:21/43،... وتحققت نبوءة عيسى وجاء اليوم الذي نزع منهم الملكوت (أي النبوة والرسالة) التي كانوا مغترين بها، فتوقف ظهور الأنبياء فيهم، وابتدأت بركة الأخ الأكبر إسماعيل في الأمم وكل ذلك كان مقدراً أزلاً تحقيقاً لوعد الله: "هأنذا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً (بمحمد) اثني عشر رئيساً يلد واجعله أمة كبيرة" تكوين:17/20 ، ولقد ولد لاسماعيل اثنا عشر ابناً كما جاء من نسله محمد النبي المبشر به في التوارة ومن بعده كذلك اثنا عشر خليفة من قريش وهكذا انتهى الاختيار عن شعب اسرائيل، وأصبح محمد وأمة الإسلام الشعب المختار والمفضل عند الله بشهادة الله نفسه: (وكنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) سورة آل عمران: الآية 110 . وبذا تحققت نبوءة المسيح في نزع الملكوت منهم. وقبل نبوءة المسيح هذه كانت هناك نبوءة داود "قال الرب لربي... " المزمور: 110 ،والحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية (مزمور118) ، ونبوءة اريميا، واشعيا وملاخي ومن قبلهم يعقوب "لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون - رسول الله- وله يكون خضوع شعوب..." تكوين:49/10 ،ثم بشارة الله لموسى هذه التي نحن بصددها فالأنبياء جميعهم بشروا بمقدم محمد تحقيقاً لما جاء في القراَن (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم اصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) سورة آل عمران: الآية81 ،. ومع كل هذه النبوءات فىِ كتبهم فاليهود- ومعهم نصارى اليوم- لا يؤمنون بمحمد حسداً منهم لأنه لم يظهر فيهم بل ظهر في إخوتهم بني إسماعيل حسب بشارة الله لموسى.
وظهرت الحكمة الإلهية في تأخير بركة إسماعيل ليكرم حفيده محمد ليكون خاتم الأنبياء والرسل، وتكون رسالته آخر الرسالات السماوية وعالمية لجميع أهل الأرض. ألم يقل برنابا "أن الله خلق الكون من أجله ".
هذا وقد علم عيسى أتباعه كيف يميزون الأنبياء الكذبة من الأنبياء الصادقين إذ قال لهم: "من ثمارهم تعرفونهم " متى:7/16، فما هي ثمار محمد؟. إنها أكَثر من بليون مسلم يؤمنون بالله الواحد. الله الذي اَمن به نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وإسماعيل ولوط وداود وسليمان وإلياس، واليسع وموسى وعيسى... لا يزنون ولا يقامرون، ملتزمين بأوامر الله ونواهيه ويعطون الأثمار (العبادات) في أوقاتها، يصلون له على طهارة خمس مرات في اليوم ويصومون له شهر رمضان ثلاثين يوماً كل سنة ويخرجون زكاة أموالهم من الحول إلى الحول ويحجون البيت الحرام وقبل هذا يكبرونه من على المآذن ويشهدون له بالوحدانية وأن لا إله إلا هو ليسمعها الداني والقاصي.
فما هي يا ترى ثمار شاؤول والمجمعات الكنسية!؟ ثمارهم في العقيدة أولها الشرك بالله، ونسبة الموت ومرض انفصام الشخصية له، ثم شرب الخمر، وأكل الخنزير وعدم الختان وعدم الطهارة... الخ أما أثمارهم في الحياة فيكفي أن تقلب صفحات أي جريدة يومية: لترى الجرائم والفضائح التي تهز البلاد التي تتبع دين شاؤول والكنيسة، من جرائم القتل والمخدرات والسرقة والزنا والاغتصاب والإجهاض وكثرة الأطفال اللقطاء وبيعهم أو بيع أجزائهم كقطع غيار... الخ، إضافة إلى الشذوذ الجنسي من لواط وسحاق، بل وزواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة زواجاً رسمياً بموافقة برلماناتها وحكوماتها بموجب قوانين وتشريعات أصدرتها لهم مما ساهم في انتشار الجريمة ومرض الإيدز والمخدرات (انظر الصور التالية)، كل هذا وسط صمت الكنيسة المطبق على ذلك إن لم يكن بتشجيع منها،
«« توقيع أبو عمران »»
-
«« توقيع أبو عمران »»
-
وقد شاهدنا هنا في الشرق الأوسط عبر الأقمار الصناعية منظر القسيس وهو يعقد قران رجل على رجل، وهناك الآباء الذين يعاشرون بناتهم معاشرة الزوجية ويسمون كل ذلك حرية وديمقراطية، ومن لا يسايرهم يسمى رجعياً ومتخلفاً وما المانع طالما الكنيسة أوهمتهم بأن المسيح سيغفر لهم كل ذلك فقط إن هم آمنوا بصلبه ودمه المراق على الصليب. هذه هي ثمار شاؤول والمجمعات الكنسية لقد صدق المسيح عندما قال عن الأنبياء الكذبة: "من ثمارهم تعرفونهم هل يجنون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً" متى 7/16 .
وعودة إلى موضوعنا فإن المدقق الحيادي الموضوعي يجد أن الأضواء كلها في بشارات التوراة والأناجيل تجتمع في بؤرة واحدة لتدل على محمد، إذ كل نبوءاتها تشير إليه، بل وتنطبق تماماً عليه وليس على أحد سواه.
ثم إنه لا يحق للشاؤوليين الكنسيين ولا بحال أن يزعموا أن عيسى هو النبي المنتظر، وذلك لسبب بسيط كما أسلفنا، وهو زعمهم أن عيسى هو الله. فبالله أخي العزيز كيف يكون هو الله الحي القيوم الخالق البارىء المصور الديان وفي نفس الوقت يكون النبي المنتظر!! هل الله يكون نبياً؟! وهل النبي يكون الله ؟!. لا يقول بهذا إلا أخرق. لقد أرادوا أن يلبسوا عيسى عباءة كل شيء كما أسلفنا. عباءة الله، وعباءة ابن الله، وعباءة ابن داود وعباءة ابن الإنسان وعباءة النبي المنتظر... الخ. أليس هذا مضحكاً؟! وبعد كل هذا يسألون لماذا يترك الناس هذا الدين المناهض للعقل والمنطق ويلجأون إلى غيره؟.
والنقاد المسيحيون الشرفاء أنفسهم يعترفون بأن عيسى لم يكن أبداً هو النبي المنتظر وفي هذا الصدد يقول الدكتور شارل جانبيير الفرنسي الكاثوليكي المتعصب: "إن النتيجة الأكيدة لدراسات الباحثين هي أن عيسى لم يدع قط أنه المسيح المنتظر". ويؤكد ذلك أيضاً المفكر والناقد الغربي جيرالد ل. بري: "لم يدع عيسى قط أنه المسيح الذي ينتظره اليهود. ولكن كثيرين من أتباعه منحوه هذا اللقب ".
وعليه بشهادة النقاد المسيحيين العالميين ليس هناك إلاّ محمد هو النبي المنتظر.
6- فيكلمهم بكل ما أوصيه به مرة أخرى: أي أميناً على الوحي. وكان محمد يبلغ الصحابة بكل ما ينزل عليه من وحي أولاً بأول، لا يزيد ولا ينقص. وكانوا يحفظونه في صدورهم رأساً والحاضر ينقله إلى الغائب فينطبع في عقولهم وقلوبهم، قبل أن يسجلوه على الأوراق والجلود. وفي محاولة من الكفار لثنيه عن مساره طلبوا منه يوماً أن يأتيهم بكلام غير الذي يوحى إليه. ولكن كيف يكون ذلك وهو الملقب بالصادق الأمين منذ الصغر، وهل لمن كان صادقاً وأميناً مع الناس يمكن أن يكون غير ذلك مع الله الذي يؤمن به ويرجو ثوابه ويخشى عقابه!؟. (وإذا تتلى عليهم اَياتنا بينات قال الذين لايرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إليّ إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) سورة يونس: الآية15
وفي هذا دلالة كبيرة على أمانته، وفي أنه ما كان يكلمهم إلآ بما يوصيه الله به.
7- أنا أطالبه (أو سأكون المنتقم) ويكون الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به سأكون المنتقم:
تماماً كما قال الله تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناَ فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) سورة آل عمران: الآية 85 ، أي الذين خسروا الجنة وكانوا من أصحاب النار. نحن ترتعد فرائصنا إذا هددنا أحد من البشر بأنه سينتقم منا، وانتقام البشر من البشر في أقصى حالاته لا يمكن أن يصل إلى ما هو أبعد من قتل الجسد. لكن الانتقام الإلهي من الذين لم يؤمنوا بوحدانيته واتبعوا ديناً غير دينه شيء مختلف تماماً.. هو التخليد في النار الأبدية حيث لا يخرجون منها، ولا يقضى عليهم فيموتوا،(والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور) سورة فاطر: الآية 36.
" جهنم والعياذ بالله تماما كما جاء في مرقص... حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ" 9/44
(إن الذين كفروا باَياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب...) سورة النساء: الآية56 .
فكيف لا ترتعد فرائص من يؤمنون بثلاثة آلهة ويزعمون أنهم واحد عندما يقول لهم الله نفسه "سأكون المنتقم "!؟. هل يحتملون انتقام الله!؟. أم تراهم يتحدون الله بمعتقداتهم الكافرة هذه! ألم يكفهم ما جمعوا من أموال في ترويج هذه البضاعة المغشوشة وما ضللوا بها من أمم!؟ وإلى متى سيستمرون فيها!؟.
8- وأما النبي الذي يطغى فيتكلم باسمي كلاما لم أوصه أن يتكلم به، أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى فيموت ذلك النبي:
المقصود بـ"يموت ذلك النبي"، أي يقتل (لأننا كلنا في النهاية سنموت): أي أن الذي ينسب إلى الله كلاما لم يأمره به، سيقيض له الله من يقتله:
ولأن الله واحد، والدين واحد، فقد ورد نفس التهديد في القراَن عن محمد لو تكلم باسم آلهة أخرى إذ قال تعالى: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين) سورة الحاقة: الآية44-47 ،والوتين هو نياط القلب، وهو عرق يتصل مع الرأس إذا انقطع مات صاحبه.
لكن باسم من كان يتكلم محمد!؟ افتح أخي العزيز مطلع أي سورة في القرآن لتتأكد بنفسك، تجدها تبدأ(باسم الله الرحمن الرحيم ) لذا أنجز الله وعده للصادق الأمين، فما قتل مع كثرة أعدائه، ومع كثرة اشتراكه في المعارك وجرحه فيها، إنما مات في بيته ووسط أهله.
أما شاؤول الذي كان يتكلم باسم آلهة أخرى غريبة فقد قتله الله، (تحقيقاً لما جاء في البشارة فيموت ذلك النبي) على يد الرومان الذين جندلوا رأسه بضربة سيف في المستنقع السلفياني قرب روما بعيداً عن أهله وبلده بعد أن رفض طلبه في مقابلة بوبيا زوجة نيرون، وابنة رئيس كهنة أورشليم وشريكته في الإثم الكبير في قتل المسيحيين الموحدين وتحريف دينهم، حيث كانت لاهية عنه في أحضان نيرون الذي جعل من أجسادهم مشاعل تضيء شوارع روما. أما انتقام الله الحقيقي حسب وعده في البشارة فهذا ما ينتظره يوم الدينونة هو ومن يدينون بدينه ممن يعبدون آلهة وهمية من صنع البشر.
9- وإن قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب. فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب، بل بطغيان تكلم به النبي فلاتخف منه:
أي باختصار إن هذا النبي سوف يتحدث عن مغيبات، بمعنى أمور في علم الغيب تظهر وتتحقق في المستقبل. ولقد مر معنا الكثير من الحقائق العلمية وخلافها التي وردت في القراَن وتحققت، ولا زالت تتحقق حتى الآن وكلها جاءت قبل1400سنة، وكما قال القس السابق إبراهيم خليل فيلبس "لا جديد تحت شمس القرآن". هذا إضافة إلى أحاديث محمد التي ذكر فيها كل ما سيجري بعد وفاته حتى قيام الساعة. وهكذا عموماً ترى أخي العزيز أن هذه البشارة لا مكان لعيسى فيها.
إن نص هذه البشارة، وكثير غيرها من البشارات التي وردت في التوراة والعهد القديم والأناجيل هي التي جعلت كثيراَ من علماء اليهود والنصارى في أول الدعوة يؤمنون بمحمد، ويشهرون إسلامهم بعد أن تأكد لهم أنه النبي المنتظر الذي ورد اسمه وصفاته في كتبهم أمثال عبد الله بن سلام وابني سعدة، وابن يامين، ومخيريق، وكعب الأحبار، وأسيد بن شعبة،وأسيد بن عبيد، وثعلبة بن شعبة، وشموئيل بن يهوذا. والأخير كتب كتاباً بعد إسلامه يرد فيه على نكران قومه اليهود وسماه "بذل المجهود في إفحام اليهود"... وكثير غيرهم. ومن النصارى آمن تجيرا، ونسطورا، وصاحب بصرى، وأسقف الشام، والجارود العبري، وسلمان الفارسي، ونصارى الحبشة، وأساقفة نجران وعدي بن حاتم الطائي والنجاشي إمبراطور الحبشة الذي قال:(أشهد بالله أنه للنبي الأمي الذي ينتظره اْهل الكتاب "، ولما مات النجاشي أعلم رسول الله أصحابه بالساعة التي توفي فيها وبينهما مسيرة شهر ثم خرج فيهم إلى المصلى فصلى على روحه.
فإذا كان اليهود والنصارى الأوائل ومعهم إمبراطور الحبشة قد آمنوا بهذه البشارة التي وردت في كتبهم، وقالوا إنها تنطبق على محمد انطباق القفاز على اليد، وبسببها آمنوا، فهل يبقى عند أحد اليوم شك في أن محمداً هو النبي المنتظر المبعوث آخر الزمان الذي حرفوا اسمه إلى إيلياء كما جاء في سفر ملاخي:4/5(هأنذا أرسل إليكم إيلياء النبي قبل مجيء يوم الرب العظيم والمخوف فيرد قلب الأبناء على الآباء وقلب الآباء على أبنائهم.. )!؟. لقد عرفه الكثيرون من أهل الكتاب القدامى رأساً لأن اسمه وصفاته مذكورة عندهم في التوراة والإنجيل كما أسلفنا، ومن شدة شوقهم إليه وترقبهم الشديد لظهوره، كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم. وقد قال الله فيهم: (الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) سورة البقرة: الآية146 ، أي يكتمون خبره في كتبهم.
ولقد أثنى الله على الذين اَمنوا به في مطلع الدعوة من أهل الكتاب لاْنهم عرفوا الحق واتبعوه فقال عز من قائل: (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون. الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) سورة الأعراف الآية156-157
وكذلك قال فيهم: (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا أنه الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين) سورة المائدة: الآية 83
لكن غيرهم من أهل الكتاب لا سيما اليهود كفروا عناداً وحسداً لأنهم كانوا يمنون النفس بأن يكون هذا النبي العظيم منهم. وحقدهم على إسماعيل معروف منذ قديم الزمان، فلقد زعموا على لسان سارة في توراتهم التي كتبها لهم عزرا الوراق من ذاكرته بعد السبي البابلي 576 ق. م "أطرد هذه الجارية وابنها لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحاق " تكوين 21/10، لكن الله بشر إبراهيم بقوله: "أما إسماعيل فقد سمعت لك فيه هأنذا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً. اثني عشر رئيساً يلد واجعله أمة كبيرة" تكوين:17/20، وولد لإسماعيل اثنا عشر ابناً كما أسلفنا هم: نبايوت- قيدار- أدبئيل- مبسام- مشماع- دومه- مسا- حدار- تيما- يطور- نافيش- قدمه (تكوين 25/30-17) ومن نسل قيدار جاء محمد وتبعه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش كما أسلفنا.
ختاماً نترك لضمير القارىء أن يقرر بعد هذا من كان النبي المنتظر عيسى أم محمد؟.
وللذين يرغبون في المزيد من النبوءات عن محمد وأمة محمد يمكنهم مراجعة النبوءات التالية في التوراة والأناجيل على سبيل المثال لا الحصر. لأن البشارة بمحمد جاءت على لسان جميع الأنبياء كما أسلفنا.
أولاً: أسفار التوراة والعهد القديم:
سفر التكوين:(16/10-12, 17/20، 49/10-11)
سفرالتثنية: (33/1-4),(34-10)
سفر المزامير:( المزمور 2 , 45/3-5 , 44 , 68/4-6 , 72/1 – 19 , 98 , 99 , 118/21-29 , 110/1-7) (149/1 – 8)
سفر اشعيا:(9/6-8 , 21/6 , 21/13 , 24/14-16 , 26/1-21, 29/12 , 40/3-16 , 40/2-4 , 42/1-7 , 46/11 , 48/12 , 51/4-5 , 54/1-14 , 59/24 , 60/1-7
حزقيال:21/5
سفر حبقوق: 3/3-6
سفرحجي:2/6
سفر ملاخي:3/1 , 4/5
ثا نيا: الأناجيل:
مرقص:1/7
متى:11/14 , 17/10 , 21/33-44 , 16/12-46
يوحنا: 1/19 , 15/26 , 16/3 , 16/5 , 16/13 , 24 , 25
وجاء في رؤيا يوحنا اللاهوتي "ثم رأيت السماء مفتوحة وإذا فرس أبيض والجالس عليه يدعى " أميناً وصادقاً" وبالعدل يحكم ويحارب. وعيناه كلهيب نار وعلى رأسه تيجان كثيرة وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو. وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله والأجناد الذين في السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض لابسين بزاً أبيض ونقياً، ومن فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الأمم وهو سيرعاهم بعصي من حديد وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب" 19/11-16
فمحمد منذ طفولته كان معروفاً "بالصادق الأمين " أما قوله: "من فمه يخرج سيف ماض " فهو كناية عن القراَن وحي الله ومعجزة كل الدهور، به يحارب وبه يحكم ويبسط العدل بين الناس، أما الأجناد الذين يتبعونه على خيل بيض فهم صحابته الذين قاتلوا معه. وسنغض الطرف هنا عن النبوءات العديدة الأخرى التي وردت في إنجيل برنابا لأن حضرات السادة الشاؤوليين الكنسيين ما زالوا يسبحون ضد التيار ولا يعترفون بهذا الإنجيل رغم أن مخطوطات البحر الميت المكتشفة حديثاً أكدت على صحته كما مر معنا، ورغم أنه كان معمولاً به في الكنيسة حتى سنة492 م إذ حرمه البابا غلاطيوس في تلك السنة بعد أن غرقت الكنيسة في الوثنية وتعدد الالهة وذلك لأنه يتكلم عن الله الواحد وليس عن ثلاثة آلهة كما أنه لا يعترف بصلب المسيح. ونحن نقول:
ما ضر شمس الضحى في الجو مشرقة أن لايرى ضوأها من ليس ذا بصر
حتى في الديانات القديمة جائت البشرى بمحمد كنبي ومنقذ للعالم. فلقد ورد اسمه وصفاته ومكان ظهوره في الكتب الهندوكية القديمة المعروفة باسم "بورانا" وهي كتابهم المقدس وهي عبارة عن ملحمة دينية شعرية:
«« توقيع أبو عمران »»
-
«« توقيع أبو عمران »»
-
وترجمتها كا لآتي:
من الصحراء العربية سيخرج محمد له صحابة عديدون وسيكون محصناَ ضد الخطايا ومحمياً من أعدائه، طبعه ملائكي، سيقتلع الشيطان وعبادة الأصنام بل وكل الشرور والخطايا من جذورها وسيكون فخراً للإنسانية جمعاء. (والكلمة الأولى من السطر الثاني هي محمد، وقد وضعت لك تحتها خطين).
كذلك جاءت النبوءة به في الكتب الفارسية القديمة، واللغة الفارسية القديمة أقدم بكثير من الهندوكية، وكتبهم الدينية معروفة باسم الدساتير وزاندا فاستا (ويمكن تسميتها بالعهد القديم والعهد الجديد للديانة الفارسية، وفي دساتير رقم 14 ما يؤيد التعاليم الإسلامية، ونبوءة واضحة عن ظهور محمد في أوضح معانيها.
وترجمتها كالآتي:
عندما تهبط معنويات الفرس إلى الحضيض سيولد إنسان في الصحراء العربية ويكون له أصحاب عديدون سيقلبون عرش فارس ويمحون ديانتها، وستنهار الرؤوس الكبيرة في فارس، وتحطم معابد النار، وتطهر الكعبة من الأصنام والعقلاء سيتبعونه، ثم يتبعهم الآخرون.
فهل تنطبق هذه النبوءة على أحد غير محمد؟!.
لقد تنبأت جميع الديانات القديمة وجميع أنبياء بني إسرائيل بمقدم هذا الرسول العظيم، ولكن هناك أياد خفية تبرمج الشاؤوليين الكنسيين الوثنيين بعدم الإيمان به وبالقرآن الذي نزل عليه خوفاً من إعادة استرداد أماكنهم في الجنة بعد أن ضمنت ذهابهم إلى جهنم.
يقول الدكتور "نظمي لوقا" وهو مسيحي مصري في مطلع كتابه "محمد الرسالة والرسول " صفحة 11 : من يغلق عينيه دون النور يضر عينيه ولا يضر النور. ومن يغلق عقله وضميره دون الحق، يضر عقله وضميره ولا يضر الحق.
ومرة أخرى نقول كما قال أحد الكتاب"إننا نستحق الموت إذا كنا نعرف طريق الخلاص ونسلك طريق الظلمة".
والآن نعود لتكملة الإصحاح الأول من إنجيل متّى:
متى:1/8-25 : "أما ولادة يسوع فكانت هكذا. لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا، وجدت حبلى من الروح القدس. فيوسف رجلها إذ كان بارا ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سراً. ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور إذ ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً: يا يوسف ابن داود. لا تخف أن تأخذ امرأتك لأن الذي حبل فيها هو من الروح القدس فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم وهذا كله لكي يتم ما قيل من الرب القائل هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناَ ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا... الخ ".
في هذا النص لنا ماَخذ عديدة. منها ما يتعلق بالترجمة ومنها ما يتعلق بالنص ذاته، مثال ذلك:
الترجمة: لا نستطيع أن نغض الطرف عن الألفاظ والمعاني التي ترجمت في هذا النص ترجمة ركيكة، وحرفية عن الانكليزية، مثل"يجتمعا"، "ورجلها بدل خطيبها" و "امرأتك بدل خطيبتك " ، و"متفكر" بدلاً من "مستغرقاً في التفكير" Considering ... الخ والتي كلها تثبت أنها ترجمت عن الإنكليزية إلى العربية حرفياً، وبركاكة، وليس عن اليونانية كما تدعي دائرة الكتاب المقدس في الشرق الأوسط التي أنقل من كتابها العهد الجديد المطبوع سنة1981 م والتي تقول في مقدمته: "ولقد ترجم من اللغة اليونانية". لأن ما جاء أعلاه يثبت قطعاً أن النسخة العربية هذه ليست مترجمة عن اليونانية، بل عن الإنكليزية، ثم من الإنكليزية إلى العربية، وليس من اليونانية رأساَ إلى العربية كما تدعي دار الكتاب المقدس المحترمة.
ماذا يعني هذا إ؟ يعني أننا يجب أن نكون حذرين جداً في دراسة وفهم كل كلمة وردت في الأناجيل بعد أن تداولتها أيدي المترجمين والنساخ في ظلمات الكنائس قديماً، وبعد استمرار ظهور الطبعات المختلفة بين كل فترة وأخرى حديثاً حتى يومنا هذا بدعوى التنقيح والتصحيح، لأن ما المقصود بالتنقيح والتصحيح إلا دس أو تحريف أو حذف شيء خطر ببالهم بعد أن أصبح عرضة للنقد الجارح من قبل النقاد.
وعلى القارىء أن يعلم أن الكلام الوارد في الأناجيل ليس كلام المسيح الحقيقي. فأصول هذه الأناجيل كلها كانت باليونانية- وحسب النقاد قد فنيت جميعها- والمسيح لم يكن يعرف اليونانية كما أسلفنا، ولم ينطق بكلمة واحدة منها لا هو ولا تلاميذه، لذا يجب أن نكون حذرين جداَ في قراءتنا للنصوص الواردة في هذه الأناجيل المترجمة، خصوصاً الأقوال والأمثال التي نسبوها إلى المسيح، لأن الترجمة من لغة إلى أخرى تفقد النصوص كثيراَ من معانيها. فكيف إذا كانت الأناجيل مترجمة من اليونانية إلى الإنكليزية، ثم من الإنكليزية إلى العربية!؟ في الوقت الذي لا يعلم أحدٌ دقة المترجمين ولا مدى اطلاعهم وتمكنهم من اللغات التي ترجموا منها وإليها كما هو واضح في الصفحة السابقة.
لهذا أحببنا أن نلفت انتباه القراء من البداية. أي إلى أن الألفاظ والمعاني التي سنمر بها قد تكون بعيدة جداً عن الأصل اليوناني وبعيدة جداً جداَ عن كلام المسيح الذي كان بالآرامية قبل أن يترجم كلامه إلى اليونانية، ومنها إلى الإنكليزية ثم إلي العربية. ومثال على ذلك أننا لو قمنا بترجمة قطعة أدبية لشكسبير من الإنكليزية إلى الفرنسية ثم أخذنا الترجمة الفرنسية وترجمناها إلى الإسبانية، ومن الإسبانية ترجمناها إلى العربية، ثم حاولنا إرجاع الترجمة العربية إلى الإنكليزية التي صدرت عنها أول مرة، سنكتشف عندها كم نحن بعيدون عن لغة شكسبير، بل وعما قصده شكسبير أصلاَ.
لذلك عندما اشتد النقد الموجه إلى هذه الأناجيل من قبل النقاد المسيحيين في الغرب، ابتدأت أقلام حماة الأناجيل في التنقيح والتصحيح ونشر طبعات جديدة أخذت تظهر في الأسواق بين الحين والآخر تحت عنوان "طبعة منقحة"، ومع مرور الزمن امتلأت الأسواق بالطبعات المنقحة، وأصبحت لا تجد إنجيلاً يماثل الآخر! ولما اتسع الخرق على الراقع قال المدافعون عن الأناجيل أمثال الأب "كايننجسر": "لم يعد واجبا الأخذ بحرفية الأحداث الواردة عن المسيح في الأناجيل ". ونحن إذا وافقنا الأب كايننجر وغضضنا الطرف عن "حرفية" الأحداث وحرفية الترجمة أيضاً إلا أننا لا نستطيع أن نغض الطرف عن جمل معينة بالذات لا لأنها ترجمت ترجمة خاطئة فقط بل لأنها خطيرة مثل جملة "وجدت حبلى من الروح القدس" إذ لا بد من تسليط الأضواء عليها حتى لا يغش القارىء العادي، لأن روح القدس لا يحبل أحداً.
نقد النصوص السابقة ومعانيها:
ا- أما ولادة يسوع فكانت هكذا: إن قول الكاتب (كانت هكذا) يوحي للقارىء العادي بأن كلامه شيء مؤكد بل وأنه كان شاهداً على تلك الولادة، والحقيقة غير ذلك. فإنجيل "متى الحقيقي"- وليس هذا- كان قد كتب كما مر معنا بعد أربعين سنة من ولادة المسيح، أي كان المسيح قد رفع إلى السماء. أما هذا الإنجيل المزيف فقد كتب بين سنة 70- 80 م حسب قول النقاد المسيحيين أنفسهم. أي أن قصة الولادة التي قال عنها الكاتب "كانت هكذا" كانت قد تلاشت من أذهان الرواة الذين كانوا يتناقلونها شفاهة عند كتابة هذه الأناجيل. هذا إن كان قد بقي منهم أحياء بعد 70- 80 سنة. كما يجب أن لا ننسى أن الراوي كثيراً ما يزيد أو ينقص في روايته، والمثل يقول "آفة الحديث رواته" لذا ليس علينا بالضرورة أن نصدق الكاتب فيما سيزعمه لنا بعد قوله: "كانت هكذا".
2- مريم مخطوبة ليوسف: غريب قول المؤلف أن مريم كانت مخطوبة ليوسف هذا!
لأن الله جلت قدرته عندما اصطفى مريم على نساء العالمين لتكون الوعاء لهذا الحمل المعجز إنما أراد بذلك أن يظهر قدرته في الخلق بالكلمة أو المشيئة ليوقظ الروح والضمير اللذين كانا قد ماتا وتحجرا عند اليهود. إذ أن الله يضع لنا القوانين التي يسميها العلماء "قوانين الطبيعة" لنتعلم منها (علم الانسان ما لم يعلم) سورة العلق: الآية5 ، كأن تحمل المرأة من لقاح الرجل مثلاً. لكن الله الذي وضع القوانين لنا، هو فوق القوانين، يخلق بالقدرة، أو الكلمة، أو المشيئة (إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) سورة مريم: الآية 35، تماماً كما جاء في التوراة "ليكن جلد في وسط المياه... ولتجتمع المياه تحت السماء... لتنبت الأرض عشباَ" فكان كل ذلك (تكوين الإصحاح الأول).
لكن كاتب هذا الانجيل- أو بالأحرى هذا الإصحاح- إرضاءً لقومه الذين رموا مريم بالزنا "اخترع" لها خطيبأ سماه يوسف، ودسه في قائمة الأجداد السابقة (التي أثبتنا كذبها) ليهيئنا ذهنيا لقبوله هنا. وهنا جاء ليصور لنا مريم وكأنها ارتكبت فضيحة، جاعلاً من يوسف هذا رجلاً يتستر عليها! لأنه لو كانت مريم مخطوبة ليوسف هذا كما زعم، ثم وجدت حبلى بعد ذلك، فسيكون هناك شبهة في هذا الحمل أمام الناس. وبهذه الطريقة يرضي قومه اليهود في اتهام مريم بالزنى ويترك المجال أمامهم مفتوحاً لاتهام يوسف بأنه قطف الثمرة قبل الأوان.
لذا، فشخصية يوسف هذا، مهزوزة، وغير قوية في حبك الرواية، وتثير شكاً كبيراً عند كل ناقد بصير بأنها شخصية غير واقعية جيء بها خصيصاً لتحقيق أغراض معينة في ذهن الكاتب ليس أكثر. إذ أتى به من المجهول وجعل منه خطيباً لمريم ليتستر عليها وليرافقها بعد ذلك إلى بيت لحم، ليجعل ميلاد المسيح يتم في بيت لحم من أجل أن يلصق به أنشودة ميخا في الأسر البابلي "وأنت يا بيت لحم... يخرج منك مدبر يرعى شعب اسرائيل " متى:2/6،، ثم يرافقها وابنها إلى مصر في رحلة استغرقت سطرين من إنجيله، ثم تختفي أخباره كلياً ولم يعد أحد يسمع به في إنجيله بعد ذلك. فكما أتى به من المجهول عاد وغيبه في المجهول بعد أن قضى غرضه منه. كأنما أتى به خصيصأ ليدخل الشبهة علينا إرضاء لقومه أو خوفا من سخريتهم. معتقداً أنه بذلك يستطيع أن يغطي قدرة الله سبحانه وتعالى! ولكنه في الحقيقة لم يكن إلاّ كمن يغطي الشمس بقطعة نقود يضعها على عينه لأن الجميع يشهد لمريم بالطهر والعفاف. ولقد برأها القرآن الكريم من كل ما رماها به اليهود ويؤكد بأنها أشرف نساء العالمين كما ذكرنا، كما أن الله كرمها في القراَن وجعل ولادتها المعجزة لعيسى تتم تحت أشرف الشجر وجبريل يقول لها: (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً) سورة مريم: الآية 25،. فلو كان يوسف هذا حقاً خطيبها لكان موجوداً معها ساعة الولادة، ولكان كلام الوحي موجهاً إليه "وهز إليها يا يوسف بجذع النخلة"!. لكن لا يوجد شيء من هذا. وقد يستغرب القارىء كيف يمكن لفتاة في الخامسة عشرة قائمة لساعتها من الولادة أن تهز بجذع النخلة الثقيل. الحقيقة هي أنها لو لمسته أو حتى أشارت إليه لانحنى لها الجذع وتهاوى عليها الرطب!. لكن لماذا جعل الله ولادتها تحت نخلة؟!. لم يكن أحد يعلم وقتها السبب ولكن جاء في البحوث الطبية الحديثة مؤخراً أن أفضل غذاء للأم الوالدة حديثاً هو الرطب لأنه يدر اللبن في ثديها. فانظر أخي العزيز إلى رحمة الله الذي جعل ولادتها لطفلها تتم تحت شجرة من أشرف الأشجار والتي ثمرها أفضل غذاء لدر اللبن في ثدي الأم حسب قول الأطباء في القرن الحادي والعشرين وقارن هذا بالذي زعمه الكتبة الملهمون في جعل ولادتها لطفلها تتم في مذود إسطبل نجس مليء ببول! الحيوانات وروثها!. هذا في الوقت الذي يكذبهم القرآن في الرحلة المزعومة التي نسجها خيالهم من الناصرة إلى بيت لحم، وكذا في الإحصاء المزعوم الذي اختلقه لوقا وسفرها بسببه إلى بيت لحم لتضع مولودها هناك حسب زعمه، إذ لم تغادر مريم مدينتها بل ابتعدت عن بيتها قليلاً لأن الحمل بعيسى وتصويره في رحمها وولادته تمت كلها في ساعة، والمعجزة في عيسى ليس أنه ولد بدون أب فقط إنما بالسرعة المذهلة التي ولد فيها:
" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً {16} فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً {17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً {18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً {19} قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً {20} قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً {21} فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً {22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً {23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً {31} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً {32} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً {33} ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ {34} مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {35} وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ {36}"سورة مريم
فكل ما سبق يؤكد أن مريم لم تغادر مدينتها إنما ابتعدت بعض الشيء عن بيتها ثم عادت إليه وهي تحمل مولودها (عيسى) فهي لم تذهب لا إلى بيت لحم ولا إلى بيت خبز.
3- وجدت حبلى من الروح القدس: قلنا إننا لا نستطيع أن نغض الطرف عن جمل ترجمت ترجمة خاطئة، بل محرفة وخطيرة وردت في هذه الأناجيل مثل هذه الجملة. فلماذا لا نستطيع أن نسكت عليها؟! لأن مفهوم روح القدس عند الشاؤوليين الكنسيين هو أحد الآلهة الثلاثة، وعند بعض الطوائف الأخرى هو الله نفسه. فعندما يقول هذا الكاتب أن مريم وجدت "حبلى من الروح القدس "، يجب علينا أن نكون حذرين جداً ونتساءل، إلى ماذا يرمي؟! وماذا في جعبته من إفك يريد أن يغش به أمة المسيح!؟.
نحن لا ننكر أن كل شيء من الله، لأن الله مصدر الأشياء كلها، ولا يصدر شيء عن غير إرادته. هذا إذا كان المقصود من قوله ذاك، بأمر الله، أو بإذن الله، أو بمشيئة الله. لأنه حتى سقوط الورقة من على الشجرة لا يتم إلا بأمر الله. ولكن يبدو أن هذا الكاتب اليهودي الشاؤولي الذي ادعى أنه متَّى وما هو بمتَى، تعمد أن لا يقول ذلك صراحة ليمرر شيئاَ قذراً في ذهنه إلى أذهان الأمميين الوثنيين أتباع شاؤول الذين سموا فيما بعد بالمسيحيين في أنطاكيا. ويبدو أنه نجح في ذلك إلى أبعد الحدود. لأن قسماً كبيراً منهم ابتلع الطعم وأخذ يعتقد أن عيسى هو ابن الله الطبيعي- وتعالى الله عما يقولون- الأمر الذي أصبح لا يشك فيه أحد أن (كاتب هذا الإصحاح) شاؤولي حتى العظم، وهدفه كان تخريب صورة المسيح ودينه من الداخل. وإن لم يكن شاؤول نفسه هو كاتب هذا الإنجيل المضلل، الذي اعتكف ثلاث سنوات في الصحراء العربية معتمداً النفس الطويل لهذا الغرض، (أي لإعداد خطته نسف مسيحية والقضاء على مسيحية المسيح من الداخل)، فلا شك أنه أحد أعوانه المقربين. لأن هدفه من جملة "حبلى من الروح القدس " واضح من البداية وهو إخراج عيسى من دائرة البشرية والزج به في مقام الألوهية. أي لجر النصارى من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر والتجديف على الله، ليحقق بذلك هدف اليهود الغير معلن في إبقاء "الله الواحد" لهم لتكون الدار الآخرة خالصة لهم من دون المسيحيين في جعلهم- أي المسيحيين- يشركون بالله ويؤمنون "بالذي حبل فيها هو من الروح القدس ". أي أن عيسى هو الابن الطبيعي لإلههم، ليجرهم إلى الكفر ويضمن بعد ذلك ذهابهم إلى جهنم بالبريد السريع لأن الله كتب على نفسه أن يدخل الجنة كل من يؤمن بواحدانيته وأن يدخل النار كل من يجعل له ابناً أو شريكاً له في ملكه أو أي آلهة أخرى.
لكن الملفت للنظر أننا نقرأ في الإصحاح الثاني عشر من هذا الإنجيل قولاً مناقضاَ تماما لما قاله هنا، جاء فيه "ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له، وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي "متى:12/31-33 . فقول الكاتب "حبلى من الروح القدس " هو أكبر كلمة كفر وتجديف على إله النصارى، لأن روح القدس لا يحبل أحداً. ولكنه من الناحية الأخرى قد ناقض نفسه في النص المذكور أعلاه. ولما كان من غير المعقول أن يناقضى الكاتب نفسه، فليس أمامنا إلا أن نقول إن جملة "حبلى من الروح القدس " دخيلة ومدسوسة في هذا الإنجيل بعد موت صاحبه إن لم يكن الإصحاح كله مدسوساً!! والذي أدخل هذه الجملة أراد أن يوعز للنصارى السذج من طرف خفي ما لا يتصوره إلا شيطان، ليفسد على الأمة المسيحية الحقة دينها. إذ ترك لهم الطعم الذي هَو حرف "من " في جملة "حبلى من الروح القدس " مبهمة ليحمل جهلتهم الأمر على وجه آخر تقشعر له الأبدان ولا يتصوره عقل. إذ أراد أن ينسب إلى إلههم عملاً لا يقوم به إلا البشر والحيوانات، وتعالى الله عن ذلك علوا كبيراً.
ولكن للأسف يبدو أن إيعازه هذا لم يقع على آذان صماء، إذ سرى في الأمميين الوثنيين الذين دخلوا في دين شاؤول حديثاً سريان النار في الهشيم واستمر هذا بين بعض الشاؤوليين الكنسيين الذين يسمون أنفسهم نصارى أو مسيحيين حتى اليوم وإن كان بعضهم لا يجرؤ على التصريح بذلك. ففي كتاب شرح التعليم المسيحي في قواعد الإيمان الكاثوليكي المطبوع في بيروت سنة1896 م يقول المؤلف "المسيحيون أبناء الله بالذخيرة والنعمة، والمسيح ابن الله بالطبيعة" . ولقد نسي هذا الكاتب المضلل أنه إذا كان عيسى ابن الله بالطبيعة فلا يحق لهم أن يزوجوا مريم ليوسف النجار في أناجيلهم وهي ما زالت على ذمة غيره- تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً- ثم إن الملك في حياتنا الوضعية حتى لو طلق زوجته لا يستطيع أحد أن يتزوجها. كما نسي هذا الكاتب أن يخبرنا كيف يكون عيسى الله وابن الله وابن مريم وزوجها وخالقها في نفس الوقت. كل هذه المتاهة لأن المؤلف لا يعرف توراته التي جاء في أول صفحاتها أن الله يخلق بالكلمة كن فيكون "أو أنه تغاضى عن ذلك" ليسهم في جرف الأمم إلى الهاوية في جعل عيسى زوج مريم ورب مريم في الوقت الذي هو ليس إلاّ إبناً لمريم.
كما أنه في محاضرة للمنصر الأمريكي "بللي جراهام " وهو يشرح جملة "الذي حبل فيها من الروح القدس " أمام40.000 مستمع في كينج بارك- دوربان- بجنوب أفريقيا "أخرج سبابته وهز يده التي مدها إلى آخرها من اليمين إلى اليسار قائلاً: "وجاء روح القدس ولقح مريم هكذا"!.
لا يملك المرء إلاّ أن يتأسف، بل ويبكي على هذا الدين الذي لعبت به الأهواء بعد رفع صاحبه إلى السماء.
لقد كانت مصيبتنا في كاتب الإصحاح الأول الذي نصب نفسه شاهداً على ولادة مريم لعيسى في قوله "كانت هكذا" . واليوم في عصرنا الحاضر تضاعفت مصيبتنا أضعافاً بسبب هذا المنصر الامريكي وهو يصور لنا التلقيح من روح القدس لمريم فيقول: "ولقح مريم هكذا" وهو يهز بسبابته! دون حياء أو خجل ولا خوف من الله كما لو كان شاهداً على التلقيح هو الآخر، مدجلا على 000. 40 من المستمعين كانوا حاضرين وناسياً قدرة الله على الخلق بالمشيئة و الكلمة حسب ما جاء في توراته التي حتماً لم يقرأها والتي جاء فيها أن الله خلق الكون والسماء والأرض والشجر والأحياء بكلمة واحدة "كن فيكون " كما مر معنا في مطلع الإصحاح الأول من سفر التكوين " وقال الله ليكن نور فكان نور... وقال الله لتجتمع المياه... فكان كذلك...فقال الله لتنبت الأرض... وكان كذلك... وقال الله لتخرج الأرض... فكان كذلك " تكوين: 1/1-25، ولكن يبدو أن الخبص في هذا الدين مسموح لكل من يؤمن بأن عيسى ابن الله الطبيعي.
كيف سيفلت هؤلاء القوم وكل من يؤمنون بمقولتهم الكافرة هذه من قبضة الله يوم الدينونة الذي لا يفلت من قبضته أحد، والذي جعل أدق شيء في الوجود، أي الإلكترون لا يفلت من قبضة مداره حول البروتون (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا) سورة الرحمن : الآية 33
حقاً ان هؤلاء القوم لا يعرفون شيئاً عن الله (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون )سورة الزمر: الآية67 ، (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين) سورة الأنبياء: الآية 104،. كما يقول في أشعيا43/11، "أنا هو ولا منقذ من يدي افعل ومن يرد" وفي سفر التثنية"أنا أميت وأحي... وليس من يدي مخلص "32/39،. وكما هؤلاء القوم لا يعرفون الله فهم كذلك لا يعرفون ما ينتظرهم من عذاب، لذا يتولاهم (الفزع الاكبر) سورة الأنبياء: الآية 103 عندما يبعثون. لا الخوف إنما ما هو أكبر بكثير من الخوف، أي الفزع، وليس أي فزع، إنما الفزع الأكبر عندما يرون نار جهنم التي ليس لها مثيل من نيران الدنيا في استقبالهم بما جدفوا على الله (ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحسبون) سورة الزمر: الآية47 ،(يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ) سورة النساء: الآية 42،. لقد رسم الله في القرآن صوراَ واضحة لما ينتظر الكفار في جهنم كما رسم صوراً واضحة للمؤمنين في الجنة. فأين سيفلت هؤلاء القوم من قبضة الله يوم القيامة.
لذلك قلنا إننا مع الحق أينما كان وأن واجبنا هو إزالة الشوائب التي ألصقوها بالمسيح وبدينه، ونزع قناع بولس والمجمعات الكنسية وجميع أقنعة الدجل والوثنية عن وجهه علهم يعرفون المسيح وإله المسيح على حقيقتهما. فكل مؤمن بالله الواحد ينفر من هذا التخريف ويعرف تماماً في قرارة نفسه أن عيسى لم يخلق بهذه الطريقة المرذولة التي لا يتصورها إلاّ شيطان. إنما خلق بالمشيئة والكلمة التي خلق الله بها الكون والأشياء كلها. ولقد أوضح الله ذلك في القرآن عندما سألت مريم ربها وخالقها (قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر* قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ( سورة آل عمران الآية 47 ، وهذه هي الحقيقة"الله يخلق ما يشاء بالكلمة فيقول له كن فيكون وليس بتلك الطريقة الكافرة التي ألمح بها هذا الكاتب، أو التي صرح بها ذاك المنصر اللذان حتماً لم يقراَ توراتهما.
ولهذين الاثنين ولكل من يسير على منوالهما نقول اذهبوا واقرأوا كتبكم أولا ولا تخرفوا فتقولوا على الله ما لا تعلمون. فالمسيح قال لكم: "وأما من قال كلمة على الله فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي ".
فالمتتبع لهذا الكاتب الآثم المجدف الذىِ شاركه في إثمه كثيرون من أساقفة الكنائس الشاؤولية القديمة يهوداً ووثنيين اندسوا بينهم لتقريب دين المسيح من فلسفة أفلوطين الوثنية في توالد الآلهة التي كانت سائدة في ذلك العصر لغرض في أنفسهم، يرى كم نجح في إضلال المسيحيين البسطاء في ذلك الزمان واستمر ضلاله حتى اليوم عند الغالبية منهم، وهذا بالضبط ما أراده شاؤول الطرطوسي الفريسي عدو المسيح الأول الذي رمى من وراء ظهره قول المسيح "وإلى طريق أمم لا تمضوا" متى10/5، فمضى هو إلى الأمم الوثنية وحرف لهم دين المسيح ليتلاءم مع تفكيرهم ومعتقداتهم لأن كل هدفه كان إخراج عيسى من سلك النبوة والبشرية ودسه في سلك الألوهية ليبقى موسى عنده وعند أمته اليهودية آخر الأنبياء، ويبقى "الوهيم " لهم وحدهم. حارمين بذلك عموم المسيحيين من نعيم الآخرة والحياة الأبدية في تجديفهم على الله في الولادة، والابن، والثالوث الذي ابتدعته لهم مجامعهم الكنسية فيما بعد، علماً بأن عيسى لم يقل أبداً أنه ابن الله بشهادة الأناجيل كلها وبشهادة جميع النقاد الغربيين. بل إنه لم يتلفظ بلفظة ثالوث أو أقانيم طيلة حياته على الأرضى، وكل من يبحث عن الحق يستطيع أن يقرأ أناجيله ليتأكد مما نقول.
لذا لما انحرفت العقيدة عن طريقها الصحيح ولما كانت رحمة الله لا تنقطع، كان لا بد للسماء أن تتدخل وترد الناس إلى دين التوحيد، دين الآباء والأجداد تحقيقاً لبشارة الله لملاخي "هأنذا أرسل إليكم إيلياء النبي (أحمد) قبل مجيء يوم الرب العظيم.. والمخوف فيرد قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم " فأرسل أحمد الذي قال عنه جل من قائل: (وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ) سورة الأنبياء: الآية 107 وأنزل عليه القرآن مبيناً للناس حقيقة دين الله الذي أنزله على المسيح وحرفته المجامع الكنسية اليهودية الوثنية إلى الثالوث وسوقوه على السذج والبسطاء في ذلك الزمان. فلو لم ينزل القرآن لتبع الناس جميعهم تلك الوثنية وذلك الكفر ولربما بقيت الجنة خالصة لليهود الذين يؤمنون بالله الواحد، ولتحقق حلمهم في السيطرة على ا الدنيا والآخرة! هم وحدهم. ولكن الله رؤوف بعباده ويريد الخير لكل عباده. وهو الذي قدر كل شيء أزلاً.
4- الولادة والعقيدة الكنسية (الإله المولود): لقد نسي هذا الكاتب سواء أكان شاؤول أو أحد أتباعه الحميمين، كما نسي أتباعه الشاؤوليون الكنسيون حتى اليوم، أنه بمجرد نسبة الولادة إلى إلههم، يكونون قد نزعوا عنه الألوهية من حيث لا يدرون. لأن كلا من الإله الذي يلد، والإله المولود ليسا بآلهة. إنما هما آلهة أساطير وميثيولوجيا تماماً كتلك الآلهة الوثنية التي كانت تتربع على جبل أوليمبوس عند اليونان مثل جوبيتر، وزيوس، وعشتاروت، وفينوس... التي كانت تتزاوج وتتوالد. ذلك لأنه من صفات الله الحق أنه "لم يلد ولم يولد".
وحيث أن الشاؤوليين الكنسيين يؤمنون بإله مولود، وحيث إن اليهود بزعمهم كانوا أكفأ منه إذ بصقوا في وجهه وجلدوه، وألبسوه إكليلاً من الشوك ثم صلبوه، إذا هم يتكلمون عن إله وهمي وليس عن الله الحقيقي. لأن من صفات الله الحقيقي الذي "لم يلد ولم يولد" أنه أيضاً "لم يكن له كفواً أحد". لكن إله الكنيسة الذي ابتدعته لطوائفها كان اليهود أكفأ منه إذ جلدوه وصلبوه. إذاً لا شك أنهم يتكلمون عن إله وهمي صنعوه بأيديهم.
لذا يجب أن لا نستغرب عندما نعلم أن كثيراً تركوا هذا الدين! لأن المفروض بالبديهة أن الله الذي خلق السموات والأرض وجميع البشر والكائنات أن يكون أكفأ من خلقه منفردين ومجتمعين. إذ كما خلقهم بالكلمة، يستطيع أن يفنيهم جميعاً بكلمة واحدة. لذا قال الله تعالى في محكم كتابه (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم. قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا) سورة المائدة الآية17.
إذاً فما على الذين يبحثون عن الحق، وعن الإله الحق الذي لم يلد ولم يولد والذي لم يكن له كفواً أحد، أي عن الله الحقيقي الذي هو دائماً غيب وفي الخفاء كما كان عيسى نفسه يشير إليه دائماً، الله الذي قال لموسى: "لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش " خروج 33/20، أي الله الذي آمن به عيسى ومن قبله موسى ويعقوب وإسحاق وإبراهيم... ونوح، ومن بعدهم آمن به محمد، ما عليهم إلاّ أن يميزوا بين "الله الحقيقي " الذي لم يره أحد أي دائماً في الخفاء وبين الإله الاسطورة الذي ولد من فرج أنثى ورآه الجميع يأكل ويشرب وينام... الخ.
لذا لو كانت نية هذا الكاتب اليهودي الشاؤولي طيبة، لقال عن مريم، وجدت حبلى بالكلمة، أو بالمشيئة، أو بالقدرة الإلهية. ولكن كما قلنا لقد كانت المؤامرة مبيتة من اليهود في المجامع الكنسية الأولى على تقريب الديانة المسيحية من الوثنية لجرف الأمم نحو الهاوية. وللأسف بدل أن تنقذ المسيحية الوثنيين من وثنيتهم، أغرقها شاؤول والمجامع الكنسية في الوثنية التي تؤمن بتوالد الآلهة حتى أذنيها. إذ جاء هذا الكاتب اليهودي الشاؤولي بدسه الرخيص ليشوه حقيقة الدين المسيحي وليفهمنا من أول مطلع إنجيله أن الذي حبل فيها هو من الروح القدس- إله الشاؤوليين الكنسيين- أي باختصار أن عيسى هو ابن الله الطبيعي.
وحاشا لله أن يتخذ ولداً وله السموات والأرض (وقالوا اتخذ الله ولداَ سبحانه بل له ما في السموات والأرض كل له قانتون بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراَ فإنما يقول له كن فيكون) سورة البقرة: الآية 116.
5- فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم: كاتب هذه النصوص كاذب ومضلل يريد أن يضل جميع النصارى، والملاك حتما لم ينطق بشيء من هذا التخريف! لماذا!؟ لأن اسم "يسوع " ليس اسماً عبرانياً وغير موجود بين جميع الأسماء العبرية، إنما عندهم اسم "عيسو" تكوين 26/2 و"يشوع" تثنية 34/9، و"هوشع" هوشع 1/ 1، لكن ليس يسوع "بالسين" إطلاقاَ. إذاً من أين أتوا بهذا الاسم!؟.
قلنا إن جميع المخطوطات الأصلية لهذه الأناجيل كانت باليونانية، التي لم يعرفها المسيح ولا أياً من تلاميذه، وإذا نحن بحثنا في اليونانية نجد اسم،Yesus التي ترجمت إلى "يسوع" بالعربية، ولكن للأسف ليس هناك أي علاقة بين الاسمين. وإذا كانت،Yesus (التي حولوها فيها بعد إلىJesus )تعني مخلص باللغة اليونانية، فإن اسم "يسوع" لا يعني مخلصاً لا بالعبرانية – لأنه ليس منها- ولا بأي لغة أخرى. فهل الملاك عندما بشر مريم بشرها باليونانية التي لا تفهمها أم بشرها "بعيسو" وهذا هو المنطق، فعيسو لا تعني مخلص شعبه من خطاياهم. وهذه الجملة ليست إلا دساً مكشوفا من الكاتب المضلل تمهيداً للصلب والخلاص المزعومين في آخر إنجيله. ثم إن كل الأنبياء جاؤوا لخلاص شعوبهم من خطاياهم ولكن ذلك لم يكن أبداً بصلب أي نبي منهم أو سفك دمه حسب ما يريد أن يوعز لنا هذا الكاتب من طرف خفي من أن صلب المسيح كان فيه خلاص لشعبه من خطاياه. وحتى لو كان الأمر كذلك فهل يستطيع أحد من نصارى اليوم أن يزعم أنه حقاً من شعب يسوع الذي جاء يخلصهم من خطاياهم، أي من بني إسرائيل الذين قصر المسيح رسالته عليهم حينما قال: "لم آت إلا لخراف بيت إسرائيل الضالة" متى:15/24 ،. لهذا نرى أنه عندما خرج شاؤول- بولس- للأمم حرفوا هذا النص وأخرجوه عن حقيقته إذ جعلوا من "يسوع" لا يخلص شعبه من خطاياهم فحسب بل "يخلص العالم " يوحنا:3/17 مما يؤكد بما لا يتطرق إليه الشك أن نصارى اليوم من أتباع شاؤول وليس من أتباع "يسوع "!.
6- وهذا كله ليتم ما قيل من الرب "بالنبي القائل " هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعى اسمه عمانوئيل الذي تفسيره "الله معنا": تأمل جيداً أخي العزيز في هذا الكلام. هذا ليس كلام المسيح ولا كلام الملاك إنما كلام الكاتب وهو هنا مرة أخرى يكذب على جميع النصارى! كيف!؟.
كنا قد نبهنا القارىء بأن يكون حذراً عندما يجد في أناجيله أمثال هذه الجمل التي تبدأ بـ "لكي يتم ما قيل من الرب القائل... الخ" لأن الكاتب سيدس بعدها شيئاً من نصوص التوراة أو العهد القديم يضيفه إلى الـ 95% من النصوص التي سرقها من إنجيل مرقص ليبدو إنجيله وكأنه امتداد للتوراة وللعهد القديم ليظهر لنا عيسى وكأنه المبشر به فيهما أي ال نبي ال منتظر. وهذه النصوص المدسوسة في حقيقتها ليس لها أي علاقة بالمسيح لا من قريب ولا من بعيد. لذا بدت مثل الرقع في إنجيله لأنها ليست سوى غش صريح، وتزييف متعمد لدين عيسى وللأمة المسيحية بكاملها. فمن أين كان اسمه قبل قليل "يسوع " وكيف أصبح بعد سطرين "عمانوئيل " الذي تفسيره الله معنا!؟ لا شك أن الكاتب يستغفلنا لأن الملاك ليس كافراً حتى ينطق بهذا الكفر. ولقد اعتقد الكاتب أنه بمجرد أن يعزف لنا لحنه المفضل لديه "لكي يتم ما قيل من الرب القائل... الخ " قبل النص الذي يريد أن يدسه يكون الأمر قد انتهى وأن على الناس أن تصدقه. وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على فرط سذاجة هذا الكاتب وعلى دسه المفضوح. فقبل قليل دس علينا جملة "حبلى من الروح القدس " ثم دس علينا اسم يسوع الذي لا علاقة له بعيسى بن مريم ويريد الآن أن يدس علينا أن هذا الطفل الذي على وشك أن يولد، هو عمانوئيل الذي تفسيره الله بذاته معنا، ليتمشى هذا المفهوم مع المعتقدات الشاؤولية اليهودية الوثنية التي ألّهت عيسى، لتلقي بمن يتبعون هذا الدين في جهنم من أجل الاحتفاظ بالجنة لها الأمر الذي يجعل متَّى التلميذ الحقيقي بريئاً من هذا الإنجيل الذي كتبه يهودي فريسي شاؤولي انتحل اسمه وانتحل إنجيله من الذين سماهم المسيح بأولاد الأفاعي ليضلوا أمة المسيح.
ولزيادة الإيضاح لكل من ضللته مثل هذه النصوص المدسوسة في الأناجيل، نقول تعالوا لنناقش هذا الادعاء الذي يقول إن هذا الجنين الذي هو على وشك أن يولد سيكون الله معنا.
أولاً: لما كان الله كاملاً كمالاً مطلقا، والولادة صفة من صفات عدم الكمال، تختص بالإنسان والحيوان كما قلنا، لذا فالولادة لا تليق بكماله لأنها نقيصة وعيب. وعليه يسقط زعم الكاتب في أن المولود هو الله معنا.
ثانيا: كل مولود هو مخلوق، أي محدث، بمعنى أنه لم يكن فكان، خلقه الله بعد أن لم يكن شيئاً. وعندما نقول إنه ولد، يكون هناك من كونه قبل ولادته وهو في رحم أمه وطوره من لا شيء إلى لحم ودم وعظام و روح وقرر أن يكون ذكراً مفرداً، أو أنثى مفردة أو توأماً... الخ. (وهو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) سورة آل عمران: الآية 6، وهذا كله من عمل الله الحقيقي الذي هو واجد الوجود، وواجب الوجود لذاته، يبني الخلايا في الأجسام الدقيقة كما يدير الأفلاك البعيدة لا يشغله شأن عن شأن، وهو الأول الأزلي والآخر الأبدي الذي لم يلد ولم يولد. ويقول الله تعالى في القرآن: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة * فخلقنا العلقة مضغة* فخلقنا المضغة عظاماً * فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) سورة المؤمنون: الآية 12-14
وفي مناظرة مع طبيب كندي متخصص في علم الأجنة في التلفزيون السعودي مؤخراً.
ذكر الطبيب نفس الخطوات التي ذكرها القرآن في تكوين الجنين. فسأله المذيع متى اكتشفتم ذلك فأجاب الطبيب قبل حوالي 50- 65 سنة. فقال له المذيع ما رأيك أن ما ذكرته أنت جاء في القرآن قبل 1450 سنة فقال الطبيب مستحيل. وهنا قرأ له المذيع النص القراَني بالإنكليزية. فأخذته الدهشة ثم أطرق طويلاً وقال:"لا شك أن محمد نهل من نفس المنهل الذي نهل منه عيسى". لذا لا يمكن ولا بحال أن يكون هذا الجنين الذي سيولد بعد أن خلق الله العالم بملايين السنين "هو الله معنا"، لأنه محدث لم يكن فكان، فالله الخالق وعيسى المخلوق، وكل من يقول بغير ذلك عليه أن يقدم الدليل أو يتحمل إثمه يوم الدينونة. ولكن قبل أن يقدم أي دليل سفسطائي عليه ألا ينسى ما جاء في مطلع التوراة "وقال الله فليكن نور فكان نور... وقال الله لتجتمع المياه... فكان كذلك... فقال الله لتنبت الأرض... وكان كذلك... وقال الله لتخرج الأرض... فكان كذلك" تكوين:1/1-25، أي قدرة الله على الخلق بالكلمة "كن فيكون ".
ثالثا: كل من يلد يلد من جنسه سواء أكان إنساناً أو حيواناً أو طيراً أو سمكة أو حشرة.
فنحن لم نسمع قط أن غزالاً ولد طاووساً، لأن الغزال ليس من جنس الطاؤوس. فالغزال حيوان والطاؤوس طير. ولا أرنباً ولد ثعباناً، لأن الأرنب حيوان والثعبان حشرة، ولا ثعباناً باض حمامة لأن الثعبان حشرة والحمامة طير. لذا يكون عند كل ذي عقل سليم أن مريم الإنسان ولدت عيسى الإنسان، ولا يمكن أن تكون ولدت الله كما يجدفون لانتفاء جنس الله.
رابعا: إن مريم الإنسان محدودة والله غير محدود وعليه لا يمكن للمحدود أن يلد غير المحدود، وكذلك لا يمكن للإنسان الناقص أن يلد الإله الكامل، أي لا يمكن للمخلوق أن يلد الخالق، كما لا يمكن للفاني أن يلد الأبدي ولا للمحدث أن يلد الأزلي.
خامسا: كما مر معنا فإن مريم اعترفت بنفسها بأنها أمة الله "فقالت مريم تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر الى اتضاع أمته " لوقا1/46، فإذا كانت هي تحدد منزلتها أمام الله الحقيقي، ومكانتها بأنها أمته أي عبدته، فمن الذي خولهم بالخروج عن نصوص أناجيلهم!؟ وبأي حق يزعم القساوسة ويدجلون على طوائفهم بأنها أم الله وأنها ولدت الله؟!. هل سمع أحد بأن العبد يلد ربه المعبود؟! وعليه يكون مؤلف هذا الإصحاح الذي زعم أن المولود سيكون الله معنا والقساوسة الذين اجتمعوا في نيقية سنة325 وقرروا تأليه عيسى، قد غشوا الأمة المسيحية قاطبة بجهلهم الفاضح أو نيتهم الخبيثة. وقبل ذلك غشوا أنفسهم. وكفروا بالله خالقهم ولا شك أن هؤلاء القوم سيتحملون أمام الله وزر إفكهم وإضلالهم للخلق ويتحمله معهم كل من يتبعهم. وحذاري أن يظن أحد أن الله غافل عنهم فلقد قال الله في أمثالهم كما مر معنا: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون ) سورة النحل: الآية25 .
هذا ولم يفصح لنا الكاتب الملهم أين ورد قول الرب هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل، ظناً منه أننا لن ننبش التوراة أو العهد القديم لنعرف صدقه من كذبه. ونحن إذا قلبنا صفحات العهد القديم نجد هذا النص قد ورد في أشعيا:7/1-16 ،. ولكن يا للهول! ليس له أي علاقة بالمسيح! وتفصيل هذه النبوءة حسب ما جاء في التوراة هي أن الملك "آحاز" بن "يونا" ملك يهودا والقدس في ذلك الزمان، أي قبل 750 سنة من ميلاد المسيح، كان في خطر. إذ كان محاصراً من "راصين" ملك "آرام "، و "فاقاح" ملك إسرائيل، وقد اتحد الاثنان وأطبقا الخناق على القدس. فأعطى الله تلك البشارة لأشعيا كعلامة يطمئن بها "آحاز" ملك القدس بأنه سيكون هو المنتصر عليهما حين تقوم صبية، أو فتاة شابة حاملاً آنذاك بولادة طفل يسميه آحاز بنفسه عمانوئيل، أي "معنا الله"، وليس الله معنا كما هو محرف في هذا الإصحاح. ويتم ذلك وينتهي في تلك الأيام وليس بعد 750 سنة عندما يولد المسيح كما دلس علينا هذا الكاتب.
وإذا ما رجعنا إلى التوراة العبرية التي بيد اليهود نجد البشارة تتحدث عن كلمةAlma ، ومعناها "فتاة شابة أو صبية"، وليس معناها عذراء كما حرفها كاتب هذا الإصحاح ليطبقها على مريم، إذ أن كلمة عذراء في العبرية هي BthuIa.
أما بالنسبة لعمانوئيل فكما هو في اللغة العبرية، كذلك في اللغة العربية أيضاً كثير من الأسماء المركبة من مقطع "ايل " أو "ال" أي الله بالعربية، مثل عبد الله، وفتح الله، وعطا الله، وفرج الله... وكذلك معناْ الله وتلفظ "معن الله " ولكن كلها أسماء . إذ لم يخطر ببال اشعيا النبي أو الملك آحاز الذي بشره اشعيا بتلك البشارة آنذاك. ما يحاول هذا الكاتب المزعوم أن يدسه في عقولنا من أن عيسى الذي لم يولد بعد سيكون الله نفسه معنا. والمعتقد أن الصبية، أو الفتاة الشابة التي وردت في النبوءة هي زوجة اشعيا نفسه، وبالتالي لم تكن وقتها عذراء كما حرفها هذا الكاتب، لأنها متزوجة من اشعيا. وعليه يكون الكاتب في نقل بشارة الله لآحاز قبل 750 سنة وإلصاقها بالمسيح، قد حرفها وغش الأمة المسيحية قاطبة. ثم إن المسيح لم يدعه أحد بعمانوئيل إطلاقا، ومحاولة استدلال الكاتب بأن العهد القديم قد بشر بمولد عيسى هو استدلال خاطىء. كما نرى أن المسيح كما زعم لنا أعطي اسم "يسوع " من قبل الملاك- وقد فندنا ذلك ولم يعط اسم عمانوئيل من قبل آحاز، كما لم يكن على زمانه أي ملك يهودي اسمه آحاز، بل كان على زمان والي روماني اسمه بيلاطس!. ولم يخطر ببال اشعيا النبي أن تسمية ابنه بعمانوئيل وقتها سيأخذها هذا الكاتب بعد 750 سنة ليدجل بها على الأمة المسيحية قائلاً لها بأن عيسى المولود سيكون الله ذاته معنا!.
فهل ترى أخي العزيز حقيقة هذه "الرقع " التي تأتي بعد جملة "لكي يتم ما قيل من الرب القائل..." أو كما جاء في الأنبياء وأشباههما الخ، وهل ترى إلى أي حد وصل الغش والخداع في هذه الأناجيل المقدسة!؟ التي كتبها اليهود الذين زيفوا دين المسيح الحقيقي ليجعلوه تارة ابن الله، وتارة الله معنا، وتعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. وفي هذا الصدد يقول "ول ديورانت ": "إن في الأناجيل كثير من الروايات التي يبدو أنها وضعت عن قصد لإثبات وقوع كثير من الحوادث الواردة في العهد القديم " وهذا يؤكد ما قلناه سابقاً، أن من يعتقدون أنهم نصارى اليوم هم ضحية أكبر عمليات التزوير في تاريخ العقائد على الإطلاق. حيث تكمن الخطورة في تقبلهم لهذه العقائد التي سوقها عليهم وثنيون ويهود حاقدون بهدف حرمانهم من الجنة محددين بذلك مصيرهم الأبدي المحتوم. وأن من واجبنا مساعدتهم والأخذ بأيديهم لاسترداد أماكنهم في الجنة.
ولقد أورد لوقا في إنجيله هو الآخر إصحاح1/26 قصة ميلاد عيسى بشكل آخر فهل كذب يا ترى كما كذب متَى المزيف. تعالوا لنقرأ سوياً:
"وفي الشهر السادس- يقصد الشهر السادس من حمل اليصابات زوجة زكريا- أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة في الجليل اسمها ناصرة، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف، واسم العذراء مريم، فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها. الرب معك. مباركة أنت في النساء. فلما رأته اضطربت من كلامه. وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية. فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله وهأنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع (هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعي، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية).
فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟ فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظلك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك "يدعى ابن الله ". وهو ذا اليصابات نسيبتك هي أيضاً حبلى بابن في شيخوختها، وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله. فقالت مريم هو ذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك فمضى من عندنا الملاك... فقالت مريم تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى اتضاع أمته ".
النقد:
ا- نلاحظ أولاً أنه لا يوجد شيء اسمه عمانوئيل: الله معنا- مما يؤيد ما قلناه عن كذب متَّى المزيف.
2- أرسل جبرائيل الملاك من الله: هذا قول الحق. وعلى كل الذين يعتقدون أنهم مسيحيون أن يستعملوا عقولهم ويفكروا هنا: إذا كان جبرائيل الملاك "أرسل من الله " فكيف تقول كنائسهم أن الجنين الذي في رحم مريم هو الله؟! فإن قالت الكنائس إن الله الذي أرسل جبرائيل الملاك هو الله الأب، وأن الجنين الذي في رحمها هو الله الابن، نقول لهم من أين لكم هذا؟! وأين هو مكتوب؟! بل نشير عليهم بالرجوع إلى ما هو مكتوب في أناجيلهم "يا مرائي أخرج أولاً الخشبة من عينيك وحينئذ تبصر جيداً" متى:7/5، أإله في السماء وإله في رحم مريم؟! إن هذه وثنية تعددت فيها الآلهة. ثم من قال لهم أن الإله يكون جنيناً ثم يولد ويرضع ثدي أمه ويحبو ويبول في فراشه، فينمو ويكبر ويغدو إلهاً؟. وإن قالت الطوائف الكنسية الأخرى إن الله تعالى هو نفسه- تعالى الله عما يقولون- نزل من عرشه وتقوقع في رحم مريم بين الفرث والدم والبول، وخرج بعد تسعة أشهر في صورة طفل هو عيسى ثم نما وكبر، وبعد ثلاثة وثلاثين سنة "صلب وصعد" إلى السماء فأصبح روحا قدسأ... نقول لهؤلاء نفس ما قلناه لغيرهم "يا مراؤون أخرجوا أولاً الخشبة من أعينكم وحينئذ تبصرون جيداً". فها هو روح القدس الذي زعمتم أن عيسى تحول إليه موجود في النص أمام أعينكم "الروح القدس يحل عليك " قبل أن يصلب ويتحول إليه عيسى كما تزعمون. لا بل هو موجود قبل ذلك أيضاً من أيام يوحنا المعمدان "ومن بطن أمه يمتلىء من الروح القدس" لوقا 1/15 . فهل عيسى عندما "صلب وصعد" كما تزعمون أزاح الروح القدس الأصلي ونصب نفسه مكانه؟! كما فعل كاتب هذا الإنجيل الذي أزاح متى التلميذ الحقيقي (أو لاوي بن حلفي) ونصب نفسه مكانه؟!. وإن كان كذلك فماذا حل بروح القدس القديم الأصلي الذي كان موجوداً قبل أن يخلق عيسى كما هو مذكور في النص السابق!؟ ألا يثبت هذا أن عيسى ليس هو روح القدس الذي تزعمون!.
كما نسألهم أيضاً ما الذي يجعل الله- جل جلاله- يتقوقع وينحشر في رحم مريم تسعة شهور كما تقولون ثم بعد ثلاث وثلاثين سنة يقدم نفسه قرباناً لا نعرف لمن في الوقت الذي عنده المشيئة والكلمة وإذا أراد شيئاً إنما يقول له كن فيكون؟! إن كان لمحو خطيئة آدم كما يزعمون أفلا يستطيع أن يقول للبشرية جمعاء من عليائه اذهبوا فقد غفرت لكم؟! كما نسألهم من كان يدير السماء وينزل المطر؟ ومن الذي كان يرزق البشر على هذا الكوكب ويحصي عليهم سيئاتهم وحسناتهم ليجازيهم أو يكافئهم عليها يوم الدينونة؟ وكيف غاب عن الشيطان أن يستولي على الحكم في هذا الكون ويجعل الكل يعبده وإلهه محشور في رحم مريم؟! كما نقول لهم أين ترك ألوهيته، ومن الذي ائتمنه عليها!؟ ثم نقول لهم أخيراً ما قلناه سابقاً. أن الشمس إحدى مخلوقات الله، فهل يسع رحم مريم الشمس؟! فإن قالوا لا، وهذا حتماً ما سيقولون- قلنا عجباً كيف وسع رحمها الله الذي هو خالق الشمس وأكبر من الشمس ويشمل العالم كله ولا شيء يشمله؟! ألا يثبت هذا أن الذي كان في بطن مريم لم يكن الله، وأن مريم لا يمكن أن تلد الله ؟ ألا يثبت هذا أنه آن لهم أن ينزعوا الخشبة التي غرسها شاؤول في عيونهم ليبصروا جيداً وينقذوا أنفسهم من الهلاك الأبدي!؟.
أما إذا تمسكوا بقولهم بعد كل هذا في أن عيسى هو الله- وتعالى الله عما يقولون- نقول لهم أن معنى إصراركم هذا، أن تكون ذات عيسى هي ذات الله. وأن لعيسى ذات العلم والقدرة... وسائر الصفات الأزلية التي للّه. أليس كذلك؟! ولكن للأسف هذا باطل، وبطلانه كثير مما ورد في أناجيلكم (مما يثبت أنكم تجاوزتم هذه الأناجيل وذهبتم بعيداً بعيداً في اتجاه الوثنية وآن لكم إن كانت نياتكم صافية وتودون استرداد أماكنكم في الجنة أن تراجعوا حساباتكم وأن تعودوا إلى دين المسيح الحقيقي وليس الدين الذي فبركه اليهود والمجمعات الكنسية لكم قبل فوات الأوان). خذوا مثلاً:
(أ) "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا ملائكة السماء إلا الهي وحده " متى 24/36.
فها هوشيء غاب عن علم عيسى. والله الحقيقي لا يغيب عن علمه شيء حتى لوكان ذرة في باطن الأرض. (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) سورة الأنعام الآية 59.
(ب) "وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلاّ الذين أعد لهم من الهي " متى:20/23.
وهذا شيء آخر لا يستطيعه عيسى الذي زعمتم أنه إله، بينما الله الحقيقي يستطيع كل شيء بالكلمة مع أن في كلا العددين السابقين يشير عيسى بنفسه أن له إله يؤمن به فكيف يكون فوق الإله إله؟!.
(ج) "من الذي لمسني " لوقا 8/45.
إذا كان عيسى لا يعرف من الذي لمسه من الخلف، فأنى له أن يعرف ماذا كان يجري في إيطاليا أو البرازيل أو الفلبين... الخ في تلك اللحظة؟!. ولقد قلنا ونقول إن الإله لا يتجسد لأنه لا يوجد جسد يحتمل الألوهية من ناحية، ومن ناحية أخرى لأنه إن تجسد يحل في مكان ويخلو منه مكان آخر، بل يخلو بقية العالم منه.
(د) "ولما دخل السفينة تبعه تلاميذه. وإذا اضطراب عظيم قد حدث في البحر حتى غطت الأمواج السفينة وكان نائماً" متى 8/24
من صفات الله العديدة أنه لا ينام، بل لا تأخذه سنة من النوم. وها هو عيسى بشهادة الأناجيل كان نائماً. فإذا كان إله الكنيسة ينام، من سيحصي الحسنات والسيئات ليكافىء أو يجازي بها البشر يوم القيامة فإن قالوا إن الله الأب في السموات لا ينام وهو الذي سيفعل ذلك، قلنا إذاً ما فائدة إله آخر ينام؟! ولماذا اصطنعتم لأنفسكم آلهة تنام؟!. صدق الله العظيم القائل: (قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا) سورة الاسراء: الآية42 ،.
(هـ) "وفي الصبح إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع فنظر شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد شيئاً إلا ورقاً فقط " متى21/18.
فلو كان عيسى إلهاً لما جاع ولعرف مسبقاً أنها لا تحمل إلاّ ورقاً. علماً بأن الله غني عن الطعام والشراب!.
هذا يضع النصارى أمام إلهين. إله يعرف ذلك اليوم وتلك الساعة وإله لا يعرف! إله يستطيع أن يجلس عن يمينه من يشاء وإله لا يستطيع! إله يعرف كل شيء في الكون حتى لوكان ذرة، وإله لا يعرف من لمسه من الخلف! إله لا ينام ولا تأخذه سنة من النوم، وإله يستغرق في النوم، إله غني عن الطعام والشراب، وإله يجوع ويشتهي أن يأكل تيناً، ولا يعرف أن الشجرة لا تحمل تيناً إلاّ عندما يصلها!.
ألا ترون أن الإله الآخر عاجز ولا لزوم له!؟ بل ألا ترون أنه ليس إلها بالمرة!؟. لأنه إذا تعددت الآلهة إخوتي نكون أمام دين وثني وليس أمام دين سماوي لأن تعدد الآلهة والوثنية وجهان لعملة واحدة، كما أسلفنا فأمامكم إلهين الإله الحقيقي والإله "الذي اصطنعته الكنيسة" وعليكم أن تحددوا أيهما إلهكم الذي تعبدونه قبل فوات الأوان لأن الله لم يخلق جهنم عبثاً.
إن هذا كله وكثير غيره ليظهر صدق عيسى في أنه نبي الله ورسوله فقط، وليس أكثر. كما خبر هو عن نفسه "ليس نبي بلا كرامة إلاّ في وطنه " متى:13/57، كما يظهر مدى زيف المعتقد الشاؤولي الكنسي في التثليث الذي فرض على العامة في قديم الزمان تحت إرهاب الكنيسة. أما اليوم فقد زال إرهاب الكنيسة وانكشف الغطاء وانفضح السر وأعلنته الكنيسة الأنجليكانية في بريطانيا أن عيسى ليس إلاّ رسول الله المبجل. ألم يقل لهم الله ذلك في القرآن قبل1400سنة ؟ فهنيئاً لمن يخرج الخشبة من عينه ليبصر جيداً ويعرف أن عيسى ليس إلهاً وأن الله واحد وليس أبداً واحداً في ثلاثة، ولا ثلاثة في واحد. تلك البدعة التي احتار فيها جهابذة علمائهم ومفكريهم بعد أن قلبوها طولأ وعرضاً فوجدوها مستحيلة، فقلبوها شرقاً وغرباً فوجدوها مستحيلة، فقلبوها شمالاً وجنوباً ووجدوها مستحيلة. فرفضت عقولهم تصديقها فقالت لهم الكنيسة أنها سر! وأخيراً اكتشفوا سر الكنيسة وعرفوا كم كانوا مخدوعين وأن الكنيسة كانت تضللهم، إذ ما أدخلت "الواحد" إلا لترضي اليهود/ المسيحيين الذين كانوا يؤمنون بالله الواحد، وأنها ما أدخلت الثلاثة إلأ لترضي الوثنيين الذين كانوا يؤمنون بتعدد الآلهة، وهكذا جمعت بين الوحدة والتثليث ونادت بمقولتها المستحيلة عقلأ والممتنعة شرعاً "توحيد في تثليث وتثليث في توحيد". لذا أعاد علماؤهم هذه المقولة مع الشكر للكنيسة لتهنأ بها وحدها. أما هم فقد أداروا ظهورهم لها واتجهوا نحو الإله الواحد الخالق المنظم المدبر لهذا الكون. حتى الأسقف اثناسيوس اليوناني الوثني الذي رفع لهم عيسى من مرتبة البشرية إلى مقام الألوهية لم يهضمها عقله إذ عاد ليقول كما مر معنا "إنه كلما ضغط على عقله ليقبل فكرة ألوهية عيسى، نكصت جهوده المضنية التي لا طائل تحتها وارتدت على نفسها، وكلما كتب أكثر، كلما كان أقل قدرة على التعبير عن آرائه ". وهذه الفوضى والتشويش يسمونه سراً، مع أنه جاء في كتبهم "أن الله ليس إله تشويش " كورنثوس:14/33.
3- مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف، كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟: أمامنا نصان متناقضان تماماً. الأول يقول فيه لوقا أو من دسّ هذا النص في إنجيله: إن مريم كانت مخطوبة ليوسف، بينما الثاني تناقضه مريم وتقول: أنا لست أعرف رجلاَ! فإذا كانت مريم لا تعرف رجلاً معنى ذلك أنها لم تكن مخطوبة ليوسف هذا وإلا لما استغربت من البشارة بميلاد عيسى وقالت: "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً! " إذ ليس بعد الخطوبة إلا الزواج والحمل والولادة! فهل لوقا هو الصادق في أن مريم كانت مخطوبة؟ أم أن مريم هي الصادقة في أنها لم تكن تعرف رجلاً!؟ ثم كيف يقع لوقا في هذا التناقض؟!.
الحقيقة أنه ليس مثل لوقا الذي يقع في هذا الخطأ، والنص الأول كاذب دس في إنجيله بعد موته، والذي دسه نسي أن يشطب النص الثاني الذي فعلاً جاء في إنجيل لوقا. ولكي نكشف الحقيقة تعالوا ندرس شخصية وأحوال هذا الخطيب المزعوم، لنتأكد أن مريم هي الصادقة في أنها لم تكن تعرف رجلاً باسم يوسف!.
(أ) شخصية يوسف هذه لم يرد لها أي ذكر لا في إنجيل مرقص وهو أول الأناجيل ولا في إنجيل يوحنا وهو آخر الأناجيل. ولو كانت حقيقة لذكرها كل منهما.
(ب) لا أحد يعرف عن يوسف النجار هذا شيئاً، ولا حتى الموسوعة البريطانية تعرف عنه أكثر مما ورد في الأناجيل. فهناك ظلال كثيفة من الشك تحوم حول حقيقة وجود هذه الشخصية، ثم إن اسمه لم يرد في أي كتاب تاريخي موثوق، وإن ذكرت بعض الكتب "المشايعة" أن عمره آنذاك كان 80 سنة بينما مريم كانت 15 سنة!.
(ج) لذا قلنا إن هذه الشخصية أتوا بها من المجهول، وبعد أن قضوا غرضهم منها غيبوها في المجهول. والذي اخترع هذه الشخصية هو كاتب أجداد المسيح في الإصحاح الأول من إنجيل متَّى ليرتب روايته. إذ جعل من عيسى بتلك التوليفة البهلوانية التي مرت معنا ابناً لداود.
(د) ومما يؤكد أن مريم لم تكن تعرف يوسف هذا، ولا غيره من الرجال كما قالت هو كونها كانت متعبدة في الهيكل، ومكرسة نفسها لخدمته منذ نعومة أظفارها. إذ أن أمها قد نذرتها لذلك وهي لم تزل جنيناً في رحمها، ومنذ أن دخلت الهيكل لم تخرج منه حتى بلغت. لذا فإن قولها للملاك "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً" هو قول صدق وهي صادقة تماماً فيما قالته. تصوروا معي طفلة صغيرة دخلت ديراً للنساء وترهبنت منذ نعومة أظفارها ولم تخرج منه إلاّ في سن الخامسة عشرة تقول: "أنا لست أعرف رجلاً" فهل نصدقها أم لا؟!.
والنصارى الشاؤوليين أنفسهم يرددون اسمها ويقولون مريم "العذراء البتول " (وهي حقاً كذلك) ولكن يبدو أنهم لا يفقهون ما يقولون كما قلنا! لأن معنى العذراء هي البنت البكر المحتفظة بعذريتها ولم يمسسها رجل. أما البتول فهي الفتاة المنقطعة عن الرجال ولا أرب لها فيهم. فكيف يزوجها الكاتبان ليوسف هذا وبعدها يقولان عنها العذراء البتول!؟. لأنها إن تزوجت لم تعد عذراء ولا بتولاً!! حتى لو رموها في أحضان شيخ عجوز على حافة قبره.
(هـ) ومما يؤكد أن شخصية يوسف النجار هذه شخصية وهمية ابتدعها خيال من دسها في قائمة الأجداد ليربط عيسى بداود هو ما زعمته الأناجيل نفسها من أن مسقط رأسه كان مدينة بيت لحم! لأن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يجعل نجاراً عجوزاً من مدينة بيت لحم متهاوياً في أواخر عمره يترك مدينته العامرة بالناس والأعمال الخشبية حيث أشجار الزيتون التي يقطعون منها الخشب لأعمال النجارة . تحيط بمدينة بيت لحم، مما يهيء له مجالاً كبيراً لعمله كنجار وتسويق بضاعته، ليذهب ويستقر في الناصرة قرب بحيرة طبرية حيث كثافة السكان أقل، ولا عمل هناك إلا صيد السمك، بعيداً عن مسقط رأسه أكثر من 105 ميل؟! علماً بأن هذه المسافة في تلك الأيام التي لم يكن فيها مواصلات كانت تعتبر غربة! فهل انقطعت فجأة أعمال النجارة في بيت لحم؟! وإن كان كذلك- وهذا مستبعد لأن بيت لحم والقدس مشهورتان بصناعة الأعمال الخشبية حتى يومنا هذا- فلماذا لم ينتقل إلى مدينة أقرب من مدينة الناصرة وأكبر ومزدهرة بالأعمال الخشبية أكثر مثل القدس، وهي لا تبعد أكثر من ستة أميال عن مدينة بيت لحم، وليس مئة ميل كالناصرة! هذا بالإضافة إلى أنه في العادة تلحق المرأة بزوجها لتسكن معه في مدينته وليس الزوج هو الذي يلحق بزوجته ليسكن في مدينتها! فالأناجيل عجزت عن إعطائنا سبباً واحداً معقولاً يقنعنا لماذا ترك هذا النجار المزعوم مدينة بيت لحم وسكن الناصرة. وعليه فليس أمامنا إلا أن نعتقد أن ذلك لم يكن إلا ضرورياً للكاتبان ليجعلا ميلاد المسيح يتم خصيصا في بيت لحم، ثم ليربطوه بالنص الذي انتزعوه من التوراة وليس له أي علاقة بعيسى كما أسلفنا "وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا. الآن منك يخرج مدبر يرعى شعب إسرائيل"متى 2/6 ليوهمونا أن عيسى هو النبي المنتظر.
(و) قول مريم في إنجيل لوقا "لست أعرف رجلاً" هو قول حق يعفي "لوقا ومعه متَّى أيضاً" من المسؤولية لأنه يثبت أن الخطوبة المزعومة قد دست في إنجيليهما بعد موتهما ويضع الذين دسوها في زاوية ضيقة ويحشرهم فيها ليدافعوا عن أنفسهم أمام البراهين الدامغة الأخرى التي تبين كذبهم في تزويج مريم من يوسف هذا، لأنهم قد غشوا الأمة المسيحية بأجمعها طيلة عشرين قرنا من الزمان، والكثيرون ما زالوا مضللين بها حتى يومنا هذا، كيف!؟.
لقد ورد في التوراة أن الفتاة لا تتزوج إلا من سبط أبيها "كل بنت ورثت نصيباً من أسباط بني إسرائيل تكون لواحد من عشيرة سبط أبيها، لكي يرث بنو إسرائيل كل واحد نصيب آبائه فلا يتحول نصيب لبني إسرائيل من سبط إلى سبط " العدد:36/8.
ولقد ذكر لنا من دس قائمتي الأجداد في مطلع إنجيلي متَى ولوقا أن يوسف هذا من سبط داود، بينما نجد لوقا في إصحاحه الأول عدد (5) يقول لنا: إن مريم من سبط هارون وعليه لا يمكن ليوسف هذا حسب نصوص التوراة أن يتزوج مريم لأنها ليست من سبطه. الأمر الذي يجعل الناقد يؤكد أن يوسف هذا شخصية وهمية وأن قائمتي النسب اللتين وردتا في الإنجيلين المذكورين مزورتان وأنهما دستا فيهما بعد موت كل من متَّى ولوقا، وأن الذي دس اسم يوسف وزعم أنه من سبط داود لم يطلع على النص التوراتي السابق (عدد 36/8) ، الذي لا يبيح له الزواج من سبط غير سبطه كما أن الذي دس ذلك فاته أن يشطب ما جاء في لوقا 1/5 الذي يثبت أن مريم هارونية وليست من نسل داود: وإليك ما جاء في النص المذكور "كان في أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة آبيا وامرأته من بنات هارون واسمها الياصبات ".
فالياصبات من بنات هارون وزوجها زكريا من فرقة آبيا، وفرقة آبيا من فرق الكهنة الهارونيين ( من سفر طوبيا المحذوف)، أي أن زكريا الهاروني تزوج من الياصبات الهارونية حسب شريعة بني إسرائيل، وكلنا يعرف أن الياصبات زوجة زكريا كانت خالة مريم العذراء أخت أمها "هوذا الياصبات نسيبتك- أي قريبَك- هي أيضاً حبلى في شيخوختها" لوقا:1/36،. لذا لما كانت الياصبات هارونية كان والدا مريم العذراء، ومريم العذراء نفسها هارونيين أي من سبط هارون أيضاً. فإذا كانت مريم هارونية فكيف يزوجوها من يوسف النجار الذي كان داودياً ؟، ألا يثبت هذا كذب قصة يوسف النجار وخطوبته بل وينسفها من أساسها؟!.
هذا ولقد جاء القرآن ليؤكد أن مريم من أحفاد هارون وليست من أحفاد داود
(يا أخت هارون ما كان أبوك أمرأ سوء وما كانت أمك بغيا) سورة مريم: الآية28
كما مر معنا قول أكستاين أيضاً: "أن مريم من قوم لاوي والد هارون ".
من كل ما سبق نستنتج أن من دس تلك القائمتين فد غش الاْمة المسيحية كلها وأنه كان يهدف إلى تحقيق غرضين ولكنه للأسف فشل.
الأول: إيهامنا بأن عيسى من أحفاد داود بتلك التوليفة التي يضحك منها الصغار قبل الكبار في قائمتي الأجداد ( لأنه ابتلع الطعم الذي رماه اليهود من أن الـMessiah أي ال نبي ال قادم سيكون من بني إسرائيل وتحديداً من أبناء داود) ، وذلك عندما كان هدف الكنيسة جعل عيسى هو النبي المنتظر في الأناجيل الثلاثة، قبل أن يتغير فيما بعد ليصبح تأليه عيسى في الإنجيل الرابع.)
الثاني: جعل ميلاد عيسى يتم في مدينة بيت لحم، إذ تبين أن الهدف كله من خطوبة مريم المزعومة ليوسف هذا، هو فقط مرافقتها إلى بيت لحم، التي كانت مدينة داود بحجة أن تضع مولودها هناك ليربطوا ميلاده كما أسلفنا بنص العهد القديم: "أما أنت يا بيت لحم أفراثه وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطاً على اسرائيل " ميخا:5/2 ليوهمونا أن عيسى هو النبي المنتظر الذي جاء يخلص اليهود من عبودية الرومان وأنه هو الذي امتلأت التوراة والعهد القديم بالبشارات به علماً بأنهم نسوا أن عيسى لم يتسلط على إسرائيل - أي يحكمها- يوماً واحداً، كما لم يزر مدينة بيت لحم مرة واحدة.
وبناء عليه يستطيع كل عاقل أن يتأكد من أن مريم العذراء كانت صادقة عندما قالت "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً" ومسألة خطوبتها من يوسف هذا لم تكن إلا دسيسة في الأناجيل، لأنها تناقض بعضها.
كما نلاحظ من ناحية أخرى أن سؤال مريم هذا لم يجب عليه لوقا. إذ أن قوله: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله " 1/34-35 لا يشكل جواباً على سؤالها. ولكن في القرآن إذا سألت نفس السؤال أعطاها الجواب (قالت رب أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر) سورة اَل عمران الآية47، فماذا قال القراَن؟! لقد ردها الله سبحانه إلى القدرة والمشيئة والكلمة التي خلق بها الكون كله، إذ قال (كذلك الله يخلق ما يشاء وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) سورة آل عمران: الآية47 ، ونحن نعود ونذكر القراء بالإصحاح الأول من سفر التكوين الذي جاء فيه أن الله خلق الكون وكل شيء فيه بالكلمة "كن فيكون". وعليه يكون عيسى قد خلق بالكلمة والمشيئة الإلهية، وبالتالي ليس هو الكلمة حسب ما زعموا في الإنجيل الرابع عندما أرادوا أن يؤلهوه فقالوا "في البدء كان الكلمة".
هذه القدرة أو المشيئة أو الكلمة قد نسيها متَّى المزعوم، ونسيها شاؤول كما نسيها ذلك المنصر الأمريكي المسمى بللي جراهام والتي نسيها جميع من يدعون بأنهم نصارى اليوم مما يعتبر نقصاً في إيمانهم بالله.
4- هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية:
دعونا نأخذ هذه النبوءة ككل:
(أ) إن المدقق في هذا النص يكتشف بسهولة أنه مدسوس أيضاً بين العدد المنتهي في (31) والمبتدىء في(34). ولأنه مدسوس جاء يقطر بالكذب. ولقد مر معنا في بشارة الله لموسى في تثنية 18/18 كيفية معرفة النبي الصادق من النبي الكاذب "وإن قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي يتكلم به الرب، فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب".
فتعالوا نطبق نفس المعيار على هذا النص المنسوب إلى الملاك لنرى إن كانت هذه الكتب مقدسة فعلاً كما تزعم الكنيسة أم لا. لأنه حسب البشارة أعلاه تكون الكتب مقدسة والكلام الذي فيها كلام الرب إذا تحققت النبوءات التي وردت فيها. فهل يا ترى تحقق النص المذكور أعلاه "هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية"؟!.
هذه نبوءة لم تتحقق. إذ أن الله لم يعطه كرسي داود لأن داود ليس أباه، ولم يجلس عليه يوماً واحداً، لا بل لم يجلس حتى على كرسي بيلاطس أو حتى كرسي قيافا. إذ أحضروه أمام كرسي قيافا فحكم عليه بالموت، وأحضروه أمام كرسي بيلاطس فجلده وسلمه للجنود لتنفيذ حكم الموت كما ذكرت الأناجيل، كما لم يؤسس ملكاً إطلاقاً حتى يكون لملكه بداية أو نهاية كما يزعم هذا الإنجيل وعاش طيلة حياته فقيراً إلى أن رفعه الله إلى السماء، ولقد أكد فقره هذا بقوله: "للثعالب أوجرة، ولطيور السماء أوكار، أما ابن الانسان فليس له أن يسند رأسه " متى:8/20، فكون هذه النبوءة لم تتحقق يثبت أن هذا ليس كتابا مقدسا إنما مجرد رواية شحنت باكاذيب التي ألصقوها بالمسيح ويجب نزعها من أناجيلهم. كما يثبت لنا أن القداسة التي زعمتها الكنيسة هي مجرد صفة خلعتها على هذه الروايات وبقية الروايات الأخرى التي سمتها "أناجيل ". والكنيسة بكامل أطقمها لا تملك حق القداسة لهذه الكتب ولا حتى لنفسها من حيث إن جميع أطقمها من البابا حتى الشماس كما ذكرنا هم من البشر يقعون تحت طائلة الثواب والعقاب من الله بعد البعث يوم الدينونة. لأن قداسة الكتب كما قلنا تكون من الله نفسه لكتاب أنزله جلالته من "السماء" على "نبي من أنبيائه"، لا لكتاب ألفه على الأرض بشر. وليس بين مؤلفي الأناجيل من ادعى أنه نبي أو أن كتابه منزل من السماء أو حتى إنه كتب بإلهام. وعليه يكون فاقدالشيء لايعطيه.
ولو كان عيسى جاء ليملك على بيت يعقوب إلى الأبد، كما يزعم الذين دسوا هذا النص، لما ترك الجموع وانصرف عندما أرادوا أن ينصبوه ملكاً " وأما يسوع فإذا علم أنهم مزمعون أن يخطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده " يوحنا:6/15 ، فهل يعقل أن يتهرب من أمر بعثه الله لأجله. ثم إذا انتفت صفة المُلك فلا يكون هو المسيا The Messiah، أي "ال نبي ال منتظر" لأن أول صفات النبي المنتظر أن يكون ملكأ وحاكماً قويا.
والسؤال الذي يحضرني الآن، إذا كان عيسى تركهم وانصرف عندما أرادوا أن ينصبوه ملكاً، ترى ماذا كان يفعل لو عرف أن الكنيسة قد أعطته ترقية بعد أن رفعه الله إلى السماء فنصبته إلهاً مكان الله نفسه وجعلت الدينونة بيديه!! ربما لطم وجهه وعفر رأسه وشق ثيابه!.
الخلاصة:
(أ) هذه نبوءة لم تتحقق. والكذب فيها واضح للعيان. فكيف يتركوها في أناجيلهم حتى اليوم في الوقت الذي هم يحذفون الكثير ويضيفون الكثير، وكل يوم يخرجون علينا بطبعات جديدة منقحة!؟.
(ب) إن الذين جعلوه ابن داود في قائمة الأجداد وحذفوا اسم جده "يهوياقيم " من القائمة عامدين متعمدين كان هدفهم من ذلك أن يعطوه كرسي داود هنا، رغما عن الوحي الذي نزل على اريميا قائلاً: "لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم ملك يهودا لا يكون له جالس على كرسي داود"36/29،. لأنه حسب هذا الوحي لا يحق لعيسى أن يجلس على كرسي داود كملك لبني إسرائيل. لذا فالذين أجهدوا أنفسهم في جعل عيسى ابناً لداود لما صادفتهم هذه المشكلة شطبوا اسم يهوياقيم كلياً من القائمتين، معتقدين أن أحداً لن يلاحقهم وأنهم بفعلتهم هذه يستطيعون أن يدلسوا علينا ويجلسوا عيسى على كرسي داود رغماً عنه وعنا.
(ج) من الواضح أن هذه النبوءة المذكورة في لوقا (ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه...) قد دست في إنجيله بعد موته لأنه ذكر قبلها في (1/ 5) أن مريم كانت هارونية وليست داودية كما أسلفنا حتى يجلس على كرسي داود وليس من المعقول أن يناقض لوقا نفسه بعد بضعة أسطر ليقول "داود أبيه " وهو يعرف أن داود ليس أباه والذين دسوا هذا النص من السذاجة بمكان لدرجة أنهم نسوا أن يشطبوا النص الوارد في (1/5) الذي يشير إلى أن مريم من نسل هارون وليست من نسل داود كما أسلفنا. فانكشف أمرهم تماماً هنا وهو أنهم أرادوا أن يلبسوا المسيح ثوب "ال نبي ال منتظر" (الذي زعم اليهود أنه سيكون منهم) ويجلسوه على كرسي داود بالغش والتدليس.
(د ) حقاً أنه لأمر يستغرب له كيف يعتقد الشاؤوليون الكنسيون أن هذا الجنين الذي لم يتكون بعد هو الرب الإله الرازق الخالق المعبود حسب ما فبركه لهم شاؤول وأصحاب المجامع الكنسية في الوقت الذي ها هي أناجيلهم التي بأيديهم تقول "ويعطيه الرب الإله " أي ها هو الرب الإله الخالق الرازق موجود بينما عيسى لم يولد، بل لم يتكون في رحم أمه بعد. فهل هناك رب معطي (بكسر الطاء) ورب معطى (بفتح الطاء)!؟. ثم إن المعطي (بكسر الطاء) هو غير المعطى (بفتح الطاء) فكيف يقولون أنهما واحد؟! إضافة إلى أن المعطي (بكسر الطاء) يكون في العادة أعلى وأرفع من المعطى (بفتح الطاء) فكيف يقولون إنهما متساويان؟! فإذا كانا متساويين فلماذا يعطي أحدهما الآخر؟! ثم كيف يكون إله في السماء يعطي (بكسر الطاء) وإله في أحشاء مريم يعطى (بفتح الطاء)!؟.
هل هذا دين المسيح؟! أم دين شاؤول والمجامع الكنسية التي فبركت دينها بأيديها وراء أبواب مغلقة لغرض في نفسها من جهة ولإرضاء قسطنطين والأمم الوثنية من جهة أخرى؟ إن النقاد الغربيين أنفسهم يقولون هذا دين شاؤول وسبق أن قلنا إن تعدد الآلهة والوثنية هما وجهان لعملة واحدة. وواضح أن هذه الجملة "ويعطيه الرب الإله " كتبت في الأناجيل يوم كان هم الكنيسة أن تجعل من عيسى "ال نبي ال منتظر". ولكن عندما تغير همها فيما بعد وأصبح شاغلها الأوحد هو تأليه عيسى فكتبت الإنجيل الرابع خصيصاَ لذلك، نسيت أن تشطب هذه الجملة أيضاً، لأنه لا يعقل أن يكون المسيح الجنين هو النبي القادم لأسرائيل في الأناجيل الثلائة المتشابهة، وإلها للعالم في الإنجيل الرابع في نفس الوقت فكيف يؤمن النصارى بهذا التناقض. وهذه ليست الجملة الوحيدة التي نسوا أن يشطبوها كما مر معنا، إذ هناك الكثير مما جعل هذه الأناجيل خبيصة. خذ مثلاً جملة: "ما جئت الا لخراف بيت إسرائيل الضالة" متى:15/24، فالسؤال الذي يجب أن يتبادر إلى ذهن كل مسيحي عاقل هو، إذا كان عيسى يقول: "ما جئت إلا لخراف بيت إسرائيل الضالة" فما شأن مسيحي اليوم به؟ أو بالأحرى من يظنون أنهم مسيحيون؟! هل هم من خراف بيت إسرائيل؟! حتماً لا. ولو فكروا بوعي ومسؤولية لوجدوا أنهم يكذبون على أنفسهم باعتقادهم أنهم مسيحيون، لأنهم ليسوا في الحقيقة إلاّ من خراف شاؤول والمجامع الكنسية القديمة الضالة التي غشت الأمم، لأن المسيح لم يأت إليهم إنما أتى لخراف بيت إسرائيل الضالة. أما شاؤول فقد جاء للأمم، وهم من الأمم التي اتبعت شاؤول والمجمعات الكنسية وهم لا يستطيعون أن ينكروا ذلك حتى لو أوهموا أنفسهم بأنهم مسيحيون. أما إن قالوا إن عيسى بعد القيام من الموت المزعوم قال لتلاميذه: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الاْمم وعمدوهم باسم الأب والابن وروح القدس " متى:28/19 ،فنقول لهم "فتشوا الكتب " لأن جميع النقاد الغربيين المسيحيين حكموا بأن هذه الجملة ليست من كلام المسيح بل مدسوسة أيضاَ في آخر الأناجيل للتغطية على أعمال شاؤول الذي خالف أمر المسيح وخرج إلى الأمم لأن المسيح قال عندما أرسل تلاميذه للتبشير بملكوت الله "وإلى طريق أمم لا تمضوا" متى:10/5، وهذا كان أمره المشدد لهم. كما أن النقاد الغربيين أنفسهم يقولون أن صيغة التثليث هذه لم يكن يعرفها المسيح إطلاقاً، لأن لفظة الابن كما أسلفنا أدخلها شاؤول بعد رفع المسيح، بينما لفظ الأب أدخلته الكنيسة بين سنة150-210م من رفع المسيح أيضاً. أما لفظ روح القدس فأدخلوه سنة 381 م.
«« توقيع أبو عمران »»
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة محمد عيسى ديدات في المنتدى قسم الكتاب المقدس
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 20-01-2009, 02:32 PM
-
بواسطة أبو عمران في المنتدى قسم النصرانيات العام
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 25-06-2008, 10:01 PM
-
بواسطة أبو حبيبة في المنتدى قسم الكتاب المقدس
مشاركات: 7
آخر مشاركة: 14-02-2008, 03:11 AM
-
بواسطة أبو عمران في المنتدى قسم النصرانيات العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-05-2004, 06:28 PM
-
بواسطة أبو عمران في المنتدى قسم النصرانيات العام
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 26-05-2004, 06:17 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات