تناقضات القرأن المزعومة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد
إن المتتبع لما يكتبه المنصرون والملحدون حول التناقضات المزعومة في القرآن الكريم يجد العجب العجاب
فهم لم يكلفوا خاطرهم بالتوجه لكتب التفسير البياني والنحوي ليجدوا فيها ما يجيب عن تساؤلاتهم ، وهي مشروعة إن كانت بقصد طلب الحق (( وإن كنت أظن أن غالبها بقصد التشويش والنفخ في ضوء الشمس لإطفائها )) .
فلو كان طلبهم حقيقيا لبادروا التوجه إلى كتب التفسير أو مواقع الفتاوى الالكترونية..
والأغرب من ذلك أن منهم من يذهب إلى كتب الإعجاز البياني ويأخذ منها شواهد العلماء حول الإعجاز البياني في القرآن الكريم ويجعلها طعناً فيه ؟؟؟!!!!
وكما قال أحدهم: هذا زمان القص واللصق
وإليكم بعضا من ذلك ... زعموا أن :
1. " هذا يوم لا ينطقون " [المرسلات 35] يناقض " لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد " [ق28]
وتوجيه ذلك: هم لاينطقون منذ فترة قيامهم من قبورهم إلى أن يؤذن لهم عند الشفاعة فيتكلمون عند ذلك. فيوم القيامة أهوال ومواقف بينها أزمان متباعدة. فما لا يصح في هذا الموقف يصح في ذاك.
2. " ليس لهم طعام إلا من غسلين " [الحاقة36] يناقض " ليس لهم طعام إلا من ضريع" [الغاشية6]
التوجيه: عذاب النار دركات متفاوتة فريق منهم طعامه الضريع وفريق طعامه الغسلين، كل بحسب عمله.
كما أن فريقا منهم شرابه الصديد وآخر شرابه الحميم.
3. " إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم " [آل عمران90] يناقض " يقبل التوبة عن عباده " [الشورى25]
التوجيه: التوبة التي لم تقبل هي التوبة الأولى من الكفر الأول. أي: لم تتحقق شروط قبول توبتهم الأولى وبالتالي لن يقبل الله توبتهم الظاهرة باللسان دون الجنان .. فهي ليس لها من التوبة سوى الاسم والشكل ولكنها في الحقيقة غير معتبرة
ملاحظة: شروط التوبة موجودة في قوله تعالى: " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " وهؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم لم يعملوا صالحا لأنهم ارتدوا بعد توبتهم بلسانهم.
4. " لا بيع فيه ولا خلة " [البقرة254] يناقض " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " [الزخرف67]
التوجيه: المقصود: لا خلة ( صداقة ) تنفع ولكن هناك خلة لا تنفع.
أو سيصبحون أعداءً لأن صداقتهم كانت سببا في زيادة سيئاتهم وبالتالي دركات عذابهم.
تقدير قوله: الأخلاء في الدنيا أعداء يومئذ لا تنفعهم خلتهم التي كانوا عليها في الدنيا.
أما المتقون فهم " إخواناً على سرر متقابلين " لأن أحدهم كان يمسك بيد أخيه ويقول له " هيا بنا نؤمن ساعة ".
5. " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة " [الأنبياء47] يناقض " فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " [الكهف105]
التوجيه: لم يُرد في الثانية نفي الموازنة وإنما المقصود القدر والجاه.
( فلان ليس له وزن عندي ) أي: لا قدر له. ولا يعني: ليس له ثقل .
6. " فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين " [الأعراف6] يناقض " ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون " [القصص78] .
التوجيه: الأولى سؤال تقرير لإثبات الحجة عليهم عندما يسمعون جواب المرسلين إليهم.
والثانية: سؤال استخبار واستفهام بقصد أخذ لعلم وبناء الحكم عليه ( إحصاء عدد الحسنات والسيئات )
فهم ليسوا أهلا لذلك فهم كاذبون غير صادقين.
7. " كلما خبَت زدناهم سعيراً " [الإسراء97] يناقض " فلا يخفف عنهم " [البقرة86].
التوجيه: لم يرد بالخبو الهدوء والسكون حقيقة .. وإنما المعذبون بالنار هم الذين ظنوا ذلك لطول مكثهم وتعودهم وطبعهم على هذا الجو .. فالمقصود كلما قدّروا أنها خفت درجة حرارتها إيذانا بقرب انطفائها زدنا من حرها.
وهذا أذى نفسي أشد عليهم من الأذى الجسدي.
كما تقرب الماء من رجل عطشان شديد العطش ثم تلقيها على الأرض أمامه وتطعمه الملح.
8. حية موسى: مرة أكبر أنواع الحيات " ثعبان مبين " [الشعراء32] ومرة أصغر أنواع الحيات " كأنها جان " [القصص31].
التوجيه: هذان تشبيهان لها فهي حقيقة حجمها كبير كالحية من نوع الثعبان وفي نفس الوقت سريعة جدا مخيفة كنوع الجان .
وجه الشبه بينها وبين الحيات من نوع الجان ليس من حيث الحجم بل من جهة السرعة والقبح.
9. " ثم لا يموت فيها ولا يحيى " [الأعلى13] تناقض نفسها
التوجيه: ليس ميتاً فيستريح من العذاب والألم ولا يحيى حياة طبيعية يسلم فيها من العذاب والألم ( كل همّ الإنسان في الحياة الدنيا دفع الألم عن نفسه مهما كان نوع الألم: جوع ، مرض .. ).
10. كم لبث الناس في حياتهم الدنيا .. اختلفت إجابة الناس بعد بعثهم من القبور: " إن لبثتم إلا عشرا " [طه103] " إن لبثتم إلا يوما " [طه104] " إن لبثتم إلا قليلا " [المؤمنون114] " ما لبثوا غير ساعة " [الروم55]
التوجيه: لما خرجوا من قبورهم تناقشوا فيما بينهم .. استكثر بعضهم العشر فقال بل يوماً واستكثر بعضهم اليوم فقال قليلا وقال غيرهم ساعة ..
هذا الاختلاف لأن المتسائلين هم من الكفار الذين لم يكونوا من المؤمنين بالبعث.
11. " وكان الله عليما حكيما " [النساء17] يناقض " وهو بكل شيء عليم " [الأنعام101]
كان : لما مضى وانتهى
التوجيه: ليس كل ( كان ) لما مضى وانتهى
مثلا: شاهدك أحدهم جالسا تحت شجرة فقلت له: كنت جالسا تحتها من أول النهار.
وكقولك: كانت الشمس من أول الدهر.
فالمقصود بـ ( كان ) السبق والتقادم
والمقصود بـ ( كان ) إذا نسبت لله جل جلاله : أنه لم يستجد عليه شيء ولم يخرج عن هذه الصفات كما لم يُتصوَّر أنه لم يكن يتصف بها.. فهو لا تطرأ عليه الحوادث سبحانه وتعالى.
12. " ولا ينظر إليهم " [آل عمران77] يناقض " لا يخفى عليه شيء " [آل عمران5]
التوجيه: المقصود نظر التعطف والرحمة
( فلان لا ينظر إلى نفسه وعياله )
13. " هل من خالق إلا الله " [النمل61] تناقض " فتبارك الله أحسن الخالقين " [المؤمنون14] وقوله عن سيدنا عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام " وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير " [المائدة11]
التوجيه: المقصود بالأولى الإبداع والإنشاء من العدم
أما الثانية والثالثة: التصوير والتقدير .. فسيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام يصوّر شيئا مثل هيئة الطير، واستخدم فيها شيئا موجودا ( الطين ) فلم يخلق طائراً واحدا من العدم ... وكل ذلك بإذن الله تبارك وتعالى.
14. " وتراهم ينظرون إليك ولا يبصرون " [الأعراف198] تناقض نفسها
التوجيه: هذا مثل لمن لا يسمع ما يفيده ولا يبصر ما يمنعه من الوقوع في حفرة
إذا وقع شخص مبصر في حفرة كان بصره هو وقلته واحد .. حتى نحن نقول له: أنت أعمى. لأنه لم يستفد من بصره فيما ينجيه وكذلك حال الكفار مع آيات القرآن الكريم ومعجزات الأنبياء .
ومثله قوله تعالى " سكارى وما هم بسكارى " [الحج2] من شدة خوفهم واضطرابهم من يراهم يظن أنهم سكارى ولكنهم في الحقيقة ليسوا كذلك.
15. " فبصرك اليوم حديد " [ق22] يناقض " ينظرون من طرف خفي " [الشورى45]
التوجيه: بصر العلم والتيقن هو الحديد
والنظر من طرف خفي هو بسبب الذلة والمسكنة بعد تيقن وقوع العذاب.
16. " لعله يذكر أو يخشى " [طه44] كلمة ( لعل ) تفيد الشك وهذا يناقض كون الله تعالى لا يشك.
التوجيه: هذا نظير قولهم: كُل لعلك تشبع.. وفي الآية فيه معنى الترغيب
كقول المعلم للتلميذ: أدرس لعلك تصبح طبيبا
* إدخال ( لعل ) في الكلام يحمل معنىً لطيفا.
17. " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا " [النساء82] . هذا يناقض الاختلاف الموجود في القراءات وحتى التناقضات التي ذكرت بعضها
التوجيه: المقصود أنه على نسق واحد من الإحكام والإعجاز وحسن النظم والفصاحة والبراعة الخارقة للعادة
والعرب تسمي الكذب ( اختلاف ).
18. " فإن كنت في شك فيما أنزلنا إليك " [يونس94] وقوله تعالى " ل~ن أشركت ليحبطن عملك " [الزمر65] هذا يناقض عصمة النبي صلى الله عليه وسلم.. هل كان الله تعالى يشك في إيمانه حتى يحذره ؟
التوجيه: الخطاب للرسول والمقصود أمته.
إذا كان عندك أبناء وتخاطب أفضلهم أمام الجميع وتتوعده إن أخطأ بعقاب ما فأنت لا تعنيه هو بالضرورة.
المقصود: إذا كان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وهو حبيب الله تعالى إذا فعل ( كذا ) لا تغنيه محبة الله تعالى شيئا فكيف نحن .
وهو مثل الحديث الشريف : " لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " .
19. " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين " [يونس87]. تناقض: ثنى ( تبوءا ) ثم جمع ( اجعلوا ، أقيموا ) ثم أفرد ( بشِّر ).
التوجيه:
- " تبوءا " : خاطب موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام لأنهما المتبوعان .
- " واجعلوا " و " أقيموا " : لهما ولقومهما لأن الصلاة واجبة على الجميع.
- " وبشر " : خاص بموسى عليه الصلاة والسلام تشريفا له.
20. " وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها " [القصص10]
لماذا عبّر عنه تارة بالفؤاد وتارة بالقلب ؟
التوجيه:
- الفؤاد ( الفأدُ هو الصدع ) : وصف لحالة أم موسى عليه السلام بما فيها من توتر وقلق وانفعال وسيطرة الوساوس والخواطر التي مزقت مشاعرها وصدّعت فؤادها .
- القلب ( التقلُّب : التغيُّر ) : انتقلت من حالة القلق والتمزق إلى حالة اليقين والاطمئنان والتسليم.
* كان فؤادها مشغولا بموسى عليه السلام ، ثم تغير الحال وحدث تقلُّب ففرغ قلبها عن هذا التوتر والانشغال.
والله تعالى أعلم
«« توقيع أبـــ(تراب)ـــو »»
المفضلات