نهاية الكون ـ طلوع الشمس من المغرب . '' حميد الناوبلسي ''


إنه لمن المحزن نوعا ما أن تتيقن أن هناك دمارا مؤكدا سيسحق كل ما تراه عيناك من نجوم تلمع في السماء وإنه لمن المؤسف أن ترى أرضك الجميلة التي ألفتتها تنهار حتى آخر ذرة ، لكنها سنة الخالق سبحانه ، فهناك ثلاثة إحتمالات صدرت عن كبار علماء الكون الفزيائي و هي مهولة ومريعة جدا بما يكفي لأن يجعلك تنزوي إلى ركن بعيد لتبكي وحدك في السر ، ومن إحدى هته الإحتمالات توسع شعاع الخلفية المكروكوني و إستمرار تمدد الكون إلى الأبد مما سيجعل الكون أشد برودة وسيؤدي بكل شيء إلى التجمد ، وهناك قول يحتمل تمزق كل الأشياء التي يحتويها الكون إلى أشلاء وصولا إلى الذرة الأخيرة ، لكن الإحتمال الأوضح والمحتم هو التحطم الكبير أو الإنكماش الكوني العظيم و عودته إلى محطة الإنطلاق .

فقبل 13.8 مليار سنة كان الكون جزء واحد مكدسا على بعضه البعض وفي لحضة من ومضة بدأ بالتباعد ثم بعد آلاف السنين تشكلت النجوم والمجرات وضهرت عناصر أضحم نتيجة التخليق النووي في المستعرات العضمى ثم وبعد ملايير السنين من التطور الكوني اتخذت الأرض والنجوم والمجرات شكلها الحالي وهي في تمدد وتوسع دائم حيث بدأت المادة المضلمة في رفع الجسور المجرية وبدأت الطاقة المضلمة في دفع المجرات إلى الأمام بعيدة عن النواة الأولى الأكثر جاذبية ومن بين تلك اكواكب و الأجرام التي تحتويها تلك المجرات كوكب الأرض الذي يدور حول نفسه والشمس و مركز درب التبانة بفعل قوة الدفع الناتجة عن الطاقة المضلمة .

و عند تلاشي قوة الدفع وقوت الرفع بسبب التوسع الخارج عن مجال السيطرة ستتباطأ الحركة في الكون لفترة معينة متحية بذلك مجالا للحادثة الكونية الأشد رعبا في تاريخ النجوم والأجرام بالوقوع ، وهي الرجوع إلى نقطة الأصل ، رجوع بين دمار وخراب و تحطم وانهيار وتصادم للمجرات فيما بينها بحيث أن كل شيء في هذا الكون من كواكب ونجوم سيغير مسار دورانه إلى الجهة المعكوسة عائدا بذلك إلى مكان ولادته إلى النواة الأولى المتسببة في حدوث الكون , و عند انعكاس دوران كوب الأرض حول نفسه ستضهر الشمس صاعدتاا من المكان الذي غربت فيه يوم أمس .

ـ تشبيه تقريبي مبسط .

لقد وصل آلبرت أنشطاين لحل شفرة الكون إثر تفجيره لنظرية الكون الإهتزازي والتي تقول بأن الكون سيبدأ من إنفجار عظيم وسينتهي بإنكماش عظيم .

و من أجل فهم أوضح لهذه النضرية سنضع سقرا مكان الكون حيث سيكون جسم السقر هي النواة أو النقطة الأولى التي بدأ منها الكون وجناحاه هما النجوم والمجارت والهواء هو مادة الرفع المضلمة والقوة التي يحرك بها جناحيه أثناء الطيران هي طاقة الدفع المضلمة ، ففي البداية ستكون أجنحته متكدسة ومنكمشة على جسمه ثم و في لحظة عند إرادته التحليق ستبدأ كلتا أجنحته بالتبعاد عن بعضها البعض بفضل قوة الدفع الجسمية لتجد الهواء أداة رفع تتكئ عليها وستبدأ في الإهتزاز حتى إذا بلغت درجة التوسع القسوى عادة إلى مكانها الأول من حيث إنطلقت ، وفي مشهد آخر يكون السقر واقفا في محطة أرضية معينة ثم ينطلق منها مرتفعا في السماء مبتعدا عن الأرض حتى إذا بلغ درجة معينة من الإرتفاع قلت سرعته وتباطئة حركته للحضة ليعكس شكله ويخر من السماء راجعا إلى أول محطة أو أول نقطة إنطلق منها .

ـ ''نشأة الكون ونهايته من منظور إسلامي '

إن للكون بدياية أصلها إنكماش ثم تباعد ثم توسع وإن له لنهاية تبدأ من تباطؤ في الحركة ثم تقلص ثم إنكماش مثل العجلة التي تدور إلى الأمام بسبب قوة الدفع الناتجة عن محرك القطار وقوة الرفع أو الإتكاء على سكة الحديد حتى إذا أراد أن يرجع إلى الوارء تباطأت حركته تماما ليعكس دورة عجلاته راجعا بذلك إلى الخلف .

والحالق سبحانه وتعالى حاشاه أن يغفل عن ذكر وتعريف هته الحقيقة العلمية لعباده ، حيث قال عز من قائل عن نشأة الكون الأولى :

'' أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ''

كَانَتَا رَتْقًا ـ فكلمة الرتق لغة تعني : الالتئام والانضمام ، رتق الخرق أو نحوه : انسد وانضم بعضه إلى بعضه الآخر وصار جسما واحدا .

فَفَتَقْنَاهُمَا ـ وكلمة الفتق خلاف الرتق وتعني الانشقاق و التصدع و التباعد والتوسع و فَتَق الكلام قوَّمَهُ ووسَّعَه . انظر لسان العرب .

إذ هي نفس النتيجة التي وصل إليها العلماء بقولهم أن الكون بدأ من جسم واحد '' رتقا '' ثم انفصل وتباعد '' فتقا '' .

وفي آية أخرى : {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} وتشير هذه الآية إلى أن السماء قد حبكت وبينت بإحكام ، وأنها ليست مجرد فضاء كما كان يعتقد إلى عهد قريب ، وأنها في توسع دائم وتباعد مستمر ، وهي أيضا نفس النتيجة التي وصل إليها '' هابل '' عند قوله بتوسع الخلفية الميكروكونية و تباعد المجرات .

وكما اخبرنا سبحانه عن نهاية الكون فقد اخبرنا عن نهايته أيضا حيث قال : (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)

فالكون وكما تقدم ذكره سينطوي ويلتف على نفسه مثل الورقة التي تلتف وتنكمش على نفسها مشكلتا بذلك حجما متقلصا وملتزقا عن حجمها الطبيعي الممتد .

وأما عن إخباره بأعقد و أغمض مادتين معتمتين في الكون فقد قال : (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) فهذا مؤكد في أبحات الأرصاد والدراسات الفلكية حيث يقول العلماء أن السماوات مرفوعة و تتزحلق فوق أعمدة حالكة وغير مرئية وقد تدخل في الآية الكريمة قوة التجاذب بين الأجسام السماوية وبين مجرة ومجرة أخرى في تسلس متنتضم .

ويقول سبحانه ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ فعملية الإمساك تتم بالتجاذب والمواد المعتمة كي لا تزولا الكواكب والنجوم عن أفلاكها أو تغير مسارها .


ـ '' نهاية العالم في ثقافة الشعوب ''

لن يكون العالم اليوم في حالة هلع أشد من تلك التي حدثت قبل 21 ديسمبر 2012 عند تنبؤ شعب الماية بنهاية العالم وفنائه ، فحتى المسلمين هناك منهم من صلى العشاء ثلاثة مرات خشية ألا يكون قد أداها على أتم وجه ليلة ما قبل الكارثة المفترضة ، لكن تم رفض هذا الخبر بردود عنيفه من قبل علماء المسلمين و علماءآخرين من مختلف التخصصات حيث إعتبروا خبر مايا الذي ينذر بالشؤم ويتهدد العالم ما هو إلا تخاريف ثقافة وتاريخ .

وترى الإسخاتولوجيا في اللاهوت المسيحي والماشيحية اليهودية أن نهاية الكون محتمة وهي تكميل الله لخلق العالم وهناك أكثر ما من نص في الكتاب المقدس وبخاصة في العهد القديم يشير إلى أن الكون في طريقه إلى متواه النهائي .