وحتى وهو يحاول أن يقلد ويحاكى خلق الله عز وجل فهو لا يستطيع أبدا أن يصل الى نفس القدرات التي وضعها رب العالمين فى مخلوقاته فالانسان صنع الطائرة مستلهما فكرة وبعض نظريات الطيران من مخلوقات الله عز وجل التي تطير
ولكن مع ذلك فان الانسان اكتشف أن تلك الكائنات أكثر تعقيدا وقدرة من مخترعاته بكثير جدا وعلى سبيل المثال الذبابة فان للذبابة قدرات فى أجنحتها وعقلها أكثر من الأشياء التي صنعها الانسان
وللمزيد اقرأ هذه الروابط :-
- 3- الله عز وجل أوصلنا الى هذا التقدم العلمي حتى نرى آياته فى مخلوقاته
هذه هي الحقيقة فنحن لم نصل الى هذا التقدم العلمي من أنفسنا فكما أوضحت فى النقاط السابقة ان الانسان لا يستطيع أن يتعلم شئ بمفرده ولابد له من معلم يوجهه وهذا الذى نراه حاليا من تقدم علمي مكننا من معرفة واستكشاف قدرات مخلوقات الله عز وجل هو ما أخبرنا به القرآن الكريم
قال الله تعالى :- (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93) )
صدق الله العظيم (سورة النمل)
قال الله تعالى :- (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ (54) )
صدق الله العظيم (سورة فصلت)
ومن تفسير ابن كثير :-
(المحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة ، كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى )
انتهى
كان من الصعب على العقول من 1400 عام أن تصدق أن الانسان سوف يكتشف البعض من أسرار الآفاق و البعض من أسرار تكوينه الجسدي ولكن القرآن الكريم أخبرهم بالحق الذى نراه الآن واقع مصدق
مع العلم أن
اكتشافات الانسان لأسرار الكون ونفسه لم تنتهى فهو لايزال يكتشف العجائب والآيات حتى فى أدق وأصغر المخلوقات فأسرارها أكبر بكثير مما يعتقد الانسان وفى نفس الوقت فان الانسان لن يستطيع أبدا أن يكتشفها كلها فالأمر أكبر منه بكثير جدااااااا
والانسان قديما لم يكن متاح له من العلم ما هو متاح لنا الآن
لذلك كان يعطى الله عز وجل المعجزات للأنبياء تأيدا لهم حتى يعلم الناس أنه الحقأما فى عصرنا الحديث
وبعد أن أتاح لنا رب العالمين هذا التطور العلمي أصبحنا نستكشف آياته سبحانه وتعالى فنحن نرى المعجزات فى الآفاق وفى أنفسنا فلكل زمان معجزاته التي يراها البشر حتى يدركوا الحقيقة
وتختلف نوع المعجزة من زمان الى لآخر حسب طبيعة وظروف البشر فى كل زمان فمن عاصر سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام رأى العصا تتحول الى حية ومن عاصر المسيح عليه الصلاة والسلام رأى شفاء المرضى واحياء الموتى وفى عصرنا الحديث نرى العديد والعديد من الآيات المذهلة سواء فى الأفاق أو فى أنفسنا
ولكن الانسان يتوهم أنه هو من أتى بكل هذا العلم ويختال بنفسه ويطغى
بينما الحقيقة ان الله عز وجل هو من أتاه هذا العلم وهذه المعرفة وان رب العالمين سيحاسبه على عمله
قال الله تعالى :- اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَه (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19))
صدق الله العظيم (سورة العلق)
(ملحوظة :-
ان مشكلة البشر هو فى كيفية حدوث الشئ لذلك نجد نوع من البشر يظن أنه عقلاني فلا يصدق المعجزات ولا الغيبيات ويحاول أن يطبق عليها علمه المحدود الذى وصل اليه
فمشكلته فى ذلك هو جهله بكيفية حدوث المعجزات ، ولكن عدم معرفة الانسان بكيفية حدوث الشئ لا يعنى أبدا أن هذا الشئ لم يحدث
فمثلا اذا قيل لشخص عاش من ألفان عام ان الانسان سيركب شئ يطير فى الهواء ويقطع المسافة بين القارات فى ساعات قليلة ، كان سيكون رد هذا الشخص ان هذا أساطير الأولين وسحر ويعتقد أن برده هذا أنه عقلاني بينما الحقيقة انه جاهل لأنه يجهل هذا الشئ ويجهل كيفية حدوثه بينما فى عصرنا الحديث ان ركوب الانسان الطائرات وسفره بين القارات فى ساعات قليلة هو أمر طبيعي وليس سحر ولا أساطير الأولين
لأننا أصبحنا نعرف كيفية حدوثه ونظريتها فلقد زال الجهل عن هذا الشئ
والانسان يجب أن يعلم أنه سيظل طوال عمره يتعلم وأنه مهما بلغ من علم فهو لا يستطيع أن يجمع كل العلوم ولا أن يبلغ نهاية لهذا العلم أبدا لأن الانسان كائن محدود وهذا يعنى أنه سيظل دائما هناك مالا يعرفه ولا يعرف كيفية حدوثه
لذلك فمن غير المنطقي أن يكذب بما يجهل كيفية حدوثه ويجرى وراء اللا معقول
فالمعقول هو أن لهذه المخلوقات خالق ، وان احتياج الانسان والكائنات الحية لمن يعلمها ويلهمها حتى تعيش وتتأقلم وتفعل ما ترغبه (كما تكلمت بالتفصيل فى الفقرة ج-1) يعنى وجود خالق يعلمهم جميعا ، فكما لا يخلق المخلوق نفسه فهو أيضا لا يعلم نفسه ، فلابد من وجود من يعلمه ويلهمه
قال الله تعالى :- (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) )
صدق الله العظيم (سورة الكهف)
قال الله تعالى :- (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) )
صدق الله العظيم (سورة لقمان)
ومن تفسير ابن كثير :-
(يقول تعالى : قل يا محمد : لو كان ماء البحر مدادا للقلم الذي تكتب به كلمات ربى وحكمه وآياته الدالة عليه ، ( لنفد البحر ) أي : لفرغ البحر قبل أن يفرغ من كتابة ذلك ، (ولو جئنا بمثله ) أي : بمثل البحر آخر ، ثم آخر ، وهلم جرا ، بحور تمده ويكتب بها ، لما نفدت كلمات الله ، كما قال تعالى : ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ) [ لقمان : 27 ] .
قال الربيع بن أنس : إن مثل علم العباد كلهم في علم الله كقطرة من ماء البحور كلها ، وقد أنزل الله ذلك : ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ).[ ص: 205 ]
يقول : لو كان البحر مدادا لكلمات الله ، والشجر كله أقلام ، لانكسرت الأقلام وفني ماء البحر ، وبقيت كلمات الله قائمة لا يفنيها شيء ; لأن أحدا لا يستطيع أن يقدر قدره ولا يثني عليه كما ينبغي ، حتى يكون هو الذي يثني على نفسه ، إن ربنا كما يقول وفوق ما نقول ، إن مثل نعيم الدنيا أولها وآخرها في نعيم الآخرة ، كحبة من خردل في خلال الأرض كلها . )
انتهى
المفضلات