بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه


أهدي هذه المقامة لكل مريض من أمة محمد عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم



اللهم اشف مرضانا شفاء ليس بعده سقما أبداً

اللهم خذ بيدهم اللهم احرسهم بعينيك التي لا تنام

و اكفهم بركنك الذى لا يرام و احفظهم بعزك الذي لا يُضام

و اكلأهم في الليل و فى النهار , و ارحمهم بقدرتك عليهم ّأنت ثقتهم و رجاؤهم يا كاشف الهم يا مُفرج الكرب يا مُجيب دعوة المُضطرين

اللهم ألبسهم ثوب الصحة والعافية عاجلا غير آجلا يا أرحم الراحمين

اللهم اشفهم

اللهم اشفهم

اللهم اشفهم


أضع بين أيديكم الطاهرة مقامة أخرى من مقامات الدكتور عائض القرني استكمالا للسلسة المعهودة

المقـامَــــة الـطبـيّـــة




( إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )




كيف أشكو إلى طبيبي ما بي** والذي قد أصابني من طبيبي
زاد في جرعة العلاج فصارت** مهجتي في منازل التعذيبِ



وجدنا كتاباً لابن سينا ، بعدما أغفلنا ذكره ونسينا ، فإذا هو يقول ، ورأيه مقبول: ما أهلك البَرِيّة ، وقتل البهائم في البَرِّيّة ، إلا إدخال الطعام على الطعام ، وترك المشي على الأقدام . ثم قال : عليكم بالنوم بعد الغداء ، والمشي بعد العشاء ، وترك الامتلاء ، والغذاء خير من الدواء .
وكنا جلوساً ، فجاءنا أحدهم برسالة من جالينوس ، فإذا هو يقول : يا أهل العقول ، لا يغتسل أحدكم وهو شبعان ، ولا يأكل إلا وهو جوعان ، ولا ينم وهو من الطعام ملآن ، ولا يقطع الليل وهو سهران .
وقال من اقتصد في الطعام ، وقلل من الكلام ، وهجر الاهتمام والاغتمام ، عاش في صحة وسلام ، أما سمعتم شاعركم ابن الرومي ، ليت عندنا شاعراً مثله من قومي :

فإن الداء أكثر ما تراه يركب من طعامك والشراب


قلنا : يحق للمتنبئ المجيد ، أن يقول عنك لما مدح ابن العميد :

من مخبر الأعراب أني بعدهم جالست جالينوس والإسكندرا


قال : بلغوا كلامي لابن الحسين ، وقالوا : شكراً مرتين .
قلنا : وقد ذكرك فقال في بعض الأمثال :

يموت راعي الضأن في سربه*** ميتة جالينـوس في طبهِ


فهمهم وتمتم وما تكلم .
ثم جاء صديقنا أبو عثمان الغازي ، فقلنا : حدثنا عن أبي بكر الرازي .
قال : حسبتكم تتحدثون عن الحب ، وإذا بكم تتكلمون عن الطب .
قلنا : دعنا من الشجون والعيون ، وحدثنا عن الصحون والبطون ، فضحك حتى بدت نواجذه ، وقال : مات الطب وجهابذه . ولكن أبا بكر ، طيب الذكر ، كان يدنينا ولا يقصينا ، وينصحنا ويوصينا . فيقول : الحسد يذيب الأجسام ، والحقد لا ينفع معه طعام ، والبغضاء لا يهنأ معها منام ، والذكر يشرح الصدور ، ويجلب السرور ، ويسهل الأمور ، ويدخل على النفس النور ، وإياكم والمسكر ، فإنه داء أكبر ، وحرام منكر .
قلنا : أنت حدثتنا عن طب الأبدان ، ونعرف أنك فيه من الأعيان ، فحدثنا عن طب القلوب ، فقد نسيناه من كثرة الذنوب .
قال : أما سمعتم ابن المبارك ، وهو في الأدب شارك ، حيث يقول :

رأيت الذنوب تميت القلوب***وقد يورث الذل إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب***وخير لنفسك عصيانها



قلنا فماذا قال طبيب العيون ، فإنه ثقة مأمون ، قال سمعته ينشد :

وأنت مـتى أرسـلت طرفك رائداً ***لقلبك يوماً أتعبتك المناظـرُ

رأيت الذي لا كله أنت قادر***عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ


قلنا فماذا قال طبيب الأذن ، قال دخلت عليه بلا إِذن ، فسمعته ينشد :

لا تسمعنّ الخنا إن كنت ذا رشد***فالأذْن نقالة والقلب حَفّاظُ

وصن سمعاك عن لغو وعن رفث***قد تدخل الناس في النيران ألفاظُ


قلنا فماذا قال طبيب الولادة ، فإنه ظاهر الإجادة ؟ قال :

ولدتك أمك باكياً مستصرخـاً ***والناس حولك يضحكون سرورا
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكَوا*** في يوم موتك ضاحكاً مسرورا


قلنا : فماذا قال طبيب الباطنيّة ، فإنه طيّب النيّة ، قال سمعته ينشد :

أكل الحرام يثير داءً دائماً في*** البطن لا يدري به الجراحُ
فكل الحلال فرزق ربك واسع*** إن الذي ترك الربا مرتاحُ



قلنا : فماذا قال طبيب العظام ، فإنه من الرجال العظام ، قال سمعته ينشد :

عظامك أنقذها ولحمك من لظى*** جهنم فالأجسام تُشوى وتحرقُ
وإياك إياك الحرام فإنّه*** تقطع أوصال به وتمزّق


قلنا : فماذا قال الطبيب النفسي ، قال سمعته ينشد ، حين يصبح وحين يمسي :

يا نفـس هل من توبـة مقبولة *** ضاع الزمان وأنت في العصيان
أو ما ترين الموت أشهر سيفه*** كم راع يوم الروع من إنسان



قلنا : فمن أعظم طبيب ؟ قال : محمد الحبيب ، صاحب النهج العجيب ، والرأي المصيب ، قلنا : أوصنا بوصية ، لينة غير عصية ، فأنشد :

خذ ما أردت من العلاج فإنه*** لابد من موت يقطع ذا العرى
مات المداوِي والمداوَى والذي*** صنع الدواء وباعه ومن اشترى

اللهم اشف مرضى المسلمين شفاء عاجلا غير آجل

آمين يا رب العالمين

منقول