قال الله تعالى في سورة الاحزاب :

مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا {33/40} سورة الاحزاب

قال الطبري في تفسير الآية :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ وَلَكِنْ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا كَانَ أَيّهَا النَّاس مُحَمَّد أَبَا زَيْد بْن حَارِثَة , وَلَا أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ , الَّذِينَ لَمْ يَلِدهُ مُحَمَّد , فَيَحْرُم عَلَيْهِ نِكَاح زَوْجَته بَعْد فِرَاقه إِيَّاهَا , وَلَكِنَّهُ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ , الَّذِي خَتَمَ النُّبُوَّة فَطُبِعَ عَلَيْهَا , فَلَا تُفْتَح لِأَحَدٍ بَعْدَهُ إِلَى قِيَام السَّاعَة , وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء مِنْ أَعْمَالكُمْ وَمَقَالكُمْ وَغَيْر ذَلِكَ ذَا عِلْم لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21765 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيدُ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي زَيْد , إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِابْنِهِ ; وَلَعَمْرِي وَلَقَدْ وُلِدَ لَهُ ذُكُور , إِنَّهُ لَأَبُو الْقَاسِم وَإِبْرَاهِيم وَالطَّيِّب وَالْمُطَهَّر { وَلَكِنْ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ } : أَيْ آخِرهمْ { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا }

نزلت سورة الاحزاب فأبطلت عادة التبني ، و قد تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة حتى أن الناس سموه "زيد بن محمد" ، فأبطل الله ذلك
ولكن الشاهد أن الآية ايضا أخبرت المسلمين بأمرين ، الاول ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس أبا أحد من الصحابة ، و لكن ، النبي كان زوجا لكثير من النساء وهو لم يكن عقيما ، بل كان له العديد من الابناء الذكور والاناث ، إلا ان الله عز و جل قبض جميع أولاده الذكور وهم أطفال صغار .
ولكن كان هناك احتمال واحتمال كبير ان يرزق النبي صلى الله عليه وسلم بولد ذكر ويكبر فيصير رجلا .
فكيف يمكن قراءة الآية في هذه الحالة ؟
ألن تكون هذه الآية غير متحققة في هذه الحالة ؟
من كان يضمن ألا يكون للنبي صلى الله عليه وسلم ولد يكبر فيصير رجلا ؟
إن الضامن هنا لن يكون إلا الله عز وجل ، إذ هو الخالق و هو أيضا عالم الغيب . ولو كان القرآن تأليف بشري لكان من عدم الحكمة تقرير أمر غيبي يسجل في كتاب المفترض أنه من عند خالق الكون ، وسرعان ما كان سينكشف الأمر .
يؤيد ذلك ، أن سورة الاحزاب نزلت في العام الخامس الهجري ، ومولد ابن النبي صلى الله عليه وسلم ابراهيم من السيدة مارية القبطية كان في العام الثامن من الهجرة ، بما يعني ان فرصة عدم تحقق الآية كانت موجودة ، و لكن الأرواح بيد الله عز و جل حيث قبض ابراهيم وعمره ثمانية عشر شهرا
و قد حزن عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا :
‏"‏يا إبراهيم، لولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وأن آخرنا سيلحق أولنا، لحزنا عليك حزناً هو أشد من هذا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون، تبكي العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب‏"‏‏.‏

وقد قدر الله عز و جل ان يحدث كسوف شمسي في ذلك اليوم ، فقال الناس :" انكسفت الشمس لموت ابراهيم " فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فيهم
قائلا :
"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك، فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة"
وطبعا لا يمكن لمدعي نبوة ان يترك هذه الفرصة أبدا ، و في هذا قال الاسقف البروتستانتي بنيامين بوسورث سميث : Benjamin Bosworth Smith
ما يلي :
"في رأيي أن أكبرالأعاجيب لمحمد هو عدم إدعائه أبدا القدرة على فعل المعجزات.لم يدعي إلا ما يستطيع فعله فقط ، وهو ما شاهدة تلاميذه . وهم قد ينسبوا له فعل معجزات لم يفعلها ، بل وأنكرها (راجع حديث أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ) .
ماذا نحتاج من أدلة قوية على صدقه أكثر من ذلك ؟ محمد في آخر حياته إدعى لنفسه لقب وحيد هو الذي إدعاه لنفسه من البداية والذي أغامر بالإعتقاد بأن المسيحية الحقة سوف تقر له بهذا اللقب يوما ما ، إنه لقب النبي ، نبي الرب حقا " انتهى كلامه

راجع هذا الرابط :
http://www.ebnmaryam.com/vb/t182013.html

الأمر الثاني ، ان الآية تقرر حقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين و أنه لا نبي بعده .
فهل جاء نبي بعده ؟
هل ينتظر أحد نبيا جديدا ؟
كل هذا يشهد بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبلغ رسالته إلا عن ربه عز و جل حقا وصدقا و يقينا
وصلى اللهم علي نبينا و على آله و صحبه وسلم .