هذا الفأر من ذاك الجرذ !

لكَم كنا نفخر بأولادنا وبناتنا ونرفعهم في سامية المقامات
حين يكبرون بأعيننا وحين يُبهجون قلوبنا بحسن الفعال
ولكَم كنا نقول مثلا مشهورا تفرح قلوبنا عند نطقه : هذا الشبل من ذاك الأسد
نقوله حين نرى الطفل كوالده : شهما مقداما حاذقا وذكيا
ولكني اليوم سأنسف هذا المثال نسفا بعد أن تشوهت كل الأسود بفعال ذلك الأسد
لذلك سأقول هذا الفأر من ذاك الجرذ
فمن ذاق علقم الغربة لن يرضى لأخيه أن يتجرعه

وإني لأظنكم قد غرقتم في متاهة كلماتي ..

أسد وفأر مع أولاد ولماذا سأغير المثال وما شأن الحديث عن الغربة
أي رابط عجيب يربط كلماتك يا بنت خير الأديان
أفصحي يرعاك الله !!

ما أعجبه من رابط وربي ..

وجعي على شامٍ مكلوم هو ذاك الرابط العجيب السحري
ذاك الفأر الذي يسمي نفسه أسدا ورث عن أبيه أكل اللحوم البشرية
وفاقه وحشية وقذارة وعدوانية .. حتى باتت شريعة الغاب أكثر رحمة ورأفة
وبات أُسد الغابة يتبرؤون من ذاك الأسد

هل يظن أن غطرسة كهذه سترفعه مقامات سامقة ؟!
أم هل يطمح إلى شعبية أكثر حين يسقي الشام دم أبنائها ؟؟
لا والله لا يسقيها بل يغصبها على أن تتجرع دماء أبنائها شاكية باكية .. ولا يرعى لدمعتها حرمة
والله إن وحوش الغاب تشبع من أكل اللحوم وهذا لا يشبع .. هو وأبوه على شاكلة واحدة وصدق والله مثلي

ما أشد قسوة تلك المشاهد على قلبي وقلبك وقلبه لو كنا نملك قلوبا
أشلاء طفل ، أحشاء أم ، جسد رضيع قد أوغلت فيه السيوف والرصاصات
مشاهد أقسى من مشاهد ..
فكل قطعة يمزقها ذلك السيف فإنما هي قطعة من قلبي تنتزع وتلاك وتقذف
ما أبشعها من صورة لو وعت قلوبنا
وبعد ذلك تقولون أسد ؟ .. وربي إنهم فئران
كادت الحجارة أن تنطق لتقول له " يا أخي انقلع "

اليوم تجسد لي عيانا معنى قوله تعالى : " ختم الله على قلوبهم "
ومعنى قوله : " فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون "
ألا يكفيه ثلاثة قبله ليعتبر ويتعظ ويعلم أن الله حق ؟
أم أنه لا يسمع ولا يرى ولا يفهم ولا يجيد شيئا سوى البطش والظلم والقتل والتشريد
يريد أن ينكأ جراحا أُخر في الأمة فوق جرح الأندلس والقدس !
يريدنا أن نقول يوما ما : الشام المفقود , كما بتنا - وأسفا – نقول : القدس المحتل والأندلس الضائع

ألماً تعتصر تلك القلوب حين تخرج من ديارها خوفا من أن تلتهمها تلك القنابل وتلك السكاكين التي لا ترحم
أتطيق ألم الغربة أم تطيق ألم تلك الأسلحة الكافرة ؟

كلما نظرت في عين طفل هناك أتذكر عينيّ اللتين تغرقان في بحر الغربة ولا تريان أمامهما سوى فلسطين المغتصبة وبلدتي هناك وقدسي المسلوب
كلما سمعت صوت تلك الطفلة أتذكر بحة تخنقني وغصة تؤرقني منذ أن فقدت روحي التي سلبوها حين سلبوا أرضي
وكلما شاهدت تلك الدماء أحسستها تنزف من جسدي وتفور منه وتحرقني بحرارتها
أو كلما مر على ذاكرتي ذلك الرضيع عدت إلى صغري حين رضعت حبها وحبها وحبها فقط
وأرادوا أن يحرموني هذا الحب فأنى لهم ؟

فما الفرق بربكم بين بطش آل الفأر وبطش آل يهود ؟ .. لا فرق !
الألم واحد والدم واحد والدمع واحد .. والعدو كذاك واحد
رب ارحم القدس والشام وردهما إلى رحاب المسلمين ردا يعز فيك جندك ويذل فيه عدوك