لن يستطيع جسمك تحمّل مشاعر الخيبة والألم التي شعرت بها في سن الخامسة حين تخلّت عنك صديقتك المفضّلة واستبدلتك بأخرى؟ هل يمكن دفن ألم فقدان شخص عزيز في باطن أعماقك؟

يعتبر المعالجون بالحركة والأطبّاء التقليديّون أنّنا نخزّن الانفعالات القديمة في أعضاء جسمنا، تحديداً في الجهاز العصبيّ والعضلات، ما يؤثّر في طريقة تحرّكنا ومشاعرنا، كذلك يؤكدون أنّ التمارين الرياضيّة وتحسين شكل الجسم، وصقل العضلات، هي عوامل تفيد الصحّة وتعطي قوّة عاطفيّة.

إنّها فكرة غريبة في ظل الثقافة العصريّة الراهنة التي تفرّق كليّاً بين العقل والجسم وتعتبر المشاعر كتلة منفصلة عن أجسامنا. لكن بالنسبة إلى المعالجين بالحركة والعاملين في مجال العناية بالجسم، الصلة بينهما واضحة. يعتقد أشهر العلماء أنّ المشاعر هي تحرّكات تحصل داخل أنسجة الجسم التي لها تأثير بيولوجيّ.

إذا اختبرت طلاقاً مؤلماً مثلاً، قد تشعرين بإحساس مبالغ فيه بالخوف أو الخيانة أو الغضب في صدرك أو معدتك في المرّة المقبلة التي تواجهين فيها صعوبة ما في العلاقة العاطفيّة، لأنّ الأحداث الماضية "تدير" جهازك العصبي.

ترتبط بعض المشاعر بأعضاء وعضلات معيّنة. وفقاً لنظريّة العناصر الخمسة الصينيّة مثلاً، يضعف الخوف الكلى بينما يعيق الغضب المكبوت عمل الكبد. أين تتركّز العاطفة السلبيّة في الجسم وما السبيل لحلّ تلك المشكلة؟

الحزن

أين يخزن؟

وفقاً للطب الصيني التقليدي، يُحفظ الحزن المكبوت في الرئتين اللتين تضعفان وتصبحان قابلتين للإصابة بالتهابات في الصدر. غالباً ما ينطوي هؤلاء الأشخاص على أنفسهم ويجدون صعوبة في البكاء. قد يكون الاندفاع بين الأنسجة موجوداً لكنّ طاقة الصدر ضعيفة أو معطّلة. تكمن المشكلة في الاعتراف بوجود خلل ما والتوصّل إلى تقبّل ما حدث.


علاجه

أكتبي تعابير إيجابيّة لتذكّري نفسك أنّك "في الأعماق، لا ينقصك شيء" وكرّري تلك العبارات عشر مرّات يوميّاً. قومي بهذا التمرين المفيد: قفي، مدّي يديك إلى الأمام، أنزليهما إلى مستوى الفخذين، وتخيّلي أنك تحملين كرة. خذي نفساً عميقاً وارفعي ذراعيك إلى الأعلى إلى أن يصبحا أمامك مباشرةً. تخيّلي دفعاً من الطاقة يتدفّق من منطقة البطن وصولاً إلى الصدر. إزفري وأعيدي إنزال ذراعيك. كرّري الحركة مدّة 10 دقائق.


الغضب

أين يُخزّن؟

يُحفظ الغضب أو الإحباط في الجسم، تحديداً حول الكبد، بينما يتركّز التعبير عنه في الفك. تتمثّل ردّة الفعل الأوليّة والدفاعيّة للغضب بعضّ الشّفة أو التكلّم بانفعال. إذا كنّا لا نعبّر عن مشاعرنا، قد يُخزّن الغضب على شكل تشنّج عضليّ حول مناطق الوجه والعنق. كذلك، يُخزّن الغضب المكبوت أو قلّة الثقة بالنفس في الكبد. أمّا بالنسبة إلى الأشخاص الذين يجهلون كيفيّة مواجهة المشاكل، يساعد تدليك تلك المنطقة في جعلهم يذرفون دموع الإحباط الناجم عن إحساس بالضعف.

علاجه

قفي، أشبكي أصابع يديك واحرصي على أن يتّجه الكفّان إلى الأسفل، وارفعيهما فوق رأسك. إزفري وانحني إلى جهة واحدة واشعري بتمطّط الجهة الثانية من الجسم. مطّطي الجهة الأخرى وكرّري الحركة ست مرّات لفك التوتر الموجود حول الكبد.

الجبن

أين يُخزّن؟

كلمة "شجاعة" في اللغة الفرنسيّة (Courage) مشتقّة من كلمة (Coeur) أي القلب. يتحلّى الإنسان بالشجاعة عندما يتصرّف استناداً إلى شغف قلبه، فينفتح صدره ويقف باستقامة ويشعر بقوّة عارمة. حين تفقدين الاتصال بقلبك، تصابين بحساسيّة مفرطة أو يصبح طبعك بارداً، فيميل كتفاك تلقائيّاً إلى الانحناء إلى الأمام لحماية منطقة الصدر. مشاعر الخوف والحب والجبن كلّها متّصلة بالقلب.

علاجه

حرّكي الكتفين إلى الوراء والأسفل، تعطي تلك العضلات شعوراً بالقوّة والاستقرار. يُشرِح هذا التمرين الصدر والقلب. إذا كنت تشعرين بضعف عاطفي، إحني كتفيك إلى الأمام، ما يمنحك شعوراً بالحماية.

إنعدام الثقة

أين يُخزّن؟

يعود إحساسنا بالثقة إلى مرحلة الطفولة. يتوقّف الشعور بالأمان عند الطفل حول ما إذا كانت الأم تحضنه أو تطعمه. إذا كانت لا تفعل عند حاجته إلى ذلك، يفقد هذا الشعور ويميل عادةً إلى تخزين انعدام الأمان في جسمه على شكل توتّر على طول الظهر والعنق. يتوقّف الشعور بالأمان على الحدود النفسيّة والجسديّة التي نرسمها لأنفسنا، فنعرف متى نشرك الآخرين في حياتنا أو متى نرفض. يرتبط تحديد ضوابط مماثلة بعضلات الذراعين والكتفين التي تعبّر عن الغضب والإحباط، لكن يؤدّي كبت تلك المشاعر إلى تشنّج العضل.



علاجه


إستلقي على ظهرك ومدّي الساقين أو احني الركبتين. تخيّلي أنّ الأرض هي أمّ لك. أشعري بقوّتها التي تحملك وتحضنك، ما يساعدك في التخلّص من التوتّر.

لتشعري بالأمان، إرفعي ذراعيك ببطء من كلّ جهة في الجسم إلى أن تلتقيا فوق الرأس ثمّ أنزليهما ببطء. خلال التمرين، قولي عبارة "هذه مساحتي الخاصة". إدفعي كفّيك باتجاه الحائط وأنت تقولين كلمة "لا" واشعري بقوّة جسمك.

القلق

أين يُخزّن؟

وفقاً للطب الصيني التقليدي، يُخزّن الخوف في الكلى والعمود الفقري. لكن يؤثّر الخوف في الجسم بكامله وتحديداً عمليّة الهضم. يرتبط القلق بدخول الأدرينالين إلى جهازك، ما يرفع معدّل دقّات القلب ويعيق عمليّة الهضم.

علاجه

إذا كنت تشعرين بالقلق، تمهّلي، خذي نفساً عميقاً واشعري بقدميك تلامسان الأرض وبثقل جسمك كلّه. للشعور بالقوّة والتخلّص من الخوف المخزّن في الكليتين، ضعي يديك، وهما ساخنتان، على ظهرك، تحديداً فوق منطقة الكليتين. بعد دقائق، أديري