اختصار المختصر في تاريخ اللغة العبرية (3) خلفية اللفة العبرية
اختصار المختصر في تاريخ اللغة العبرية
(3)
( خلفية اللغة العبرية )
[justify][justify]علم اللغة يقسم لنا اللغات لعدد من العائلات، وبسبب التشابه بين هذه العائلات فمن المفترض أن تكون هذه العائلات منحدرة من لغة أم واحدة كانت مستعملة منذ زمن بعيد، المعلوم لدينا أنه هناك 4000 لغة، وأكثر من 100 عائلة لغوية.
بالنسبة للغة العبرية، فإنها تنتمي إلى عائلة متشعبة كثيراً، يطلق عليها في عصرنا، الحامية-السامية، أو الأفريقية-الأسيوية، وأيضاً، الأحمرية، هذه المجموعة تضم المجموعات الفرعية التالية:
من الشرق إلى الغرب: اللغات السامية في آسيا وفي إثيوبيا، تبلغ 100 لغة في الصومال، إثيوبيا والسودان وتسمى إجمالاً بـ "الكوشية" ، اللغة المصرية وبنتها القبطية، واللغات البربرية التي انتشرت بين غرب مصر، والمغرب، والصحراء الغربية، باستثناء "صحاري الطوارق" ، وعدد من اللغات التشادية في غرب أفريقيا، من أهم هذه اللغات، لغة "الهوسا" ، هذه اللغات تشترك مع اللغة العبرية من الناحية الصرفية للأفعال، وأبنيتها.
لا يعرف على وجه التحديد متى كان الناس يتكلمون باللغة الأم، وأين كانوا يتكلمون بها، هل في آسيا أم في أفريقية، ولا يعرف كذلك، هل الذين كانوا يتكلمون باللغة الأم، هل كانوا بيضاً، أم سوداً ... إلخ، لقد ظُن سابقاً أن متحدثي اللغة السامية الأول كانوا يعيشون في شبه الجزيرة العربية، وأن النصوص الكلاسيكية للعربية المتمثلة في نصوص القرن 6 و7 هي مشابهة للغة السامية الأولى، وإلى اليوم، مازال هناك علماء متمسكين بهذين الرأيين، غير أن هناك أسباب تدفع إلى القول، أن الجزيرة العربية تم استيطانها بادئ الأمر في الوقت الذي احتل فيه الإسرائليون كنعان، وأن الأدب العربي الكلاسيكي قد تبلور في الحقبة المسيحية إثر امتزاج العديد من اللهجات القديمة ... فليس إذا من المعروف أين كان المتحدثون بالسامية الأولى يعيشون، ولا كيف جاء أسلافهم إلى البلدان التي وجدوا فيها عند بداية تدوين التاريخ، وغير مأكد كون المتحديثين بالسامية المعروفة هم أحفاد المتحدثين بالسامية الأولى، وليس من البعيد أيضاً، أن تكون جماعة محتلة أو مرتحلة قد فرضت اللغة السامية الأولى التي كانوا يتحدثون بها على منطقة أو جماعة أخرى كانوا يتحدثون لغة أو لغات أخرى.
تقسم اللغات السامية إلى فروع رئيسية، أقدم فرع هو "الفرع الأكدي"، ويشتمل على البابلية والآشورية، ثم "الفرع الكنعاني"، ويشمل اللغة العبرية، وهناك "الفرع الآرامي"، وللإشارة فإن اليهود قد استعملوا الآرامية بلهجات مختلفة وفي أوقات مختلفة ( الآرامية الرئيسية - الآرامية التوراتية - آرامية التراجيم - الآرامية الجليلية للتلمود الفلسطيني - لغة الزوهر ... ) ويدخل داخل "الفرع الآرامي" اللغة السريانية والمندائية، ثم هناك "فرع العربية"، لكن العربية الكلاسيكية، قد سبقت بلغات أخرى تسمى "العربية الجنوبية"، وقد حفظت أغلبيتها بالسبئية .
هذه الفروع تعود طبعاً إلى السامية الأم، لذلك، فإنه قد عبر عن هذه الفروع بشجرة عائلة، فهناك فرع الأكدية، ويسمى بـ "السامية الشرقية"، أما الكنعانية والآرامية فقد عدتا "سامية شمالية غربية"، أما العربية والعربية الجنوبية والأثيوبية فعدتا "سامية جنوبية غربية"، لقد تغيرت في الآونة الأخيرة النظرة لتطور اللغات السامية، وذلك عند اكتشاف لغات جديدة لا تنتمي لأي فرع من فروع اللغات السامية المعروفة، هذه اللغات هي "الأوكاريتية" و"الأمورائية".
إن العبرية تشبه اللغة الفينيقية والمؤابية من الناحية الإملائية، كما تشبه اللغة "الأكاريتية" في بعض من المفردات دون الصوت والقواعد، والرسائل المكتوبة باللغة البابلية التي وجدت بـ "تل العمارنة" والتي كتبت بفلسطين في القرنين 14 و13 ق.م، والتي تحتوي على ترجمات للكلمات بلغة النساخ، وتحتوي على أخطاء نحوية تظهر البناء اللغوي للغة النساخ، من خلال هذه الأخطاء والكلمات فُرض كون لغة الحديث في تلك الفترة في فلسطين، لغة تحمل سمات وجدت فقط في العبرية والفينيقة، وغير موجودة في اللغات المعروفة لنا اليوم.
إن قضية وجود لغة شبيهة باللغة العبرية في فلسطين قبل الخروج، يطرح إشكالية في المسألة، وهي أن الآباء ( أسلاف العبرانيين ) قد أتوا من بلاد الرافدين، حيث كانت هناك لغات للحديث غير العبرية، فكيف إذا استخدم العبرانيون لغة ( العبرية ) قريبة للكنعانية لغة الكنعانيين؟
الحل الوحيد المحتمل، أن العبرانيين قد غيروا لغتهم التي جاؤوا بها من بلاد الرافديين في وقت مبكر من عصر الآباء، لكن، تضل هذه النظرية صعبة، خاصة أن الآباء وأحفادهم لم يكن بينهم وبين الكنعانيين في بادئ الأمر صلة قوية، فالعبرانيون ما كانوا يتزوجون من الكنعانيين، وكانوا يسكنون في معزل عن هاؤلاء من الناحية الجغرافية.
وفي نفس المنوال، هناك من العلماء في محاولة منهم لشرح السمات النحوية والمعجمية للغة العبرية، قالوا أن اللغة العبرية لم تكن كنعانية خالصة، وإنما كانت مزيجاً بين الكنعانية ولغة العبرانيين السابقة، لكن هذا الرأي قد تم رفضه من عامة العلماء الآخرين، لأنه ليس من الممكن الجزم بكون اللغة العبرية تحتوي عناصر من اللغة التي تحدث بها العبرانيون قبل دخولهم أرض كنعان، لأنه غير معروف طبيعة هذه اللغة.
هناك بعض العلماء يقولون أن اللغة الأصلية للإسرائيليين، هي اللغة "العمورية" حيث أن زمن وجود الآباء في بلاد الرافدين، تزامن مع وجود "العموريين" بالبلاد أيضاً، لكن الكتاب المقدس يخبر أن الإسرائيليين كانوا مشمئزين من "العموريين"، لكن هذا الأمر الأخير غير مأكد، لكون أنه لم يتم البرهنة على أن "آموري" الموجودة في الكتاب المقدس، هي نفسها "عمورو" الذين في بلاد الرافدين، والقول أن لغة "العموريين" هي لغة الإسرائيليين ليس بالأمر المأكد، لأن هذه اللغة ليست اللغة السامية الوحيدة الموجودة في بلاد الرافدين، زائد أنه لا يعرف عن هذه اللغة شيئ.
من كل هذا، يمكننا الإفتراض أن الإسرائيليين قد ورثوا على غرار كل قبيلة سامية مجموعة من الكلمات المتنوعة التي لم تتغير جزئياً منذ السامية الأولى، أضيفت لها كلمات أخرى ابتكرها، واقترضها أحفاد الآباء عن لغات شعوب أخرى أثناء تجوالهم، وعندما وصل الإسرائيلييون بهذه اللغة إلى أرض كنعان، وجدوا بها لغات أخرى، دخلت معها لغة الإسرائيليين في اتصال مركب ومعقد، ولَّدَ لنا في نهاية الأمر: اللغة العبرية.[/justify][/justify]
التعديل الأخير تم بواسطة Tarjuman Al-Quran ; 31-01-2012 الساعة 04:51 AM
«« توقيع Tarjuman Al-Quran »»
المفضلات