إنجيل المرأة
الإصحاح الأول
الحق يحرركم من ربقة الشيطان وعبوديته:
إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا ، وادَّعوا عَلَى الإسْلامِ ما ليس فيه ، ، وافتروا على المرأةِ المُسْلِمَةِ وهى أعزُّ وأكرمُ مما قالوه عنها، وهم يَعْمُونَ أبصَارَهُم عن حَضَارَتِهم، وعن كِتَابِهم، أو يتكلمون بما يجهلون، أو يرموننا بدائهم ، ظنَّاَ منهم أنَّ ذلك تجميلاً لحضارتهم ، وتحسيناً لوضع المرأة عندهم ، أو صرفاً للناس عن الإسلام ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ قدرَ الإمكان لأننى بشر ، وبنى آدم خطَّاء ، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ القارىء، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ، وتَقِف على الحقائِق عاريةً، مُجرَّدَةً من التَّعَصُّبِ والهَوى ، ولْتَحْكُم: أىُ الحَضَارَاتِ وأىُ الأدْيَانِ أَنْصَفَ المَرأَةَ وجَعَلَها تَاجاً مِن أغْلَى وأَنْقىَ المُجَوْهَرَاتِ عَلَى رَأْسِ الرَّجُلِ والْمُجْتَمَعِ ، ولو كره الناس جميعاً.
فاستقيموا كما كان معلمكم: («يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ بِالاِسْتِقَامَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ وَلاَ تَقْبَلُ الْوُجُوهَ بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ.) لوقا 20: 21
وكونوا من الصادقين كما كان معلمكم: («يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللَّهِ بِالْحَقِّ وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ.) متى 22: 16
وكونوا قضاة الحق كما أمركم معلمكم: (وَلِمَاذَا لاَ تَحْكُمُونَ بِالْحَقِّ مِنْ قِبَلِ نُفُوسِكُمْ؟) لوقا 12: 57
وكونوا أحراراً بالحق كما أمركم معلمكم: (32وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ».) يوحنا 8: 32 ، (فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً.) يوحنا 8: 36
وإلا (فوَيْلٌ لَكُمْ [أَيُّهَا الْمُكَذِّبُونَ الضَّالونَ] لأَنَّكُمْ تَتَجَاوَزُونَ عَنِ الْحَقِّ وَمَحَبَّةِ اللهِ. وكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ!) لوقا 11: 42
ولا تكونوا من زمرة الشياطين: (42فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كَانَ اللَّهُ أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ وَأَتَيْتُ. لأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي. 43لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي. 44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. 45وَأَمَّا أَنَا فَلأَنِّي أَقُولُ الْحَقَّ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي. 46مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟ 47اَلَّذِي مِنَ اللَّهِ يَسْمَعُ كلاَمَ اللَّهِ. لِذَلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ اللَّهِ».) يوحنا 8: 42-47
ولا تكونوا مثل بولس الذى كذب وخدع ونافق من أجل أن يكون شريكاً فى الإنجيل:
(7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
(16فَلْيَكُنْ. أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ. لَكِنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالاً أَخَذْتُكُمْ بِمَكْرٍ!) كورنثوس الثانية 12: 16
(19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23
بل كونوا مع الصادقين ، كونوا من المؤمنين ، الذين دعاهم الله جل وعلى إلى الحق وتحرِّى الصدق مع الله ومع الناس ومع أنفسهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة 119
والذين قال فى شأنهم: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلوةَ وَآتَى الزَّكَوةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة 177
وقال فيهم أيضاً: (قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) المائدة 119
يا أهل الكتاب! اتقوا الله ، ولا تخشوْا إلا إيَّاه! يا أهل الكتاب ، لا تكذبوا على الله! (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ) الزُّمَر 32
يا أهل الكتاب! فهذه دعوة للصدق واتِّباعه. (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت 3
واتقوا يوماً قال عنه الرحمن: (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا) الأحزاب 8
انظروا ماذا قال الله فى عباده الصادقين! (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) الأحزاب 23-24
وانظروا ماذا أعد الله لهم فى الآخرة! (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ) الزُّمَر 32-36
الإصحاح الثانى
سبب تسمية الكتاب بهذا الاسم:
لقد استعرت اسم هذا الكتاب من الكاتبة K. Armstrong (كارين أرمسترونج) مؤلفة كتاب The Gospel according to woman ، وقد جاء كتابها دراسة وثائقية مدعمة بالأسانيد والشواهد والنصوص عن هذا الموضوع الحيوى الخطير ، وقد كانت الكاتبة احدى الراهبات عدة سنوات ، ثم التحقت بالدراسات العليا بجامعة أوكسفورد.
ولقد أوردت سبب تسميتها للكتاب بهذا الاسم ، كما يقول الكاتب الفذ ـ جعله الله فى ميزان حسناته ـ اللواء المهندس أحمد عبد الوهاب: (لقد أسميت هذا الكتاب (إنجيل المرأة) لأنه يحكى قصة الحياة التى عاشتها النساء من خلال إنجيل يسوع المسيح. إن كلمة (إنجيل) تعنى ، طبعاً ، أخباراً سارة ، ولكن على الرغم من أن المسيحية فى فجر تاريخها قد قدمت للمرأة رسالة إيجابية ، إلا أنه يجب القول أنه منذ القرن الثانى ، لم تكن المسيحية أخباراً سارة للنساء على الإطلاق. فقد كانت مدمرة لهن إلى أقصى حد ، على الرغم من وجود عناصر فى أنماط التفكير والمشاعر المسيحية التى كان يمكن استخدامها بأفضل مما كان.) انتهى قول الكاتبة.
الإصحاح الثالث
المرأة عند الشعوب البدائية:
كانت الفتاة فى الشعوب البدائية حين تبلغ طور المراهقة، تُعزَل فلا تكلم أحداً غير أمها، ولا تكلمها إلا بصوت خفيض ، كما أن الولد إذا وصل إلى مرحلة البلوغ يأخذونه ليغتسل فى بعض العيون المقدسة ، وذلك لكى يخلص من روائح الأنوثة التى علقت به من مصاحبته لأمه.
الإصحاح الرابع
المرأة عند الهنود القدماء:
كانت المرأة عند الهنود القدماء تعتبر مخلوقاً نجساً ، ولم يكن للمرأة فى شريعة مانو حق فى الاستقلال عن أبيها أو زوجها أو ولدها ، فإذا مات هؤلاء جميعاً وجب أن تنتمى إلى رجل من أقارب زوجها ، وهى بذلك قاصرة طيلة حياتها ، ولم يكن لها حق فى الحياة بعد وفاة زوجها ، وكانت إذا مات عنها زوجها تُحرَق مع جثته بالنار المقدسة ، بل إن بعض القبائل الهندية القديمة كانت لا تراها أهلاً لتُحرَق مع جثة زوجها باعتبارها المخلوق النجس، ولذلك كانوا يرون دفنها حية أو حرقها بعد موت زوجها. فإذا كان للرجل أكثر من زوجة دُفِنَّ جميعاً أو حُرِقْنَ جميعاً.
وفى حياة الزوج كان له أن يُطلِّق الزوجة متى شاء وكيف شاء ، أما هى فليس لها الحق فى أن تطلب الطلاق من زوجها مهما يكن من أمر الزوج ، حتى لو أصيب بأمراض تمنع من أهليته للحياة الزوجية.
وقد لقيت الحكومات الهندية أشد الفتن من مجتمعاتها ، خاصة من رجال الدين الهنود، حين حاولت القضاء على مثل هذه العادات المسترذلة والتى استمرت تهضم حقوق المرأة وكيانها حتى القرن السابع عشر.
وفى شرائع الهندوس أنه: (ليس الصبر المقدر ، والريح ، والموت ، والجحيم ، والسم ، والأفاعى ، والنار، أسوأ من المرأة)
(ويذكر جوستاف لوبون أن المرأة فى الهند (تُعِّد بعلها ممثلاً للآلهة فى الأرض ، وتُعَدُّ المرأة العزب، والمرأة الأيم، على الخصوص من المنبوذين من المجتمع الهندوسى، والمنبوذ عندهم فى رتبة الحيوان، والمرأة الهندوسية إذا فقدت زوجها ظلت فى الحداد بقية حياتها، وعادت لا تُعامَل كإنسان، وعُدَّ نظرها مصدراً لكل شؤم على ما تنظر إليه، وعدت مدنسة لكل شىء تلمسه، وأفضل شىء لها أن تقذف نفسها
فى النار التى يحرق بها جثمان زوجها ، وإلا لقيت الهوان الذى يفوق عذاب النار.)
الإصحاح الخامس
المرأة فى الصين:
كانت المرأة فى الصين لا تقل مهانة أو مأساة عن بقية المجتمعات ، فكانت النظرة إليها واحدة ، ويظهر مدى امتهان المرأة فى المثل الصينى الذى يقول: إن المرأة كالكرة ، كلما ركلتها برجلك ارتفعت إلى أعلى.
وشبهت المرأة عندهم بالمياه المؤلمة التى تغسل السعادة والمال ، وللصينى الحق فى أن يبيع زوجته كالجارية، وإذا ترملت المرأة الصينية أصبح لأهل الزوج الحق فيها كإرث، وللصينى الحق فى أن يدفن زوجته حية.
الإصحاح السادس
المرأة عند المصريين القدماء:
إن البلاد الوحيدة التى نالت فيها المرأة بعض الحقوق قديماً هى مصر الفرعونية ، إذ كان لها أن تملك ، وأن ترث ، وأن تقوم على شئون الأسرة فى غيبة الزوج ، ولكن مع ذلك فقد كان الرجل سيداً على المرأة خاصة زوجته ، ولكن ليس بالفهوم الذى رأيناه أنه يملكها وله الحق فى بيعها أو قتلها ، ولكن بمعنى أنه قيِّمٌ عليها وعلى بيته.
الإصحاح السابع
المرأة الكلدانية:
كانت المرأة الكلدانية خاضعة خضوعاً تاماً لرب الأسرة ، وكان للوالد الحق فى أن يبذل زوجته أو ابنته لسداد دينه ، وكانت المرأة تحتمل وحدها الأعباء المنزلية ، فتذهب كل يوم لجلب الماء من النهر أو البئر ، وتقوم وحدها بطحن الحبوب بالرحى وإعداد الخبز ، كما تقوم بغزل ونسج وحياكة الملابس. وهذا كان حالها فى الطبقات الفقيرة.
أما فى الطبقات الموسرة فكانت المرأة لا تخرج من منزلها ، بل يقوم على خدمتها فى المنزل خدم وحشم. وأما نساء الملوك الكلدانيين فكان لا يُسمَح لأحد برؤيتهن ولا التحدث إليهن أو حتى التحدث عنهن.
وكان من حق الرجل طلاق زوجته متى أراد أما المرأة فإذا أبدت رغبة فى الطلاق
من زوجها طُرِحَت فى النهر لتغرق ، أو طردَت فى الشوارع نصف عارية لتتعرض للمهانة والفجور.
وقد روى هيرودوت المؤرخ اليونانى القديم أن كل امرأة كلدانية كان عليها فى مدينة بابل أن تذهب إلى الزهرة الإلهة (مليتا) ليواقعها أجنبى حتى ترضى عنها الإلهة. ولم يكن من حقها أن ترد من يطلبها كائناً من كان ، ما دام أول رجل يرمى إليها بالجعالة [المال المبذول والذى كان يُعتبر حينئذ مالاً مقدساً] ثم ترجع بعد ذلك إلى منزلها لتنتظر الزوج.
وكانت إذا تزوجت ولم تحمل لفترة طويلة اعتبرت أنها أصابتها لعنة الآلهة أو أصابها مس من الشيطان فتصبح فى حاجة إلى الرقى والطلاسم ، فإذا ضلت عاقراً بعد ذلك فلابد من موتها للتخلص منها.
وهذا أقرب ما يكون للقانون اليهودى عند إصابة أحد بالمس فإنه يُقتَل رجلاً كان أم امرأة: (27«وَإِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ».) لاويين 20: 27
وكان معبد الإلهة (عشتروت) فى بابل القديمة يمتلىء من العاهرات اللائى يتقدمن إلى زائرى المعبد. كما كان على كل امرأة أن تتقدم مرة على الأقل إلى معبد فينوس ليواقعها أى زائر فى المعبد. وكانت الفتيات من الصين واليابان وغيرهما من بلاد العالم يتقدمن إلى الكهنة فى المعابد ، وكان من الشرف الكبير أن يواقعها الكاهن الذى هو ممثل الإلهة على الأرض. وكان هذا النوع من البغاء يُعرَف بالبغاء الدينى.
وهو قريب من قول نيكولاوس فون كليمانجيس Nikolaus von Clemanges (أحد علماء اللاهوت وعميد جامعة باريس سابقا: (أن تترهبن المرأة اليوم فمعنى هذا أنها أسلمت نفسها للعهارة).
وقد سبقه فى مثل هذا القول دومبريديجر جايلر فون قيصربرج Domprediger Geiler von Kayserberg (إن المرأة فى الدير ليست إلا عاهرة)
وقد شاع المثل الشعبى فى العصور الوسطى القائل: (من لفت رأسها ، عرت بطنها ، وهذه عادة كل الراهبات)
وقد اقترح أوجستين عام 388 قانون يمنع أن يدخل شاب على الراهبات أما العجائز
المُسنَّات فيسمح لهم بالدخول حتى البهو الأمامى فقط من الدير، ولأن الراهبات كُنَّ فى حاجة إلى قسيس للصلاة بهن ، فقد سمح القيصر جوستنيان فقط للرجال الطاعنين فى السن أو المخصيين بالدخول إليهن والصلاة بهن. حتى الطبيب لم يُسمَح له بالدخول إلى الراهبات وعلاجهن إلا إذا كان طاعناً فى السن أو من المخصيين. وحتى المخصصين فقدوا الثقة فيهم، لذلك قالت القديسة باولا: على الراهبات الهرب ليس فقط من الرجال، ولكن من المخصيين أيضاً. (ص 136 لديشنر)
وكان من يقتل بنتاً يُفرَض عليه أن يقدم ابنته لأهل القتيلة يقتلونها أو يملكونها. وإذا لم يُثمر الزواج مولوداً خلال عشر سنين يُعتبر العقد فيه مفسوخاً. وكان للرجل حق قتل أولاده وبيعهم. ولم يحرَّم ذلك إلا فى القرن الخامس قبل الميلاد. ولم تكن المرأة لترث، فإذا لم يكن هناك ذكور من أسرة الموروث ورثوا الذكور من أسرة زوجته ولكن زوجته لا ترث.
الإصحاح الثامن
المرأة عند اليونان:
كانت اليونان فى قديم الزمان أكثر الأمم حضارة ومدنية. وكانت أثينا مدينة الحكمة والفلسفة والطب والعلم ، ومع هذا كانت المرأة عندهم مُحتقرة مهينة ، مثل أى سلعة تباع وتُشترى ، مسلوبة الحقوق ، محرومة من حق الميراث وحق التصرف فى المال ، بل أكثر فقد سموها رجساً من عمل الشيطان ، ولم يسمحوا لها إلا بتدبير شئون البيت وتربية الأطفال. وكان الرجل فى أثينا يُسمَح له أن يتزوج أى عدد يريده من النساء ، بلا قيد ولا شرط.
ومما يُذكر عن فيلسوفهم سقراط قوله: (إن وجود المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار فى العالم ، إن المرأة تشبه شجرة مسمومة ، حيث يكون ظاهرها جميلاً ، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت من فورها.)
كما كان لزوجها الحق فى بيعها وأن تظل عند المشترى فترة تحت التجربة ، كما كان لزوجها الحق فى قتلها إذا اتهمت ولو بمجرد النظر إلى شخص غريب ولا مسئولية عليه فى ذلك. ومع هذا فإن له الحق فى أن يزنى فى منزل الزوجية ، وليس لزوجته حق الاعتراض ، كما أن حق الطلاق مكفول له متى شاء وكيف شاء. ومع ذلك فإنها تظل بعد طلاقها منه مقيدة برأيه فى زواجها لمن يريده. ويوصى عند موته بزواجها ممن يرتضيه هو وليس لها أو لأحد من أهلها حق الاعتراض.
وتذكر الأساطير اليونانية أن المرأة هى سبب الأوجاع والآلام للعالم كله ، وذلك لأن
الناس فى اعتقادهم كانوا يعيشون فى أفراح ولا يعرفون معنى الألم ولا الحزن ، ولكن حدث أن الآلهة أودعت أحد الناس صندوقاً وأمرته ألا يفتحه ، وكان له زوجة تُسمَّى (باندورا) مازالت تغريه بفتحه حتى فتحه فانطلقت منه الحشرات. ومنذ تلك اللحظة أُصيب الناس بالآلام والأحزان. فلهذا كانت المرأة سبباً فى الكوارث التى حلت بالبشرية كلها نتيجة لفضول المرأة وإغراء زوجها بالعصيان.
ولعلنا نلحظ شبهاً فى هذه الرواية بما تحدث عنه سفر التكوين من إغواء حواء لآدم بالأكل من الشجرة المحرمة بعد أن أغوتها الحية: (6فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ. .. .. .. 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ».) تكوين 3: 6-12
وكان أرسطو يعيب على أهل إسبرطة التهاون مع النساء ومنحهن بعض الحقوق ، بل إن سقراط كان يعزو سقوط إسبرطة إلى منحها الحرية للنساء. على الرغم من أن هذه الحرية لم تنالها النساء إلا لإنشغال الرجال الدائم فى الحروب.
أما المرأة فى إسبرطة فكانت تستمتع بحرية لا يُسمَح بها للرجل ، ولكن حرية هى إلى الدعارة أقرب ، فكان لها أن تتزوج أكثر من رجل واحد فى القوت الذى كان يُحرَّم فيه على الرجل أن يتزوج من امرأة واحدة إلا فى الحالات الضرورية جداً.
ومن الغريب أن يرى الفيلسوف اليونانى أفلاطون شيوعية النساء ، وإلغاء نظام الأسرة على أن تتكفل الدولة بتربية الأبناء.
(ويحدثنا التاريخ عن اليونان فى إدبار دولتهم كيف فشت فيهم الفواحش والفجور ، وعُدَّ من الحرية أن تكون المرأة عاهراً ، وأن يكون لها عُشَّاق ، ونصبوا التماثيل للغوانى والفاجرات ، وقد أفرغوا على الفاحشة ألوان القداسة بإدخالها المعابد ، حيث اتخذ البغاء صفة التقرب إلى آلهتهم ، ومن ذلك أنهم اتخذوا إلهاً أسموه (كيوبيد) أى (ابن الحب) ، واعتقدوا أن هذا الإله المزعوم ثمرة خيانة إحدى آلهتهم (أفروديت) لزوجها مع رجل من البشر)
ولم يكن يُسمَح بتعليم المرأة اليونانية الحرة ، إنما كان التعليم قاصراً على البغايا. حتى كان الرجل الذى يكره الجهل فى المرأة يلجأ إلى البغى.
الإصحاح التاسع
المرأة فى قانون حمورابى:
كانت المرأة تُحسَب فى عِداد الماشية المملوكة ، ومن قتل بنتاً لرجل كان عليه أن يُسلِم ابنته ليقتلها أو يمتلكها أو يبيعها إن شاء.
وفى تشريع حمورابى ، أُعْطىَ للمرأة بعض الحقوق ، وإن كان هذا التشريع لم يمنع اتخاذ الخليلات إلى جانب الزوجات فى الوقت الذى يقرر قيه إفرادية الزوجة. وقد ظل هذا القانون يمنح الرجل السيادة المطلقة على المرأة ، وإن كان قد منح الزوجة حق الطلاق إذا ثبت إلحاق الضرر بها. أما إذا طلبت الطلاق ، ولم يثبت الضرر فتُطرَح فى النهر ، أو يُقضى عليها بالحرق. كما أنها إذا نشزت عن زوجها بدون إشارة منه تُغرَق ، والمرأة المسرفة تُطلَّق أو يستعبدها زوجها.
الإصحاح العاشر
المرأة عند الرومان:
أما المرأة الرومانية فقد كانت تقاسى انتشار تعدد الزوجات عند الرومان فى العرف لا فى القانون ، ولكن (فالنتْيَان الثانى) العاهل الرومانى قد أصدر أمرأ رسمياً أجازَ فيه لكل رومانى أن يتزوج أكثر من امرأة إذا شاء. الأمر الذى لم يستنكره رؤساء الدين من الأساقفة ، وقد حذا حذو (فالنتْيَان الثانى) كل من أتى بعده.
واستمر تعدد الزوجات منتشراً بين الرومانيين حتى أتى (جوستنيان) ، فسنَّ قوانين تمنع تعدد الزوجات. إلا أن الرجال من الرومانيين استمروا على عاداتهم فى التزوج بأكثر من امرأة ، واستمر الرؤساء والحكام يرضون شهواتهم بالإكثار من الزوجات.
وتساهل رجال الدين ، وسمحوا للراغبين فى التزوج بأكثر من واحدة بتحقيق رغباتهم ومطالبهم. فكان الرئيس الدينى يعطى ترخيصاً بذلك لمن يريد. واستمر تعدد الزوجات عندهم أسوة بأنبيائهم وكتابهم المقدس (العهد القديم) ، واستمر رجال الكنيسة يُجيزون تعدد الزوجات حتى منتصف القرن الثامن عشر ، ولم يمنعوا التعدد إلا بعد هذا القرن .
وكانت المرأة عندهم تُبَاع وتُشتَرى كأى سلعة من السلع ، كما أن زواجها كان يتم أيضاً عن طريق بيعها لزوجها. وكان لهذا الزوج بعد ذلك السيادة المطلقة عليها. ولم يكن يُنظَر إلى المرأة كأنها ذو روح بل كانت تُعتَبر مخلوقاً بغير روح ، ولهذا كان يُحرم عليها الضحك والكلام إلا بإذن. كما كان بعضهم يُغالى أحياناً فيضع فى فمها قفلاً من حديد ، كانوا يسمونه الموسيلير Moselier ، وكانوا يحرمون عليها أحيانا أكل اللحوم كما كانت تتعرض لأشد العقوبات البدنية باعتبارها أداة للغواية وأحبولة من حبائل الشيطان. وكان للرجل أن يتزوج من النساء ما يشاء ويتخذ من الخليلات ما يريد.
وكانت الزوجة تكلف بأعمال قاسية وكان من حق الزوج بيعها أو التنازل عنها للغير أو تأجيرها ، ولما اعتنق الرومان المسيحية أصبح للزوجة الأولى بعض الميراث ـ أما بقية الزوجات فكنَّ يُعتَبرن رفيقات. والأبناء منهن يُعاملن معاملة أبناء الزنا اللقطاء ، ولذلك لا يرثون ويُعتبرون منبوذين فى المجتمع.
ومن عجيب ما ذكرته بعض المصادر أن ما لاقته المرأة فى العصور الرومانية تحت شعارهم المعروف "ليس للمرأة روح" تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها ، وربطها بالأعمدة ، بل كانوا يربطون البريئات بذيول الخيول ، ويسرعون بها إلى أقصى سرعة حتى تموت.
الإصحاح الحادى عشر
المرأة عند الفرس:
وكانت المرأة عند الفرس قبل الإسلام يُنظر إليها نظرة كلها احتقار. وقد استمرت مهضومة الحق ، مجهولة القدر ، مظلومة فى المعاملة ، حتى أنقذها الإسلام.
وقد ذكر هيرودوت المؤرخ اليونانى القديم أنه كان من آلهة الفرس القديمة إلهة تُسمى (عشتار) ، وهى عندهم بمثابة إلهة الحب والجمال والشهوة والأنسال ، وكانت تُسمِّى نفسها إلهة العهر أو العاهر الرحيمة. وكان القربان الذى يُقدَّم لها هو الفتيات الأبكار ، فكنَّ يذهبن إلى معبد الإلهة ، وكان كل رجل تعجبه فتاة يلقى فى حجرها قطعة من فضة ، ثم يقوم بفض بكارتها.
وقد أُبيح للرجل الفارسى (الزواج بالأمهات والأخوات والعمَّات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، وكانت تُنفى الأنثى فى فترة الطمث إلى مكان بعيد خارج المدينة، ولا يجوز لأحد مخالطتها إلا الخدام الذين يقدمون لها الطعام ، وفضلاً عن هذا كله فقد كانت المرأة الفارسية تحت سيطرة الرجل المطلقة ، يحق له أن يحكم عليها بالموت ، أو يُنعم عليها بالحياة.)
فقد تزوج يزدجرد الثانى ، الذى حكم أواسط القرن الخامس الميلادى ، ابنته ثم قتلها.
وقد تزوج بهرام جوبين ، الذى تملك فى القرن السادس ، بأخته. وقد برر هؤلاء تلك
الأعمال المشينة بأنها قربى إلى الله تعالى ، وأن الآلهة أباحت لهم الزواج بغير استثناء.
الإصحاح الثانى عشر
المرأة العربية فى الجاهلية قبل الإسلام:
كانت المرأة عند بعض العرب فى الجاهلية تعدُّ جزءاً من ثروة أبيها أو زوجها. وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير وإن كان ذكرا ، وكان ابن الرجل يرث أرملة أبيه بعد وفاتها. وكان العرب قبل الإسلام يرثون النساء كرهاً ، بأن يأتى الوارث ويلقى ثوبه على زوجة أبيه ، ثم يقول: ورثتها كما ورثت مال أبى ، إلا إذا سبقت ابنها أو ابن زوجها بالهرب إلى بيت أبيها ، فليس له أن يرثها. فإذا أراد أن يتزوجها تزوجها بدون مهر ، أو زوجها لأحد عنده وتسلَّمَ مهرها ممن تزوجها ، أو حرَّمَ عليها أن تتزوج كى يرثها بعد موتها.
فمنعت الشريعة الإسلامية هذا الظلم / وهذا الإرث ، قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا) النساء 19
فهذه الآية نهت عن عادة الجاهلية من إرث الرجل نساء أقربائه.
وكان العرب فى الجاهلية يمنعون النساء من الزواج ، فالابن الوارث كان يمنع زوجة أبيه من التزوج ، كى تعطيه ما أخذته من ميراث أبيه ، والأب يمنع ابنته من التزوج حتى تترك له ما تملكه ، والرجل الذى يُطلِّق زوجته يمنع مطلقته من الزواج حتى يأخذ منها ما يشاء ، والزوج المبغض لزوجته يسىء عشرتها ولا يطلقها حتى ترد إليه مهرها. فحرم الإسلام هذه الأمور كلها بقوله جل شأنه:
(وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنّ) النساء 19
وكانوا لا يعدلون بين النساء فى النفقة ولا المعاشرة ، فأوجب الإسلام العدالة بينهن:
(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء 19
ومنع تعدد الزوجات إذا لم يتأكد الرجل من إقامة العدل بينهن، فقال تعالى:
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) النساء 3
وكان الرجل قبل الإسلام إذا تزوج بأخرى ، رمى زوجته الأولى فى عرضها ، وأنفق ما أخذه منها على زوجته الثانية ، أو المرأة الأخرى التى يريد أن يتزوجها ، فحرم الإسلام على الرجل الظلم والبغى فى قوله عز وجل:
(وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) النساء 20
وكانت المرأة قبل الإسلام تُعَد متاعاً من الأمتعة ، يتصرف فيها الزوج كما يشاء ، فيتنازل الزوج عن زوجته لغيره إذا أراد ، بمقابل أو بغير مقابل ، سواء أقبلت أم لم تقبل. كما كانوا يتشاءمون من ولادة الأنثى ، وكانوا يدفنونهن عند ولادتهن أحياء، خوفاً من العار أو الفقر ، فقال الرحمن الرحيم:
(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ ساءَ مَا يَحْكُمُونَ)النحل58-59
وكان أحدهم إذا أراد نجابة الولد حمل امرأته ـ بعد طهرها من الحيض ـ إلى الرجل النجيب كالشاعر والفارس ، وتركها عنده حتى يستبين حملها منه ، ثم عاد بها إلى بيته، وقد حملت بنجيب!
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: (كما كانوا يُكرهون إماءهم على الزنا ، ويأخذون أُجورهم.)
وكان من المأكولات ما هو خالص للذكور ومحرَّم على الإناث.
الإصحاح الثالث عشر
عيسى عليه السلام والناموس (الشريعة):
كان عيسى يعمل بناموس موسى عليهما السلام ، وكان اليهود يستفتونه ويختبرونه فى الناموس ، بل كان يُعلِّم أتباع موسى عليه السلام الناموس داخل معبدهم ، فقد كان هو الذى يقوم بتدريس التوراة لليهود كافة من رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين إلى عامة الشعب. فمن المستحيل أن يأتى بدين جديد ، ثم يذهب إلى أماكن العبادة الخاصة بأتباع دين آخر لينشر دعوته هناك.
ألم يأمر من سأله عما يفعل ليرث الخلود فى الجنَّة بالإلتزام بالناموس قائلاً:
(34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعاً 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 34-40
وها هو هنا يشتم الكتبة والفريسيين ويتهمهم بالنفاق والرياء دفاعاً عن الناموس:
(23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ.) متى 23: 23
وكان يُعلِّم جميع الشعب اليهودى الشريعة والناموس ، إذ لا يُعقل أن يأتى صاحب ديانة أخرى ويدرسها فى مكان العبادة الخاصة بطائفة أخرى غير طائفته:
(2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ.) يوحنا 8: 2-6
ولم يجدوا ما يتهمونه به ، إذاً فقد كان حافظاً للناموس متبعاً له.
وكذلك التزمت أمه مريم البتول بالناموس:
(22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ 23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ. 24وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ.) لوقا 2: 22-24
وأمر من أتى ليجربه أن يتبع ما هو مكتوب فى الناموس:
(25وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 26فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» 27فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». 28فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا».) لوقا 10: 25-28
وأمر الرجل الأبرص أن يتطهَّر على شريعة موسى:
(12وَكَانَ فِي إِحْدَى الْمُدُنِ. فَإِذَا رَجُلٌ مَمْلُوءٌ بَرَصاً. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». 13فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ. 14فَأَوْصَاهُ أَنْ لاَ يَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ «امْضِ وَأَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ كَمَا أَمَرَ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ») لوقا 5: 12-14
وأكد صراحة أنه لم يأت إلا متبعاً للناموس:
(17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
وقال يعقوب رئيس الحواريين من بعده:
(10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
كذلك لفظ معلم الذى كان ينادى به ، وطالب أتباعه أن يُنادوه به فهو نفس اللفظ الذى اتخذه أبناء هارون بنى لاوى ، الذين كانوا مخصصين لتدريس الدين ولشرح العقيدة فى المعبد. فهو إذن كان ملتزم بالناموس والشريعة لأنه كان شارحاً لها: (8وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ وَأَنْتُمْ جَمِيعاً إِخْوَةٌ. 9وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَباً عَلَى الأَرْضِ لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 10وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ.) متى 23: 8-10
كذلك قميصه غير المخاط المذكور عند يوحنا لم يكن يلبسه إلا الكهنة اللاويّون الذين كانوا يدرسون الشريعة والناموس فى المعبد:
(23ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْماً. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضاً. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ.) يوحنا 19: 23
وكذلك مناداة مريم له بكلمة (ربونى) ، فلم يأخذ هذا الإسم إلا اللاويون:
(16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ.) يوحنا 20: 16
بل لعن من لا يفهم الناموس:
(49وَلَكِنَّ هَذَا الشَّعْبَ الَّذِي لاَ يَفْهَمُ النَّامُوسَ هُوَ مَلْعُونٌ».) يوحنا 7: 49
ألم يسأله أحد الناس أن يُقسِّم الميراث بينه وبين أخيه (تبعاً للشريعة الموسوية)؟
ألم يطالبه اليهود برجم المرأة (تبعاً للشريعة الموسوية) التى ادعوا عليها الزنى؟
ألم يحتفل عيسى عليه السلام بعيد الفصح (تبعاً للشريعة الموسوية)؟
المفضلات