و لا يزال التحدي مستمرا .. لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا


آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

و لا يزال التحدي مستمرا .. لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: و لا يزال التحدي مستمرا .. لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    آخر نشاط
    22-02-2011
    على الساعة
    03:12 AM
    المشاركات
    1,175

    افتراضي و لا يزال التحدي مستمرا .. لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    صدق الله القائل "وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا" .. "لو نشاء لقلنا مثل هذا"! .. هذا هو قول الجهال المستكبرين أمثال مسيلمة الكذاب الذي ظن أن القرآن سجعا يمكنه أن ينقل منه .. مثل قوله "يا ضفدع ابنة ضفدعين نِقّي ما تنِقّين أعلاك في الماء وأسفلك في الطين. لا الشارب تمنعين. ولا الماء تكدرين" و قوله " الفيل ما الفيل وما أدراك ما الفيل له ذنب ونبيل وخرطوم طويل" .. فرد الخلاق العليم عليه و على أمثاله ممن سبقوه و ممن تبعوه من السفهاء بقوله المعجز "قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" .. إن كلمة مثله التي تحدى بها الخالق جميع خلقه في قوله "لا يأتون بمثله" .. تعني أن تأتي بأسلوب جديد متفرد كما هو القرآن الكريم .. فلم يكن طلب الإتيان من الجن و الإنس بالاتيان بمثله بمعنى المحاكاة في سجع و الغش من القرآن بل بمعنى أن تأتي بشيئ جديد و أسلوب لم يأتي به بشر من قبل كما القرآن .. كأنك تخترع نظما خاصا ونمطا خاصا من الكلام و هذا ما عجز عنه كل فطاحل العرب مع استخدامهم لنفس الحروف العربية .. إن من المعاني الكثيرة لمثله هو إن القرآن الكريم ليس شعرا و ليس نثرا بل هو اسلوب متفرد معجز .. و إلا لكنا قد اعتبرنا قول مسيلمة الكذاب الغشاش السابق من مثله .. إن إحدى معاني مثله الكثيرة أن لا تجد تناقضا أو اختلافا كما يقول الله تعالى في كتابه الكريم "وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا" .. و هذا من إعجاز الله تعالى فعندما حاول الصليبي انيس شروش أن يأتي ببعض التفاهات كما فعل سلفه مسيلمة الكذاب الذي أراد أن يغش من القرآن الكريم القائل "وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ" و قوله "قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ" .. وجدنا شروش يقول في سورة اسمها سورة التجسد "سبحانه رب العالمين أن يتخذ من خلقه ولدا" الآية السادسة .. و يقول "إلها سرمديا واحدا أحدا" ثم تجده في السورة المسماة سورة الإيمان يقول عن يسوع "أنت هو ابن الله حقّا بك آمنّا" الآية التاسعة .. فكيف يكون واحدا أحدا ثم يكون هو ابن نفسه و ثلاثة أقانيم تنفصل .. نعم أقانيم تنفصل فواحد في السماء ساكن في نور لم يره أحد و لم يدنو منه أحد لا يموت .. و آخر عريان في نهر الأردن يعمده يوحنا أمسكوه و دنوا منه و بصقوا في وجهه و صلبوه و قتلوه و مات .. و ثالث نازل من السماء كحمامة على كتف يسوع و هو الذي حبلت منه مريم يعطيه الله لمن يشاء .. فما الفرق بين هذا الثالوث و الثالوث الهندوسي عابدي كرشنا ابن الإله الواحد في ثلاثة .. إن من معاني مثله الكثيرة هو الإخبار بالغيب "سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" .. و من ذلك الإعجاز قوله "لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" .. و هاهي الذرة و أصغر منها يكتشفها العالم اليوم كما أخبر سبحانه و تعالى .. إن من معاني مثله أن يتحقق الوعد الحق مستقبلا فها هو النبي صلى الله عليه و سلم في مكة في زمن الاستضعاف يعده القرآن الكريم بالنصر فيقول "وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ" فيأتي النصر .. و لا يزال التحدي قائما إلى يوم القيامة

    «« توقيع Habeebabdelmalek »»
    [gdwl]

    "وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ"
    [/gdwl]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    آخر نشاط
    09-02-2015
    على الساعة
    11:08 PM
    المشاركات
    40

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    المقدمة
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
    منذ اللحظة الأولى لولادة البشرية بخلق الله تعالى أبونا آدم عليه السلام، وإلى آخر لحظة من حياة البشرية، لم يحض الإنسان بكتاب أشرف وأفضل من القرآن الكريم، وأنه قمة الكتب التي قرأها ويقرأها الإنسان. إنه كتاب الله، وخاتم الرسالات السماوية، وقد جعله الله تفصيلاً لكل شيء، ولم يخصصه لجماعة دون غيرها، بل جعله كتاب الجميع، ميسراً لهم ذكره. ومن عظمة القرآن أنه لم يكن كتاب علم خاص، أو موضوع محدد، بل هو كتاب الإنسان والمجتمع والحضارة، وهو كتاب التشريع والحكم، وهو كتاب الاقتصاد والسياسة، وهو كتاب العقائد والاخلاق..وبكلمة أنه كتاب الحياة. وأكثر من ذلك إن آياته البينات لم تحددها معاني الكلمات، ولم تؤطرها عقول العباقرة.. بل هي كالشمس تشرق كل يوم لتلبس الكون حلة جديدة من أشعتها الذهبية. فكل مرة تقرأ القرآن تلمس فيه معاني جديدة، وتكتشف آفاقاً لم تكن قد خطرت على بالك من قبل هذا ولن يخطر علي بالك او بال احد بعد هذا فإنه كتاب حي لا يجرء الموت الاقتراب منه، لأنه كتاب الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.
    ومن هنايجب بل ويتأكد علينا أن نعي قيمة القرآن الكريم، ونعظم قدره في واقعنا، ونهتم به في حياتنا ونستفيد منه في صياغة شخصياتنا وبناء امتنا على غرار مناهجه وتوصياته.
    ويجدر بنا أن لا نتوانى في هذا الطريق حتي لا نضل او نشقي، لأنه يضمن لنا الحياة الطيبة في الدنيا والنجاة من النار والفوز بالجنة في الآخرة.
    (ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي قال رب لم حشرتني أعمي وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك أياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسي وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بأيات ربه ولعذاب الأخرة أشد وأبقي) طه\
    هذه هي الحقائق اليقينية وغيرها كثير فيما يتعلق بالقرآن،. ونظراً لأهميتها، ورجاءاً في تعميم فائدتها، عمدنا إلى إعدادها في كتاب سميناه (في رحاب القرآن) راجين من الله تعالى أن يتقبله منا بقبول حسن كما وعد نبيه زكريا ووفي له انه وليي ذلك ولا يقدر عليه سواه. اللهم امين.
    ومع تحيات—
    الشيخ مرعى ابراهيم ابراهيم مرعى-الداعية الاسلامي
    جملة من الاحاديث الشريفة في فضل القرأن الكريم:::
    القرآن في الحديث
    قال رسول الله صل الله عليه وسلم "فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه" قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "ما من رجل علم ولده القرآن إلا توج الله أبويه يوم القيامة بتاج الملك، وكسيا حلتين لم ير الناس مثلهما"
    قال رسول الله صلى اله عليه وآله: "لا يعذب الله قلباً وعى القرآن" وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أراد علم الأولين والآخرين فليقرأ القرآن". وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "خياركم من تعلم القرآن وعلمه".وفي رواية(خيركم احسنكم وأميزكم علي كل ما سواكم الذي تعلم القران وامتد علمه به الي غيره اقتداءا وعملا وتعليما مما يدل علي ان حفظ القران من شريف العلوم واما تعلمه الغير حفظا وفقها فهو اشرف العلوم .كل هذه المعاني يل أكثر منها يدل عليها قوله (خيركم--) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "إن أردتم عيش السعداء وموت الشهداء، والنجاة يوم الحسرة، والظل يوم الحرور، والهدى يوم الضلالة، فادرسوا القرآن، فإنه كلام الرحمان، وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان". وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "ألا من تعلم القرآن وعلّمه وعمل بما فيه فأنا له سائق إلى الجنة"
    وهذه جملة من اقوال اهل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم:::
    قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: "لقاح الإيمان تلاوة القرآن"وقال الإمام الحسن بن علي عليه السلام: "من قرأ القرآن كانت له دعوة مجابة إما معجلة وإما مؤجلة" وقال الإمام الصادق عليه السلام: "ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه" وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: "الله الله في القرآن، لا يسبقكم بالعمل به غيركم وتعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص"
    وقال الإمام جعفر الصادقرضي الله عنه وأرضاه: " ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلم القرآن أو أن يكون في تعلمه"وبعد هذه الاقوال ذات المعاني القيمة في بيان شرف العلم بالقران علما وتعليما ندخل الي الموضوع بهذا التمهيد
    التمهيد
    وبما ان القران الكريم كناب الله تعالي والسنة النبوية كلام رسول الله صلي الله تعالي عليه وسلم كلاهما وحي الهي كريم فالقران كلام الله المحفوظ بأمر من الله تعالي والسنة هي كلام رسول الله صلي الله عليه وسلم وما كان الرسول ينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي ولذا فان الذي يتوافر للقران الكريم من موجبات الحفظ من التبديل او التحريف يتوافر للسنة المطهرة وهي محفوظة ان تمتد يد اليها بالتحريف اوالتبديل لانها نطقت من رسول الله بوحي لانه ما كان له ان ينطق عن هوي نفسه بل مما اوحي الله اليه ايا كان نوع هذا الوحي الالهي الكريم الا انني يجب ان اشير بأن اليد الاثمة التي امتدت الي السنة بوضع اسرائيليات كاذبة فيها و في القران الكريم قيض الله رجالا فضحوا شانها وبينوا كذبها امثال البخاري ومسلم وكل رجال الحديث حتي صار علم السند والبحث فيه فرعا مهما من علوم الديث وعلم الجرح والتعديل في من حمل الحديث من رجل الي رجل ومن مكان الي مكان لابد من توافر العدالة فيه والشهادة له بالصدق أي الشهادة بصدق الراوي عن الراوي الي المتن الشريف وبذا حفظ الحديث ولكن بطريقة تختلف عن طريقة حفظ القران الكريم فالقران الكريم محفوظ بقانون فوق كل قوانين البشر ومهما تعددت الطرق بالاعتناء بالمنهج الالهي قران وسنة مما يدل علي ان الله تعالي مقيض لهما اسس الحفظ الهية كانت او بشرية—وهذا هو شان الدين الخاتم فلا يحرف او تمتد اليه يد واذا تجرأت أوامتدت بترت بكشف ساتر نياتها وفضح ما حجب من نواياها الخبيثة حتي تبوء بالخسران المبين وتشهد لفشلها علي نفسها او تعود خاسئة ذليلة غير نائلة بمقصود. والله من ورائهم محيط بل هو قرأن مجيد في لوح محفوظ --- والله القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير -----------والي الافاق القرانيه ونحن لها اهل اذا أردنا أن نكون خير امة أخرجت للناس بحقها وشروطها ولما كان للقرأ فضل علي ان تبقي الامة ببقاء هذا المتاب فأحببت ان أعرف لهذا الكتاب فضله من حيث نعمة الله عليي به من حفظ وتجويد قراءاته علي القراءات المشهورة سبعية كانت او عشرية ودراسة ظاهرية للقراءات الشاذة
    الفصل الأول :آفاق قرآنية :وفي هذه الافاق نحلق مع هذهالعناصر ذات التميز1-نحن والقران.2-القران كتاب الجميع.3-القران كتاب منهج وعمل.4-القران كتاب الحكمة البالغة.5-القران كتاب هداية.6-القران يهدي للتي هي أقوم .7-القران كتاب البصيرة والبصائر.
    8-القران كتاب الدعوة الي الافاق 9-القران نهضة فكرية.10-القران سبيلنا الي غاياتنا.
    أولا:نحن والقرأن
    ]وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً * وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْءَانَ مَهْجُوراً * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُـجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا[ً اذاتحول العالم إلى قرية صغيرة ويتقدم العلم في عصر كهذا هل نحتاح -نحن- بعد الى القرآن الكريم؟ ولماذا؟ وأين موقع القرآن في هذا العصر؟ وهل إذا ما تمسكنا بكتاب الله فاتنا قطار التقدم وأصبحنا خارج دائرة الزمن؟!إن الجواب على جميع هذه الأسئلة يعود إلى حقيقة نظرة الإنسان إلى الإنسان، لأننا إذا عرفنا حقيقة هذا المخلوق سهل علينا حل معظم المشاكل العالقة، أو على الأقل يتيسر لنا معرفة حلول الأزمات الراهنة.
    فيا ترى ما هو الإنسان؟ هل هو شهوات ومخاوف وشكوك أم هو أبعد من ذلك؟ وقبل كل شيء؛ ترى من له الحق الأول في تعريف شخصية ووجود الإنسان؟ إنه الخالق دون شك؛ إذ هو الأعرف بمن وبما خلق، لا سواه. فهو -الخالق- القائل بأنه قد خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأنه قد كرّمه على سائر مخلوقاته، وعليه ينبغي أن ننظر إلى هذا المخلوق نظرة ملؤها الإحترام، لأنه صنعة الله رب الوجود.
    فالإنسان أبعد من أن يكون مجرد شهوة أو مخاوف أو شكوك، ولو كان كذلك لما ثار الثائرون، ولما سقطت عروش الطغاة. وهذا الإنسان الذي يحاول ذوو الهيمنة والسلطان النيل من مكانته، هو الذي نفخ فيه الله من روحه وأسجد له الملائكة، فكانت تلك النفخة عبارة عن القيم التي صنعت الحضارات. واليوم حيث تتراكم في العالم الثروات والشهوات ولعن الله الثروة التي تثير الغرائز والشهوات ولا تحكمها والتي دل الرسول علي ذلك حيث قال(نعم المال الصالح للرجل الصالح أي نعم ثروة ومال لرجل عرف نعمة الله فيما أنعم وحفظها ثم ادي حقها اما اذا كانت النعمة مجلبة مفسدة فبئس هي وبئس صاحبها تعس وانتكس واذا شيك فلا انتقش .
    ويحاول رجال السلطة وفي بلدان معدودة إزاحة الإنسان من طريقهم لتحقيق مصالحهم وفي هذا اليوم يكون الإنسان أشد حاجة إلى القيم والروح وإعادة النفخة الربانية والنفحة الالهية الي مجاريها في الانسان النفحة الإلهية والنفخة الربانية التي ميزته علي سائر المخلوقات بل وسخرت له كل الكائنات مايري وما لا يري.
    وفي هذا العصر والمسمي العصر الحديث والذي يتصارع فيه الانسان بين مذاهب مادية الحادية اخطرهاالعولمة والإعلام والمال والصواريخ والذرة والشيوعية والاشتراكية والراسمالية التي اخضعها الجبروت والسياسة الغاشمة… فنحن بحاجة إلى ذلك الإنسان المتوكل على الله، المعتصم بحبله. إلى الإنسان الذي يصرخ في وجه الكفر والإرهاب والإستعباد قائلاً: لا إله إلا الله.محمد رسول الله هذا دين وهذا قراني وطريقي طريقهما واموت دونهما وله في ذلك القدوة بمن سبقه من مجاهدين تحدواالقوة والحقد بإيمانهم وروحهم التي أودعها الله فيهم، وتحدوهم بقرأنهم، تماماً كما تحدى الإمام الحسين عليه السلام الطغيان الأموي العتيد بالقرآن وبالرسول وبالإيمان.
    وبالأمس القريب رأينا فتية لبنان المجاهدين قد طردوا عدوهم الصهيوني من أراضيهم؛ ليس بإمكاناتهم أو قوتهم أو إعلامهم قد طردوهم، وإنما بالإيمان والروح والقرآن.
    كذلك الإنسان الفلسطيني حينما أعلن جهاده المشبع بروح القرآن ضد الغاصبين الصهاينة، وهو لا يملك القوة أو الدعم العالمي، تجد الصهاينة اليوم لا يسعهم مواجهته رغم ما يملكون من وسائل قمع وتنكيل، وهذا يعني أن وراء هذه المقاومة روحاً، وأن الذي يحكم هو الله
    "هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا" وسيخسر المبطلون أينما كانوا."وسيعلم الذين ظلمواأي منقلب ينقلبون"
    وبالأمس كان الرجل يعطي المال، وهو مال المسلمين ، لهذا أو ذاك من المرتزقة والأفاكين ليبتدعوا له الأحاديث وفق رغبته وتبعاً لمصلحته، فينشرها بين المسلمين عبر المنابر لكن اليوم تغيرت الوسائل واشتد جمع الخبائث وتكاثر جمع المضلّين، فهناك الإنترنت ووسائل الضلال والاضلال والأساليب الماكرة والمغرية ففي هذا العصريحتاج الإنسان إلى القرآن الكريم وهدي النبي الكريم وأهل بيته عليهم السلام أجمعين.
    وإن مثل هذه الحاجة الماسة يمكن تأمينها عبر الوسائل التالية:
    الاولى: بناء القواعد الفكرية للجيل الجديد في مجتمعنا المسلم على أساس القرآن، لنضمن له مستقبلاً قرآنياً طاهراً، وذلك بدءاً من نعومة أظفار هذا الجيل، عبر تحفيظ الأطفال الآيات الكريمة وشرحها لهم بالطريقة العلمية المناسبة. وهذا الأمر بحاجة إلى مؤسسات أو معاهد وروضات خاصة، أو أي شيءٍ من هذا القبيل، ليكون عقل الطفل المسلم مستأنساً بكلام الله.
    الثانية: إقناع مؤسسات التربية في بلداننا على أن تجعل القرآن وعلومه محوراً لمناهجها الدراسية. وذلك لمواجهة ودحض الأفكار الجاهلية التي دسها الغربيون وأعداء الدين في العقل المسلم.وإعادة جعل الدين الاسلامي مادة اساسية في التعليم في جميع مراحله ولا حجة لمن تعلل بالمواطنة او الاديان الاخري فان البلد الاسلامية ذات الاكثرية المسلمة فإن حكم الاسلام هو الذي يسود ويقود ولا حجة لمن تعلل بغير ذلك ومن لم يحكم بما انزل الله فالئك هم الكافرون-الظالمون-الفاسقون ثلاث صفات في ثلاث ايات متواليات ومن قال غير ذلك فعليه التبعة ويأثم للجميع(اللهم هل بلغن اللهم فاشهد)وانت الشهيد وانت الوكيل وأبرأ إليك مما برأ منه هؤلاء.
    الثالثة: عودة المجتمع والاحكام إلى محورية ومنهجية القرآن الكريم في تشريعاتها وأحكامها ونبذ الإهتمام بفلسفة ارسطو وأفلاطون التي لا نجد لها أية علاقة بكلام خالقنا. إذ أن هذه الفلسفة وغيرها عاجزة عن منح الحياة للإنسان، على العكس من حكمة القرآن وعلمه.
    وعلى هذا يتأكد على رجال السياسة والتشريع وأولي الامرأن يأخذوا فقههم وتاريخهم وحكمتهم من القرآن، لأن الله قد أكد لنا أن فيه تبيانا لكل شيءٍ. ولذا فإن عليهم صرف جهودهم كلها لتوطيد العلاقة وتعميم الإستفادة من القرآن، بل يجب أن يكون هدفهم الأول في هذا المجال هو تخريج جيل مؤمن عالم بالقرآن، ثم يؤكدوا عليه بذل كل جهوده لنشر هذا العلم المقدس في صفوف المجتمع، حتى يكون الناس قرآنيين في عقائدهم وتقاليدهم وعاداتهم وأعمالهم، لئلا يكون هذا القرآن مهجوراً كما هو عليه الآن، حيث نرى الجاهلية القديمة والجاهلية الحديثة قد تظافرتا للقضاء نهائياً على ما تبقى من حس قرآني بين الناس.
    ثانيا:القران كتاب الجميع:
    ]الر كِتَابٌ اُحْكِمَتْ ءَايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)[سورة هود1/2)
    على الرغم من تطور البشرية عبر العصور على صعيد العلم والادراك والوعي وغير ذلك، إلا أن القرآن الكريم قد أنزله الله تبارك وتعالى لكل الناس وفي كل العصور. وهذه الحقيقة الساطعة تعتبر معجزة من معاجز القرآن الكبرى، حيث أن من طبيعته مخاطبة كل إنسان، مهما تفاوت مستوى استيعابه واختلف زمانه, لأن القرآن كتاب فيه ظاهر وباطن، ولباطنه بطون وكلما تضاعف علم المرء ومعرفته، كلما تعمق في القرآن أكثر. ففي الوقت الذي يفهم الإنسان الساذج البسيط من النص القرآني شيئاً ومعنىً معيناً، نجد العالم والمثقف يفهم شيئاً مضافاً إلى ذلك وهكذا تتفاوت درجات الاستنباط حسب مستويات الناس، بل حتى لو كان الإنسان عالماً، أو كان في مستوى الإمام الرضا عليه السلام، وهو عالم آل محمد، وهو الذي علمه من علم الله سبحانه وتعالى؛ حتى لو كان كذلك، فإن الله يفتح له كل يوم باباً من علوم القرآن. وهذا المعنى قد صرح به الإمام الرضا عليه السلام نفسه في حديث شريف له. إن القرآن الكريم الذي فيه المحكم والمتشابه ، يتحول متشابهه إلى محكم بالنسبة لمن توصل إليه، وما لم يتوصل إليه يظل متشابهاً بالنسبة له أيضاً.ولهذا كانت قاعدة العمل بالمحكم والتسليم للمتشابه قاعدة مهمة للغاية في إطار التعامل مع القرآن، إذ أن المتتبع للآيات القرآنية كلما عمل بالمحكم وسار فيه شوطاً، كلما اُحكم له المتشابه، وتيسر له فهمه ووعيه، أي أن كتاب الله يوضح نفسه بنفسه. ومن هذه الزاوية، كان القرآن كتاباً لكل الناس ولكل العصور والدهور، وكل فرد منهم يستفيد منه حسب مستواه وموقعه؛ تماماً كما الغيث ينزل من السماء، حيث تسيل منه الأودية بقدرها، فالوادي الواحد يستوعب بقدره هو لا بقدر الغيث، الذي يستطيع استيعاب كل الامكنة.ولما كان القرآن الكريم كتاباً ذا مرونةٍ فائقة، فإنه قد سلب من الإنسان أعذاره الواهية التي قد يرفع عقيرته بها فيهجر القرآن بداعي عدم فهمه له مثلاً، أو إيكال ذلك للعلماء والمفسرين والمثقفين فقط.كلاً. فالقرآن كتاب الجميع، نازل من عند خالق الجميع. ويبقى من لم يفهم هذا النص القرآني أو ذاك ملزماً بإرجاعه إلى أهل الذكر من العلماء والمختصين فهم وكلاء الله على شرح كتابه للآخرين. وهذا الأُسلوب يمثل منهجاً رائعاً قد أمر به القرآن قبل غيره، لأنه كفيل بحفظ منزلته الربانية من جهة، وكفيل أيضاً بتعميم الفائدة على الجميع من جهة أُخرى فيكون عبر ذلك كما النهر ، يغرف الناس منه حسب حاجاتهم ومقدار ما يستوعبونه، دون أن يعني أن ذلك النهر يمكن اختصاره في إنسان واحد منهم، ودون أن يعني أن هذا الإنسان غير قادر على الاستفادة من النهر شيئا
    ثالثا: القران كتاب منهج وعمل:
    بمجرد أن يشتري الإنسان بضاعة معينة فإنه يطالب ويبحث عن كتابٍ يشرح له بالتفصيل الكافي كيفية الاستفادة أو تشغيل هذه البضاعة والمحافظة عليها.أمّا الله العليم الحكيم حينما خلق الوجود والحياة فقد أرسل للناس كتاباً مباركاً، علمهم فيه كيفية التعامل مع الوجود والحياة، وشرح لهم فيه سنن الحياة وسبل السلام فيها، وقد سمّى هذا الكتاب بالقرآن. فالقرآن هو كتاب الله المكتوب والمقروءوفيه عرض الكتاب المنظور والنظر في ملكوت السموات والارض والسموات ولك عزيزي القاريء ان تعلم أن الخليقة كلها عبارة عن كتاب الله المخلوق والكتابان ينطبقان على بعضهما تمم الانطباق الإنطباق. فمن أراد معرفة الحياة والطبيعة، يجدر به أن يقرأ القرآن ويستضيء به.أما الذين يقرؤون القرآن وراء الأبواب المغلقة، دونما ينظرون إلى ما يحيط بهم، فإنهم عاجزون عن الاستفادة من هذا القرآن. والذين يخوضون في الطبيعة والحياة لمعرفتها وفهمها من دون كتاب وهدىً ودليل وبصيرة قرآنية، فهم بدورهم لن يعرفوها.(وإذا رأيت الذين يخوضون في اياتنا فأعرض عنهم حتي يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكري مع القوم الظالمين.)(سورة الانعام)
    إنما يعرف الحياة من يقرأها ويمارسها ويعايشها ضمن كتاب الله الذي لا يضل ولا ينسى، كتاب فيه تفصيل كل شيء بما للكلمة من معنىً.
    فإذا أراد الإنسان أن يعيش في الحياة بنور، فليستنر بالقرآن، ولينظر ما هو قائل له ، فإن فيه الشرح الوافي لطبيعة الإنسان والمجتمع وتطورات الحياة، وفيه الإجابات الوافية عن نواميس الكون والهدف من خلقته، وفيه أيضاً الإجابة عن السر وراء تطورات الأمم والحضارات وعلل دمارها.. كل ذلك يجده الإنسان في القرآن، وما عليه -والحال هذه- إلا أن يطبق الآيات تطبيقاً صحيحاً على الطبيعة. ولا يغيب عنا أن القرآن كما الشمس إن تشرق على كل يوم جديد. لذا نجد إن القرآن لم ينزل على إنسان دون غيره، أو أمة دون سواها، بل أنزله الله للبشرية كافة، وهو يجري فيمن يأتي كما جرى فيمن مضى.فلنقرأ القرآن ولنطّبق آياته على أنفسنا وعلى الناس والحوادث والمشاكل والحالات النفسية، حتى نعرف القرآن بشكل أفضل، وحتى نعرف الحياة بصورة أدق.وقراءة القرآن دونما تطبيق، أو ممارسة الحياة دونما قرآن، ليس إلاّ هجراً للقرآن، وليس إلا تضييعاً للحياة.
    رابعا:القرأن كتاب الحكمة البالغة:
    من صفات القرآن الكريم انه كتاب حكمة، ولذلك جاءت تسميته بـ (القرآن الحكيم)، لأن فيه حكمة الحياة.
    فالإنسان الذي يريد أن يضمن السعادة في الدنيا والآخرة لابد ان يتمتع بالحكمة؛ أي أن يعرف كيف يعيش ومن أين جاء وإلى أين يذهب وما هي سنن الحياة التي تعني القوانين والأنظمة التي وضعها الله تبارك وتعالى لهذه الحياة والتي من خلالها يستطيع الإنسان أن يعيش الحياة الطيبة. ولذلك فقد أوضح القرآن الحكيم سنن الحياة، وهي الحقائق الكبرى التي ليس من السهل على الإنسان أن يستوعبها، لأن عقله وفكره محدودان. ثم أن جميع الناس ليسوا على مستوى واحد من الوعي والفهم، بل هم على درجات ومستويات مختلفة لذلك فإن من العجيب أن كل الناس -على اختلاف مستوياتهم الفكرية- ينتفعون من القرآن كل حسب مستواه. فتجد في القمة رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام يقرؤون القرآن، ويزدادون بقراءته علماً، بينما أبسط الناس أيضاً ينتفع بتلاوته القرآن بحدوده.والسّر في تلك الشمولية، الأمثال التي يكثر ذكرها في القرآن، والتي تقوم بدور الوسيط بين الحقائق الكبرى والحقائق الجزئية، أي إنها تكون جسراً بين الإنسان وبين الحقائق ولذلك فلابد لمن يقرا القرآن ويتدبر في آياته أن يتأمل تلك الأمثال ، ثم يطبقها على الحقائق المتعلقة بها.ولا يغيب عنا أن الامثال تقوم بدور ايضاح الحقيقة، وتقريبها للفهم، وبالتالي عدم نسيانها. ومن خلال فهم الأمثلة القرآنية، وفهم الحقائق المتصلة بها يستطيع الإنسان ان يكون حكيماً،]يُؤْتِيالْحِكْمَةَمَنيَشَآءُوَمَنيُؤْتَالْحِكْمَةَ فَقَدْاُوتِيَخَيْراًكَثيراومايذكرالااولوالالباب) خامسا:القرأن كتاب هداية:
    ]قَدْ جَآءَكُم بَصَآئِرُ مِن رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهِا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ[ (104/الانعام)
    يبدأ ابن آدم حياته عديم التجربة، ويعيش فيها ظلمات الجهل والغفلة، إذ العمر قصير وغيب الحياة أكثر من شهودها فهي مزيج معقّد قائم على أُسس لا يعرف المرء الكثير منها. ووفقاً لذلك، أصبح ابن آدم بحاجة إلى من يهديه إلى سنن الحياة وطبيعتها وأنظمتها التي تتحكم فيه وفي الخلائق من حوله، وبحاجة أيضاً إلى من يعلمه كيفية التعامل مع النفس والمحيط والآخرين. فإن القرآن هو ذلك الهدى والمعلم والنور والبصيرة ومنهج التفكير السليم، وهو المعرفة والحقيقة. صحيح أن الناس ومن دون استثارة عقولهم، ومن دون بلورة وجدانهم ، ومن دون أدائهم ميثاقهم، وبالتالي من دون تفعيل اجهزة الرؤية والمعرفة في انفسهم، يعجزون عن الاستفادة من القرآن ولكن الصحيح أيضاً ان من دون القرآن وهداه وبصائره وعلمه وتذكرته وتزكيته، عاجزون عن الاهتداء سبيلاً. يقول الكتاب المجيد : ]قَدْ جَآءَكُم بَصَآئِرُ مِن رَبِّكُمْ[ أي ما يعرف ابن آدم كيفية الحياة السعيدة وكيفية العيش بسلام وأمن، لتحقيق التطلعات والطموحات.فما هي البصيرة؟ فالبصيرة هي ما يبصر به الإنسان، وما به يعبر إلى الحقيقة.وما بها ينكشف كل مبهم وغامض .]فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِه[ِ إن هذه البصائر ليست مفروضة عليك، وإنما هي فرصة لك فإذا اردتها استطعت الاستفادة منها، واعتمادها منهجاً لحياتك.وإلا فكن حيث شئت ووعيدك غدا (يوم يأتي بعض أيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن امنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظرواإنا منتظرون.158/الانعام) إذن ؛ فهي كلها فائدة للإنسان ذاته قبل غيره.]وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهِا[ إذ النتائج العكسية سوف تترتب على من اعرض عن البصر والبصيرة ثم إن الله أورسوله ليسا مسؤولين عما يختاره الإنسان لنفسه، وإنما المسؤول الأول والأخير هو الإنسان نفسه، حيث يقول تعالى: ]وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بوكيل[.
    فهذا القرآن وهذه بصائره ومعارفه متاحة للناس في كل وقت وفي كل مكان لينتهجوا مناهجه، ويستفيدوا من رؤاه وليكشفوا بها غيب الحياة، ويصلوا إلى السعادة في دنياهم وآخرتهم وليس عليهم من وكيل فيما يختارونه.(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمي.قال رب لم حشرتني أعمي وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسي124.125/طه)
    سادسا:ان هذا القرأن يهدي للتي هي اقوم:
    ] إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ اَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً [(الاسراء/9)
    من يعش في الظلام يعجز عن أن يحلم بالنور، ومن يضطر نفسه إلى العيش في الحفر فإنه لا يفهم أي معنىً للقمم. ومن كان في حياته الكل نازلا فانه لا يعرف للصعود طريقا. فإن هذه الحياة التي نعيشها ليست هي الحياة الحقيقية، إذ الحياة الحقيقية المختارة والتي أراد الله لنا أطيب بكثير وأسمى بكثيرمن حياة تكالبنا عليهاكتكالب الكلاب علي الرميم او السمك علي الطين لقد تعودنا على الاستمرار في هذا العذاب، واستطبنا الظلام والعيش في المآسي والآلام وما بعدها اطيب مقام وأعظم خير وسلام.
    لقد بشرنا الله سبحانه وتعالى بحياة فاضلة وكريمة، حياة ملؤها الخير والمعروف والأمل والرحمة والبركة… فيا ترى أين تلك الحياة، وما هي الفاصلة التي تبعدنا عنها، وكيف نقطع ونلغي هذه الفاصلة؟ وقبل كل شيء لابد من معرفة أن الله تبارك اسمه قد خلق الناس ليرحمهم، وليعيشوا سعداء في الدنيا فائزين في الآخرة. وما هذا الفساد الذي نجده قد ملأ طباق الأرض إنه بالتأكيد ليس من الله عز وجل، إذ أن الله الخالق قد قال عن نفسه: ]وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ29/ق[ كما قال أيضاً: ]ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسَِ ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون 41/الروم[ فهذا الفساد العريض المستشري في كل بعدٍ من أبعاد حياتنا، إنما هو بسبب انحرافنا وابتعادنا عن جادة الحق وعن الصراط المستقيم الذي هو طريق الله. وليس أمامنا -في إطار العودة الى ذلك الطريق الحق- سوى الاهتداء بهدي القرآن الكريم، الذي هو الحبل المتصل بين السماء والارض، وهو الوسيلة بين خالق السماوات والأرض رب العالمين وبين عباده المخلوقين. فإن الاصل في مشاكلنا وأزماتنا يتلخص في أمرين أساسيين: هما الانحراف الفكري، والانحراف السلوكي والقرآن الكريم إنما أنزله الخالق تعالى، ليعالج هذين الانحرافين الأخطرين. أما الانحراف والضلالة الفكرية فيعالجه الكتاب الكريم بنوره وهداه وحكمته وضيائه، إذ هو الفرقان الذي يمكن به التمييز بين الحق والباطل. إننا اليوم نتعرض لهجمات ثقافية شرسة متنوعة، حيث لا نكاد نتخلص من هجمة شيطانية إلاّ وتواجهنا هجمات جديدة أخرى ونحن بين هذه وتلك نتعرض للأمواج المتلاحقة من الإعلام الغربي المادي؛ الإعلام الذي يهدف قطع جذورنا وتحويلنا عبيداً لأصحاب المال والقوة الذين هيمنوا على مقدرات الأرض بالباطل. وهذه الثقافة المادية، وهذا الإعلام المسموم الذي يأتينا كقطع الليل المظلم، يضغط على أفكارنا وثقافتنا، فلا يسمح لنا بالتفكير المستقل. ذلك لأنه يُصدّر لنا قوياً متلاحقاً مزخرفاً، مزوداً بآخر التقنيات وأحدث الخبرات الشيطانية، لغرض أداء مهمته في التأثير فينا، سالباً منا -كما هو طابعه المقيت- كل عقلانية وحقانية، باعتباره مجرد مصالح وأهواء وأفكار منمقة. ومن خلال الرؤى القرآنية نستطيع رؤية الحياة والنظر إلى مافيها من حوادث ومتغيرات، ومن خلال فرقان ربنا نميز بين الحق والباطل، فقد نستمع الى نشرةٍ خبرية، أو نشاهد برنامجاً تليفزيونياً، أو نجلس إلى صفحة انترنيت، أو نقرأ صحيفة أو كتاباً، ولكن ما يهدينا إلى الحق من ذلك هو العقل الرشيد المؤيد بنور القرآن الكريم وبصائره وهداه وضيائه وموازينه وفرقانه، نظراً الى أن كتاب الله من شأنه أن يعطي القيم الصحيحة، والميزان الحق الذي يطرد ويزهق الباطل، فيعرفنا العدل والحق، ويكرّه لنا الظلم والباطل.
    أما الانحراف السلوكي والفساد الأخلاقي، وهو الأصل الثاني الذي ترجع إليه أزماتنا الحضارية والتأريخية، فهو الآخر لابد من معالجته عبر العودة إلى ما يلقيه علينا كتاب الله تبارك وتعالى من مسؤوليات.وبعد:
    فأقول: إن الجيل الصاعد في مجتمعنا المسلم عموماً يتعرض في الوقت الحاضر إلى ابشع المخططات الشيطانية ، ووسائل ذلك هي شبكات نشر الدعارة والمخدرات. ومع شبكات الدعارة تأتي ما تأتي من الامراض الجنسية الفتاكةوالمستهدف الاول بالمخدرات وشبكات الدعارة الفضائية هم الشباب لانه من المعلوم ضرورة انه إذا ضاع الشباب ضاعت الامة بضياع الشباب وغير ذلك كثير من المفاسد التي بدأت تنتشر انتشاراً لم نعهده من قبل، ومع شبكات الدعارة ايضاً يأتي تفكك الأُسرة ن وانتشار وتصاعد نسبة الطلاق، وهبوط معدلات الزواج، وسوء التربية وتحطيم الإنسان ككائن كريم علماً أن من يخطط لنشر الفساد في المجتمع المسلم يملك من وسائل الإغراء والخداع والمكر… في حين نجد أن الإنسان المستضعف في هذا المجتمع -كأن يكون شاباً في مقتبل العمر- يفتقر إلى الثقافة الرصينة و تثبيت الأرضية الإيمانية الكافيةلان الانسان واعني الشباب بالذات قد يضعف امام هذه المغريات وخاصة في امة كثر فيها البطالة وانصراف معظم السياسيين ورجال السلطة الي مشاريعهم التنموية وهؤلاء قيام ينظرون. فتراه يتعرض لهذه الهجمة الأخلاقية الشرسة التي تفوق حجم قدرته وتحمله وركائز تصديه ومقاومته، فينهار شيئاً فشيئاً. ولكنه لن ينتهي من هذا الانهيار المخطط له سلفاً، إلاّ ويصاب بالأمراض -كأن تكون هذه الأمراض أمراضاً جنسية- ويبتلى أيضاً بانفصام الشخصية والعجز عن بناء الأسرة السليمة، ويسلب الثقة من نفسه قبل الجميع.
    ولنا أن نتساءل عن ذنب هؤلاء وأمثالهم؟
    اقول :إنولاة الامور يتحملون الذنب الاكبر والاثم الاوزرفي ضياع هؤلاء واولئك لانهم لو وفروا لهم العمل الصالح الذي يغنيهم والذي يستوعب معظم او قاتهم فيما به يستفيدون ويفيدون به الوطن مابقي لهم من الوقت والفكر ان ينساقوا لهؤلاؤ ولا الي غير هؤلاء وأنذر كل ولي أمر علي قدر ما يملك من مقدرة لصون دين وكرامة هؤلاء بان اثمه وجرمه عند الله علي قدر ما يملك من سلطة الاصلاح ناهيك عن ترك هؤلاء الي مصالحه ومنافعه وثرواته التي لم يؤد فيها حق الله.
    وللحق والانصاف اعود بالنصح لهؤلاء واولئك بأنيعودوا الي القران الكريم منهج الحياة فيه الصلاح وفيه الاصلح نعم؛ لابد من العودة إلى القرآن الكريم، وأن نعيده ليكون الحاكم المطلق حتى على تفاصيل حياتنا، لأنه الأمان والسلام والمتكأ الذي ينبغي الاعتماد عليه والحبل الذي يُتمسك به. ومن يملك القرآن لن ينهار أمام الدعايات والإغراءات بكافة أنواعها… إذ الحياة الطيبة الكريمة والمرفهة ليست هذه التي نعيشها مطلقاً، باعتبار أنها نتاج الفكر المنحرف والرغبة الشيطانية، في حين أن كتاب الله يأمرنا بغير ما نراه من ضياع وظلام وموت مموّه.
    سابعا:القران كتاب البصيرة والبصائر:
    ] وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْءَاناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ ءَايَاتُهُ ءَاَْعْجَمِيٌّ وَعَرَبيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا هُدًى وَشِفَآءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ[(44/فصلت) يفاجأ المرء خلال حياته بمشاكل وصعوبات لم تكن في توقعاته وحساباته، وقد يصطدم ببعض الأزمات التي لا يعرف لها حلاً، فتتحداه بعضها وتقعده. هنالك يكون بمسيس الحاجة إلى بصيرة يتسلح بها لإنقاذ نفسه أو من يهمه أمرهم، ليتوصل إلى طرق الحل وسبل النجاة. فمن أين تأتيه البصيرة المرجوّة؟ إنها تأتيه من كتاب خالقه الرؤوف الحنّان ولكن كيف؟!إن الكثير من الناس يعرفون وجود الهدى والنور والبصائر في القرآن الحكيم، ويعرفون أن حلول مشاكلهم جميعاً بين دفتيه، ولكنهم عند المواجهة يعجزون عن استنباطها أو الاستفادة منها. فيا ترى هل ثمَّ طريق ووسيلة لحل هذه الأزمة الخطيرة والجواب: إنما يكون ذلك بالمزيد من تلاوة القرآن، وربما أيضاً يتسنى بحفظ آياته حفظاً جيداً لأنك إذا حفظت آية من الكتاب، وواجهت مشكلة ما فإنها سترتسم أمامك وكأنها إضاءة وإشارة إلى الطريق الصحيح والحل الصائب. وقد وردت أحاديث كثيرة تؤكد أهمية واستحباب حفظ القرآن، منها ما روي عن علي بن الحسين عليه السلام: "عليك بالقرآن، فإن الله خلق الجنة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وجعل ملاطها المسك، وترابها الزعفران ، وحصباءها اللؤلؤ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن فمن قرأ القرآن يقال له: اقرأ وارق، ومن دخل منهم الجنة لم يكن في الجنة أعلى درجة منه، ما خلا النبيون والصديقون" حيث تتمايز الدرجات وتتفاضل المنازل، ويرى الإنسان أن بين درجة واُخرى من درجات الجنة مسيرة خمس مائة عام، او كما الفاصلة بين السماء والأرض فحينما يقرأ آية واحدة يرقأ درجة واحدة، ولك أن تتصور أن لو كنت حافظاً لكل القرآن، فكم درجة ستطويها في مسيرك إلى موقعك في الجنة الأبدية؟
    بلى؛ إن قراءة القرآن المستمرة وحفظ آياته، يعتبران من أهم برامج حياة الإنسان، ولا سيما بالنسبة إلى الشبيبة والأشبال والأطفال. وإني لأوصي نفسي وكافة الآباء بالاهتمام بتحفيظ الأولاد آيات القرآن منذ سنينهم المبكرة ، وحبذا لو بدأنا معهم من عامهم الثالث، حيث يشرعون في الاستيعاب. فما أحلى وأسمى أن تمتلئ ذاكرتهم بحكمة الله وقرآنه، ليدخروها لأوقات حاجاتهم.
    أما الكبار؛ فما عليهم إلاّ أن يرتلوا آيات الذكر الحكيم باستمرار؛ أي في كل وقت وسعهم ذلك، وبالأخص في أوقات الصلاة وعند الفجر، فإن قرآن الفجر كان مشهوداً.
    (راجع كتاب مارج الانوار)
    ثامنا:القرأن كتاب الدعوة والانطلاق للافاق
    كيف استطاع القرآن الكريم ان يحرك العرب الجاهليين في بدء نزوله ويصنع منهم أمة واحدة لا تغيب عن بلادها الشمس، فكانت أمة عظيمة مقتدرة؟ ولا اتصوّر أن أمة مثيلة لأمة الاسلام قد جاءت أو ستجيء بحجمها وبحجم حضارتها.وهل نستطيع ونحن على أعتاب القرن الواحد والعشرين -حيث مضى على نزول كتاب الله حوالي خمسة عشر قرناً من الزمن -أن نجدد التجربة ونعود إلى تلك الأمجاد؟!
    قبل كل شيء؛ لابد من التأكد من أن كتاب الله كتاب دعوة وانطلاق الي المعالي, فالقرآن من شأنه أن يخلق في الإنسان قابلية التوسّع والنمو، فقد يصبح الإنسان الواحد لدى التزامه بتعاليم السماء أمة بمفرده، وفقاً لمدى تفجّر طاقاته وإعمال قدرته على العطاء.
    يصنع القرآن كل ذلك بطرقٍ شتّى منها: أنه يفتح أمام أتباعه آفاقاً فكرية وروحية لا تعد ولا تحصى ، حيث يؤكد له أنه قد خُلق ليكون جليس الرب في مقعد صدقٍ، وليكون ضيفه المكرم في جنة عرضها السموات والأرض، وأنه إنما خلق ليكون سعيداً وسيداً وملكاً في الدنيا والآخرة. ومنها؛ أنه يوضح لهم ان أجلهم في الأرض محدود، وأن الفرصة المتاحة لديهم لا تعوّض، وأنه مسؤول عن التوفيق بين وجودهم في الحياة وبين الالتزام بتعاليم السماء، ليحققوا وليثبتوا جدارتهم في أنهم المخلوقين الأرقى من بين سائر المخلوقات. وهكذا يفجر القرآن طاقات الإنسان حتى يصنع منه سيداً وملكاً في الدنيا والآخرة، ويصنع منه داعيةً إلى تطبيق آياته، وإلى شاهدٍ على عصره، وإلى إنسان متعدد الجوانب والآفاق، مقتدراً على الفتح والفوز.
    وما حقق لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله التقدم والتطور بين الأمم، هو تدبرهم في الآيات القرآنية حتى تفجرت طاقاتهم.
    وعلى هذا فإن القرآن كتاب عمل وفاعلية، ودعوة وانطلاق ونحن إذا عدنا للقرآن عادت إلينا امجادنا وحضارتنا ومدينتنا وتفوقنا.
    تاسعا: القران كتاب النهضة الفكرية:
    ]إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ اَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً * وَاَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً[( 9.10ـالاسراء)نسائل انفسنا ونتحري في الجواب الصدق:بماذا نهضت الأمة الإسلامية لدى انطلاقتها الأولى؟ وكيف انهارت عروش الطغاة أمام ذلك المد الجارف؟
    لا ريب أن قيادة النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم كان لها الأثر الكبير جداً في ذلك، بل حتى ان سيرته الشريفة لا يزال يتلمسها المسلمون في الوقت الراهن. فملاحم الإسلام الأولى التي حققتها القيادة النبوية، لا تزال ذات فائدة كبرى بالنسبة للنهضة الإسلامية على مرّ العصور.
    ولكن أساس نهضة المسلمين -بما في ذلك قيادة الرسول وحكمته ودرايته وشجاعته- كان قائماً على حكمة القرآن الكريم. فهو الذي يهدي للتي هي أقوم؛ بمعنى أنه يفتح أمام اتباعه ومحبيه الطريق القريب والمباشر والآمن نحو ما يريدون تحقيقه من غايات.
    فهذه الآية المتقدمة الذكر من سورة الإسراء نزلت بعد استعراض حالة بني إسرائيل، حيث تناوبت فيهم وعليهم حالات التقدم والتراجع والصعود والهبوط ثم قال ربنا مخاطباً إياهم ومجمل أفراد البشرية: ]إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأنفُسِكُمْ[ (7/الاسراء)، ثم بعد ذلك جاءت الآية القائلة: ]إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْومَُ[.. فكيف نحسن لأنفسنا، ونعلوا وننهض بالقرآن الكريم؟
    يجد المؤمن بالكتاب المجيد ان فيه خبر من كان قبله، وفيه الحكم والحكمة والقول الفصل، وفيه الحديث عن المستقبل، فيعرف أنه كتاب فتح ونهضة وانطلاق.فمن قرأ القرآن ليعمل به ويحمل رايته، ويقتحم الصعاب ويتحدى المشاكل ويبلغ الذروة ويحقق الاهداف السامية؛ من قرأه على هذا الاساس وجد فيه بغيته وهدفه، حيث يتبين له الطريق الصحيح في وضوح مطلق، لأنه حينما يقرأه يجد في نفسه واقعين مثيرين، وهما:
    الأول: أنه سيصبح مؤثراً على نفسه، ولو كان به خصاصة وحاجة فهو سيتعرف في كتاب الله على أهدافٍ أوسع بدرجات من أهداف الذات، وسيعرف أن الإيثار قطار التقدم ووسيلة النهضة الإنسانية.(ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأؤلئك هم المفلحون9/الحشر)
    الثاني: أنه سيعيش حالة الأمة الواحدة، والوحدة مع الآخرين؛ لأن الأنسان حينما يحرر نفسه من قيود زنزانتها، سينطلق في رحاب الأمة الواحدة، فتراه يتعلم في هذا الواقع الجديد الصفات المثلى كالحيوية والعطاء والإحسان والحركة الهادفة.
    وإنما كان القرآن يهدي للتي هي أقوم، لأنه يبين لأتباعه السنن الإلهية، التي تحرضهم على التطلع والهدفية نحو الخير. إذ أن ما يحويه القرآن من سنن إلهية من قبيل سنة العطاء والشهادة في سبيل الله والوحدة والتعاون على البر والتقوى، وسنّة النظم والعمل الدؤوب على أُسس واضحة، وسنة الاستقامة على الطريق.. كل ذلك فيه التحريض على العودة إلى الاصول التاريخية والاجتماعية والإنسانية الصحيحة. ولهذا كانت إرادة النهضة بحاجة إلى قراءة القرآن ". الكريم قراءة "جديدة
    عاشرا:القرأن سبيلنا الي كل غاياتنا :
    ]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ اُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرءُُوفٌ رَحِيمٌ[ 143/البقرة لقد جمعت رسالة الإسلام شتات أمة، فصنعت منها الحضارة الأقوى في العالم. فقد كان العرب قبل الإسلام يعيشون في مناطق متناثرة من أرض الجزيرة العربية وأطرافها، فحولهم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في مدة قياسية جداً إلى أمة شاهدة على الناس بالقسط والعدل.
    فالقرآن الكريم يفجر في الإنسان طاقاته، ويلملم شتات البشرية تحت راية واحدة، لا سيما وأنه كتاب حيٌّ ينبض بالفاعلية والروح إلى يوم القيامة.
    فالله سبحانه وتعالى وعد الإنسان بالثواب وتوعّده بالعقاب؛ بمعنى أن الخالق المتعال لم يخلق الإنسان ليفنى، وأنه لم يجعل حدوده في الدنيا، إذ هذه الأخيرة ليست إلاّ وسيلة من وسائل بني البشر، ليرقوا بها إلى ما هو أعلى وأرقى.
    وحينما يفتح القرآن مثل هذا الأفق الواسع أمام الإنسان، فإنه يبعث فيه الروح والعزم والإرادة، ثم إنه يدعوه إلى الجهاد، هذه الفريضة المقدسة التي لا تعني القتال فقط، بل هي تعني بذل المزيد من الجهد في كافة مناحي الحياة؛ فهي تعني الإنفاق والإحسان والعطاء والتغلب على هوى النفس ووساوس الشيطان. لغرض التحرر من الهوى الشرير وقيود الباطل.
    إن المؤمنين -وعبر هذه البصيرة الإلهية- سيعلمون أن أمامهم آفاقاً واسعة وأن عليهم أن يبلغوها، ويعلمون أيضاً أن أجلهم محدود في هذه الدنيا، وبالتالي فإنهم سيضغطون على أنفسهم ما استطاعوا حتى يفجروا طاقاتهم المودعة فيهم من قبل الله فيصلوا إلى معدن الحكمة والتطور ورضا خالقهم عنهم. إن الصفة الأساسية لاتباع القرآن تكمن في أنهم لا يسمحون لأن تكون أعمارهم ضحية أو هباءً، فتراهم لا يستسلمون للهواجس والوساوس واللهو واللعب وتفاهات الأُمور، وهم في تطلع دائم إلى الأسمى والارقى والأحسن من الوجود سواء على صعيد الدنيا أو الآخرة.
    إن من الفلاسفة من دعا إلى أن يصنع الإنسان الطبيعة، ولكن كتاب الله دعا إلى أن يصوغ الإنسان نفسه صياغة جديدة،، وإلى أن يصنع الطبيعة من حوله. وبهذه الدعوة فقد سبق القرآن جميع المذاهب الفلسفية والفكرية والاجتماعية. أما سبيل العودة إلى التاريخ التليد، فليس ثم خيار سوى العودة إلى سبب التقدم والعظمة، وهو القرآن الكريم وما يحوية من بصائر نورانية، فنتفتّح عليها ونستفيد منها ونصوغ أنفسنا كأفراد وشعوب ضمن ما رسمته لنا لكي نكون خير أُمة أُخرجت للناس، ولكي تكون شاهدين عليهم ؛ أي لنكون المقياس الذي تقاس به الأمم من حولنا كما كان الرسول شهيداً علينا وقدوة ومقياساً لنا ************************************************** ************************************************** ******************************
    ************************************************** *************************************
    ولكم تحيات ابراهيم مرعي-داعية اسلامي

    «« توقيع ابراهيم مرعي »»

و لا يزال التحدي مستمرا .. لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. لا يأتون بمثله
    بواسطة ابراهيم مرعي في المنتدى قسم علوم القرآن الكريم والسنة النبوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-01-2010, 01:12 PM
  2. الجزء الثامن و التحريف لا يزال مستمرا ....
    بواسطة eeww2000 في المنتدى قسم النصرانيات العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 25-05-2007, 10:59 PM
  3. كتاب لا يأتون بمثله للشيخ محمد قطب
    بواسطة عمرو إبن العاص في المنتدى مكتبة الفرقان للكتب والابحاث
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-09-2004, 06:56 AM
  4. الجزء السادس و لا يزال التحريف مستمرا
    بواسطة eeww2000 في المنتدى قسم النصرانيات العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-06-2004, 07:36 AM
  5. و لا يزال التحريف مستمرا الجزء السابع
    بواسطة eeww2000 في المنتدى قسم النصرانيات العام
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 27-05-2004, 04:11 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

و لا يزال التحدي مستمرا .. لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا

و لا يزال التحدي مستمرا .. لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا