شبهة ورد"هل نبذ يونس بالعراء أم لم ينبذ بالعراء؟"
هل نبذ يونس بالعراء أم لم ينبذ بالعراء؟
الشبهة
(فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) الصافات 145
الجلالين
"فنبذناه" أي ألقيناه من بطن الحوت "بالعراء" بوجه الأرض: أي بالساحل من يومه أو بعد ثلاثة أو سبعة أيام أو عشرين أو أربعين يوما "وهو سقيم" عليل كالفرخ الممعط
ابن كثير
وقد تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه مسندا مرفوعا في تفسير سورة الأنبياء ولهذا قال تعالى " فنبذناه " أي ألقيناه " بالعراء " قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره وهي الأرض التي ليس بها نبت ولا بناء قيل على جانب دجلة وقيل بأرض اليمن فالله أعلم " وهو سقيم " أي ضعيف البدن قال ابن مسعود رضي الله عنه كهيئة الفرخ ليس عليه ريش وقال السدي كهيئة الظبي حين يولد وهو المنفوس وقاله ابن عباس رضي الله عنهما وابن زيد أيضا .
الطبرى
وقوله: { فنبذناه بالعراء } يقول : فقذفناه بالفضاء من الأرض , حيث لا يواريه شيء من شجر ولا غيره ;
القرطبى
وقال في هذه السورة : " فنبذناه بالعراء" وقال في "ن والقلم" [ القلم: 1 ] : "لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم" [القلم : 49] والجواب: أن الله عز وجل خبر هاهنا أنه نبذه بالعراء وهو غير مذموم ولولا رحمة الله عز وجل لنبذ بالعراء وهو مذموم ; قاله النحاس
(لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) القلم 49
الطبرى
وَقَوْله : { لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَة مِنْ رَبّه } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَ صَاحِب الْحُوت نِعْمَةٌ مِنْ رَبّه , فَرَحِمَهُ بِهَا , وَتَابَ عَلَيْهِ مِنْ مُغَاضَبَته رَبّه { لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ } وَهُوَ الْفَضَاء مِنَ الْأَرْض : وَمِنْهُ قَوْل بْن جَعْدَة : وَرَفَعْت رِجْلًا لَا أَخَاف عِثَارهَا وَنَبَذْت بِالْبَلَدِ الْعَرَاء ثِيَابِي { وَهُوَ مَذْمُوم } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { وَهُوَ مَذْمُوم } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ وَهُوَ مُلِيم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26901 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثني أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَهُوَ مَذْمُوم } يَقُول : وَهُوَ مُلِيم . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَهُوَ مُذْنِب ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26902 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْر { وَهُوَ مَذْمُوم } قَالَ : هُوَ مُذْنِب .
الجلالين
"لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ" لَوْلَا أَنْ أَدْرَكَهُ "نِعْمَة" رَحْمَة "مِنْ رَبّه لَنُبِذَ" مِنْ بَطْن الْحُوت "بِالْعَرَاءِ" بِالْأَرْضِ الْفَضَاء "وَهُوَ مَذْمُوم" لَكِنَّهُ رُحِمَ فَنُبِذَ غَيْر مَذْمُوم
القرطبى
أي لنبذ مذموما ولكنه نبذ سقيما غير مذموم . ومعنى " مذموم " في قول ابن عباس : مليم . قال بكر بن عبد الله : مذنب . وقيل : " مذموم " مبعد من كل , خير . والعراء : الأرض الواسعة الفضاء التي ليس فيها جبل ولا شجر يستر . وقيل : ولولا فضل الله عليه لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة , ثم نبذ بعراء القيامة مذموما . يدل عليه قوله تعالى : " فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون" [ الصافات : 143 - 144 ] .
وتعليقنابعد هذه الجولة فى التفاسير التلفيقية
آية الصافات تقول: إن الله ألقى (نبذ) يونس بالعراء، بينما سورة القلم تقول أنه لم يلقى ( ينبذ) بالعراء ، ونظرا للتاقض الصارخ بين السورتين بحث المفسرون عن مخرج أو حيلة تنطلى على الجهلاء والبسطاء ، وكانت حيلتهم فى التلاعب بالالفاظ والمغالطة وشد انتباه السامع لما هو ليس من صميم القضية الاصلية , وأوقعهم هذا فى ورطة كانوا فى غنى عنها.
(لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) عن استخدام (لولا) يقول السيوطى:
"أن تكون حرف امتناع لوجود , فتدخل على الجملة الاسمية , ويكون جوابها مقرونا باللام إن كان مثبتا , نحو "فلولا أنه كان من المسبحين للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون" الصافات 144 "
الاتقان فى علوم القرآن ص 353 فصل فى معرفة الادوات التى يحتاج اليها المفسر
اذا نظرنا للآية التى ذكرها السيوطى ستتضح الحقيقة وينكشف تزوير المفسرين
" فلولا أنه كان من المسبحين للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون" ماذا تعنى؟
تعنى أنه لم يلبث فى بطن الحوت الى يوم يبعثون
ان جواب لولا لابد ان يكون مقرونا بحرف اللام إن كان مثبتا , وجواب لولا هنا هو فعل ( لبث فى بطنه) ولان ( لولا) حرف امتناع , اذن المعنى انه لم يلبث فى بطن الحوت .
فاذا انتقلنا للآية موضوع دراستنا , تلاحظ انها ينطبق عليها نفس الشروط تماما حيث تحتوى على ( لولا ) وعلى اللام المقرونة بفعل مثبت
اذن لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ
تعنى بلا لف ولا دوران :لان نعمة من ربه ادركته لم ينبذ بالعراء وَهُوَ مَذْمُومٌ جواب لولا هنا هو فعل ( نبذ بالعراء ) ولان لولا حرف امتناع , اذن المعنى انه لم ينبذ بالعراء.
وهذا يناقض الاية فى سورة الصافات التى تقول انه نبذ بالعراء , لذلك كانت حيلة المفسرين انهم جعلوا ( وهو مذموم) خبر لولا !!!
فبدلا من ان ينفوا الفعل المقرون باللام ( لنبذ) جعلوا النفى فى ( وهو مذموم)
فقالوا انه نبذ فى العراء وهو غير مذموم !!!
فجعلوا الامتناع فى (وهو مذموم) وليس فى ( نبذ) ، وهذا ليس له أى سند نحوى أو بلاغى
من ناحية اخرى
كلمة مذموم تعنى كما قال المفسرون :مليم (اى ملام او واقع عليه اللوم) ومذنب
فلو افترضنا صحة تفسيرهم ان الاية تعنى انه نبذ بالعراء وهو ليس مذموم (مليم) فهذا باطل ومخالف للآية "فالتقمه الحوت وهو مليم" الصافات 142
ودون ان يدروا جعلوا تلفيقهم هذا ينقض آيات اخرى ، فنجد يونس مليم كما فى الصافات ، وغير مليم طبقا لتلفيقهم !!
--------------------------------------------------------------------
وللرد عليهم:
الرد
يقول الله تعالى فى سورة الصافات: (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) الصافات 145
ويقول فى سورة القلم: (لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) القلم 49
وفى ذلك يتساءل غير العالمين باللغة: هل نُبِذَ بالعراء أم لم يُنبَذ؟
وعلى هذا السؤال يرد تفسير البغوي ج: 4 ص: 43 فيقول:
قيل: "لولا" هناك يرجع إلى الذم معناه لولا نعمة من ربه ، لنبذ بالعراء وهو مذموم ولكن تداركه النعمة فنبذ وهو غير مذموم
أى لولا رحمة الله وعفوه عنه ، لنبذ بالعراء وهو مذموم محمل بالخطايا ، وبعدم غفران الله له ، ولكن لأن نعمة الله تداركته فنبذ وهو سقيم ، رابحاً عفو الله ورضاه. لأن المقصود امتناع نبذه مذموما وليس النبذ نفسه.
ويدل على ذلك أيضاً ما استشهد به السائل نفسه من كتب المفسرين:
الجلالين
"لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ" لَوْلَا أَنْ أَدْرَكَهُ "نِعْمَة" رَحْمَة "مِنْ رَبّه لَنُبِذَ" مِنْ بَطْن الْحُوت "بِالْعَرَاءِ" بِالْأَرْضِ الْفَضَاء "وَهُوَ مَذْمُوم" لَكِنَّهُ رُحِمَ فَنُبِذَ غَيْر مَذْمُوم
القرطبى
أي لنبذ مذموما ولكنه نبذ سقيما غير مذموم. ومعنى "مذموم" في قول ابن عباس: مليم. قال بكر بن عبد الله: مذنب. وقيل: "مذموم" مبعد من كل , خير. والعراء: الأرض الواسعة الفضاء التي ليس فيها جبل ولا شجر يستر. وقيل: ولولا فضل الله عليه لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة , ثم نبذ بعراء القيامة مذموما. يدل عليه قوله تعالى: "فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون" [الصافات: 143-144].
وفى فتح القدير ج: 4 ص: 411 يقول:
"وقد استشكل بعض المفسرين الجمع بين ما وقع هنا من قوله فنبذناه بالعراء وقوله فى موضع آخر لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم فإن هذه الآية تدل على أنه لم ينبذ بالعراء وأجاب النحاس وغيره بأن الله سبحانه أخبرها هنا أنه نبذ بالعراء وهو غير مذموم ولولا رحمته عز وجل لنبذ بالعراء وهو مذموم
وفى فتح القدير ج: 5 ص: 277 يقول:
لولا أن تدراكه نعمة من ربه أي لولا أن تدارك صاحب الحوت نعمة من الله وهى توفيقه للتوبة فتاب الله عليه ، لنبذ بالعراء أي لألقى من بطن الحوت على وجه الأرض الخالية من النبات وهو مذموم أي يذم ويلام بالذنب الذي أذنبه ويطرد من الرحمة
تذكرة الأريب في تفسير الغريب ج: 1 ص: 235
"لنبذ" المعنى لولا نعمة رحمة الله بها، لنبذ مذموما مغموما لكنه نبذ غير مذموم
زاد المسير ج: 8 ص: 343
"لنبذ بالعراء وهو مذموم وقد بينا معنى العراء في الصافات 145 ومعنى الآية أنه نبذ غير مذموم لنعمة الله عليه بالتوبة والرحمة
وقال ابن جريج نبذ بالعراء وهي أرض المحشر فالمعنى أنه كان يبقى مكانه إلى يوم القيامة فاجتباه ربه أي استخلصه واصطفاه وخلصه مم الذم فجعله من الصالحين فرد عليه الوحي وشفعه في قومه ونفس
تفسير النسفي ج: 4 ص: 273
ولولا أن الله أنعم عليه بإجابة دعائه وقبول عذره لنبذ من بطن الحوت بالعراء بالفضاء وهو مذموم معاتب بزلته لكنه رحم فنبذ غير مذموم فاجتباه ربه اصطفاه لدعائه وعذره فجعله من الصالحين من المستكملين لصفات الصلاح ولم يبق له زلة وقيل من الانبياء وقيل من المرسلين والوجه هو الأول لانه كان مرسلا ونبيا قبله لقوله تعالى وان يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون
روح المعاني ج: 29 ص: 37
لولا أن تداركه نعمة من ربه وهو توفيقه للتوبة وقبولها منه .. .. .. لنبذ بالعراء بالأرض الخالية من الأشجار أي في الدنيا وقيل بعراء القيامة لقوله تعالى فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ولا يخفى بعده وهو مذموم في موضع الحال من مرفوع نبذ وعليها يعتمد جواب لولا لأن المقصود امتناع نبذه مذموما وإلا فقد حصل النبذ فدل على أن حاله كانت على خلاف الذم
وخلاصة القول قد تقدمت به وهو أنه نبذ وهو سقيم غير مذموم لأن رحمة الله قد تداركته
أبو بكر_3