جهل النصارى لنظرة الاسلام للرق و الاماء
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
أحببت بعون الله عز و جل ان أظهر جهل النصارى, الذين يفترون على الاسلام سواء كان ذلك جهلا منهم او افتراء, بقولهم أن الاسلام دين شهواني يبيح امتلاك الاماء و اللجوء اليهم و يبيح امتلاك الرق.و ذلك اخذا عن فضيلة الشيخ فيصل المولوي و علماء آخرين.
هل إبتدع الاسلام الرق؟
الإسلام دين الحرية، حين أشرق على هذه الدنيا، وجد فيها كثرة كاثرة من الأرقاء ذكورًا وإناثًا، فالإسلام لم يبتدع الرق، إنما وجده أمرًا عالميًا تقوم على أساسه أسس الحياة في أنحاء الأرض.
فقد جاء الإسلام وقد تفشى في المجتمع الرق، فعالج هذا الأمر من وجوه عدة، ووعد من يحرر الرقيق بثواب كبير من الله تعالى، وشرّع أسبابا كثيرة للحد من ظاهرة الرق، مثل الكفارات والأيمان وغيرها . كما حرم بيع الأحرار، سواء كانوا أبناء أم غير ذلك .
ما هي نظرة الاسلام للانسان؟
الإنسان مكرّم في الإسلام من حيث هو إنسان، قال تعالى:
{ولقد كرّمنا بني آدم ..} [سورة الإسراء، الآية 7] ومنحه الحرّية الكاملة في كلّ أعماله الاختيارية، وأهمّها: الإيمان أو الكفر. قال تعالى:
{وقل الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ..} [سورة الكهف، الآية 26] وطلب منه أن يكون عبداً لله وحده، قال تعالى:
{واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ..} [سورة النساء، الآية 36]. لذلك فاستعباد الإنسان لأخيه الإنسان لا يمكن أن يكون مقبولاً في الإسلام الذي لا يرضى أن يكون الإنسان عبداً إلاّ لخالقه عزّ وجلّ.
كيف يعالج الاسلام مسالة الرق إذا؟
عندما بُعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان الرقّ نظاماً معمولاً به في كلّ أنحاء الأرض، فتعامل معه كواقع، ولكنّه سعى إلى تخليص الناس منه بمجموعة كبيرة من الأحكام الشرعية:
1-جعل الحق عز و جل احد مصاريف الزكاة لعتق الرقيق. فقد شرع عقد المكاتبة بين العبد وسيّده، يشتري العبد نفسه من سيّده بمبلغ من المال، ثمّ ينصرف إلى العمل لتحصيل هذا المبلغ، ويساعده المسلمون من زكاة أموالهم - حتّى إذا دفع المبلغ نال حرّيته. ولم يكن هذا الأمر معروفاً في ذلك العصر.
2- شرع للمسلم الكفّارة بعتق رقبة (أي تحرير الرقيق)، وذلك إذا حلف يميناً وأراد أن ينكث به، وإذا ظاهر زوجته (أي قال لها: أنت عليّ كظهر أمّي، بمعنى أنّه لا يقربها ثمّ أراد أن يرجع عن قوله، فلا يجوز له ذلك إلاّ بعد أداء الكفّارة)، وإذا قتل مسلماً خطأً، وإذا أفطر يوماً من رمضان عمداً بالجماع فعليه الكفّارة أيضاً.
3-شجّع المسلم على عتق الرقيق كباب من أبواب الخير يحبّه الله عزّ وجلّ، وقد جعله سبباً لتجاوز عقبة النار يوم القيامة ودخول الجنّة، قال تعالى:
{فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فكّ رقبة ..} [سورة البلد، الآيات 11-12-13] فكّ رقبة: أي تحرير الرقيق.
4- فرض العقوبة على السيّد وهي وجوب تحرير عبده إذا ضربه ضرباً فاحشاً، أمّا إذا كان ضرباً غير فاحش فيُستحبّ له عتقه كما فعل أبو عبيدة عندما كان يضرب عبداً له، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الله أقدر عليك منك عليه) فأدرك أبو عبيدة خطأه وقال فوراً: يا رسول الله، هو حرّ لوجه الله. فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (أما لو لم تفعل للفحتك النار) رواه مسلم.
ماذا عن الاماء؟
5- من جملة ما اتخذه الاسلام من الوسائل للقضاء على الرق، أن أباح للسيد حرية الالتقاء بأمته، لأن هذا الالتقاء الجنسي سوف يترتب عليه في الغالب حمل، وبالتالي فهذه الأمَة التي حملت، لا يجوز التصرف فيها بالبيع ولا بالهبة ولا بأي لون من ألوان التصرف، وإن وضعت حملها فهي "أم ولد" أصبحت حرة بولدها.
كما أنه من المعلوم أن الرق إنما يأتي عن طريق استيلاد الإماء، بمعنى أن الأمة حين تنجب من عبد مثلها فإن ولدها يكون عبدًا وبنتها تكون أمة، والباب الثاني هو الحرب التي تقع بين المسلمين وغيرهم ويعلنها خليفة المسلمين وإمامهم، ويكون المقصد منها نشر الإسلام، ومن الواضح أنه لم يعد لواحد من الأمرين وجود في عصرنا الحاضر.
هذا و الله أعلم