على بركة الله نبدأ .. رب يسر وأعن ..
==================================================
الحمد لله وكفى .. وسلام على عباده الذين اصطفى .. ثم أما بعد ..
فيما يلى أسوق موضعـًا واحدًا ينكر القرآن فيه تأليه المسيح، ويتوعد عباد المسيح ويهددهم.
قال تعالى: { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) } النساء.
دلالة الآيتين على ما قررناه من وجوه:
1 - { لا تقولوا على الله إلا الحق }: وهذا دليل قاطع على أن عباد المسيح قالوا على الله الباطل. ومعلوم أن الذى نزل عليه القرآن ـ محمد صلى الله عليه وسلم ـ قد طالب كل النصارى بالدخول فى دينه، ولم يميز طائفة من بينهم، فلا يصح أن تدعى طائفة واحدة من النصارى أنها خارجة عن الخطاب القرآنى، لأن الذى نزل عليه القرآن هو أدرى الناس بمعانيه. فيلزم من ذلك وصف كل النصارى الذين لا يدخلون الإسلام بأنهم يقولون على الله الباطل. ولا يؤثر هنا إن كان القرآن مصيبـًا ـ وهو مصيب ـ فى حكمه على النصارى أم لا. لأنه ليس الغرض إثبات صواب القرآن، وإنما إثبات حكمه فى المسيح وعباده.
2 - { إنما }: أداة حصر. يحصر القرآن قدر المسيح فى أنه رسول الله وكلمته وروح منه. وهذا دليل على أن عباد المسيح اعتقدوا فى المسيح فوق ما قرره القرآن، وبما أنهم اعتقدوا أن المسيح هو الله المتجسد، فيكون القرآن قد قرر أن هذا الاعتقاد غلو فى المسيح، ورفعٌ له فوق قدره الذى حكم به عليه ربه.
3 - { رسول الله }: قال أبو السعود فى تفسيره: « والجملة مستأنفة، مسوقة لتعليل النهي عن القول الباطل، المستلزم للأمر بضده، أعني الحق. أي أنه مقصور على رتبة الرسالة لا يتخطاها ». فهذا دليل من القرآن على نفى الألوهية التى زعمها عباد المسيح له. لأن رسول الله ليس هو الله. ولو جاز ذلك، لجاز فى كل رسول غير المسيح؛ لأن حكم الشىء حكم نظيره، ومعلوم أن غير المسيح ليس هو الله، يوافق النصارى القرآن فى ذلك. فلما كانت هذه النتيجة القائلة بالجواز فاسدة، كانت المقدمة التى استلزمتها لها نفس حكمها فى الفساد والبطلان. فثبت أن رسول الله لا يمكن أن يكون هو الله. والمسيح رسول الله، فلا يمكن أن يكون هو الله. وهو المطلوب. فهذه حجة القرآن على فساد الألوهية التى زعمها عباد المسيح له.
ودليل آخر فى التعبير القرآنى. وذلك أن الرسول ليس أعظم من مُرسله، والله لا يفوقه أحد فى عظمته، فلما كان المسيح رسول الله، لزمه أن يكون أقل فى العظمة من مرسله، والله لا يفوقه أحد فى العظمة، ولو كان إلهـًا آخر. فثبت أن المسيح ليس هو الله، ولا يصلح لمقام الألوهية التى نسبت إليه.
ودليل ثالث. وذلك أن الرسول خادم لمن أرسله، مأمور منه، لم ينبعث من تلقاء نفسه، وإنما أرسله آخر، وهذا الآخر هو الذى يقرر الأمور ويأمر المأمور ويرسل الرسول، ولا يملك الرسول حق المخالفة أو الرفض، وقبول الرسول لأوامر مرسله هو إعلان منه بالرضا بأن يكون خادمـًا مأمورًا مطيعـًا لمن أرسله. فلما كان المسيح رسول الله، وقبل تلك الرسالة، لزمه أن يكون خادمـًا لله، مأمورًا منه، لا يملك من أمر نفسه شيئـًا، ولا يملك حق الرفض أو المخالفة. والإله الحق لا يكون خادمـًا ولا مأمورًا لغيره، ولو كان هذا الغير إلهـًا آخر، والإله الحق لا يمكن أن يوصف بأنه لا يملك من أمر نفسه شيئـًا، بل له الملك كله والأمر كله، ولا يستطيع أحد أن يأمره ويلزمه بطاعته. فلزم أن يكون المسيح غير صالح لمنصب الإله الحق، وهذا نقض صريح من القرآن لعباد المسيح الذين يؤلفون فى أمانتهم أن المسيح إله حق.
4 - { وكلمته ألقاها إلى مريم }: فالمسيح عليه السلام هو كلمة الله. وهذا دليل قاطع على نفى الألوهية التى زعمها عباد المسيح له. لأن القرآن بين السبب الذى لأجله سُمى المسيح { كلمة الله }، ونص على ذلك بصريح العبارة واللفظ، وكرره فى عدة مواضع منها:
- قوله تعالى: { قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) } آل عمران.
- قوله تعالى: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) } آل عمران.
- قوله تعالى: { ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) } مريم.
يقرر القرآن أن المسيح خُلق بالكلمة { كن }، وهذا نص صريح فى معنى { وكلمته } كرره القرآن فى عدة مواضع، منبهـًا على شأن المسيح وقدره. ومعلوم أن تفسير النص ـ أى نص ـ لألفاظه لا يعلوه أى تفسير أو شرح. وليس بعد تفسير القرآن للقرآن تفسير.
وخلق الله للمسيح بكلمة منه دليل على أن المسيح ليس هو الإله الحق. لأنه افتقر واحتاج فى وجوده وخلقه إلى غيره ليخلقه ويوجده، والإله الحق لا يحتاج ولا يفتقر. لأن الحاجة والفقر من صفات النقص، والإله الحق له صفات الكمال ولا يدخله النقص بحال، فثبت أن المسيح إله باطل، ليس هو (إله حق) كما يؤلف عباده.
ودليل آخر. وذلك أن المخلوق لما افتقر فى وجوده إلى غيره، لازمه ذلك الافتقار والحاجة حتى بعد وجوده. فتكون كل قوة أو قدرة له ليست من ذاته، بل من الذى أنعم عليه بنعمة الوجود أصلاً. والإله الحق قدراته وقواته من ذاته لم ينعم بها أحد عليه. فثبت أن المسيح إله باطل، عُبد باطلاً، لأنه مفتقر محتاج فى كل حال إلى ربه الذى أنعم عليه.
5 - { وروح منه }: فالمسيح عليه السلام روح من الله. وهذا نص من القرآن على بطلان ألوهية المسيح المزعومة. لأن القرآن فسر المراد من وصف المسيح بأنه روح من الله، ونص على ذلك صراحة فى عدة مواضع:
- { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) } مريم.
- { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (91) } الأنبياء.
- { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) } التحريم.
ــ قال الشوكانى فى (فتح القدير) عند تفسيره لآية النساء 171: « قوله { وروح منه } أي: أرسل جبريل، فنفخ في درع مريم، فحملت بإذن الله. وهذه الإضافة للتفضيل، وإن كان جميع الأرواح من خلقه تعالى ».
ــ وقال الشنقيطى فى تفسيره (أضواء البيان): « { وروح منه } ليست لفظة { من } في هذه الآية للتبعيض، كما يزعمه النصارى افتراءً على الله، ولكن { من } هنا لابتداء الغاية. يعني أن مبدأ ذلك الروح الذي وُلد به عيسى حيًا من الله تعالى؛ لأنه هو الذي أحياه به. ويدل على أن { من } هنا لابتداء الغاية: { وسخر لكم ما فى السماوات وما في الأرض جميعا منه } أي كائنا مبدأ ذلك كله منه جل وعلا ».
فتبين أن المسيح كان روحـًا من الله؛ لأن الله خلقه بواسطة الروح مباشرة دون واسطة الأب.
وهذا دليل قرآنى على بطلان ألوهيته. لأنه عليه السلام افتقر واحتاج إلى الله فى خلقه، الذى قدر له واسطة الروح الأمين جبريل. وحتى لو قلنا إنه سبحانه خلق روحه ابتداء بلا واسطة، فالدليل قائم على فقره واحتياجه، مستلزم لبطلان ألوهيته، لأن الإله الحق لا يحتاج أو يفتقر، بل يكون له الملك كله.
والمسيح الذى احتاج إلى الله فى إيجاده لا تكون قوته صادرة من نفسه، بل من نعم ربه عليه ودوره الشكر فقط، والإله الحق لا يحتاج إلى نعمة غيره عليه، بل هو يُنعِم ولا يُنعَم عليه. فثبت أن المسيح إله باطل فى حكم القرآن، وأن الحجة القرآنية دامغة لبطلان الذين عبدوا المسيح.
ــ { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ } يحصر القرآن بأداة الحصر { إنما } قدر المسيح فى أنه عبد مخلوق لله، محتاج فقير إلى الله فى إيجاده وشأنه كله، وغاية أمره وأمله أن يكون خادمـًا لله مأمورًا منه مطيعـًا له.
وهذا تقرير ـ بل تقريرات ـ صريحة من القرآن فى فساد تأليه المسيح. لأنه حصَر قدْر المسيح فى العبودية لا يتعداها، وأنكر على عبَّاده الغلوَ فيه والزيادة على ذلك. ومعلوم أن النصارى يزيدون على ذلك، ويقررون ألوهيته مع بشريته. وقد تبين إنكار القرآن لهذه الزيادة، وتبين بعض حججه الدامغة لهذا الباطل.
6 - { فآمنوا بالله ورسله }: تؤكد إبطال القرآن السابق لتأليه المسيح. قال الآلوسى فى تفسيره (روح المعانى): « { فآمنوا بالله } وخُصُّوه بالألوهية { ورسله } أجمعين ولا تخرجوا أحدًا منهم إلى ما يستحيل وصفه به من الألوهية ».
7 - { ولا تقولوا ثلاثة }: إنكار صريح من القرآن على عباد المسيح القائلين بالتثليث. وكل تثليث مزعوم يناله إنكار القرآن الصريح قطعـًا؛ لأن العبرة هنا بعموم اللفظ، فلو حكم القرآن بكفر شخص بعينه لأنه يعبد الأصنام، كان ذلك حكم القرآن فى كل شخص يشترك معه فى نفس العلة. فكذلك إنكار القرآن للتثليث هنا، هو إنكار لكل تثليث مزعوم فى حق الله تعالى.
كذلك فإن كل تثليث لعباد المسيح داخل فيه المسيح ولا بد، وقد سبق دحض القرآن لألوهية المسيح، وتبيينه لكون المسيح إلهًا باطلاً لا يستحق أن يُعبد و ليس هو الإله الحق. فيدخل على كل تثليث حوى المسيح ما أبطله القرآن من ألوهيته المزعومة.
8 - { انتهوا خيرًا لكم }: يتوعد القرآنُ النصارى عباد المسيح، ويقرر أن ما هم عليه لن تكون عاقبته خيرًا لهم. ومعلوم أن من توعد أحدًا وهدده لا يكون مقرًا له.
9 - { إنما الله إله واحد }: قال ابن تيمية: « وهذا تكذيب لقولهم في المسيح إنه إله حق من إله حق ».
10 - { سبحانه أن يكون له ولد }: قال الطبرى: « نزه جل ثناؤه نفسه وعظمها ورفعها عما قال فيه أعداؤه الكفرة به، فقال: { سبحانه أن يكون له ولد } يقول: علا الله وجل وعز وتعظم وتنزه عن أن يكون له ولد أو صاحبة ». والولد من جنس أبيه. وعباد المسيح يزعمون أن المسيح من طبيعة الله أبيه. فيدخلون قطعـًا فى إنكار القرآن، وتنزيه الله نفسه عن زعمهم وتأليفهم.
11 - { له ما فى السموات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلاً }: قال ابن كثير: « أي الجميع ملكه وخلقه، وجميع ما فيهما عبيده، وهم تحت تدبيره وتصريفه، وهو وكيل على كل شيء ». فهذا النكير بعد النكير من القرآن العظيم على عباد المسيح الذين ألهوه؛ لأنه ينبه إلى أن المسيح مخلوق داخل فى ملك الله الذى شمل السموات والأرض. فيكون المسيح مملوكـًا كغيره، والمملوك لا يستحق أن يكون إلهـًا، لأن الإله الحق يملك ولا يملكه أحد، لأنه يملك الملك كله.
12 - { لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله }: دليل بعد أدلة على أن المسيح إله باطل. لأن المسيح لو كان إلهـًا حقـًا لما كان عبدًا لأحد. ولا يصح زعم النصارى بأن تقرير القرآن لعبودية المسيح لا تنافى ألوهيته؛ لأن القرآن نفسه يبطل ألوهية المسيح المزعومة بأنه عبد، فدل ذلك على أن العبودية والألوهية لا تجتمعان فى حكم القرآن. كذلك، فإن الأقنوم لا يهين أقنومـًا مثله بهذا الأسلوب !
وما حكم به القرآن هو الحق، إذ يلزم من اجتماع العبودية والألوهية فى المسيح، أن يكون الله عَبَد نفسَه، وعبْدًا لها، على زعمهم بأن المسيح هو الله. فالأول تناقض. والثانى تخبط.
13 - { ولا الملائكة المقربون }: ترد على القساوسة الذين يتمحكون بالقرآن، فيزعمون أن تقريره لعبودية المسيح لا تنافى ألوهيته. لأنه لو جاز ذلك مع المسيح، لجاز نفس الاعتذار والتمحك لعباد الملائكة وغيرهم. ومعلوم فساد هذه النتيجة وبطلانها، فالجواز الذى أدى إليها باطل وفاسد قطعـًا.
15 - { ومَن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعـًا }: والأقنوم لا يخاطب أقنومـًا مثله بهذا الإذلال! .. فهذا دليل بعد أدلة على استبعاد القرآن لألوهية المسيح تمامـًا. بل هو فى حكمه لا يزيد عن عبد، غاية أمله أن يعبد الله، فإن لم يكن واستنكف عن هذا، فلينتظر عقابه من الذى يملك أمره وأمر العالمين !
==================================================
وبعد .. فهذه أوجه كثيرة، وكل وجه تضمن أدلة، على أن القرآن يبطل ألوهية المسيح التى زعمها عباده، وأنه يثبت أن المسيح ليس الإله الحق ولا يصلح أن يكون.
فإذا ثبت هذا، علمنا كذب زكريا بطرس لما قال: « المسيح هو كلمة الله المتجسد بشهادة الإسلام ».
كذب على القرآن فادعى شهادته بذلك. وتأكد كذبه لما ذهب يثبت أن المسيح هو كلمة الله. وهذا لا يحتاج إلى إثبات أصلاً لأنه ظاهر القرآن. لكنه يوهم القارئ بأنه استطاع إثبات شىء على الإسلام، وهو من جنس ما يحب الزميل برعى تسميته (الانتصار الوهمى) ! .. هذه واحدة. والثانية أنه لم ينقل عن أهل التفسير ما يشرح معنى أن المسيح كلمة من الله، بالرغم من نقله عنها فى غير ذلك، فثبت بأنه ينقل بالهوى، ويضلل قارئه ويكذب عليه.
ثم كذب أخرى على علماء الإسلام فادعى شهادتهم على كذبه. ولم يزد من أقوال (علماء الإسلام ! ) عن قول الصوفى المارق محيى الدين ابن عربى والمعتزلة والحائطية ! .. ومعلوم أنه لا يخاطب أتباع ابن عربى ولا المعتزلة ولا الحائطية !
وإذا ما الجبان خلا بأرض .. .. .. .. طلب الطعن وحده والنزالا
فائدة: حاول زكريا فى تمحكه بالقرآن الاستشهاد بآية النساء 171، مقتطعًا منها كأمانته المعتادة فى النقل! وموهمـًا القارئ بأنها تشهد لكذبه. وقد بينا بحمد الله أنها عليه لا له، فتدحض باطله، وتفضح كذبه. فهكذا صنيع القرآن بكل من حاول التمحك به. يرد عليهم ويفضح كذبهم من نفس الموضع الذى تمحكوا به. وما ذاك إلا لعظم كلام الله تعالى، فلا يتمحك به باطل إلا كان فى نفس ما يتمحك به ما يفضح كذبه ويكشف عواره.
وصلى الله على ابن مريم ومحمد وجميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليمـًا كثيرًا.