بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم على الموضوع ولي تعقيب فأقول:
أولاً:
بداية حفظ الله علماء وشيوخ ودعاة الأمة وجميع المسلمين ومع أنني لا أعرف من هو الشيخ المتكلم لكنني أقول جزاه الله خيراً بحرصه على نشر الخير ، والله تعالى أمرنا أن نقدر أهل العلم وننزلهم المنزلة التي يستحقونها وأعلى الله قدرهم فقال: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (المجادلة:11) وكل منا يؤخذ منه ويرد عليه إلا المؤيد بالوحي من السماء صلى الله عليه وسلم كما قال الإمامُ مالك رحمه الله "ما منا أحد إلا ردَّ عليه إلا ردَّ عليه إلا صاحب هذا القبر " وكان يشير لقبر النبي صلى الله عليه وسلم. والرسول صلى الله عليه وسلم قال : إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد رواه البخاري ( 6919 ) ومسلم ( 1716 ) من حديث أبي هريرة .
ثانياً:
وأرى أن الشيخ اجتهد بدعوة الناس بشكل عام لكتابة القرآن بخط اليد ولكنه أخطأ ويجب ألا ندعوا الناس لما ذكره لأسباب كثيرة منها :
1-
أن جمهور العلماء على عدم جواز كتابة القرآن الكريم كاملاً بغير الخط العثماني ، فهل الناس تكتبه بالخط العثماني ؟ وأجاز جمهور العلماء كتابة بعض الآيات لغرض الإستشهاد بها وكتابتها في الكتب ومواقع الإنترنت ونحوه ولكن لا يجوز مطلقاً كتابة القرآن كاملاً إلا بالخط العثماني.كما هو موجود في بعض البرامج على أجهزة الهاتف المحمول فلا يجوز أبداً إلا
بالرسم العثماني.
وأهل العلم مجمعون على ألا يتولى كتابته وطباعة القرآن إلا من هم أهل لهذا من حيث قواعد اللغة ووضوح الكتابة وما يتعلق بعلوم القرآن.فهل هذا متوفر بدعوة الناس على العموم لكتابته كاملاً بخط أيديهم؟
2-
فيما يلي نقل لأقوال أهل العلم متضمنة لقرار المجمع الفقهي في مكة المكرمة حول هذا الأمر وما عليه العمل وسيتبين الحرص على الكتابة السليمة للقرآن وألا يتولى أي كان كتابته كملاً لما قد يكون فيه من الخلط والخطأ الكبير.
عنوان الفتوى: هل يجوز كتابة آيات القرآن بحروف مقطعة ؟ وهل الرسم العثماني ملزم؟
رقم الفتوى : 97741
السؤال:
هل تعتبر كتابة الآيات بهذه الطريقة تحريفا للقرآن " إن اللـ هـ لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بـ أنفسهـــ م " فقد شاعت هذه الطريقة في المنتديات الحديثة ؟
الفتوى:
الحمد لله
كتابة الآيات القرآنية على وفق القواعد الإملائية الحديثة ، وعلى غير الرسم العثماني له وجهان :
الأول : أن يكون ذلك بكتابة القرآن كله في مصحف .
والثاني : أن تكتب بعض الآيات في الكتب ، والمنتديات ، والمقالات .
وإذا أمكن التساهل في الأمر الثاني ، وسمحنا بكتابة الآية والآيتين في كتب العلم ، حسب قواعد الإملاء الحديثة ، فإن الأمر الأول وهو كتابة المصحف كله لا يسمح بها ، ولا يُتهاون فيها ، وذلك لقطع الطريق على العابثين الذين يمكن أن يجمعوا القرآن على هيئات مختلفة من الكتابة – غير الرسم العثماني – فيطول الزمان على الناس فيرون خلافاً بين نسخ المصاحف في العالم .
ومن هنا جاء قرار المجمع الفقهي في مكة المكرمة مؤيداً لما وصل إليه قرار كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من منع كتابة المصاحف بغير الرسم العثماني .
ونص قرار المجمع الفقهي :
" .... فإن " مجلس المجمع الفقهي الإسلامي " قد أطلع على خطاب الشيخ هاشم وهبة عبد العال من جدة الذي ذكر فيه موضوع " تغيير رسم المصحف العثماني إلى الرسم الإملائي " ، وبعد مناقشة هذه الموضوع من قبل المجلس ، واستعراض قرار " هيئة كبار العلماء " بالرياض رقم ( 71 ) ، وتاريخ 21 / 10 / 1399هـ ، الصادر في هذا الشأن ، وما جاء فيه من ذكر الأسباب المقتضية بقاء كتابة المصحف بالرسم العثماني وهي :
1. ثبت أن كتابة المصحف بالرسم العثماني كانت في عهد عثمان رضي الله عنه ، وأنه أمر كتبة المصحف أن يكتبوه على رسم معين ، ووافقه الصحابة ، وتابعهم التابعون ، ومن بعدهم إلى عصرنا هذا ، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) ، فالمحافظة على كتابة المصحف بهذا الرسم : هو المتعين ؛ اقتداء بعثمان ، وعلي ، وسائر الصحابة ، وعملاً بإجماعهم .
2. أن العدول عن الرسم العثماني إلى الرسم الإملائي الموجود حاليّاً بقصد تسهيل القراءة : يفضي إلى تغيير آخر إذا تغير الاصطلاح في الكتابة ؛ لأن الرسم الإملائي نوع من الاصطلاح ، قابل للتغير باصطلاح آخر ، وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن ، بتبديل بعض الحروف ، أو زيادتها ، أو نقصها ، فيقع الاختلاف بين المصاحف على مر السنين ، ويجد أعداء الإسلام مجالاً للطعن في القرآن الكريم ، وقد جاء الإسلام بسد ذرائع الشر ومنع أسباب الفتن .
3. ما يخشى من أنه إذا لم يلتزم الرسم العثماني في كتابة القرآن أن يصير كتاب الله ألعوبة بأيدي الناس ، كلما عنت لإنسان فكرة في كتابته اقترح تطبيقها ، فيقترح بعضهم كتابته باللاتينية ، أو غيرها ، وفي هذا ما فيه من الخطر ، ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح وبعد اطلاع " مجلس المجمع الفقهي الإسلامي " على ذلك كله قرر بالإجماع تأييد ما جاء في قرار " مجلس هيئة كبار العلماء " في المملكة العربية السعودية من عدم جواز تغيير رسم المصحف العثماني ، ووجوب بقاء رسم المصحف العثماني على ما هو عليه ، ليكون حجة خالدة على عدم تسرب أي تغيير ، أو تحريف في النص القرآني ، واتباعاً لما كان عليه الصحابة وأئمة السلف رضوان الله عليهم أجمعين .
أما الحاجة إلى تعليم القرآن وتسهيل قراءته على الناشئة التي اعتادت الرسم الإملائي الدارج : فإنها تتحقق عن طريق تلقين المعلمين ، إذ لا يستغني تعليم القرآن في جميع الأحوال عن معلم ، فهو يتولى تعليم الناشئين قراءة الكلمات التي يختلف رسمها في قواعد الإملاء الدارجة ، ولا سيما إذا لوحظ أن تلك الكلمات عددها قليل ، وتكرار ورودها في القرآن كثير ككلمة ( الصلوة ) و ( السموات ) ، ونحوهما ، فمتى تعلَّم الناشئ الكلمة بالرسم العثماني : سهل عليه قراءتها كلما تكررت في المصحف ، كما يجري مثل ذلك تماماً في رسم كلمة ( هذا ) و ( ذلك ) في قواعد الإملاء الدارجة أيضاً .
رئيس مجلس المجمع الفقهي : الشيخ عبد العزيز بن باز .
نائب الرئيس : د . عبد الله عمر نصيف .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 34 ، 35 ) .
وعليه نقول :
لا وجه لإجازة كتابة الآيات بالطريقة الواردة في السؤال لسببين :
الأول : أنه لا يوجد قول بإباحة كتابة القرآن بأي كيفية ، والوارد في كلام أهل العلم : الرسم العثماني ، والرسم الإملائي ، وليست هذه الطريقة من أي منهما .
والثاني : أن في هذه الطريقة مشابهة لكتابات السحرة ، حيث يكتبون الآيات بتقطيع حروفها ، وتبديل أماكنها .
لذا فلا نرى جواز كتابة الآيات القرآنية بطريقة تقطيع الحروف ، ونرى الاكتفاء بالرسم العثماني لكتابة مصحف كامل ، أو على الطريقة الحديثة بحسب قواعد الإملاء إذا أردت كتابة آيات في كتاب أو مقال . وإن كان الأفضل – في هذه الحال أيضاً – أن تنسخ من المصحف برسمه العثماني .
والله أعلم
المصدر : موقع الإسلام سؤال وجواب – والذي يشرف عليه فضيلة الشيخ محمد المنجد حفظه الله
http://www.islam-qa.com/ar/ref/97741
ثالثاً:
ثم إن المسلم يجب عليه أن يحرص في تعلم أمور دينه على أن يسلك الطريق السليم الذي يعود بالنفع عليه وعلى أمته وكتابة القرآن من أولى الإهتمامات التي يجب العناية بها ولكن بما أنه قام بها مجموعة من أهل الإسلام المؤهلين لهذا وعنوا به أشد العناية وأصبح ولله الحمد مطبوعاً بأجود طباعة فلا ينبغي أن ندعو الناس لكتابة القرآن كاملاً لما يكون فيه خطر كبير ولأنه ولله الحمد يوجد عناية بالغة بطباعته بأجود الطبعات فبالإضافة لخطورة الأمر هل أمر الإسلام أن يقضي المسلم حياته في كتابة القرآن هكذا وعلى التعميم لكل الناس ؟؟ ينهي كتابته ثم يعود ويكتبه؟ فنقول أنه لا يجوز له هذا على التعميم ويجب أن يكون أهلاً له وأن يكتبه بالخط العثماني وأن يحرص على العناية بطباعة القرآن بأفضل الإمكانيات المتوفرة وهو كذلك مخطأ في طريق طلب العلم فأين التفقه في الدين وتدبر الآيات وقراءة التفاسير والأحاديث وكتب العقيدة والفقه وباقي علوم الشريعة؟
فيجب على المسلم أن يشغل نفسه بالأولى والصحيح فبما أن الأمة الآن ليست بحاجة لمن يكتبه بخط اليد ويوجد ما هو أفضل من هذه الطريقة وأدق فالأولى ألا يتم العدول لما هو دونها،والصحيح أن يسعى للتفقه في دينه بطريق صحيح سليم لأنه بغير هذا ليس تفقهاً وهذا وكيف وجمهور العلم على عدم جواز كتابته كاملاً إلا بالخط العثماني ولمن هو أهل لهذا ؟ فيتم استغلال الوقت بالشكل الصحيح الموافق لشرع الله وقراءة القرآن وتدبره ودراسة السنة والسيرة وباقي علوم الشريعة.
والله تعالى يقول حاكياً عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ* وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ [النمل:91-92].
وقال الله تعالى: فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل:20].
وقال سبحانه: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24:محمد)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف. رواه الترمذي والطبراني وغيرهما.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه.
فالخلاصة هي الحرص على ما هو أولى وصحيح في ضوء ما رزقك الله من علم فإن يسر الله لك طريقاً لطباعة القرآن والمشاركة فيه وكنت أهلاً له فهو خير وأجر عظيم إن أخلصت النية لله فيجب أن ندعوا إلى الله على بصيرة والبصيرة تقتضي أن تتم كتابة القرآن بما يحقق العناية الصحيحة به والله تعالى يقول: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108:يوسف).
رابعاً:
في النهاية نقول بارك الله فيكم إن لم تسمعوا الشيخ قال هذا وكان الموضوع منقولاً فعليكم التأكد وإن كان فعلاً أن هذا ما قاله الشيخ فعلى من يعرفه ويمكن له التواصل معه أن ينصحه ويُذكّره بهذا ويراجع فيه ويتم استيضاحه منه.
والله أعلم.