-
الحمد لله وكفى .. وسلام على عباده الذين اصطفى .. ثم أما بعد ..
كتاب " قذائف الحق " للشيخ محمد الغزالى رحمه الله . ولا تواجد للكتاب على الإنترنت ، ولا تكاد تجده مطبوعاً فى أى بلد ، خاصة فى مصر المحروسة !
أشرع بمشيئة الله فى نسخه على حلقات متتابعة فى منتدانا المبارك ، لينتفع به المسلمون إن شاء الله .
والغزالى ـ رحمه الله ـ له أياد بيضاء فى الذب عن حياض هذا الدين .. وكل يؤخذ من كلامه ويرد ، إلا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
والطبعة التى أنقل منها من منشورات المكتبة العصرية ـ صيدا ـ بيروت .. وهى تقع فى ( 224 ) صفحة ، منهم صفحتان للفهرس .. والصفحة مقاس ( 17 × 24 ) .
وفى آخر الكتاب قبل الفهرس ، كلمة لأحمد زكى حماد نصها : " انتهى شيخنا ـ أيده الله ـ من تحرير " قذائف الحق " فى رحلته الرمضانية إلى " المغرب " عام 1393 هـ ، وكان الفراغ من تصحيحه فى غرة ذى الحجة من نفس العام ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين " . اهـ
أسأل الله أن يعيننا على إتمام ما بدأنا ، دون تغير فى النية ، ولا وهن فى العزيمة .
-
فهرس الكتاب
الباب الأول ( 13 )
ـ العقل أولاً .. ثم ننظر فيما يقال
ـ هل يترك المسلمون القرآن لهذه الأقوال عن الله ؟
ـ الله يتعب ويجهل ويندم ويأكل ويصارع
ـ العهد القديم وافتراءاته على المرسلين بعد افتراءاته على ربهم
ـ نوح السكير وأسرته ، لوط الزانى ، إبراهيم الديوث ، يعقوب المحتال
ـ هدف اليهود من تزوير التوراة
ـ لماذا نرتد عن ديننا ؟ وماذا نختار بدله ، أنستبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير
الباب الثانى ( 33 )
ـ تحرك ضد عقيدة التوحيد يتعرض له أبناؤنا
ـ حول صلب عيسى
ـ المنشورات وما تضمنت من أوهام
ـ الإسلام أقوى بكثير من هذه التفاهات
ـ قصة " الله محبة " وموقف شتى الأناجيل منها
ـ تجليات العذراء ، الرمح المقدس ، الحقيقة العلمية المطارة
الباب الثالث ( 55 )
ـ ماذا يريدون ؟
ـ تقرير رهيب
ـ الحقائق تتكلم
ـ نحن نريد الحفاظ على وحدة مصر الوطنية
الباب الرابع ( 67 )
ـ الإسلام وجماعة الإخوان
ـ تقرير يفضح النيات المبيتة للإسلام
ـ صور من الهجوم على الإسلام ذاته ـ تحقير الماضى ـ تزوير التاريخ
ـ القومية العربية ومعناها
ـ فتح المجال على مصراعيه لضرب الإسلام
ـ العدالة العربية
ـ صفحات من مذكرات معتقل
الباب الخامس ( 89 ) .. شبهات من كل مكان
ـ غلطة فلكية !
ـ الكسوف والخسوف
ـ غلطة جغرافية !
ـ الشهاب الراصد
ـ خزان المياه
ـ فهم عجيب
ـ حد السرقة
ـ نبى مرعب
ـ كذب على رسول الله ( عليه الصلاة والسلام )
ـ نماذج لتحريف الكلم
ـ المداد القرآنى
ـ حديث الذباب
ـ أساطير العهد القديم
الباب السادس ( 111 )
ـ الدعوة الإسلامية وسياسة بعض الحكام
ـ الذئب الأغبر
ـ أندونيسيا المسلمة
ـ سماسرة الفاتيكان
ـ الإسلام فى كوريا
ـ قبرص
ـ العقيد الناصرى
الباب السابع ( 133 )
ـ مع التيار الشيوعى والإلحادى
ـ لابد للإسلام من خطة إيجابية يواجه الغزو الثقافى بها
الباب الثامن ( 167 )
ـ لا دين حيث لا حرية
ـ يا للرجال بلا دين
ـ مشهورون ومجهولون
ـ التنادى بالجهاد المقدس
ـ دين زاحف رغم كل العوائق
ـ قال الإنسان وقال الحيوان
ـ حول خرافة تحديد النسل
ـ محنة الضمير الدينى هناك
ـ هذه المقررات لا نريد أن تنسى
ـ أسئلة وأجوبة
-
BARAK ALLAH FEEK MY FEAR BROTHER.
THIS BOOK IS VERY VERY VALUABLE AND IMPORTANT BOOK, I HAVE BEEN LOOKING FOR IT FOR ALMOST 7 YEARS NOW AND I COULD NOT FIND IT I WISH U WILL POST IT VERY SOON, I'M EAGER TO READ IT AND KEEP A COPY I WISH EVERY MUSLIM WILL READ IT AND E MAIL IT TO AS MANY MUSLIMS AS HE/SHE CAN
MAY ALLAH BLESS U AND YOUR GREAT WORK AND MAY ALLAH BLESS THOSE WHO SPREAD KNOWLEDGE AND MAY ALLAH HAVE MERCY ON OUR SHAIKH ( SCHOLAR) SHEIKH MUHAMMAD ALGHAZALI
AMEEN
-
<div align="center">الباب الأول</div>
ـ العقل أولاً .. ثم ننظر فيما يقال
ـ هل يترك المسلمون القرآن لهذه الأقوال عن الله ؟
ـ الله يتعب ويجهل ويندم ويأكل ويصارع
ـ العهد القديم وافتراءاته على المرسلين بعد افتراءاته على ربهم
ـ نوح السكير وأسرته ، لوط الزانى ، إبراهيم الديوث ، يعقوب المحتال
ـ هدف اليهود من تزوير التوراة
ـ لماذا نرتد عن ديننا ؟ وماذا نختار بدله ، أنستبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير ؟
-
<div align="center">الباب الأول </div>
شعرت بحاجة إلى أن أمسح عيونى وأنظم رموشها ، ثم نظرت إلى أصابعى بعد ذلك فوجدت بينها بضعة أهداب عالقة ، نفختها فطارت إلى حيث لا أدرى .
وما لبثت أن تساءلت : أين وقعت ؟ وكان الجواب : على الأرض حيث تفنى ..
ولكن المعانى تداعت : وما يدريك أنها ستأخذ دورة أخرى فى الحياة فتكون سماداً لحبوب متراصة فى سنبلة قمح أو كوز ذرة ؟
ولم تقف عند ذلك : لعلها تعود إلى كيان آخر لإنسان مثلى !
ترى ماذا ستكون فى هذا الكيان الجديد ؟!
.. رموشاً تظلل العين كما كانت عندى ، أو عنصراً آخر فى عظمة وفحمة ؟
وزادت المعانى تداعياً : من الذى يشرف عليها فى هذه الرحلة ؟
إنه ليس إشراف علم ورقابة . إنه إشراف كينونة وتغيير وتنقيل من أعلى لأدنى أو من أدنى لأعلى ..
وزادت المعانى تداعياً : إن هذه الملاحقة الماسة لا تعنينى وحدى .. إننا ـ أبناء آدم ـ نبلغ قرابة أربعة آلاف مليون على ظهر هذه الكرة الطائرة ، والخلاق العليم وراء كل قطرة دم تتدفق فى العروق ، ومن وراء كل ثمرة تنبت فى الجلود والرءوس والجفون ، من وراء كل زفير أو شهيق تعلو به الصدور وتهبط .. !!
ذاك فى كياننا المادى ، أما فى كياننا المعنوى فقد تصورت هذا الإشراف الأعلى على هواجس الفكر فى الأدمغة ، أدمغة الخلق فى كل قارة ، فى كل شبر معمور ، وعلى كل تيارات الحس المختلفة من حزن وسرور ، من يأس أو رجاء ، من نشاط أو استرخاء ..
عجباً ! أهو إشراف رقابة من بعيد ؟ كلا ، إنه إشراف ملابس متغلغل من واهب الحياة ومسير الأحياء فى البر والبحر .
وزادت المعانى تداعياً : لكن هذه الأرض ليست حكراً لنا وحدنا . إن أصنافاً أخرى من الخلائق تعيش فوقها زاحفة أو طائرة لها أرزاقها ومساربها ، ومستقرها ومستودعها ، ويقظتها ومنامها .
.. والعناية المحيطة تمد أجنحتها لتشمل ما نرى وما لا نرى من ذلك كله ، ثم ما عالم الجماد فى هذه الكرة المعلقة الطائرة فى جو السماء ؟
إن أغلب سطحها ماء مشحون بعوالم أخرى ! ومن تحت الماء وحوله يابسة تختفى فى قشرتها معادن خسيسة وكريمة .. !!
ترى بالضبط أين البترول الذى ينقبون عنه ولا يهتدون إليه ؟ وأين الذهب الذى تهيج له أعصاب ، وتتحلب له أفواه ؟ إن الله وحده هو الذى يدرى ..
وتحت القشرة الباردة وما ضمت من رطب ويابس توجد نار مستعرة ، وباطن ملتهب ، ما هذا كله ؟
وعدت إلى نفسى وأنا فى هذه الجولة الفكرية لأتساءل : ثم ما نحن فى هذا العالم الكبير ؟
وسمعت الإجابة على هذا السؤال من رائد الفضاء الأمريكى الذى يقول :
" .. عندما وقع علي الاختيار لبرنامج الفضاء ، كان بين أوائل الأشياء التى أعطيت لى كتيب صغير يحوى الكثير من المعلومات عن الفضاء ، وكان بين محتوياته فقرتان تنطقان بضخامة الكون أثرتا في تأثيراً بالغاً ..
" ولكى ندرك هاتين الفقرتين يجب أن نعرف أولاً ما هى السنة الضوئية : إن الضوء يسير بسرعة تبلغ 300 ألف كيلو متر فى الثانية ـ أى ما يعادل الدوران حول الأرض حوالى سبع مرات فى الثانية ـ فإذا أطلقت هذا الشعاع من الضوء وجعلته يستمر لمدة عام فإن المسافة التى يقطعها ـ وتبلغ حوالى 9.5 مليون مليون كيلو تر ـ هى السنة الضوئية ! ..
" وإنى أقتبس هنا ما ورد فى الكتيب عن حجم الكون الذى نعيش فيه : ( عندما نذكر أن المجرة التى تضم كوكبنا يبلغ قطرها حوالى 100 ألف سنة ضوئية نشعر بدهشة ، ولما كانت الشمس نجماً لا يعتد به يقع على مسافة حوالى 30 ألف سنة ضوئية من مركز المجرة ، ويدور فى مدار خاص به كل 200 مليون سنة أثناء دوران المجرة فإننا ندرك مدى صعوبة القياس الهائل للكون الواقع وراء المجموعة الشمسية ، بل إن الفضاء الذى يقع بين النجوم فى مجرتنا ليس نهاية هذا الكون ، فوراءه ملايين من المجرات الأخرى تندفع جميعاً فيما يبدو متباعدة عن بعضها البعض بسرعات خيالية ، وتمتد حدود الكون المرئى بالمجهر مسافة 2000 مليون سنة ضوئية على الأقل فى كل اتجاه ) ..
" إن هذا الوصف يظهر مدى ضخامة الكون الذى نعيش فيه ..
" ولنعد الآن إلى ما نعرفه عن تكوين الذرة وهى أصغر جسم حتى الآن فنجد أن هناك تشابهاً كبيراً بين الذرة ومجموعتنا الشمسية فى الكون ..
" ذلك أن هذه الذرات لها الكترونات تدور حول النواة بصورة منتظمة كدوران الأسرة الشمسية حول أمها الشمس ..
" والآن ماذا أريد أن أقول ؟ أريد التحدث عن نظام الكون بأسره من حولنا ..
" من أصغر تكوين ذرى إلى أضخم شىء يمكن تصوره .. مجرات تبعد ملايين السنين الضوئية ، كلها يسير فى مدارات مرسومة محددة تضبط علاقة كل منها بالأخرى . فهل يمكن أن يكون ذلك كله قد حدث اتفاقاً ؟ ..
" أكانت مصادفة أن حزمة من نفايات الغازات الطافية بدأت فجأة فى صنع هذه المدارات وفقاً لاتفاقها الخاص ؟ ..
" إننى لا أستطيع تصديق ذلك .. بل إن ذلك مستحيل ، والمؤكد أن ذلك تم وفق خطة مرسومة محددة .. وهذا واحد من الأشياء الكثيرة فى الفضاء التى تبين لى أن هناك إلهاً ، وأن قوة ما قد وضعت كل هذه الأشياء فى مدارات وأبقتها هناك تؤدى وظيفتها العتيدة ..
" ولنقارن السرعة فى مشروعنا ( عطارد ) مع بعض هذه الأشياء التى نتحدث عنها : ..
" إننا نظن أحياناً أن المشروع على ما يرام ، فقد بلغنا سرعة تصل إلى حوالى 29 ألف كيلو متر فى الساعة فى الدوران حول الأرض ـ أى حوالى 8 كيلو مترات فى الثانية ـ وهى سرعة كبيرة حقاً بالنسبة لمقاييسنا الأرضية ، كما أنها سرعة مرتفعة إلى حد مناسب ونحن على ارتفاع يزيد قليلاً على 160 كيلو متر ..
" أما بالنسبة لما يجرى فعلاً فى الفضاء فإن مجهوداتنا هذه تعد ضئيلة جداً " ا.هـ .
وصدق رائد الفضاء فى كلمته تلك ، فإن ما يصل إليه الإنسان بجهده وفكره شىء محدود القيمة بالنسبة إلى ما يقع فى العالم حوله ، وأذكر أننى تجولت فى مصانع السكر ، ورأيت الأنابيب الطافحة بالعصير ، والأفران المليئة بالوقود ، والآلات التى تغطى مساحة شاسعة من الأرض ، لقد قلبت البصر هنا وهنالك ثم قلت : سبحان الله ! إن بطن نحلة صغيرة يؤدى هذه الوظيفة .. وظيفة صنع السكر دون كل تلك الأجهزة الدوارة والضجيج العالى !
وخيل إليّ أن المخترعات البشرية لا تعدو أن تكون إشارة ذكية إلى ما يتم فى الكون بالفعل من عجائب دون وسائط معقدة وأدوات كثيرة .
ولو أن البشر أرادوا بناء مصنع للف الحبات النضيدة فى سنبلة قمح بالقشرة التى تحفظ لبابها لاحتاج الأمر إلى حجرة كبيرة تحت كل عود !
لكن ذلك يحدث فى الطبيعة فى صمت وتواضع !
والمقارنة التى عقدناها هنا تجاوزنا فيها كثيراً ، فإن الإنسان المخترع هو بعض ما صنع الخلاق ، والمواهب الخصبة فيه بعض ما أفاء الله عليه ..
وكأنما أراد الله الجليل أن يعرف ذاته وعظمته للإنسان الذى أنشأه ، فهداه إلى بعض المخترعات ؛ ليدرك مما بذل فيها كيف أن الكون مشحون بما يشهد للخالق بالاقتدار والمجد .
.. إن ميلاد برتقالة على شجرة أروع من ميلاد " سيارة " من مصنع سيارات يحتل ميلاً مربعاً من سطح الأرض . ولكن الناس ألفوا أن ينظروا ببرود أو غباء إلى البدائع لأنها من صنع الله ، ولو باشروا هم أنفسهم ذرة من ذلك ما انقطع لهم ادعاء ولا ضجيج ..
إننى عرفت الله بالنظر الواعى إلى نفسى وإلى ما يحيط بى ، وخامرنى شعور بجلاله وعلوه وأنا أتابع سننه فى الحياة والأحياء .
وبدا لى أن أستمع إلى ربى فى الوحى الذى أنزله .. إذ لا بد أن يكون هذا الوحى حديثاً ناضجاً بما ينبغى له من إعزاز وحمد !
كان أقرب وحى إلى هو القرآن الكريم لأننى مسلم ، فلما تلوته وجدت التطابق مبيناً بين عظمة الله فى قوله ، وعظمته فى عمله .
سمعته يقول :
" الله خالق كل شىء ، وهو على كل شىء وكيل ، له مقاليد السموات والأرض .. " ( الزمر : 62 ، 63 )
" الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تفيض الأرحام وما تزداد ، وكل شىء عنده بمقدار ، عالم الغيب والشهادة ، الكبير المتعال .. " ( الرعد : 8 ، 9 )
" الله الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً " ( غافر : 61 )
" الله الذى جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم " ( غافر : 64 )
" بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ، وخلق كل شىء وهو بكل شىء عليم ، ذلك الله ربكم ، لا إله إلا هو خالق كل شىء وهو على كل شىء وكيل ، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، وهو اللطيف الخبير " ( الأنعام : 101 ، 102 )
وآيات أخرى كثيرة كثيرة ، كلها شواهد على أن ما وقر فى نفسى عن الله بطريق العقل قد أيده النقل تأييداً مطلقاً ، وجعلنى أستريح إلى الإسلام فكراً وضميراً .
ومع ذلك فإن حب الاستطلاع دفعنى إلى أن أطالع ما بأيدى الآخرين من كتب منسوبة إلى السماء ، وقلت : ربما أضافت جديداً إلى ما عندى .
.. ومددت يدى إلى " الكتاب المقدس " وشرعت أقرأ بدء الخلق ، وقصة الحياة كما رواها العهد القديم .
ولست أحب التجنى والإثارة ، إننى سوف أذكر ما لدى من مقررات عقلية أيدتها النقول الإسلامية ، ثم أضع بين يدى الناس وجهة نظر " العهد القديم " فى هذه القضايا ، مكتفياً بنقل نصوص معروفة لدى أصحابها ، ويستطيع كل امرىء أن يقرأها فى مظانها .
هل يمكن أن يتعب الله ، وأن يأخذه الإعياء بعد عمل ما ؟
القرآن الكريم يجب على هذا السؤال : " أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى ؟ بلى إنه على كل شىء قدير " ( الأحقاف : 33 )
ومن البدائه أن يكون الخلاق الكبير فوق الإجهاد ، وذهاب القوة : " وسع كرسيه السموات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلى العظيم " ( البقرة : 255 ) .
ولذلك يقول مثبتاً هذه الحقيقة : " ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب " ( ق : 38 )
لكن العهد القديم يذهب غير المذهب ، ويصف الله فيقول :
" وفرغ الله فى اليوم السادس من عمله فاستراح فى اليوم السابع من جميع عمله الذى عمل ، وبارك الله السابع وقدسه ، لأنه فيه استراح من جميع عمله الذى عمل الله خالقاً " ( سفر التكوين : الاصحاح الثانى )
ودعك من الركاكة التى صيغت بها هذه العبارات ، فقد يكون المترجم هابط الأسلوب فى التعبير عن معنى ما ، لكنك لا تستطيع أن تفهم معنى آخر من هذا الكلام ، إلا أن الله " استراح " من جميع أعماله فى اليوم السابع ، هذه الأعمال التى أداها بوصفه خالقاً .
واليهود يحرمون العمل يوم السبت ، ويقدسونه ، وجاء فى التوراة أن موسى أمر بأن يقتل رجماً أحد الحطابين الذين أبوا إلا الكدح فى هذا اليوم !
كيف جرى الحديث عن الله بهذه الكلمات ؟ لعلها غلطة ناقل ، لكن الحديث عن عجز الله تبعه حديث آخر عن جهله !!
واسمع إلى وصف العهد القديم لآدم وزوجه بعدما أكلا من الشجرة :
" وسمعا صوت الرب الإله ماشياً فى الجنة عند هبوب ريح النهار ، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله فى وسط شجر الجنة ، فنادى الرب الإله آدم وقال له : أين أنت ؟ فقال : سمعت صوتك فى الجنة فخشيت لأنى عريان فاختبأت . فقال : من أعلمك أنك عريان ، هل أكلت من الشجرة التى أوصيتك أن لا تأكل منها ؟ .. " ( سفر التكوين : الاصحاح الثالث )
ما هذا ؟ كان الإله يتمشى فى الجنة خالى البال مما حدث ، ثم تكشفت له الأمور شيئاً فشيئاً ، فعرف أن آدم خالف عهده ، وأكل من الشجرة المحرمة !
تصوير ساذج يبدو فيه رب العالمين وكأنه فلاح وقع فى حقله ما لم ينتظر !
ما أبعد الشقة بين هذا التصوير وبين وصف الله لنفسه فى القرآن العظيم : " ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " ( ق : 16 ) " وما تكون فى شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه " ( يونس : 61 )
وقد أعقب هذا " الجهل الإلهى " قلق غريب ، فإن الله يبدو وكأن ملكه مهدد بهذا التمرد الآدمى .
لقد أكل آدم من الشجرة ـ شجرة المعرفة ـ وارتفع بهذا العصيان إلى مصاف الآلهة فقد أدرك الخير والشر ، وكان الرب عندما خلقه حريصاً على بقائه جاهلاً بهما .
ومن يدرى ربما ازداد تمرده وأكل من شجرة الخلد وظفر بالخلود ، إنه عندئذ سوف ينازع الله حقه ، إذن فليطرد قبل استفحال أمره .
جاء فى العهد القديم :
" وقال الرب الإله : هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر ، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً ، ويأكل ويحيا إلى الأبد ، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التى أخذ منها ، وطرد الإنسان وأقام شرقى جنة عدن الكروييم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة " ( التكوين : الاصحاح الثالث )
لكن سيرة آدم وأبنائه على ظهر الأرض لم تكن مرضية لله . إن منهجه فى الحياة ضل بالآثام والمتاعب ، ولم يكن الله حين خلقه يعرف أنه سيكون شريراً إلى هذا الحد ، لقد فوجئ بما وقع ، ومن أجل ذلك حزن الرب وتأسف فى قلبه أن خلق آدم وأبناء آدم .. قال العهد القديم :
" فحزن الرب أنه عمل الإنسان ، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم ، فحزن الرب أنه عمل الإنسان الذى خلقته ، .. الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء ، لأنى حزنت أنى عملتهم .. " ( التكوين : الاصحاح السادس )
الحق أننى أدهش كل الدهشة للطفولة الغريرة التى تضح من هذا الحديث الخرافى عن الله جل جلاله .
إن الإله فى هذه السياقات الصبيانية كائن قاصر .. متقلب .. ضعيف .
وما أشك فى أن مؤلف هذه السطور كان سجين تصورات وثنية عن حقيقة الألوهية وما ينبغى لها ..
وأول ما نستبعده حين نقرأ هذه العبارات أن تكون وحياً ، أو شبه وحى ..
ومع ذلك فإن اليهود والنصارى يقدسون ذلك الكلام ، ويقول أحد القساوسة : " الكتاب المقدس ـ يعنى العهدين معاً ـ هو صوت الجالس على العرش ، كل سفر من أسفاره أو اصحاح من اصحاحاته أو آية من آياته هو حديث نطق به الكائن الأعلى ! " .
والمرء لا يسعه إلا أن يستغرق فى الضحك وهو يسمع هذا الكلام ! إنه إله أبله هذا الذى ينزل وحياً يصف فيه نفسه بالجهل والضعف والطيش والندم .
ونحن المسلمون نعتقد أن الكتاب النازل على موسى برىء من هذا اللغو ، أما التوراة الحالية فهى تأليف بشرى سيطرت عليه أمور ثلاثة :
الأول : وصف الله بما لا ينبغى أن يوصف به ، وإسقاط صورة ذهنية معتلة على ذاته " سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً " .
الثانى : إبراز بنى إسرائيل وكأنهم محور العالم ، وأكسير الحياة ، وغاية الوجود .. فهم الشعب المختار للسيادة والقيادة لا يجوز أن ينازعوا فى ذلك .
الثالث : تحقير الأمم الأخرى ، وإرخاص حقوقها ، وإلحاق أشنع الأوصاف بها وبأنبيائها وقادتها .
وقد تتخلل هذه الأمور بقايا من الوحى الصادق ، والتوجيهات المبرأة ، بيد أن الأسفار الشائعة الآن تغلب عليها الصبغة التى لاحظناها .
وها نحن أولاء نسوق الأدلة على ما قلنا مكتفين بالشواهد من سفر التكوين وحده ، لأن الانتقال إلى غيره يطيل حبل الحديث .
فى هذا السفر أعلن الله ندمه على إغراق الأرض بالطوفان .
وقال لنوح : لن أرتكب هذه الفعلة مرة أخرى ! وسأضع علامة تذكرنى بذلك حتى لا أعاود إهلاك الحياة والأحياء ، وهاك النص :
" وكلم الله نوحاً وبينه معه قائلاً : .. أقيم ميثاقى معكم فلا ينقرض كل ذى جسد أيضاً بمياه الطوفان ، ولا يكون أيضاً طوفان ليخرب الأرض ، وقال الله : هذه علامة الميثاق الذى أنا واضعه بينى وبينكم وبين كل ذوات الأنفس الحية التى معكم إلى أجيال الدهر ، وضعت قوسى فى السحاب فتتكون علامة ميثاق بينى وبين الأرض ، فيكون متى أنشر سحاباً على الأرض وتظهر القوس فى السحاب .. فمتى كان القوس فى السحاب أبصرها لأذكر ميثاقاً أبدياً بين الله وبين كل نفس حية فى كل جسد على الأرض .. " ( الاصحاح التاسع من سفر التكوين )
هذا هو التفسير لقوس قزح ، وتحلل اللون الأبيض إلى عناصره المعروفة بألوان الطيف ، كما شرح ذلك علماء الطبيعة .. قوس قزح هى قوس الله يبرزها فى الأفق إشارة إلى العهد الذى أخذه على نفسه كى لا يغرق الأرض مرة أخرى ، إنه يرى هذه القوس فيتذكر ، حتى لا يتورط فى طوفان آخر !!
ورأيى أن الطوفان القديم كان عقوبة لقوم نوح وحدهم ، وأنه ليس غرقاً استوعب سكان القارات الخمس . فما ذنب هؤلاء المساكين ونوح رسالته محلية لا عالمية ، اللهم إلا إذا كان المعمور يومئذ من هذا الكوكب ديار نوح وحسب .
وأياً ما كان الأمر ، فإن وصف الله بالضيق لما ارتكب من إغراق الأرض ، وتعهده ألا يفعل ذلك ، أمر يليق بالخلق لا بالخالق .. بالناس لا برب الناس .
على أن هذه القصة أيسر من دعوة الله إلى ضيافة نبيه إبراهيم ، لقد قدم الله فى شكل رجل مع اثنين من ملائكته ، وأقام لهم إبراهيم وليمة دسمة ، فأكلوا منها جميعاً !!
وكان إبراهيم حريصاً على إحراز هذا الشرف ، شرف أن يأكل الله فى بيته ، فلما لبى الله الدعوة أسرع الرجل الكريم فى إعداد مائدة مناسبة ! وهاك القصة كما رواها سفر التكوين :
" وظهر له الرب .. ونظر وإذا ثلاثة رجال .. وقال : يا سيد ( يقصد الله ) إن كنت قد وجدت نعمة فى عينيك فلا تتجاوز عبدك .. فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى سارة وقال : اعجنى واصنعى خبز ملة ، ثم ركض إبراهيم إلى البقر وأخذ عجلاً رخصاً وحيداً وأعطاه للغلام فأسرع ليعمله ثم أخذ زبداً ولبناً والعجل الذى عمله ووضعها قدامهم وإذا كان هو واقفاً لديهم تحت الشجرة أكلوا ، وقالوا له : .. ويكون لسارة امرأتك ابن .. فضحكت سارة فى باطنها قائلة : بعد فنائى يكون لى تنعم وسيدى قد شاخ ! فقال الرب لإبراهيم : لماذا ضحكت سارة .. ؟ هل يستحيل على الرب شىء ؟ " ( الاصحاح الثامن عشر من سفر التكوين )
ونتجاوز هذه المائدة الدسمة التى أكل منها الرب وملائكته ، لنقف بإزاء قصة أخرى من أغرب وأفجر ما اختلق الروائيون !!
القصة الجديدة تحكى مصارعة بين " الله " وعبده " يعقوب " !
.. وهذه المصارعة دامت ليلاً طويلاً ، وكاد يعقوب يفوز فيها لولا أن الطرف الآخر فى المصارعة ـ وهو الله !! ـ لجأ إلى حيلة غير رياضية هزم بعدها يعقوب !
ومع ذلك فإن يعقوب تشبث بالله وأبى أن يطلقه حتى نال منها لقب " إسرائيل " !!
ومنحه الله هذا " اللقب الفخرى " ثم تركه ليصعد إلى العرش ويدير أمر السماء والأرض ، بعد تلك المصارعة الرهيبة !!
أى سخف هذا ، وأى هزل ؟؟
أى عقل مريض أوحى بهذا القصص السفيه ؟؟
ولكن اليهود يريدون أن يرفعوا مكانة جدهم الأعلى ، ولا عليهم أن يختلقوا ما يستغربه الخيال ، وهاك القصة بأحرفها من سفر التكوين :
" فبقى يعقوب وحده وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر ، ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب فى مصارعته معه ، وقال : أطلقنى ! .. فقال : لا أطلقك إن لم تباركنى ! فقال له : ما اسمك ؟ فقال : يعقوب ، فقال : لا يدعى اسمك فى ما بعد يعقوب بل إسرائيل .. وسأل يعقوب وقال : أخبرنى باسمك فقال : لماذا تسأل عن اسمى ؟ وباركه هناك . فدعا يعقوب اسم المكان " فينيئل " قائلاً : لأنى نظرت الله وجهاً لوجه ونجيت نفسى .. لذلك لا يأكل بنو إسرائيل " عرق النسا " الذى على حق الفخذ إلى هذا اليوم لأنه ( الله ) ضرب حق فخذ يعقوب على عرق النساء !! " ( سفر التكوين الاصحاح : 32 )
.. نعم تخليداً لذكرى هذه المصارعة نشأ حكم فقهى بتحريم العمل يوم الراحة الإلهية .
وكم يفخر اليهود إذ كان أبوهم بهذه المثابة من القوة التى عاجزت الإله ، وكادت توقع به الهزيمة !!
وهنا ننتقل إلى " الأمر الثانى " فى بناء التوراة وهو :
إفراد بنى إسرائيل بالنسب العريق ، والعلاقة الفذة على حساب غيرهم من الأمم .
.. اليهود يكرهون العرب كما يكرهون غيرهم من الأجناس الأخرى فيجب أن تعتمد هذه الكراهية على أساس دينى يصبح العرب بعده ملعونين فى الأرض والسماء ..
فكيف يتوصلون إلى هذا الغرض ؟
إنهم يثبتون قصة طريقة يزعمون فيها أن نوحاً نبى الله والمدافع الأول عن دينه والناجى بأهله من الطوفان الطام العام ، هذا النبى سكر من كثرة ما أفرط فى شرب الخمر ، ثم استلقى على الأرض كاشفاً سوأته ، وأن أحد أبنائه رآه كذلك فضحك منه وشهر به .
فلما أفاق نوح من سكرته ، وعلم بما وقع ، لم يخجل من نفسه وتبذله ، بل استنزل لعنة الله على من سخر منه ، وهاك النص :
" وشرب ( يعنى نوح ) من الخمر فسكر وتعرى فى خبائه ، فأبصر " حام " أبو كنعان عورة أبيه ، وأخبر أخويه خارجاً ، فأخذ " سام " و " يافث " الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء ، وسترا عورة أبيهما ، فلما استيقظ " نوح " من خمره علم ما فعل ابنه الصغير ، فقال : ملعون " كنعان " ، عبد العبيد يكون لإخوته ، وقال : مبارك الرب إله " سام " ، وليكن كنعان عبداً لهم ، ليفتح الله ليافث فيسكن فى مساكن سام وليكن " كنعان " عبداً لهم .. " ( تكوين : اصحاح 9 )
يقول " عصام الدين ناصف " : ومعنى ما تقدم أن الإسرائيليين الساميين يريدون أن يتخذوا الكنعانيين عبيداً لهم ، وقد كان العدل والمنطق يقتضيان ذلك النبى الجليل ألا يصب تلك اللعنة الحامية على حفيده البرىء " كنعان " بل يصبها على ابنه الخاطئ " حام " ، وأنى له ذلك والكنعانيون هم المقصودون بأعيانهم لأنهم أصحاب فلسطين التى لبث الإسرائيليون دهوراً يحلمون بها ويتوقون إلى غشيان مروجها الزاهرة وجنى زروعها الناضرة " .
أى أن مؤلف التوراة مهتم بتزكية بنى إسرائيل على حساب تجريح غيرهم ، ومن ثم استنزل اللعنة على كنعان ، حتى تبقى الشعوب المنسوبة إليه فى منزلة زرية .
ولا بأس من اختلاق سبب لهذه اللعنة تذهب فيه كرامة نبى ومكانته .
إذن ليشرب نوح الخمر حتى يفقد وعيه ويكشف عورته .
ثم ليدع على حفيده بما دعا به ، والحفيد المسكين لا جريرة له .
المهم أن الكنعانيين أصبحوا جنساً ملعوناً لأن دعوة " السكران " مستجابة !!
وكما رأى كاتب التوراة أن يُسكر نوحاً ليصل إلى هذه النتيجة ، رأى أن يُسكر لوطاً ليصل إلى نتيجة مشابهة .
إن تلويث الأنبياء شىء سهل على من هونوا الألوهية نفسها ، ولكن مزور العهد القديم هنا بلغ من الإسفاف دركاً سحيقاً ، فهو لم يكتف بأن جعل لوطاً سكيراً بل جعله عاهراً .
وبمن يزنى ؟ بابنتيه : إحداهما بعد الأخرى ، فى ليلتين حمراوين ، وهاك النص :
" .. فسكن ( يعنى لوط ) فى المغارة هو وابنتاه ، وقالت البكر للصغيرة : أبونا قد شاخ ، وليس على الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض ! هلم نسقى أبانا خمراً ونضطجع معه ، فنحيى من أبينا نسلاً !! فسقتا أباهما خمراً فى تلك الليلة ، ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها ، وحدث فى الغد أن البكر قالت للصغيرة : إنى قد اضطجعت مع أبى ، نسقيه خمراً الليلة أيضاً فادخلى اضطجعى معه ، وقامت الصغيرة واضطجعت معه ، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها ، فحبلت ابنتا لوط من أبيهما ، فولدت البكر ابناً ، ودعت اسمه " موآب " وهو أبو الموآبيين إلى اليوم " ( تكوين : اصحاح 19 )
يقول عصام الدين حفنى ناصف : " وهذا هو مربط الفرس ! لقد عرف شعبا موآب وبنى عمون بصلابة الرأس وصعوبة المراس ..
" وما انفكا منذ القدم ينصبان لحرب بنى إسرائيل ويدحرانهم وينزلان بهم أكبر الخسائر ..
" فوجب على كتاب التوارة أن " يتلقحوا " عليهما [ أى يرمون الناس بالباطل ] ويطلقوا ألسنتهم فى أعراضهما ويلصقوا بهما أقبح المثالب " ..
وفى سبيل ذلك لا حرج على اليهود أن يسيئوا إلى نبى كريم ، وأن ينسبوا إليه وإلى ابنتيه ما يتورع عن الحشعاشون والرعاع .
المهم عندهم أن يجرحوا أعداءهم ، وأن يسقطوا أنسابهم ، وأن يعتمدوا فى ذلك على وحى سماوى معصوم ، لا يجرؤ على تكذيبه أحد !!
" وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ، ويقولون هو من عند الله ، وما هو من عند الله ، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون " ( آل عمران : 78 )
يقول عصام الدين حفنى ناصف : " وصفوة القول أن كتاب التوراة لم يدونوا هذه القصص المسلسلة اعتباطاً ، بل إنهم ابتدعوها ورتبوها ليصلوا بها إلى غاية لهم وضعوها نصب أعينهم ، هى أن الله خلق الكون من أجل الأرض ، وخلق الأرض من أجل بنى آدم ، وأنه أباد بنى آدم وقطع دابرهم ما عدا نوحاً وبنى نوح ، واستبقى هؤلاء ليختار من بينهم ساماً ثم يختار من حفدته إسرائيل وبنى إسرائيل " .
ولقد آمن بنو إسرائيل بهذه الخزعبلات ، وانتفخت أوداجهم غروراً وتبجحاً فتوهموا أنهم شعب مقدس .
جاء فى سفر التثنية هذا النص : " لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك ، إياك قد اختار الرب إلهك ، لتكون له شعباً أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض " ( تثنية : 7 : 6 )
وهذا الاعتداد القوى بالجنس والشعب هون عند اليهود كثيراً من القيم والفضائل ، فإن طمأنينتهم إلى شرف الأرومة ، ونبل الجرثومة جعلهم لا يبالون شيئاً عندما يقولون أو يفعلون ، فهم ـ على أية حال ـ " الأسباط " أولاد الأنبياء ، وجلية الدنيا !!
ولا بأس عندهم من اقتراف الدنايا ، أو افترائها ما دام ذلك يحقق ما يشتهون ، والغية تبرر الوسيلة .
ولقد نظرت إلى قصصهم عن زيارة إبراهيم الخليل لمصر فرأيتهم بسهولة يصفون الرجل الكبير بأنه ديوث ! وفى سبيل حرصه على الحياة والمنافع الدنيئة يقدم امرأته إلى من يملكون النفع والضر ..
والتحقت زوجة إبراهيم ببيت فرعون الذى أهداه فى نظير ذلك بعض الغنم والحمير !!
قبحكم الله " إن إبراهيم كان أمة " ( النحل : 120 ) كان إنساناً يساوى الألوف من الرجال ، وفى سبيل الله حارب الوثنية ، وحطم الأصنام ، وتعرض لنيران الجحيم ، وربى جيلاً من الموحدين الحراص على مرضاة الله .
فهل هذا الرجل هو الذى يغرى امرأته بالذهاب إلى بيت فرعون من أجل الظفر بزريبة غاصة بالغنم والحمير ؟ لكن كاتب التوراة لم ير فى ذلك حرجاً ، وهاك النص :
" .. وحدث لما قرب ـ أى ابرام ـ إلى مصر أنه قال لساراى امرأته : إنى قد علمت أنك امرأة حسنة المنظر ، فيكون إذا رآك المصروين أنهم يقولون : هذه امرأته ، فيقتلوننى ويستبقونك ، قولى إنك أختى ليكون لى خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك . فحدث لما دخل أبرام إلى مصر أن المصريين رأوا المرأة أنها حسنة جداً ، ورآها رؤساء فرعون ، ومدحوها لدى فرعون ، فأخذت المرأة إلى بيت فرعون ، فصنع إلى ابرام خيراً بسببها ، وصار له غنم ، وبقر وحمير وعبيد وإماء وأتن وجمال ، فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة .. فدعا فرعون ابرام وقال : ما هذا الذى صنعت بى ، لماذا لم تخبرنى أنها امرأتك ؟ خذها واذهب " ( تكوين : 21 )
ولنتجاوز هذه القصة الهابطة إلى قصة أخرى عن يعقوب نفسه الأب المباشر لليهود ، والذى أخذ لقب إسرائيل بعد معركة حامية مع الله نفسه ظلت ليلاً طويلاً ، والذى سمى اليهود دولتهم القائمة على أنقاض العرب باسمه .
إن هذا النبى عندنا نحن المسلمين إنسان جليل نبيل ، شارك أباه فى الدعوة إلى الله ، ونبذ الوثنية ، ورفع علم التوحيد وإقامة الملة السمحة " ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " .
لكنه عند اليهود شخص محتال ، سرق النبوة من أخيه البكر بطريقة منحطة .
ويظهر أن الفكر اليهودى يحسب النبوة ميراثاً دنيوياً يمكن الاستيلاء عليه بالشطارة والمهارة ، وليست هبة عليا يمنحها رب العالمين من يصطفيهم من أهل الطهارة والنضارة .
وكان اليهود يخصون الابن البكر بالتركة كلها مادية كانت أو أدبية ، وعلى هذا كان " عيسو " الابن الأكبر لإسحاق هو الذى سيرث اللقب والمال ـ مثلما كان يحكم القانون الإنجليزى ـ ولكن أم يعقوب تفاهمت مع ولدها على غير هذا ، وانتهزت أن " عيسو " خرج ليحضر الطعام إلى أبيه المكفوف ثم نفذت خطتها ، وهاك التفاصيل كما حكاها سفر " التكوين " .. تفاصيل سرقة نبوة !! :
" .. وكانت رفقة سامعة إذ تكلم إسحاق مع عيسو إبنه ، فذهب عيسو إلى البرية كى يصطاد صيداً ليأتى به ، وأما رفقة فكلمت يعقوب ابنها قائلة إنى قد سمعت أباك يكلم عيسو أخاك قائلاً : ائتنى بصيد واصنع لى أطعمة لآكل وأباركك أمام الرب قبل وفاتى ، فالآن يا ابنى اسمع لقولى فيما أنا آمرك به : اذهب إلى الغنم وخذ لى من هناك جديين جيدين من المعزى فاصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب ، فتحضرها إلى أبيك ليأكل حتى يباركك قبل وفاته ، فقال يعقوب لرفقة أمه : هو ذا عيسو أخى رجل أشعر وأنا رجل أملس ، ربما يجسنى أبى فأكون فى عينيه كمتهاون وأجلب على نفسى لعنة لا بركة فقالت له أمه : .. اسمع لقولى فقط .. وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التى كانت عندها فى البيت ، وألبست يعقوب ابنها الأصغر ، وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جديى المعزى .. فدخل إلى أبيه وقال : يا أبى فقال : ها أنذا ، من أنت يا بنى ؟ فقال يعقوب لأبيه : أنا عيسو بكرك ، قد فعلت كما كلمتنى ، قم اجلس وكل من صيدى لكى تباركنى نفسك .. فقال إسحق ليعقوب : تقدم لأجسك يا بنى .. أأنت هو ابنى عيسو أم لا .. فجسه وقال : الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو .. فباركه .. وقال : .. فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض .. لتستعبد لك شعوب وتسجد لك قبائل . كن سيداً لإخوتك ، وليسجد لك بنو أمك ، ليكن لاعنوك ملعونين ومباركوك مباركين " ( تكوين : 27 )
وهكذا تمت سرقة رسالة سماوية .
.. أنا أفهم أن تختطف الطائرات فى الجو ، وأن تغتصب المناصب فى الأرض ، أما أن يفرض شخص نفسه على الله ، ويعتبر نفسه نبياً ، ويحول رسالة سماوية إليه بطريق التدليس والنصب ، فهذا هو العجب العجاب ، ولكنه منطق مؤلفى العهد القديم .
ويظهر أن شريعة الاحتيال أخذت امتدادها فى التصرفات التى نسبها العهد القديم إلى يعقوب وأبنائه .
وأمامى الآن قصة زنا وقعت لابنة " يعقوب " !
وما أكثر قصص الزنا التى تقع فى بيوت الأنبياء ، كما يفترى هؤلاء الأفاكون .
والقصة لفتاة اسمها " دينة " بنت يعقوب عليه السلام ! من إحدى زوجاته ، أعجب بها ابن رئيس المدينة المجاورة واتصل بها ، ثم رأى أن يجعل هذه العلاقة مشروعة ، فلاطف الفتاة وقرر الزواج بها وكلم أباه كى يمضى فى إجراءات العقد ..
وذهب رئيس القبيلة يعرض على يعقوب مصاهرته . وتظاهرت الأسرة بقبول المصاهرة ، وكانت شروط الصلح مقبولة ، وطلب أبناء يعقوب من أصهارهم الجدد أن يختتنوا حتى يتم الزواج ، وتتسع دائرة العلاقات بين بنى إسرائيل وأهل المدينة جميعاً .
وفى اليوم الثالث لإجراء الختان بين ذكور المدينة أغار أولاد يعقوب عليها وهى آمنة ، فقتلوا الذكور كلهم وسبوا كل الأطفال والنساء ونهبوا ما وجدوه من ثروات .
ولم يذكر سفر التكوين أن يعقوب علق بشىء على هذه المأساة ، بل يشتم من السياق أن المؤامرة تمت بموافقته .
وهكذا يفعل الأنبياء !!
إن مبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) لم يؤخذ من الساسة " الزمانيين " .. إن مصدره من هنا ، وإليك النص :
" وخرجت دينة ابنة ليئة التى ولدتها ليعقوب .. فرآها شكيم ابن حمور الحوى رئيس الأرض وأخذها واضطجع معها وأذلها ، وتعلقت نفسه بدينة ابنة يعقوب ، وأحب الفتاة ، ولاطف الفتاة ، فكلم شكيم حمور أباه قائلاً خذ لى هذه الصبية زوجة ، وسمع يعقوب أنه نجس دينة ابنته .. فسكت حتى جاءوا ( أى أبناؤه ) [ ثم بعد أن عرض عليهم حمور مصاهرتهم ] .. فأجاب بنو يعقوب شكيم وحمور أباه بمكر .. ، فقالوا لهما : لا نستطيع أن نفعل هذا الأمر : أن نعطى أختنا لرجل أغلف .. إن صرتم مثلنا بختنكم كل ذكر نعطيكم بناتنا ونأخذ لنا بناتكم .. واختتن كل ذكر .. فحدث فى اليوم الثالث إذ كانوا متوجعين ( أى بسبب الختن ) أن ابنى يعقوب : شمعون ولادى أخوى دينة أخذا كل واحد سيفه وأتيا على المدينة بأمن وقتلا كل ذكر وقتلا حمور وشكيم بحد السيف .. ونهبوا المدينة ، وسبوا ونهبوا كل ثروتهم وكل أطفالهم ونساءهم وكل ما فى البيوت .. " ( تكوين : 34 )
أين شرف المعاملة فى هذه الروايات المليئة بالفسق وسفك الدم ؟
ولنا أن نسأل :
ـ كيف ضاع عرض ابنة نبى على هذا النحو الغامض ؟
ـ وإذا كان غلام أثيم قد اغتصبها كرهاً فلم لم يعاقب وحده ؟
ـ وإذا كان يعقوب وبنوه قد قبلوا إصلاح الخطأ بإتمام الزواج فلماذا أغاروا على المدينة ، واستباحوها وأزهقوا أرواح الأبرياء ، واسترقوا الأطفال والنساء ؟
ـ هل هذه سيرة أنبياء وأولاد أنبياء ؟ أم سيرة قطاع طرق ؟
لكن مؤلف التوراة وقر فى نفسه أن اليهود شعب مختار ، فصور الألوهية والنبوة وعلاقة اليهود بالناس أجمعين على الصورة التى أبرزنا لك ملامحها ، لم نستعن فى توضيحها إلا بالنصوص الواردة فى الكتاب المقدس !!
أكرهت نفسى على قراءة سفر التكوين بأناة ، ثم تملكنى الضجر وأنا أقرأ الأسفار الأُخَر فاكتفيت بنظرات عابرة .
إن جمهرة الفلاسفة والعلماء المؤمنين بالله يرفضون كل الرفض أن يوصف بالانحصار والجهالة والتسرع ، كما يرفضون كل الرفض أن يسىء اختياره لسفرائه إلى خلقه فلا يقع إلا على السكارى والمنحرفين .
بل إن عرب الجاهلية المشركين كانت نظرتهم إلى خالق الكون أرقى وأرحب .
وما أوخذوا به أنهم تزلفوا إليه بآلهة أرضية لا أصل لها يحسبون أنه أكبر أو أنهم أقل من أن يتصلوا به اتصالاً مباشراً .
أما وصف الله أو الحديث عنه بالعبارات المدونة فى العهد القديم فهو خبال فى الفكر يتنزه المولى الجليل عنه ..
بيد أن النصارى قبلوا هذه الأسفار على علاتها وجعلوها شطر الكتاب المقدس !
لماذا ؟ .. لأنها تخدم قضيتين تقوم عليهما النصرانية الشائعة :
الأولى : قضية تجسد الإله ، وإمكان أن يتحول رب العالمين إلى شخص يأكل ويصارع ويجهل ويندم .. الخ .
الثانية : قضية أن البشر جميعاً أرباب خطايا وأصحاب مفاسد وأنهم محتاجون لمن " ينتحر " من أجلهم كى تغفر خطاياهم .
وقد رفض الإسلام كلتا القضيتين ، وتنزل القرآن الكريم مفيضاً الحديث عن تنزيه الله وسعته وقدرته وحكمته وعلمه ، كما أفاض الحديث عن الناس ومسئوليتهم الشخصية عما يقترفون من خير أو شر .
وذكر القرآن الكريم أن لله عباداً تعجز الأبالسة عن غوايتهم ، وأنهم من نقاوة الصدر وشرف السيرة ورفعة المستوى بحيث يقدمون من أنفسهم نماذج للإيمان والصلاح والتقوى ، تتأسى بها الجماهير .
" إن عبادى ليس لك عليهم سلطان . وكفى بربك وكيلاً " ( الإسراء : 65 )
فإن لم يكن نوح ولوط وإبراهيم ويعقوب من هؤلاء النبلاء الكرام فمن هم إذن الصالحون الفضلاء ؟
وإذا كان أنبياء الله سكارى وزناة ومحتالين فلماذا يلام رواد السجون وأصحاب الشرور ؟؟
ولا عذر للنصارى فى تصديق هذا اللغو ، بل لا عذر لهم فى ادعاء أن الله ولد أو أن له ولداً ، إلى آخر ما يهرفون به ..
أحياناً فى هدأة الليل أرمق النجوم الثاقبة وأبعادها السحيقة ، ثم أتساءل : أليس بارئ هذا الملكوت أوسع منه وأكبر ؟ فكيف يحتويه بطن امرأة ؟
وأحياناً أرمق الأمواج ذوات الهدير وهى تضرب الشاطىء وتعود دون ملل أو كلل . إن أربعة أخماس الأرض مياه ، ويبرق فى رأسى خاطر عابر ، هل رب هذا البحر العظيم كان جنيناً فرضيعاً .. فبشراً قتيلاً ؟
وأهز رأسى مستنكراً وأنا أتلو هذه الآيات :
" قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ؟ سيقولون لله ، قل أفلا تذكرون "
" قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم ؟ سيقولون لله ، قل أفلا تتقون "
" قل من بيده ملكوت كل شىء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ؟ سيقولون لله ، قل فأنى تسحرون " ( المؤمنون : 84 ـ 89 )
" ما اتخذ الله من ولد ، وما كان معه من إله " ( المؤمنون : 91 )
" رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد رسولاً " ..
* * * * * *
.. فى هذا القرن المشئوم سقطت الخلافة الإسلامية ، ونكست راية الإسلام ، واختفت من الصعيد العالمى كل علاقة تشير إلى وجود سياسى لهذا الدين الحنيف ..
نعم كانت هناك أمم إسلامية كبيرة تنتشر على رقع واسعة من الأرض . لكن هذه الأمة لاذت بقومياتها الخاصة ، ولبست أزياء مدنية مائعة ، وأغلبها استبعد الدين من الحياة العامة ، وأماته تربية وقانوناً ومسلكاً وشعاراً .
وربما سمح له بوجود فى بعض العبادات الفردية ، لكن هذا الوجود مؤقت بطبيعته إلى أن تجرف تيارات الحياة الجديدة مخلفات الماضى البعيد ..
وفى الوقت نفسه ، كانت تعاليم العهد القديم ـ التى سقنا لك مثلاً منها ـ تصنع أمة جديدة .
كان اليهود يتجمعون فى فلسطين ليقيموا مملكة " يهوه " على الأرض وفق مراسمهم الموروثة ..
وكانت الصليبية الحقود تعينها بما تملك من قوة ، احتضنتنها أملاً مستبعداً ، وما زالت ترعاها حتى جعلتها حقيقة قائمة ..
وهكذا أفلحت القوى الشريرة فى ضرب الحق ، وتغيير معالم الدنيا ، وقيل فى كل مكان : بدأت نهاية الإسلام تقترب ! يوشك أن يوارى فى الثرى !
شاهت الوجوه ! هم يحسبونها النهاية ونحن سنجعلها بداية الصعود كرة أخرى .
.. إن حقائق القرآن لن تتلاشى ، والأساطير التى كذبت على الله وعلى الناس لن تخلد ..
.. إن الصراط المستقيم لن تطمس شاراته أو تضيع آياته ، وعلى مسلمى الحاضر والقادم أن يواجهوا قدرهم ويؤدوا واجبهم ..
الأعداء كثيرون ، والعوائق صعبة ، والكفاح طويل ، وربما صاح المرء وهو يودع محنة ويستقبل أخرى : أما لهاذ الليل من آخر ؟
إن الفجر سيطلع حتماً ، ولأن يطوينا الليل مكافحين أشرف من أن يطوينا راقدين .
" من خاف أدلج ، ومن أدلج نجا ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة " ( البخارى وغيره )
-
<div align="center">الباب الثانى</div>
ـ تحرك ضد عقيدة التوحيد يتعرض له أبناؤنا
ـ حول صلب عيسى
ـ المنشورات وما تضمنت من أوهام
ـ الإسلام أقوى بكثير من هذه التفاهات
ـ قصة " الله محبة " وموقف شتى الأناجيل منها
ـ تجليات العذراء ، الرمح المقدس ، الحقيقة العلمية المطاردة
-
<div align="center">تحرك ضد عقيدة التوحيد يتعرض له أبناؤنا</div>
لا يستطيع عاقل أن يقول : إن يوم النصرانية فى أوربا وأمريكا طيب ، فالإلحاد شائع ، والزنا والربا أشيع ، والركض فى أودية الحياة ابتغاء المتاع العاجل هو السمة الظاهرة ، وبدع الشباب المادية والأدبية لا حصر لها .
ولولا الحياء لغلقت تسعة أعشار الكنائس أبوابها .. من الفراغ .
أما فى ربوع العالم الإسلامى كله ، والأقطار العربية خاصة ، فالحال على العكس : النصرانية تنتعش والكنائس تكثر ، وطوائف الشباب والشيوخ تتلاقى عليها ، والأموال الدافقة تجىء من منابع شتى لتدعم الطوائف المسيحية وترجح كفتها فى ميادين العلم والإنتاج .
وأوربا وأمريكا من وراء هذا العون الواسع تخدمان به آمالها العريضة فى القضاء على الإسلام ، وإعادته إلى الصحراء من حيث جاء !
ومن يدرى ؟ ربما قضيا عليه فى الصحراء نفسها ، كذلك يؤملون ! ولذلك يفعلون !!
ومن ربع قرن وأنا ألاحق الهجوم الثقافى والسياسى على أمتنا وديننا .. والطلائع المؤمنة فى كل مكان تشتبك معه وتحاول صده .
غير أن النتائج إلى الآن لا تسر ، لقد سقطت جماهير كبيرة من الدهماء ، وأعداد وفيرة من المتعلمين فى براثن هذا الغزو المزدوج ، وتاحت الفرص أمام الطوائف غير المسلمة ، فأطلت برأسها تريد أن تشارك فى الإجهاز على الفريسة .
وفى مصر رأيت عملاً مريباً منظماً يكاد يعالن بأنه يريد وضع الطابع النصرانى على التراب الوطنى فى هذا الوادى المحروب .
ولا ريب فى أن قوى خارجية تكمن وراء هذا النشاط وتغذيه .. وفى هذه الصحائف نريد أن نواجه حرب المنشورات التى شنت بغتة على الشباب المسلم ، مكتفين بدحض الشبهات ، ورد المفتريات ، عالمين أن هناك نصارى كثيرين يريدون العيش مع إخوانهم المسلمين فى سلام وتراحم ، وأن محاولة البعض طعن الإسلام من الخلف هى تصرفات فردية يحمل وزرها أصحابها وحدهم .
ونحب قبل أن نبدأ النقاش فى هذه القضية الأساسية أن نسجل مسلكاً إسلامياً مقرراً : إن اختلاف الأديان لا يستلزم أبداً إيغار الصدور وتنافر الود ، وأنه فى ظل مشاعر البر وقوانين العدالة يمكن لأتباع عقيدتين مختلفتين أن يعيشوا فى وئام وتراحم !!
والانسجام المنشود بين أولئك الأتباع لا يعنى بداهة أن الفروق بين عقائدهم تلاشت ..
وقد كان العرب الأولون يؤمنون بالله الواحد " ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن : الله .. " ( العنكبوت : 61 )
" ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن : الله " ( العنكبوت : 63 )
ولكنهم مع هذا الاعتراف بالله الواحد نسبوا إليه ولداً يقصدون إليه ويتشفعون به ! فرفض القرآن هذا النسب المختلق ، وعد ذلك شركاً ، وأنكره ـ فى سورة مريم ـ أشد الإنكار " وقالوا اتخذ الرحمن ولداً .. لقد جئتم شيئاً إداً . تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً ، أن دعوا للرحمن ولداً . وما ينبغى للرحمن أن يتخذ ولداً . إن كل من فى السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبداً .. " ( مريم : 88 ـ 93 )
ومع هذا النكر الشديد لعقيدة التعدد فى الآلهة ، فقد أمر الله صاحب الرسالة أن يقول للمشركين " لكم دينكم ولى دين " ( الكافرون : 6 )
إذن نستطيع أن نوجد تلاقياً ما بين أصحاب الأديان المختلفة ، أما تذويب الفوارق بين التوحيد والتعدد كليهما ، فذاك مستحيل ..
كتب بعض الناس كلاماً يريد عقد لقاء بين عقيدة التوحيد الإسلامية وعقيدة التثليث المسيحية ، فنفى أن يكون الله ثالث ثلاثة ـ كما ذكر القرآن الكريم ـ وقال إن الله الواحد هو جملة الأقانيم الثلاثة .
ولما كان كل أقنوم ـ على حدة ـ يسمى إلهاً ، فإن الكاتب أراد أن يوضح هذا الغموض ، ولا نقول يكشف هذا التناقض !! فقال ـ والكلام منقول عن مجلة توزع على طلاب كلية الهندسة بجامعة القاهرة ـ نثبته هنا بنصه :
" إذن كيف نوفق بين هذا وذاك ؟ بين ثلاثة ثم واحد ؟ ..
" إن هذا هو بيت القصيد وفحوى الحديث ! وسوف أذكر مثالاً .. ماذا تعرف عن الشمس ، الشمس الواحدة ؟ أعرف أنها قرص ، وحرارة ، وأشعة .. وأى شىء من هذه الثلاثة هو الشمس ؟ هل القرص ، أم الحرارة ، أو الأشعة ثلاثتهم يكونون الشمس ! إذن الشمس واحدة ، وهكذا الله سبحانه واحد ، مع فارق التشبيه العظيم من حيث المكانة .. " .
ونقف قليلاً لنذكر رأينا فى هذا الكلام ، إن الكائن الواحد قد تكون له عدة صفات ، قد يكون طويل القامة أسمر اللون ذكى العقل .. ويمكن أن تنسب إليك صفات أخرى ، فهل قلة الصفات أو كثرة الصفات تعنى تعدداً فى الذات ؟ وهل يجوز أن يطلق شخصك نفسه على صفة الطول أو السمرة أو الذكاء ؟ وهل يتصور أن تنفصل إحدى الصفات المذكورة ليطلق عليها الرصاص ، أو تتدلى من حبل المشنقة أو تسمر على خشبة الصليب ؟
إن الشمس واحدة ، ولكن استدارتها وحرارتها وإضاءتها وكثافتها .. إلخ صفات لها ، أعراض لذاتها ، والصفة لا تسمى ابناً ولا خالاً ولا عماً ، ونحن نثبت للإله الواحد عشرات الأوصاف الجليلة ، بيد أن إثبات الأوصاف شىء بعيد كل البعد عن القول بأن الأب هو الابن وهو الصديق ، وأن خالق الكون هو هو الذى صلب على خشبة فى أرضه .
إن التمثيل بالشمس وأوصافها الكثيرة لا يخدم قضية التثليث ولا التربيع فى ذات الله .. والأمر لا يعدو لوناً من اللعب الألفاظ .
إن الله ـ خالق هذا العالم ـ واحد ، وما عداه عين له أوجده من الصفر ، ولن تنفك صفة العبودية عن أى موجود آخر ، سواء كان " عيسى " أو " موسى " أو " محمد " أو غيرهم من أهل الأرض والسماء .
ونريد أن نسأل هذا : إذا كانت الشمس هى القرص والحرارة والأشعة فهل يمكن القول بأن الحرارة مثلاً ثلث الشمس ؟
لا يقول هذا عاقل ، لأن الصفة لا تكون قسيماً للذات بتاتاً ، هل يمكن القول بأن القرص شكا للأشعة ما نزل به من بلاء مثلاً !
ذاك ما لا يتصوره ذو لب .. !!
إن هذا الكلام ـ كما قلت ـ لون من اللعب بالألفاظ ، ولا يصور العلاقة بين أفراد الأقانيم الثلاثة كما رسمتها الأناجيل المقدسة ..
وذكرت المجلة التى توزع على الطلاب " بكلية الهندسة " دليلاً آخر على أن التثليث هو التوحيد . قال الكاتب :
" أقول لك أيضاً عن إنسان اسمه إبراهيم ـ إبراهيم هذا فى بيته ووسط أولاده يدعى رباً لأسرته وينادونه " يا أبانا يا إبراهيم " ، هذا ذهب يوماً إلى البحر ، فإذا الجموع محتشدة وإنسان يغرق وليس من ينقذه ، فما كان منه إلا أن خلع ملابسه ، وارتدى لباس البحر وأسرع وأنقذ الغريق ، فهتف المتجمهرون : ليحيا المنقذ إبراهيم ..
" ذهب بعد ذلك إلى عمله ، وإذ كان يعمل بالتدريس ويشرح للتلاميذ وصاروا ينادونه : المعلم إبراهيم . فأيهم إبراهيم : الأب أم المنقذ أم المعلم ؟ ..
" كلهم إبراهيم وإن اختلفت الألقاب مع الوظائف ، وهكذا أيضاً الله خلق فهو الأب الله ، الله أنقذ فهو الابن ، الله يعلم فهو الروح " !!
نقول : هذا الكلام أوغل من سابقه فى خداع النظر ، فإن الضابط قد يرتدى فى الجيش ملابسه العسكرية ، وقد يرتدى فى عطلته الملابس المدنية ، وقد يرتدى فى بيته ملابس النوم . ولم يقل مجنون ولا عاقل أن هؤلاء ثلاثة ، وأنهم واحد ، ولا يتصور أحد أن الضابط بزيه العسكرى يصدر حكماً بالإعدام على الضابط نفسه بزيه المدنى ، وأن هذا المدنى يقول للعسكرى : لماذا قتلتنى أو لماذا تركتنى .
إن المعلم إبراهيم أو المنقذ إبراهيم أو الخالق إبراهيم يستحيل أن يكونوا ثلاثة أقانيم على النحو المألوف فى المسيحية ، وإنما المعقول أن يقال : الله الواحد يوصف بالقدرة والعلم والرحمة والحكمة مثلاً ، وهذا يذكره الإسلام فالله ذات واحدة ، لا تقبل التعدد بتة ، والروح القدس وهو جبريل عبد مخلوق له ، والمعلم المرشد الصالح عيسى عبد مخلوق له ، وما دام العقل البشرى موجوداً فلن يسيغ إلا هذا .. أما الفرار من التناقض الحتم إلى التلاعب بالألفاظ فلا جدوى منه .
وإذا كان خالق السماء هو هو المقتول على الصليب فمن كان يدير العالم بعدما قتل خالقه ؟ بل كيف يبقى العالم بعد أن ذهب موجده ؟ والعالم إنما يبقى لأنه يستمد وجوده لحظة بعد أخرى من الحى القيوم جل جلاله .
إن القرآن الكريم ينصح أصحاب عقيدة التثليث فيقول لهم : " يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق ، إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة ، انتهوا خيراً لكم ، إنما الله إله واحد سبحانه أنى يكون له ولد ، له ما فى السموات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلاً . لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون .. " ( النساء : 171 ، 172 )
وإنه ليسرنا أن تكون عقيدة التوحيد محور العلاقة بين الناس جميعاً وبين الله الواحد الأحد ، لكن من المضحك المبكى أن يحاول البعض التشبث بالثالوث وبألوهية كل فرد من أفراده ثم يزعم بطريقة ما أن الثلاثة هم فى الحقيقة واحد .
قيل فى باب الفكاهة أن رجلاً جلس على قهوة ثم طلب " ينسوناً " وقبل أن يتناوله تركه وطلب بدله " شاياً " شربه ثم قام لينصرف .. فلما طولب بثمن الشاى الذى شربه قال : إنه بدل الينسون ، فلما طولب بثمن الينسون قال : وهل شربته حتى أدفع ثمنه ؟!
ويظهر أن هذا الاستدلال الفكاهى انتقل من ميدان المشروبات إلى ميدان العقائد ، ليطمس الحقيقة ويسيغ المتناقضات ..
وقصة ثالثة تنشرها المجلة المعلقة بكلية الهندسة ـ جامعة القاهرة هى عجيبة العجائب نثبتها هنا ـ على طولها ـ بعد النقلين الموجزين السابقين !!
عنوان القصة : " أنت تعبان والله مرتاح .. " !!
والعنوان المذكور يحكى إجابة طريفة عن سبب الصلب .
والسؤال التقليدى فى هذا الموضوع : لماذا قتل الإله الآب الإله الابن ؟!
والجواب المعروف لدى إخواننا المسيحيين هو : الفداء لخطايا الخليقة .
لكن الكاتب الذكى ـ تمشياً منه مع أن الواحد ثلاثة والثلاثة واحد ـ جعل القصة تدور حول هذا السؤال : لماذا قتل الإله نفسه ؟ ولنذكر القصة برمتها :
" انتهت الحياة ، وتزاحم الملايين من البشر فى واد كبير أمام عرش الله ، وكانت المقدمة من جماعات تتكلم بامتثال شديد دون خوف أو خجل ، ولكن بطريقة عدوانية ، حتى تقدمت الصفوف فتاة تصرخ : كيف يستطيع الله أن يحاكمنى ؟! وماذا يعرف هو عن الآلام التى عانيتها ؟! ..
" قالت هذا وهى تكشف عن رقم على ذراعها مدموغ بالحرق فى أحد معسكرات التعذيب والإبادة النازية ، ثم أردفت : لقد تحملت الضرب والتعذيب بل والقتل أيضاً ..
" وعلا صوت هادر من مجموعة أخرى قائلاً : وما رأيكم فى هذا . وعلى أثر ذلك أزاح صاحب الصوت ـ وهو زنجى ـ ياقة قميصه كاشفاً عن أثر بشع لحبل حول عنقه وصاح من جديد : شنقت لا لسبب إلا أنى أسود .. لقد وضعنا كالحيوانات فى سفن العبيد ، بعد انتزاعنا من وسط أحبائنا ، واستعبدنا ، حتى حررنا الموت ..
" وعلى امتداد البعد كنت ترى المئات من أمثال هذه المجموعات ، كل منها له دعوى ضد الله : بسبب الشر والعذاب اللذين سمح بهما فى عالمه . كم هو مرفه هذا الإله ! فهو يعيش فى السماء حيث كل شىء مغلف بالجمال والنور ، لا بكاء ولا أنين ، لا خوف ولا جوع ولا كراهية ، فماذا يعرف هو عما أصاب الإنسان وتحمله مكرهاً فى هذا العالم ؟ ..
" حقاً ، إن الله يحيا حياة ناعمة هانئة لا تعرف الألم ..
" وهكذا خرج من كل مجموعة قائد ، كل مؤهلاته أنه أكثر من قاسى وتألم فى الحياة ، فكان منهم يهودى وزنجى وهندى ومنبوذ وطفل غير شرعى ، وواحد من هيروشيما وآخر عبد من معسكرات المنفى والسخرة ..
" هؤلاء جميعاً اجتمعوا معاً يتشاورون ، وبعد مدة كانوا على استعداد لرفع دعواهم ، وكان جوهرها بسيطاً جداً ، قبل أن يصبح الله أهلاً لمحاكمتهم ، عليه أن يذوق ما ذاقوا !! ..
" وكان قرارهم الحكم على الله أن يعيش على الأرض كإنسان ، ولأنه إله ، وضعوا شروطاً تضمن أنه لن يستخدم قوته الإلهية ليساعد نفسه ، وكانت شروطهم :
" ينبغى أن يولد فى شعب مستعمر ذليل ..
" ليكن مشكوكاً فى شرعية ميلاده ، فلا يعرف له أب ، وكأنه وليد سفاح ..
" ليكن صاحب قضية عادلة حقيقية ، لكنها متطرفة جداً حتى تجلب عليه الكراهية والحقد والإدانة بل والطرد أيضاً من كل سلطاته الرئيسية التقليدية ، ليحاول أن يصف للناس ما لم يره إنسان أو يسمع به ، ولا لمسته يداه ، ليحاول أن يعرف الإنسان بالله ..
" ليجعل أعز وأقرب أصدقائه يخونه ويخدعه ، ويسلمه لمن يطلبونه ، ليجعله يدان بتهم كاذبة ، ويحاكم أمام محكمة متحيزة غير عادلة ، ويحكم عليه قاض جبان ..
" ليذق ما معنى أن يكون وحيداً تماماً بلا رفيق فى وسط أهله ، منبوذاً من كل أحبائه ، كل الأحباء ..
" ليتعذب ليموت .. نعم يموت ميتة بشعة محتقرة مع أدنى اللصوص ..
" كان كل قائد يتلو الجزء الذى اقترحه فى هذه الشروط ، وكانت همهمات الموافقة والاستحسان تعلو .. ولكن ما أن انتهى آخرهم من نطلق الحكم حتى ساد الوادى صمت رهيب وطويل ، ولم يتكلم إنسان أو يتحرك ..
" فقد اكتشفوا جميعاً ـ فجأة ـ أن الله قد نفذ فيه هذا الحكم فعلاً .. لكنه أخلى نفسه ، آخذاً صورة عبد ، صائراً فى شبه الناس ، وإذ وجد فى الهيئة كإنسان ، وضع نفسه وأطاع حتى الموت .. موت الصليب .. " .
ولنا بعد هذه المطالعة المفيدة عن سر " الانتحار الإلهى " أن نسأل :
أ ـ هل كان العبيد الثائرون يعرفون أن الله عديم الإحساس بآلامهم المبرحة ، فأحبوا أن يشعر شخصياً بمرارتها حتى يرق لحالهم ، وبذلك حكموا بقتله ؟
ب ـ هل انقطعت هذه الآلام بعد الصلب أم بقيت تتجدد على اختلاف الزمان والمكان ؟ وبذلك لم تؤد قصة الصلب المنشود منها ، فينبغى أن تكرر ؟
جـ ـ ما هى درجة السلطة التى يمتلكها هذا الإله فى العالم ؟ وهل هى من الهوان بحيث تسمح لثورة بيضاء أو حمراء أن تنفجر مطالبة بشنقه أو صلبه ؟ وهل يحمل هذا الإله مسئولية المآسى العالمية ؟!
د ـ وإذا كان الصلب لفداء الخطايا ، فهل هذا الفداء يتناول صانعى الشرور والآثام والمظالم أم يتجاوزهم ؟ أم هو لتصبر الضحايا على ما ينزل بها ؟
ونحن لا نريد إجابات على هذه الأسئلة ، فعقيدتنا نحن المسلمين أن الله العظيم فوق هذه التصورات الهازلة .
إن هذا الكلام الذى قرأنا من أسوأ وأغرب ما وصف به الله ، وما كنا نحن نتصور أن يصل الإسفاف فى الحديث عن الله جل جلاله إلى هذا الدرك المعيب ، ولكن صاحب الفم الذهبى ـ لا فض فوه ـ يأبى إلا أن يستغل مهارته الصحافية فى تسطير هذا اللغو ونشره بين الطلاب المسلمين ، لأنه يعتقد أن القرآن يقبل التعاليم المسيحية وأن التوحيد ينسجم مع التثليث .
وقد كتب فى رمضان الأسبق مقالاً فى مجلة الهلال يحاول فيه إثبات هذا الهراء ، ويريد به أن يختل المسلمين عن توحيدهم وسلامة معتقدهم .
وكم نود أن نقول لهذا الكاتب ومن وراءه من الحاقدين على الإسلام : " يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل " ( المائدة : 77 )
وأعود إلى ما بدأت به هذا الحديث : إن أتباع الأديان المختلفة يستطيعون أن يعيشوا أصدقاء ، والوحدة القومية بين العرب المسلمين والنصارى موضح احترام الجميع .
لكن الانسياق مع التعصب الأمريكى ضد الإسلام يجب أن يختفى فوراً . إن كل محاولة لإهانة الإسلام وإحراج أهله لا يمكن أن تكون موضع احترام ، والمال الأمريكى المبذول فى هذا السبيل يجب أن يذهب هدراً .
-
<div align="center">حول صلب عيسى </div>
لا أعرف قضية طال فيها اللجاج دون سبب يعقل مثل قضية الصلب والفداء ، ولعلها أصدق شاهد يساق لقوله تعالى : " وكان الإنسان أكثر شىء جدلاً " . ولا أزال أذكر حكاية القسيس الألمانى الذى زارنى يوماً فى مكتبى ، وشاء له سوء حظه أن يحدثنى فيها ، فقلت له ضاحكاً : أترى هذا الثوب الأبيض الذى ألبسه ؟ أرأيت إذا وقعت عليه نقطة حبر أتزول إذا غسلت أنت ثوبك ؟ قال : لا . قلت : فلم يزول خطئى إذا اعتذر عنه آخر ؟
عندما ألوث نفسى بخطأ دق أو جل ، فأنا المسئول عنه ، أغسل أنا نفسى منه ، أشعر أنا بالندم عليه ، أقوم أنا من عثرتى إذا وقعت ، ثم أعود أنا إلى الله لأعترف له بسوء تصرفى وأطلب أنا منه الصفح .
أما أن العالم يخطئ فيقتل الله ابنه كفارة للخطأ الواقع فهذا ما يضرب الإنسان كفاً بكف لتصوره !!
هذا أول الأسطورة ، أما آخرها فلا بد أن نعرف : من القاتل ومن القتيل ؟؟
إن المسيحيين يقولون : إن الله " الابن " صلب ، لكنهم يقولون كذلك : إن الآب هو الابن ، هما ـ والروح القدس ـ جميعاً شىء واحد .
إن كان الأمر كذلك فالقاتل هو القتيل !! وذاك سر ما قاله أحد الفرنجة المفكرين :
" خلاصة المسيحية أن الله قتل الله لإرضاء الله !! "
ولمن شاء أن يقنع نفسه بهذه النقائض ، وأن يفنى عمره فى خدمتها ، أما أن يجىء إلينا نحن المسلمين ليلوينا بالختل أو بالعنف عن عقيدتنا الواضحة ويحاول الطعن فيها فهذه هى السماجة القصوى .
وبين يدى الآن نحو عشر نشرات وزعت خارج الكنائس للدعوة إلى أسطورة الفداء ، قرأتها كلها وشعرت بالرثاء لكاتبيها .
وكما يحاول قروى ساذج إقناع العلماء أن القنبلة الذرية مصنوعة من كيزان الذرة يحاول هؤلاء " المبشرون " العميان إقناعنا بأنهم على حق .
-
<div align="center">المنشورات وما تضمنت من أوهام</div>
اقرأ معى هذه السطور الصادرة عن كنيسة " مار مرقص " بمصر الجديدة ، يقول الكاتب : " ربما لم أقابلك شخصياً لكن هناك شيئاً يجب أن أقوله لك ، إنه أمر فى غاية الأهمية حتى أننى سأكون مقصراً إن لم أخبرك به " .
حسناً ، هات ما عندك ، ولا تكن من المقصرين !!
يقول الكاتب : " دعنى أخبرك بإخلاص أنها رسالة شخصية لك ، لا يمكنك أن تهرب منها ، وهذه هى الرسالة من إنجيل يوحنا ( 3 : 16 ) :
" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل " ابنه " الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية " .
هذا هو الخبر الخطير ! تمخض الجبل فولد فأراً !!
لماذا يقتل الله ابنه الوحيد البرىء من أجل ذنوب الآخرين ؟
وإذا كان الإله رب أسرة كبيرة فلم يقتل أبناءه كلهم أو جلهم من غير جريرة ؟
أليس الأعقل والأعدل أن يقول هذا الإله للمذنبين :
تطهروا من أخطائكم وتوبوا إلىّ أقبلكم ؟!
ولا قتل هناك ولا لف ولا دوران ؟
هكذا فعل الإسلام وأرسى قواعد العلاقة الصحيحة بين الله وعباده " ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً " ( النساء : 110 )
أما قصة أن لله ولداً وحيداً أو غير وحيد فكذب صارخ . إن الولادة شىء يتوقع بين بعض الأحياء ، ولا مكان لهذه المفاهيم عند تصور الألوهية " وقل الحمد لله الذى لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك فى الملك ، ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيراً " ( الإسراء : 111 )
" يا ربى لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك " .
وهاك سطوراً من نشرة أخرى تحت عنوان " حقائق مخفية " بدأها كاتبها قائلاً : " حقائق أنت أحوج إلى إدراكها من الهواء الذى تتنفسه " !!
شىء مدهش ، ما هذه الحقائق التى نفتقر إليها على هذا النحو ولم نشعر بفقدانها من زمن بعيد ؟
يقول الكاتب : " تعال إلى الرب يسوع الآن كما أنت ، لا تسع فى إصلاح نفسك (!) لأنه هو يستطيع أن يخلق منك شخصاً جديداً طاهراً " ولكن لماذا لا أسعى فى تزكية نفسى ورفع مستواى المادى والمعنوى ؟
يقول كاتب النشرة : " احذر أن يكون مثلك مثل المتسول مع الرسام ..
" ذلك أن رساماً أراد أن يرسم رجلاً فى منتهى الذل والمسكنة ، فرأى متسولاً يتعثر فى أسمال بالية ، فطلب منه أن يحضر فى ميعاد عينه له ، على أن يعطيه أجراً .. لكن ذلك المتسول خجل من أسماله البالية فاستعار لباساً يدفع به عن نفسه الخجل ، ثم أتى إلى الرسام فى الميعاد ، فلما نظر إليه الرسام قال : إنى لا أعرفك . فأجاب الرجل : ألا تذكر شحاذاً فقيراً اتفقت معه على أن يجيئك فى هذا الميعاد . قال : إنى لا أذكر إلا رجلاً فى أسمال بالية أما أنت فلا أذكرك ..
" إن الرب ـ يعنى يسوعاً ـ يطلبك فى حالتك السيئة ، وما عليك إلا أن تعترف بكل الشرور التى أنت مستعبد لها ، وتقبله مخلصاً شخصياً لك ، إذا فعلت ذلك فإن حمل خطاياك ينطرح عن ظهرك " .
ونحن المسلمون نقرأ هذا الكلام ونستغرب أن ننقل صفات الله إلى شخص آخر .. إننا مكلفون ـ كسائر البشر ـ بتزكية أنفسنا وصقلها وتربيتها " ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها " .
فإذا أخطأ أحدنا ، ذهب إلى ربه يستغفره ويستهديه ويستعينه على العودة إلى الصواب " وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله " ( الشورى : 25 ، 26 )
ما دخل آدم أو عيسى أو محمد فى ذلك ، إنهم كلهم بشر يحتاجون إلى المغفرة ، ويطلبون من ربهم النجدة .
ولكى يحس القارئ بما حوت هذه النشرة من خلط ننقل هذه العبارة من كلامه : " هب أنه طلب منك أن تشترك فى جريمة صلب ربك ، وأن تقل مع من هزءوا به ، أكنت ترضى ؟ يقيناً لا .. ولكنك ما دمت لم تختبر قوة صلب المسيح فى خلاص نفسك من الخطيئة ، فإنك بخطاياك تشترك فى جريمة صلب ربك " !
هذا الهراء هو الذى نحتاج إليه كما نحتاج إلى الهواء الذى نتنفسه ..
عبيد يستطيعون صلب ربهم ، ومع ذلك يطلبون منه المغفرة والرضا .. هلا طلبوا ذلك من الله الذى طلب منه المسيح نفسه النجاة ، وعاتبه أن تركه للأعداء كما يقولون !!
وهاك نشرة أخرى تحت عنوان " متجدد أم متدين " ؟ بدأت بهذه الكلمات : " الوردة الطبيعية جميلة الشكل زكية الرائحة ، فيها حياة . والوردة الصناعية جميلة الشكل عديمة الرائحة ليس فيها حياة . إن الوردة الطبيعية تمثل المتجدد ، أما الوردة الصناعية فتشبه أولئك الذين قال عنهم بولس : " لهم صورة التقوى ولكنهم ينكرون قوتها " .
ولا أفهم بالضبط ما يعنى بولس ، أيقصد المرائين ؟ ربما .. المهم أن كاتب النشرة يختمها بهذه العبارات " دعنى أسألك أيها العزيز : هل أنت متجدد أم متدين . إذا كنت قد حصلت على الولادة من فوق فطوبى لك ، أثبت إذن فى المسيح .. أما إذا كنت متديناً فأسرع بتسليم حياتك الآن للمسيح .. فتنال الحياة الجديدة التى حصلت عليها المرأة الخاطئة حين غسلت قدمى الرب يسوع بدموعها ومسحتها بشعر رأسها ، والتى قال لها الرب : مغفورة لك خطاياك ، إيمانك قد خلصك " .
هذه النشرة من مثيلاتها مصرة على تسمية المسيح الرب ، ووصفه بأنه الغفار .
ونحن نقبل المسيح مبلغاً عن الله كإخوانه الأنبياء لا يزيد ولا ينقص ونقتدى به وبهم جميعاً فى التقرب إلى الله بالعمل الصالح .
والتدين يهب لنا حياة عقلية ووجدانية راقية ، أما التجديد الذى تتحدث عنه النشرة فضرب من الهوس يستهوى الصبية ، ومن يحسبون الدين أوهاماً وتهاويل " وجعلوا له من عباده جزءاً ، إن الإنسان لكفور مبين " ( الزخرف : 15 )
التجديد ليس أن تعجن الخالق والمخلوق فى أقنوم مائع ، ثم تلف حوله حارقاً البخور ، نافخاً فى المزمور ، كلا ، إن التجديد أولاً وآخراً عقل يرفض الخرافة ، وقلب يتعشق الكمال ويتطلبه ..
وهذا منشور آخر من " لبنان " يدور كذلك حول يسوع المصلوب غفار الذنوب يقول كاتبه : " أيها الأخ العزيز خطاياك موضوعة على يسوع لتنال سلاماً مع الله وتشفى نفسك من جروحها . إن تقدمت إلى المصلوب المحبوب وسلمته خطاياك تختبر أن دمه يطهرك من كل إثم حتى ولو كنت قاتلاً أو متعصباً أو حالفاً بالله كذباً ، ومهما كانت خطاياك كبيرة أو صغيرة فإن المسيح هو يغفرها جميعاً " !!!
ويجاوبه منشور آخر من القاهرة يرد فيه هذا التساؤل : " لكنك تقول توجد آراء كثيرة فكيف أعرف من هو على حق ؟ ..
" كل من يرشدك إلى المسيح قارب النجاة فهو على حق ، وكل من يبقيك فى السفينة العتيقة ـ المشرفة على الغرق ـ يخدعك ويضلك ، هل أنت مجتهد بشتى الوسائل فى إصلاح السفينة العتيقة ، أى طبيعتك البشرية الساقطة ؟ اعلم أنك إذن إذا استمررت على هذه الحال فلا بد أن تغطس إن عاجلاً وإن آجلاً .. " .
أى أن كل تهذيب وتأديب منتهيان بصاحبهما حتماً إلى الغرق ، ما لم يعتقد أن المسيح صلب من أجله ، وأنه هو وحده فداء خطاياه ..
مهما أتيت ربك بقلب سليم بل لو أتيته بضمير فى طهر السحاب وضياء الشروق فلا وزن لهذا كله ، ما لم تؤمن أن عيسى قتل من أجل أن يفتدى خطاياك ، ويخلصك من ذنوبك ؟!
هذه هى خلاصة المنشورات التى حررها بنفسه أو أشرف على تحريرها صاحب الفم الذهبى رئيس إخواننا الأقباط ، وعمل على توزيعها فى أوسع نطاق ..
" وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شىء ، إنهم لكاذبون ، وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون " ( العنكبوت : 12 ، 13 )
-
<div align="center">الإسلام أقوى بكثير من هذه التفاهات</div>
إننا معشر المسلمين نحب عيسى ونوقره ونعد أنفسنا أتباعه ، ونرفض بغضب كل ريبة توجه إليه أو إلى السيدة البتول أمه ، بل نحن أولى بعيسى من أولئك الذين ينتمون إليه ويغالون فيه .
وليس خلافنا مع النصارى أنه قتل أو لم يقتل ، الخلاف أعمق من ذلك .. الخلاف : أهو " إنسان " كما نقول أو " إله " كما يزعمون ؟
أكل امرىء بما كسب رهين ؟ أم أن هناك قرباناً قدمه الله من نفسه لمحو خطايا البشر ؟
هم يرون أن الله فى السماء ترك ابنه الوحيد على خشبة الصليب ليكون ذلك القربان ..
ونتساءل : أكان عيسى يجهل ذلك عندما قال : إلهى لماذا تركتنى ؟
وثم سؤال أخطر : هل المنادى المستغيث فى الأرض هو هو المنادى المستغاث به فى السماء ، لأن الأب والابن شىء واحد كما يزعمون ؟؟
هذا كلام له خبئ معناه : ليست لنا عقول !!
الحق أن هذه العقيدة النصرانية يستحيل أن تفهم .
قرأت مقالاً للدكتور " ميشيل فرح " فى جريدة " لميساجى " الصادرة فى القاهرة فى 16 / 9 / 1973 م يشرح هذه العقيدة بطريقة عقلانية قال : " الكتاب المقدس ينبئ أن الله سوف يظهر نفسه ، أى أن الكلمة المجردة ستأخذ جسداً ولحماً (!) وهذا هو الحدث الجديد . عمانوئيل . الله معنا . الله يصبح بشرى سارة ، الله يعلن ويخبر . وهذا الظهور أساس كل شىء . هو الرد على سؤال توفيق الحكيم فى قصته المشهورة " أرنى الله " . ها هو الله . شىء ما حدث وحصل ووقع وتأنس " .
هذا الكلام المبهم المضطرب الذى لا يعطى معنى هو التفسير العقلانى للعقيدة المسيحية !
رب المشارق والمغارب ظهر فى إهاب " بشر " ليراه الناس ، ثم من فرط رحمته بهم " ينتحر " من أجلهم !
من يكلفنى بهضم هذا القول ؟
هل أعتنق هذا وأترك القرآن الذى يقرر العقيدة على هذا النحو : " قل لمن ما فى السموات والأرض ، قل لله ، كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ..
.. الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون " ( الأنعام : 12 )
" ألا إن لله من فى السموات ومن فى الأرض وما يتبع الذين من دون الله شركاء .. إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون " ..
" هو الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً . إن فى ذلك لآيات لقوم يسمعون . قالوا : اتخذ الله ولداً سبحانه هو الغنى له ما فى السموات وما فى الأرض . إن عندكم من سلطان بهذا . أتقولون على الله ما لا تعلمون قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون " ( يونس : 66 ـ 69 )
هكذا خاصم الإسلام الخرافة وأعلن إباءه التام للون مقنع من الشرك ، وسد الطريق فى وجه القرابين الوثنية وهى تتسلل فى خبث لتطمس معالم التوحيد .
لم كرمنا الله بالعقل إذا كان مفروضاً أن نطرحه ظهرياً عندما نختار أهم شىء فى الحياة وهو الإيمان والسلوك ؟
إن العقل يجزم بأن عيسى بشر وحسب ، ويرفض أن يكون " إلهاً " ابناً مع " إله " مع " إله " آخر روح قدس ، وثلاثتهم واحد مع تعددهم ، وتعددهم حتم ، لأن أحدهم ترك الآخر يصلب ..
هذا كلام يدخل فى باب الألغاز ، ولا مجال له فى عالم الحق والتربية ..
ومع ذلك فنحن المسلمين نقول لمن يصدقه : عش به ما شئت " لا إكراه فى الدين " ( البقرة : 256 ) فهل الرد على هذا المنطق إثارة كل هذا الدخان فى آفاقنا ، ومحاولة ختل الشباب ونشر الفتنة ؟