-
لماذا فرض الله عز وجل الجهاد والسبي.؟؟
إن الله عز هو خالق الأرض ومن عليها، وخالق كل شئ، وهو رب كل شئ، أطاعه بعض العبيد ووحدوه وأقاموا شرعه في أرضه….وعصاه آخرون وشتموه فقالوا اتخذ ولدا وزوجة وأشركوا معه نبيا أو صنما…فالعقل يقول إن الملك يأمر من يطيعه ويستجيب له بأن يكون في درجة أعلى ممن عصاه وشتمه، فهو صاحب الأرض لا شريك له في ذلك…ويكون ذلك القانون في جميع العصور…كما جعل الله عز وجل موسى أعلى من فرعون"موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى"سورة طه…وكذلك لما أرسل الله عز وجل عيسى عليه السلام جعله وجعل من اتبعه في مقام أعلى ممن عصاه من اليهود والوثنيين:"إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذي كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون"سورة آل عمران…. فنصر الله عز وجل أتباع عيسى عليه السلام على اليهود والوثنيين فنشروا دين الله الحق قبل أن تحرف النصرانية " يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله، قال الحواريون نحن أنصار الله … فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة.. فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين" سورة الصف….فكما أمر الرب عز وجل بني إسرائيل أن يكونوا في مقام أعلى من الوثنيين عندما كانت الرسالة مع بني إسرائيل، وأمر أتباع عيسى أن يكونوا في مقام أعلى من اليهود والوثنيين فكذلك أمر عباده الموحدين المسلمين بأن يكونوا أعلى ممن عصاه وشتمه، بعد أن فسد بنو إسرائيل وقتلوا أنبياءهم وحرف النصارى عقيدة التوحيد واتخذوا عيسى عليه السلام وأمه والصليب آلهة من دون الله…. فنقل الرب عز وجل الرسالة من بني إسرائيل إلى بني إسماعيل وأمرهم بنفس الأوامر التي أمر بها أنبياءهم الذين فرض عليهم الجهاد وأن يعلو فوق المشركين"ولا تهنوا وتحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"سورة آل عمران….
وكما فرض الله عز وجل على موسى الجهاد وأخذ الأرض المقدسة من الوثنيين…وكما أمر داود عليه السلام بالجهاد واستعادة الأرض المقدسة من الوثنيين، أمر نبينا صلى الله عليه وسلم وأتباعه بالجهاد وفرضه عليهم…
وفرض الله عز وجل على أنبيائه الجهاد لغرضين:
الأول: إرهاب عدوه سبحانه"ترهبون به عدو الله وعدوكم"سورة الأنفال.. أي تخويفهم وليس قتلهم، لأن الإرهاب معناه التخويف لا القتل، حتى يرجعوا ويتوبوا إلى ربه فينجون من عذاب الخلد من نار جهنم، فهذا رحمة من الله….
والثاني: لمن يمنع بالسيف الرسل والدعاة من دعوة الشعوب إلى ربهم فيرفعون السيف والسلاح في وجه الدعاة والرسل ليمنعوهم من إبلاغ رسالة رب الناس للناس… فهؤلاء يرد عليهم بمثل عدوانهم، أي يرفع السيف في وجوههم، ولكن "ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"سورة البقرة، فيكون له السيف…ولهذا السبب نهى النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء عن بدء العدو بالقتال، وعن قتل النساء والأطفال والشيوخ والرهبان، أي كل من لم يحمل السيف ويغلق به طريق الدعوة لا يجوز قتله….فالسيف لتسليك طريق دعوة الأفراد والأمم، فهو فقط ضد الجنود المحاربين الذين يقفون أمام دعوة الشعوب لأن يعودوا إلى ربهم خالقهم وخالق الأرض التي يعيشون عليها، ومن فضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا، ومن أنعم عليهم بنعم لم يؤتها لبقية مخلوقاته…ومن نفخ في أبيهم من روحه، وخلق جسده بيديه سبحانه وتعالى…
وقد فرض الله عز وجل الجهاد على أنبيائه ورسله الكرام لما علم سبحانه بأن الشيطان سوف يزج بأوليائه لقتال الرسل وأتباعهم لمنعهم من نشر رسالة الله إلى عبيده، وأن الشيطان سوف يؤز عباده وأولياءه لرفع السيف في وجوههم…وذلك منذ الحوار الذي كان بين الرب عز وجل والشيطان بعدما رفض الشيطان السجود لآدم عليه السلام"وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"سورة الإسراء… فأمر الله عز وجل عباده بالاستعداد: "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ
اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ {60} سورة الأنفال.. وفي نفس الوقت أمرهم بعدم العدوان:" ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" لأن الله عز وجل علم أن أولياء الشيطان هم الذين يبدءون العدوان في كل عصر على عباده الموحدين والرسل .. وفي نفس الوقت أمرهم بعدم العدوان:" ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" لأن الله عز وجل علم أن أولياء الشيطان هم الذين يبدءون العدوان في كل عصر على عباده الموحدين والرسل وأتباعهم….
فهذه الشخصيات، هذه الطائفة التي تمنع رسل الله وأتباعهم من توصيل رسالة رب العالمين إلى عباده، كالحشائش الضارة التي إن تركت أفسدت الأرض كلها، وهي نسبة قليلة جدا بالنسبة لبقية الأرض، لا تتعدى نسبة هؤلاء في الأغلب أكثر من واحد بالمائة من الشعوب…فإزالتها ضروري لصلاح التربة ونضج الثمرة، وهي دائما التي تبتدئ بالعدوان على الرسل وعلى أتباعهم…فلذلك فرض الله عز وجل الجهاد على بعض الأنبياء وعلى بعض أتباعهم…
أما سر فرض الله عز وجل الجهاد على بعض أنبيائه دون بعض، فيمكن أن يستنبط من تاريخ الأنبياء…فلو فتشنا في تاريخ الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام، لوجدنا أن منهجهم يسير على قانون واحد… وهو أن النبي الذي له شعب يحكمه، وهو غير محكوم من أحد -كداود وسليمان عليهما أفضل الصلاة والسلام- قد فرض الله عز وجل عليه الجهاد…أما النبي الذي كان من رعايا دولة ومحكوم وليس بحاكم لم يفرض عليه الجهاد، كنوح وإبراهيم ولوط وهود وصالح وشعيب ويحيى وزكريا وعيسى عليهم السلام جميعا….أما النبي والرسول الذي كان بعض حياته بعد بعثته محكوما وبعضها حاكما، فينهى عن رفع السيف والقتال أثناء الفترة الأولى ثم يؤمر بالجهاد بعد أن يكون حاكما…كموسى عليه السلام ونبينا صلى الله عليه وسلم…فموسى عندما كان في مصر، لم يؤمر بقتال، فقال لقومه:"استعينوا بالله واصبروا"الأعراف، ثم لما هلك فرعون وخرج من مصر وأصبح حاكما على بني إسرائيل، كتب الله عز وجل عليه القتال، فقال لقومه:"ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين"المائدة…وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم، نهي عن القتال في مكة، ونهى أتباعه، ونزل قوله تعالى:"كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة"سورة النساء، فمنعوا من أن يدافعوا عن أنفسهم بالعنف والقتال…فلما خرج من مكة وأثناء توجهه إلى المدينة المنورة نزل الإذن بالدفاع عن النفس باستخدام السيف، فنزل قوله تعالى:"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير"سورة الحج…ولما أصبح في المدينة يحكم شعبا ودولة الإسلام الجديدة، نزل قوله تعالى:" كتب عليكم القتال وهو كره لكم، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون"سورة البقرة…
ففرض الجهاد على نبينا صلى الله عليه وسلم وأخذ الجزية من دلائل النبوة، لا العكس…
أما عيسى عليه السلام فلم يخرج على حكم الرومان واعترف بقيصر حاكما: "فقال لهم اعطوا اذا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله"إنجيل متى22-21
وأما السبي، فهو إن كان ظاهره ظلما، وشدة على الأسرى فإنه يتضمن نجاتهم من عذاب الخلد الأبدي…فخير لأحدهم أن يسبى ويسبى أهله جميعا ويعيش في الدنيا أسيرا، ثم يدخل في الإسلام ويعيش في الآخرة ملكا من الملوك…يعني أنه يرى الذل بعض الوقت ليرى العز في الحياة الأبدية، أفضل من أن يعيش ملكا في الدنيا التي لا تساوي في الآخرة ساعة أو يوما، بل لا تساوي عند الله جناح بعوضة، ثم يعيش ملايين ملايين السنين يحترق في سجن من سجون جهنم…و الشعوب التي غزاها المسلمون لما دخلوا في الإسلام لم يرجعوا إلى كفرهم أبدا، لما رأوا من العز في الإسلام…وعندما يصبح ملكا في الجنة يقول: لولا الجهاد الذي فرضه الله على المسلمين ولولا السبي الذي أذن به الله على المسلمين لما نجوت من جهنم، ولما أصبحت ملكا في الجنة…. كنتم خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل ثم تدخلوهم الجنة….