أيهما خلق أولاً ...الأرض أم السماء؟
بسم الله الرحمن الرحيم
كثيراً ما تثار شبهة تعارض الآيتين :
{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ
الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي
أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ
فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين}
{أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا}
وجوهر الشبهة أنه في الآية الأولى ذكر خلق الأرض قبل خلق السماء وفي الثانية بالعكس...
والجواب : من المعلوم أن خلق الأرض كان قبل خلق السماء {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء}
أما عبارة {بعد ذلك} في الآية الثانية فالقرآن يفسر بالقرآن , إن هذه العبارة لا تدل بالضرورة على التتالي الزمني بل معناها (مع ذلك) وهو قول مجاهد وغيره من كبار المفسرين والدليل قوله تعالى {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} وقوله {عتل بعد ذلك زنيم}....
والقول الثاني أنه يمكن أن يكون معنى(بعد ذلك) هو (ثم) الدالة على الترتيب الزمني فيمكن أن نجمع بين الآيتين فيكون ترتيب الخلق :
1.خلق الله الأرض وقدر أقواتها وبارك فيها وجعل الرواسي من فوقها
2.ثم استوى إلى السماء وسواها سبع سماوات وأغطش ليلها وأخرج ضحاها
3.ثم دحا الأرض (قبل خلق السماء خلقها وبعد خلق السماء دحاها ) وأخرج ماءها ومرعاها ( قبل خلق السماء قدر ذلك تقديراً وبعد خلق السماء أخرجه) وأرسى الجبال الرواسي (قبل خلق السماء جعل الجبال الرواسي من فوق الأرض وبعد خلق السماء أرساها وثبتها} وهكذا لا يكون هناك تعارض بين الآيتين حتى لو كانت (بعد ذلك) تعني التتالي الزمني
وقد وجدت القول الأول في كتاب جامع البيان للطبري وغيره من الكتب أما القول الثاني فهو تقريباً قول ابن عباس الذي وجدته في الكتاب المذكور وهي القصة المعروفة عندما سأل أحد الأعراب ابن عباس رضي الله عنهما عن أمور أشكلت عليه في القرآن.... وقد صغتُ الترتيب حسبما فهمته من قول ابن عباس ومن كتاب جامع البيان....والله أعلم