يزعمون وجود حمل يتمكن من أن يرفع خطايا الناس ويترحم عليهم
الكهنة والقسيسون جسموا المعصية واعظموها بقدر ما بالغوا في أصول مغفرتها وكأن (الذنب المغروس) الموروث من آدم لا يرفعه إلا الاعتماد . فالقسيس الذي لا يرى لزوماً للوضوء والاغتسال مرة في عمره ، يملك تلك القوة السحرية على تنظيف لطخات الذنوب ومحوها بحيث يقدر أن يمسح بنحو مائة درهم من ماء العماد ذلك الذنب المغروس ويقذف به من مائة ألف تقل ومجذوم .
أما مغفرة الذنوب المرتكبة بعد الاعتماد فهي تابعة لأصول ومراسم كثيرة ومن جملة ذلك أن الاعتراف للراهب بالجرم فرض ، وليس من عابد صليب -باستثناء البروتستانت- معفو ما لم يقل له الراهب ( (أنا) غفرت لك كل خطاياك) (Ego absolvo te .......)(*) .
وهناك واسطة أخرى لمغفرة الذنوب ورفعها وهي : حضرة البابا ، الرئيس المحقق للكل المسيحية .
لو سلمنا أن المسيح نصب بطرس وعينه لرئاسة كل الكنائس ، ولكن تلك الرئاسة ليست إلى الأبد ، بل كانت مؤقتة إلى ظهور الملكوت وأنا ادعي مصراً انه من العبث أن تدوم العيسوية الحاضرة موجودة ، فان جميع فرق مسيحي اليوم ، خارجون على تعاليم المسيح عليه السلام .
ولن يتمكن من أن يكون دليل هذه المسيحية الملطخة بالخرافات غير حضرة البابا ، وعلى كل حال فان وكيل بطرس الذي يدير دفة سفينة المسيحية إلى ميناء الآخرة ، لابد وان يغرقها أو ينجيها ، أما إذا لفتنا نظر الدفة إلى كتب الأناجيل وتاريخ الكنيسة فلا تبقى أي شبهة في أن حضرة البابا رئيس روحاني كل المسيحية ولي القناعة التامة بأن حضرة البابا هو رئيس المسيحيين المحق ، لان (مقام الباباوية) هو الذي ساق الجماعة العيسوية إلى هذا التيار وهذه الهلكة .
إن حضرة البابا لا يغفر خطايا المسيحيين الذين على وجه الأرض فقط ، بل يمسح وينظف ذنوب وخطايا النصارى المتوفين أيضاً (بإرادة كاهنية) واحدة أيضاً وليس هذا القدر فقط بل يمنع الرؤساء الروحانيين من الأرثوذكس والبروتستانت - الذين يعدهم ملحدين - من أن يخرجوا من نار الأعراف (أي المطهر) .
أي مسيحي يقدر أن يعترض أو ينبس بنبث شفة ضد الارادات الواهبة المغفرة التي تصدر عن تلقاء هذه الذات العديمة المثال على كرة الأرض الحائزة على صلاحية واسعة.
إن حضرة البابا يبلغ فرمانه Indulgentia الذي هو العفو العام عن جميع المسيحيين الذين لم يرهم ولم يعرفهم ، الأحياء منهم والأموات ، في الدنيا وفي الآخرة .
وهناك شفعاء لا يحصون عدداً ذوو صلاحية لمنح المغفرة لأولاد الكنيسة والحال أثناء إجراء المراسم الكهنوتية لقربان القديس تجري فيوضات الغفران بكثرة وغزارة ويفيض بحر الإيمان كالسيول على المؤمنين الذي يأكلون لحم المسيح ويشربون دمه ، ويترنم الكاهن والمغنون في أثناء مراسم هذه المنقبة قائلين ثلاث مرات :
(Agous Dei, qui tollis peccata mundi misrere nobis)
يا حمل الله ! أنت الذي تعفو الآن أو ترفع خطايا العالم ، ارحمنا
(نريد أن نفهم)
عجباً من هو هذا الحمل ؟ هل هو الحمل المذبوح الذي في عرش اللاهوت ؟ هل هو الحمل الذي اختبأ في الخبز الذي يمضغ في أفواه القسيس والعابدين ؟؟ أم هو ذلك الحمل المملوء غضباً الذي صوره كتاب رؤيا يوحنا ؟ هذا الحمل أحد الأعاجيب التي سوف يريكموها حضرات المسيوتر (المبشرون) .
أقول للمبشرين الذين يدعون المسلمين إلى المسيحية (أن حلمكم الـ ... هو ليس .. أو الحمل عيسى الذي يعرفه متى أو مرقس أو لوقا .
الكنائس تجعل عيسى المسيح حملاً مذبوحاً ، وكاهناً شافعاً ،وابن الله ، ثم تجعله (الله) - حاشا لله - وتجعله (كلمة الله) والذبح العالي الذي هو ضمن كسرات الخبز وضمن الشراب اللذين يقدسهما القسيس ، وتجعله راعياً أيضاً ؟ فهل سمعتم أضحوكة كهذه العبارات؟ هذه الأضحوكة هي معبود النصارى .
حمل ولكن في عين الوقت راع ، فيا للعجب العجاب .
إذا كان راعي القطيع حمل ، فيا فرحة الذئاب واللصوص .
لا محل في ملكوت الله لمثل هذا الهذيان والعقائد المغضبة المعلمة للكفر .