النوع السابع والعشرون: كيفية سماع الحديث وتَحَمُّله وصفة ضبطه
يصح التَّحَمُّل قبل الإسلام والبلوغ فَتُقْبَل رواية من تَحَمَّل قبل الإسلام وروى بعده.
مثاله ما رواه البخاري ومسلم وأبي داود [ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ] رواه البخاري 3087 ومسلم 1063 سنن أبي داود الصلاة688.
كماتُقْبَل رواية من سمع قبل البلوغ وكان مُمَيِّزا وروى بعد البلوغ فقد سمع كثير من الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بلوغهم وقُبلت روايتهم كالحسن والحسين وابن عباس وابن الزبير والنعمان بن بشير وغيرهم مثاله مارواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجةعن الحسن بن عَلِىٍّ :
[ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَعَلَّمَنِي جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِاللَّهُمَّ عَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَاهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ سُبْحَانَكَ رَبَّنَا تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ] رواه أبو داود 1427 والترمذي 466 والنسائي 1756 وابن ماجة1234..
وقد وُلد الحسن بن على سنة ثلاث من الهجرة فدل على صحة تَحَمُّل الصبي.
أقسام طرق تَحَمُّل الحديث وألفاظ الأداء:
حصرالعلماء طرق الأخذ للحديث وتلقيه عن الرواة فى ثمانية أقسام :
القسم الأول السماع من لفظ الشيخ : وهى أعلى مراتب التلقي للحديث وبواسطتها تلقى الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وينقسم السماع إلى إملاء وتحديث من غير إملاء ويكون من حفظه ويكون من كتابه ويجوز لمن تحمل عن طريق السماع أن يؤدى بكل ألفاظ الأداء مثل حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وعن وقال وقد درج على هذا أكثر رواة الحديث المتقدمين ثم وجدوه توسعًا يؤدى إلى اشتباه السماع بغيره لذلك رجحوا الأداء بلفظ يدل على السماع فى استعمال المحدثين وأرفع الألفاظ سمعت ثم حدثنا وحدثني والأفضل أن يقول فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ حدثني وما سمعه من لفظه مع غيره حدثنا.
القسم الثاني القراءة على الشيخ : وأكثرالمحدثين يسمونها عَرْضًا لكون القارئي عرض على الشيخ ما يقرؤه كعرض القرآن على المقرئ وسواء كنتَ أنت القارئ أو قرأ غيرك وأنت تسمع قرأتَ من كتاب أو من حفظك وسواء حفظ الشيخ ما يقرأ أو لم يحفظه لك نيمسك أصله هو أو ثقة وهى رواية صحيحة بلا خلاف فى جميع ذلك وهى تلي السماع فى المرتبة وأما صيغة الأداء فى الرواية بها فعلى مراتب أجودها وأسلمها أن يقول قرأت على فلان أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به ويتلوه ما يجوزمن العبارات فى السماع من لفظ الشيخ مطلقة إذا أتى بها هاهنا مقيدة بأن يقول حدثنا قراءة عليه أو أخبرنا قراءة عليه ونحو ذلك وقد صار إطلاق لفظ أخبرنا عند أداء هذا القسم هو الشائع الغالب على أهل الحديث وأن يقول فيما قرأ عليه بنفسه أخبرني وماقُرئ عليه وهو حاضر أخبرنا .
وهو على فروع:
الفرع الأول: إذاكان أصلُ الشيخ حالَ القراءة بيد موثوق به مُراعٍ لما يُقْرَأ أَهْلٍل ذلك فإن كان الشيخ يحفظ ما يُقْرَأ فهو كما لو كان بيده وأولى وإن كان لا يحفظه فالسماع صحيح وبه عملم عظم الشيوخ وأهل الحديث وإن كان الأصل بيد القارئ وهو موثوق بهدينا ومعرفة فهو أولى بالتصحيح فإن كان بيد مَنْ لا يُوثق بإمساكه ولا يُؤمن مِن إهماله لما يُقرأ لم يصح السماع سواء كان بيد القارئ أو غيره إذا كان الشيخ لا يحفظ ما يُقرأ .
الفرع الثاني: إذا قرأ على الشيخ قائلا أخبرك فلان أو نحوه والشيخ ساكت مصغٍ إليه فَاهِمٌله غير منكر كفى ذلك فى صحة السماع وجواز الرواية به ولا يشترط نطق الشيخ لفظاهذا هو الصحيح الذي قطع به الجماهير من الفقهاء والمحدثين وغيرهم اكتفاء بظاهرالحال.
الفرع الثالث: لايجوز إبدال حدثنا بأخبرنا أو عكسه فى الكتب المؤلفة .
الفرع الرابع: إذا كان السَّامِعُ أو المُسْمِعُ يَنسخ حال القراءة فإن امتنع فهم الناسخ للمقروء لم يصح السماع وإن فهمه صح مثاله حضرالدارقطني بمجلس إسماعيل الصفَّار فجلس ينسخ جزءًا كان معه وإسماعيل يُملى فقال له بعض الحاضرين لا يصح سماعك وأنت تنسخ فقال فهمي للإملاء خلاف فهمك ثم قال تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن فقال لا فقال الدارقطني أملى ثمانية عشر حديثًا فَعُدَّت الأحاديث فوُجِدَتْ كما قال ثم قال الحديث الأول عن فلان عن فلان ومتنه كذا والحديث الثاني عن فلان عن فلان ومتنه كذا ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونهاعلى ترتيبها فى الإملاء حتى أتى على آخرها فعجب الناس منه .
الفرع الخامس: ويجرى هذا أيضا فيما إذا كان السامع أو الشيخ يتحدث أو القارئ يفرط فى الإسراع أو كان السامع بعيدا من القارئ وما أشبه ذلك بحيث لا يفهم ويُستحب للشيخ أن يجيز للسامعين روايةجميع الكتاب الذي سمعوه لاحتمال وقوع شيء من ذلك فينجبر بالإجازة وإن كتب خطه لأحدهم كتب سمعه منى وأجزت له روايته عنى.
الفرع السادس: يصح السماع ممن هووراء حجاب إذا عُرِفَ صوتُه إن حدث بلفظه أو حضوره بِمَسْمَعٍ منه إن قرئ عليه وينبغي أن يجوز الاعتماد فى معرفة صوته وحضوره على خبر من يُوثَقُ به فقد كان السلف يسمعون من عائشة وغيرها من أمهات المؤمنين وهن يحدثن من وراء حجاب .
تم الجزء الأول من الكتاب..
وإلى الجزء الثاني والمعنون بـ (منهج تدوين السيرة النبوية المطهرة) بمشيئة الله تعالى..
ولله الحمد والمنة
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصَّالِحَاتِ
والحمد لله أولا وآخراً وظاهراً وباطناً.
وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وسلامٌ على المرسلين وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ