-
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
أخى الكريم ابو بكر جزاك الله خيراً على هذا الكلام الطيب و إن كنت لا أستحقه أخى الحبيب فهذا المقال ليس ملكى و إنما هو من مجهودات أخ فاضل من كبار طلبة العلم إسمه عبدالرحيم و قد أوضحت ذلك فى العنوان الفرعى للموضوع بس يمكن محدش خد باله ههههههههههههههه
و أنا نقلته لشومليته و سلاسته ليكون عوناً لك أخى الكريم فى التصدى لكل ما يثار حول تناقضات مزعومة فى كتاب الله العزيز
أخى الجميل عمر الفاروق أنا أؤيد كلامك 1000% و اقتراحات الأخ أبوبكر تتبع بلا نقاش
----------------------------------------------------------------------------------
أخى الكريم مسلم أفصل معك فى الرد على استفسارك بتلخيص من كلام العلماء:
فالإشكال تُوهم فى ثلاثة سور مباركة:
الأولى قوله تعالى ((قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11))فصلت
الثانية قوله تعالى ((أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32))النازعات
الثالثة قوله تعالى ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) البقرة
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
اعلم أولاً أن ابن عباس رضى الله عنهما سُئل عن الجمع بين أية فصلت و أية النازعات فأجاب بأن الله تعالى خلق الأرض أولاً قبل السماء غير مدحوة، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبعاً فى يومين ثم دحا الأرض بعد ذلك بأن أخرج ماءها و مرعاها ، فأصل خلق الأرض قبل خلق السماء و دحوها جاء بعد ذلك ، و يدل لهذا قوله ((وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا)) و لم يقل خلقها ، ثم فسر دحوه إياها بقوله ((أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا)) ، و بهذا يتم الجمع
و إن قيل أن هذا قد يُشكل عليه أية البقرة التى تُصرح بأن جميع ما فى الأرض مخلوق قبل السماء لقوله تعالى ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء ))
فجواب هذا من وجهين كل منهما تدل عليه أية من كتاب الله:
1) أن المراد بخلق ما فى الأرض جميعاً قبل خلق السماء هو الخلق بمعنى التقدير لا بمعنى الإبراز من العدم إلى الوجود ،
و معلوم أن الله تعالى من صفاته أنه الخالق البارىء المصور،
الخالق هو المقدر للشىء قبل وجوده
البارىء المخرج له من العدم إلى الوجود
المصور الذى أعطى لكل شىء خلقته و صورته و شكله
و هذه الأسماء الثلاثة إذا اجتمعت إفترقت و إذا إفترقت إجتمعت، بمعنى أنها إذا ذُكرت فى موضع واحد إختص كل منها بمعنى محدد ، و إذا ذُكر أى منها مفرداً إحتمل بجانب معناه المعنيين الأخرين،
و بهذا تجد أن معنى الخلق لغة و شرعاً هو التقدير كأصل عام ، و من هذا قول زهير:
و لأنـــت تــــــفــرى ما خلــقـت********و بعــض الــقـوم يــخلــق ثـم لا يــفــرى
و من امثلة ذكر الخلق بمعنى التقدير فى القرأن قوله سبحانه عن لسان إبراهيم(( إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً)) والدليل على أن المراد بهذا الخلق التقدير ، أنه تعالى نص على ذلك فى سورة فصلت قال ((وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا)) ثم قال ((ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ))
2) أن الله تعالى لما خلق الأرض غير مدحوة و هى الأصل لكل ما فيها كان كل ما فيها كأنه خُلق بالفعل لوجود أصله ، و الدليل من القرأن على أن وجود الأصل يمكن به إطلاق الخلق على الفرع و إن لم يكن موجوداً قوله تعالى ((وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ))، فقوله خلقناكم ثم صورناكم أى بخلقنا و تصويراً لأبيكم أدم الذى هو أصلكم ،
بقى إشكال وهمى أخير و هو ما جاء أن خلق الجبال كان قبل خلق السماوات كما قى قوله تعالى (( وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ *ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء..)) فصلت، فظن البعض معارضته لقوله تعالى ((وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا (31)وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا )) النازعات
و التوجيه: ألا تعارض على الإطلاق لأن العطف فى قوله تعالى ((وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا)) عطف مجرد و ما بعده خبر مستقل لم يُقصد بذكره هنا إتباع الترتيب و إنما تعديد النعم و تنويعها ،كأن تقول لأحدهم ((لقد علمتك و أويتك و أعطيتك من مالى )) فلا يشترط الترتيب الفعلى فى كل ما ذُكر، و معلوم أن الواو فى لغة العرب لا تشترط الترتيب و مثال ذلك قوله تعالى ((إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ)) فعلى أحد التفسيرين الوفاة هنا بمعنى الموت فيكون الكلام من قبيل التقديم و التأخير، قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْره : {هَذَا مِنْ الْمُقَدَّم وَالْمُؤَخَّر تَقْدِيره إِنِّي رَافِعك إِلَيَّ وَمُتَوَفِّيك يَعْنِي بَعْد ذَلِكَ}
و قال الإمام القرطبى {وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْمَعَانِي مِنْهُمْ الضَّحَّاك وَالْفَرَّاء فِي قَوْله تَعَالَى : " إِنِّي مُتَوَفِّيك وَرَافِعك إِلَيَّ " عَلَى التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير ; لِأَنَّ الْوَاو لَا تُوجِب الرُّتْبَة }
- و قد جمع بعض العلماء بحلول أخرى تعتمد على فهم الإستعمالات اللغوية المختلفة للفظ ، فقال البعض أن معنى قوله ((الأرض بعد ذلك دحاها)) أى مع ذلك، لأن لفظة بعد تأتى أحياناً بمعنى مع و نظيره قوله تعالى ((عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ)) و المراد عتل و مع ذلك زنيم
و قال البعض أن كلمة (ثم) تأتى بمعنى (و) ... أوأنها للترتيب الذكرى لا الفعلى و نظيره قوله تعالى ((ثم كان من الذين أمنوا)) و المقصود "و كان من الذين أمنوا"
و الله تعالى أعلى و أعلم
-
-